مشاهدة النسخة كاملة : هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
الحمدان
07-29-2024, 06:42 PM
بقلبكِ يا غافلاً فانظر
وعينيكَ غمضهما تُبصر
إذا أُرسلَ الطرف هام الفؤاد
وبعض المرائي عمىً للبص
وآفةُ قلبِ الفتى عينهُ
فإن ترعَ قلبك لا تنظر
......
الحمدان
07-29-2024, 08:04 PM
يخاطبني من الغيب فقال
اما تخشى المنية و الزوال
يحذرني المنية و هي شر
و ما انا بالمحب لها وصال
فيرفع صوته و انا سميع
و يملأ نفسي الحيرى جلال
اما ترَ ان كل الناس هلكى
و انك سوف تهلك لا محاله
و ادرك ان ما تسعى اليه
و تمسكه اذا ما مت زال
و خوف الفقد بعد الخير يقضي
على ذي الحرص ان يحيى مذال
تحركه الُلقيمة خبط عشوا
يظن بها لعمره قد أطال
وان العمر لن يزداد يوما
ولو ملك العمائر و الجبال
فعمر المرء في الدنيا مقدر
ورزقه فيها انفاسا و مالا
فمن خاف المنية و هي حتم
فأمنه في رضاه بها مأال
فيشغل برهة العمر بخير
يخلد ذكره حقبا طوال
بخير ليس تهزمه المنايا
ولو فَعلت بصاحبه الفِعال
عليٍ لا تطاله قبضتاها
كنسر يطلب الشمس منال
فيحيى بعد موته ما يشاء
الإله و يجزه جِزيا جزالا
ألا لبيك صوت العقل اني
رضيت بها من الدنيا بدالا
سأزهد في نعيم ليس يبقى
واترك ما به الانسان عال
سأنشر دعوة الحق بقول
كسيف قاطع ينهي الضلال
يقطع باطل الامم جميعا
وينشلها من البؤس انتشالا
سافديها بنفسي و حر مالي
عسى الرحمن يقبلني تعالى
الا يا حق فارض على منيب
برغم ذنوبه يرجو انقبال
مجاهد المومني
الحمدان
07-29-2024, 08:04 PM
خَليليَّ من عُليا هلالِ بنِ عامرٍ
بِصَنْعاءَ عوجا اليومَ وانتظراني
ألم تَحْلِفا بِاللهِ أَنِّي أَخوكُما
فلم تَفْعلا ما يَفْعَلُ الأَخَوانِ
ولم تَحْلِفا بِاللهِ أَنْ قد عَرَفْتُما
بذي الشِّيحِ رَبْعاً ثمَّ لا تَقِفانِ
ولا تَزْهدا في الذُّخْرِ عندي وأَجْمِلا
فإِنَّكُما بِيْ اليومَ مبتَلِيانِ
أَلم تَعْلما أَنْ ليس بالمرْخِ كُلِّهِ
أَخٌ وصديقٌ صالحٌ فَذَراني
أفي كلِّ يوم أَنْتَ رامٍ بلادَها
بِعَيْنَيْنِ إِنساناهما غَرِقانِ
وعينيايَ ما أَوْفيتُ نَشْزّاً فَتَنْظُرا
بِمَأْقَيْهما إِلاّ هما تَكِفانِ
أَلا فَاحْمِلانِي بارَكَ اللهُ فيكُما
إِلى حاضِرِ الرَّوْحاءِ ثُمَّ ذَراني
على جَسْرَةِ الأَصلابِ ناجيةِ السُّرى
تُقطِّعُ عَرْضَ البيدِ بِالْوَخَذانِ
إِذا جُبْنَ موماةً عَرَضْنَ لِمِثْلِها
جَنادِبُها صَرْعى من الوَخَدانِ
ولا تعذِلاني في الغَواني فَإِنَّني
أرى في الغواني غَيْرَ ما تَرَيانِ
أَلِمّا على عفراءَ إِنَّكُما غَداً
بِشَحْطِ النّوى والبَيْنِ معترفانِ
فَيا واشِيَيْ عفرا دَعاني وَنَظْرةً
تَقَرُّ بِها عَيْنايَ ثمَّ دَعاني
أَغَرَّكما لا باركَ الله فيكما
قميصٌ وَبُرْدا يَمنةٍ زَهَوانِ
عروه بن حزام
العصر الإسلامي
الحمدان
07-29-2024, 08:05 PM
أَمَولى بَني تَيمٍ أَلَستَ مُؤَديّاً
مَنيحَتَنا فيما تُؤَدّى المَنائِحُ
فَإِنَّكَ إِن أَدَّيتَ غَمرَةَ لَم تَزَل
بِعَلياءَ عِندي ما بَغى الرِبحَ رابِحُ
لَها شَعَرٌ ضافٍ وَجيدٌ مُقَلِّصٌ
وَجِسمٌ زُخارِيُّ وَضِرسٌ مُجالِحُ
وَلَو أُشلِيَت في لَيلَةٍ رَجَبِيَّةٍ
بِأَرواقِها هَطلٌ مِنَ الماءِ سافِحُ
لَجاءَت أَمامَ الحالِبَينِ وَضَرعُها
أَمامَ صَفافيها مُبِدُّ مُكاوِحُ
وَوَيلَمَّها كانَت غَبوقَةَ طارِقٍ
تَرامى بِهِ بيدُ الإِكامِ القَراوِحُ
كَأَنَّ اِجيجَ النارِ إِرزامُ شُخبِها
إِذا اِمتاحَها في مِحلَبِ الحَيِّ مائِحُ
وَلَو أَنَّها طافَت بِظِنبٍ مُعَجَّمٍ
نَفى الرِقَّ عَنهُ جَدبُهُ فَهوَ كالِحُ
لَجاءَت كَأَنَّ القُسورَ الجونَ بَجَّها
عَساليجُهُ وَالثامِرُ المُتَناوِحُ
تَرى تَحتَها عَسَّ النُظارِ مُنَيِّفاً
سَما فَوقَهُ مِن بارِدِ الغَزرِ طامِحُ
سُديساً مِنَ الشُعرِ العِرابِ كَأَنَّها
مُوَكَّرَةٌ مِن دُهمِ حَورانَ صافِحُ
رَعَت عُشُبَ الجَولانِ ثُمَّ تَصَيَّفَت
وَضيعَةَ جَلسِ فَهيَ بَدّاءُ راجِحُ
جبيهاء الأشجعي
الحمدان
07-29-2024, 08:05 PM
وَأَحنَفَ مُستَرخي العَلابِيَ طَوَّحَت
بِهِ الأَرضُ في بادٍ عَريضٍ وَحاضِرِ
بَغى في بَني سَهمِ بنِ مُرَّةَ ذَودَه
زَماناً وَحَيّاً ساكِناً بِالسَواجِرِ
وَعارِفَ أَصراماً بِإيرٍ وَأَحجَبَت
لَهُ حاجَةٌ بِالجَزعِ خُناصِرِ
وَصادَفَ أَغلاثاً مِنَ الزادِ كُلَّهُ
نَقيفاً وَفَثّاً وَسطَ تِلكَ العَشائِرِ
فَأَبصَرَ ناري وَهيَ شَقراءُ أوقِدَت
بِلَيلٍ فَلاحَت لِلعُيونِ النَواظِرِ
فَما رَقَدَ الوَلَدانُ حَتّى رَأَيتُهُ
عَلى البَكرِ يَمريهِ بِساقٍ وَحافِرِ
كِلا عَقبَيه قَد تَشَعَّثَ رَأسُها
مِنَ الضَربِ في جَنبي ثِفالٍ مُباشِرِ
فَسَلَّمَ حَتّى أَسمَعَ الحَيَّ صَوتُهُ
بِصَوتٍ رَفيعٍ وَهوَ دونَ النَقائِرِ
فَقُلتُ لَهُ أَهلاً وَسَهلاً وَمَرحَباً
بِهذا المُحَيّا مِن حَبيبٍ وَزائِرِ
فَقُمتُ رَسيلاً بِالَّذي جاءَ يَبتَغي
إِلَيهِ مَليحَ الوَجهِ لَيسَ بِباسِرِ
فَقالَ اِستَمِع مِنّي العَجيبَ عَذيمَةٌ
مِنَ الغَيثِ كانَت بَعدَ عَركِ السَوائِرِ
جَنوبَ رُخَيّاتٍ فَجَزعِ تُناضُبٍ
مَزاحِفُ جَرّارٍ مِنَ الغَيثِ باكِرِ
فَقُلتُ لَهُ ما كانَ حَيثُ تَقولُ لي
عِهادٌ فَهَل مِن حادِثٍ بَعدُ ناصِرِ
أَنِخ راشِداً فِاِنزِل فَما دونَ ضَيفَنا
حِجابٌ سِوى حِصنِ النِساءِ الحَرائِرِ
جبيهاء الأشجعي
الحمدان
07-29-2024, 08:06 PM
فَقُمتُ إِلى بَلهاءَ ذاتِ عُلالَةٍ
مُعاوِدَةِ المَقرى جَمومِ الأَباهِرِ
عَلاةٍ عَلَنداةٍ كَأَنَّ ضُلوعَها
كَتائِفُ شيزى عُطِّفَت بِالمَآسِرِ
رَقودٍ لَو أَنَّ الدُفَّ يُنقَرُ تَحتَها
لِتَنفِرَ مِن قاذورَةٍ لَم تُناكِرِ
فَدَرَّت مَرّياً حالِبَيها وَأَرزَمَت
إِلى حِسِّ مَعذومٍ عَنِ الضَرعِ فاتِرِ
حَسيمٍ نَفاهُ العَبدُ حَتّى أَفَزَّهُ
عَنِ الضَرعِ إِلّا حَكَّهُ بِالمُشافِرِ
دَفَعنا ذَنوبَيها فَلَمّا تَفَسَّحَت
جَلَت عَن عَميقِ الرُفغِ جابي الأَباجِرِ
مُحَجَّلِ أَوساطِ الغَراميلِ رُكِّبَت
أَنابيبُهُ في صُرَّةٍ ذاتِ ساتِرِ
كَظَبيِ القَنيصِ قارَبوا فَوقَ رَأسِهِ
وَأَوصالِهِ في مُكنَباتِ المَرائِرِ
فَما بَرِحَت سَجواءَ حَتّى كَأَنَّما
بِأَشرافِ مَقراها مَواقِعُ طائِرِ
وَحَتّى سَمِعنا خَشفَ بَيضاءَ جَعدَةٍ
عَلى قَدَمَي مُستَهدِفٍ مُتَقاصِرِ
وَحَتّى تَناهى الحالِبانِ وَخَفَّفا
مِنَ القَبضِ عَن خُثمٍ رِحابِ المَناخِرِ
وَجاءَ جَميعاً يَهدِجانِ كِلاهُما
يَبُدُّ يَدَيهِ بِالعَميقِ الجُراجِرِ
فَقُلتُ لَهُ اِشرَب لَو وَجَدَت قَضِيَّةً
قُريَتَ الذُرا مِن مُربِعاتٍ بِها زِر
وَلكِنَّما صادَفتَ ذَوداً مَنيحَةً
حُبِسنَ لِحَقٍّ أَو لِجارٍ مُجاوِر
خَناجِرَ شُدقاً بَينَ حَمضٍ وَخُلَّةٍ
مَجاليحُ في المَشتى ثِقالَ الكَراكِر
فَأَقنَعَ كَفَّيهِ وَأَجنَحَ صَدرَه
بِجَرعٍ كَأَثباجِ الزِبابِ الزَنابِر
جبيهاء الأشجعي
الحمدان
07-29-2024, 08:06 PM
وَواجَهَهُ جَذلانَ حَتّى أَمَرَّهُ
بِيُمنى يَدَيهِ كَاِشتِمالِ المُخاطِرِ
فَلَمّا خَشيتُ الذَمَ قُلتُ اِشفَعوا لَهُ
بِثَنتَينِ مِن ذَودِ العِيالِ الغَوابِرِ
فَقُمنا إِلى خَيرَينِ في ضَرَّتَيهِما
مَجَمُّ لِدّراتِ العُروقِ النَواعِرِ
كَمَيتَينِ حَمراوَينِ لَوناً تَعادَتا
بِهِ نَسَباً في الواشِجاتِ الزَواخِرِ
عَلاتَينِ تَمضي لَيلَةُ الطَلِّ عَنهُما
وَقورَينِ تَحتَ الساقِطِ المُتَواتِر
تَرافَدَتا حَتّى كِلا مَحلَبَيهِما
أَنافَ بِزُبّادٍ مِنَ الغُزرِ فاتِر
فَقُلتُ اِحلَبوا قَبلَ الصَباحِ صَبوحَهُ
لَهُ باكِراً في الوَردِ أَو غَيرِ باكِرِ
فَباتَ وَباتَ المَخضُ عِندَ وِسادِه
حَقيناً وَمِن دونِ اللِحافِ المُباشِرِ
فَلَمّا رَأى أَنَّ الصَبوحَ شَصاصَةٌ
وَأَنَّ فَريسَ اللَيلِ اِحدى المَناكِرِ
فَأَصبَحَ مَمهوداً لَهُ بَينَ وَحفَةٍ
رَبوضٍ وَمَضروبٍ لَهُ بِالوَتائِرِ
فَما رامَ حَتّى مَسَّتِ الشَمسُ جِلدَهُ
وَلانَت عَلى الحافي رُؤوسَ الحَزاوِر
وَأَضحى بِأَجوازِ الفَلاةِ كَأَنَّما
يُقَلِّبُ ثَوبَيهِ قَوادِمُ طائِر
تَرامى بِهِ نَقباً زِيادٍ كَما اِرتَمَت
مَخارِمُ ذي فَلحٍ بِأَروَقَ صادِرِ
جبيهاء الأشجعي
الحمدان
07-29-2024, 08:06 PM
أَمِنَ الجَميعِ بِذي البِقاعِ رُبوعُ
راعَت فُؤادَكَ وَالرُبوعُ تَروع
مِن بَعدِ ما بَلِيَت وَغَيَّرَ آيَها
قَطرٌ وَمُسبَلَةُ الذُيولِ خَريعُ
جَوّالَةٌ بِرُبى المَلا غَولِيَّةٌ
بِرَغامِهِنَّ مُرِيَّةٌ زُعزوعُ
يا صاحِبَيَّ أَلا اِرفَعاني إِنَّهُ
يَشفي الصُداعَ فَيَذهَلُ المَرفوعُ
أَلواحُ ناجِيَةٍ كَأَنَّ تَليلَها
جِذعٌ تُطيفُ بِهِ الرُقاةُ مَنيعُ
تَنجو إِذا نَجِدَت وَعارَضَ أَوبَها
سِلَقٌ أَلحَنَ مِنَ النِياطِ خَضوعُ
في كُلِّ مُطَّرِدِ الدُفاقِ كَأَنَّهُ
نَسرٌ يُرَنِّقُ حانَ مِنهُ وُقوعُ
عَرَّسنَ دائِرَةَ الظَهيرَةِ بَعدَما
وَغِّرنَ وَالحَدقُ الكَنينُ خَشوعُ
بِأَمَقَّ أَغبَرَ يَلتَقي حَنّانَهُ
لِلريحِ بَينَ فُروعِهِ تَرجيعُ
يَعتَسُّ مَنزِلَهُنَّ أَطلَسُ جائِعٌ
طَيّانُ يُتلِفُ مالَهُ وَيُضيعُ
جبيهاء الأشجعي
الحمدان
07-29-2024, 08:07 PM
قالَت أَنيسَةُ دَع بِلادَكَ وَاِلتَمِس
داراً بِطيبَةَ رَبَّةَ الآطامِ
تَكتُب عِيالَكَ في العَطاءِ وَتَفتَرِض
وَكَذاكَ يَفعَلُ حازِمُ الأَقوامِ
فَهَمَمتُ ثُمَّ ذَكَرتُ لَيلَ لِقاحِنا
بِلِوى عُنيزَةَ أَو بِقُفِّ بَشّامِ
إِذ هُنَّ عَن حَسَبي مَذاوِدُ كُلَّما
نَزَلَ الظَلامُ بِعُصبَةٍ أَغتامُ
إِنَّ المَدينَةَ لا مَدينَةٌ فَاِلزَمي
حِقَفَ السِنادِ وَقُبَّةَ الأَرجامِ
يُحلَب لَكِ اللَبُن الغَريضُ وَيُنتَزَع
بِالعيسِ مِن يَمَنٍ إِلَيكِ وَشامِ
وَتُجاوِري النَفَرَ الَّذينَ بِنَبلِهِم
أَرمِيَ العَدُوَّ إِذا نَهَضتُ أُرامي
الباذِلينَ إِذا طَلَبتُ تِلادَهَم
وَالمانِعي ظَهري مِنَ الغُرّامِ
جبيهاء الأشجعي
الحمدان
07-29-2024, 08:07 PM
واعَدَني الكَبشَ موسى ثُمَّ أَخلَفَني
وَما لِمِثلِيَ تُعتَلُّ الأَكاذيبُ
يا لَيتَ كَبشَكَ يا موسى يُصادِفُهُ
بَينَ الكُراعِ وَبَينَ الوَجنَةِ الذيبُ
أَمسى بِذي الغُصنِ أَو أَمسى بِذي سَلَمٍ
فَقَحَّمَتهُ إِلى أَبياتِكَ اللوبُ
فَجاءَ وَالحَيُّ أَيقاظٌ فَطافَ بِهِم
طَوفَينِ ثُمَّ أَقَرَّتهُ الأَحاليبُ
فَباتَ يَنظُرُهُ حَرّانَ مُنطَوِياً
كَأَنَّهُ طالِبٌ لِلوَتَرِ مَكروبُ
وَقامَ يَشتَدُّ حَتّى نالَ غِرَّتَهُ
طاوي الحَشا ذَرِبُ الأَنيابِ مَذبوبُ
بِغَفلَةٍ مِن زُرَيقٍ فَاِستَمَرَّ بِهِ
وَدونَهُ آكُمُ الحِقفِ الغَرابيبُ
سَل عَنهُ أَرخِمَةً بيضاً وَأُغرِبَةً
سوداً لَهُنَّ حَنى أَطمى سَلاهيبُ
يَردينَ رَديَ العَذارى حَولَ دُمنَتِهِ
كَما يَطوفُ عَلى الحَوضِ المَعاقيبُ
فَجاءَ يَحمِلُ قِرنَيهِ وَيَندُبُهُ
فَكُلُّ حَيٍّ إِذا ماتَ مَندوبُ
جبيهاء الأشجعي
العصر الإسلامي
الحمدان
07-29-2024, 08:08 PM
فَمَن مُبلِغٌ عَنّي خَليلِيَ مالِكاً
رِسالَةَ مَشدودِ الوَثاقِ غَريبِ
وَمَن مُبلِغٌ حَزماً وَتَيماً وَمالِكاً
وَأَربابَ حامي الجَفرِ رَهطَ شَبيبِ
لِيَبلوا الَّتي قالَت بِصَحراءِ مَنعَجٍ
لِيَ الشِركُ يا اِبنَي فائِدِ بنِ حَبيبِ
لِتَضرِبَ في لَحمي بِسَهمٍ وَلَم يَكُن
لَها في سِهامِ المُسلِمينَ نَصيبُ
السمهري العلكي
الحمدان
07-29-2024, 08:08 PM
أَلا أَيُّها البَيتُ الَّذي أَنا هاجِرُهُ
فَلا البَيتُ مَنسِيٌّ وَلا أَنا زائِرُه
أَلا طَرَقَت لَيلى وَرِجلي رَهينَةٌ
بِأَشهَبَ مَشدودٍ عَلَيَّ مَسامِرُه
فَإِن أَنجُ يا لَيلى فَرُبَّ فَتىً نَجا
وَإِن تَكُنِ الأُخرى فَشَيءٌ أُحاذِرُه
وَما أَصدَقَ الطَيرَ الَّتي بَرَحَت بِنا
وَما أَعيَفَ اللهبي لا عَزَّ ناصِرُه
رَأَيتُ غُراباً ساقِطاً فَوقَ بانَةٍ
يُنَشنِشُ أَعلى ريشِهِ وَيُطايِرُه
فَقالَ غُرابٌ بِاِغتِرابٍ مِنَ النَوى
وَبانٌ بِبَينٍ مِن حَبيبٍ تُحاذِرُه
فَكانَ اِغتِرابٌ بِالغُرابِ وَنِيَّةٌ
وَبِالبانِ بَينٌ بَيِّنٌ لَكَ طائِرُه
السمهري العلكي
الحمدان
07-29-2024, 08:09 PM
فَلا تَيأسا من رَحمَةِ اللَهِ وَاِنظُرا
بِوادي جَبونا أَن تَهُبَّ شَمالُ
وَلا تَيأَسا أَن تُرزَقا أَرحَبِيَّةً
كَعَينِ المَها أَعناقُهُنَّ طِوالُ
مِنَ الحارِثِيينَ الَّذينَ دِماؤُهُم
حَرامٌ وَأَمّا مالُهُم فَحَلالُ
السمهري العلكي
العصر الاسلامي
الحمدان
07-29-2024, 09:20 PM
هلاّ سألتَ الأرضَ عَنْ ذِكراهُمُ
وَعَرفتَ إذْ نحنُ العروبةُ، منْ هُمُ؟
هُـمْ فـي المنافيْ رَجْعُ صوتٍ ما لَـهُ
في نائباتِ الدَّهرِ سيفٌ أوْ فَـمُ
قِطَعٌ كأنَّ الريحَ سكينٌ مَضى
بزجاجِ خوفٍ في مَداهُ تَهشَّموا
جِيَفٌ تأخِّرَ في البلادةِ سِلْمُها
وسميحُ نادى في الجموعِ (تقدَّموا)
فتَقدَّمَ الحَجَرُ الأصمُّ مُلـبِّـيًا
بطوافِ كفٍّ... يستفيضُ ويَرجُمُ
وتكلَّمَ الصمتُ المرابطُ في المدى
وبغاثُ هذي الأرضِ لم يتكلَّموا
قمْ يا سميحُ وأَبِّنِ الأعْرابَ قُمْ
حيًّا لِيصْهَلَ مِن عُروبتكِ الدَّمُ
محمد خضير
الحمدان
07-29-2024, 09:20 PM
منْ حُسْنِ حظِّ الحُبِّ أنّي عاشِقٌ
لأُتِمَّ لِلعشّـاقِ وصْفَ عَذابهِ
وأرومُ كـلَّ قصيدةٍ كُتِبتْ بهِ
كيْ أنزِعَ الأحـلامَ من كُـتَّابهِ
فَلَقدْ مَررْتُ بألفِ قلبٍ ظامئٍ
وعرفتُ أنَّ الماءَ مِلءُ سرابهِ
وركبتُ فُلكـًا للحقيقةِ ملهمًا
ونسيتُ أنّ الوهْمَ مِنْ ركَّابهِ
ما كانَ زيْفًا حبُّ «عَبْلةَ» للفتى
حينَ استباحَ الشوقُ بِيضَ حِرابهِ
كم هالني ما قالَ «قيسٌ» في الهوى
حتَّى حسِبتُ العِشقَ مِنْ طُلّابهِ
وسمعتُ ما همسَت شفاهُ بثينةٍ
لمـّـا «جـميـلٌ» خَـصَّهـا برُضـابهِ
«قابيـلُ» جُنَّ جُنونهُ لمـّا اكتوى
شقَّ التُرابَ مُعاتبــًا لِغُرابهِ
هذا أخي... لكنَّ حُبّي قاتلي
والحُبُّ يا هذا اتِّباعُ طِلابِهِ
يا حبُّ مهلًا، قد أضعنا حُبَّنا
مُذْ غادرَ الشُّعراءُ نَظْمَ عِتابهِ
فتهافَتوا شِعْرًا بكلِّ غِوايةٍ
والقلْبُ مَوْؤودٌ بغيرِ تُرابهِ
كلٌّ يُرتِّبُ لِلفريسةِ دوْرَها
ويسِنُّ نَصْلًا مِنْ بَديعِ كِذابهِ
فالحُبُّ يا أهْلَ الغَرامِ جريمةٌ
فيها الضحايا تستوي بعقابهِ
سَلْ راحلًا كيفَ انطوى برحيلهِ
قلْبٌ لِعاشِقةٍ... تُسائلُ مـا بـهِ؟
سَكَنَ النِّساءَ جميعَهُنَّ مُجرِّبًا
والغَدْرُ صلَّى في سَما مِحرابهِ
وخيانةٌ قد أشْهرت سيفًا لها
لتُغيظَ سيفــًا للوَفــا بجِرابـهِ
ها قَد عَشِقتُ ولفَّني ثوبُ الهَوى
ورَتقتُ قلبي مِنْ حَريرِ ثيابهِ
ورددتُ عمري من عتيقِ كهولةٍ
مِنْ بعد ما ولَّى شِغافُ شبابهِ
فَضّتْ بَكارةَ قلْبِها لأَكونَها
فَسَكنْـتُـهُ... ثُمَّ استَكنْتُ ببابهِ
سأُعلِّمُ العُشَّاقَ أنَّ مَحبَّتي
ماءٌ يَفيضُ على النَّدى بِحُبابهِ
فأنا المتيَّمُ والمولَّهُ في اللِّقا
وأنا غَريمُ الحُبِّ عِندَ غيابهِ
تالّلهِ لو كانَ الهوى مِلْكًا لنا
لتقاسمَ العُشَّاقُ دَوْرَ خَرابهِ
لكنِّـهُ مِنْ حكْمةٍ سَينالُها
مَنْ عافَ قِشْرَ الحُبِّ دونَ لُبابهِ
محمد خضير
الحمدان
07-29-2024, 09:21 PM
أنثى لعوبٌ، في دلالٍ ترفُلُ
كَمُلتْ جَمالًا، والشَّمائِلُ أكْمَلُ
يا دارَ عينٍ... والعيونُ منازِلٌ
في كلِّ جفْنٍ منكِ لَحْظٌ يَقْتُـلُ
من قبلِ أنْ ألقاكِ كنتُ مُضيَّعًا
مثلَ الغريبِ بكلِّ قلبٍ أنزِلُ
مكتظةٌ بالحُسْنِ... عذراءُ اللّمى
حوراءُ، كالبَرَدِ اشتهاءً تَهطِلُ
وأنا الغريقُ أمُدُّ كفّيْ للهَوى
فيعيدُها خمْسًا تُجيبُ وتسأَلُ
كمْ مِنْ قتيلٍ سَرَّه في موتهِ
أنْ كانَ بين جوارحٍ يتنقّلُ؟
وطني فؤادُك، والعيونُ مدينتي
والصدرُ بابٌ، والأصابعُ مَنْزِلُ
مِنْ فرطِ وَردِ الخَدِّ فاضَ أريجُهُ
حتَّى خَلا في الخَدِّ خالٌ يَخْجَلُ
وأنا الخَليُّ أَيا خَليلَةُ فارحميْ
قلبًا سخيًّا في عتابكِ يبخلُ
محمد خضير
الحمدان
07-29-2024, 09:21 PM
إذا كُنْتِ وردًا، غدوْتُ الوعاءْ
وصِرْتُ لروحكِ تُرْبًا وماءْ
وأسْقَطتُ عنكِ امتِحانَ الهوَى
لكيْ لا تُسائي إذا ما أُسَاءْ
نعَم... كُنْتُ فظًّا ولكنَّني
غَداةَ جَرحْتُكِ، كنْتُ الدِّماءْ
محمد خضير
الحمدان
07-29-2024, 09:21 PM
يضيقُ الصّدرُ، والدّنيا تَضيقُ
إذا خانَ الوَفا مِنها صديقُ
أَمِنْتُ الماءَ ظمآنًا لكأسٍ
شربتُ فَسالَ في جوفي حريقُ
وداهَمَني الكَرى والنّاسُ صَحْوٌ
فكيفَ العينُ في موتٍ تُفيقُ؟
ينازعُني الغُروبُ سَوادَ لَيل
لهُ شمسٌ.. يؤلّبها شُروقُ
وغضبانًا مَشيْتُ ومالَ نحويْ
رصيفُ الحُزنِ يَعلوهُ الطريقُ
عَبرْتُ هَجيرَهُ والنّاسُ حوليْ
كطوقِ العَبْدِ تَخْشاهُ الرَّقيقُ
حَبَسْتُ الآه في صَدرٍ تلظّى
وصوتُ القلبِ في جَوفي طليقُ
وَجفَّ الوجدُ وانثالتْ دُموعيْ
كموجِ البَحْرِ يَذروهُ الغَريقُ
تَدَحْرَجُ فوقَ وجهِ الحُزنِ سَبْقًا
فَصَحْنُ الخَدِّ يُغْريهِ العَقيقُ
محمد خضير
الحمدان
07-29-2024, 09:21 PM
هَجوتَ الكِرامَ، وسُقْتَ الكلامَ
كَثيبًا مَهيلًا، فَهلْ يُحمَلُ؟
وأنَّى لكفيَّ حَمْـلُ رمالٍ
بِعشرٍ بهنَّ الهوى يثـقُـلُ
وطبعُ الكِرامِ كصخرٍ مُقيم
تمرُّ الرِّيـاحُ... ولا يَرحَـلُ
محمد خضير
الحمدان
07-29-2024, 09:22 PM
قلَقٌ، فَلا نومٌ، ولا غَمْضٌ، وَلا
زارَ الكَرى عينًا لَنا كيْ تسْبِلا
وَسَطَ الدُّجى أَرَقٌ تَجلَّى، والضُّحى
*أضْحى بعيدًا، ما أطلَّ ولا انْجلى
وحديْ أرومُ السّابحاتِ كأنَّني
خيطٌ طَوى نورَ الُّلجينِ وما سَلا
يا ليلُ ويحَكَ إنْ أَقمتَ مُنازِلًا
غَلَبَ الذي حـازَ المَواقِعَ أعْزَلا
محمد خضير
الحمدان
07-29-2024, 09:22 PM
الحبُّ، ما زَرَعَ الفُؤادُ وَما جَنَى
هُوَ أرضُنا... لكنّـهُ المنْفَى لَنا
هُوَ فكرةُ العِنَبِ المعتَّقِ طعْمهُ
هُوَ لهْفُنا، أَلِفَ المذاقَ فأدْمَنا
مِن سِحْرهِ، أعْمى ويُبْصِرُ إنْ مَشَى
وعَصَاهُ هَدْيٌ، إنْ عَصَاهُ أضلَّنا
حتّى إذا تَعِبَ الطريقُ بحِمْلهِ
ألقى السّلامَ بنظرةٍ وأقلّنا
نَرْضَى بِأَنْصافِ الحُلولِ وَنَدَّعِيْ
أَنَّ الهَوَى نِصْفٌ يُتِمِّمُ نِصْفَنا
مِن أينَ يأتي والقلوبُ نَوافذٌ؟
من أين هذا السّحرُ يَسْري؟ قُلْ لَنا
محمد خضير
الحمدان
07-29-2024, 09:22 PM
أشقيتُ روحيْ في هوىً لا يستحِقْ
وتركتُ قلبًا في غيابيَ يحترِقْ
لو كنتُ أَعْقِـلُ للعذابِ وسيلةً
لصلبتُ قلبيْ في المدى حتَّى يَرِقْ
ولَرُحتُ أمـْلأُ للقصائدِ بحْرَهـا
تيهًا بهِ صوتُ الملامةِ قد غَرِقْ
لكنَّ قلبيَ مثلَ همَّازِ الأذى
إنْ لم يجدْ في الحُسنِ قُبحًا يختلِقْ
يرميْ بأديانِ المحبـّةِ كلِّـهـا
إنْ ذاعَ للعُشّاقِ دِينٌ يعتَـنِقْ
مثلَ النَّوى في نخلِ عازبةٍ لهـا
سعَفٌ يؤثِّثُ للنَّوى كي يَنفلِقْ
أو مثلَ سهمٍ في أَيادٍ غِـرَّةٍ
إنْ مالَ منها القوسُ خوفًا ينطلِقْ
مُترددٌ... مُتأهبٌّ... مُتلوّنٌ...
في كلِّ شاردةٍ لهُ حُلُمٌ قَلِقْ
إنْ عاندتهُ الريحُ لا يُصغي لها
و (نسائمٌ) كالعطرِ فيها ينزلِقْ
كنّا اتفقنا في غياهبِ صفوةٍ
أنّ العذابَ لحُبِّ فاتنةٍ خُلِقْ
فَـرَّ الكلامُ ونامَ تحتَ سِياطها
يرجو العذابَ كأننَّا لم نتفِقْ
سِحْرُ الأحاديثِ استمالَ فضولَهُ
إنْ راقَ للآذانِ سَمْعًا يَسْترِقْ
لو أنَّ صمتًا في شفاهٍ راقهُ
سلَّ الكلامَ كعاشقٍ صبٍّ لَبِقْ
لو كانَ يدري أنَّ خاتمةَ الهوى
صنارةٌ للوهْمِ فيها قدْ عَلِقْ!
لاستنفرَ الأنّاتِ في صَدْر الجَوى
ولأمعنَ التفكيرَ فيمنْ قدْ وَثِقْ
ما ضرَّ قلبيْ لو بقيتُ كما أنا
روحًا تماهَى في النشيجِ ليختنِقْ!
أو كان شِعْرًا مِن خيالٍ مَسَّهُ
سِحرُ الغوايةِ فانحنَى جسَدًا شَبِقْ
ألقى برائحةِ الأصابعِ فوقَها
فَتنهَّدتْ والجسمُ في صمتٍ عَرِقْ
وأفاقَ مِن فرطِ الصبابةِ حُسْنُها
والقلبُ مِن فرطِ الخيانةِ لم يُفِقْ
أطلقتُ صوتي في المدَى لأردَّهُ
ضاقَ المدى، والقلبُ رانَ ولم يُطِقْ
أعتقتُ كلَّ غريبةٍ سكَنتْ بهِ
لكنّـهُ مِـنْ ظلمـهِ لـمْ ينعَتِقْ
أزهقتُـهُ لأنـالَ مِنْ روحٍ لَـهُ
مُتقلّبُ الأرواحِ... يحيا إن زُهِقْ!
أتعبتُهُ لمّـا لِصدريَ جُزْتهُ
شقَّ الخميصةَ لا يبالي إن سُرِقْ
فارقـتُـهُ حيـن التقى بدَميمةٍ
وبَقيتُ أنـعيْ: ليتَنـا لم نَفــترِقْ
محمد خضير
الحمدان
07-29-2024, 09:23 PM
اغضبْ، فلا عَرَبٌ ولا عَجَمٌ معَكْ
اغضبْ كما ريحٍ يُقلِّبُها مَلَكْ
سبعونَ صيْفًا... هلْ أتاكَ حديثُها
أمْ أنَّ صمْتًا في المواسمَ أجَّلَكْ؟
اقبضْ على طينِ البلادِ بيَسْرةٍ
واترُكْ يمينكَ للمُدى، فالنصرُ لكْ
محمد خضير
الحمدان
07-29-2024, 09:23 PM
أدارَت ظهرَها للحُبِّ مَرَّهْ
فـ «طنَّشها» وحطَّمَ ألفَ جَرَّهْ
وعادَت تَحمِلُ الأعْذارَ صِدْقًا
فكذَّبها، وصارَ الصِدْقُ ضُرَّهْ
محمد خضير
الحمدان
07-29-2024, 09:23 PM
دَنا أجلي، فَأنكَرني عَذولُ
وجسْمِي باردٌ، قَلِقٌ، نَحيلُ
كأنَّ العُمْرَ ماءٌ فوقَ كَفٍّ
إذا ارتجَفتْ أصابعُها يَسيلُ
ويُمسي محْضَ ذكْرى مِن كلام
ويُنْسَى كلَّما اتَّسَعَ الرَّحيلُ
سألتُ الناسَ: هلْ أُنْسَى؟ أَجابوا:
عبيرُ الورْدِ يَمْحوهُ الذُّبولُ
فما أَحَدٌ أَصَابَ الخُلْدَ ذِكْرًا
كَمَن ضَحِكَتْ لِمولدهِ الطُّلولُ
يتيمٌ قدْ بَراهُ الفَرْدُ فَرْدًا
بِلا أمٍّ، ولا عَمٍّ يُقيلُ
أتاهُ الوحْيُ؛ لا إِنْسٌ فَيَنْسَى
ولا جِنٌ لَهُ قلْبٌ مَلولُ
وَجاءَ الصَّوْتُ مِلءَ الغارِ: اقْرأْ
فَقـالَ مُحَمَّدٌ: مـاذا أَقـــولُ؟!
ولَسْتُ بقارئٍ ما لَسْتُ أدْري
ولَسْتُ بِغافلٍ عمّا تَقولُ
فَنادى: يا خَليلةُ دثِّريني
لَهيبُ البرْدِ في روحي نَزيلُ
وصوتُ الحقِّ في الأسماعِ يَسْري
لهُ وقْعٌ على صَدْري ثَقيلُ
فما وَجِلَت، كأنَّ القلْبَ يدْري
وما كَتمَتْ، فأَنْطقَها الذُّهولُ
لعمرُكَ قد حَملْتَ الكَلَّ رِفْقًا
وغيرُكَ في الوَرَى أَبدًا عَجُولُ
لأنتَ نبيُّ مَنْ وَهَبَ البَرايا
سؤالَ الغيْبِ فانتبهتْ عُقولُ
وَشاعَ الأمرُ بينَ النّاسِ حتّى
تَقطَّعَ في خُطى الهَجْرِ السَّبيلُ
فَجاءوا أرضَ طيبةَ في خَفاءٍ
كَأنَّ خُطاهمُ العَجْلى خُيولُ
وسائرةٍ إلى ثَوْرٍ تَلاها
حَمامُ الأيْكِ يَسبِقهُ الهَديلُ
على أعتابهِ قوْمٌ تَناهوْا
بأنَّ الغارَ مَهْجورٌ، مَهيلُ
تولَّوْا بعدَما شاهَت وُجوهٌ
فما قَدِرُوا، وما تمَّ الدُّخولُ
وما بَصَروا ولو نَظروا وغالَوْا
وما ظَفَروا وإنْ صَدَقَ الدَّليلُ
فَسارَ الصَّاحبانِ على جَناح
خِفافًا ويكأنَّ الأرضَ مِيلُ
تآخَى النَّاسُ، والقَصْواءُ أرْسَت
مَكانَ البَيْتِ يَشْهَدُها سَلولُ
عَلا شَأنُ الظَّلومِ فَجاءَ يسْعَى
وصَوْتُ الموْتِ تقْرَعُهُ الطُّبولُ
وما شَهِدُوا قُبيْلَ الصُلْحِ حَرْبًا
كبدرٍ يوْمَ عافَتْها الفُلولُ
تـلاهُ الفتـحُ، والأصْنـامُ قـتْـلى
فلا هُبَلٌ ولا عُزَّى تَصُولُ
أُسَارَى دونَ قيدٍ قدْ أَفاضوا:
كريمٌ تحتَ إمرتـهِ ذَليلُ
وطافَ البيْتَ سَبْعًا في وَداعٍ
كما قمَرٍ سَيدْركُهُ الأُفول
أَلا يا أَيّها النَّاسُ اسْمَعُوني
لَعلِّي بعْدَ عاميَ لا أَحُولُ
وجاءَ الموْتُ في خَجَلٍ، وألقَى
كِتابَ الغيْبِ: قدْ آنَ الرَّحيلُ
مَضى، والأرضُ خاشعةٌ تصلي
عليهِ، ودمْعُ قِبلَتِها يَسيلُ
محمد خضير
الحمدان
07-29-2024, 09:24 PM
سألتُ النَّاسَ، والموتى أجابوا:
مُحالٌ ما لمِنْ ذَهبوا إيابُ
كمَا نَبْلٍ رمَتْها القوسُ غَدْرًا
فما آبتْ، وما فاءَ المصابُ!
نُعاقرُ في رِوَىً كأسَ المنايا
ويقتلُنا على ظمأٍ سَرابُ
أبي في قبضة الدنيا تداعى
نَحيلَ الجسمِ تُثقِلهُ الثِّيابُ
وجاؤوا يَحْمِلونَ النَّعشَ فَرْدًا
تُشيِّعـهُ المـآذنُ والقِبـابُ
توارَى في الثَّرى وأدارَ ظَهْرًا
إلى دُنيا بها القُرْبُ اغترابُ
مَضى، لا شيءَ في يُسراهُ يُرجى
وفي يمناهُ يبتسمُ الكتابُ
وقفتُ بقبرهِ أنْعي وأبكي
على وجهٍ تغمَّدهُ الترابُ
ولولا أنَّ دمْعًا فاضَ منِّي
لصاحَ القبرُ: أمْطَرني السَّحابُ
فَقلتُ: الآنَ تعذِرُني وننْسى
بأنَّ الموتَ يكملهُ الغيابُ
محمد خضير
الحمدان
07-29-2024, 09:24 PM
بِلا ظلٍ، كأنَّ الشّمْسَ تَخْبو
وجِسْمي في نُحولٍ ظلَّ يَحْبو
رآني الناسُ لمّا صحتُ خوفًا
ولولا الصوتُ ما بَصَروا وهَبُّوا
أنا ليْ في الهوى قلبٌ جَوادٌ
خلاف النّاسِ إنْ فارقتُ يكبو
خُذينيْ نحو عُمْريْ لو قَليلًا
فَهذا الموتُ يَحْدو وهوَ ركْبُ
يسيِّرُنا فُرادى... أو بَرايا
إلى جُبٍّ لهُ في العِشقِ دَرْبُ
وما أدري، أتقْتلُني ظُنونيْ؟
وما أدري إلامَ القلبُ يَصْبو؟
إلى عَيْشٍ كسيفِ العُمْرِ ماضٍ
وقدْ صَدَقوا بأنَّ السّيفَ يَنْبو!
لعمرُكِ ما سَلاني الحُبُّ ذنْبًا
ولكنَّ الهوَى للرُّوحِ ذَنْبُ
محمد خضير
الحمدان
07-29-2024, 09:24 PM
لا تسأليني، أتعَبتْني الأسئلَهْ
هَرِمَ الجَوابُ كأنَّ ثغْرًا أهْملَهْ
الصمْتُ غيظٌ، والكلامُ مَشيئَتيْ
إنْ شِئْتِ طاولْتُ الرَّدَى كيْ أسألَهْ
كمْ راحلٍ حَمَلَ الفُراتُ رُفاتَهُ
حتّى استَوى في كلِّ بيْتٍ أرملَهْ!
شَقَّتْ ثيابَ القَهْرِ، لا حُزنًا
على صمتِ المنازلِ، بلْ ضياعِ المنزلَهْ
لمـّا مَشى مُتَخفِّفًا مِنْ ذُلِّنا
نَسْرُ العِراقِ، وذُلُّنا قدْ أثقلَهْ
رَجَفتْ أيادي الغَدْرِ لمـّا طوَّقتْ
عُنُقًا تَبسَّمَ في فَضاءِ المِقْصلَهْ
ومَضى يُرتِّبُ للبلادِ نَهارَها
لكنَّ موتًا في الظَّلامِ تَعجَّلَهْ
يا سائليْ... نصرٌ أضلَّ طريقَنا
تاهَت بَنادقُنا ونَحنُ البوْصَلَهْ
دَمُنا الحَرامُ تَحلَّلتْهُ سُيوفُنا
أمْ أنَّ سيفَ الخائفينَ تحلَّلَهْ؟!
بغدادُ تسْكُنها الحياةَ بعُسْرةٍ
والموتُ في جَنَباتها ما أسهلَهْ
في كلّ جَنْبٍ عُصْبةٌ... قرآنُها
دَمُنا بـِمحرابِ العُروبةِ رتَّلَهْ
فَـ «يَزيدُ» إنْ ألقَى حديثًا للهَوى
راحَ الذي تَبِعَ «الحُسينَ» فأوَّلَهْ
غُرَباءُ واتَّفَقوا على جَسدٍ لَها
فتقطّعتْ أوصالُها، والرأْسُ لَهْ
هذا العِراقُ عِراقُنا، مَهْما عَلا
صوتُ الطغاةِ، فكلُّ صمْتٍ مرحَلَهْ
هذا النشيدُ لثائرٍ، في صَدْرهِ
حَمَلَ العراقَ وذادَ عنهُ لِنحْمِلَهْ
محمد خضير
الحمدان
07-29-2024, 09:24 PM
أحوازُ كمْ بَكَت الطُّلولُ حَوادِثا
حتَّى أماطَ لِثامَ حُزْني منْ رَثى!
صَمَتَ الدُّعاةُ فَغافَلتْكِ رَزيئةٌ
ومَضى «أزادُ» إلى حِماكِ مُحَدِّثا
أوفى وعودَ النَّار مِلءَ ضِرامها
ولسانُ ضادٍ عَنْ ثراكِ تَنكَّثا
بَتَروا العُروبةَ منْ خلافٍ، عندَما
سَقَطَ الذِراعُ؛ القلبُ مِنْكِ تَشَبَّثا
و «دُجيلُ» أسْرى في البلادِ مُناديًا:
هبُّوا لتبْعثَنا الوقائِعُ مَبْعَثا
محمد خضير
الحمدان
07-29-2024, 09:25 PM
نقولُ الشِعْرَ في كَذَبٍ مَتى ما
أصَبْنا صِدْقهُ أمسى كلاما
كأنـَّا والحقيقةُ في صراعٍ
يُحيلُ حَـلالَ نشْوتِها حَراما
فَيأْسِرُنا بلا حرْبٍ ونرضى
ويُرْسِلُنا بلا سِلْمٍ حَماما
ومـا في بَحْرِنـا مــاءٌ لطيرٍ
وما كـنّـا لمن عطِشوا غَماما
أبانَا الشعرَ، في موْتٍ وُلدْنا
على أعتـابِ قافيــةٍ يَتامى
لنا في كفِّ مَن حضَروا سَلامٌ
وفي كفِّ الغيابِ لَنا سُلامى
محمد خضير
الاردن
الحمدان
07-29-2024, 10:41 PM
سأسقي بها العطشى فتلك سجيتي
وأوثر حتى يعرف الناس من أقفو
نصيبي من الصحراء نبل ضميرها
و أن الهوى عمر و لو عمره نزف
تطهرت بالأشواق و اخترت نجمة
إليها عروجي كلما ارتد لي طرف
فلاذت بأهداب الحروف و أسلمت
و قام بأمري عندها النحو و الصرف
و لي نسبة للشمس عند طلوعها
و لي نسبة للغيم من بعدها يصفو
غريب و دار الأهل تسكن مقلتي
ستبكي بناني حين تنكرها الكف
تذكرت حبوي في المصلي خلالهم
فلي كلما اصطفوا وراءهم صف
و إذ أتهجى يغمر البشر جدتي
و حين سفير الصبح سورتها الكهف
وحيدا تراني الآن ما أسرع البلى
تقادم عهد الحبر و اندرست صحف
وشنقيط نور العين تسأل من أنا
كأن ليس لي فيها كتاب و لا رف
تقول من الباكي ألست ابن شيخها
وها أنذا جهدي مضمرها الطرف
أمر على الدنيا خرابا فلا يد
تشير و لا دف هناك و لا قف
سأبكى طوال العمر خطو حجيجهم
فمن سوف يبكيني إذا نزل الحتف
و كانت لنا بين البساتين جنة
و ها هي تحت الرمل من زهدنا تغفو
و إن فتى يشكو غرامين ميت
فكيف بشنقيطين خانهما الإلف
و ما كان هذا الصرم يا دار رأينا
و لكنه من بعد قوتنا ضعف
و من حسرات النأي حمر دموعنا
فيا لعيون لا تجف إذا تجفو
و سارت بدرب الأربعين ركابنا
و كان لنا من كل مكرمة صنف
و كان لنا في الناس ذكر بدارنا
هي الاسم و الدنيا لقامتها وصف
إذا اجتمعت غر الوجوه بربعنا
فذلك زرع سوف يتبعه القطف
فهل منقذ هذي الربوع و بوحها
و ما من كنوز قد يخبئه السقف
و من كان ذا مجد و ضيع مجده
فليس له في الناس عدل و لا صرف
الشيخ ولد بالعمش
موريتانا
الحمدان
07-29-2024, 10:42 PM
قولوا لعبود على القول يشفيني
إن المرابين إخوان الشياطين
وأنهم لا أعز اللّه طغمتهم
قد اطلعوا رغم تنديدي بهم ديني
فذا يقول غريمي كيف تمهله
وذاك يصرخ لم تحبسه مديوني
كأنما الناس عبدان لدرهمهم
وتحت إمرتهم نص القوانين
يا رهط شيلوخ من يأخذ بناصركم
يجني على الحق والأخلاق والدين
ومن يسهل أمراً فيه مصلحة
لكم فملعون حقاً وابن ملعون
فما كظلمكم ظلم الفرنج ولا
كفتككم بالورى فتك الطواعين
أأسجن الناس ارضاء لخاطركم
وخشية العزل من ذا المنصب الدون
أم رغبة بتقاضي راتب ضربوا
نقوده من دماء في شراييني
هذي الوظيفة إن كانت وجائبها
وقفاً عليكم فعنها اللّه يغنيني
إن الصعاليك اخواني وإن لهم
حقاً به لو شعرتم لم تلوموني
والأَمر لو كان لي لم تفرحوا أبداً
من أجل دين لكم يوماً بمسجون
فبلطوا البحر غيظاً من معاملتي
وبالجحيم إن اسطعتم فزجوني
فما أنا راجع عن كيد طغمتكم
حفظاً لحق الطفارى والمساكين
مصطفى التل
الحمدان
07-29-2024, 10:42 PM
يا شيخ أَين من الخريف ربيع
ما للشباب وقد خلاك رجوع
يا شيخ بعد الأربعين بقاؤنا
عبث فلهو لداتنا ممنوع
إما صبوت اليوم قيل لعمركم
يا ناس تهيام الشيوخ فظيع
وإذا نظمت الشعر قيل تكلف
وإذا أَدرت الكاس قيل حليع
وإِذا بكيت جوى ونحت صبابة
قالوا وهجر ابن المئين دموع
يا شيخ تف على الحياة بلا هوى
وجوانح تزهو به وضلوع
لمن المضارب لا تسل هي للألى
أيامهم كحياتنا ترقيع
للّه در الهبر إن قبابه
أدم وإِن جنابه لمنيع
مصطفى التل
الحمدان
07-29-2024, 10:42 PM
يا جيرة البان ليت البان ما كانا
ولا عرفنا بوادي السير خلانا
أو ليتنا كلما طاف الحنين بنا
وسامنا من ضروب الوجد ألوانا
وعادت النفس تذكارات صحبتكم
تسطيع تعزية عنكم وسلوانا
يا جيرة البان هيهات الشباب فقد
حالت مسراته برحاً وأشجانا
وبدلته الليالي من تمرده
على التقاليد تسليماً واذعانا
وأخلقت خيبة الآمال جدته
وشوهت سفره متناً وعنوانا
فبات كالقبر في قفر توهره
يجاذب الليل والأرواح أشطاتا
وأقفر القلب إلا من رسيس جوى
يكاد أن يوقر الأحشاء هجرانا
ومن بقية احساس وعاطفة
تنم عنها دموع الشعر أحيانا
فانظر مغانيه كيف الأنس أنكرها
وكيف ما عاد دوح العمر فينانا
وكيف أصبحت لا أهتم هل نزلت
عمان أم غادرت لمياء عمانا
ولا أبالي أركب الهبر شرفها
بالأَمس أم ركبه عن أرضها بانا
أصبحت أمساً ويأساً فادن خابيتي
أسبح الكاس أو أستغفر الحانا
وقل لعبود إن أنحى بلائمة
لا تبذل الوعظ يا أستاذ مجانا
فالقوم قومي وهذا موطني وأنا
من تالدي أسأل الغوغاء احسانا
والناس كالكاس رجس والوجود كما
أيقنت حملانه بالفتك ذؤبانا
والكون غيل لعمري لست فيه أرى
غير السعالى تناجي اليوم غيلان
فأم طنوس قد ضاقت بصحبتنا
ذرعاً وذابت حياء من بقايانا
أبعد هذا أجب يا شيخ هل حرج
علي إِما قضيت العمر سكرانا
وكيف باللّه ربي سوف يمنحني
وهذه قصتي عفواً وغفرانا
يقول عبود جنات النعيم على
أبوابها حارس يدعون رضوانا
من ماء راحوب لم يشرب وليس له
ربع بجلعاد أو حي بشيحانا
ولا تفيأ في عجلون وارفة
ولا حدا بهضاب السلط قطعانا
ولا أصاخ إلى أطيارنا سحراً
بالغور تملأه شدواً وألحانا
ولا بوادي الشتا تامته جؤذرة
ولا رعى بسهول الحصن غزلانا
ولا تأردنه يوماً بمحتمل
ولا لتقديسه الأردن امكانا
إن كان يا شيخ هذا شأن جنتكم
فابعد بها إنها ليست بمرمانا
وقل معي بلسان غير ذي عوج
لا كنت يا جنة الفردوس مأوانا
يا سائل البان عن أصداء أنته
حيناً وعن رجعها يا سائلاً آنا
لو أن رجع الصدى يغني تساؤله
من شفه لاعج يشجي لأَغنانا
مصطفى التل
الحمدان
07-29-2024, 10:42 PM
إن الزمان ولا أقول زماني
بين الطوابع والرسوم رماني
وأحال لذاتي وساوس حاسب
يهذي بضرب ثلاثة بثماني
فانظر إلى الندمان كيف تفرقوا
بعدي وكيف علا الغبار دناني
وإلى قريضي كيف أصبح تافهاً
وإلى بليغ القول كيف عصاني
وإلى اماني العذاب يسومها
سوط الحساب مهانة العبدان
قانون هوبر حال بعض جريضه
دون القريض ودون كل بيان
فاستكتبوا قعوار نص تميمة
غراء تذهب عقده بلساني
وتشد ازر هواجس شعرية
من كل فاكهة بها زوجان
وتعيد أحلام الشباب ضحوكة
كالزهر يبسم في سهول معان
يا أخت واد قد دعوتك باسمه
وله نسبت تبركاً ديواني
قومي وقومك في الصغار وجهلهم
معنى الحمية كفتا ميزان
وأَنا وأَنت علىْ أختلاف قبيلنا
في عرف بيك وجيشه سيان
فادني كؤوسك إن بعض عزائنا
فيها وفي هذا القوام الباني
وبهذه الزفرات وقع لحنها
صدري وصعدها صداك أغاني
يا أَخت سلمى في غناك عذوبة
تبكي ويغرق دمعها أحزاني
ما شمت ومض اليأس في نبراتها
إلا استبنت بشجوها ألحاني
ورأيت في مرآة بؤسك صورتي
وقرأت فوق اطارها عنواني
وعرفت فيما أنت فيه من الأذى
ومن الصغارة والهوان هواني
أَهلوك قد جعلوا جمالك سلعة
تشرى وباع بنو أَبي أوطاني
وذووك قد منعوك كل كرامة
وأنا كذلك حارسي سجاني
يا بنت في إسبال جفنك محمل
للإِشتباه بأن طرفك جاني
وبأن هذا القلب عاث بامنه
عينان واقلباه سوداوان
لا مدعي عام اللواء أجارني
من سحرهن ولا طلال حماني
يا بنت تحقيق العدالة ركنه
ولع القضاة براحة الوجدان
ولعي بكأس في ارتشاف رحيقه
سكر يحيل النائبات أماني
ويريك فقه الشيخ أقوالاً بها
ما أنزل الرحمن من سلطان
فإِذا جهنم جنة وإِذا الأسى
نعمى وإِذ نوب الحياة أغاني
وإذا بعفو اللّه يفتح مغلقا
عبود أوصده على الغفران
يا شيخ قولك ما أشد عقابه
غمز بوصف الراحم الرحمان
للّه قومي كيف عكر صفوهم
طيش الشيوخ وخفة الشبان
وتسول المتزعمين حقوقهم
من زمرة الأذان والغلمان
وتظاهر المتصدرين لبيعهم
لا عن تقى بحماية الأديان
يا رب إن بلفور أنفذ وعده
كم مسلم يبقى وكم نصراني
وكيان مسجد قريتي من ذا الذي
يبقي عليه إذا أزيل كياني
وكنيسة العذراء أين مكانها
سيكون إن بعث اليهود مكاني
هات اسقني قعوار ليس يهمني
قول الوشاة عرار صكرانان
فالكأس لولا اليأس ما هشت له
كبد ولا حدبت عليه يدان
والخمر لولا الشعر ما أنست به
شفة الأديب وريشة الفنان
مصطفى التل
الاردن
الحمدان
07-29-2024, 10:44 PM
في مطلعِ الشِّعرِ حُزنٌ كنتُ مُضناهُ
في آخرِ الحُزنِ وَلَّى مَنْ سينعاهُ
ما ألْهَمَ الشِّعْرُ أبْياتي لهدْأتِها
ناحَ الرَّويُّ حَزيناً فاغِراً فاهُ
أسْتَسْمِحُ الضَّادَ إذْ أسْقيتُها ألَمي
ما كُلٌّ ما تَتَمنّى الضَّادُ تَلْقاهُ
اللهُ في عَوْنِ شِعْري كَمْ بَكى وَجَعي
والنَّثْرُ في وَرَقي دَمْعي تَبَناهُ
يا صاحِبيَّ وَكَيْفَ القَلْبُ أُسْكِتُهُ
قَدْ أقْسَمَ الهَجْرُ أنْ يَسْقيهِ مَنْفاهُ
حُزْني تَسَرْمَدَ بالأنّاتِ يَجْلِدُني
أمْسى حُبوري فَقيداً ضاعَ مَعْناهُ
الرّوحُ تَنفِثُ جَمْراً مِنْ حَرائِقِها
والقلبُ جَمْرُ الغَضى أمسى سُوَيْدَاهُ
وَغُرْبَتي مِنْ دَمي أقداحها ثملت
فَلْقُ الشَّتاتِ بِروحي قَدَّ مَجْراهُ
شَرِبْتُ مِنْ حسْرَةِ المَاضِينَ، أَثْخَنَنِي
نَصْلٌ لِبيْنٍ طَغى أضحيتُ مَرْماهُ
أواهُ مالي يُباريني الأسى علناً
يُصْلي شِغافي إذا ما كِدْتُ أنْساهُ
أرْضى بِعَلْقَم خَيْباتي فَتَذْبَحُني
أسْيافُ هَمٍّ يُباريني بِيُمْناهُ
فإنْ صَرَخْتُ أعابوا صَرْخَتي ومَضوا
والصَّمْتُ أعْيى صُراخي ثُمَّ أرْداهُ
والهَمُّ حلّ بأرضي غير مرتحِلٍ
فرّت أرانِبُ خَوفي في ثَناياهُ
قَدْ حَطّبَ اليأسُ آمالي وشَذَّبَها
جَدْبٌ هَمى في بَراحِ الحُلْمِ أشْقاهُ
فَأيُّ جَدوى أرومُ اليوْمَ مُبْتَهِجاً
شُلَّ اليقينُ وبات التيه مَرْساهُ
أموتُ ألْفاً وَعَينُ الحَظِّ تّذْرفُني
والسَّعْدُ تائهُ دَرْبٍ لَسْتُ ألْقاهُ
بِماءِ دَمْعي أخُطُّ الأنَ مَذْبّحتي
محمد السعودي
الاردن
الحمدان
07-30-2024, 10:13 AM
بنت حجرات أرى من عجب
أن أرى فيك جمال العرب
دون إذن قد ولجت دارنا
لم تراعي حرمة للأدب
ظبية الأنس أنيري واسفري
سطوة الحسن أزالت غضبي
خير ما في الكون أو أحسنه
عاشق يهوى وحسن يستبي
خلفان بن مصبح
الحمدان
07-30-2024, 10:14 AM
هذا الربيع بنور الحسن وافانا
وقد كسا الأرض بالأزهار ألوانا
من أبيض ناصع في أخضر بهج
مع أحمر من شقيق الأرض ريّانا
فالورد في لونه خد الحبيب إذا
قطفت قبلته يحمرٌّ خجلانا
والأقحوان كثغر زانه شنب
يفترّ مبتسماً بالأنس جذلانا
والنرجس الغضّ كالعين التي نظرت
إلى محب لها ترجوه إحسانا
والياسمين تبدّى في كمائمه
كأنه أغيد تلقاه نشوانا
يا ربة الحسن هذا اليوم مبتسم
وأنت أحسن شيء عندنا كانا
هل تأنسين بهذا الروض يا أملي
فاقترّ مَبسمُها دراً ومرجانا
في روضة من رياض الزهر وارفة
قد كلّلتها على الأزهار أغصانا
هذا مغنٍّ أغنُّ الصوت ذو هيف
العود في يده يرجوك إيذانا
قالت فغنِّ لنا شيئاً فقال لها
يا نظرة قدحت في القلب نيرانا
فاستضحكت ثم قالت إن ذا حسنٌ
لكن أريد سوى هذا فغنانا
إن العيون التي في طرفها حور
قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به
وهن أضعف خلق الله إنسانا
ثم انثنت نغمة الأوتار في شجن
تشجي المسامع أنغاماً وألحانا
حتى غدت من بقايا الصوت مائلة
نشوى وقد حملت ورداً وريحانا
واستوقفته قليلاً حينما التفتت
تبدي لنا من جمال السحر ألوانا
ناولتها العود والتقبيل يتبعه
حتى استفاقت تنادي ما الذي كانا
وهيّج النغم من أشجانها فغدت
تعانق العود امراراً وأحيانا
ثم استفاقت تغني وهي باسمة
والعود يوقد نخل الكفّ نيرانا
كن كيف شيت فما لي عنك من بدلٍ
أنت الزلال لقلب بات ظمآنا
واستعجلت بخطى العنّابِ مسرعة
والعود ينشدها رفقاً وإحسانا
حتى تمايلت الأشجار من طرب
وقد غدت كقدود الغيد أغصانا
رقّ النسيم على ثوب الأصيل وقد
ولّى النهار وطابت فيه نجوانا
وأقبل الليل تحدوه كواكبه
كأنما هي وسط النقع فرسانا
وجدّد الأنس إذ غنت على طرب
يا ليل طلت على من بات سهرانا
يا غادة تذهب الأشجان طلعتها
حتى ترى الواجد المحزون جذلانا
أبهجت قلبي ولم يظفر بمنيته
هيهات بعدك يلقى القلب سلوانا
يطلب الأنس من عزت له هممٌ
مثلي وعانده دهر فما هانا
ثم انثنت نغمة الأوتار في شجن
تشجي المسامع أنغاماً وألحانا
حتى غدت من بقايا الصوت مائلة
نشوى وقد حملت ورداً وريحانا
واستوقفته قليلاً حينما التفتت
تبدي لنا من جمال السحر ألوانا
ناولتها العود والتقبيل يتبعه
حتى استفاقت تنادي ما الذي كانا
وهيّج النغم من أشجانها فغدت
تعانق العود امراراً وأحيانا
ثم استفاقت تغني وهي باسمة
والعود يوقد نخل الكفّ نيرانا
كن كيف شيت فما لي عنك من بدلٍ
أنت الزلال لقلب بات ظمآنا
واستعجلت بخطى العنّابِ مسرعة
والعود ينشدها رفقاً وإحسانا
حتى تمايلت الأشجار من طرب
وقد غدت كقدود الغيد أغصانا
رقّ النسيم على ثوب الأصيل وقد
ولّى النهار وطابت فيه نجوانا
وأقبل الليل تحدوه كواكبه
كأنما هي وسط النقع فرسانا
وجدّد الأنس إذ غنت على طرب
يا ليل طلت على من بات سهرانا
يا غادة تذهب الأشجان طلعتها
حتى ترى الواجد المحزون جذلانا
أبهجت قلبي ولم يظفر بمنيته
هيهات بعدك يلقى القلب سلوانا
يطلب الأنس من عزت له هممٌ
مثلي وعانده دهر فما هانا
خلفان بن مصبح
الحمدان
07-30-2024, 10:15 AM
أسلسل أشعاري وأزجي قصائدي
وأظهر أشواقي وأنتظر الفرج
بروحي غزال قد براني حبه
وما أنا في ذا الحب أول من ولج
إذا اليوم وافاني أنست بذكره
وإن جاء ليلي زارني طيفه البهج
فإن غاب عن عيني فعندي خياله
وفي الروح مأواه وفي القلب يختلج
فتحلو به دنياي وهي مريرة
وينساب حبي مثلما النور ينبلج
إذا عزت السلوى نطقت بإسمه
فتنجاب عن نفسي الشجون وتنفرج
فإن لامني فيما أقول عواذل
فليس على المرضى وفِعلِهمُ حرج
خلفان بن مصبح
الحمدان
07-30-2024, 10:15 AM
يا قلب لا يجديك مني التعلل
ومالك عما تبتغيه تحوّل
جراحك لا تبرا وأنت تزيدها
إذا التام منها مقتل سال مقتل
وتنسى من الأيام ما قد لقيته
وتذكر حباً بين جنبيك يوغل
تمثل من تهوى قريباً مناجياً
تبث له الشكوى وترجو وتأمل
وتختال بالذكرى كأنك واثق
بنيلٍ أو أن الدهر عنك مغفَّلُ
ترفق فؤاديب إنه البعد والجفا
وإنك لا تدري بما الأمرُ مقبل
وإن صدوع القلب شتى وشرّها
خسارة حب بالرجاء معلل
خلفان بن مصبح
الحمدان
07-30-2024, 10:15 AM
يا قلب هل لك بعد اليوم سلوان
وهل تناجيك أنغام وألحان
ودعت أغلى صديق كنت تعرفه
قاني الوفاء بديع الصنع جذلان
ينبيك بالأرض والدنيا وما حوتا
كأنما أنت في الدنيا سليمان
العلم والفن من أولى خصائصه
وللفكاهة والآداب ميدان
إن شئت فهو ابن مهدي بين زمرته
أو شئت فهو فصيح العرب سحبان
صنيعة العلم للدنيا ومعجزة
كم استنارت به للناس أذهان
فيا سميراً إذا عزّ السمير لقد
سامتني بعدك أشواق وأحزان
وطال ليلي تحدوني لواعجه
من بعد ما كان لطير الحب أفنان
مزمار بيروت يشجيني ويطربني
وأين مني بيروت ولبنان
خلفان بن مصبح
الحمدان
07-30-2024, 10:16 AM
خبّريني واسمعي مني اليقين
هل عرفت حبي الصافي المكين
حبي الموحى به منك إليّ
حبة القلب وأعماق الوتين
واضياع الحب والدنيا معاً
إن تكوني لغرامي تجهلين
أظهر الحب وأخفيه ولا
أذن تصغي ولا قلب يلين
وأناجيه واشكو حبّه
والذي أعنيه بالحب ضنين
خبّريني بعد ما شطّ النوى
وافترقنا هل لعهدي تذكرين
وإذا ما مر اسمي صدفة
ترهفين السمع أم لا تسمعين
وإذا أنشدت شعراً من لظى
تفهمين الشوق فيه والحنين
ظلموني واستمروا ويحهم
أباسم الطب أغدو كالسجين
وشفائي لو دروا يا منيتي
ريقك العذب ولكن أين إين
رشفة منه ولو قد نلتها
لكفتني عن دواء البنسلين
فجروح القلب قد تشفى بها
هل بهذا يا حياتي تعلمين
مر عامان وما أقساهما
لم ترَ عيناني ذيّاك الجبين
وانقضى العمر ولم أرو الظما
منك إلاّ بالتمني والأنين
ليت شعري كم أناجيك وما
تنفع النجوى إذا لا تسمعين
قلبك الهادي إذا ما هزّه
ذلك الشعر فماذا تصنعين
فاذكري مني وداداً خالصاً
لا تغيّره تصاريف السنين
واذكري مني خليلاً صادقاً
عنك لا يرضى بديلاً أو خدين
فامنحيه الحب واقضي حقه
فحياة الحب فردوس مبين
ما ألذّ العيش في أحضانه
من يذقه ذاق عيش الخالدين
كل قلب ناقص إلاّ به
وكمال القلب حب وقرين
وامتزاج الروح بالروح كما
تمزج الصهباء بالماء المعين
فارتعي في القلب يا ربتّه
واسكنيه إنه المأوى الأمين
خلفان بن مصبح
الحمدان
07-30-2024, 10:16 AM
بليت بحبِّ بين جنبيَّ مشتعل
ولا ذنب لي فيما بليت ولا حول
وجدّد مني الطيف شوقاً أهاجني
فذكرني عذراً وما كان قد حصل
فهيهات أن أنسى غداة لقيتها
تميس كغصن البان أو شارب ثمل
تساوى لديها الحب والخفر والحيا
وحيّت ولكن بالدلال وبالخجل
وساد سكون الحب بيني وبينها
كلانا به داء المحبّة قد نزل
فخاطبت العينان منها كليهما
وكان حديث العين أبلغ ما نُقل
وتحت ظلال السدر قد طاب يومنا
وعاذلتني بالقرب لم تدر ما حصل
وعذراء كالغصن الرطيب إذا انثنت
وكالشمس لاحت حين منتصف الطَّفل
أشير إليها بالبنان مبيّناً
بأنّك أنت الروح والقصد والأمل
وأنت حياتي والنعيم وجنّتي
مليكة قلبي لا سعاد ولا أمل
فيبدو حنان الحب يوحيه لحظُها
ويحمر ورد الخدِّ منها على عَجل
وتبسم عن در تزين نظامه
شفاه عقيق بينها الراح والعسل
شفاه ثوت فيها الحياة هنيّةً
وثغر لذيذ الرشف يغريك بالقُبل
ألا فاذكري عذراء لا تقطعي الأمل
حنانيك يا عذراء لا تقطعي الأمل
أعذراء هذا الاسم منك نقشته
بصفحة قلبي ببالغرام ولم يزل
أحبك يا عذراء والحب حالة
إذا عرضت للمرء لم يدر ما فعل
وأنت وحق الحب في الحسن آية
تعالت وجلّت أن يقاس بها مثل
خلفان بن مصبح
الحمدان
07-30-2024, 10:16 AM
أفيقي أداة الظلم والشر والعمى
فَشَرُّكَ في الأحشاء زاد تضرّما
دعيني يا دنيا فما فيك مأرب
يخفف لي شجوي وما فيك مغنما
أنا الناقم الزاري عليك وإن أكن
أعيش فإني سوف ألقاك مرغماً
شقاؤك يا دنيا أريني كأسه
لأشربها حتى الثمالة مغرما
فأشقى الشقا ألاّ أساقاه دفعة
بذاك وإن تبديه لي متقسماً
وما لي والآمال فيك وإنها
خداع سراب ليس يروي من الظما
غررت بها دهراً وحاولت نيلها
فلم أجن إلاّ خيبة وتندمّا
زمان تقضّى ما أمرَّ مقامه
وأشقى لياليه وأردا وأظلما
إذا ردّت الذكرى إليّ خياله
أراه أمامي كاشراً متجهماً
حقيقة هذا الكون دوماً مريرة
تجرعَّها قلبي أسى وتألما
لقد سئمت نفسي حياة تكاثفت
ظلاماً فلا أرضاً تضاء ولا سما
تحملت فيها الشر حتى عرفته
وأصبح عندي الخير والشر توأما
وما أنا بالواهي الجبان ولا الذي
من الضر والآلآم يشكو تبرما
ولكن قد ازداد المزيد وأوشكت
عرى الصبر من بعد الثبات تحطما
خلفان بن مصبح
الحمدان
07-30-2024, 10:17 AM
للحب دين وللأشواق باقينا
وللصبابة ما أبقى الصبا فينا
وجيزة القلب إن جاروا وإن عدلوا
نحن الأحبة لا نألو محبينا
وإن نسوا عهدنا من بعد فرقتنا
وضيّعوه فإنا غير ناسينا
إنّا لقوم إذا ما الحب خامرنا
للحب نوفي وإن لم نلق موفينا
يا من بقلبى قد صيّرتهم سكناً
ومن جعلت لهم دين الهوى دينا
ومن سرى حبهم في كل جارحة
منا وأصبح من أغلى أمانينا
شهد الحنين إليكم في جوانحنا
ناراً وأغرقت الذكرى مآقينا
إذا سجى الليل هزتنا مضاجعنا
شوقاً إليكم وأشجتنا دواعينا
نحاول الصبر عنكم كي نلوذ به
والصبر في الحب صعب لا يلبينا
نعللُّ النفس بالآمال تسلية
لا النفس تسلو ولا الآمال تغنينا
أغلى منال لنا في الكون قربكمو
نرضاه لو كانت الأقدار ترضينا
لكنما الدهر يأبى أن يسالمنا
ولو لماماً وآلى أن يجافينا
ألقى نوائبه فينا وأعجزه
أن لا ينال مثالاً من معالينا
وكرّر الخطب أحمالاً فما ضعفت
منّا نفوس ولا كلّت مرامينا
لم يلق إلاّ ثبات العزم متقداً
وشدّة الصبر لا وهناً ولا لينا
قد يعلم الصبر أنا خير جيرته
عزماً وحزماً وأوفاهم موازينا
ويعلم الدهر لو زادت نوائبه
وفا الخليلين عن نعماه يغنينا
هما الأحبة لي إن خانني زمن
أسلتُ جرحي إن عزّ المداوونا
رمز الوفاء وأهل الصدق في ثقة
إن خانني الدهر ما زالوا موالينا
يرجون لي مالهم جهداً ولو قدروا
لأوقفوا القدر المكتوب في الحينا
إن يأسُ شعرهما قلبي فلا عجب
صدق المواساة من خير المواسينا
أحيا بقلبي آمالاً وعلّمني
أسمى الوفاء واخلاص المصافينا
قد كان عهدي بهم والشمل مجتمع
والأنس مشتمل والصفو يغرينا
ففرّق الدهر شملينا وجرّعني
بغير ذنب كؤوس الصبر غسلينا
كأن لم يكن في أعالي القصر مجلسنا
ولا زها بفنون الشعر نادينا
ولا غدا بضفاف البحر منزهنا
ولا رأت قهوة السمّار سارينا
ولا في ثرى الرولة الفيحاء طاب لنا
حسن المقام وحسن الحور والعينا
الروض يعبق والأغصان وارفة
والغيد تهتف بالأنغام تلحينا
من كل ميّاسة بالحسن غانية
ترنح الدلّ في أعطافها لينا
إذا شدت بأغنِّ الصوت تحسبه
مزمار داوود ما بين المغنينا
وكم طغى السعد في أنحائنا مرحاً
إذا ترنم فوق الرمل شادينا
والرمل مرآة نور قد برزن بها
عرائس النخل تبدين حسن وادينا
والبدر يشرق والأكوان سافرة
وبهجة الأنس والأفراح تطوينا
وقد شربنا كؤوس الود مترعة
نخب الصداقة والاخلاص ساقينا
هيهات أن تبلغ الصهباء ما بلغت
تلك الكؤوس ولو غالى المغالونا
يا صاحبيَّ إذا زرتم مرابعنا
بعد الغداة وجلتم في مغانينا
وجئتمو منزلاً بالشرق مكتئباً
من بعد ما كان بالأفراح يحيينا
تذكروا صاحباً بالأمس نادمكم
كأس السرور وأصفى الود نادينا
واليوم أمسى يعاني هول محنته
نائي الأنيس بعيد الدار مسكينا
أواه تغلبني الذكرى فأحبسها
لو أستطيع وأخفيها ولو حينا
قد بُدّل الصفو أكداراً وما ذهبت
نشوى الشباب ولم تبل حواشينا
وريّقُ العمر شابت صفو بهجته
أنكى المصائب أردتنا مصابينا
ماذا نعوّض عن عهد الصبا بدلاً
إذا تقضّى وما نلنا أمانينا
وما نؤمل في الدنيا وبهجتها
وهي التي بكؤوس الصاب تسقينا
تبدي حقيقتها شراً وتخدعنا
بالوهم لو كانت الأوهام تغنينا
فلا المصائب بعد اليوم تحزننا
ولو تدوم ولا الآفات تبكينا
وليس في الأمر إلاّ أن نسلّمها
لحكمة العادل الجبار راضينا
خلفان بن مصبح
الحمدان
07-30-2024, 10:17 AM
لله من يوم بليت بصاحب
ضخم الخليفة كالهزبر الضاري
وغدا عليّ بأمره متحكماً
كتحكم الحجّاج في الأنصار
إني أريد لك الشفاء وربّما
كان الشفاء بلسعة من نار
إياك أن تبدي حراكا واصطبر
فالصبر يا ذا شيمة الأحرار
الله أكبر حين قام مشمراً
كابن الزبيبة قاصد العمّار
وأتى بميسمه العريض ولونه
كلسان طير أو بريق شرار
فأكب مني الركبتين وكفّه
صخر يعانق جذوة من نار
يا ويح جسمي حين ذاق سعيره
وأصرَّ فيه بشدة وقرار
فعرفت من وادي السعير مقامه
وسطقت أهذي كتلة من قار
إن كان مالك خازن دار اللظى
فحمدان خازنها بهذي الدار
هلاّ تراه بها يعذّب قومه
لا يعرف الأبرار من فجّار
عفواً أخي فلقد قصدت دعابة
فحذار منك مدى الحياة حذار
الطين عندهم علاج نافع
يشفي البطين وكل ذي إضرار
يا ويحهم لو عُلِّموا فتعلّموا
لكن دار الجهل دار بوار
خلفان بن مصبح
الحمدان
07-30-2024, 10:17 AM
عزّ التأسّي وفاض الدمع هتانا
والصبر أدبر والسلوان أعيانا
إن تبك يا طير إلفاً نازحاً ونوى
سهم الفراق الذي أضناك أضنانا
رحماك ربي ما مرج لنا وطن
وما مرابعها ترتاد كثبانا
لكنما الدهر ألقانا بساحتها
رغماً علينا فلا كانت ولا كانا
هذا هو الدهر لاتصفو عواقبه
إن سرّ حيناً فقد يبكيك أحيانا
بالله يا نسمات قد سرت سحراً
هل تحملين من الملتاع أشجانا
إلى الذين استعضنا بعد فرقتهم
مر الصبابة أشواقاً وأحزانا
وخبّريهم بحال قد غدوت به
مضنًى وحيداً كئيب القلب ولهانا
أقضي الليالي وأنّاتي تسامرني
فلا عزاء ولا أهلٌ واخوان
قد كان لي أمل أودى بنضرته
طول الزمان ومرّ السقم أحيانا
يا نفس هذا قضاء الله فاصطبري
هذي الحياة وما سالوك تبيانا
ما لي وللدهر كم أضنت نوائبه
قلبي ومن عجب ألقاه جذلانا
هذا أنا إن تكن يا دهر تجهلني
أرى المصائب والأفراح سيانا
نفسي ترى الخطب سهلاً من سجيتها
أهوى وأهون شيء عندها كانا
لو كابد الصخر ما كابدت من كمدٍ
لدك من ثقله رضوى وثهلانا
لو صادف الماء من همّي ومن هممي
شيّاً لأشعل وسط الماء نيرانا
مهما فعلت من التبريح يا زمني
أعلى وأشرف أن أرضاك معوانا
يكفي زماني بأني فقته جلداً
وصلته بجميل الصبر ألوانا
إن الذي عارك الأيام في ثقة
ذاك الفتى لا الذي أولته اذعانا
كنز تركنا وعين الله تحرسه
إن ساعد الحظ نلقاه ويلقانا
كان العزاء لنا والصبر إن عبثت
حوادث الدهر عزّانا وسلانا
خلفان بن مصبح
الحمدان
07-30-2024, 10:18 AM
مقيم بمرج ليس لي من أحبّة
سراجي ضياء النجم والليل مُسهري
إذا هاجت الذكرى وزار خيالها
تكون معي كالوابل المتحدّر
إلى الله في كل الأمور يجيرنا
فصبراً على حكم الاله المقدِّر
خلفان بن مصبح
الحمدان
07-30-2024, 10:18 AM
وما انتفاعي بنور الصبح أرقبه
ونوره وظلام الليل سيانُ
والليل يوقظ آلامي ويظهرها
إلى الصباح وشطُّ الليل أحزان
والداء يفتك والحمى مسلطة
والجسم ملقى عليه البؤس عنوان
يا قلب صبراً وإن جلّت وإن عظمت
واقطع رجاءك فالآمال بهتان
إن خانك الدهر لا ترجو مساعدة
فالناس للدهر أتباع وأعوان
غريزة في جميع الخلق قد جُبِلت
لا يستساغ لها في القلب نكران
لا الأهل أهل إذا يمّمت ساحتهم
وقت البلاء ولا الاخوان اخوان
خلفان بن مصبح
الحمدان
07-30-2024, 10:18 AM
ترفّق يا فؤاد فلا ذمام
ولا عهد يدوم ولا سلام
لأنّي قد صحوت وبان عندي
بأن الناس أكثرهم لئام
خلفان بن مصبح
الحمدان
07-30-2024, 10:19 AM
سأرجو ولو أن الرجاءَ عقيم
وأحيا ولو أن الحياة جحيم
وأترك قلبي سادراً دون حبّه
يجاذب إلفاً في حشاه يُقيم
فإن كان جسمي مسقماً ومعذباً
فإن فؤادي رغم ذاك سليم
طروب يناجيه الصبا ويهزّه
إلى الحسن شوق في هواك عظيم
تعلّم من عينيك حبًّا فزاده
غراماً وأضحى بالعيون يهيم
يناجيك بالبيت الذي قد أجاده
خبير بأسرار الوداد عليمُ
ستفنى الضلوع الطاويات على الأسى
وحبك في تلك الضلوع مقيم
خلفان بن مصبح
الحمدان
07-30-2024, 10:19 AM
يقولون الأمور إلى انتهاء
وإني لا أرى منها انتهاء
بليت بأعظم الأدواء فتكا
وداء الحب ليس له شفاء
خلفان بن مصبح
الحمدان
07-30-2024, 10:19 AM
تسير الحياة بأصحابها
وتترك خلفان لأوجاعه
يمرُّ به الناس من بابها
وخلفان يرنو لمصراعه
خلفان بن مصبح
الامارات
الحمدان
07-30-2024, 10:20 AM
ولما علمت الأمر بالستر ظاهراً
تيقّنت كون الظهر للعصر ساترا
وطهّرتُ ظهراً بالتيمّم باطناً
مع الطهر كان العصر بالظهر ظاهرا
ومن غيب الظهرين صَلَّى لمغربٍ
عشاءً لك الإصباحُ من بعد ناظرا
فخذها صلاةَ العارفين بطهرها
شهادتها والغيب إن كنت حاضرا
وإلا فسلِّمها وإياك نُكرها
أَلَمَّا علمتَ الأمر بالستر ظاهرا
ماء العينين
الحمدان
07-30-2024, 10:20 AM
أيا رافع ارفعني بعلمٍ وبالتقى
وعنّيَ ظلماً فارفعنْه أرافعُ
ويا واسع وسِّع لنا الرزق كلَّهُ
ووسِّع صدوراً بالعلوم أواسعُ
ويا جامع اجمعني مع الأهل كلهم
ولي فاجمعِ الخيراتِ كلاً أجامعُ
ويا مانعُ امنعنا من الشر كلِّهِ
ومن كل أعداءٍ وضرٍّ أمانعُ
ويا نافع انفعني بعمريَ والورى
وللخلق فاجعلني نفوعاً أنافعُ
ويا دافع فادفع عدانا وضرَّهمْ
وعنا شروراً فادفعنْها أدافعُ
ويا سامع فاسمع دعائي أجب لهُ
وقولي مسموعاً يكون أسامعُ
ماء العينين
الحمدان
07-30-2024, 10:21 AM
أرى الريح تجري باقتدارك خالقُ
وتعلم ما منها رديفٌ وسابق
وتعلم ما مرت به دهر دهرنا
وما حركت مما يُخَفِّقُ خافق
وليس لها والله أمرٌ يُحَرِّكُ
ولكنما التحريكُ منك يطابق
ومنك الذي عنها يسكن كله
وما حركت بعضاً وبعض ملاصق
وأنت الذي تُجْري السحائبَ كلَّها
وتُجْري لنا الأرزاقَ منها وَرازقُ
وأنت الذي تجري الظلام بما تشا
وتجليه بالأنوار فضلاً ورافق
وأنت الذي تعطي الجزيل تفضُّلا
وتكفي شروراً للذي قد ينافق
وتعلم ما في البر والبحر كلِّه
وكلِّ الذي في العرْش والفرْش واثق
وتعلم ما بين الجميع وتحته
وما فوقه كلاً وما هو واسق
وتعلم مالي والذي بي يَصْلُحُ
فكمِّلْ مرادي بالذي هو رائق
ماء العينين
الحمدان
07-30-2024, 10:22 AM
ألا عِم صباحاً أيها الربع منعما
وحدِّث حديثاً عن مُيَيمَ مُنَعِّما
تنعَّمْ تَنَعَّمْ أيها الربْعُ إنما
يُنَعَّمُ عيشاً من يراك تنعُّما
وعظم حبيباً لا يراك دوامه
وما دمت إلا بالبُكَا لك عظَّما
ألا إن من يهوى ويعلم مثل ما
أرى بك قبل اليوم حَبَّ تَكَلُّما
ألا من يراني عندك اليوم لن يرى
ولم ير في الماضي وآتٍ لمثل ما
تعلم ولا تنس الربيع المربعا
ومربع فتيان لنا بك مُعْلَما
ألا لا فعن محبوب حدّث وخَبِّري
وحَيِّ سلاماً أو فَرُدَّ تَسَلُّمَا
تكلّم ومثلي بالسؤال لأجدَرُ
ومثلك بالفُتْيا ولو كنتُ أبْكَما
فأين اللوائي قد تركت تركنني
سوالف أيام أسيراً متيَّما
وأين اللوائي قد عهدت بمعهد
بك اليوم لا يلفى لهنَّ تخيما
فأين لهُنَّ السَّير أين تيمّموا
وأين لهُنَّ السبر أين تيمّما
أمُرُّ على العهد الذي قد عهدتم
أم الخلف في أوصافهنَّ تحرجما
فإن لم تجب جهلاً فلست بمعذر
وإن لم تجب كتْماً لك النارُ مُلْجَما
فأقبَلْتُ لمَّا أن رأيت صُمُوتَه
على القلب علَّ القلبَ يُصْمِتُ مُغْرَما
بِقَوليَ صبراً وا فؤادِيَ لم تكن
لأخرس من فتيا وأحرى مصمما
فقال وأين الصَّبْرُ والصبرَ أجْرَعُ
وأقبل للربع السؤال مُسَجَّما
ألا أيها الربع الجوابُ مُوَجَّبٌ
عليك فعن محبوب جاوب لتغنما
تَكَلَّمْ تَكَلَّمْ فالسكوت لمن يُرَى
يُكَلِّمُ لَمْ يحسنْ تكلم تكلّما
وإلا فصفها لي بما كان وصفها
وصف لي بلاداً يمّمتها تيمّما
وثبّت قليباً قد تحرّق كلُّه
من الشوق والأشواق تحرق محسما
فقال ولا تعجب ولكنك اعتبر
هنيئاً مريئاً لا تكون مصلما
فثبت بأوصاف ووصف مرونق
لمحبوب كيما أن ترسب مرجما
بمحبوب شمس فاقت الشمس في الضحى
لها قمرٌ فاقت به قمراً نما
وحوراء لن تلفى تضاهي نواظراً
وثغراً شتيتاً لا يحاكى تبسما
وفرعاً على المتنين جعداً ومنكبا
مديداً وخدّاً سال تحت مسحَّما
وجيد ظباء الرمل فاق محاسنا
وصدراً به رمانتان تركَّما
لها عضدٌ لو أبصر المرء عابداً
لصار لها عبداً وصار مخدّما
ومعصمها فيه البنان وكفّها
فأنعم به كفّاً بناناً ومعصما
وكشح لطيفٌ لا يوَصَّف خصره
وعجزٌ من الرؤيا يصبّر مُغلما
وضاد لها لو أبصر المرء مكثرا
لريء من الإكثار أبهَتَ أزرما
وفخذٌ وليس الوصف يأتي بوصفه
سوى أنه قد سُلَّ سَلاً مجسّما
وساقٌ ووصف الساق منها خدلّجٌ
على قدم أقدامه لك مغنما
تسير كأنَّ الليل داجٍ وإن ثوت
ببيت لها كالشمس بازغةَ السما
وتسقي رحيقاً سلسبيلاً مع الكرى
وبعد المنام الصرف تسقيه أشبما
بمسك وكافور وري القرنفل
تفوح ثيابُ اللَّمسِ منه تنسّما
وصاحٍ لدى التقريب منها يكن له
بُعَيدَ مع التنعيم سكر تحتُّما
ولكنها كم دونها من مهامهٍ
تحيّر من سرب القطا متحوِّما
صفاصف كالمرآة يحسب سائرٌ
بها الجوَّ أن قد كان جوّاً مجهّما
بها كالجمال الراسمات تخالُها
هشيماً رمى سير الهجيف تهشما
وتحسب لوح الرحل إذ هي أزعجت
كحرف ولوحٍ فوق حرفٍ مرقّما
وأهوالها مالت لإدلاج من سرى
وسار بها منها تراه موجَّما
فلا مثلها فيفا فيافٍ ولا يفي
من القرِّ فيها البرد لو يتخيّما
ولا تحسب القيظ الموقّظ وسطها
يضاهَى ولو أوقدت حرَّ جهنّما
مهالك قاعاً صفصفاً والصفا صفي
بها إذ يرى صَمْدَ المعالم مصهما
فإن يك هذا هل تبلغني لها
هجانٌ شقاميم وخذب مصمّما
عذافرةٌ عَنْسٌ عرانَةٌ جسرة
عن اليعملات الناجيات معيهما
على الأين مِرْقال مع الخب وصفها
صفا بانتخاب الناخبين تكرما
مذللة بين الدُّلَيمِ ومعشر
يؤالفها رعي الرياض تخضُّما
فذاك لها يرعى بنص وذا لها
بِرَعْي النَّصِيِّ الناصب المتسنّما
فصار لها بين الركائب مركب
كهمِّكَ إن تعزم على الهم مصرما
تخال بها نظر الممات من العصى
ولا لك تعصى لو تموت تقصّما
كأن بنات الفكر انثرن فوقها
متى فوقها تركب وجدتّ تنظّما
ويحسن ما تبديه منها بمتنها
ويظهر ما يخفى ويأْتِ مقوّما
وعزم بربٍ لا مربٍّ ببيته
لما لذَّ من مغنى ولهو ومطعما
لصاحبه صرم الأمور ولم تكن
لتملأ منه الصدر حلواً وعلقما
يبيت يعاطي الهمَّ والناس حوله
وليس لها بالسر منه تسلُّما
إذا همَّ لا تثنيه غيداء طفلة
ولم تدر ما بالقلب بات وخمَّما
يحب الذي يبنى من المجد دهره
وليس الذي يبني كمن هو أهدما
وصحبٌ كرامٌ ماجدٌ متسلسلٌ
جوادٌ خِضَمٌّ لوذعيٌّ معظَّما
همامٌ كُمَيٌّ باسلٌ وحلاحلٌ
أريب سريٌّ مصقعٌ ليس مفحَما
إذا في العلوم الناعسون تكلّموا
أو الدين أو أخرى تراه تسنَّما
يؤالفهم من كان في الرأي محسبا
وياباهم من كان خِبّاً ملعثما
فكلّهم في العد عُدَّ مبرّأً
وفي القوم لا تحسب سواهم مقدَّما
كرامٌ كرامٌ من كرامٍ أجلّةٍ
كأنهم للفاضل الفضل أخدما
كريم كرام الأكرماء تكرُّما
أصيلُ أصول الواصلين تصمصما
هو الغوث للأقطاب والقطب مفردا
هو الفرد في الأغواث غيباً مطلسما
غيوبُ غيوبِ الغيبِ صارت بمشهدٍ
له وبه من شاء يشهد أسهما
وسرٌّ لسرِّ السرِّ أُوضح عنده
وأخفى شهود الشاهدين وأحكما
وروح لروح الروح في الرَّوح رائحٌ
به وبه الريحان والرّوح منعما
وأنوار نور النور فاضت بنوره
وأنواره نور الدياجي مسجّما
فخشيته نور انشراحٍ وعلمه
يزيل من الجهل الذي قد تغمّما
ونورٌ لتقوى والرجاء مع الرضا
وزهدٍ وخوفٍ مع يقين وأحلما
وعقل وإسلامٌ وعفو عن الورى
ومعرفة حب الإله ومرحما
تؤب له الأكوان في كل أمرها
وآب إلى المولى صدوراً ومجثما
إذا جاءت الأكوان أو آد أمرها
ينهنهه عنها يذاد مهدّما
يعيق به من عيق عنه تزوّد
فيألفه بتّاً بتاتٍ فيلزما
مواهبه شجّ الإله فشجَّتِ
قلوب العدا حبساً مصرّاً مصرّما
وحامٍ مدى اللأوى ذماراً ومعطفا
بمد الألا خب السفير تكرّما
ومعترف للمجد جلد وجائد
بأمة عجف أمة البر أسلما
بها العين كالعين التي قد تقنطر
وكالعين حفظاً كالعيون تحذْرما
يفيض على العافين مأو لمن لجا
خليقته تضفي على الخلق حيثما
ينال به وفراً سراة وغيرها
ويقري لأحلامٍ تشاء تحلُّما
إذا ذعرٌ لجا تتابع ذعره
تتابع بجٍّ منه للذعر مقصما
بمعترك عند الجياع أوانه
جوابٍ قدورٌ راسياتٌ مرذَّما
مناخٌ له رحب الفنا جفلت له
بمدح تليد ذالقات مجرجما
ولا بصرٌ كلاًّ يزيغ ولا طغى
له إرث من لم يبق فضلاً مسنّما
ومترعة من نوره الخلق إن درت
وللشمس لم ينكر سوى من يكن عما
فأمّارةٌ بالسوء أبصر ربها
له أثراً يبصر على الخير أحزما
ولوّامة منها حثيثاً يزجُّها
لراضيةٍ مرضيّةٍ وملزِّما
بفضل إله العرش فُضِّلَ فضلهُ
سيوف إلى الخيرات سبعاً ترقّما
عروف غروفٌ نابه متنبّهٌ
شمائله فيض البحور غطمطما
فكل بحور الغيب قد خاض سائراً
ولم يثن عن بغيا إلى من تعظّما
فلله بحر الإذن بحرٌ لأمره
وبحر الصفات الحس عنهم تسنّما
وبحر لسرٍّ ثَمَّ عقلٍ تأصّلاً
وبحر لروحٍ بحر قلب وأُقْلُما
ولوحٍ وعرشٍ ثم كرس وحَجْبِهِمْ
وبَحْرٌ لأفلاكٍ فعنهم تقدّما
وبحر محيطٌ والملائكة العلى
وبحر لأَبْآسٍ وجنٍّ ومنسما
وبحر هنا للسرِّ قد كُنَّ سِرُّهُ
وعن جنّةٍ والنار سار وسرَّما
وبحر له عن ذي إحاطة ربنا
به غرق الأقطاب فيه تقسّما
فباطنه في الله دام مسغرقا
وظاهره بين الأنام مقسّما
ترى الضيف والمسكين ذا الوضع والعلى
وكل ذوي الحاجات قد حاز مرهما
فذاك له مالٌ وذاك معزَّزٌ
وذاك له حالٌ وذاك تعلّما
وذاك له بُرءٌ ودرءٌ يُرى لذا
وذاك له حكمٌ وذاك تحكّما
وذاك له سهمٌ يوفّر حظه
وذاك له سَهْمٌ أصيب بِأَسْهمَا
وذاك له هشٌّ ورعش يرى لذا
وذاك له سنح وبرح لمرتما
وذاك يُرى جذلان صادف قلبه
وذاك يُرى خذلان عاكس مسلما
مجازٍ على الإحسان حُسناً وصافحٌ
إذا لم يكن شرعٌ يراه مسلهما
فإن يك فالقرآن خلق لخُلقه
وجاء له حسن الطبائع جرجما
إذا استمطر العافي نوالاً لسحبه
بوبلٍ ووكفٍ نال سكباً تركّما
أو استضوأ الساري قبيساً لضوئه
ببدر بهيٍّ باهرٍ ضاء مظلما
عميد عماد الدين ما دام ديدن
مؤمَّلُ آمال الأنام مؤمّما
وليس قشيباً ذا وليس بسابيء
له إنه إرث الأوائل أنجما
توارثه أصلاً فأصلاً بلا انتها
وأورثه فرعاً ففرعاً متمّما
ماء العينين
الحمدان
07-30-2024, 10:22 AM
إني بلا مُهلةٍ أقول في مَهَلٍ
ما لي وما للهوى عني بلا شُغُلِ
إن قلت عنه أفرُّ جاء من أَمَمٍ
أو قلت صدَّ صُدوداً كرَّ عن عجلِ
أو سُلَّماً في السما ابتغيتُ أو نَفَقاً
في الأرض إن لم يجىءْ ضحىً مع الطَّفَلِ
نعمْ ولا يسلونَّ القلبَ إن عَدا
إذ يسمعنَّ كلام الفصل لا الهزلِ
وذاك حقٌّ به سَلْوانُ أجمع ما
ذوي الهوى عن هوى كالبدر معتدلِ
ذاك الكلام الذي الكِلام يبرئها
والفتق يرتقه وحلية العطل
ذاك الكلام الذي الأحلام حاسرةٌ
والحُلم والحِلمُ عنه جلَّ عن خطلِ
ذاك الكلام الذي باقٍ له القِدم
شافي الظهور وباطن بلا مثل
هو الذي زان من يتلو وقرَّبه
وقُربُهُ أبداً لله والرّسُلِ
هو الذي شانئُهُ شان بُعدُهُمُ
في المُرْه والوُطْفِ عند الأعين النُّجلِ
هو الدليل هو البرهان عُرْوَتُهُ
وُثقى فمستمسك به بمتصل
ذكرٌ حكيمٌ صراطٌ مستقيمُ هدىً
وغيره من هدى هداه في ضللِ
يرنو لقارئه بعين رحمته
يدنو به أبداً بغير منفصلِ
يدنيه للحضرة العُليا ويكرمه
بمقعد الصِّدق عند مالك الأملِ
يُضيئه بالهدى قلباً وقالبه
والنور في قبره مصباح محتفلِ
وفيه أنباء ما من قبلنا وبه
أنباءُ ما بعدنا وبيننا وَجَلِ
لا منه يشبع عالمٌ ولا خَلَقٌ
مع كثرة الرَّدِّ عُجْبٌ منه لم يزلِ
ولا تزيغ به الأهوا ولا لُسُنٌ
يَرى التباساً به أو داعي المللِ
ومن يقل صادقاً به ومن عملا
يُؤْجَرْ ويُنصرْ لدى قولٍ وفي عملِ
فيه البلاغُ لقومٍ كان هَمُّهُمُ
عبادةُ الله من حافٍ ومُنْتَعلِ
ليس الغِنى دونه والفَقْرُ لا مَعَهُ
وشافعٌ قائدٌ لجنَّتين علِ
هذا ولو كان ألسن الخلائق لي
وعلمها والعقولُ الدَّهرَ ذا نَفَلِِ
في مدحه لم يكن معشاره بلغا
كُلي وأحرى ببعض البعض في كَلَلِ
أنَّى وقد قيل ما فرَّطت فيه ولا
بمثله يأتِيَ الورى ذوو الخَولِ
وكيف منه الحيا إلا الحياة به
إنزال غيثٍٍ به إكثار ذا الوشل
وكيف وهو كلام الله جلَّ علا
ومن أضيف إلى الكمال ينكملِ
إني عبيد إله الخلق أجمعهِِ
وهو الوسيلة لي والحبل ذو الجدلِ
قنعت فيه ولا قنعت ذا كبدٍ
حَرَّا ولا أقنَعَنْ بغير ما الرَّتَلِ
وإنني لغمار المجد أطلبه
والنصر والعز بازدياد مُنكَمِلِ
وزد بأكمل ما الصلاة مستلماً
على الذي مُنْزَلٌ عليه في النّزلِ
ماء العينين
موريتانيا
الحمدان
07-30-2024, 02:17 PM
ناشدتُ جندكَ جندَ الشعبِ والحرسا
أن لا تَعودَ فلسطينٌ كأندلُسا
ناشدْتُك الله أن تسقي الدماءُ غداً
غَرْساً لجَدِك في أرجائِها غُرسا
تلمسِ الجذفَ الزاكي تجدْ لَهثاً
من الشَّكاةِ وتسمعْ للصدى نَفَسا
ناشدْتُك اللهَ والظلماءُ مطبقةٌ
على فلسطينَ أن تُهدي لها قَبَسا
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:17 PM
ولَّى شبابٌ فهلْ يعودُ
ولاحَ شَيْبٌ فما يُريدُ ؟
يُريد أنْ يُنقِصَ الليالي
مِنّيَ ظُلماً بما يَزيد
يا أبيضَ الريشِ طرْنَ منه
غِدفانُ رِيش الجَناحِ سُود
يا هُولةً تَفزَعُ المرايا
مِنه ويستصرخُ الوليد!
يا حاملاً شارةِ الرَّزايا
يا ساعيَ الموتِ ، يا بَريدَ !
يا ناغِزَ الجُرحِ لا يُداوي
إلاَّ بأنْ يُقطعَ الوريد
برغمِ أنفِ الصِّبا وأنفي
يَخضِبُ فَودي منكَ الصديد
وأنَّ رأسي يمشي عليهِ
تِيهاً عَدُوٌّ لهُ لَدود!
كمْ ليلةٍ خوفَ أنْ تُواتي
أُترِعَ كأسٌ ورنَّ عُود
وكمْ وكمْ ، والشَّباب يَدري
رُوَِّعَ ظبيٌ فَنُصَّ جيد
أعائدٌ للشَّبابِ عيدُ ؟
أمْ راجعٌ عهدهُ السَّعيد؟
أيَّامَ شرخُ الصِّبا وريقٌ
وظِلّهُ سجسجٌ مَديد
ونحنُ ، مِثْلَ الجُمانِ زهواً ،
ينظِمُنا عِقدُهُ الفريد
أمْ لا تلاقٍ ، فلا خطوطٌ
تُدني بعيداً ، ولا حُدود؟!
مَنْ مُبلِغُ المُشتفينَ أنَّا
صِرنا لمِا يَطمحُ الحسودُ ؟
أنَّا استعَضْنا ثوباً بثوبٍ
وطالما استُبْدلَتْ بُرود
فراحَ ذاكَ العتيقُ غَضّاً
ولاحَ رَثّاً هذا الجديد
ألوى بنا عاطفٌ حبيبٌ
ومَلَّنا الواصِلُ الودود
قد كان يُشجي أهلَ التَّصابي
أنَّا على هامهِم ْ قُعود
لم ندرِ ما نَسْتزيدُ منهُ
لو قيلَ : هلْ عندَهُم مَزيد؟
نهارُنا مُترَفٌ بَليدُ
وليلُنا جامِحٌ عَنيد
فاليومَ إنْ تُعتصَرْ شِفاهٌ
أو تعتصَرْ لَدْنَةً قُدود
أو يطََّرِدْ قانِصٌ قَنيصاً
أو تُعْجبِ الأغيدِينَ غِيد
نقنعُ مِن لذَّةٍ ولهوٍ
أنَّا على عُرْسِهمْ شُهود
عُدنا وَقوداً ..! وكُلُّ حيٍّ ،
للذَّة تُشتهى وَقود!
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:18 PM
ياأيُّها الجيلُ الجديدُ سلامُ
ألقت إليك بِثْقلِها الأعوامُ
ورمْت بكلكلِها عليك فوادحٌ
مما تجنّى " السادرون " ، جسام
ألْقْت إليك وأنتَ أشرفُ ناهضٍ
ثقلَيهمْا الآمال والآلام
فرمى لكَ الماضي الأليم بِوزْرِهِ
ورنا لكَ المستَقبلُ البسام
والحاضرُ المرتجّ بينهما شجاً
وتطُّلعاً تهفو به الأحلام
ألقى إليك" الخائنون" نَتاجَ ما
سدروا وشطوا وارتَعَوْا وأساموا
والمخلصون ، رجاؤهم أن تنجلى
كُرَبٌ وأن يِلد الصباحَ ظلام
ياأيُّها الجيلُ الجديدُ وطالما
لصقت بغير ذواتِها الأعلام
ولطالما اشتطّ الطغاةُ وأرجفوا
للمصلحين وأقعدوا وأقاموا
سَمَّوكَ " هدّاماً " لأنكَ تَجْتَوي
ما البغيُ سَنَّ وما جنى الإِجرام
ولانك استمت العدالةَ خطةً
من في يديه النقضُ والإِبرام
وغضِبت أن تجدَ الرعايا مَغْنَماً
بيدِ الرُّعاة كأنهم أنعام
وشجبت أنّ الحكم في قاموسِهِمْ
سوطٌ يشدُّ وشهوة وعُرام
هوّنْ عليكَ فكلُّ ذلكَ فِريةُُ
تَفْنى . ويَبْقى السعي والإِقْدام
وكذاك كلُّ " مخرّبٍ " لرذيلة
بانٍ ، وكلُّ " مُعَمِّرٍ " هدّام
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:18 PM
أأنتَ رأيتَ الشمسَ إذ حُمّ يومُها
تَحَدَّرُ في مهوىً سحيقٍ لتغربا
تَحدَّرُ في مهوىً تلقفَ قُرْصَها
تلقُّفَ تَنُّورٍ رغيفاً محصبا
وما خلفت في الجو من خطراتها
وما خلعت من مرقصات على الربى
وما بدلت من زرقة البحر ألهَبَتْ
بحمرتها آذيَّهُ فتلهبا
تغيّر حتى حِوَّمَ الطيرُ فوقه
يحاذر أن يدنو إليه ليشْرَبا
وقد صَمَتَ الكونَ الرهيبُ ضجيجُه
على أنّهُ في صمتهِ كان أرهبا
وهيمنَ رَوحٌ من جِمام ورقةٍ
على الشاطئين استيقظا فتوثّبا
أأنت رايتَ الغيمَ يلتَمُّ فوقها
يجاذِبُ متنَْها رداءً مذهَّبا
يغازلها ما غازلتْهُ ، اخو هوىً
يلاعبُها ما استمتعتْ منه ملعبا
تجَمع من أطرافها ثم مسّه
بروعته لالاؤها فتشعبا
أأنت سألت الكون عن أي باعث
بدا في غروب الشمس جذلان معجبا
وأيّ يد مرت عليه كريمةٍ
صناعٍ . فردَّتْهُ أديما مخضّبا
وما هذه الأشباحُ تترى ؟ اغيمةٌ
تولّد أظرفا ، ونابا ، ومخلبا
غرابٌ تصبّاه غرابٌ ، وثعلبٌ
يطارد في جَوْز السمواتِ ثََعْلبا
وثمَّ سنامٌ مُستَجدٌّ وغاربٌ
يناديك أن تسعى إليه فتركَبا
وثَمَّ سفينٌ من دخانٍ قلوعُه
ونوتيُّهُ رَوح رخيٌّ من الصبا
واولاءِ رهطُ الجنَّ بين نديّهم
يُقيمون من سحرٍ رواقا مطنّبا
كأني أرى المزمارَ في فَم عازفٍ
وأسْمَعُ – لو أقوى – الغناءَ المشببا
وتلكمْ على النادي تطوفُ عرائسٌ
بدا سافراً رهطٌ . ورهطٌ تَنَقَّبا
وهاتيك اقزاعٌ لطافٌ كؤوسُها
وخَمْرَتُها جَوْنُ السَّحاب تذوَّبا
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:19 PM
تمرَّستَ " بالأولى " فكنتَ المُغامِرا
وفكَّرتَ " بالأخرى " فكنتَ المُجاهِرا
وفضَّلتَ عيشاً بين تلك وهذه
به كنتَ ، بل لولاهُ ، ما كنتَ شاعرا
وما الشِّعرُ إلاَّ ما تفتَّقَ نُورهُ
عن الذهنِ مشبوباً ، عن الفكر حائرا
عن النفس جاشت فاستجاشت بفيضها
عن القلبِ مرتجَّ العواطفِ زاخراً
وما زجَّ في شتَّى المَهاوي بربِّه
وقحَّمهُ " النَهجينِ " قصداً ، وجائرا
وما هو بالحبلِ الذي رُحتَ مرغِماً
" أوائلَه " أنْ تلتقي و " الأواخرا"
وكنتَ جريئاً حين يدعوكَ خاطرٌ
مِن الفكر أن تدعو إليك المَخاطرا
على ثقةٍ أنْ لستَ في الناس واجداً
على مِثله – إلاَّ القليلَ – مُناصراً
وكنتَ صريحاً في حياتكَ كلِّها
وكانَ – ومازالَ – المصارِحُ نادراً
فانْ شابَها ما لم تجدْ عنه نُدحةً
شَفَعْتَ به حُكم الظروف مُسايرا
فقد كنتَ عن وحي الضرورةِ ناطقاً
وقد كنتَ عن محضِ الطبيعة صادراً
وقد كنتَ في تلك " الأماديحِ " شاتماً
محيطاً " بأربابِ " القرائحِ كافرا
وإلاَّ فأنتَ المانعُ الصُغرِ عن يدٍ
أبتْ أنْ تُحلَّى في الجِنان أساورا
وإنَّكَ أنقى من نُفوسِ خبيثةٍ
تُراوِدُ بالصَّمت المريبِ المَناكرا
تَعيبُ على الشِّعرِ التَّحايا رقيقةً
وتلثُم من " بغلٍ هجينٍ " حوافرا
تُريدُ القوافي المؤنساتِ غفيفةً
وقد أشغرتْ – للفاحشاتِ – الضمائرا
وتُنكر أنْ يُستنشقَ الشعرُ " نفحةً "
وقد فَغرتْ أشداقَها والمناخرا
وتطوي على " أُمِّ الدَّنايا " مَباطناً
وتُلقي عليها من إباءٍ مظاهرا
كما أسدلتْ ليلاً " هلوكٌ " مُلحَّةٌ
على مخدعِ العُهرِ الحريرَ ستائرا
من العارِ أنْ نرضى التذبذبَ صامتاً
دنيئاً ، خبيثاً ، والغاً ، متصاغرا
على حينَ نأبى أن تحرِّكَ شاعراً
ضرورةُ حالٍ بدَّلَتْ منه خاطرا
وإنيّ إذْ أُهدي إليكَ تحيَّتي
أهزُّ بكَ الجْيلَ العَقوقَ المُعاصِرا
أهزُّ بكَ الجيلَ الذي لا تهزُّه
نوابغُه ، حتى تزورَ المقابرا
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:19 PM
بلادٌ مُفَدّاةٌ وجيشٌ مظفرُ
وقائدُ جيشٍ في البلاد موقّرُ
وفتحٌ مُبينٌ يَقْصُرُ الشعر دونَهُ
وللنثرُ عما يعجز الشعر أقصر
وحراس حق يرقب الكون كلّه
مصيراً على أيديهم يتقرّر
اذا خَطَروا فالبِيضُ تنطفُ بالدِّماء
تحييّ خُطاهم . والجماجمُ تنشر
وذكرى كأن الدهرَ في جَريَانه
يُقاسُ بها والشمسَ منها تَنَوَّر
ستالينَ يا لحنَ التخيّل والمنى
تغنيه أجيالٌ وتَرْويه أعصُر
ويا كوكباً في عالَمٍ غَمَّ جوُّهُ
بلألائه يَسْترشِدُ المتحيّر
أرد خطةً تَقْدِرْ وتَنْجَحْ فاننا
عَرَفْناك تُمضي ما تُريد وتَقْدِر
كأنَّ بناتِ الفكرِ في كُل خُطةٍ
تَخُطُّ ورأيٍ عبقريٍ تُدبِّر
حظايا ترجى نظرةً منك أيَّها
تُريدُ وأيَّاً تنتقي وتَخَيَّر
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:20 PM
يا عَذبَةَ الرُوح يا فتّانَة الجَسدِ
يا بنتَ " بيروتَ " يا أنشودةَ البَلدِ
يا غيمةَ الشَعرِ مُلتاثاً على قَمر
يا بَسمةَ الثغر مفترَّاً عن النَضَد
يا رَوعةَ البحرِ في العينينِ صافيةً
يا نشوةَ الجبَلِ الملتّفِ في العضُد
يا قَطرةً من نِطاف الفجر ساقطها
من " أرز " لبنانَ خفَّاقُ الظلالِ ندى
يا نَبتة الله في عَليا مَظاهرِه
آمنتُ بالله لم لم يُولَد ولم يَلِد
يا تلعةَ الجيدِ نصَّته فما وقَعَت
عَينٌ على مِثله يَزدانُ بالجَيَد
يُطِلُّ منها بوجهٍ أيِّ مُحْتَملٍ
ويَستريحُ بصدرٍ أيِّ مقتعَد
يا جَوهرَ اللُطفِ يا معنىً يضيقُ به
لَفظ فيقذِفُهُ الشِدقانِ كالزَبَد
أعِيذُ وجهَكِ أن أشْقى بِرقَّتِه
وفَيْضَ حُسنِك إن يَعيا برِيِّ صدى
ولا يليقُ بأجفانٍ أنشِّرُها
على جمالكِ أن تُطوى على السُهد
يَدٌ مَسحتُ بها عَيني لأغمِضَها
على الهوى ، ويدي الأخرى على كَبِدي
وَرَدتُ عن ظمأٍ ماءً غَصِصتُ به
فليتَ أنَّيَ لم أظَمأْ ولم أرِد
قالَ الرِفاقُ ونارُ الحُبِّ آكلةٌ
مِن وَجنْنتَّي أهذا وجهُ مُبَترِد
لمْ أدرِ أذكُرُ " بيروتاً " بأيِّكما
أأنتِ . أم لَوعتي ياليلةَ الأحد
عَجّ الرصيفُ بأسرابِ المها وهَفا
قلبي بزفرةِ قَنَّصٍ ولم يسِد
فمِن مُوافيةٍ وعداً ، وراقبةٍ
وعداً ، وأين التي وَّفت ولم تَعِد؟
فُويقَ صدرِكِ من رفق الشبابِ به
أشهى وأعنفُ ما يُعطى لمنتهد
كنزانِ مِن مُتَع الدُنيا يُقِلُّهُما
جمُّ الندى سَرِفٌ في زيِّ مُقتَصِد
قالوا تَشاغَلَ عن أهلٍ وعن ولَدٍ
فقال نهداك : لم يَشغَلهْ من أحد
سوى رَضيِعي لبانٍ توأمٍ حُبِسا
رهنَ الغِلالة إشفاقاً مِن الحَسَد
راجَعتُ نَفسي بما أبقى الشبابُ لها
وما تخلَّف من أسئاره بِيدي
فما أمرَّ وأقسى ما خرجتُ به
لولا بَقيةُ قلبٍ فيَّ مُتَّقِد
أمسى مَضى بلُبانات الهوى . وأتى
يَومي يُمهِّد بادي بَدءةٍ لِغَدي
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:20 PM
جدع الجبارُ أنَفَ المعجَبِ
واصطلى الطاغي بنيران الأبي
ورأى التاريخُ ما لم يره
من نضالِ الصابرِ المحتسِبِ
يا يراع المجدِ هذي صفحةٌ
اَمْلِ ما شئتَ عليها واكتُب
خَبِّرِ الاجيالَ كيف افتخرت
ساحةُ الموتِ بشيخٍ وصبي
وفتاة بالردى هازئةٍ
أمسِ كانت نجمةً في ملعب
امةٌ تنفح عن " معتقد "
وبلادٌ تدّري عن " مذهب "
عانق الموت زؤاماً سادر
ظنَّها " باريسَ " بنْتَ الطرب
واراها كيف رجسُ المعتدي
فأرتْه كيف طُهْرُ المُغضَب
ثم تلته يدٌ " كادحةٌ "
تُحْسِنُ الصَّفعةَ للمغتصِب
يا رجاءَ الكونِ في محنته
يا شُعاعَ الأملِ المستعذَب
يا بُناة الحقِ والعدلِ على
ملعب من قيصريٍ خرب
سجدَ ابنُ العقلِ والفقرِ به
مرغماً لابنِ الخنا والذهب
يا ينابيعَ رجاءٍ فُجَّرتْ
لظِماءٍ وجياعٍ سغّب
يا نقاءَ الفكرِ في جوهره
لم يُدَلَّسْ بالكُنىَ والرُّتَب
تأنف القدرةُ في ذِرْوَتِها
وإلهٌ في السما أن تُغْلَبي
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:21 PM
هبت الشامُ على عاداتها
تملأ الأرضَ شباباً حَنِقا
نادباً بيتاً أباحوا قُدْسَهُ
في فِلَسْطينَ . وشملاً مِزَقا
بَرَّ بالعهد رجالٌ أُنُفٌ
أخذ الشعبُ عليهم مَوْثقا
شرَفاً يومَ فِلسطينَ فقد
بلغ القِمَّةَ هذا المرتقى
ألبس الملكَ رداءً وازدهت
روعةُ التاريخِ منه رَوْنقا
اسمعي يا جِلَّقٌ !! إن دماً
في فِلَسْطينَ هضيماً نطقا
عربياً سال من أفئدةٍ
عربياتٍ تلظت حُرَقا
صبغ الأرضَ وألقى فوقها
من فداءٍ وإباءٍ شفقا
تَحْمِلُ الريحُ إلى أرجائها
من زكّياتِ الضحايا عَبَقا
اسمعي يا جلقٌ !! إن دما
في فِلَسْطينَ ينادي جِلَّقا
اسمعي : هذا دمٌ شاءت له
نخوةٌ مهتاجةٌ أنْ يُهْرقا
شدَّ ما احتاجت إلى أمثاله
أممٌ يُعوِزُها أن تُعْتَقا
شاهدٌ عدلٌ على الظلم إذا
كَذَبَ التارِيخُ يوماً صدقا
احملي ما اسطَعْتِ من حبّاته
واجعليها لعيونٍ حَدَقا
يسقطُ الطفْلُ على والده
وارداً موردَه معتنِقا
وتمر الأمُّ غضبى ساءها
في سباق مِثلِهِ أن تُسبَقا
نَسَقٌ للموت لم نسمعْ به
ليتنا نَعْرِفُ هذا النسقا
هكذا تُعْلِنُ صرعى أمةٍ
أن شعباً من جديدٍ خُلِقا
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:21 PM
لعمرُك إنَّ العدلَ لفظٌ اداؤُهُ
بسيطٌ ولكن كنهُه متعسِّرُ
تخيَّلَه عقلٌ نشيطٌ أرادَه
دليلاً لقومٍ في الحياة تعثَّروا
يفسِّرُهُ المغلوبُ أمراً مناقضاً
لما يرتأيهِ غالبٌ ويفسِّر
ولما رآه الحاكمون قذيفةً
تُضعضِعُ من أهوائهم وتدمِّر
ولم يجدوا مَندوحةً عن قَبوله
لإرضاءِ مخدوعينَ بالعدل غَّرروا
أتَوه بتاؤيلاتِهم يُفسدونه
قوانينَ باسم العدل تَنهى وتأمُر
لقد كانَ أولى بالرفاهِ وبالغِنى
ذكيُ فؤادٍ جائع يتضوَّر
وقد كان أولى بالحفاءِ وبالعَرى
وبالجوعِ هذا الأبلهُ المتبختِر
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:21 PM
أوَّل العهدِ بالَّتي حَمَّلتني
شططاً في الهوى وأمراً فِرِيّا
وَضْعُ كفّي في كفّها تتلظَّى
مِن غرامٍ . كمَنْ يُناوِل شَيّا
رجفَت رَجفْةً قرأتُ التشهّي
فوقَها واضحاً . بليغاً . قويّا
ثم قالت بطرفها بعدَ لأيٍ :
عن طريقٍ سهلٍ وصَلْتَ إليّا!
وهيَ سمراءُ في التقاطيع منها
يجِدُ الحالمونَ شِبعاً ورِيّا
ينفحُ العَطر جِلدُها ويسيلُ الدِفءُ
في عِرْقها لذيذاً شهيّا
لو قرأتَ الخطَّ ! الذي واسَطَ النهدينِ
يستهدفُ الطريقَ السويّا!
لتَمَشَّيْتَ فوقَه بالتمنّي
ووصلت الكنزَ الثمينَ الخفيّا
وتصبَّاكَ منتهاهُ تصبّي
عالَمٍ آخرٍ تقيّاً نَقيّا
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:22 PM
لقد ساءَني علمي بخُبثِ السرائرِ
وأنّي على تطهيرِها غيرُ قادرِ
وآلمني أني أخيذُ تفكُّرٍ
بكلَّ رخيص النفسِ خِبٍّ مُماكِر
تمشَّتْ به سَوءاتُ شعبٍ تلاءَمَت
وسوءاتُه واستُدرِجَتْ بالمظاهر
وها أنا بالنيّات سوداً معذَّبٌ
تعاودُني فيهنَّ سودُ الخواطر
وألمحُ في هذي الوجوهِ كوالِحاً
من اللؤم أشباحَ الوحوش الكواسر
وتوحِشُني الأوساطُ حتى كأنَّني
أُعاشِرُ ناساً أُنهِضوا من مقابر
تصفَّحتُ أعمالَ الوَرَى فوجدتُها
مخازِيَ غطَّوها بشَتى الستائر.
وفتَّشتُ عما استحدَثوا من مناقِبٍ
تُروِّجُ من أطماعهم ومفاخِر
فكانت حساناً في المظاهرِ خُدْعة
على أنها كانت قِباحَ المخابر
مشى الناسُ للغايت شتى حظوظهم
وآمالهم من مستقيم وجائر
وغطَّى على نقصِ الضعيف نجاحُه
وراح القويُّ عرضةً للعواثر
وقد حوسب الكابي بأوهَى ذنوبِه
ولم يؤخَذِ الناجي بأمّ الكبائر
وراحت أساليبُ النفاق مَفاخراً
سلاحاً قوياً للضعيف المُفاخر
وحُبِّبَ تدليسٌ وذُمَّت صراحةٌ
فلا عيشَ إلاّ عن طريقِ التآمر
وألَّفَ بين الضدِ والضدِ مغنمٌ
وفرَّقَتِ الاطماعُ بين النظائر
مُحيطٌ خَوَتْ فيه النفوسُ وأفسِدتْ
طباعُ أهاليه بعدوْى التجاور
هَوَت نبعةُ الأخلاق جراءَ ما اعتَدَتْ
على الشعب أطماعُ السَّراةِ الأكابر
وقد صِيح بالإخلاص نَهبْاً فلا تَرَى
سوى بؤَر التضليلِ جِسراً لعابر
وباتَ نصيبُ المرءَ رَهناً لِما يَرَى
أولو الأمرِ فيه مثلَ لِعبِ المقامر
فإما مُكَّبٌ للحضيض بوجهه
على أنه سامي الذرى في المفاخر
وإما إلى أوجٍ من المجد مُرتَقٍ
على سُلَّمٍ من موبقاتٍ فواجر
ولم يبقَ معنى للمناصب عندنا
سوى أنها ملكُ القريبِ المصاهِر
وإن ثيابَ الناس زُرَّت جميعُها
على عاهةٍ إلاّ ثيابَ المؤازر
تُسنُّ ذيولٌ للقوانين يُبتَغى
بها جَلْبُ قوم " الكراسي " الشواغِر
وقد يُضحِكُ الثكلى تناقضُ شارع
قوانينُه مأخوذةٌ بالتناحر
أُهينَتْ فلم تُنتَجْ قريحةُ شاعرٍ
وضيِمَتْ فلم تَنشَ ط يراعةُ ناثر
وهيمَنَ إرهابٌ على كل خَطرةٍ
تَرَدَّدُ ما بين اللَّهى والحناجر
لقد ملَّ هذا الشعبُ أوضاع ثُلَّةٍ
غدت بينه مثلَ الحروفِ النوافر
وما ضرَّ أهلَ الحكم أنْ كان ظلُّهم
ثقيلاً على أهل النُهى والبصائر
فحسبُهمُ هذي الجماهيرُ تقتَفِي
خُطى كل مقتادٍ لها : من مناصر
وحسبُهمُ أن يستجدُّوا " دعاية "
تُعدِّدُ ما لم يعرفوا من مآثر
وأوجع ما تَلقَى النفوس نكايةً
مَعِزّةُ أفرادٍ بذُلِّ أكاثر
لكي ينعُمَ الساداتُ بالحكم ترتوي
بقاعٌ ظِماءٌ من دماءٍ طَواهر
وكي لا ترى عينٌ على البَغي شاهداً
تُغيرُ عمداً ناطقاتُ المحاضر
وأهوِنْ بأرواح البريئين أُزهِقَت
وأموالِهم طارت هباً من خسائر
وكانت طباعٌ للعشائر ترتجى
فقد لُوِّثَت حتى طباعُ العشائر
وكان لنا منهم سلاحٌ فأصبحوا
سلاحاً علينا بين حين وآخر
وإنك من هذي الشنائعِ ناظرٌ
إلى مُخزياتٍ هن شوكٌ لناظر
اذا ما أجَلْتَ الطَرْف حولَك وانجلت
بعينيك يوماً مُخَبئاتُ الضمائر
وكشفت عن هذي النفوس غطاءها
وأبرزتَها مثل الاماءِ الحواسِر
وفتَّشتَ عما في زوايا الدوائر
وغربَلْتَ ما ضمَّت بطونُ الدفاتر
رجعتَ بعينٍ رقرَقَ الحزنُ ماءَها
وأُبْتَ بقلب شاردِ اللُبِّ حائر
وأيقنتَ أنّ الحالَ حالٌ تعسَّرَت
على كلِّ طَبٍّ بالطبائع ماهر
وقد يملأُ الحرَّ المفكرَ حرقةً
تفكُّرُه يوماً بعُقبى المصاير
ولا أملٌ إلاّ على يدِ مُصلحٍ
حَقودٍ على هذا التدهوُرِ ثائر
وإن عيوباً جلْبَبَ الكِذبُ كُنْهَها
فغَطَينَ أضعافَ العيوبِ السوافِر
ولا تحسبنَّ الشعرَ سهلاً مهبُّه
بهذي المساوي بين بادٍ وحاضر
فإن عظيماً أن يخلِّدَ شاعرٌ
مخازيَ جيل بالقوافي السوائر
سنُضحكُ قرّاءَ التواريخ بعدنا
ونبدو لهم فيهن إحدى النوادر
وسوف نُريهم للمهازل مَرسَحاً
نَروح ونغدو فيه هُزأةَ ساخر
فإن ترني أُذكي القوافي بنَفثَةٍ
أُراني على كِتمانها غيرَ صابر
فإني برغم العاصفات التي ترى
أُقاسي رُكوداً لا يَليق بشاعر
رجعتُ لنفسي أستثيرُ اهتمامَها
وأُلزِمُها ذنبَ الصريح المجاهر
وأُثقلها بالعَتْب أن كان لي غنى
عن الشرِّ لولا حبُّها للمَخاطر
وساءلتُها عما تُريد من التي
تُرشِّحها للمُهلكات الجوائر
أأنتِ بعَورات النفوس زعيمةٌ
مُوَكَّلة عنها بِعَدِّ الجرائر
وما أنتِ والغرمَ الذي راح مَغنَماً
لقد غامر الاقوامُ فيه فغامري
خذي وِجهةً في العيش يُرضيك غيُّها
ولا تستطيبي منه قِعدَة خائر
وإن شذوذاً أن تُثيري وتصدَعي
شَذاةَ مُحيط بالمدجاة زاخر
وأحسن مما تدَّعين صلابةً
سماحُ المحابي وانتهازُ المساير
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:23 PM
يومٌ من العُمْرِ في واديكِ مَعدودُ
مُستوحِشاتٌ به أيَّاميَ السُودُ
نزلتُ ساحتَكِ الغنَّاءَ فانبعثَتْ
بالذكرياتِ الشَّجيَّاتِ الأناشيد
واجتَزتُ رغمَ الليالي بابَ ساحرةٍ
مرَّ الشبابُ عليه وهو مسدود
قامَتْ قِيامتُه بالحُسْنِ وانتشرتْ
فيه الأهازيجُ والأضواءُ والغيد
ما وحدَهُ غرَّدَ الشادي لِيرْقِصَهُ
الماءُ والشجرُ المهتزُّ غِرِّيد
واد هو الجَّنةُ المحسودُ داخلُها
أو أنَّه من جِنان الخُلدِ محسود
ثقي " زحيْلةُ " أنَّ الحسْنَ أجمَعَهُ
في الكونِ عن حُسنكِ المطبوعِ تقليد
أنتِ الحياةُ وعمرٌ في سواكِ مضى
فإنما هو تبذيرٌ وتبديد
أقسمتُ أُعطي شبابي حقَّ قيمتهِ
لو أنَّ ما فاتَ منه اليومَ مردود
وكيفَ بي ونصيبُ المرء مُرْتَهَنٌ
به ، ومَغْنَمُهُ في العُمْرِ محدود
لم يأتِ للجَبَلْينِ العاطفَيْنِ على
واديكِ أبهى وأنقى منهُ مولود
زَفَّتْ له مُتَعُ الدُّنيا بشائرَها
واستقبلَتْهُ مِن الطيرِ الأغاريد
أوفى عليه يَقيهِ حَرَّ هاجرةٍ
سُرادِقٌ من لطيفِ الظلِّ ممدود
بالحََوْرِ قامَ على الجنبينِ يحْرُسُهُ
مُعَوَّذٌ من عُيونِ الناسِ مرصود
تناولَ الأفْقَ معتزّاً بقامتهِ
لا ينثني فَنَنٌ منه ولا عود
يقولُ للعاصفاتِ النازلاتِ بهِ
إليكِ عنيّ ، فغيرُ " الحَوْرِ " رِعديد
صُنْعُ الطبيعةِ ، بالأشجارِ وارفةً
لَهُ ، وبالنَّهَرِ الرّقراقِ ، تحديد
خَصَّتْهُ باللُطفِ منها فهو مُنْبَعِثٌ
ورُبَّ وادٍ جَفتْهُ فهو موءود
طافَ الخيالُ على شَتَّى مظاهرهِ
واستوقَفَتْني بهِ حتَّى الجْلاميد
تَفَجَّرَ الحجرُ القاسي بهِ وبدا
في وَجْنَةِ الصَّخرةِ الصَّماءِ توريد
تجري المياهُ أعاليهِ مُبعَثرَةً
لها هُنالكَ تصويبٌ وتصعيد
حتى إذا انحدَرَتْ تبغي قَرارتَهُ
تَضيقُ ذرعاً بمجراها الأخاديد
استقبلَتْها المجاري يَسْتَحِمُّ بها
زاهي الحصى فَلهُ فيهنَّ تمهيد
فهُنَّ في السفحَِّْ عَتْبٌ رقَّ جانبُهُ
وهن يزفُرْنَ فوقَ الصخرِ تهديد
ما بينَ عَيْنٍ وأُخرى فاضَ رَيِّقُها
أنْ تُلْفَتَ العينُ أو أنْ يُعطَفَ الجْيد
هذي " المسيحيَّةُ " الحسناءُ تكَّ على
شرعِ " المسيحِ " لها بالماءِ تعميد
كأنَّها ، وعُيونُ الماءِ تَغْمُرُها ،
مُستْنزَفُ الدَّم مِن عِرْقَيْهِ مفصود
بُشرى بأيلول شَهرٍ الخْمرةِ اجتَمَعَتْ
على العرائشِ تَلْتَمُّ العناقيد
للهِ درُّ العَشِيَّاتِ الحِسانِ بها
يُسْرِجْنَ ظُلمتَها الغِيدُ الأماليد
لُطْفُ الطبيعةِ محشودٌ يتّمِمُهُ
جمعٌ لطيفٌ من الجنسَيْنِ محشود
في كلِّ مُقهىً عشيقاتٌ نزلنَ على
" وادي الغرامِ " وعُشَّاقٌ معاميد
تدورُ بينهُمُ الأقداحُ لا كَدَرٌ
يعلو الحديثَ ولا في العيشِ تنكيد
الرَّشْفَةُ النزرُ من فرط ارتياحِهِمِ
كأسٌ مُفايَضَةٌ والكأسُ راقود
خَوْدَ البِقاعِ لقد ضُيّعْتِ في بَلدٍ
تنَاثَرتْ فوقهُ أمثالُكِ الخُود
أُسلوبُ حُسْنكِ مُمتازٌ فلا عَنتٌ
في الروح منهُ ، ولا في السَبْكِ تعقيد
نهداكِ والصدرُ ثالوثٌ أُقدّسُه
لو كانَ يُجمَعُ تثليثٌ وتوحيد
الخَمْرُ ممزوجةً بالرِّيقِ راقصةٌ
والكأسُ مرَّتْ بثغرٍ منكِ عِربيد
لو يُستجاب رجائي ما رجوتُ سوى
أنّي وشاحٌ على كَشْحيكِ مردود
جارَ النِطاقُ عليها في حكومتهِ
فالرِّدفُ مُنتعِشٌ والخَصْرُ مجهود
وأْعلَنَتْ خيرَ ما فيها مَلابسُها
مُنَمَّقاتٌ عليهنَّ التجاعيد
وكشَّفَتْ جَهْدَ ما اسطاعَتْ محاسنَها
ولم تدَعْ خافياً لو لا التقاليد
ما خَصرُها وهو عُريانٌ تتيهُ بهِ
أرقُّ منه إذِ الزُّنَّارُ مشدود
أمَّا البديعانِ من عالٍ ومُنْخَفِضٍ
فِداهما كلُّ حُسْنٍ أُعطىَ الغيد
فقد تجسَّمَ هذا غيرَ محتَشِمٍ
من فرطِ ما ضَيَّقتهُ فهو مشهود
ونطَّ ذيّاك مرتجّاً تقولُ : بهِ
رِيِشُ النعامِ على الوِرْكَيْنِ منضود
إيَّاكَ والفتنةَ الكبرى فنظرتُها
مسحورةٌ ، كلّها همٌّ وتسهيد
إذا رَمَتْكَ بعينَيْها فَلبِّهِما
واعلَمْ بأنَّكَ مأخوذٌ فمصفود
وإنَّما الحبُّ زَحليٌّ فلا صِلةٌ
ولا صدودٌ ، ولا بُخْلٌ ، ولا جود
يا موطِنَ السِحرَ إنَّ الشِعر يُنعْشُه
فيضٌ من الحُسْنِ في واديكَ معهود
خيالُهُ من خيالٍ فيكَ مأخذهُ
ولطفُ معناه من معناكَ توليد
اهتاجني موعدٌ لي فيك يجمعُني
كأنَّني بالشَّباب الطَّلْقِ موعود
وريعَ قلبيَ من ذكرى مُفارَقَةٍ
كأنَّني من جِنانِ الخُلْدِ مطرود
لا أبعدَ اللهُ طيفاً منك يؤنسني
إذا احتوتنيَ في أحضانها البيد
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:23 PM
هو الحُكم – إن حقَّقتَ – لُعبةُ لاعبِ
يُسَمُّونَ ترقيعاتهِ بالتجارِبِ
فتجرِبةٌ للحكمِ خَلقُ موظفٍ
وتجرِبةٌ للشعبِ تخريجُ نائب
وإنَّ بلاداً بالتجارِب هُدّمت
وضُيّعَ أهلوها لإحدى العجائب
وأعجبُ منه أن يُمنِّي رجالُها
نفوسَهمُ خيراً بعقبى المصائب
تُعطَّلُ أربابُ المواهبِ ريثما
يُتمَّمُ تخريجُ الضِّعاف المواهب
ولو جَرَّبوا أهل المناصب وحدَهم
لهانَ ، ولكنْ جُربّوا في المناصب
من الظلم أن تأتي قصيدةُ شاعر
لتُصلِحَ حالاً أو مقالةُ كاتب
فما دامَ حُكمٌ للتجاريب راهن
فليس لنا غيرُ انتظارِ العواقب
ولكنَّ دأبَ الشاعِرينَ تحرُّشٌ
ومن عادةٍ الكُتابِ خلقُ المتاعبّّ
دعوا القومَ أحراراً يؤدُّونَ واجباً
ولا تحسَبِوا سهلاً قياماً بواجبّ
ولا تحسبوا سهلاً بناءَ دوائرٍ
وتوقيع أوراقٍ وتوزيعَ راتب!
غزا الجهلُ أرض الرافدْينِ فحلَّها
كثيرَ السَّرايا مُستجاشَ الكتائب
طليعةُ جيشٍ للمصائبِ هدَّدتْ
كرامتَهُ والجْهلُ رأسُ المصائب
وما خيرُ شعب لستَ تعثرُ بينه
على قارئٍ من كلِّ ألفٍ وكاتب
تمشَّى يجرُّ الفَقْر ردفاً وراءهُ
وأتعِسْ بمصحوبٍ وأتعِسْ بصاحب
وراحا على الجُمهور ضيفينِ ألفْيَا
مُناخاً جميلاً بين هذي الخرائب
فكان لِزاماً أنْ تحوزَ عصابةٌ
تفيتْ بظلِّ الجاه أعلى المراتب
وكان لزاماً أن تتمَّ سيادةٌ
عليه لأبناءِ " الذوات " الأطايب
وكان لزاماً أن تُقادَ جموعُه
حفاةً عراةً مهطعينَ لراكب
وكان لزاماً أن تحاكَ دسائسٌ
له تحت أستار الخِداع الكواذب
وكان لزاماً أن تعطَّل صنعةٌ
وأن يُصبحَ التوظيفُ أغلى المكاسب
مشى الشعب منهوكَ القُوى واهنَ الخُطى
كواهلُه قد أُثقِلتْ بالضرائب
وقد حِيلَ ما بين الحياةِ وبينهُ
فللموت منه بين عَينٍ وحاجب
وكُمَّت به الأفواه عن كشف سوءَةٍ
كأنْ لم يكن من ثَمَّ عتبٌ لعاتب
وأوجعُ ما يُصمي الغيورَ مقْاصرٌ
أطلَّتْ على مجحورةٍ في الزرائب
يَبينُ على الحيطان شرخُ نعيمها
وتغمُرها اللذاتُ من كلِّ جانب
وتحيي ليالي الرّقْص فيها خليعةٌ
تكشَّف عن سوق الحسان الكواعب
ويجبى إليها خمرُها من مشارقٍ
يجادُ بها تقطيرُها وَمغارب
وتلك من الإدقاع تتَّسد الثرى
يلاعبُ جنبيها دبيبُ العقارب
وقد ذيدَ عنها الزادُ رَفهاً لآكلٍ
وحُرّم فيها الماء صفواً لشارب
وإنيَّ في إرضائيَ الشِعرَ حائرٌ
وإني لمأخوذٌ بهذا التضارب
فقد يُعجِز التفكيرَ ذكرُ محاسنٍ
وقد يُخجل القرطاسَ ذِكرُ المثالب
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:23 PM
سكُت وصدري فيه تغلي مراجلُ
وبعض سكوتِ المرءِ للمرءِ قاتلُ
وبعضُ سكوتِ المرءِ عارٌّ وهُجْنَةٌ
يحاسَبُ من جّراهُما ويُجادَل
ولا عجبٌ أنْ يُخْرِسَ الوضعُ ناطقاً
بلى عجبٌ أنْ يُلْهَمَ القولَ قائل
جزى الله والشعرُ المجوَّدُ نَسْجُهُ
بأنكد ما تُجْزَى لئامٌ أراذل
مخامِرُ غدرٍ طوَّحَتْ بي وعودُهُ
فغُِررتُ والتفَّتْ علىَّ الحبائل
وكنتُ امرَءاً لي عاجلٌ فيه بُلْغَةٌ
سدادٌ ومرجُوٌّ من الخير آجل
رخياً أمينَ السربِ محسودَ نِعمةٍ
تَرِفُّ على جنَبيَّ منها مباذل
فغُودرتُ منها في عَراءٍ تَلُفُّني
مَفاوِزُ لا أعتادُها ومجاهل
طُموحٌ إلى الحتفِ المدبَّر قادني
وقد يُزهِقُ النفسَ الطُموحُ المُعاجل
كَرِهْتُ مداجاةً فرُحْتُ مشاغبا
ولم يُجدِني شَغْب فرُحْتُ أُجامل
وأغْرقْتُ في إطراءِ من لا أهابُه
وساجلت بالتقريع من لا يساجَل
وأصْحَرْتُ عن قلبي فكان تكالُبٌ
عليّ لإصحاري وكان تواكُل
نزولاً على حكمٍ وحفظاً لغاية
يكون وسيطاً بينهن التعاُدل
وما خِلْتُني عبْءا عليهم وأنهم
يريدون أن يُجتَثَّ متنٌ وكاهل
ولما بدا لي أنه سدُّ مَخْرَجٍ
وقد أُرتِجَ البابُ الذي أنا داخل
وأخلَتْ صدورٌ عن قلوبٍ خبيثةٍ
ولاحت من الغدرِ الصريحِ مخايل
رجعت لعُش ٍّ مُوحشٍ أقبلتْ به
علي الهمومُ الموحشاتُ القواتل
وكنتُ كعُصفورٍ وديعٍ تحاملت
عليه ممن الستِ الجهاتِ أجادِل
ورَوَّضْتُ بالتوطينِ نفساً غريبةً
تراني وما تبغيه لا نتشاكل
وقلتُ لها صبراً وان كان وطؤهُ
ثقيلا ولكن ليس في الحزن طائل
وكَظْمُ الفتى غيظاً على ما يسوؤه
من الأمر دربٌ عبَّدته الأماثل
ولِلعْقلِ من معنى العقالِ اشتقاقُه
إذا اقتِيدَ إنسان به فهو عاقل
وكنتُ ودعوايَ احتمالا كفاقدٍ
حُساماً وقد رَفَّت عليه الحمائل
حبستُ لساني بين شِدْقَيَّ مُرغماً
على أنه ماضي الشَّبا إذ يناضل
وعهدي به لا يُرسلُ القولَ واهناً
ولا في بيانٍ عن مرادٍ يعاضل
وبيني وبينَ الشعرِ عهدٌ نكثتُه
ورثَّتْ حبالٌ أُحكِمَتْ ووسائل
وجهّلتُ نفسي لا خمولا وإنما
تيقنت – ان السيّدَ المتجاهل
وما خلت أني في العراق جميعِه
سأفقِدُ حراً عن مغيبي يسائل
سَتَرْتُ على كَرْهٍ وضِعْنٍ مَقاتلي
إلى أن بدتْ للشامتينّ المقاتل
أهذا مصيري بعد عشرين حِجَّةً
تحلت بأشعاري فهن أواهل
أهذا مصيرُ الشعرِ ريّانَ تنتمي
إليه القوافي المغدقاتُ الحوافل!؟
سلاسلُ صِيغتْ من معانٍ مُبَغَّضٍ
لها الذهبُ الأبريزُ وهو سلاسل
ومن عجبٍ أنّ القوافي سوائلا
اذا شُحِذَتْ للحَصْدِ فِهي مَناجل
وهنَّ كماءِ المُزْنِ لطفاً ورقةً
وهنَّ إذا جدَّ النضالُ مَعاول
فأمّا وقد بانت نفوسٌ وكُشِّفَتْ
ستائرُ قومٍ واستُشِفَّت دخائل
ولم يبق إلا أن يقالَ مساومٌ
أخو غرضٍ أو ميّتُ النفسِ خامل
فلا عذرَ للأشعار حتى يردَّها
إلى الحق مرضيُّ الحكومةِ فاصل
لأمِّ القوافي الويلُ إن لم يَقُمْ لها
ضجيجٌ ولم ترتجَّ منها المحافل
سأقذِفُ حُرَّ القولِ غيرَ مُخاتِل
ولا بدّ أن يبدو فيُخْزَى المُخاتل
لئن كان بالتهديم تُبْنى رغائبٌ
وبلخبط والتكديرِ تصفو مناهل
وإن كان بالزلفى يؤمَّلُ آيسٌ
وبالخُطَّةِ المُثلى يُخيَيَّبُ آمل
فَلَلْجهلُ مرهوبُ الغرارين صائبٌ
ولَلْحِلْمُ رأيٌ بَيّنُ النقصِ فائل
ولَلْغَرَضُ الموصومُ أعلى محلةً
من المرءِ منبوذاً علته الأسافل
أرى القومَ من يُقرَّبْ إليهِمُ
ومن يَجْتَنِبْ يَكْثُرْ عليه التحامل
على غيرِ ما سنَّ الكرامُ وما التقت
عليه شعوبٌ جمةٌ وقبائل
فلا ينخدعْ قومٌ بفرط احتجازةٍ
تَخَيَّلَ أني قُعْدُدٌ متكاسل
فإني لذاكَ النجمُ لم يخبُ نَوُؤه
ولا كَذَبَتْ سيماؤُه والشمال
وما فَلَّتِ الايامُ مني صرامة
ولا زحزحت علمي بانيَ باسل
ولكنني مما جناه تسرُّعٌ
توهمت أنَّ الأسْبَقَ المتثاقل
وإنّي بَعْدَ اليومِ بالطيش آخذُّ
وإني على حكمٍ الجهالةِ نازل
وإني لوثابٌ إلى كل فرصةٍ
تعِنُّ وعدّاءٌ إليها فواصل
بخيرٍ وشرٍ ان ما ادرك الفتى
به سُؤْلَه فهو الخدينُ المماثل
وأعلَمُ علماً يقطعُ الظنَّ أنَّه
لكلِ امرئٍ في كلِّ شيءٍ عواذل
فانْ لم يقولوا إنَّه مُتعنِّتٌ
عَنُودٌ يقولوا مُصْحِبٌ متساهل
تخالُفَ أذواقٍ وبغياً وإثْرَةً
ومن آدمٍ في العيش كان التّقاتُل
فما اسطعتَ فاجعلْ دأبَ نفسِكَ خَيرَها
ولا تُدخِلَنَّ الناسَ فيما تحاول
فما الحرّ إلا من يُشاورُ عَقْلَهُ
وأمُّ الذي يستنصِحُ الغيرَ ثاكل
نَصيحُكَ إما خائفٌ أو مغَرَّرٌ
كلا الرجلينِ في الملماتِ خاذل
وبينهما رأيٌ هو الفصلُ فيهما
ومعنىً هو الحقُ الذي لا يجادَل
على أنها العقبى – فباطلُ ناجحٍ
يَحِقُّ . وحق العاثرِ الجَدِّ باطل
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:24 PM
عقابيلُ داءٍ ما لهُنَّ مطبَّبُّ
ووضعٌ تغشَّاهُ الخَنا والتذَبذُبُ
ومملكةٌ رهنُ المشيئاتِ أمرُها
وأنظمةٌ يُلهى بهنَّ ويُلْعَب
وناهيكِ مِن وضعٍ يعيشُ بظّله
كما يتَمنَّى مَن يخونُ ويكذِب
وقرَّ على الضيمِ الشبابُ فلم يَثُرْ
وأخلدَ لا يُسدي النصيحةَ أشيب
كأنْ لم يكنْ في الرافدينِ مُغامرٌ
وحتى كأنْ لم يبقَ فيه مجرِّب
أعُقماً وأُمَّاتُ البلادِ ولودةٌ
وإنَّكِ يا أُمَّ الفراتينِ أنجب
وما أنكَّ يُزهى منكِ في الصِّيدِ أصيدٌّ
ويَلْمَعُ في الغُلْبِ الميامينِ أغلب
إذا قيلَ مِن أرضِ العراق تطَّلعَتْ
عيونٌ له وانهالَ أهلٌ ومرحب
يُحكِّمُ في الجُلَّى أغرُّ مُشَّهَرٌ
ويحْتاجُ في البلوى عذيقٌ مرَجَّب
فما لكِ لا بينَ السواعدِ ساعدٌ
يُحَسُّ ولا بينَ المناكبِ مَنكِب
تنادتْ بويلٍ في دياركِ بومة
وأعلنَ نَحْساً في سماكِ مُذَنَّب
وأُلْبِسْتِ من جَورٍ وهضمٍ ملابساً
أخو العزِّ عنها وهو عريانُ يرغب
تكاثرت الأقوالُ حَقاً وباطلاً
وقالَ مقالَ الصدقِ جلْفٌ مُكذَّب
وشُكِّكَ فيما تدَّعيه تظنِّياً
ولو أنَّه شحمُ الفؤادِ المذَوَّب
وباتَ سواءً من يثورُ فيغتلي
حماساً ومن يلهو مُزاحاً فيلعب
فما لكَ من أمرينِ بُدٌّ وإنما
أخفهما الشرُّ الذي تتجنب
سكوتٍ على جمرِ الغضا من فضائحٍ
تُمَثَّلُ أو قولٍ عليه تُعذَّب
تحفَّتْ أُباةٌ حين لم يُلْفَ مركبٌ
نزيهٌ إلى قصدٍ من العيشِ يُركب
فلا العلمُ مرجوٌّ ولا الفَهمُ نافعٌ
ولا ضامنٌ عيشَ الأديبِ التأدُّب
ومُدَّخَرٌ سوطُ العذابِ لناهضٍ
ومُدَّخَرٌ للخاملِ الغِرّ مَنْصِب
أقولُ لمرعوبٍ أضلَّ صوابَه
تَردّي دساتيرٍ تُضِلُّ وتُرْعِب
تداولَ هذا الحُكْمَ ناسٌ لوَ انَّهم
أرادُوهُ طيفاً في منامٍ لخُيّبوا
ودعْ عنكَ تفصيلاً لشَتَّى وسائلٍ
بها مُلِّكُوا هذي الرقابَ وقرِّبوا
فأيسَرُها أنْ قد أُطِيلَ امتهانُهم
إلى أنْ أدَرُّوا ضَرعَها وتحَلَّبوا
وأعجبُ ما قد خلَّفتْهُ حوادثٌ
قليلٌ على أمثالهنَّ التَّعّجب
سكونٌ تَغشَّى ثائرينَ عليهمُ
يُعَوَّلُ أنْ خطبٌ تجرَّمَ أخْطب
عتابٌ يحُزُّ النفسَ وقعاً وإنه
لأنزهُ من صوبِ الغوادي وأطيب
عليكُمْ لأنَّ القصدَ بالقولِ أنتمُ
وليسَ على كلّ المسيئينَ يُعتب
هَبوا أنَّ أقواماً أماتَ نفوسَهُم
وألهاهُمُ غُنْمٌ شهيٌّ ومكسَب
قصورٌ وأريافٌ يَلَذُّونَ ظِلَّها
وجاهٌ وأموالٌ ومَوطيً ومَركب
يخافونَ أنْ يَشْقوا بها فيؤاخَذو
إذا كشفوا عمَّا يَروَن وأعربوا
فما بالُ محروبينَ لم يحلُ مَطعمٌ
لهُم ، فيُلهيهمْ ، ولم يصفُ مَشْرَب
خَلِيَّينَ لا قُربى فيُ خْشَى انتقاصُها
لديهمْ ، ولا مالٌ يُبَزُّ فيُسْلَب
سلاحُ البلادِ المرهفُ الحدِّ ماله
نَبا منهُ في يومِ التَّصادُم مضرب؟
على أنَّني إذ أُسْعُ الأمرَ خِبْرَةً
يلوحُ ليَ العذرُ الصحيح فأصْحِب
همُ القومُ نِعم القومُ لكنْ عراهمُ
ذهولٌ به تُصْبي الغَيارى وتُخلَب
تَغوَّلَ منهم حزمَهُم إلْبُ دهرِهم
عليهم وقد يُوهي القويَّ التألّب
وكلّ شُجاعٍ عاونَ الدهرَ ضَّده
مرّجيهمُ فهو المضامُ المغلَّب
قليلونَ في حين ِ الرزايا كثيرةٌ
وطيدونَ في حينِ الأساليبُ قُلَّب
جريئونَ لكنْ للجراءةِ موضعٌ
وعاقبةٌ ، إنّ العواقبَ تُحْسَب
يُلاقون أرزاءاً يَشُقّ احتمالُها
وليس بميسورٍ عليها التَّغلّب
فهاهم كمَنْ سُدَّ الطريقُ أمامَه
وضلَّله داجٍ من الليلِ غَيْهَب
على أنَّهم لا يهتدُونَ بكوكبٍ
وقد يُرشِدُ الحَيرانَ في اللِّيل كوكب
إلى الأممِ اللاَّتي استَتَمَّتْ وُثُوبَها
تَشَكَّى اهتِضاماً أُمَّةٌ تَتوَّثب
إذا خلصَتْ مِن عَثْرةٍ طوَّحتْ بها
عَواثرُ مَن يُؤخذْ بها فهو مُحْرَب
وإنْ فاتَها وحشٌ صَليبٌ فؤادُه
تَعَرَّضَ وحشٌ منه أقسى وأصلَب
يُعينُ سِياسياً عليها تفرُّقٌ
وَينصُرُ رَجعيّاً عليها تَعصّب
أُريدَ لها وجهٌ يُزيلُ قُطوَبها
فزيدَ بها وجهٌ أغمُّ مُقطَِّب
وَرِّبتما لاحتْ على السنِّ ضِحكةٌ
له تَنفُثُ السمَّ الزعافَ وتَلصِب
يُرى أبداً رَّيانَ بالحِقْدِ صَدرهُ
كما شالَ لَّلْدغِ الذنابَينِ عَقرب
وتلكَ من المُستَحْدثِ الحُكمِ عادةٌ
يَرى فُرصةً منه اقتِداراً فيضرِب
وما جِثتُ أهجوهُ فلمْ يبقَ مَوضعٌ
نَزيهٌ له بالهجو يُؤتى فيُثْلَب
ولكنه وصفٌ صَحيحٌ مُطابقٌ
يجىءُ به رائي عَيانٍ مُجِرّب
تُشَرَّدُ سُكَّانٌ لسُكنى طوارئ
وتُؤَخذُ أرضٌ من ذويها فتوَهب
وواللهِ لولا أنّ شَعباً مُغَلَّباً
يُلَزُّ بَقرنيهِ كمِعزى ويحلَب
لما عَبِثَتْ فيه أكُفٌّ جَذيمةٌ
ولمْ يَعُلهُ هذا الهجينُ المهلَّب
ولكن رَضوا من حُبّهمْ لبلادِهمْ
بأنَّهمُ يَبكُونها حينَ تُنكَب
فيا لكَ مِن وضعٍ تعاضلَ داؤهُ
تُشاطُ له نَفْسُ الأبيِّ وتُلهب
وللهِ تَبريحُ الغَيارى بحالةٍ
كما يَشتهيها أشعبيُّ تُقَلَّب
يُنَفَّذُ ما تَبغي وتَنهى عقائلٌ
وتَعزِلُ فينا " غانياتٌ " وتَنصِب
كأندلُسِ لَمَّا تَدَهْوَرَ مُلْكُها
مُكَنّى جُزافاً عِندنَا ومُلَقَّب
ورُبَّ وسامٍ فوقَ صدرٍ لو انَّهُ
يُجازَى بحّقٍ كانَ بالنعلِ يُضرَب
نشا ربُّهُ بينَ المخازي وراقهُ
وِسامٌ عليها فهو بالخزيِ مُعْجَب
أفي كلِّ يومٍ في العراقِ مؤمَّرٌ
غريبٌ به لا الأمُّ منه ولا الأب
ولم يُرَ ذا بَطْشٍ شَديدٍ وغِلظَةٍ
على بَلَدٍ إلا البعيدُ المُجنَّب
أكُلُّ بَغيضٍ يُثقِل الأرضَ ظِلُّهُ
وتأباهُ يُجبى للعراقِ ويجْلَب
وحُجَّتُهم أن كانَ فيما مضى لنا
أبٌ ، اسمهُ عندَ التواريخِ يَعْرُب
عِديدُ الحَصى أنباؤهُ ولِكلِّهمْ
مَجالٌ ومَلهىَ في العراقين طَيّب
وقد أصبحوا أولى بنا من نُفُوسِنا
لأنَّهمُ أرحامُنا حينَ نُنْسَب
فأمَّا بَنُوه الأقربونَ فما لهمْ
نصيبٌ به إلَّا مُشاشٌ وطَحْلب
فيا أيُّها التاريخُ فارفُضْ مَهازِلاً
سَتْرفُضها أقلامُنا حين تُكتَب
وقُلْ إنَّني أُودعتُ شتَّى غَرائبٍ
ولا مثلَ هذي فهي منهُنَّ أغرَب
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:25 PM
أغْرَى صِحابي بتقريعي وتأنيبي
طولُ اصطِباري على همٍّ وتَعذيبِ
أيسْتُ من كلِّ مطلوبٍ أُؤمِّلُهُ
وأصبحَ الموتُ من أغلى مطاليبي
إذا اشتهيتُ فزادي غيرُ مُحْتَمَلٍ
وان ظَمِئْتُ فوِرْدي غيرُ مشروب
جارتْ عليَّ الليالي في تقلُّبِها
وأوهَنَتْ جَلَدي من فَرْطِ تقليبي
عَوْداً وَبَدْءاً على شرٍّ تُعاوِدُهُ
كأنَّني كرةٌ لِلّعْبِ تلهو بي
يا مُضغْةً بين جنبيَّ ابتُليِتُ بها
لا كنتِ من هدفٍ للشرِّ منصوب
ومن مثارِ همومٍ لا انتهاءَ له
ومن مَصَبِّ عناءٍ غيرِ منضوب
وقد رددتُ رزايا الدهرِ أجْمَعَها
إلى سِجِلَّيْنِ محفوظٍ ومكتوب
ما بين مُكْتَشَفٍ بالشعرِ مُفْتَضَحٍ
وبين مُخْتَزَنٍ في القلب محجوب
إني على الرّغْمِ مما قد نُكِبْتُ به
فقد يحزّ فؤادي لفظُ منكوب
شكت إلىّ القوافي فرطَ ما انتبذَتْ
مني وكنتُ أراها خيرَ مصحوب
وعاتَبَتْني على الهجرانِ قائلةً
أكنتُ عِنْدَكَ من بعض الألاعيب!
تلهو بها وإذا ما شئتَ تَطْرَحُها
موقوفةً بين تَبعيدٍ وتقريب
كم ساعدتْك على الجُلِّى وكم دَفَعَتْ
هواجساً عن فؤادٍ منكَ متعوب
سَجَّلْتُها آهةً حرَّى وكم دَفَعَتْ
طيَّ الرياحِ سُدىً آهاتُ مكروب
فقلتُ حسبي الذي ألهبتكُنّ به
من لاعجٍ في حنايا الصدرِ مشبوب
ومن قوافٍ بذَوْبِ الدَّمْع نشأتُها
ومن قصيدٍ لفرطِ الحُزْنِ منسوب
لو اكتسى الشعرُ لوناً لاقتصرتُ على
شعرٍ بِقاني نجيعِ القلبِ مخضوب
وما اشتكائي إلى الأشعارِ من مُضَضٍ
إلا شكيَّةَ محروبٍ لمحروب
إنّ الأديبَ وإنَّ الشعرَ قَدْرُهُما
مطرَّحٌ بين منبوذٍ ومسبوب
لم يبقَ منْ يستثيرُ الشِعْرُ نَخوَتَهُ
ومن يُحرِّكُهُ لُطْفُ التراكيب
أعلى مِنَ الشّعرِ عندَ القومِ منزلةً
نَفْخُ البطونِ وتَطْريزُ الجلابيب
ورُبَّ قافيةٍ غرّاءَ قد ضَمِنَتْ
أرقَّ معنىً تَرَدَّى خَيْرَ أُسْلُوب
من اللواتي تُغَذِّيهنَّ عاطفةٌ
جياشةٌ بين تصعيدٍ وتصويب
هززتُ فيها نياطَ القلبِ فانتثرت
بها شظايا فؤادٍ جدِّ مشعوب
رهنتُها عند فجِّ الطَّبْعِ محتقنٍ
بغيرِ صُمِّ العوالي غيرِ مجذوب
ظننتُني صادقاً فيما ادَّعَيْتُ بها
حتى انبرى لؤمُ جانيها لتكذيبي
أرخَصّتُها وهي علقٌ لا كِفاءَ لَهُ
ورُحْتُ أصْفِقُ فيها كَفَّ مغلوب
تشكو اغتراباً لَدَى من ليسَ يَعْرفُها
كما شكَتْ طبعَ راميها بتغريب
عفواً فلولا اضطرارُ الحالِ يُلجئني
لكنتُ أنفَسَ مذخورٍ ومكسوب
قالوا استفدتَ من الأيامِ تَجرِيةً
والموتُ أرْوَحُ من بعضِ التّجاريب
تُعْفي الشدائدُ أقْواماً بلا أدَبٍ
وتبتلي غيرَ مُحتاجٍ لتأديب
ما كان مِن قبلِها عُودي بذي خَوَرٍ
للعاجمينَ ولا قلبي بمرعوب
ولا ذُعِرْتُ لشرٍّ غيرِ مُنْتَظَرٍ
ولا نزقتُ لخيرٍ غيرِ محسوب
يا خيرَ موهبةٍ تزكو النفوسُ بها
بعداً فانك عندي شرُّ موهوب
يُرضِي الفتى عَيْشُهُ ما دامَ يَغمُرُهُ
بالطيباتِ ويُغْريهِ بتحبيب
حتى اذا رَمَتِ الويلاتُ نِعَمَتَهُ
ونَغَّصّتْها بتقويضٍ وتخريب
سمَّى مُعاكسةَ الأيامِ تَجْربَةً
وراح يَخْدَعُ نَفْساً بالأكاذيب
والعيشُ بالجهلِ أو بالحِلمِ إن خَبُثَتْ
مِنْهُ الحواشي فشيٌْ غيرُ محبوب
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:26 PM
ما أحوجَ الشاعرَ الشاكي لمُغضِبَةٍ
وميزةُ الشاعرِ الحساسِ في الغضبِ
أمّا القوافي فأنغامٌ تُوَقِّعُها
يدُ الخُطُوبِ إذا ما هيَّجَتْ عصبي
أصِخْ لتلحينِ روحي وهي ناقمةٌ
فما يهزُّك لحنُ الروحِ إن تَطِب
شجتْك كربةُ أبياتٍ وجدتَ بها
على كآبتها تفريجةَ الكُرَب
ثقافةُ الشعبِ قل لي أين تَنشُدها
أفي الصحافةِ مزجاةً أم الكُتُب
هذي كما اندفعتْ عشواءُ خابطةٌ
وتلك فيما حوت حمالةُ الحطب
أما الشعورُ فإنّي ما ظَفِرْتُ به
في مجلسِ العلمِ أو في مَحْفِلِ الأدب
لا ثورةُ النفسِ في الأشعارِ ألْمَسُها
إلا القليلَ ولا التأثيرُ في الخطب
باكون ما حُرِّكَتْ في النفس عاطفةٌ
وضاحكون ولاشيءٌ من الطرب
مُسَخّرون بما توحي الوحاةُ لهم
كما تُهَزُّ دواليبٌ من الخشب
لو عالج المصلحون " الجوعَ " ما فَسَدَتْ
أوضاعُنا ، هذه الفوضى من السغب
شعبي وما أتوقّى من مصارَحَةٍ
عارٌ على يعربٍ كُلُّ على العرب
ألهاه ماضيه عن تشييدِ حاضره
وعن لبابِ المساعي قِشْرَةُ النَّسَب
عشنا على شرفِ الأجداد نَلصقُهُ
بنا ، كما عاش قُطَاعٌ على السَّلَب
قامت تُرَوّجُ آداباً عَفَتْ عُصَبٌ
ما أبعدَ الأدبَ العالي عن العُصب
هُزَّ القلوبَ بإحساسٍ تَفيضُ به
ثم ادعُ حتى صخوراً صمةً تُجب
شانت أديباً وحطَّتْ عالماً فَهماً
مشاحناتٌ على الألقابِ والرُّتَب
قالوا " أِدْ " لركيكٍ غيرِ مُنْسَجِمٍ
لو في يدي قلتُ عدّ القولَ وانسحب
حتى صديقٌ عن التقليدِ أرفَعُهُ
مصاخبٌ إذ سوادُ الناسِ في صَخَب
دومي قوافيّ طولَ الدّهْرِ خالدةً
إن صحَّ أنّكِ أوتادٌ من الذهب
أوْلا فبيني أدالَ اللهُ من أثرٍ
تنالُ منه يدُ الأعصارِ والحِقَب
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:26 PM
نَهَضْتُمْ بها جمعيةً يُرْتَجَى بها
هدى كَتْلةٍ فيما تُحاولُ خابطَهُ
عسى أن تُنيروا للشبابِ طريقَهمْ
وأنْ تُنْعِشوا روحاً من اليأس قانطه
إذا فَشِلَتْ كلُّ الروابطِ بيننا
فرابطةُ الآدابِ أمتنُ رابطه
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:27 PM
دعِ النُبلَ للعاجز القُعْدَدِ
وما اسطعتَ من مَغنمٍ فازْدَدِ
ولا تُخْدَعَنَّ بقولِ الضِعافِ
من الناس أنّك عَفُّ اليد
وأنك في العيش لا تقتفي
خطا الأدنياءِ ولا تقتدي
سفاسفُ تضحك من أمرها
صرامةُ ذي القوةِ الأيّد
فلا تغد طوعاً لأمثالها
متى ما تُغرَّرْ بها تَنْقَد
ولا تَبْقَ وحدَكَ في حِطّة
ومهما يكن سلّمٌ فاصعد
فانك لو كنت محضَ الاباء
ومحضَ الشهامة والسُّؤدَد
وأصْدَقُ في القول من هُدْهُدٍ
وأخشنُ في الحق من جلمد
وأعطيتَ في الخلق طُهرَ الغمام
وفي الفضل منزلةَ الفرقد
شريفاً تشير إليك الأكفُّ
وتُنْعَتُ بالعَلَمِ المُفْرَد
لما زاد حظُّك من عِيشة
على حظّ ذي العاهةِ المُقْعَد
إليكَ النصيحةَ من مُصْطَلٍ
بنار التجارب مُستَحْصِد
ستطلُبُها عند عضّ الخطوب
عليك بأنيابها الحرّد
رِدِ العيشَ مزدحمَ الضِفَّتَيْنِ
من الغِشّ ملتحمَ المورد
ملياً بذي قوة يَسْتقي
وذي عِفّةٍ مستضامٍ صدي
وجُلْ فيه أروغَ من ثعلبٍ
وأشجعَ من ضيغمٍ مُلْبِد
وكن رجلَ الساعةِ المجتبَى
من اليوم ما يرتجى في غد
وإلا فإنّك من منكد
من العيش تمشي إلى أنكد
ذليلاً متى تمضِ لا يُبتأسْ
عليك وإن تبقَ لا تُنْشَد
وأنت إذا لم تماش الظروفَ
على كل نقص حريبٍ ردي
إذا ما مخضتَ نفوسَ الرجالِ
من الأقربين إلى الأبعد
وأوقفتَ نفسك للمدعين
سموّ المقاصدِ بالمرصد
تيقنتَ أن الذي يدّعون
من المجد للآن لم يُولَد
هم الناسُ لا يفضُلون الوحوشَ
بغير التحيُّلِ للمقْصِد
فلا تأتِ ساحةَ هذي الذئابِ
تُنازِلُها بفمٍ أدرد
وخذ مخلباً لك من غَدْرَةٍ
وناباً من الكِذْبِ فاستأسد
ولا تتديَّنْ بغير الرّياءِ
وغَيْرَ النفاق فلا تعبُد
وصلِّ على سائرِ الموبقاتِ
صلاةَ المُحالِفِ للمسجد
وما اسطعت فاقطع يد المُعْتَدَي
عليه وقبّلْ يدَ المُعتَدي
ومجّدْ وضيعاً بهذي الهِنات
تحدّى مكانهَ ذي المَحتِد
ونفسَك في النفع لا تبلُها
وعَقْلَكَ في الخير لا تُجهِد
يغطّي على شَرَفِ المنتَمى
ويسحق من عزّة المَوْلِد
ويقضي على مُطْرِفِ المكرُمات
ويأتي على الحَسَب المُتلد
مهارشةَ الواغلِ المدّعي
وتهويشةَ المُغْرِضِ المُفسِد
أقول لنفسي وقد عربدتْ
رجالٌ لغاياتها : عربدي
ولا تَحْسَبينيَ في مأزِقٍ
قليلَ الغَنا ضيِّقَ المَنْفْد
وهيهاتَ لا تدركين المنى
بسيرِ أخي مَهَلٍ مُقْصِد
وإنكِ إن لم تواني الحياةَ
بنفس المخُاطِرِ تُستْعْبَدي
ولا بدّ أن تقحمي مقحماً
وإلا فلا بد أن تُطْرَدي
فحِصّةُ مستحفزٍ مجرمٍ
لأشرفُ من حِصّةِ المجتدي
رأيت المغامر في موقف
به يفْتََدي نفسَهُ المفتدي
تناوَلُهُ الألْسُنُ المُقْذِعات
ويعصِفُ بالشتم منه الندى
وحيداً كذي جَرَبٍ مزدَرىً
يروح هضيماً كما يغتدي
ولم يَطُلِ العهدُ حتى انجلت
كوارثُ ما هنّ بالسرمد
فكان الأميرَ وكان الزعيمَ
وكان مثالَ الفتى السّيد
وكان المبَّجلَ عند المغيب
وكان المقَدَّمَ في المشهد
يَلَذُّ لكلِ فمٍ ذكْرُهُ
متى يجْرِ في مَحْفِلٍ يُحْمَد
وكان وأمثالُه عبرةً
على ضوئها يهتدي المهتدي
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:27 PM
جَهِلْتُ ، أحظُّ المرءِ بالسعي يُقْتَنَى
أم الحظُّ سرٌّ حَجَّبتْهُ المقادرُ
وهل مثلَما قالوا جدودٌ نواهضٌ
تقوم بأهليها وأخرى عواثر
فمن عجب أن يُمْنَحَ الرزقَ وادعٌ
ويُمْنَعَهُ ثَبْتُ الجَنانِ مُغامر
تفكّرتُ في هذي الحياةَ فراعنى
من الناسِ وحشٌ في التزاحُمِ
ولا فرقَ إلاّ أنَّ هذا مراوغٌ
كثيرُ مُداجاهٍ وهذا مجاهر
وقد ظنَّ قومٌ أنَّ في الشِعر حاجةً
إلى فاقةٍ تهتزُّ منها المشاعر
وأنَّ نَتاجَ الرفهِ أعْجَفُ خاملٌ
وأنَّ نَتاجَ البُؤسِ ريّانُ زاهر
كأنَّ شعوراً بالحياة وعيشة
بها يشتهى طَعْمَ الحياةِ ضرائر
وما إن يُرى فكرٌ كهذا مُزَيَّفٌ
لدى أمّةٍ للفنِّ فيها مناصر
ولا أمةٌ تحيا حياةً رفيهةً
يَجيشُ بها فيما يُصوّرُ شاعر
ولكنّهُ في أمّةٍ مستكينةٍ
طغى الذُّلُّ فيها فهو ناهٍ وآمر
وآنسها بؤسُ الأديبِ وأُعْجِبَتْ
بِشِعرٍ عليه مهجةٌ تتناثر
وللحزنِ هزّاتٌ وللأُنْسِ مِثْلُها
يُخالِفُ بعضٌ بَعْضَها ويُناصر
ومثلُ قصيدٍ جسَّدَ الحزنَ رائعاً
قصيدٌ بتجسيدِ المسراتِ زاخر
نُسَرُّ بشِعرٍ رقرق الدمعُ فوقَه
إذا عَصَرَ الذهنَ المفكّرَ عاصر
وقد فاتنا أنّ الذي نستلذُّهُ
قلوبٌ رقاقٌ ذُوِّبَتْ ومرائر
وما أحوجَ القلبَ الذكيَّ لعيشةٍ
يَعِنُّ بها فِكْرٌ ويَسْبَحُ خاطر
ورُبَّ خصيبِ الذهنَ مَضَّتْ خَصاصةٌ
به فهو مقتولُ المواهبِ خائر
وشتّانَ فنّانٌ على الفنِّ عاكفٌ
وآخرُ في دوّامِةِ العَيْشِ حائر
وقد يطرق البؤسُ النعيمَ اعتراضة
كما مَرّ مجتازاً غريبٌ مسافر
ولكنّ بؤساً مُفْرِخاً حَطَّ ثِقْلَهُ
وألقى عصاه فهو موتٌ مخامر
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:28 PM
أنا إنْ كنت مُرهقاً في شبابي
مُثقلاً بالهموم والأوصابِ
فمتى أعرف الطلاقةَ والأنسَ
ألمَّا أكونُ تحت التراب؟
خبَّروني فانني من لُباناتي
وعيشي رهينُ أمرٍ عُجاب
أيُّ حالٍ هذي ، وما السرُّ في تكوين
خلقٍ بهذه الأعصاب
أبداً ينظرُ الحوداثَ والعالمَ
والناسَ من وراءِ ضَباب
ليس شيءٌ من التجانس في نفسٍ
نواسيَّةٍ وعيشٍ صَحابي
شمتتْ بي رجعيَّةٌ ألهبتها
فكرةٌ حرَّة بسوطِ عذاب
وشكتني مسرَّةٌ وارتياحٌ
وبكتني مُجانةٌ وتصابي
تدَّعيني لِما وراء ثيابِ البعض
نفسٌ سريعةُ الاِلتهاب
فتَراني وقد حُرِمت أُسلّي
النفس عنها بلمس تلك الثياب
فإذا لم تكنْ تعوَّضْتُ عنها
صُوراً من تخيّلاتٍ عِذاب
ولقد تخطر " المباذل " في بالي
بشكلٍ يدعو إلى الاِضطراب
أو بشكل يدعو إلى استحياء
أو بشكل يدعو إلى الاعجاب
فتُراني مفكراً هل مواتاة التراضي ..
أحلى من الاغتصاب ..؟
وهل " الفَعلةُ " التي خنتُ فيها
خَلَّتي ، والتي دعت لاجتنابي
والتي جِئتُها أُكفّر عنها
بكتابٍ أردفته بكتاب
كنت عينَ المصيب فيها ، وكانت
فَعلةٌ مثلَ تلك عينَ الصواب..؟
بشر جاش بالعواطف حتى
جذبتهُ جريمةُ الاِرتكاب
أم تُراني لبست فيها على حين
اندفاع مني لباسَ ذئاب ؟
أتُراها نتيجة الشرب أم أنيَ
ظلماً ألصقتها بالشراب ؟
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:29 PM
طوى الموتُ ربَّ القوافي الغُرَرْ
وأصبحَ " شوقي " رهينَ الحُفَرْ
وأُلقِيَ ذاكَ التُّراثُ العظيمُ
لِثقلِ التّراب وضغطِ الحَجر
وجئنا نُعزّي به الحاضرين
كأنْ لم يكنْ أمسِ فيمن حضر
ولم يُنتجِ السُوَرَ الخالداتِ
من المُلحقاتِ بأمِّ السُّوَر
من اللاَّءِ يهتزُّ منها النديُّ
ويُطربُ إيقاعُهُنَّ السَّمر
برغمِ الشُعورِ يشُلُّ البِلى
لسانَكَ أو يعتريكَ الكدَر
وأن يقطعَ الموتُ ذاك النشيدَ
وأن يأكلَ الدودُ ذاكَ الوتَر
وأنَّا نعودُ بنفضِ الأكفِّ
عنكَ وأنتَ العظيمُ الخَطَر
فيا لكِ من عِبرةٍ يُستفزُّ
منها على كثرةٍ في العِبَر ..!
زمانٌ وفيٌّ بميعادهِ
فظُلماً يقالُ ليالٍ غُدُر
كما يُقْرعُ " الجَرْسُ " للناشئينَ
تأتي إلى الناس منه النُّذُر
ولكن يُريدُ الفتى أنْ يدوم
ولو دامَ سادَ عليه الضجر
ويأبى التنازعُ طولَ البقاء
وتأباهُ بُقْيا نفوسٍ أُخر
وقد يُهلكُ الناسَ فردٌ يعيشُ
حيناً فكيف إذا ما استمر!
فلّلهِ من شارعٍ لم يَعُقْهُ
حكمُ الضرورةِ أو ما ندَر
سواءٌ صليبُ الصفا والزجاجِ
كسراً بكفِّ القضا والقدَر
وبالدهرِ في الناسِ مثلُ الجُنون
فليس يُبالي بمنْ ذا عثر
وحتمٌ على الخفرِ الآنسات
والوحش حشرجةُ المْحْتَضَر
تجيءُ إلى الصدرِ تحتَ الحرير
كجيئتها الصدرَ تحتَ الوَبر
وكلُّ الفوارقِ بينَ اللغاتِ
وبينَ الطباعِ وبينَ الأْسَر
سيُوقِفها للردى زائرٌ
ثقيلُ الورودِ بغيضُ الصَّدر
فيا صُفرةَ الموتِ إنَّ الوجوهَ
تَساوى بها صَلَفٌ أو خَفَر
تحَيْرتُ في عِشةِ الشاعرين
أتَحْلو خُلاصتُها أم تَمَرّ
فقد جارَ " شوقي " على نفسهِ
وقد يقتُلُ المرءَ جَورُ الفِكَر
على أنَّه لم يعِشْ خالداً
خلودَ الجديدَينِ لو لم يَجُر
تتبَّعْتُ آثارَ " شوقي " وقد
وقفتمْ على من يقصُّ الأثر
لقد فاتَ بالسبقِ كلَّ الجيادِ
في الشعر هذا الجوادُ الأغرّ
ترسَّلَ لم يَرْتَبِكْ خَطوُهُ
عناءً .. ولا نال منه البَهَر
" شَكِسْبيرُ " أُمَّتِهِ لم يُصِبْهُ
بالعِيِّ داءٌ ولا بالحَصَر
وإن أصدُقَنَّ " فشوفي " لهُ
عيونٌ من الشعرِ فيها حَوَر
تعرَّضه من طلاءِ البيانِ
ومن زِبْرِج اللفظ دربٌ خطِر
ولو خافَ مثلَ سِواه العُبُور
لخابَ وزلَّ .. ولكنْ عَبَر
تمشَّى لمصطلحاتِ البديع
مُندسَّةً في البيانِ النَّخِر
فأفرغها من قوافيهِ في
قوالبَ مرصوصةٍ كالزُّبُر
فجاءَتْ كأنْ تنَلْها يدٌ
خلافَ يدِ الماهرِ المقتدِر
يُذلِّلُ من شارداتِ القريضِ
ما لو سِواهُ ابتغاهُ لَفَر
ويستنزلُ الشِعَر عذبَ الرُّواءِ
كصوبِ الغمامةِ إذْ ينحدِر
يُمَيِّزهُ عن سِواه الذَّكاءُ
وطولُ الأناةِ ، وبُعدُ النظَّر
وتبدو الرجولةُ في شِعره
منزَّهةً من صعىً أو صَعر
وفي كِبَرِ النَّفْس مندوحةٌ
عن الكبرِ ، شأنُ الضعاف الكبر
ولم يتخبَّثْ بهُجْر الكلام
ولم يتصيَّدْ بماءٍ عكر
وديوانُ " شوقي " بما فيه من
صنوفِ البداعةِ روضٌ نضر
فبيتٌ يكادُ من الارِتياحِ
واللطفِ من رِقَّةٍ يُعتْصَر
وبيتُ يكادً من الاِندفاعِ
يقدحُ من جانبيهِ الشَّررَ
وبيتٌ كأنَّ " رُفائيلَ " قد
كساهُ بكفَّيْهِ إحدى الصُوَر
تُحِسُّ الطبيعةَ في طيَّةِ
تَكشَّفُ عن حُسنها المستتر
كأنَّكَ تسمعُ وقعَ النَّدى
بتصويرهِ أو حفيفَ الشَّجر
وبيتٌ ترى " مصرَ " أسيانةً
تُناغي به مجدَها المندثر
ففي مصرعٍ يومُها المبتلى
وفي مرعٍ أمسُها المزدهر
و"فرعونُ " إذ ينطوي مُلْكُهُ
و " فرعونُ " في القبرِ إذ يَنْتَشِر
وديوانُ " شوقي " يُجِدُّ الشبابَ
لتأريخِ أُمتَّهِ المُختَصَر
ولولا المغالاةُ قلتُ : انطوى
بمنعاهُ عُنوانُها المُفَتخَر
فيا نجلَ مصرَ وفَتْ برَّةً
بذكراكَ " مصرُ " وأنتَ الأبَّر
مئاتُ الصحائفِ مسودةٌ
مُجلَّلةٌ بمئاتِ الصُور
ظهرتَ بها وجناحُ البيانِ
مهيضٌ ، وأسلوبُه مُحتقر
بقايا من الكَلِمِ الباقياتِ
تناقَلَها نفرٌ عن نفر
ولفظٌ هجينٌ ثوَتْ تحتهُ
معانٍ لِقلَّتها تًحتكر
وحسبُكَ من حالةٍ رثَّةٍ
بفرطِ الجمودِ الجمودِ لها يعتذر..!
فكنتَ وعِلَّتها كالطبيبِ
يُنْعش جسماً عراهُ الخَوَر
تُعَلِّمُها أنَّ للعبقريِّ
حكْماُ مُطاعاً إذا ما أمر
وأنَّ القوافي عِبِدَّى له
يُفَرِّقُ أشتاتَها أو يَذر
يصوغُ المعاني كما يشتهي
ويلعبُ باللفظِ لعبَ الأكر
" عُكاظُ " من الشعر تحتلّهُ
ويرعاهُ " حافظُ " حتى ازدهر
تلوذُ الوفودً بساحَيْكمُا
وتأتيهِ من كلِّ فجٍّ زُمر
تُبَجَّلُ فيه مزايا الشُعور
على حينَ في غيرهِ تًحتَقَر
وتًنسى الضغائنُ في ساحةٍ
بها كلُّ مكرُمةٍ تُدَّكر
وأنت كصمصامةٍ مُنتضىً
و " حافظُ " كالأبلقِ المشتَهَر
تمشَّى بإثْركَ في شِعره
وماتَ .. وأعقبتَهُ بالأثر
بقدْرِ اختلافِكما في النُبوغِ
كانَ اختلافُكما في العُمُر
فلا تَبعُدا إن شأنَ الزمانِ
أنْ يُعقِبَ الصفوُ منه الكَدَر
عزاءُ الكِنانة أنَّ القريضَ
تأمَّرَ دهراً بها ثمَّ فَر
بنجمينِ كانت تباهي السما
وما في السما من نجومٍ كُثُر
بشوقي وحافظَ كانت متى
تُنازلْ بمعركةٍ تَنتصِر
فها هي قد عَريتْ منهما
وها هي من وحشةٍ تَقْشَعِر
فلا تحسبنْ أنَّ طولَ البكا
يذودُ الأسى او نِثارَ الزَهر
خسرناكَ كنزاً إلى مثلِهِ
إذا أحْوَجَتْ أزمةٌ يفتقر
وما كنتَ من زمنٍ واحدٍ
ولكنْ نِتاجَ قُرونٍ عُقُر
مضى بالعروبةِ دهرٌ ولمْ
يَلُحْ ألمعيٌّ ومرت عُصُر
وإن النُبوغَ على ما يُحيطُ
بعيشِ النوابغِ أمرٌ عَسِر
يثيرُ اهتماماً أديبٌ يجد
كما قيلَ نجمٌ جديدٌ ظهر
قرونٌ مضتْ لم يسُدِّ العراقُ
مِن المتنبي مكاناً شَغَر
ولم تتبدلْ سماءُ البلادِ
ولا حالَ منها الثَّرى والنَّهر
ولم يتغيرْ عَروضُ الخليل
ولا العُربُ قد بُدلّوا بالتَتر
ولكِنَّما تُنْتُجُ النابهينَ
من الشاعرينِ دواعٍ أُخَر
فنْ فُقدَتْ لم يشعَ الأريبُ
الا ليخبو كلمحِ البَصَر
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:30 PM
على سَعةٍ وفي طُنَفُ الأمان
وفي حَبّات أفئدةٍ حواني
بقرب أخيهِما كرماً ولطفاً
وثائرة يُسَرُّ الرافدانِ
فتى عبد العزيز وفيكَ ما في
أبيك الشْهمِ من غُررِ المعاني
لأمرّ ما تُحس منِ انعطافٍ
عليك وما ترى من مهرجان
تأملْ في السُّهول وفي الروابي
ومختلِف الأباطحِ والمغاني
ألستَ ترى ارتياحاً وانطلاقاً
يلوح على خمائلها الحسان
وفي شتى الوُجوه ترى انبساطاً
ولو في وجه مكتئب وعاني
وذاك لأن كلَّ بني سُعودٍ
لهم فضل على قاصٍ وداني
وأنّهُمُ الملاجيءُ في الرزايا
وأنَهُمُ المطامحُ والأماني
وأنك والذي أُفِدْتَ عنه
أباك ملاذةُ الحر المُهانِ
تسوسون الرعية بالتساوي
بفرط العدْل أو فرط الحنان
فلا مثلَ الجناة يُرى بريء
ولا بَدَلَ البريء يُعافُ جاني
لكم في ذمة الأحرار دَيْنٌ
وأكرِمْ بالمدُين وبالمُدان
أبوكَ ابن السعود أبو القضايا
مشرفةً على مرّ الزمان
ولمَحُ الكوكب المُلْقي شُعاعاً
على شُعَب الجْزيرة والمَحاني
ورمزُ العبقريةِ في زمان
به للعبقرية كلُّ شأن
لها كُتِبَ الخلودُ وما سواها
برغم دعاية الداعين ، فاني
ولم أر مثلَهُ إلا قليلاً
مهِيباً في السماع وفي العِيان
كأني منه بين يَديْ هِزبَرٍ
أخي لِبَدٍ على بُعدِ المكان
أقول الشعر محتفظاً وئيداً
كأني خائفٌ من أن يراني
وقى اللهُ الحِجزَ وما يليهِ
بفضل أبيك من غُصَصِ الهوان
ومتَّعَ ذلك الشعبَ الموقَّى
بسبع سنينَ شيقةٍ سِمان
على حينَ اصطلى جيرانُ نجد
بجمر لظىً وسمّ الأفعوان
وقد رقَّت لها حتى عِداها
لكابوس بها مُلقى الجِران
أرادَتْه اضطراراً لا اختياراً
وليس لها بدَفْعَتِه يدان
فليت الساهرين على دَماراً
فداءُ الساهرين على الكيِان
وما سِيانِ مشتملون حَزْماً
ومشتملون أحزمةَ الغواني
تُحاك له الدسائسُ تحت ليل
من الشحناء داجي الطَّيْلسان
على يد مصطلينَ بهِ غِضابٍ
على عليائه حرِدِي اللسان
وحُسّاد لذي شرف مَهيب
رَمَوْا منه بسُلٍّ واحتقان
من القوم الذين إذا استُجيشوا
ذكا لأُنوفهم أَرجُ الجِنان
مشى للناس وضّاحاً وجاءوا
إليهم تحت أقنعة القِيان
فقل لهُمُ رويداً لا يَطيشوا
ولا يَغُررْهُمُ فرطُ التواني
فبالمرصادِ صِلٌّ أرقميٌّ
شديدُ البطش مرهوبُ الجَنان
يُريهِمْ غفلةً حتى إذا ما
تمادَوْا في اللّجاجة والحِران
مشى لهم كأروعِ ما تراه
حديدَ الناب محتشدَ الدُّخان
وقال لشيخهم إن شئتَ ألّا
أراك ترفعاً أفلا تراني
إذا لم تَقْوَا أن تبنى فحايد
وكن شَهمْا يقدِّرُ صنعَ باني
مَشَيْتُمْ والملوكُ إلى مجالٍ
به أحرزتُمُ قَصَبَ الرِّهان
فجاء مقامُهُمْ عنكم وضيعاً
مقام الزَج زلَّ عن السِّنان
فلا تحسَبْ بأن دعاةَ سُوءٍ
تحرَّكُ من فلانٍ أو فلان
ولا شتى زحاريفٍ ركاكٍ
ولا شتى أساليبٍ هِجان
تَحَوَّلَ عَنْكُمُ مجرى قُلوب
موجهةٍ إليكم بِاتزان
يسُرُّ الناسَ أنَّ فتىً كريماً
يُسَرَّ ، كما يعاني ما يعاني
ترفع يا سرورُ عن القوافي
فانكَ لَلْغنيُّ عنِ البيان
وَهبني كنتُ ذا حَصَرٍ عِيِيّاً
وهبني كنت منحبسَ اللسان
فما قدْرُ العواطف والنوايا
إذا احتاجت لنقْلِه تَرجَمان
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:30 PM
نَعوا إلى الشِعرِ حُراً كان يرعاهُ
ومَنْ يَشُقُّ على الأحرارِ مَنعاهُ
أخنى الزَّمانُ على نادٍ زها زَمناً
بحافِظٍ واكتسى بالحُزنِ مغناه
واستُدْرجَ الكوكَبُ الوضاءُ عن أُفُقٍ
عالي السَّنا يُحْسِرُ الأبصارَ مَرقاه
أعْززْ بأنَّا افتقَدناهُ فأعوزنا
وجهٌ طليقٌ وطَبعٌ خفَّ مجراه
وأنَّ ذاكَ الخفيفَ الروحِ يُوحشُه
بيتٌ ثقيلٌ على الأحياءِ مَثواه
ضيفٌ على رِمَمٍ شتَّى طبائعُها
ما كانَ يجمعُها حالٌ وإياه
أنَّ الذي هزَّ كلَّ الناس مَحضَرُهُ
لم يبقَ في الناس منه غيرُ ذكراه
نأت رعايَتُنا عنه وفارقَنا
فِراقَ مُحتَشمٍ فلْيَرْعَهُ الله
حوى التُرابُ لِساناً كُلُّهُ مُلَحٌ
ما كلُّ مُحتَرِفٍ للشِّرِ يُعطاه
للأريحيَّةِ مَنْشاهُ ومَصْدرُهُ
وللشَّجاوةِ والإيناسِ حَدّاه
جمُّ البَدائهِ سََهْل القولِ ريِّضُه
وطالما أعوزَ المِنطيقَ إبداه
جَلا القِراعُ الشبا منهُ ولطفَّهُ
طولُ التَّجارِبِ في الدُّنيا ونقَّاه
تخيَّر الكَلِمَ العالي فَسلَّطهُ
على القوافي فحَّلاها وحلاّه
ومَدَّها ببنَتِ الفِكرِ مُرسَلةً
تَرَسُّلَ السَّيلِ أدناهُ كأقصاه
من كلِّ مَعنىً لطيفٍ زاد رونَقَهُ
إبداعُ " حافِظَ " فيهِ فهو تيَّاه
فلو يُطيق القريضُ النُطقَ قابلةُ
بالشكرِ عن حُسن ما أسدى فأطراه
عرائسٌ من بنات الفكر حاملةٌ
مِن حافظٍ أثَراً حُلواً كسِيماه
وما الشُعورُ خيالُ المرءِ يَنْظِمهُ
لكنَّهُ قِطِعِاتٌ مِن سجاياه
أخو الحماسِ رقيقاً في مقاطعهِ
تكادُ تُلْمسُ نِيرانٌ وأمواه
وذو القوافي لِطافاً في تَسَلسُلها
ما شانَها عنَتٌ يوماً وإكراه
وابنُ السِنينَ نَقيَّاتٍ صحائفُها
أُُولاه فائضةٌ حُسناً وأُخراه
فانْ يكُنْ خُضِدت بالموتِ شوكتُهُ
أو نالَ وقعُ البِلى منهُ فعرّاه
فما تزالُ مَدى الأيامِ تُؤنسُنا
نظائرٌ مِن قوافيهِ وأشباه
شِعرٌ تُحِسُّ كأنَّ النفسَ تَعشَقُهُ
أو أنَّها اجتُذِبَتْ بالسِحر جرّاه
زانَتْ مواقِفَهُ جُنديَّةٌ كُسيَت
من الرزانهِ ما لمْ تُكْس لولاه
مشى بمصرَ فلم يَعثُر بها ورمى
مُحتلَّ مِصرَ فلم يُخطِئْهُ مَرماه
رِيعَ القريضُ بفذٍّ كانَ يملؤهُ
مِن الجميلينِ مَبناهُ ومَعناه
يُعطي لكلِّ مَقامٍ حقَّهُ ويَرى
حقّاً لسامعهِ لابُدَّ يَرعاه
قد يُوسِعُ الأمرَ تفصيلاً يُحتَّمُه
حالٌ وقد يَكتفي عنهُ بفَحواه
وقد يجيئُ بما لم يَجْرِ في خَلَدٍ
وقد يقولُ الذي لم تهوَ إلاّه
فمٌ من الذهب الابريزِ مَنطِقُهُ
جاءتْ تُعزّي به الأشعارَ أفواه
اليومَ يبكيهِ دامي القلبِ طارَحَهُ
بِدامياتِ قوافيهِ فواساه
وضيِّقُ الصدرِ بالأيام غالطَهُ
عنِ الحياةِ وما فيها فعزّاه
حَسْبُ الزمانِ وحِسبُ الناسِ مَنقصةً
أن طالَ من حافظٍ في الشِعر شكْواه
ما للزمانِ ونفسٍ ريعَ طائُرها
ألمْ تكنْ في غِنىً عنها رزاياه
ضَحيَّةَ الموتِ هل تهوى مَعاودَةً
لِعالمٍ كنتَ قَبلاً مِن ضَحاياه
يا ابنَ الكِنانهِ والأيامُ جائزةٌ
والدهرُ مُغْرَمةٌ بالحُرِّ بَلواه
لُقِّيتَ مِن نَكَدِ الدُّنيا ومحنتها
ما كنتَ لولا إباءٌ فيكَ تُكفاه
ما لذَّةُ العيشِ جَهلُ العَيشِ مَبدؤهُ
والهمُّ واسِطهُ ، والموتُ عُقباه
يا ابنَ الكِنانهِ ماذا أنتَ مُشتَمِلٌ
عليه ممَّا سَطا مَوتٌ فغَطَّاه
سِتّونِ عاماً أرتْكَ الناسَ كُنهَهَمُ
والدهرَ جوهرَهُ والعُمْرَ مَغزاه
وبَصَّرتكَ بأطباع يَضيقُ بها
صدرُ الحليم وتأباه مَزاياه
بَدا على نَفثَاتٍ منكَ خالدةٍ
عيشُ الأباة ونُعماهُ وغُمَّاه
وخَبَّرتنا القوافي عن أخي جَلَدٍ
صُلبِ الإرادةِ يُعْيي الدهرَ مأتاه
خاضَ الزمانَ وأبلاهُ مُمارسةً
لم يَخْفَ عنه خبيٌّ مِن ثناياه
وعَنْ مصارَعةِ الدُّنيا على نَشَبٍ
الحَالُ تُوجبهُ والنفسُ تأباه
وعن مواقفَ تُدمي القلبَ غُصَّتُها
لا المالُ يَدفعُ ذِكراها ولا الجاه
وعن أذايا يّهدُّ النفسَ مَحمِلُها
ويَستثَيرُك جانيها ومَرآه
إنَّا فَقدناهُ فقْدَ العيَنِ مُقلتها
أو فقْدَ ساعٍ إلى الهيجاءِ يُمناه
ما انفَكَّ ذِكرُ الرَّدى يجري على فمه
وما أمرَّ الرَّدى ، بل ما أُحيلاه
ومَنْ تُبَرِّحْ تَكاليفُ الحياةِ به
ويَلْمِسُ الرَّوْحَ في مَوتٍ تمنَّاه
إنّي تعشَّقتُ مِن قَبلِ المُصابِ به
بيتاً له جاء قبلَ الموتِ يَنعاه
ودَّعتُهُ ودُموعُ العينِ فائضةٌ
والنَّفسُّ جياشةٌ والقَلب أواه
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:31 PM
قلَّ صبري على زمانِ ألدِّ
وخُطوبٍ ألبَسَنْنَي غيرَ بُردي
وتقاليدَ لا تطاقُ وناسٍ
لا يُجيدون غيرَ لُؤمٍ وحِقْد
آنست مَنْ معي قوافٍ حِسانٌ
سوف تبقى أُنْسَ الشجييِّن بعدي
حملتْ همَّهُمْ ورُحْتُ غريباً
عنهمُ حاملاً هموميَ وحدي
أفرَشوني شوكَ القتاد وخصُّوا
بالرياحين كلَّ جِبْسٍ ووَغْد
وزَوَوْا كلَّ ما أودُّ احتكاراً
وأتوني بكل ما لم أودّ
وأجالوا أفراسَهُمْ في مَلاهٍ
ضربوا بينها وبيني بِسُدّ
ثم قالوا صفِ الحياةَ بلطفٍ
رغمَ أنَّ الحياةَ تجري بضدي
كيف يسطيعُ رسمَ شَكلِ المسرّاتِ
نزيلٌ في غرفة مثلِ لَحْد
تائه في حياته ليس يَدري
أيُّ بابٍ إلى السُّرورِ يُؤدّي
قد وصفتُ الشَّقاءَ أروعَ وَصفٍ
من بلاءٍ وخبرةٍ مستَمَدّ
وأرَيْتُ الناسَ الحياةَ جحيماً
قاذفاً أنْفُساً لطافاً بوقْد
فأروني رفاهةً ونعيماً
لأُريكم تصويرَ جنةِ خُلْد
صدماتُ الزمانِ تُبْقي خدوشاً
في أصَمٍّ من الجلاميدِ صَلدْ
أفتنجو من هذه الغَيرِ السودِ
خلايا دمٍ وقطعةُ جِلد
أكلتْ قلبيَ الهمومُ وهدّت
كلّ حولي واستنزفتْ كلَّ جهدي
فتراني وليس غيرُ اطِّلابٍ
لكفافٍ من المطاليبِ عندي
بدلاً من تقلُّبي في نعيمٍ
سابغ الظلِّ ذي أفانينَ رَغْد
هذه العيشةُ الرفيهةُ لا عركُ
زمانٍ ملآنَ بالنحس نَكْد
ما عسى تبلُغُ القناعةُ من نفس
طروبٍ لغيرِها مستعِد
أين من تستثيرُ طبعي بهزاتِ
التصابي منها وتقدَحُ زندي
من تشكي الغرامِ والوجدِ إني
ذو احتياج إلى غرامٍ ووجد
قد سئمتُ الجفافَ في العيش
لارشفةُ ثغرٍ ولا نعومةُ خدّ
وردةٌ من حديقةِ الشعرِ أُهديها
إلى مطعمي بقطفةِ ورد
ليس عندي أعزّ ُ منها وحسبي
أنني خيرُ ما تملكتُ أُهدي
اشتهي عُلْقةً بحبلِ غرامٍ
أوْجدِيها ولو بكاذبِ وعد
لست ادري فربّما كان نحسي
في غرامي وربّما كان سعدي
غيرَ أنيّ أُحسُّ أنَ شعوراً
تستفزينه بُقربٍ وبُعد
لا تَشِحّي ولا تجودي ولكنْ
اتركيني ما بين جَزْر ومَد
ثم قولي هاكَ الذي تبتغيه
ثم لمّا أقولُ هاتيه رُدّي
لوحةٌ مالها نظيرٌ وقوفُ العاشقِ
الصبِ بينِ أخذٍ وردْ
لا لأجلي لكنْ التّلهي
بقوافي حرّكي بعضَ وَجْدي
أَولا ترغبين أن يَتَغّنى
بمعانيكِ مُعْجَباً كلُّ فرد
رُبَّ جسمٍ يَبْلى به عبقريٌّ
لا يرى عن تَصْويرِهِ من مَردّ
حاشدِ الذهنً بالصبابةِ يأتي
من ضُروبِ البيان فيها بحشْد
وتراه عَفْوَ القريحةِ يَخْتارُ
أناشيدَ تُعْجِزُ المتصدِّي
سَهُلَتْ فهو مثلُ سيلٍ تَجارى
في مسيلٍ دَمْثٍ يُعيد ويُبدي
يَلمِسُ الشيخُ في قوافيه بُقيا
أثَرٍ من شبابهِ المسَتَردّ
ويُعيدُ الصِبا إليه وبلقى
في مريرِ الذكْرى حلاوةَ شُهْد
فهو يُسْدي إلى الوجودِ جميلا
وهو لولا الغَرامُ ما كانُ يُسْدي
ولقد تَضْمنُ البداعةَ في الفنِّ
وتخليدهِ بضاضةُ زند
ما عرفنا دعدّيةً تتصّبى
كلَّ نَفسٍ لولا تحكُّمُ دَعْد
لا جفافُ الحجاز أضرمَ تلك الروحَ
فيها ولا خشونةُ نجد
هي إلهامةٌ يَنِزّ لها الحبُّ
على الشاعرينِ من غير قَصْد
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:32 PM
ذوى شبابيَ لم يَنْعَم بسرّاءِ
كما ذوى الغصنُ ممنوعاً عن الماءِ
سَدَّتْ عليَّ مجاري العيشِ صافيةً
كفُّ الليالي وأجرتها بأقذاء
فمِنْ عناءِ بَلَّياتٍ نُهكتُ بها
إلى عناء . ومن داءٍ إلى داء
ستٌ وعشرونَ ما كانت خُلاصتُها
وهي الشبابُ طريّاً غيرَ غمَّاء
وما الحياةُ سوى حسناءَ فارِكةٍ
مخطوبةٍ من أحبَّاء وأعداء
قد تمنعُ النفسَ أكفاءً ذوي شغفٍ
ورّبما وهبتها غيرَ أكفاء
ولا يزالُ على الحالينِ صاحبُها
معذَّبَ النفسِ فيها بيِّنَ الداء
فإنْ عجِبتَ لشكوى شاعرٍ طرِبٍ
طولَ الليالي يُرى في زِيِّ بّكاء
فلستُ أجهلُ ما في العيش من نِعمٍ
انا الخبيرُ بأشياءٍ وأشياء
ولا أحبُّ ظلامَ القبر يغمُرني
أنا الخبيرُ بأشياءٍ وأشياء
وإنَّما أنا والدُّنيا ومحنتُها
كطالبِ الماء لمَّا غَصَّ بالماء
أُريدُها لمسرّاتٍ ، فتعكِسُها
وللهناءِ ، فَتثنيهِ لايذاء
وقد تتبَّعتُ أسلافي فما وقعتْ
عيني على غير مشغوفِ بدُنياء
فانْ أتتكَ أحاديثٌ مُزخرَفةٌ
عن الذينَ رَوَوْها أو عن الللائي
يُشوِّهونَ بها إبداعَ غانيةٍ
فتَّانهٍ لم تكنْ يوماً بشوهاء
طوراً تُصوّرُ حِرباء وآونةً
كالأفعوان . وأُخرى كالرُّتَيْلاء
فلا تصدّقْ فما في العيشِ منقصةٌ
لولا أضاليلُ غوغاءٍ ودهماء
ذَمَّ الحياةَ أُناسٌ لم تُواتِهُمُ
ولا دَروا غيرَ دَرَّ الإبْل والشاء
وقلَّدَتْهُمْ على العمياء جَمهرةٌ
تمشي على غير قصدٍ خبطَ عشواء
ولو بدَتْ لهمُ الدُّنيا بزيِنتها
لقابلوها بتبجيلٍ وإطراء
لم تكفِني نكباتٌ قد أُخذتُ بها
حَتى نُكبتُ بأفكاري وآرائي
لي في الحياة أمانٍ لو جَهَرتُ بها
قُوبلتُ من سَفْسطيَّاتٍ بضوضاء
ولو أتاني بِبُرهانٍ يجادلُني
لقلتُ : أهلاً على العينين ِ مولائي
شِيدتْ قصورٌ على الأجراف جاهزةٌ
بكلِّ ما تشتهيهِ أعينُ الرائ
ي
فيهنَّ من شهواتِ النفس أفظعُها
فيها غرائبُ أخبارٍ وأنباء
فيها اللَّذاذاتُ والأفراحُ عاصفةٌ
بنفسِ ذاكَ المُرائي عَصفَ نكباء
حتى إذا قلتَ قولاً تستبينُ به
لُطفَ الحياةِ بتصريحٍ وإيماء
هاجوا عليكَ بإقذاعٍ ومفحشةٍ
وآذنوكَ بحربٍ جِدِّ شعواء
حُرِّيةُ الفكر ما زالتْ مهدَّدةً
في " الرَّافدين " بهمَّازٍ ومشَّاء
وبالنواميسِ ما كانتْ مُفسَّرةً
إلا لِصالحِ هيئاتٍ وأسماء
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:33 PM
يدي هذه رهنٌ بما يَدَّعى فمي
لئن لم يحكِّمْ عقلَه الشعبُ يندمِ
هتفتُ وما أنفك أهتِف صارخاً
ولو حرّموا مسِّي ولو حلَّلوا دمي
ولو فتّشوا قلبي رأوا في صميمه
خلاصةَ هذا العالمِ المتألِّم
إذا تُرك الجُمهورُ يَمضي لشأنه
ويسلُك من أهوائه كلَّ مَخْرِم
وتنتابُهُ الأهواء من كلِّ جانبٍ
وترمي به شتى المهاوي فيرتمي
وتُنْشَر فيه كلَّ يوم دِعايةٌ
ويندسُّ فيها كلُ فكر مسمِّم
وتَقضي عليه فُرقة من مسدّر
وتُنْهكُه رجعيةٌ من معمَّم
ولم تلدِ الدنيا له من مؤدِّب
يهذب من عاداته ومقوِّم
فلا بد من عُقْبى تسوء ذوي النهى
وتَدمى بها سبابةُ المتندِّم
ولا بد أن يمشي العراقُ لعيشة
يشرَّفُ فيها أو لموت محتَّم
أقول لأوطانٍ تمشت جريئةً
يَمدُّ خطاها كلُّ أصيدَ ضيغم
وقرَّ بها مما تحاول أنها
رأت في اكتساب العزِّ أكبر مغنم
ألا شعلةٌ من هذه الروحِ تنجلى
على وطن ريانَ بالذُّل مُفْعَم
خذي كلَّ كذّاب فَسُلِّي لسانه
ومُرّي على ظُفر الدنيِّ فَقَلِّمي
ومُرِّي على هذي الهياكل أقبلت
عليها الجمْاهير الرُّعاع فحطِّمي
وإن كان لا يبقى على الحال هذه
سوى واحد من كل ألف فأنعم
فأحسنُ من هذي التماثيل ثُلّةٌ
تقوم على هذا البناء المرمَّم
فقد لعِبَت كفُّ التذبذب دورَها
به واستباحت منه كلَّ مُحرَّم
وقد ظهرت فيه المخازي جليةً
يضيق بها حتى مجالُ التكلُّم
وقد صيحَ نهباً بالبلادِ ومُزِّقت
بظفُرٍ وداسوها بخُفٍّ و مَنْسِم
وإني وإن لم يبق قول لقائل
ولم يتركِ الأقوامُ من متردمِّ
فلا بدَّ أن أُبكيكَ فيما أقصُّه
عليك من الوضع الغريب المذمَّم
ألا إن هذا الشَعبَ شعبٌ تواثَبَتََْ
عليهَ صروفُ الدهر من كل مَجْثم
مقيمٌ على البْلوى لِزاماً إذا انبرت
له نكبةٌ عظمى تَهون بأعظم
يجور عليه الحكمُ من متآمرٍ
وتمشي به الأهواءُ من متزعِّم
مساكينُ أمثالُ المطايا تسخَّرتْ
على غيرِ هدْيٍ منهمُ وتَفَهُّم
فلا الحكمُ بالحكم الصحيح المتمَّمِ
ولا الشعبُ بالشعب الرزين المعلَّم
تَحَدَّتْهُ أصنافُ الرزايا فضيَّقَت
عليه ولا تضييقَ فقر مخيِّم
فقد أُتخمت شمُّ البُنوك وأشرقت
بأموال نّهابٍ فصيحٍ وأعجم
تُنُوهِبْنَ من أقوات طاوٍ ضلوعَه
على الجْوع أو من دمع ثكلى وأيِّم
يُباع لتسديد الضرائب مِلْحَفٌ
وباقي رِتاج أو حصير مثلَّم
وما رفع الدُّستورُ حيفاً وإنما
أتونا به للنَّهْب ألطفَ سَلَم
ستارٌ بديعُ النسجِ حيكَ ليختفي
بها الشعبُ مقتولاً تضرَّجَ بالدم
به وجدت كفُّ المظالم مَكْمَناً
تحوم عليه أنَّةُ المتظلِّم
نلوذ به من صَوْلة الظلم كالذي
يفرِ من الرَّمضاءِ بالنار يحتمي
بضوء الدساتير استنارت ممالكٌ
تخبَّطُ في ليل من الجْهل مظلم
وها نحن في عصر من النور نشتكي
غَوايةَ دُستور من الغِش مبهم
هنالك في قَصْرٍ أُعدت قِبابه
لتدخينِ بطّالين هوجٍ ونُوّم
تُصَبُّ على الشعب الرزايا وإنما
يَصُبُّونها فيه بشكل منظَّم
مضت هَدرَاً تلك الدماءُ ونُصِّبَتْ
ضِخامُ الكراسي فوق هَامٍ محطَّم
ولما استَتَمَّ الامرُ وارتدَّ معشَرٌ
خلاءَ اكُفٍّ من نِهاب مقسَّم
ورُدَّت على الأعقاب زَحفاً معاشرٌ
تُحاولُ عَودْاً من حِطامٍ مركَّم
بدا الشر مخلوعَ القِناع وكُشِّفَت
نوايا صدورٍ قُنِّعت بالتكتُّم
وبان لنا الوضعُ الذي ينعَتُونَه
مضيئاً بشكل العابس المتجهِّم
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:34 PM
جهِلنا ما يُراد بنا فقُلنا
نواميسٌ يدبِّرها الخفاءُ
فلما أيقَظَتْنا من سُباتٍ
مكائدُ دبَّرتها الاقوياء
وليس هناكَ شكٌ في حياةٍ
تدوسُ العاجزين ولا مِراء
لجأنا للشرائعِ بالياتٍ
لتحمِينا وقد عزَّ احتماء
فكانتْ قوَّةٌ أخرى وداءُ
رَجَونا ان يكونَ به الدواء
حثيثٌ سيرُهنَّ إلى ضعيفٍ
تلقَّفُه وعنْ أشِرٍ بِطاء
تسيرُ وشأنَها حتى اذا ما
تصدَّتْ قوَّةٌ فبها التواء
وقام السيفُ يُرهِب دفَّتيها
تؤيِّدهُ ميولٌ وارتشاء
إذا لم تُرضِه منها سطورٌ
تولَّتْ محوَ ما فيها الدِّماء
فيا أضحوكةَ السيفِ المُدَّمى
تفايضَ مِن جوانبكِ الغباء
أتُصلِحُ ما الطبائعُ أفسدتَه
قوانينٌ مفسَّخةٌ هُراء
وماذا غيَّرتْ نظمٌ وهذي
حياتُكَ جُلُّ ما فيها شقاء
وما عُدِم الهناءُ بها . ولكنْ
تُنوزِعَ فيه فاحتُكِر الهناء
ولم تتفاوتِ الطبقاتُ إلاّ
لتنحصرَ الرَّفاهةُ والنَّماء
وما اختلفت عصورٌ عن عصورٍ
نعم غطَّى على الصُوَرِ الطِّلاء
فسوقُ الرِّق لم يكسُد ولكن
تبدَّلَ فيه بيعٌ أو شِراء
وقد قمتْ على التشريعِ سوقٌ
بها احتشدتْ عبيدٌ أو إماء
ولكنْ تحت أغطيةٍ وماذا
ترى عينٌ لو انكشفَ الغِطاء
ترى أبداً رعايا أذكياءً
تسوسُهمُ رُعاةٌ أغبياء
وأحراراً رجالاً أو نساءً
تُسخِّرهم رجالٌ أو نساءٌ
فتفتقرُ المواهبُ والمزايا
وتندَحرُ العزيمةُ والفَتاء
وتخمُد جذوةٌ لولا تردِّي
نظاماتٍ لألهبها الرَّجاء
يُزهِّد في المحامدِ طالبيها
يقينٌ أنَّ عُقباها هباء
فقد تأتي الفظيعَ ولا عقابٌ
وقد تُسدى الجميلَ ولا جزاء
وتتَّفقُ المجاعةُ والمزايا
وتلتئِم المحاسنُ والعراء
وفي التاريخِ أتعابٌ كِثارٌ
مضتْ هدَراً وطار بها الهواء
وأعمالٌ مشرِّفةٌ ذويها
تولاَّها فضيَّعها الخفاء
وأُخرى جرَّ مغنمَها دنيٌّ
فسرَّته ، وصاحبُها يُساء
تكون وقاحةٌ فيود مرءٌ
لو أنَّ مكانَها كانَ الحياء
فان وُجِدَ الحياءُ سطا عليه
فسخَّرهُ أناسٌ أذكياء
مزاحمةً كأنَّ دهاءَ مرءٍ
وطِيبةَ نفسهِ ذئبٌ وشاء
وكلُّ محسِّنينَ إذا استتمّا
فخيرُهما لشرِّهما الفداء
وإن أشرَّ ما يلقى أريبٌ
وأوجعَ ما يَحار به الدَّهاء
نفوسٌ هدَّها شرفٌ ونبلٌ
وأرهقها التمنُّعُ والإِباء
وقد عاشت إلى الأوباشِ تُعزى
وماتتْ وهي مُعدَمةٌ خَلاء
وأُخرى في المخازي راكساتٌ
كأصدق ما يكونُ الأدنياء
مشتْ في الناسِ رافعةً رؤوساً
تنصِّبُها كما رُفعَ اللواء
فلا الأرضونَ قد خُسِفت بهذي
ولا هذي أغاثتها السماء
أتعرف من هم الأوباشُ زَولا
يُريكهم ُ كأحسنِ ما يُراء
يُريكهمُ أُناساً لم يُلَصَّقْ
بهم غدرٌ ولم يُُنكر وفاء
تطيحُ بيوتُهمِ حِفظاً لبيتٍ
يضمُّهم وصاحبَه – الإِخاء
أتعرفُ " لانتييهِ " وما أتاهُ
من الشرفِ الذي فيه بلاء
وهل شرفٌ بلا نكَدٍ وضُرٍّ
يُتمِّمُ خِلقةَ الشرف العناء
تولَّت " لا نتييهِ " يدُ الرزايا
وأنشبَ فيهِ مِخلَبه القضاء
قضاء الله قلتُ ..وإنْ تُرِدْه
قضاء حكومةٍ فهما سواء
ودَهْورهَ الوفاءُ ونعمَ عقبى
الصداقةِ أنْ يدهوركَ الوفاء!
ومنْ يذهبْ بثروتهِ ضمانٌ
لصاحبهِ فقد حسُنَ الجزاء!
وقامتْ صيحةٌ من كلِّ بابٍ
تراجَع ْ " لانتييهِ " فلا نجاء
ستعلمُ أينَ أهلُ المرءِ عنه
وإخوتُه ، إذا ذهبَ الثراء
وقد صدَقوا فانَّ يديكَ تهزا
على رجليكَ إنْ نضبَ الرخاء
وقد كذِبوا . فـ "بايارٌ " لديه
وكانَ له بـ" بايار " العزاء
وكلُّ الناسِ من قاصٍ ودانٍ
لِمن واساكَ في ضيقٍ فداء
فجاءَ يَزين موقفَه لسانٌ
كحدِّ السيفِ أرهفه المُضاء
محاماةً مشرِّفةً وليستْ
محاماةً يُرادُ بها الرِّياء
صديقٌ ضامنٌ نجَّتْ صديقاً
ضمانتُه وقد عزَّ الأداء
وليسَ بمُنكرٍ دفعاً ولكنْ
مُقاسَطةً يحتِّمها اقتضاء
" فلانتييةٌ " له شرفٌ وجاهٌ
وأطفالٌ وأهلٌ أبرياء
ومعملُه تعيشُ بهِ مئاتٌ
سيُعوزِهُم – إذا سُدَّ – الغذاء
ولكنَّ " القضاء " أجلُّ مِن أنْ
يُصدِّقُ ما يقولُ الأصدقاء
فأصبح " لانتييه " وكلُّ ما في
يديهِ من نَثا الدُّنيا جُفاء
وبينا " لانتييه " يفيضُ بؤساً
ويطفحُ بالشقاءِ له إناء
إذا " بالعدل" يكبِسهُ ، لماذا
لانَّ العدلَ يكبس من يشاء
لأن " العدل " يُشغِلُه أناسٌ
همُ فوقَ " المنصَّةِ " أنبياء..!
وهبْ ذهبت ضحايا العدل ظُلماً
نفوسٌ من تظنِّيه بُراء
فلا لومٌ عليهِ وإنْ تلوَّثْ
سياط ٌ فوقَهم أو فارَ ماء..!
سيجلِدُهم إلى أنْ يُقنِعوه
بأنهم أناسٌ أبرياء..!
فان هلكوا وخلْفَهمُ بيوتٌ
خوتْ من بعدهم فله البقاء!
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:35 PM
إذا خانتكَ مَوهبِةٌ فحقُّ
سبيل العيشِ وَعْرٌ لا يُشَقُّ
وما سهلٌ حياةُ اخي شُعورٍ
من الوجدان ينبُضُ فيه عِرق
أحلَّتْهُ وداعتُه محيطاً
حَمَتْه جوارحٌ للصيد زُرق
تفيض وضاحةً والعيشُ غِشٌ
سلاحك فيه أن يعلوك رَنْق
وتحمل ما يحلّ من الرزايا
قُواكَ وقد تخورُ لما يَدِقّ
يظُن الناسُ أنّك عُنجهُيُّ
وأنتَ وَهُم بما ظَنّوا مُحِقّ
قليلٌُّ عاذروكَ على انقباضٍ
أحب الناسِ عند الناسِ طَلْق
ووجهٍ تُقطُر الأحزانُ منه
على الخُلَطاء مَحمِلُه يشِقّ
شريكُكَ في مِزاجك من تُصافي
له شِقٌ وطوعُ يديك شِق
وقبلاً قال ذو أدَب ظريفٍ
قِرى الأضياف قبلَ الزاد خُلْق
وعذرُك أنت آلامٌ ثِقالٌ
لهنَّ بعيشةِ الأدباء لَصق
أحقُّ الناس بالتلطيف يغدو
وكل حياتِه عَنَتٌ وزَهْق
تسير بك العواطفُ للمنايا
وعاطفةٌ تسوءُ الظُفرَ حُمق
وحتى في السكوت يُرادُ حزمٌ
وحتى في السلامِ يُرادُ حِذق
يريد الناسُ أوضاعاً كثاراً
وفيك لما يُريدُ الناسُ خَرق
خضوعُ الفرد للطبقاتِ فَرضٌ
وقاسيةٌ عقوبةُ من يَعِقّ
نسيجٌ من روابطَ محكماتٍ
شذوذُ العبقريةِ فيه فَتْق
وعندّكَ قوَّةُ التعبير عما
تُحسُّ ، وميزةُ الشُعَراء نُطْق
حياتُك أن تقولَ ولو لهاثاً
وحُكمٌ بالسكوت عليك شَنْق
فما تدري أتطلق من عنان
القريحةِأم تُسفُّ فتُستَرَقّ
فان لم تُرضِ أوساطاً وناساً
ولم تكذِبْ وحُسْنُ الشعرِ صِدق
ولم تقلِ الشريفُ أبو المعالي
وتَعلَمُ أنه حمَقان مَذْق
ولم تمدحْ مؤامرةً وحُكما
بأنهما لميلِ الشَعب وَفق
دُفِعتَ الى الرعاع فكان شتمٌ
ورحتَ إلى القضاء فكان خَنْق
بقاءُ النوع قال لكلِّ فرد
أُحطُّ شمائلي عَدل ورِفق
قلوب صِحابتي غُلْفٌ ووِرْدي
لمن لم يعرف التهويش طَرْق
وصارمةٌ نواميسي وعندي
لمن لا يسحَقُ الوجدانَ سَحق
وإني لاحبٌ بالظلم سهلٌ
ومنحدِرٌ لصافي القلب زَلْق
غريبٌ عالم الشعراء تقسو
ظروفهم والسنُهم تَرِق
كبعضِ الناس هُمْ فاذا استُثيروا
فبينهم وبين الناس فَرْق
شذوذُ الناس مُختَلَق ولكنْ
شذوذُ الشاعر الفَنّان خَلْق
وإن تعجَبْ فمن لَبِقٍ أريبٍ
عليه تساويا سَطْحٌ وعُمْق
تضيق به المسالكُ وهو حُرٌّ
ويُعوِزُهُ التقلُّب وهو ذَلْق
وسرُّ الشاعرية في دِماغٍ
ذكيٍ وهو في التدبير خَرْق
تَخبَّط في بسائِطهِ وحَلَّت
على يَدهِ من الأفكار غُلْق
مشاهيرٌ وما طَلَبوا اشتهاراً
مَشَتْ بُرُدٌ بهم وأُثيرَ بَرق
ومَرموقونَ من بُعدٍ وقُربٍ
لَهمْ أُفُقٌ وللقمرين أُفْق
ومحسودونَ إن نَطَقوا وودُّوا
بشَدق منهُمُ لو خِيطَ شَدْق
يُعينُ عليهُمُ رَشْقُ البلايا
من التنقيد والشتَمات رَشق
فاما جَنْبةُ التكريم منهم
فبابٌ بعضَ أحيان يُدَقّ
متى تُحسِن مدائحَهُمْ يَجِلّوا
كما اشتُريِتَ لحُسن اللحن وُرْق
وإلا غُودِروا هَمَلا ضَياعاً
كما بَعدَ الشرابِ يُعاف زِقّ
ورب مُضيَّع منهم هباءاً
يَشيدُ بذكرهِ غَرب وشَرق
تَزيَّنُ في الندى له دوَاةٌ
ويُعرَض في المتاحف منه رَق
فيا عجباً لمنبوذٍ كحَق
يقدَّر من بديع نَثاه عِلْق
وفي شتى البلاد يُرى ضريحٌ
عليه من نِثار الوَرد وَسق
يُجل رفات أحمدِه فرات
وتَمسح قبرَ أحمدها دمشق
ومفرق ذاك شُجَّ فلم يُعقِّب
وُروعٌ ذا وسد عليه رزق
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:35 PM
عتَبْتُ وماليَ مِن مَعتبِ
على زَمَنٍ حُوَّلٍ قُلَّبِ
أُنلصِقُ بالدهر ما نجتوي
ونختصُّ نحن بما نجتبي
كأنَّ الذي جاء بالمَخْبثاتِ
غيرُ الذي جاء بالطَّيب!
وما الدهرُ إلا أخو حَيدةٍ
مُطلٌ على شرَفٍ يرتبي
يُسجّلُ معركةَ الكائناتِ
مثلِ المُسجّل في مَكتب
فما للزمانِ وكفّي إذا
قَبضتُ على حُمةَ العقرب؟!
وما للَّيالي ومغرورةٍ
تُجَشِّمُني خَطرَ المركب؟
بِنابيَ، مِن قبلِ نابِ الزمان
ومن قبل مِخلبه مِخلبي
تَفَرَّى أديميَ ، لم أحَترِس
عليه احتفاظاً ولم أحدَب!
بناءٌ أُقيمَ بجَهد الجُهود
وَسهرةِ أُمٍّ ورُعْيا أب
وأضْفَتْ عليه الدروسُ الثِقالُ
لوناً من الأدب المُعْجِب
عَدوتُ عليه فهدَّمتُه
كأن ليس لي فيه من مطلب!
يداي َ أعانت يدَ الحادثات
فَرُنِّقَ طوع يدي مشربي
أجِد وأعلمُ عِلمَ اليقين
بأني من الدهر في ملعب!
وأنّ الحياةَ حَصيدُ الممات
وان الشروقَ أخو المغرب!
وإني على قدْر ما كان
بالفُجاءاتِ مِن قَسوةٍ كان بي
بَعثْنَ البَواعثَ يَصْطَدنَني
وأبصرتُ مَنجى فلم أهرب!
وثارتْ مُخّيلتي تَدَّعي
بأنَّ التَنزُّلَ مَرعى وبي
وأن الخيانةَ ما لا يجوزُ
وأنَّ التقلّبَ للثعلب
وأنْ ليس في الشرِّ من مغنم
يُعادِلُ ما فيه مِن مَثْلَب
ولما أُخِذْتُ بها وانثنيتْ
نزولاً على حُكمها المُرهِب
ووَطَّنْتُ نفسي ، كما تشتهي
على مَطْعمٍ خَشِنٍ أجْشَب
مشى للِمثالبِ ذو فِطنةٍ
بقوَّةِ ذي لِبد أغلب
جَسورٍ رأي أنّ مَن يَقتحمْ
يُحكَّمْ، ومن يَنكمشْ يُنْهَب
وأفرغَها من صُنوفِ الخِداعِ
والغشَّ في قالبٍ مُذْهَب
فرفَّتْ عليه رَفيفَ الأقاح
في مَنبِت نَضرٍ مُعشِب
تُسمَّى خَلائقَ محمودةً
ويُدعَ ى أبا الخُلُقِ الأطيب!
وراحَ سليماً من الموبقات
ورُحتُ كذي عاهةٍ أجرب!
ولم أدرهِها عِظَةً مُرَّةً
بأني متى أحَترِسْ أُغلَب
ولكنْ زَعمتُ بأن الزمانَ
دانٍ يُسفُّ مع الهيدَب
ويومٍ لَبستُ عليه الحياةَ
سوداء كاللَّيلة الَغْيهَب
أرى بَسمةَ الفجرِ مثلَ البُكاء
وَشدْوَ البَلابل كالمَنْعب!
وبِتُّ عكوفاً على غُمَّتي
حريصاً على المنظر المُكْرِب!
وَبعثرتُ هاجعةَ الذكريات
أُفَتّشُ عن شَبَحٍ مُرعِب!
حَملتُ همومي على مَنكِبٍ
وهمَّ سوايَ على مَنكِب
ولاشيتُ نفسيَ في الأبعدين
أُفكّرُ فيهمْ ، وفي الأقرب!
ولمَّا فَطَنتُ على حالة
تَليقُ بمنتحِرٍ مُحرِب..
نسيتُ بأني اقَترفْتُ الذنوبَ
وانصَعتُ أبحثُ عن مُذنِب!
أخذتُ بمخنَق هذا الزمان
لم يفتَكِرْ بي ولم يحسِب!
ويومٍ تَنَعَّمْتُ مِن لَذَّةٍ
متى لم أُنعَّمْ بها تذهب
ولمَّا انطوتْ مثلَ أشباهِها
وكلُّ مَسيلٍ الى مَنضَب..
تَخيَّلتُ حِرصاً بأن الزمان
عدوُّ اللُبانةِ والمأرَب
وأنّ الطبيعةَ والكائناتِ
ما يَستبينُ وما يَختبي
تألبنَ يَسلُبْني فُرصةً
من العُمْرِ إنْ تنألا تَقْرُب!
وأن الزمانَ مشى مُسرعاً
يُزاحمُ مَوكُبهُ مَوكبي !
وأن الكواكبَ طُرّاً سعُدْنَ
ولم يَشْقَ منها سوى كوكبي
وأنيَ لو كنت في غَمرةٍ
مِن الفكر أو خاطرٍ مُتعِب
لقَلَّلَ من خَطوةِ جاهداً
كمشْيَةِ مُثْقلةٍ مُقرب!
ورُحتُ أُشبِّهُ ما فاتني
من العيش بالبارق الخُلَّب
مُغاَلطَةً ، إنّ شرَّ العَزاءِ
تعليلُ نفسك بالمُكذَب!
وإني على أن هذا المزاج
رمانيَ بالمُرهِق المُنْصِب
وكنتُ على رُغم عُقْمِ الخليِّ
أهوى حياةَ خليٍّ غبي
لأحمِلُ ، للفُرَص السانحاتِ
وللأرْيحيَّة، نفْسَ الصبي
طليقاً من التَبِعات الكثارِ
حُرَّ العقيدة والمذهب
طَموحاً وأعرفُ عُقْبى الطُموح
فلا بالدَّعِيِّ ولا المُعْجَب
تَمَتَّعْتُ في رَغدٍ مُخصِب
وهُذّبتُ في يَبَسٍ مُجدِب
و أفضَلُ من رَوَحاتِ النعيم
على النفس مَسغبَةُ المُترِب
فانْ جِئتُ بالمُوجعِ المشتكي
فقد جئتُ بالمُرقِص المُطرِب!
دَع الدهرِ يذهبْ على رِسْلهِ
وسرْ أنتَ وحدكَ في مَذهب
ولا تَحتفِل بكتاباتهِ
أرِدْ أنت ما تشتهي يُكتب !
فانْ وَجَدَتْ دَرَّةً حُلوةً
يداك ، فدُونَكَها فاحلِب
فانَّ الحماقةَ أنْ تَنثني
مع الواردينَ ولم تشرَب
تَسَلَّحْ بما اسطعتَ من حيلةٍ
إلى الذئبِ تُعزَى ، أو الأرنب
وإنْ تَرَ مَصلحةً فاصدقنَّ
وإنْ لم تَجِدْ طائلاً فاكذب!
ولا بأسَ بالشرِّ فاضرِبْ به
إذا كان لابُدَّ من مَضرَبَ
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:36 PM
لو أنَّ مقاليدَ الجَماهير في يدي
سَلَكتُ بأوطاني سبيلَ التمرُّدِ
إذن عَلِمَتْ أنْ لا حياةَ لأمّةٍ
تُحاولُ أن تَحيا بغير التجدُّد
لوِ الأمرُ في كَفِّي لجهَّزتُ قوّةً
تُعوِّدُ هذا الشعبَ ما لم يُعوَّد
لو الأمرُ في كفِّي لاعلنتُ ثورةً
على كلِّ هدّام بألفَي مشيِّد
على كُلِّ رجعيٍّ بألفَي منُاهضٍ
يُرى اليوم مستاءً فيبكي على الغد
ولكننَّي اسعَى بِرجلٍ مَؤوفةٍ
ويا ربَّما اسطو ولكنْ بلا يَد
وحوليَ برّامونَ مَيْناً وكِذْبَةً
متى تَختَبرهُم لا تَرى غيرَ قُعدد
لعمرُكَ ما التجديدُ في أن يرى الفَتى
يَروحُ كما يَهوَى خليعاً ويغتَذي
ولكنَّه بالفكر حُرّاً تزَينهُ
تَجاريبُ مثل الكوكَبِ المُتَوقِّد
مشَتْ اذ نضَتْ ثَوبَ الجُمود مواطنٌ
رأت طَرْحَهُ حَتماً فلم تَتردَّد
وقَرَّتْ على ضَيْم بلادي تسومُها
من الخَسف ما شاءَتْ يدُ المتعبِّد
فيا لك من شعبٍ بَطيئاً لخيرِه
مَشَى وحثيثاً للعَمَى والتبلُّد
متى يُدْعَ للاصلاح يحرِنْ جِماحُه
وان قيد في حبل الدَجالةِ يَنْقد
زُرِ الساحةَ الغَبراء من كل منزلٍ
تجد ما يثير الهَمَّ من كلِّ مَرقد
تجد وَكرَ أوهامٍ ، وملقَى خُرافةٍ
وشَتّى شُجونٍ تَنتهي حيثُ تَبتدي
هم استسلموا فاستعبَدتْهم عوائدٌ
مَشت بِهمُ في الناس مشيَ المقيَّد
لعمْركَ في الشعب افتقارٌ لنهضةٍ
تُهيِّجُ منه كل اشأمَ أربد
فإمّا حياةٌ حرّةٌ مستقيمةٌ
تَليقُ بِشَعبٍ ذي كيان وسؤدُد
وإمّا مماتٌ ينتهَي الجهدُ عِندَهُ
فتُعذَرُ ، فاختر أيَّ ثَوْبيَك ترتدي
وإلا فلا يُرجى نهوضٌ لأمّةٍ
تقوم على هذا الأساس المهدَّد
وماذا تُرَجِّي من بلاد بشعرة
تُقاد ، وشَعب بالمضلِِّّين يَهتدى
اقول لقَومٍ يجِذبون وراءهُم
مساكين أمثالِ البَعير المعبَّد
اقاموا على الأنفاس يحتكرونها
فأيَّ سبيلٍ يَسلُلكِ المرءُ يُطردَ
وما منهمُ الا الذي إنْ صَفَتْ له
لَياليه يَبْطَر ، او تُكَدِّرْ يُعربِد
دَعوا الشعبَ للاصلاح يأخذْ طريقَه
ولا تَقِفوا للمصلحينَ بمَرْصَد
ولا تَزرعوا اشواككم في طريقه
تعوقونه .. مَن يزرعِ الشوكَ يَحصِد
أكلَّ الذي يشكُو النبيُّ محمدٌّ
تُحلُونَه باسم النبيِّ محمّد
وما هكذا كان الكتابُ منزَّلاً
ولا هكذا قالت شريعةُ لَموعد
اذا صِحتُ قلتُم لم يَحنِ بعد مَوعد
تُريدون إشباعَ البُطون لمَوعد
هدايتَك اللهمَّ للشعب حائراً
أعِنْ خُطوات الناهضين وسدِّد
نبا بلساني أن يجامِلَ أنني
أراني وإنْ جاملتُ غير مُخَلَّد
وهب أنني أخنَتْ عليَّ صراحتي
فهل عيشُ من داجَي يكون لسرمَد
فلستُ ولو أنَّ النجومَ قلائدي
أطاوع كالأعمى يمين مقلدي
ولا قائلٌ : اصبحتُ منكم ، وقد أرى
غوايَتكم او انني غير مهتدي
ولكنني ان أبصِرِ الرشد أءتمرْ
به ومتى ما احرزِ الغي أبعد
وهل انا الا شاعر يرتجونَه
لنصرة حقٍ او للطمةِ معتدي
فمالي عمداً استضيمُ مواهبِي
وأورِدُ نفساً حُرَّةً شرَ مَورد
وعندي لسانٌ لم يُخِّني بمحفِلٍ
كما سَيْف عمروٍ لم يَخنُه بمشْهَد
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:37 PM
عليكم وان طال الرجاءُ المُعوِّلُ
وفي يَدِكُمْ تحقيقُ ما يُتأمَّلُ
وأنتم أخيرٌ في ادعاءٍ ومَطْمَعٍ
وأنتم إذا عُدّ الميامينُ أوّل
وماذا ترجي أنسٌ لا يَسُرهُّا
سوى الشعبِ مسروراً وماذا تؤمّل
نفوسٌ قويماتُ المباديءِ حرّةٌ
على رَغْمِ ما تلقاه لا تتحول
وألسنَةٌ لُدُّ عن الحقّ ذُوَّدٌ
كأحسنِ ما حامى الحقيقةَ مِقْول
وأقلام كتابٍ يُريد انتقاصَها
من النَّفَرِ المأجورِ للسبّ مِغْزَل
وهل يستوي شاكي السلاح مؤيدٌ
بحقٍّ ومهتوكُ الضريبة أعزل
وأدمغةٌ جبارةٌ يُلتجى لها
اذا انتاب محذورٌ أو اعتاضُ مُشْكل
ذخيرةُ شعبٍ مستضامٍ تَحُوطُهُ
وإن لم يكنْ حِصْنٌ لديه ومَعْقِل
أهابتْ ملايينٌ تَشُدُّ اكفَّها
بافئدةٍ من قرحةٍ تتأكل
تُناشِدُكُمْ أن تأخذوا ثأرَ أُمّةٍ
أُصيبَ لها في حبة القلبِ مَقْتل
وعندكُمُ تفويضةٌ تعرفونها
وفي يدكُمْ منها كتابٌ مُسَجَّل
تآخى الفراتيون فيه وصافحت
يَدَ الحلَّةِ الفيحاءِ بالعهد مَوْصل
وإنّا وإنْ جارت علينا كوارثٌ
يَقِلُّ التَّعَزّي عندها والتّعلُل
مضى العامُ والثاني بويلٍ وربما
اتى ثالثٌ بالويل والموتِ مقبل
لَراجونَ أن تَصحُو سماءٌ مغيمة
وينزاحَ عن أرض الفراتين قسطل
ولا بد أن ينجابَ ليلٌ وينجلي
باوضاحه يومٌ أغَرُّ مُحَجَّل
فان تسألِ الأقوامَ عنا فانّنا
على حالةٍ خرقاءَ لا تُتَحمَّل
بلادٌ تُسامُ الجورَ حكماً وأمةٌ
تُضام ودُستْورٌ مُهانٌ مُعَطَّل
أعيذكُمُ أن يَستْثيرَ اهتمامَكُمْ
دنيٌّ يداري لقمةً أو مُغَفَّل
وهلَ يرتَضي إغضابَ شَعْبٍ بأسره
وإشماتَهُ الا غويٌّ مُضلِّل
مساكين جرتها البطون لهوة
بها كلُّ ما يُصمي الغيَارَى ويُخجِل
يدٌ رَكَسَتْ للزّندِ في كلِ حطّةٍ
وأخرى من السُحْت المُحرَّم تأكل
فلا تعذلوهم في اختلاقٍ فانهُمْ
مفاليسُ من كذْبٍ ودّسٍ تَموَّلُوا
أرادوا لكم عيباً فرُدُّوا وخُيِّبوا
ولم يجدوا قولاً بكم فتقوَّلوا
حرام عليهم أن يقولوا فيصدقوا
وعار عليهم أنْ يقولوا فيفعلوا
اذا ما انبرى منكم أديبٌ محنَّكٌ
تصدى له مستسخَفُ الرأي أخطل
وأُقسِمُ لو قالوا خذوا ألفَ واحدٍ
مقابلَ فردٍ منكُمُ لم تبدّلوا
فما اسطعتَم فاسترجعوا الحكمَ منهم
فانَّهُمُ صيدٌ عليكُمْ مُحلَّل
رَأوا شرَ لو أطاقوا تحملاً
ولكنه لم يَبْقَ حتى التحّمل
وقد هان شرُّ لو أطاقوا تحملاً
ولكنه لم يَبْقَ حتى التحّمل
وظنوا بأن اللهَ والشعبَ غافلٌ
وهيهاتَ لا هذا ولاذاك يغفل
سيعرفُ قَدْرَ النّاسِ من يَستَخِفُّهُ
ويلمَسُ عُقبى الشرِ مَنْ يتوغل
فقولوا لهم تعساً فقد سُدَّ مَخْرَجٌ
يَفرُّونَ منه مثلما سُدَّ مَدْخَل
وقد جاشَ صدرُ الشعبِ يَغلى حفيظةً
عليكم كما يغلي على النار مِرجل
أروني جديداً يَفْضح الشعرُ أمرَه
ففضحُ مساوي القوم شيءٌ مُحصَّل
فقد بدتِ النّياتُ لا سَتْردَونها
ولا حاجبٌ الا الكلامُ المرعبل
زخاريفُ قولٍ تعتليها ركاكةٌ
ويبدو عليهنّ الخنا والتبذل
اذا مسها القولُ الصحيحُ تطايَحتْ
كما مرَّ يَمشي في السنابلِ مِنْجَل
وألعاب صبيان تمرّ بمسرحٍ
يقوم عليه كلَّ يومٍ مُمثِّل
فان كان لابد الهجاءُ وسبةٌ
يحُطُّ بها قَدْرَ الفرزدقِ جَرْوَل
فبين يديكُمْ شاعرٌ تعرِفونه
بأشعاره أعداؤهُ تَتَمثَّل
تعاصيه أطرافُ الكلامِ لغيركم
وتنصبُّ مثْلَ السيل فيكم وتَسْهُل
يَرى حِطّةً أن يَحتْمي بسواكُمُ
شعورٌ وشِعرٌ ذو رُواءٍ مُسلْسَل
تَتيهُ بكم رَغمَ الأنوف وتَزْدَهي
حسانُ القوافي لا النسيجُ المهلهل
معارضة تُزْهي البلادُ وتحفِلُ
بها وُيخَّلى مَنْ سواها ويُخذَل
تُنُضِّمُها صِيدٌ كُماةٌ أشاوسٌ
يقودُهُمُ شهَمٌ يقول ويفعل
تراهم مُطاطينَ الرؤوسَ بمحفِلٍ
تَصدَّرَ فيه " الهاشميُّ " المبجل
اذا ما مشى بزّ المفارقَ مَفرِقٌ
بتاجٍ من النصرِ المبين مُكلَّل
تَرنُّ النوادي من مقالٍ يَقوله
كما رنَّ في بيتٍ يُهَدَّمُ مِعْوَل
وينقُلُهُ بعضٌ لبعضٍ تَمثُّلاً
إذا انفَضَّ عنه مَحفِلٌ عاد مَحْفِل
ولم يفضلِ الاراء إلا لأنه
يدبّرهُ رأسٌ حكيمٌ مُفَضَّل
وسيانِ قالوا خطبةً مضريةً
" لياسينَ " أو قالوا تقدمَّمَ جَحْفل
له فِكرةٌ أنكى من السيف وقعةً
وتدبيرةٌ من فَتْكةِ الموتِ أقْتَل
ورابطُ جأشٍ كالحديد وفوقَه
من الهمّ والفكْرِ المبرّحِ كَلْكل
وإنك من أن تقبلَ القومَ أفضلُ
وإنَّهمُ مِنْ أن يُدانوك أنزل
تَقَدمَّْ لها " ياسينُ " فالوضعُ محرجٌ
إذا لم تخفِّفْ منه والداء مُعْضِل
وإنك لو قابلتَ ما مُتِّعَتْ به
من الحكم بالهونِ الذي تتحمل
وما قدمتهُ من ضحايا عزيزةٍ
نتائجُها هذا البلاءُ الموكل
أسالت دماً عينيك عُقبْى كهذه
وهيّج منك الداءَ هذا المعدَّل
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:38 PM
لم يبقَ عنديَ ما يبتزّهُ الألمُ
حسبي من الموحشاتِ الهمُّ والهرمُ
لم يبقَ عندي كفاءَ الحادثاتِ أسى
ولا كفاءَ جراحاتٍ تضجُّ دمُ
وحينَ تطغَى على الحرَّان جمرتُهُ
فالصمتُ أفضلُ ما يُطوَى عليهِ فمُ
وصابرينَ على البلوى يراودهُمْ
في أن تضمَّهُمُ أوطانُهم حلمُ
تذكَّروا عهدَ بلفورٍ فقلتُ لهمْ
ما تستجِدُّونَهُ عهدِي بهِ القِدَمُ
مِن قَبلِ سِتِّينَ من خَزيانِ مَولِدِهِ
أقمتُ مأتمَ أرضٍ قُدسُها حَرَمُ
لا يَغضَبَنْ سادةٌ تُخشى معرَّتُهُم
بل المعرَّةُ في أنْ يَغضَبَ الخَدَمُ
فلستُ أخلِطُ ما يَجنيهِ مِنْ تُهَمٍ
شعبٌ برئٌ وما يَأتيهِ مُتَّهَمُ
وإنَّما أنا من أوجاعِ مجتمعٍ ٍ
جرحٌ، ومن جَذوَاتٍ عِندَهُ ضَرَمُ
كم تَنقُضُونَ بأعذارٍ مُثَرثَرَةٍ
ما تُبرِمونَ، ولا يعنيكمُ البَرَمُ
شأنَ الذليلِ وقد دِيست كرامَتُهُ
وقلَّما عِندَهُ أن يَكثُرَ الكَلِمُ
دمشقُ يا أمَّةً حَطَّتْ بها أُممُ
مِنها إذا نُكَّسَتْ أعلامُها عَلَمُ
كأنَّما هيَ عنْ أوزارِ جِيرَتِها
كفَّارَةٌ، وعنِ الساعِي بِها نَدَمُ
يا هِمَّةً باسمِها تُسْتَنهِضُ الهِمَمُ
يا قِمَّةً تتهاوَى عِندَها القِمَمُ
دمشقُ، إنَّ وجوهَ الغدرِ سافِرَةً
أَخَفُّ مِنها شُروراً وهيَ تَلتَثِمُ
إنَّ النفاقَ حفيرٌ لا تلُوحُ بهِ
خُطَى المنافقِ إلَّا يومَ يَرتَطِمُ
تَأَلَّبَ الشرُّ مسعوراً بهِ نَهَمٌ
إلى العضاضِ، وإن أودَى بهِ النَّهَمُ
ودَوَّخَ الصمتُ مِهذاراً يُدَاخُ بهِ
ودبَّ في السمعِ مِن سَمَّاعةٍ صَمَمُ
وارتدَّ عنكِ وأحلافٌ لهُ خَدَمٌ
مُغْبَرَّ وجهٍ على خَيشُومِهِ رَغَمُ
وكم تَلَوَّحَ وجهٌ مِثلَهُ قذرٌ
ولَّى بأنظفِ كفٍّ منكِ يُلتَطَمُ
وأنتَ يا أسَدَ الغابِ الَّذي حلَفَتْ
بهِ الرجولةُ أنْ تَستَأسِدَ الأُزَمُ
يا أيُّها الجبلُ الرَّاسَي بهِ أَنَفٌ
منَ الرّضوخِ ومِن أن يَنحنِي شَمَمُ
ثَبِّتْ لها قَدَمَاً تَرهبكَ مَذْئَبَةٌ
ما إِن تُوَطَّى لها في غَابةٍ قَدَمُ
يا حافظَ العهدِ أعطَاهُ مَواثِقَهُ
ما عاشَ أنَّ عُراهُ ليسَ تَنفَصِمُ
أَعطتكَ مَوثِقهَا الدنيا وأُسرَتُها
أنَّ المُفاداةَ جيشٌ ليسَ يَنهزِمُ
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:39 PM
يا أُم سعدٍ والليالي قُلَّبُ
عَجيبةٌ وما تخبّي أعجبُ
تجمعُنا كما تلاقَى سارباً
إلى الغديرِ رَبربٌ وربرب
فهي تذرّينا كأنّا لم يَكُن
لنا مراحٌ عندَها ومَلعب
يا أُم سعدٍ والليالي فلكٌ
لكل ما يُشْرِقُ فيه مَغْرِب
في أمسِ كاليومِ حوانا منزلٌ
منكِ لنا أهلٌ به ومرحب
راق به منكِ الصفاءُ والندى
والسَمَرُ الحُلوُ الشَهيُّ الطّيب
فهل تَريْنَهُ غداً يَجمعُنا
أم نحنُ من دونِ تلاقٍ نَذهب
يا أُم سعدٍ إن تناءتْ دارُنا
فالذكرياتُ بيننا تُقَرِّب
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:39 PM
وذاتَ غداةٍ وقد أوجفتْ
بنا شهوةُ الجائعِ الحائرِ
دَلَفنا ل " حانوتِ " سمَّاكةٍ
نُزَوَدُ بالسمكِ " الكابري "
فلاحتْ لنا حلوةُ المُجتلى
تَلَفَّتُ كالرشأ النافر
تَشُدُّ الحِزامَ على بانةٍ
وتفْتَرُّ عن قمرٍ زاهر
من " الجيك " حسبُكَ من فتنةٍ
تضيقُ بها رُقيةُ الساحر
فقلنا: علينا جُعِلنا فداكِ
بما اخترتِ من صيدِكِ النادر
فجاءت بممكورةٍ بضةٍ
لعوبٍ كذي خبرةٍ ماكر
تُنفِّضُ بالذيلِ عِطرَ الصِبا
وترمقُ بالنظرِ الخازر
تكادُ تقولُ: أمثلي تموتُ
لُعِنتَ ابنَ آدمَ من جائر
أما في الصِبا ليَ من شافعٍ
أما لابنةِ " الجيك " من زاجر
أما ليَ من عودةٍ تُرتجى
لمسبحِ أترابيَ الزاخر
ألا رجعةٌ لحبيبٍ جَوٍ
حزينٍ على غيبتي ساهر
وَدَبَّ القنوطُ على وجهِها
وسالَ على فمِها الفاغر
وأهْوَتْ عليها بساطورِها
فيالكِ من جُوءدرٍ جازر
وثنَّتْ.. فشبَّتْ عروسُ البحارِ
وَقرَّتْ على الجانبِ الآخر
فقلنا لها: يا ابنة الأجملينَ
من كلِ بادٍ ومن حاضر
ويا خيرَ من لقَّنَ الملحدينَ
دليلاً على قُدرةِ القادر
جمالُكِ، والرقةُ المزدهاةُ
خصمانِ للذابحِ الناحر
وكفُّكِ صيغَتْ للثمِ الشفاهِ
وليست لهذا الدمِ الخائر
فقالت: أجلْ أنا ما تنظرانِ
وإن شقَّ ذاك على الناظر
تعلَّمتُ من جفوةِ الهاجر
ومن قسوةِ الرجل الغادر
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:40 PM
لقد أسرى بيَ الأجلُ
وطولُ مسيرةٍ مَللُ
وطولُ مسيرةٍ من دونِ
غايٍ مطمعٌ خَجِلُ
على أن يَطْوي غدٌ
طُولَ السُرى وجلُ
تماهلَ خطوهُ صدداً
وعُقبى مهلِهِ عجَلُ
وخُولِط سيرهُ جنفاً
كما يتقاصرُ الحَجلُ
أشاع اليأسَ بي عُمُرٌ
وكنتُ وكلُهُ أملُ
وعُمرُ المرءِ فضلُ منىً
بها ما شَقَّ يُحَتَملُ
فان ولّت فلا ثقةٌ
ولا حَوْلٌ ولا قِبَلُ
أقول وربما قولٍ
يُدَلُّ بهِ ويُبتَهَلُ
الا هل تُرجِعُ الأحلامُ
ما كُحْلِت به المُقلُ
وهل ينجابُ عن عَينيَّ
لليلٌ مُطبقٌ أزلُ
كأن نجوَمه الأحجارُ
في الشطرنج تنتَقَلُ
يُسَاقِطُ بعضُها بعضاً
فما تنفكُ تقتتِلُ
ألا هل قاطعٌ يصلُ
لما عيَّت به الرُسُلُ
ويا أحبابيَ الأغنينَ
من قطعوا ومَن وصَلوا
ومن هُمُ نُخبةُ اللذَّاتِ
عِندي حِينَ تُنتَخَلُ
هُمُ إذ كلُ من صافيت
مدخولٌ ومُنتَحَلُ
سلامٌ كلُهُ قُبَلُ
كأن صَمِيمَها شُعَلُ
وشوقٌ من غريب الدارِ
أعيَتْ دونهُ السُبُلُ
مقيمٌ حيثُ يَضْطربُ المنى
والسعيُ والفشلُ
وحيثُ يُعاركُ البلوى
فتلويهِ ويعتدلُ
وحيثُ جَبينُهُ يَبَسٌ
وحيثُ جَنانُه خَضِلُ
وإذْ نَضّبَتْ أفاويقُ الصِّبا
فهِباتُها وشَلُ
سلامٌ من أخي دَنَفٍ
تَناهتْ عندهُ العِللُ
وحيدٍ غيرَ ما شَجَنٍ
بلوحِ الصدرِ يعتملُ
وذكرى مُرّةٍ حَلِيت
بها أيامُنا الأُوْلُ
تُعاودُه كفيءِ الظلِّ
رؤياها وتنتقلُ
وحيدٍ بالذي غنّى
وساقى يُضربُ المثلُ
وفيما قال من حَسَنٍ
وَسْيءٍ يَكثُرُ الجْدَلُ
سلاماً أيُّها الذاوونَ
إنّي مُزمعٌ عجلُ
سلاماً أيُّها الخالونَ
إنَّ هواكُمُ شُغلُ
سلاماً أيُّها الندمانُ
إني شاربٌ ثَمِلُ
سلاماً أيُّها الأحبابُ
إنَّ مَحبةً أملُ
سلاماً كُلُهُ قبلُ
كأنَّ صَمِيمَها شُعَلُ
الجواهري
الحمدان
07-30-2024, 02:40 PM
كلُّ ما في الكون حب وجمالُ
بتجليك وإن عز المنالُ
بسط النور فكم ثائر بحر
هادئاً بات وكم ماجت رمال
ورياض ضاحَكَ الزهرَ بها
ثغرُك الصافي وناجاها الخيال
وسهول كاد يعرو هَضْبَها
نزقٌ من صبوة لولا الجلال
ما لمن يهوى جمالا زائلا
وعلى البدر جمال ما يُزال
لا عدمِناك مروجـاً للهوى
جدَة فيها وللدهر اقتبال
عيشُنا غض وميدان الصبا
فيه مجرىً للتصابي ومجال
يا أحباي وكم من عثرة
سلفت ما بالُ هذي لا تقال
علَّلونا بوعـود منكـم
ربما قد علل الظمآنَ آل
وعدوني بسوى القرب فقد
شفَّني الهجرانُ منكم والوصال
لا أمَّل العيش ما شئتم فكونوا
لسوى حبكم يحلو الملال
أمن العدل وما جُزْتُ الصبا
ومداه يألف الشيبَ القذال
إنها أنفُسُ لم تخلق سدى
ورقيقات قلوب لا جبـال
أشتكى منكم وأشكو لكمُ
إنَّ دائي في هواكم لعُضال
فعلى الرفق كفاني في الهوى
ما أُلاقي وكفاكم ذا المِطال
ألذنبٍ تصطلي حَرَّ الجْوى
مهجٌ كانت لها فيكم ظِلال
أرتجيها صفوة منكم وأن
زَعَموها بغيةً ليست تنال
إنما أغرى زماني بكم
نِعَمٌ طابت وأيام طِوال
لا أذُم الدهر هذي سُنة
للهنا حال وللأحزان حال
قد حثثناها مطايا صبوة
لكُمُ أوشك يعروها الكلال
ورجعنا منكمُ خِلواً ولو
أكلت منهن آمال هزال
لا تقولوا هجرُنا عن علة
ربما سَرَّ حسوداً ما يقال
أنا من جربتموه ذلك الطاهرُ
الحبِ إذا شِينت خِصـال
شيم هذَّبْنَ طبعي في الهوى
مثلَّما يجلو من السيف الصِّقال
أيها الناعمُ في لذاته
لذةُ النفس على الروح وَبال
شهوة غرَّتك فانقدْتَ لها
ومُنى المرء شعور وكمال
الجواهري
العراق
الحمدان
07-30-2024, 02:41 PM
أوحى الفؤاد إلى اليراع الجوهر
فمضى يرصع بالنضار الأسطرا
ويخط أروع ما شدا مترنم
غرد وأجمل ما جنى وتخيرا
تتفتح الألفاظ من أكمامه
كالورد رائحة يروق ومنظرا
سر البلاغة في بدائع منطقي
تقديرك الشعر النضير النيرا
ونفور سمعك من غثاثة منطق
تأباه نفسك كالحديث المفترى
تسمو القوافي في رحابك والنهى
بك في الفضاء الرحب تجتاز الذرى
يا سيف دولتنا وقائد جيشه
سلمت يداك متوجاً ومؤزرا
حلف الزمان ليأتين بمثله
حنثت يمين الدهر مثلك لن يرى
أنت الفريد قيادة ومهابة
وفطانة منها ترى مالا نرى
ما المهرجان وإن تسامى قدره
عبر الأثير وإن سما وتبخترا
والطائرات وإن علت في جوه
فسمو قدرك فوقها بين الورى
زدنا من الفعل الجميل تطلع
نحو العلا وتقدما وتطورا
يزدد بك الوطن الكريم كرامة
مثلى يحق لنا بها أن نفخرا
فإليك أغلى ما تضم خزانتي
عقداً فرائده تفوق الجوهر
حمد بن خليفة أبو شهاب
الحمدان
07-30-2024, 02:42 PM
حياك يعرب عن بنيه وتبع
وتحدثت عنك الجهات الأربع
واستقبلتك مروجها ونجوده
وقلوبها وأكفها والأذرع
وتوقف التاريخ دونك برهة
متأملاً متمهلاً يستجمع
وشدا معين وحمير بك والتقى
سيف بن ذي يزن الفتي الأروع
وترنمت سبأ بلحنٍ خالدٍ
إكسيره الذكر الجميل الممتع
وتطلعت بلقيس من عليائه
ترنو إليك وكيف لا تتطلع
وبك استعاد حفيدها ما حطمت
كف الزمان وشتتت ما جمعوا
وتأملتك ملامحاً وملاحم
فرأت صنيعك فوق ما تتوقع
فلو أن في مقدورها لتحدثت
بلسان صدق عنك في ما تصنع
وأتتك بالخبر اليقين مؤيد
بوثائق التاريخ وهي المرجع
نبتت فروعك من صميمم أصوله
وبك الغداة فروعها تتجمع
يا زائد والخير جم وافر
ويد الكريم على الكريم توسع
للسد جارات سبقنك في الغنى
وبذلن لم يبخلن في ما ينفع
كانت نجوم سماء ليلي حالك
للمدلج الساري تضيء وتلمع
لكنك الشمس المضيئة في الضحى
تذر النجوم شواخصاً إذ تسطع
يا بانياً صرح الرخاء لأمة
خلدت ذكراً بالشذى يتضوع
ذكراً تردده القرون محامد
ومآثراً منه المروءة تنبع
حققت مأرب مأربٍ في سده
وأعدت ما ضيها فطاب المربع
لله درك أي وصف ينتقيه
لك الأدين وأي شعر يبدع
ولك اليد البيضاء في تاريخن
أنقى من الماء الزلال وأنصع
وحدتنا في دولة عربية
وبأمنها ورخائها نتمتع
ومضيت تبني في الحياة طريقه
وطريقها مجدٌ يشاد ويزرع
حُييت كم لك من يد معطاءة
سخرتها في ما يفيد وينفع
من حول الصحراء بعد محوله
روضاً أريضاً بالأزاهر تمرع
فغدت تموج مروجها ووروده
ونخليها وثمارها المتنوع
فإليك من غرر النفائس درة
عزت مثيلتها على من يطمع
أوحى الضمير بها فجاءت وفق م
يهوى الصديق وفوق ما يتوقع
لا أبتغي من أجلها غنما ول
ثمناً ولا مالاً يساق ويدفع
فالله أغنانا بواسع فضله
وإلى سحائب عفوه نتطلع
يفنى الزمان بقضه وقضيضه
والذكر لا يفنى ولا يتزعزع
حمد بن خليفة أبو شهاب
الحمدان
07-30-2024, 02:42 PM
ثغور القوافي حينما تتبسم
يرف لها قلب ويشدو بها فم
وتروي الليالي حديثه
حديثاً به ريح الصبا تترنم
صداه ألا ما أجمل الشعر والهوى
رفيقان للعشاق جرح وبلسم
فليس كمثل الحب للشعر رافدٌ
إذا جف نبع الشعر واصفر برعم
وليس كمثل الشعر للحب واصفٌ
دقائق ما يبدي المحب ويكتم
وما الشعر إلا كالنساء خليقة
يرق ويستعصي ويقسو ويرحم
إذا جاد فالعذب الزلال نواله
وإن شح فاللفظ الحلال محرم
تسابق معناه عذوبة لفظه
فما دق عن أوصافه فهو مبهم
فتنت به ذاتاً وكنها وصورة
وهمت كما بالحب هام المتيم
وتسكرني راح القوافي فأنتشي
بها ثملاً والعقل بالوعي مفعم
تفيأتُ ظل الشعر بعد هجيره
من بعد ما كاد الأسى يتحكم
ومن بعد أن شاطرته السهد والكرى
وروضت منه جامحاً لا يقوم
تأملني نفسا عليه عزيزة
فأكرمها يا حبّذا المتكرم
وأتحفها بالدّر من مفرداته
فما ضيم موصوف ولا ضل ملهم
ولا عبثت كف الصراحة بالنّهى
ولكن سهم الصدق للزيف مؤلم
ونزهت عرض الشعر عن شكر ناقصٍ
وأكرمته عن هجو من لا يكرم
وأقسم لو كلفته الشكر مكره
ولبى لأنكرت الذي منه أعلم
فما عودتني مفردات بيانه
نفاقاً ولو لم يبق في الكف درهم
يبوح على قدر المحبة مقولي
وليس لغير الحب يشدو وينظم
وما قلته إلا لمن يستحقه
حبيب فؤاد، أو جواد معظم
فلولا جياد الشعر ما خلّد الوغى
مواقف من يلقى المنايا ويقدم
ولولا جياد الشعر ما خلّد الندى
مكارم من يأسو الجراح وينعم
ولولا جياد الشعر ما خلّد الهوى
أحاديث من هاموا وجنوا وتيموا
يظل وتفنى دولة الملك والغنى
وكل بناء دونه يتهدم
حمد بن خليفة أبو شهاب
الحمدان
07-30-2024, 02:43 PM
لغة القرآن يا شمس الهدى
صانك الرحمن من كيد العدى
هل على وجه الثرى من لغة
أحدثت في مسمع الدهر صدى
مثلما أحدثته في عالم
عنك لا يعلم شيئاً أبداً
فتعاطاك فأمسى عالم
بك أفتى وتغنى وحدا
وعلى ركنك أرسى علمه
خبر التوكيد بعد المبتدا
أنت علمت الألى أن النهى
هي عقل المرء لا ما أفسدا
ووضعت الاسم والفعل ولم
تتركي الحرف طليقاً سيدا
أنت من قومت منهم ألسن
تجهل المتن وتؤذي السندا
بك نحن الأمة المثلى التي
توجز القول وتزجي الجيدا
بين طياتك أغلى جوهر
غرد الشادي بها وانتضدا
في بيان واضح غار الضحى
منه فاستعدى عليك الفرقدا
نحن علمنا بك الناس الهدى
وبك اخترنا البيان المفردا
وزرعنا بك مجداً خالد
يتحدى الشامخات الخلدا
فوق أجواز الفضا أصداؤه
وبك التاريخ غنى وشدا
ما اصطفاك الله فينا عبث
لا ولا اختارك للدين سدى
أنت من عدنان نورٌ وهدى
أنت من قحطان بذل وفدا
لغة قد أنزل الله به
بينات من لدنه وهدى
والقريض العذب لولاها لم
نغم المدلج بالليل الحدا
حمحمات الخيل من أصواته
وصليل المشرفيات الصدى
كنت أخشى من شبا أعدائه
وعليها اليوم لا أخشى العدا
إنما أخشى شبا جُهاله
من رعى الغي وخلى الرشدا
يا ولاة الأمر هل من سامع
حينما أدعو إلى هذا الندا
هذه الفصحى التي نشدو به
ونُحيي من بشجواها شدا
هو روح العرب من يحفظه
حفظ الروح بها والجسدا
إن أردتم لغة خالصة
تبعث الأمس كريماً والغدا
فلها اختاروا لها أربابه
من إذا حدث عنها غرّدا
وأتى بالقول من معدنه
ناصعاً كالدُر حلى العسجدا
يا وعاء الدين والدنيا مع
حسبك القرآن حفظاً وأدا
بلسان عربي، نبعه
ما الفرات العذب أو ما بردى
كلما قادك شيطان الهوى
للرّدى نجاك سلطان الهدى
حمد بن خليفة أبو شهاب
الحمدان
07-30-2024, 02:43 PM
من علم الشعر أنغاماً وأوزان
وأودع القلب أفراحاً وأحزاناً
وعلم الحب أن القلب مورده
لو شح بالفيض عنه مات ظمآنا
وعلم الدمع أن الجفن موطنه
فسأل بالشجو فوق الخد غدرانا
وعلم العلم أن القلب مسكنه
والعقل نورٌ وإلا ظل حيرانا
وعلم الأرض أن الغيث ينعشه
لولاه ما لبست ورداً وريحانا
وعلم البحر أن يسجو لراكبه
ولو تناهيه دراً ومرجانا
وعلم القمر الزاهي بأن له
من ضوء الشمس الضحى نوراً وألوانا
وعلم العقل أشياء وميزه
عما سواه فأضحى العقل ميزانا
فيما يطيق وما يدركه قال به
حقاً وإلا جثا لله إيمانا
وعلم الطير أن يشدو على فننٍ
فحرك الشدو أشجاناً ووجدانا
وعلم النجم أن يسري وعلمن
من الدليل لمجرانا ومسرانا
إن كان غيرك يا مولاي علمه
فليأتنا بدليل منه برهانا
سبحانك الله لا علمٌ ولا عملٌ
لنا بدونك يا ذا العرش سبحانا
حمد بن خليفة أبو شهاب
الإمارات
الحمدان
07-30-2024, 02:44 PM
لأن الطريق اليك احتضار
فأنت هو الموت والانتصار
ولابد لي من خطاب اخير
ولو ان ما ساقول الدمار
فيا ايها المستبد الموشي
بأوسمة العدل اين الفرار
تجرّد من الزيف حتى اراك
فقد طال بي يا حبيبي انتظار
رسمتك من هم قلب محب
صباحا له في القلوب انتشار
وما كنت اعرف انك ليل
طويل وما لدجاه انحسار
ولما سمعت الحقيقه تبكي
اصاب جدار يقيني انهيار
قرعت بقبضة قلبي الوفي
على باب صدرك والهم نار
فلم تفتح الباب الا لشكٍ
وكيف تعمر بالشك دار؟
فقلتُ:الرحيل وهيأت نفسي
لان السكوت على الضيم عار
وحين مددت يدي بارتجاف
ودار بصمت الوداع الحوار
عرفت بأني سأجني عليك
فليس لليلك بعدي نهار
وما في فؤادي مكان لثأر
الى اين؟ضج السؤال وناحت
طيور وفائي وضاع القرار
الى اين؟تسألني يا حبيبي
ام ان السؤال الذليل اعتذار
نعم سوق ابقى فعد مستبدا
فما عاد لي في هواك اختيار
سأصنع من ضحكاتي قناعا
وازعم ان النفوس كبار
واعلم ان رحيلي خلاص
وان بقائي لديك انكسار
ولكنني اخترت دربي اليك
مانع سعيد العتيبة
الحمدان
07-30-2024, 02:44 PM
لماذا نصلي لرب الخليقه
ويقتل فينا الشقيق شقيقة
وهل يقبل الله منا صلاةً
إذا ما عصيناه كل دقيقة
نصادق طول الحياة الخطاي
فلا بارك الله تلك الصديقة
بألف قناع نغطي الوجوه
فخبرتنا في التخفي عريقة
مانع سعيد العتيبة
الحمدان
07-30-2024, 02:45 PM
فَرَضَ الحبيب ُ دَلالَهُ وتَمَنَّعَ
وَأَبَى بغيرِ عذابِنَا أَنْ يَقْنعا
ما حيلتي وأنا المكبّلُ بالهوى
ناديته فأصَرَّ ألاّ يسمعا
وعجبتُ من قلبٍ يرقُّ لظالمٍ
ويُطيقُ رغمَ إبائِهِ أنْ يَخْضَعَا
فأجابَ قلبي لا تَلُمني فالهوى
قَدَرٌ وليس بأمرِنَا أَنْ يُرْفَعَا
والظلمُ في شَرْعِ الحبيبِ عدالةٌ
مهما جَفَا كنتَ المُحِبَّ المُُولَعَا
ولقد طربتُ لصوتِه ودلالِهِ
واحتلّتْ اللفتاتُ فيّ الأضلُعَا
البدرُ من وجهِ الحبيبِ ضياؤه
والعطرُ من وردِ الخدودِ تضوَّعَا
والفجرُ يبزغُ من بهاءِ جَبينِهِ
والشمسُ ذابَتْ في العيونِ لتسطعَا
يا ربّ هذا الكون أنتَ خلقتَهُ
وكسوتَهُ حُسْنَاً فكنتَ المُبْدِعَا
وجعلته ملكاً لقلبي سيّد
لمّا على عرشِ الجمالِ تربَّعَا
سارتْ سفينةُ حبِّنَا في بحرِهِ
والقلبُ كانَ شراعها فتلوَّعَا
لعبتْ بها ريحُ الهوى فتمايلتْ
ميناؤها المنشودُ باتَ مُضّيَّعَا
يا صاحبي خُذْ للحبيبِ رسالةً
فعسى يرى بينَ السطورِ الأدمُعَا
بَلِّغْهُ أَنِّي في الغرامِ متيّمٌ
والقلبُ من حرِّ الفراقِ تَصَدَّعَا
ما في النوى خيرٌ لنرضى بالنوى
بل أنّ كلَّ الخيرِ أن نحيا مَعَا
مانع سعيد العتيبة
وزير البترول سابقا
الإمارات
الحمدان
07-30-2024, 04:25 PM
يؤوب احتياجي يا غني وفاقتي
إليك فبالنعماء بؤسي بدلا
ويا بر خولني ببرك نعمة
فاغدو بنعماء المليك مخولا
ويا باسط أبسط لي من المال بسطة
وهبني انبساطاً في الشهود مكملا
ويا صمد امنحني الغنى منك سرمدا
أصون به يا رب وجهي عن الملا
تقطعت الأسباب عني فكان لي
نوالك يا منان أوفى وأكملا
ولو شئت يا خلاق انشأت لي غنى
تسد به من فاقتي ما تخللا
بفتحك يا فتاح عجل فما أرى
سواك لفتح المغلقات مؤملا
فن تغني يا ذا الطول دام له الغنى
وفقر الذي أفقرت لن يتحولا
تشاهد يا رزاق ضيق معيشتي
فيسر لي اللهم رزقاً وسهلا
حميد الفعال الطف بحالي واغنني
بفضلك حتى لا أرى عنك معدلا
مددت يدي مستجدياً وافر العطا
فهب لي يا وهاب نعماك مجزلا
ابو مسلم البهلاني
الحمدان
07-30-2024, 04:26 PM
أوجه باسم اللّه وجه شهودي
لعز جلال اللّه رب وجودي
تسابيح اخلاصي له وصمودي
سموط ثناء في سموط فريد
بكل لسان قد بثثن وجيد
وحب له في لب قلبي وقشره
وخوف يوازيه رجاء لبره
وشكر ومن لي أن أقوم بشكره
وحمد تغص الكائنات بنشره
إذا نشرت منه أجل برود
وشوق يذيب النفس لا عج حره
ووقفة مضطر أسير بفقره
واخلاص سر نوره حشو سره
وذكر له تحيا النفوس بذكره
ويبعث قبل البعث من هو مودي
صرفت مرادي فيه طوعاً لصرفه
حقيقة ذكري أنني عين ظرفه
حباني به طيباً عرفت بعرفه
تعطرت الآفاق من طيب عرفه
فما مسك دارين يشاب بعود
يبشر بالزلفى كريم مقامه
ويستغرق الأسرار سكر مدامه
يصب حيا الأنوار صوب غمامه
ويزري بنور الشمس نور ابتسامه
إذا ما تجلى في صحائف سود
تجردت من نفسي فلم يبقَ لي أنا
وطارت هوى روحي بأجنحة الفنا
لمن هو أهل المجد والعز والغنى
لمن هو أهل الحمد والمدح والثنا
لذي الفضل والألاء خير مفيد
لمن وحدته المبدعات سواجدا
لمن عرفته الموجدات حوامدا
لمن مجدته الممكنات صوامدا
لمن سبحته الكائنات شواهدا
بتوحيده واللّه خير شهيد
لمن سخر الأشياء في الأرض والسما
لمن كان بالمخلوق أحفى وأرحما
لمن بسط النعماء منا وتمما
أعاد وأيدى من أياديه أنعما
فيا أنعم المولى بدأت فعودي
ابو مسلم البهلاني
الحمدان
07-30-2024, 04:26 PM
بكاف الكمال وكون الكريم
كفيل الكلاءة لي والكفايه
بهاء الهوية والهور منا
وهيبته والهوى والهدايه
بياء اليقين وأواره
ويمن يمينك يا مشتكايه
بعين العلوم وأعيانها
وعين العليم وعون العنايه
بصاد الصفاء بصيمودية
بصدقك في مقتضى كل آيه
بحاء المحبة والحكمة والحكم
والحمد منا وحجب الحمايه
بميم معارفك المشرقات
وأسرار مبدئها والنهايه
بعين أعنابها يا معين
بعطفك للمعتنى بالرعايه
بسين السلام وسبحانه
سريع العطاء سميع الشكايه
بقاف القوي بقهر القدير
بقيوم قلبي بقدر الوقايه
سألتك صل على المصطفى
الهي وسهل ويسر منايه
ابو مسلم البهلاني
الحمدان
07-30-2024, 04:27 PM
الهي لاسمك الأعلى العلاء
له التسبيح مني والثناء
أقمت لعز وجهك ذل نفسي
فافن النفس فيك لك البقاء
إليك يسوقها شوق ملح
وأصوات الصفات لها حداء
أجشمها العزائم وهي نضو
وتحت عزائم النفس العلاء
أجردها من الأهواء حتى
يباشرها بمنتك الصفاء
امزق باسمك الأعلى صفاتي
والبس من صفاتك ما أشاء
أبيت سوى جلالك لي جلالاً
وليس كنوز وجهك لي سناء
انص إليك بالاخلاص سيري
تساوى الخوف عندي والرجاء
املي النفس من لقياك خيراً
فهل لسعادتي ذاك اللقاء
الهي بلغتي ليست بزاد
وفدك لكل ذي أمل كفاء
أقوم بما أقوم به ولكن
حقيقة ما أقوم به خلاء
أما وجلال وجهك ليس إلا
مجرد فضلك العمل الوفاء
أمنت بنور وجهك في طريقي
وإلا فالضلالة والشقاء
اسأت صناعتي والسوء طبعي
وأنت من الاساءة لي براء
أسير تحت بابك بالخطايا
وعدلك في الحقيقة لي جزاء
أشد مصائبي ذنبي ولكن
برحمتك التأسي والعزاء
أقل لي عثرتي واغفر ذنوبي
وأنت البر عادتك الوفاء
إذا أخلصت ايماني وتوبي
إليك فما بقي إلا الرضاء
أقمت لي الدليل عليك حتى
تجلى الأمر وانكشف الغطاء
الهي كنت كنزاً في خفاء
فحين فطرتنا برح الخفاء
أحق الاعتراف بان عبداً
إذا عرف استقام له الولاء
أعرفان ومعصية وجهل
معاذ اللّه ذاك هو البلاء
أقم لي عصمة واحفظ سلوكي
فإن الحق عصمته وقاء
أما وجلال وجهك لن تراني
سليماً حين يسلمني القضاء
أأشقى سيدي والذكر كسبي
وأنفاسي التبتل والدعاء
أجزني نظرة في الحال والطف
به أنت اللطيف بما تشاء
أجب بمجد كلمات ذكري
وصل عليه ما نشر الثناء
ابو مسلم البهلاني
الحمدان
07-30-2024, 04:27 PM
باسمك سيدي تجلى الكروب
وذكرك تطمئن به القلوب
بحمدك سبحت روحي ونفسي
وقلبي فيك منكسر قطيب
بثثت إليك أحزاني وكربي
وحالي عنك ربي لا تغيب
برحمتك استغثت ولي يقين
بأن من استغاثك لا يخيب
بلطفك سيدي فرج وبشرى
وإن عقدت شدائدها الخطوب
بمنظرك العلي صفات نفسي
وما جرت علي به الذنوب
بسوء الاختيار عصيت ربي
وتلك قضية منها أتوب
بصرت بزلتي سراً وجهراً
وسرك ليس تهتكه العيوب
بعيد من عبيدك كل خير
ولكن أنت بالحسنى قريب
برأفتك استجرت من الخطايا
فكل مكاسبي اثم وحوب
برئت إليك مما لست ترضى
وأنت على براءتي الرقيب
بأوبة مخلص لم يبق شيء
سواك على الوجود له حبيب
بعثت إليك من سري رجاء
وأنت عليم ما تخفى الغيوب
بصير بي وما أخفي وأبدي
وما يأتي به الزمن العصيب
بما نجيبت نوحاً حين نادى
وأنت لكل من نادى مجيب
بما نجيت يؤنس حين نادى
وسبح فانجلت عنه الكروب
بما نجيت أيوب المنادي
ونعم العبد أواب منيب
بديع الكائنات الطف بعبد
له من كل سيئة نصيب
برحمتك التي وسعت أصبني
فإنك من تشاء بها تصيب
بلياتي أحاطت بي ومالي
عليها سيدي صبر رحيب
بنصرك استعد لكل هول
بحولك كل هول لا ينوب
بحولك رب لي نصر عزيز
بحولك رب لي فتح قريب
بدالي من جلالك قهر خصمي
فاسهمهم إلي لهم تصيب
بغوا بي السوء فانجدلوا وخابوا
كذلك كل جبار يخيب
بعزتك اعتصمت فلا أبالي
وإن نصبت مكائدها الخطوب
بعز اللّه سلطاني عليهم
وعدل اللّه سلطان مهيب
بقدرتك استجرت من الأعادي
فأنت القاهر الحكم الحسيب
بنور محمد نور يقيني
وصل عليه ما نارت قلوب
ابو مسلم البهلاني
الحمدان
07-30-2024, 04:27 PM
اللّه حي لا يزال ولم يزل
في ذاته وبذاته ولذاته
لا شيء غير اللّه حي كائن
للذات قام له وجود حياته
وحقائق الأسماء في اسم الحي إذ
هو أول الأسماء في مرقاته
رجعت إليه عين كل حقيقة
من بعد جامع اسمه وصفاته
ومن المحال وجود ذات حقيقة
لاسم وغير الحي أصل ثباته
والحي من تجب الحياة لذاته
للذات ليس مخارج عن ذاته
والحي من ليست حياة عينه
كلا ولا هي بعض غيرياته
اللّه حي لا بمعنى زائد
فيه قديم غير نفي مماته
يكفي وجوب حياته للذات عن
فوز الحياة مسبباً لثباته
حياً وجوباً لا لموجب عارض
فيكون مفتقراً لمفتقراته
حياً وجوباً لا لكون حياته
سبباً أقام له وجود حياته
هذا وقوع الشيء علة ذاته
ومن المحال الشيء علة ذاته
ليس اعتدالاً في المزاج ولا قوى
حس لجنس حياة مبتدعاته
الذات كاف صحة استلزامها
دون الوسيطة من قديم صفاته
الواجب الحق القديم يجل عن
ايجاب واسطة خصوصياته
تجب الصفات له وليست غيره
وثوبتها في نفي سلبياته
وتجاذب الأسماء موجوداتها
لحقيقة اسم الحي جمع شتاته
للحي هيمنة على الأسماء من
حيث الظهور ومجد قيومياته
وعلى كمالات الحياة توقفت
آثار كل اسم بمأثوراته
وظهور كل اسم بنور خصه
فشعاعه الوقاد من مشكاته
وظهور كل اسم بقوة فعله
للحي سلطان على قواته
برزت ظهورات الصفات وكلها
ممدودة من ماء عين حياته
ابو مسلم البهلاني
الحمدان
07-30-2024, 04:28 PM
نصبت لهم من نير الذكر معلماً
وبوأتهم من أنفع الذخر مغنما
وصيرت نفسي خادماً لطريقة
بها هام أهل اللّه في الأرض والسما
فيا لرجال الحب والكأس مفعم
هلم اشربوا هذا المغنى ترنما
عصرت لكم من خمرة اللّه صفوها
فموتوا بها سكراً فما السكر مأثما
لقد هام أهل الاستقامة قبلنا
بها فانتشوا بين الخليقة هيما
تراهم سكارى ينشر الجمع فهمهم
ويطويه نور الفرق في أبحر العمى
ملأت لكم دَني شراباً مروقاً
وحركت أوتاري فأنطقت أعجما
وغنيت في شرب هم الرسل كلهم
تقدم إلى باب المليك مقدما
من كمثلي وذا الشراب شرابي
والنبيون كلهم ندماني
هام قبلي به الخليل وموسى
ثم عيسى وصاحب القرآنِ
هذه حالتي وهذا مَقامي
فاعرفوني وانكروا عرفاني
بنور وجهك يا نور السموات
أشعل مصابيح عرفاني بمشكاتي
واملأ بحبك قلبي واجتذب رمقي
من بين أبحر أوهامي وغفلاتي
هذه النار وذا الوادي المقدس
فاخلع النعيلين والذلة فالبس
واجد أنت هدى أو قبساً
لا تجاوز أن هذا الليل عسعس
طرق اللّه نصبَ عيني واسرا
ر أساميه أبحري وسفيني
ما الذي صدني عن اللّه إلا
سوء أمارتي وسوء يقيني
رب غوثاه جلها ظلمات
بؤت فيها بصفقة المغبونِ
أنت نور الأنوار نور يقيني
في حياتي الدنيا بنور مبين
ابو مسلم البهلاني
الحمدان
07-30-2024, 04:28 PM
الفضلُ ما وَزَعَ النفوسَ إلى الصفا
ورايتُ ادراك المعارف أشرفا
وكمال كل نزاهةٍ وسجيةٍ
أبداً على شرف العلوم توقفا
لم يرتفع بجناح جهلٍ طائرٌ
نحو الكمال وكم بعلم رفرفا
أحدو النفوسَ بشدو لحن بصيرتي
نحو الكمال إذا حَدا حادي الوفا
حُر الضمائر لا يقيده الهوى
في علة من دون ادراك الشِفا
صدع الصدا من حكمتي أرجو بهِ
صدعَ النفوس إلى الصفاء عن الجنا
أنهت مزاولةَ الحوادث نهيتي
وقفت لترقية الفضيلةِ موقفا
ولو انبسطت إلى الكمال بدَعوتي
كانت إلى غير العلوم تكلفا
هل تشعر الألبابُ إن غِراسَها
إلا بعلم طيب لَن يقطفا
وإذا تسَاجَلتِ النفوس وَجَدتَ ذا
أدب على نجد المفاخر مشرفا
فلتحيَ أنفسكم برُوح كمالها
حِزباً بجامعة العلى متصرفا
ولتنتبه أفكاركم لفلاحها
حرية الأفكار ربعٌ ما عفى
إن المقلد في الحوادث عاجز
ما كل رأي في الحوادث يُقتفى
فتقلدوا همم الكرام وزاحموا
اكتاف أحرار الفضيلة والوفا
واستصلحوا سير النفوس بما بهِ
تزكو ولا تذروا الكمال مُسوّفا
حتى يقوم المجد فيكم قائلاً
الناس كل الناس اخوان الصفا
ابو مسلم البهلاني
الحمدان
07-30-2024, 04:29 PM
جرد النفس وانهها عن هواها
لا تذرها في غيها تتلاهى
زكها بالتقوى فما تفلح النف
س بحالٍ إلا على تقواها
واستملها عن المراعى الوبيا
تِ إذا استرسَلت إلى مرعاها
واتخذ في مراصد الكيد منها
حَرَساً يكسرون صَعبَ قواها
فلها للعصيان ميل عظيم
لو نفته عن طبعها ما عداها
ولها في المتاب شدة عجزٍ
بِعِدات التسويف نيطت عُراها
ولها في المتاب مكر خفيُّ
جعلته تلبسا من حُلالها
ابو مسلم البهلاني
الحمدان
07-30-2024, 04:29 PM
لنا أنفس لكنها اليومَ ظلمة
وناشئة لكنها بعدُ في المهدِ
إذا نحن طالعنا عهود فخارنا
راينا عظاماً لا تُعيد ولا تبدي
وإن نحن لاحظنا قضايا انحطاطنا
حكمنا بأن الجهل آفتُنا المردي
تصدر أقوام على عرش مجدنا
وما ذاك إلا للقعود عن الجِدِّ
وكنا سراج المجد قبل خمودنا
فلا كان من أمجادنا آخِرَ العهد
أقيموا بني أمي صدور مطيكم
فلسنا إلى غور نسير ولا نجدِ
نضحي بروح المجد في سُبل عارنا
نكستُ لها رأسي حياءً من المجدِ
ابو مسلم البهلاني
الحمدان
07-30-2024, 04:29 PM
منازل النفس لا تُدرى حقائقها
واخطأ الزعمَ منَ قد قالَ يُدريها
العين تُدرك إلا ذاتَها نظراً
والكف تقبض إلا معصماً فيها
يباعد النفس عن إدراكها مَلَقٌ
والنفس مغرورة ممن يداجيها
إن التملق للالباب يجبهها
مثل الغشاوة للأبصار يُعميها
قد أخلص الحب من أهداك عيبك لا
مُطرٍ مداج على العوراء تمويها
واعقل الناس من أبدى تواضعَه
من نفسه لانتقاد الخِل ما فيها
والحمق في سد باب الانتقاد بما
للنفس من عنفوان في دعاويها
رأيت ما لا ترى في النفس لو سمعَتْ
مغتابها وقَلَت خلاّ يدانيها
ورب رأي عدو فيك أجمل من
ذي خلة قارض للنفس يغريها
فغض طرفك اكباراً لو انكشفت
لك السرائر عن أشياء تطويها
ولتعذرنهمُ من حيث تُنصفهم
في رأيهم فيك من آراءَ تخفيها
وانبذ غرورك بالنفس التي عجبت
بغير شيء واقلع من تماديها
وأسعد الناس حظاً من فضيلته
ذو الانتقاد إلى التفضيل يهديها
ومن رأى نفسه مَرءىً رآه بهِ
سواه فالنفس في أسنى مقاليها
أبو مسلم البهلاني
الحمدان
07-30-2024, 04:30 PM
عش ما تشاء وراقب فجعة الأجل
سينقضي العمر في بطء وفي عجل
تلهو بتصويرك الآمال مغتبطاً
وبين جنبيك ما يلهي عن الأمل
تناقلتك ليال غير راجعة
وما تجاهك يوم غير منتقل
ماذا يغرك من دنيا نضارتها
نهب المنون ومجراها إلى الزلل
قالوا دسائسها في طي زخرفها
وقلت قد صرحت بالسم في العسل
لم تخف عيباً ولم تأخذ مخالسة
ولا الهناء بها إلا على علل
هل في مصارع أجيال بهم فتكت
عذر المحيل عليها شنعة الأمل
فما التهافت منا في مهالكها
جهل بماض ولا علم بمقتبل
ما باينتك عواديها مصادقة
ولم تعاهدك أمناً غارة الغيل
رأي الركون إلى آفاتها سفه
وصفوها بين نابي مهلك جلل
ما شأن صولاتها البقيا على أحد
وإنما أجل يتلو خطى أجل
بئس القرارة أهنى عيشها رنق
ينتابه الحتف بالابكار والأصل
انجاز ايعاده بالموت منتظر
والقول عن مقتضاها غير مفتعل
ما أصدق العلم بالغدر المشوب بها
واكذب الظن في التغرير والأمل
خسيسة الطبع بالأكدار طافحة
ختالة تخلب الألباب بالحيل
لا تستقيم لريعان الشباب ولا
لرائع الشيب منها لحظة الجذل
تضيع عمر بنيها تحت غرتهم
بها وحاصلهم منها على دغل
تزال تنبت نفساً ثم تأكلها
وإنما يحرث الحراث للأكل
تسعى جنائزها بجرا حقائبها
مما انتهبن بحرب الصبح والطفل
ما بين صادرة في وجه واردة
ينتبن فل بقايا غارة الأجل
ما بالنا ومطايا الموت تنقلنا
نلهو بما قيل إن العز في النقل
إن الملاط الذي نبني البلاط به
رفات من نقلت بالأعصر الأول
لو كان تقديرنا تخليد قاطنها
لأوجب العقل أن تلقى على العلل
فكيف وهي حياة لا عتاد بها
مغمومة بالشقا والويل والهبل
أضحية الحتف لا ترجو مغادرة
والأرض تبلع والجزار في العمل
كم زفرة لنعي ما أذنت لها
ولا مشفعة من صارخ صحل
زمازم الموت في الأذان صادعة
لكن إلى فبب الألباب لن تصل
يا رب نادية ما جف مدمعها
وعينها في نظام الحلي والحلل
حتى متى نحن والآجال تحفزنا
والجد والهزل منا تابع الأمل
نرى مصارع قوم جل فقدهم
كفقدنا في الملاهي صالح العمل
نفني الدموع ونرثي من نظن به
ومالنا برثاء الرشد من شغل
كأننا في أمان من مصارعهم
أو المنايا عن الأحياء في كسل
كلا ولكنهم صاروا لنا فرطاً
والركب مرتحل في اثر مرتحل
ومن تكن هذه الساعات أنيقة
قضى المسافة لم يملل ولم تطل
فقدت نفسي فخلت الدمع سال بها
والعهد بالنفس قبل اليوم لم تسل
وليس بدعا إذا ذابت بفادحة
ذابت عليها صخور السهل والجبل
حمت لنا حزرة لم تبق من خلد
بغير خالدة الأحزان منفعل
ما كنت أحسب أن أحيا وأدركها
يداً تقلد جيد المجد بالعطل
أبكت سماء وأرضاً وهي ضاحكة
على السلامة إن طالت ولم تطل
وليتها حيث أبكت كل كائنة
رقت بقلب من التهويل منذهل
ماذا نحاول من ريب المنون إذا
قلنا حنانيك أو سيري على مهل
أبعد ما طحنت أجيال أولنا
يبقى الأواخر في البقيا على أمل
أم بعد اعجالها الأبرار تنسفهم
نسف الزعازع ننهاها عن العجل
هيهات يرقأ دمع من مصائبهم
أو يصبح الكون منهم مقفر الطلل
أما تراها سهاماً تنتحى كبداً
مقروحة وجراحاً غير مندمل
لا تترك الجرح الأريث تنكئه
ولا تسعر قلباً غير مشتعل
نقارع النفس والشيطان ينصرها
ومالنا بقراع الموت من حيل
في كل ناد نداء الموت مصطخب
وكل دار بها دور من الأجل
فلا تؤسس صبراً غير معتقر
ولا ندافع صبراً غير معتقل
لو دافع الصبر حزناً ثم اذهبه
لكنت بين رجال الصبر كالجبل
لكن من الخطب خطب لو يقاومه
صبر الجليد انثنى بالدحض والفشل
فقدت كفل اصطبار كان يكفلني
في النائبات فخان الآن مكتفلي
فليس بعد مصاب الدين من طمع
في الصبر أو جزع بالصبر منعزل
يا ناعي الدين هل أبصرت من بقيت
فيه بقية رشد غير منذهل
غادرت في أنفس الأكوان حشرجة
فإن قضى الكون فاستسلم ولا تسلم
لا غرو إن فاضت الأكوان آسفة
لفقد فرد على الأكوان مشتمل
يا ناعي الغوث هل لاقيت من خلف
ممن نعيت وهل قدرت من مثل
يا ناعياً سيد الأبرار هل تركت
باللّه فينا المنايا اليوم من بدل
يا ناعي القطب من ذا قام موقفه
فصار قطب مدار العلم والعمل
نعيت فرداً أم الدنيا بأجمعها
إني أحس بدهش شامل جلل
إني أحس بدهش غم كاربه
حتى الملائك حتى برزخ الرسل
تنعى ابن يوسف فتح السالكين وخ
تم الواصلين مربي الأنفس الكمل
محمداً مدد الأمداد روحهم
مروع النفس أن يعمل وإن يقل
مقدس الشرفين المطعم الجفلى
كافي الكفاة المرجى طاهر الخلل
مرزء الأرض خلاها وحل بها
لك السلامة لم تحلل ولم تحل
نعم حللت قلوباً لا تزال بها
فأين أنت وفي الألباب لم تزل
بل أنت في الرفرف الأعلى وغبطته
في البشر والروح والريحان والجذل
لقيت وعدك من حسنى مخلدة
ونحن للفقد في الأحزان والوجل
يا خير من حل في الدنيا ليصلحها
من ذا تركت لها يا خير منتقل
ناصحت ربك في تعزيز ملته
فلتنصح اليوم ندباً خيرة الملل
قد كنت رحمة هذا الكون تنفعه
خليفة قائماً عن خاتم الرسل
هلا رحمت قلوباً ذاب معظمها
حزناً عليك وقد سالت من المقل
فاجبر مصابك فينا إننا بشر
فينا افتقار إلى أنفاس كل ولي
جردت نفسك للاسلام تخدمه
في جد محتسب للهول محتمل
تقارع الزيغ والأنوار بارقة
وأنت في نجدة والخصم في فشل
كم حجة بسطت بالبطل أيديها
صدعت بالحق فيها فهي في شلل
كم مشكل أعجز الأفكار جئت به
صديعة الفجر نوراً واضح السبل
كم معضل كشفته منك معرفة
ذات انبساط بنور اللّه مشتعل
كم قاطع في سبيل اللّه يمنعها
رميته بشهاب منك مختزل
كم جاهل ملأت ضوءاً بصيرته
بصيرة لك تدعى الشمس بالحمل
شمس المعارف يا سلطانها كسفت
كسوف شمسك عن صبح وعن طفل
والاستقامة في كسر مزلزلة
يا جابر الكسر أدركها على الزلل
تمضي وتترك هذا الدين في جزع
والأرض مظلمة والدهر في خبل
من للحنيفة يا قيامها علم
يهدي إليها ومن يحمي من الغيل
من للشريعة قد قامت قيامتها
ومن يسدد منها موضع الخلل
قد كنت فيها مكان الروح في جسد
وقمت فيها مقام السيف في الخلل
من للطريقة من يصفي مشاربها
للسالكين كؤوس العل والنهل
قد كنت حاديها تحدو ركائبها
بنغمة لحنتها زمرة الرسل
رجعت صوتك فاشتقات معاهدها
فاليوم تصغي لمن يا حادي الابل
يا ذا العلوم اللدنيات موهبة
هل أنت في الرمس أم في حبرة النزل
خلفت علمك فينا أم رحلت به
إني أشاهد نوراً غير منتقل
نعم تعقب نور أنت مشعله
ونور وجهك في الفردوس كالشعل
تلك العلوم التي أوعيت جوهرها
فلبا بحب جمال اللّه في شغل
ما زلت تسبح في القرآن ملتقطاً
در المعارف لم تضجر ولم تحل
حتى ملأت مراد العقل معرفة
ممدودة الفيض حتى لحظة الأجل
وفزت بالسنة الزهراء محتوياً
على الاشارات والتفصيل والجمل
وجئت بالدين والأحكام مكتشفاً
للنقل والعقل كشفاً غير ذي دخل
مستنبطاً أوجه التأويل راسخة
على النصوص مصونات عن الزلل
من الكواكب في عد وفي شرف
وفي ارتفاع واشراق وفي مثل
ما فاتك العمر لكن نقلة حتمت
إلى مقر وعمر غير منتقل
ولا انفصلت عن الدنيا وقد وصلت
لك المعارف محيا غير منفصل
ولا اعتزلت عن الدنيا لضرتها
إلا وأنت عن الدنيا بمعتزل
تركت زخرفها للغافلين ولم
تحفل بها في مضيق العيش والغفل
عاملتها بمراد اللّه منحرفاً
إلى نصيبك من عقباك بالعمل
فما تقيلت منها قدر أنملة
ولا أدخرت سوى الحسنى لمقتبل
ولا نظرت إلى فتان رونقها
إلا بما تنظر المحتال في الحيل
ولم تصدك عن علم ولا عمل
ولا سرور ولا سم ولا عسل
يا طائراً طار ما أضفى قوادمه
نجوت من قفص في حكم محتبل
وقفت للّه من دنياك في عطل
فلتسرح الآن بين الحلي والحلل
أجهدت نفسك في مرضاة خالقها
يا مجهد النفس اربح رحمة الأزل
اربح فديتك ما قدمت موجبه
نعم البضاعة لم توزن ولم تكل
أحمد سراك فقد أصبحت أن يداً
قد باركت فيك لا تكدي ولم تزل
أحمد سراك فقد طالت متاعبه
وقد حللت خيام الحي فاعتقل
قمت خيراً فلم تعدم جوائزه
إن الجوائز عقبى صالح العمل
أوقدت نفسك في المحراب مشتعلاً
فأسرع الآن نحو الكوثر اغتسل
أوقدتها بالرجا والخوف معتجلاً
يا برد اللّه مثوى الواقد العجل
تنحو المقامات والزلفى بمسلكها
وقد وصلت ولولا الجد لم تصل
نلت الكرامات لم تصدعك منتها
عن الشهود ولم تعجب ولم تمل
إن الكرامات أوثان لمشتغل
بها عن اللّه أو مكر بمشتغل
ما فاتك الفهم من مولاك إذ سفرت
لك الدقائق أن يعمل وأن ينل
وكل موهبة قدرت موقعها
بالشكر للّه في حزن وفي جذل
وصبرك الصبر لا تنحل عروته
عند البلاء ولا يدنو من الفشل
هما مقامان كنت العدل بينهما
توفيهما الحق لم تبطر ولم تبل
حصرت ما عند أرباب القلوب فما
مقام حالك إلا دولة الدول
يا من أفات فؤادي الرشد من حزن
عليه أصلحه لي يا شافي العلل
لا غرو أن تشفي الألباب من مرض
بسر قلب بنور اللّه مشتعل
أعطيت قلباً بحب اللّه ممتزجاً
له التصرف في فعل ومنفعل
في قبضة الحب يطويه وينشره
فالسر في الحب لا في الشكل والعضل
أرسل فديتك روحاً شاملاً أملي
من سر روحك واجمع لي به شملي
فإن أرواح أهل اللّه فاعلة
بقوة الحق لا بالحل والنقل
لها الكرامة في الكونين موصلة
في القبض والبسط وصلاً غير منبتل
ما كان رأيك في الدنيا وقد فقدت
أسرار يمنك مثل العارض الهطل
رعيتها ووصايا اللّه آونة
فانظر رعاياك قد هامت مع الهمل
خلفتها ووصايا اللّه ثاكلة
والفضل والعلم والاسلام في وجل
متى أهديء قلبي من تسعره
ورنة الملأ الأعلى على زجل
يا حاملي نعشه مهلاً بمحملكم
كيف احتملتم رزايا الرحلة الجلل
تدرون من تحمل الأكتاف ما حملت
من بعده هذه الأكوان من ثقل
سيروا رويداً فكل العالمين به
دفن العوالم لا يقضى على عجل
ذروه للأمر بالمعروف محتسباً
للنهي عن منكر قد عم كالظلل
ذروه للعلم يجليه فقد سقطت
بنا الجهالة في الآبار والدغل
ذروه يقطع أعناق الشقاق فما
نحن البقية غير العصبة العزل
ذروه يرجم شيطان النفاق فما
أبقى مريداً رجيماً غير منجدل
ذروه تبكي عليه كل مكرمة
فإنها بعده تحيا على ثكل
ذروه أبكي عليه ما حييت فإن
أمت بكى في البلى عظمي بلا مقل
ليت البكاء أفاد الحي ما فقدت
عيناه لكنه فقد بلا أمل
يا راحلاً عن بني الاسلام تاركهم
وللكآبة فعل السيف والأسل
ودع معاهدك الزهراء إن بها
غماً لو احتل غمر البحر لم يسل
ودع رجالك قد بانت عقولهم
إن راجع العقل من توديع مرتحل
ودع تصانيفك الحق المبين فقد
صار المداد حداداً غير منفتل
فوامصاباه إن ودعت مرتحلاً
وما وراءك للاسلام من بدل
لفوك في كفن ماذا تريد به
وأنت من نور حب اللّه في حلل
وأودعوك تراباً لو تفوز به
حور الجنان لأفنته من القبل
ماذا الرثاء وفي القرآن صادعة
تثني على آخر الأبرار والأول
إلا شجياً عقيب الظعن يندبهم
ومقلة أوقفت دمعاً على الطلل
وما رثيتك تذكاراً لمحمدة
خلدت حمداً وإن كان الزمان بلي
سقى الاله ربوع الزاب ماطرة
من رحمة اللّه بالابكار والأصل
وباشرتك هبات اللّه دائبة
بعارض من عظيم الفضل منهطل
وروح اللّه بالرضوان روحك في
منازل القرب والاسعاد والنزل
وواصل الروح والريحان ذاتك في
أزكى سلام من الرحمن منهمل
ونسأل اللّه غفراناً ننال به
رضوانه في جوار اللّه والرسل
نشكو إليك ولي اللّه وحدتنا
وعيشنا بين غل الدهر والكبل
اللّه اللّه يا أهل القلوب ففي
قلوبكم نظر الرحمن في الأزل
لا تتركونا مع الأهوال إن لكم
نصراً من اللّه وحياً غير منخذل
خذوا بأيد قصار أنها بكمو
تطول وانتشلونا من هوى الفشل
توجهوا لجمال اللّه وانتدبوا
للغوث يا أولياء اللّه في عجل
أين انتصاركم والملة انطمست
والأمة التبطت في فخ مهتبل
صلى الاله على أرواحكم وسقى
أجدائكم رحمة بالرائث الهمل
أبو مسلم البهلاني
الحمدان
07-30-2024, 04:31 PM
تيقظ والأيام في غير نعسة
فمنه على عين الزمان عيون
ففي كل غور من مشاكل دهره
له مرصد من رأيه وكمين
وفي كل أمر تقتضيه شؤونه
ظهور بحسب المقتضى وبطون
تسابق فعل الجد أفعال رأيه
فتحكم فيما كان أو سيكون
تراه غضيض الطرف وهو مراقب
ويرجف منه الدهر وهو سكون
له بصر في ملبس الأمر نافذ
فيدرك كنه الأمر وهو مصون
وتوحي له الحق المبين أصالة
من الرأي فيما لا يكاد يبين
يوافيه قبل الفكر حكم وحكمة
إذا شاجرته في الشؤون شؤون
تكهنت الأفكار في فهم رأيه
وأحكامها فيما استكن ظنون
بظاهر بين الحزم والرأي جيشه
يشن له الغارات وهو قطين
كأن غمار الدهر من حول حزمه
شكوك تجلى بينهن يقين
ابو مسلم البهلاني
الحمدان
07-30-2024, 04:32 PM
تقارنه في كل أمر فضيلة
ويلبس في أطواره ما يلائم
تمر القضايا طيبات بحمده
فكل مقام أو سلوك مكارم
كأن مياه البدر في ماء وجهه
يرقرقها من جوهر البشر ساجم
يحل وفي الآفاق رحلة عزمه
فإن سار فالأفلاك تلك العزائم
له الحكم بعد الله في أمر دهره
ولكن عليه مكسب الحمد حاكم
وما تكسب الأسباب محمود فعله
ولكن له خلق من الحمد لازم
ابو مسلم البهلاني
الحمدان
07-30-2024, 04:32 PM
لا يجتلي النور إلا من مشارقه
ويجتني الدر إلا من مجانيه
إذا تولى كمال عنصراً كملت
فروعه وسرت فيه معانيه
ومن تكن نفسه بحراً فلا عجب
أن يجتني الجوهر المكنون من فيه
أصل تجسم من نور الكمال فمن
إشراق أوله إشراق تاليه
حسب الملوك بني سلطان من حسب
أن تحسب الشمس ركناً من مبانيه
أبقوا لأعقابهم ما ليس تدركه
سيارة الشهب من مجد وتنزيه
رمى حمود مراميهم فما انفلتت
أكرومة لم تقيدها معاليه
أقيمُ في حمده نفسي وأقعدها
جل القضية حمد لست أحصيه
ابو مسلم البهلاني
الحمدان
07-30-2024, 04:32 PM
ولكنه يعطي بميزان عقله
حقائق آل الله بجر الحقائب
وينفل حيث النفل حمد وحكمة
نوافل ليست دون وكف السحائب
يحيد عن الاسراف نفساً زكية
فيعصمها في صالحات المواهب
ولو قام فيما تشتهي النفس من يد
لضايق جدواه مناط الكواكب
يراقب بين القبض والبسط حكمة
فمذهبه في الجود خير المذاهب
ابو مسلم البهلاني
الحمدان
07-30-2024, 04:32 PM
الحمد لله لا بؤسٌ ولا سقم
المجد عوفي إذا عوفيت والكرم
لبست من حلل الألطاف عافية
وزال عنك إلى أعدائك الألم
قد أصبح الفضل مرتاحاً وانتشعت
بحال صحتك الأرواح والهمم
من بعد ما سئمت نفسي الحياة كما
قد راعها منك إذ أودى بك السقم
تفديك روحي يا مولى القريض فقد
جلت صفاتك عن اطرائها الكلم
من ذا يجاريك في بحر ومكرمة
أو من يساوي وأنت اليوم فقتهم
بحر تقدس في أطوار نشأته
يا حبذا البحر في تياره الحكم
يا أكرم الناس جد لي بالرضا كرماً
فأنت أكرم من يثني عليه فم
ابو مسلم البهلاني
الحمدان
07-30-2024, 04:33 PM
عاد المهنا بحمد الله واختلفت
رواية السلك بعد الهم والحزن
قد يخطيء النقل والتحقيق يعكسه
والعين أصدق أنباء من الأذن
تجري المقادير لا تدبير يعقلها
ولا امرء من هواديها بمحتصن
تأتي السلامة والأسواء محدقة
ويهلك المرء والأسواء لم تكن
وربما كان بالمحذور مغتبطاً
إذا أتاه وعقبى الخير في قرن
وربما جزعت نفس لنازلة
وأصلها كخيال طاف في وسن
وربما سلم العصفور في شرك
وربما جاءه السكين في الوكن
قد يأخذ المرء في أمر بجنته
فيذهب القدر المحتوم بالجنن
ويشرب المرء من كأس تلذ له
وربما اشتار شهد النحل من حبن
والسر في الشأن تنبيه اللبيب على
أن المقادير لا تقتاد بالرسن
وإن أمراً قضاه الله منحتم
في الأمن والخوف والأسفار والوطن
وإن عافية الانسان غايتها
أخذ على الحذر أو أخذ على السكن
وإننا بين أيام مروعة
تبدى قبائحها في صورة الحسن
فليبق ذو اللب فيها غير مرتقب
عهداً سوى عهدها المعروف بالدخن
ابو مسلم البهلاني
الحمدان
07-30-2024, 04:33 PM
صبراً بُنيّ على الزمان وصرفه
إن الزمان محارب الأحرار
أين الفرار عن المقدر للفتى
إن الأمور رهائن المقدار
وكل الأمور إلى المهيمن إنه
تدبيره يقضي على الأفكار
ماذا تريد من الزمان وصرفه
أفلا اتكلت على المعين الباري
أترى الزمان مؤثراً في نفسه
والأمر مرجعه إلى مختاري
واصبر فإنك ناجح إن كنت في
نوب الصروف بمنهج الصبار
واجعل صلاحك مسلكاً لتنال من
بر الكريم مواهب الأبرار
كم كربة نزلت وضاق نطاقها
فتفرجت باللطف والأيسار
ما خاب من وكل الأمور لربه
فهو المفرج كربة الأعسار
ابو مسلم البهلاني
الحمدان
07-30-2024, 04:34 PM
ساحر الطرف سقيم جفنه
قمريُّ الوجه ليليُّ الشعر
ناحل الخصر ثقيل ردفه
مائس القد ردينيُّ الخطر
نافر عني وقلبي سكنه
صفوة الود إذا قال غدر
هل يراعي ذمة من ودنا
لا وهيهات الوفا ممن غدر
طول ليلي وصله منتظر
ليلة من وصله ألف شهر
يا غضيض الطرف هب لي نظرة
إن أعراضك أدهى وأمر
عجباً في خدك النار وفي
مهجتي منها لهيب وشرر
فاتني بعض رشادي في الهوى
إن عذالي لقد قالوا كفر
صدقوا غاب رشادي في الهوى
وعلاقات الهوى إحدى الكبر
وإذا ذكرته عهد الصبا
قال لي تلك ألاعيب الصغر
وإذا استعطفه القلب على
فعل عينيه تعاطى فعقر
يا امام الحسن هل منتظر
لم تزل عندي الامام المنتظر
وإذا أشكو له قرح الهوى
قال لي صلِّ على خير البشر
ابو مسلم البهلاني
الحمدان
07-30-2024, 04:34 PM
فدا نفسي لبَهكنةٌ لعوب
لهوت بها على لثم الشقيق
أناولها من الشاهي كؤوساً
فقالت هكذا طعم الرحيق
كأن الكأس في يدها وفيها
عقيق في عقيق في عقيق
تقول وملؤها لعب وضحك
أتعدل شرب شاهيكم بريقي
فلقت لها منى نفسي أفيقي
بريقك ينطفي لهب الحريق
فأدنت ثغرها مني وقالت
تمتع بي إلى وقت الشروق
فبت أمص وردة وجنتيها
وأرشف جمر مبسمها الشريف
فلما أذهلت عقلي ورشدي
طفقت أصيح يا هادي الطريق
ابو مسلم البهلاني
الحمدان
07-30-2024, 04:35 PM
رعى الله ليلة أنس جلت
بهاء وحسناً كبدر التمام
فكانت لنا غرة في الزمان
وكانت على صورة كالوسام
من الأدب الغض أجني بها
زهوراً سقاها نمير الغمام
أطارح فيها كما أشتهي
كرام السراة سراة الكلام
فطوراً من اللؤلؤ الرطب أج
ني نثاراً وطوراً عقود النظام
ندار علينا كؤوس الشراب
من الشاي لا من عقيق المدام
فمن أبيض كذؤاب اللجين
ومن أحمر كلهيب الضرام
بنادي كريم نبيل الأصول
طويل الأيادي عليِّ المقام
يباشر أصحابه بالربيع
من الخلق الرحب خلق الكرام
تذكرت ما بيننا قد مضى
وليس لعيش سعيد دوام
فلا زال ناديكم ناعماً
من السعد في نضرة وابتسام
فيا ليلة الوصل دومي لنا
فأنت السلام عليك السلام
ابو مسلم البهلاني
عمان
الحمدان
07-30-2024, 06:04 PM
غزالٌ غزا قلبي بخيْلِ صُدودِه
وخدَّد أحشائي بورْدِ خدودِه
وقدَّ قُوَى صدرِي بقامةِ قدِّه
وأردفَ أكبادي برمح نُهودِه
يماطلني إنْ رُمت إنجازَ وعده
بنفسي غزالٌ لا بقي بوعوده
ويُخْلِفني لما طلبتُ وصالَه
وينجزُ لي من وَعده بوعيده
أغارُ عليه من لِحَاظي فكيف لا
أغارُ عليه من قلائِد جيده
رعى اللهُ يوم البين جادَ بنظرةٍ
على رَغم واشية ورغم حسوده
تَجلّى فخلت الشمسَ تحتَ سمائه
وولّي فخلتُ البدرَ تحتَ بروده
ولا تنس إن جئتَ الغويرْ ولعلماً
فعرّجْ بوادي المُنْحَنَى وزَرُودِه
هنالك لي وُدّ قديمٌ وطالمَا
شفيت جَوَى قلبي بِلَثْم صِعيده
وحيِّ رُبَى نجد ورَملة عالجٍ
ومرَّ بنعمانٍ وطُفْ بنجودِه
وسلّم على رَبْع لسلمى وزينبٍ
به فتكتْ آرامُه بأسودِه
وحدثْ عن الحيِّ الحُلُول بضارح
وأخبرْه عن بالِي الهوَى وجديده
وشِمْ بارقاً بالرقمتين وحاجرٍ
ولا تَسْلُ عنه إنْ وَفَى بعهودِه
وعرِّج على وادي الغضا وظلاله
وخذْ خبرا عنه وعن روعة بيده
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:06 PM
سأصْبرُ صبراً لا يشاكله صبرُ
وحتى يقولَ الناسُ قلبي له قبرُ
سأصبرُ صبراً صبر أيوبَ دونَه
ولا أظهرُ الشكوى ولو مَسَّني الضرُّ
وإن قيلَ إن الصبرَ يضنى فإننى
أطيقُ الضنى في الصبر ما دام بي عُمْرُ
وإن كنتُ في بعض الأحايين أشتكى
فلا بد للمصدورِ من نفثةٍ تعْرُو
فما اشتد أمرٌ أو تعذرَ نازحٌ
على طالبٍ إلا وفرَّجهُ الصبرُ
فإن لم أجدْ في الصبرِ نفعاً لحاضر
عسَى في ذُرَى العقبى لىَ الفوزُ والذُّخْرُ
فلا تعجبا مِنّي فذلك ديدنى
وكلٌّ له طبْعٌ يصرِّفُه أمْرُ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:06 PM
يقولون إن الصبر للمرءِ عدةٌ
وذلك مشهورٌ ولا ينجح الأمرُ
ولكن أرَى في الصبر إن دامَ مدةً
هموماً وأحزاناً يضيق بها الصدرُ
وفيه أمورٌ معضلات قواطعٌ
يضيقُ عَلَى من رَامها البرُّ والبحرُ
وفيه تباريحٌ عظامٌ شدائدٌ
يكاد لها من سطوة يُقصمُ الظهر
إلى أن يرَى الراجى بلوغَ مرادِه
مِن الصبر في أيامه ينفَدُ العُمْرُ
فإن كان في الدنيا خُلودٌ بخٍ بخٍ
وإلا فَلِمْ والجسمُ ينحلُهُ الصبرُ
فما الصبرُ إلا عن حرامٍ محرمٍ
وفي طاعةِ الرحمن ربّي هُو الأجْرُ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:06 PM
ألا قُل لِذى حمق تسربل بالغدرِ
وجانب أهل العدل والفضل والقدرِ
تأهب لقد جاشت قريحةُ ماهرٍ
عليك بأمواج تلاطَمُ كالبحرِ
قوافٍ كأمثال السيوفِ قواطعاً
رجوماً لأهلِ الغدرِ والزيغ والمكرِ
ومن كان ذا حقدٍ فيسودُّ وجهه
ومن كان ذا وُدٍّ فيعرفُ بالبِشْرِ
ويعرف أخلاقُ الورى بسماعِها
وتبدى لنا المكنون في السرِّ والجهرِ
فَذرْنى وهَجْوى للمخالفِ والذي
يعنِّفُ أهلَ العدلِ والدين والذكرِ
سأطلق أَمْراسى عليه سوابقاً
تفتتُ منه أَعْظُمَ الظهرِ والصدرِ
فأرسلها سَهما على أمِّ رأسه
فتهوِى به سفلاً إلى أعمق القَعْرِ
إذا قرئت يوماً له وهو حاضرٌ
يقولُ لهم يا ليتنى كنتُ في القبرِ
وتعصفهم عصفَ الرياحِ بشدة
فتتركهم صَرْعى على الأرض بالقَمْرِ
أحاطَ بهم في دهرهم سوءُ مكرهم
وأكثر ما أغوتهمُ نخوةُ الكِبْرِ
ولو فكروا في أمرهم لتدبَّرُوا
ولكنهم حَمْقَى تعَاموا عن الفِكرِ
فتبّاً وخسراناً لهم ضلَّ سعيُهم
ودارت عليهم دائراتٌ مِن الدهرِ
قد استحوذَ الشيطان جهلا عليهمُ
فأنساهُمُ ذكرَ القيامةِ والنشْرِ
فحادُوا وخانُوا واشرأبُّوا وخالفوا
وباتُوا وناموا واستقامُوا على النُّكرِ
فما نفعتهم رأفةٌ ولطافةٌ
وهل ينفع المقباسُ في ظلمةِ القبرِ
ولسْنَا نُبالى باللئامِ وطعنهم
علينا وفينا سيدُ البَدْو والحضْرِ
فذاكَ إمامُ المسلمين بلعربٍ
سلالة سلطان الفتى المرتضَى الذَّمْر
جوادٌ له كفٌّ إذا انهلَّ جودُه
على الخلق أغْناهم عن الغيثِ والقَطْرِ
أياديه لا تُحصى عداداً وكثرةً
تجلُّ عن الإحصاءِ والعدّ والحصرِ
يقيسونه بالبحرِ والبحرُ مالحُ
وقد يصفون البحر بالمدِّ والجزرِ
له الشرفُ الأعلَى على كل باذخٍ
ولا زالَ في يسرٍ وقاليه في عُسرِ
ولا زالَ في مجدٍ وعزٍّ ورِفعةٍ
مدى العمر منصورَ الكتائب بالنَّصرِ
ولا زالَ من والاهُ في الأمن راتعاً
وأعداؤُه في البُؤسِ والذُّلِّ والْخُسْرِ
إمامَ الهدى خذها قوافىَ ضمنتْ
معانىَ محضِ الودِّ والحمدِ والشُّكرِ
وعشْ أبد الدنيا مليكاً مخلّداً
ودمْ وابقَ دهراً مالكَ النهْىِ في الأمرِ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:07 PM
ثقيلٌ عَلَى كلِّ الورى من تكبرِ
ولو أنصفتْ ساخَت بجثمانِه الأرضُ
ولو علِم العاصونَ في شرِّ دارهم
شريكاً لهم هذا المذمَّمُ لم يرضُوا
فيا داء مَن يرنُو إلى قبحِ وجهه
ويا مَن على كلِّ الورى بغضهُ فرضُ
لقد ضاقَتِ الدنيا علىَّ بأسْرها
مِن أخلاقه واللوحُ والطولُ والعرضُ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:07 PM
حبيبٌ لو أنّ الأرضَ تخبرُ بالذى
بها منه شوقاً للورى حسدوا الأرضَا
ولو أنّ جناتِ النبيين خُيِّرتْ
به وبهم قسْما لقالتْ بِه أَرْضَى
ومن تَاهَت الدنيا على أهلها به
كعيسى نبىِّ اللَّهِ تُشْفَى به المرضَى
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:07 PM
فما لفظةٌ مِن فيك تلفظُ دائما
تنادى الورَى إلا لها ألف حافظِ
فكن حافظاً ألفاظَ فيك فإنما
يناديك كلُّ الناس يا خيرَ حافظِ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:07 PM
إذا ما بَدا بَرْقٌ بنعمانَ لامعٌ
شجتنا رسومٌ أقفرتْ ومراتعُ
وإن حن رعدٌ في السحاب تصاعدتْ
لنا زفراتٌ واستهلتْ مدامعُ
رسومٌ بها الأحبابُ كانوا فأصبحتْ
مغبرَّةَ الأرجاءِ فهْى بلاقعُ
وأضحتْ ظباءُ الوحش فيها رواتعا
وكان بها البيضُ الحسانُ الرواتعُ
نواعمُ أبدانٍ خرائدُ نُهّد
كواعبُ غزلان بدورٌ لوامعُ
إذا قنعتْ قلنا بدورٌ تجَلْبَبَتْ
وإن سفرتْ قلنا شموسٌ طوالِعُ
تموتُ قلوبٌ ثم تحيى لأجلها
إذا ارتفعتْ عن وَجْههن البراقعُ
كرائمُ لا نصبو لفعلِ دنيةٍ
عليهن من حُسْنِ اللباسِ وشائعُ
تحفُّ بها الفرسانُ من كلِّ جانب
كراما بأيديها عوالٍ شوارعُ
ومردٌ على جردٍ كآسادِ بيشَةٍ
لباسُهمُ زُغفٌ دلاصٌ موانعُ
وشِيبٌ كأمثال الجبالِ حلومُهم
كرامٌ بأيديهم قواضٍ قواطعُ
فكانوا وكنَّا في نعيمٍ ولذةٍ
وزهرة عيشٍ والزمانُ متابعُ
أغازِل فيها كل حوراءَ كاعب
عليها من الحُسن البديع بدائعُ
مهفهفةٍ غيداءَ غرّاءَ غادةٍ
قيودٌ لها في السنِّ عشرٌ ورابعُ
لها ريقةٌ أحلى من الشهدِ طعمُها
ووجهٌ بأوصافِ المحاسن رائعُ
إذا ما بدت شمس وكالليل فرعها
سواداً وكالبلَّوْرِ منها الأصابعُ
وخصرٌ حوتْه قبضةُ الكفِّ ناحلٌ
وردفٌ ثقيلٌ للمآزِر دافعُ
أقولُ لها والدمع يقطر لؤلؤاً
وقلبٌ عليلٌ بالزيارةِ والعُ
فإن لم تجُودِى في انتباهٍ بزورةٍ
فإنى بطيفٍ من خيالك قانِعُ
لَهَوْتُ بها دهراً طويلا مساعداً
على غفلةِ الواشين والشملُ جامعُ
ففرَّقنا دَهر وشتّتَ شملَنا
كذلك دَأْب الدهر مُعْط ومانعُ
سقى اللَّهُ أياما بسلعٍ تصرَّمتْ
فهل هي من بعد القضاءِ رواجعُ
وهل أنت يا عصرَ الشبيبةِ والصِّبَا
بما قد تقضَّى من زمانِك راجعُ
ظللتُ ولى أجفانُ عين قريحةٍ
ودمع من الشوق المبرِّح هامعُ
أكادُ من الأشواقِ بعد أحبَّتى
أذوبُ أسًى لولا الدموعُ الهوامعُ
حكَى فيضَها في الجودِ كفُّ ابن شيفِنَا
هو العَضْب للأعداءِ والرمح قامِعُ
جوادٌ كريم أرْيَحِىّ سَمَيْذَعٌ
عفيفٌ تقيٌّ زاهدٌ متواضِعُ
سليمٌ ذكىُّ الذهنِ نقصانُ مالهِ
من الدهر غير المكرمات بضائعُ
هو الفذُّ سلطان بن سيف بن مالكِ
له شهدتْ يوم الهياج مصارعُ
أياديه لا تُحصى عداداً وكثرةً
وساحاتُه للأكرمين جوامِعُ
له الشكرُ والحمدُ الجزيلُ مقدما
وأندية للطيِّبينَ مَراتِعُ
خزائنُه مقروغة لِعُفاتِه
وأمواله للعالمين مَنافِعُ
إذا ما التقى الجمعانِ ليثٌ غضنفرٌ
وإن فرَّت الشجعان فذٌّ مُدافِعُ
تمرُّ على الجرحى وثغرُك باسمٌ
وقتلَى الأعادِى سُجَّد وروَاكِعُ
له خُلُقٌ عَذْبٌ إذا ما تغيرتْ
إذا قال كلٌّ للمقالةِ سامِعُ
شمَائلهُ محمودةٌ وطباعُه
كريمٌ طويلُ الباعِ والصدرُ واسعُ
شديد على أهل المناكِر والخَنَا
حميدُ المساعى وهْو للَّه طائِعُ
إذا سار يوما أو أقام بموضعٍ
تحَاسدت الأرضونَ منها المواضعُ
كريمٌ له نفسٌ تُنازعُ في العلى
وليست لغير المكرُمات تُنازعُ
يدٌ خُلقتْ للبذلِ والجودِ ما لهَا
سِوى الجودِ والإحسان فيه مصانعُ
إذا حلَّ أرضا حلّها الجودُ والغنَى
وقام بها فصلُ القضَا والشرائعُ
فلا حاللٌ في الأمر ما هو عاقِدٌ
ولا فاتق في الأمر ما هو واقعُ
ولا نافع يوما لما هو حارمٌ
ولا حارمٌ يوما لما هو نافعُ
ولا قاطعاً شخصاً له وهو واصلٌ
ولا واصلٌ شخصاً له وهو قاطعُ
ولا مبعدٌ في الخلق ما هو مرتضٍ
ولا نابذٌ في الخلق ما هو شَارعُ
نظيرُك مَفقودٌ وضدك هالكُ
وظلّك ممدودٌ وسعدك طالعُ
وحَوْضك مَوْرُودٌ وجَدُّك سامِك
وبابك مقصودٌ وذكرُك شَائعُ
وكفُّكَ ممدودٌ ومالُكَ نافعُ
وجُودُك موجودٌ وقلبك خاشِعُ
ورأيكَ محمودٌ وبحركَ زاخرٌ
وبيتُك مصمودٌ وبرقُك لامعُ
وحِلمك محسودٌ وراجيك وَاثِقٌ
ونجمك مسعودٌ وبأْسُك باخِعُ
ولا تنسَ سيفَا نجل سلطان سيفِنا
هو العَضْبُ حدّاً لم تَهُلْه الوقائعُ
فما قامتْ الشجعانُ إلا وسيفُه
بهاماتهم من مأزق الحرب راكعُ
يقوم مقام المَجْرِ في الحرب شدةً
ويرجعُ عنه خصمه وهْو ضَارعُ
أخُو شدة لا يُرْتأَى في شديدةٍ
ولا يعتريه الهَمُّ والأمرُ وَاقعُ
ودونكم يا آل يعربَ مدحةً
تلينُ قلوبٌ عندها ومَسامعُ
عليها من الوَشْى المفوَّقِ حُلَّةٌ
ومن حُلل الثغرِ الرفيعِ مَدارِعُ
هي الشّهد طعماً للموالين شَافِيَا
وسُمٌّ بحُلقومِ المُعَادِين نَاقعُ
فَعيشوا جميعا في نعيمٍ مخلّدٍ
وضدكم في الذلِّ والحشر خَاضِعُ
وحسّادُكم يكفيهم في حياتهم
مِن الحَرِّ ما انضمت عليه الأضَالعُ
وما يحسدُ الشمسَ المنيرةَ نورَها
من الخلق إلا ذُو نفاق مُخَادعُ
ألاَ كلُّ ذِي مُلْكٍ سِواكم سَبَهْلَلُ
وكل مَديحٍ غير مدحىَ ضائعُ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:08 PM
إمَّا فَررْتَ من العِدَى
أين الفرارُ من الردَى
وإذا سلمتَ اليوم منه
يأتي القضاءُ به غدَا
فإذا أتَى ماذا تقولُ
إذا دَعاك إلى الندَا
الر أىُ مِنّي إنْ أتى
قُلْ مرحباً بك إن بدَا
لو تُفْتَدى منه بملء
الأرض لم يُقبلْ فِدَا
لو كنتَ في ظلماتِ بحرِ
زاخر لك لاهتدَى
أو كنتَ فوقَ الراسياتِ
الشامخاتِ لأنجدَا
فتأهَّبنَّ ولا تكن
في غَفْلةٍ متردِّدَا
فلعلّه يأتي مفا
جأةً فكن متزوِّدَا
لا تلْقَه برذائل
متلوثاً متعمدَا
إن كنتَ تبغي الفوزَ في
روضِ الجنانِ مخلَّدَا
فاغسلْ يديك من الزمانِ
وأهلِه متفردَا
واعبدْ إلهَك بكرةً
وعشيةً طولَ المدَى
واقنعْ بما تُؤْتَى ولا
تُطْلِق لسانَك للجَدَى
لَكن إذا أُعْطِيتَ شيئاً
لا تَرُدَّ المُسْعِدَا
أبَى الله أن يعطى الفتى ما يودُّه
وإن شاءَ أمراً بامرىء من يردُّه
وما المرءُ إلا صورةٌ وبهيمةٌ
يزينُه حسنُ الطباعِ ورشدُه
فهذا محالٌ ما لَه قطُّ غايةٌ
انشرح شَيئاً لَيْس يُبلغُ حدُّه
إذا ما رضيتمْ بالقضاء استرحتم
وما ضرَّكُم سوءُ القضاءِ وجَهدهُ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:08 PM
أحِبَّ أهلَ العقول مِن الرعايا
بلا ريثٍ وكن لهمُ سميعا
وكن قدَّامهم في كلِّ أمرٍ
تكن في كلّ مرتبةٍ رفيعا
ولا تغضبْ فأنت رئيسُ قومٍ
وشَاورْهم تكن حصنا منيعَا
وإن نادَوْك في الْجُلَّى أجبْهم
بلا ريثٍ وكن لهمُ شَفيعَا
وإن أمرٌ بدا التعجيلُ فيه
فعجِّلْهُ بلا لُبْثٍ سريعَا
وإن أمرٌ بدَا التأخيرُ خيراً
فأخرْه وكنْ فيه مَنُوعَا
وسرُّك عن أولى الألباب صُنْه
فكيفَ بمنْ يصيرُ لهُ مذيعَا
وإن أعطاكَ سرّاً ذو ودادٍ
فأقبرْه وحاذِرْ أن يضيعَا
فإن أنشيتَ هاجَ الشرُّ فيهم
وإن أخفيتَ أرضيتَ الجميعَا
فلا تغْررْك ألسنةٌ عِذابٌ
تدُوفُ وراءها سُمّاً نقيعَا
وإن داراكَ من عاداك دارِى
ومن والاكَ والِ المستطيعَا
وإن أحدٌ غضبتَ عليه فاغفرْ
له زلاتهِ تكنِ المُطِيعَا
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:09 PM
وقلتُ له لقياكَ خيرُ عُلالةٍ
إِذا كنت ذَا بشر ولانَتْ معاطِفُ
وهاتِ استقنى من خمرِ ثغرك إِنّها
حلالٌ لها ما باشرتْها الأساقِفُ
فأصغى بثغرٍ كالجُمانِ منضداً
وجادَ لنا مما حوَتْهُ المرَاشِفُ
سكرتُ بها صِرفاً سُلافاً مِزَاجُها
فتيتٌ من المسكِ الذكىِّ مُضاعفُ
ولما تناشدْنا وطالَ عتابُنا
جرَت عَبَرَاتٌ ما عَدَتْها المطارِفُ
فقلتُ لما هذا البكاء بعبرةٍ
فقال بكائي من فراقِك خائفُ
فقلت أتبكي في اللقاءِ وفي النوى
فقال كلا الحالين فيه متالفُ
فقلت فهلْ من راحةٍ قال لي فلا
أرَى راحةً إلا لمن يؤالفُ
شدائدُ شتَّى والحبيبُ مساعفٌ
فكيفَ به إذْ كان وهْو مخالِفُ
فمن حَبَّ أو من حُبّ فهو معذبٌ
ولا زالَ يغشاهُ الأسَى والمخارفُ
فما ساءَنا سوءا ولا سامَنا أذَى
من الخلق إلا من نرَى ونؤالفُ
فإني رأيتُ البعد سعداً لمن نأى
عن الناس او من لم تمله المآلفُ
نعشْ في ذُرى العليا وحيداً موحداً
فريداً ولم يهتفْ بربعك هاتِفُ
عساكَ ترى جناتِ عدنٍ مؤالفا
بها الحورُ فيها تحتويك المشارفُ
وبادر إلى الخيراتِ من كل وجهةٍ
وكن كيِّساً تُسْدَى إليك العَوَارِفُ
وباشرْ إذا مرّتْ بك الدهرَ فرصةٌ
فإن لم تباشرْها فإنك آسفُ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:09 PM
إذا أقبلتْ دُنيا تقادُ بشعرةٍ
وإن أدبرتْ لم تَرْتِبط بالسلاسلِ
ألم ترونّ اليعربيَّ بلعرباً
سلالةَ سلطان بن سيف الجلائلِ
هو الملكُ السلطانُ شرقاً ومغرباً
مليكٌ لهُ تعنُو رُءوسُ القبائلِ
فلم يحمِه بنيانُه حين أدبرتْ
ولم ينتفع بالصافِنَاتِ الصَّواهِلِ
طوتْهُ صروفُ الدهرِ طيّاً فأصب
حتْ مساكِنُه مُغْبرَّة كالمجاهِلِ
ألاَ فاعتبرْ يا صاحِ إن كنتَ عاقلاً
وكنْ حَذِراً مما بقى غيرَ غافلِ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:09 PM
سرَى ونسيمُ الحاجزين يلاطفُ
غصونَ النقَا والمزنُ القطرِ واكفُ
ألا ما أحُيْلاهُ أتى بعد هجعةٍ
وقد سكنتْ بعد اضطرابٍ رواجفُ
أتى والليلُ مُرْخٍ ستورَه
حبيبٌ بأسبابِ المودةِ عارفُ
فقامَ بلطفٍ يقرعُ البابَ ماثِلاً
بصوتٍ رخيمٍ فوعُه مترادِفُ
فقلتُ له من ذا على البابِ واقفاً
فقال حبيبٌ بالوصالِ مساعِفُ
فقلتُ له فليدخلَنَّ حبيُبنا
فأهلاً وسهلاً أَمَّنَتْكَ المخلوِفُ
فلما التقينا قالَ هَلْ من عُلاَلَةٍ
إذا كنت ذا بشرٍ ولانت معاطفُ
فَعِشْ أنتَ وابناك الكريمان في العلى
وضدُّكم للخُسْرِ والذل آلفُ
ولى في معالِى مجدِكم وعلائِكم
وفي عزكم دون الأنام مآلفُ
وإني على رغْم الحسودِ وضدكم
بكِّفى ثمارَ الجود منكم لقاطفُ
وإني لديكم طائعٌ متواضعٌ
سميعٌ لما قد قلمُ لا أخالفُ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:10 PM
سَألتُ مَن الكريمُ من الرجالِ
ومَنْ يعطي الجزيلَ مِنَ النوالِ
ومَنْ يقضِى حوائجنَا سريعاً
لديه بغير مَنٍّ أو مِطَالِ
ومَنْ إنْ جئته تبغِى عَطاءً
أجَابكَ مُسرعاً قبلَ السؤالِ
ومَنْ يَهَبُ الكثير مِنَ العطايَا
يجودُ بمَا لديه ولا يُبَالِي
فقالوا ليسَ يوجدُ مثلُ هذا
سِوى الزاكِي الفتى أهل المعَالِي
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:10 PM
ثلاثٌ يعيش المرء فيها مكرَّماً
يعظمه كلُّ الورَى ويشرِّفُ
هو العفْوُ عمن شاءَ سرّاً وجهرةً
على كلِّ حالٍ والتُّقَى والتلطفُ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:10 PM
لقد آنَ أنْ توفَي العهودُ السوالفُ
لمنعهم موعودٌ ويأمن خائفُ
فأوفِ بوعدٍ سالفٍ كان بيننا
فإبقاؤُه للبَرْحِ والهم كاشفُ
ومثلُك لا ينسَى وإن طالت المَدى
ولا ينكرُ الشىءَ الذي هو عارفُ
أذكرك العهدَ الذي كانَ بيننَا
وإنْ كنتَ لم تنسَ الذي أنا واصِفُ
ومن عجبي أنِّي أعرِّفُك الوفا
وأنت بحمدِ اللهِ بالحال عارفُ
فأوفِ وبادر واعلُ واشرفْ وقل وعِد
ومرْ واسترحْ وارفُقْ وبئس المخالفُ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:11 PM
سَكِرنا بخمرِ الشوقِ والبُعدِ والنوَى
لحُسْنِك حتى لا نكادُ نُطيقُ
فهلْ من مبلغٍ عنا إليكَ برسالةٍ
وأَنَّي نُرَجِّى والمكانُ سَحِيقُ
ومن فارقَ الأحبابَ يوماً فإنه
بأسوأ حالٍ بعدهم لحقِيقُ
ففارقنا من لا يريدُ فِراقنا
وقاربنا من لا نراهُ يَشُوقُ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:11 PM
يَتمُّ سروري إن رأيتك مقبلاً
من الشوقِ والدنيا سرورٌ وإقبالُ
إذا لم يكونَا فالحياةُ ذميمةٌ
يسامرها هَمٌّ هناكَ وأوْجَالُ
أتاني كتابٌ من صفِيِّ ودادنا
كريمٍ لدْينا لو تغيرَ حَالُ
محبُّ له ودٌّ قديم مناصحٌ
ثبوت على العلاّتِ ليس يُحَالُ
حكيمٌ رزين العقل لا يستحقه
مدَى الدهر قيلَ في الأنام وقالُوا
يُقيل ويمسى بالنوادِرِ معلماً
إذا عَرَّسوا بالسيئاتِ وقالُوا
ينزه نفساً عن مثالبِ غيره
ويرفعها عما أتوه وقالوا
فلا خيرَ في مالٍ إذا لم يكن حجاً
ولا العقل إن هُمْ عن جنابك مالُوا
أتاني كتابٌ منك باليمن والسنا
بنظمكَ فيه رقةٌ وجميلُ
ولكنه يا صاحِ هيج ساكناً
كيوم سرت للراحلين جمالُ
ولما قرأناهُ فرحنا وسرَّنا
كما سرَّ مأنوس الفؤاد وِصَالُ
ولست أُبالي إن بدت منك زورةٌ
يقيناً وإن جَار العداة وَصَالُوا
ويمنعني من أن أجازي معادياً
شمائلُ من آرائكم وخِصَالُ
وإني أخافُ البعدَ ينسخ عهدنا
كما نسخَ الحزنَ الشديدَ ظِلالُ
ونسلو بلقياكم ونحظى بقربكُمْ
وتُكْشُفُ عنا عمَّةُ وضلالُ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:11 PM
لا خيرَ في مستقبلٍ أو حاضرٍ
فاسمعْ أخى كلاًّ ولا في أولِ
ذهبتْ لذاذةُ أولاً فانظر ترى
نالتك لذةُ مرتجىً مستقبلِ
أمَّا الذي حضرتْ لذاذته فقد
قنعتْ عُيونُك منه فاسمعْ واعملِ
هذا محالٌ من مقالِك لم يكن
هلْ أنتَ ناشٍ من حصى أو جندلِ
أعطِ القيادَ فلا تكنْ متنكباً
لا بدّ في الدنيا لنا من منزلِ
إن أنت نكَّبت الهوى عن أولِ
أو حاضرٍ لا بد من مستقبلِ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:11 PM
وعدت فأوفِ يا قاضي الأنامِ
ويا نورَ الغياهِبِ والظلامٍ
فقد آنَ الوفاءُ بما عهدنا
فعجِّلْ واقضِ يا وافي الذمامِ
وأنت الحاكمُ القاضي بعلمٍ
وأنت وحيدُ عصركً في الأَنَامِ
وأمرُك نافدٌ في كلِّ شىءٍ
وأمضى في القضاء مِن الحُسَامِ
فعشْ في رفعةٍ ونعيمِ عيشٍ
من الدنيا وفي أعلَى مَقَامِ
جزاكَ اللهُ خيراً بَعدَ خيرٍ
وتُجزى في غدٍ دارَ السلامِ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:12 PM
لا خيرَ في عجلةِ الإنسان يا ثقتي
في غير موضعها والأمرُ مَحْتُومُ
وهَكَذا في الونى في غيرِ موضعِه
في كلِّ حالٍ وهذا القولُ مَفْهُومُ
إن أنتَ لم تنزلِ الأشيا منازلهَا
ظلمتَ والأمرُ جِدٌّ والهوى لُومُ
فالمدحُ في عجلةِ الإنسانِ مُطَّردُ
عند العَطيةِ والإمهالُ مَنْقُومُ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:12 PM
إنْ أبطأ المرءُ في وَعْدٍ وفي عدةٍ
من غير عُذْرٍ ولا شُغْلٍ له فَلُمِ
فإن يكن بطؤُه من علةٍ عرضتْ
من سقمِ ذى مقةٍ أو سقمِ ذى رحمِ
أو اعتراهُ أذّى في جسمه وضنىً
فالعفوُ مِن ذى الثناء أولى بذى سقَمِ
أما الذي جرَّدَ الإبطاءَ منحرفاً
من غيرِ عذر ولا شغل ولا ألمِ
فذاكَ يُجفى ولم يقبلْ له أبداً
عذرٌ من القول دونَ الخلقِ كُلّهم
واللهِ خلفةُ بِرٍّ صادقٍ ورعٍ
ما خنت عهدي ولا دلَّسْتُ في كَلِمي
ولا تلبثتُ في الإبطاءِ منحرفاً
عنكم وعن شاهديكم منطقي وَفَمِي
فإن يكنْ غير هذا أنت عالمه
أفديك من عَلَمٍ عالٍ ومِنْ حِكَمِ
أو أضْمرنَّ مقالا غير ما نطقت
به لساني ومنكم مُهْجَتي وَفَمِي
هَبني زللتُ فمنك الصفحُ يجبْرني
والعفوُ يمحُو الذي أجنى مِنَ اللَّمَمِ
قد قيلَ في سالفِ الأيامِ قولٌ هدَى
لا بدَّ من نَبْوةٍ للصارمِ الخَذِمِ
أو الفقِيهُ الذي طابتْ خلائقُه
مِنْ زلةٍ عرضتْ تُقْضِي إلى النّدَمِ
عَفْوا وصَفحاً وغفراناً لمجترمٍ
لولا التجاوزُ لم يُغْفَر لمجترمٍ
ولو ملأتُ قُرَابَ الأرضِ مِنْ زَلَلٍ
أيقنتُ أنّكَ تمحوها بِلاَ سَأَمِ
ولا أظنُّ بَنَاتِ الدهر ترشقُني
بأسهمٍ من قِسَىٍّ البؤس والنَّقمِ
وكنتُ أضمرُ أن الفقرَ يصحَبُنِي
إذْ كان لفظك لا يَسْخَو بِلا وَلَمِ
كأنَّ لا عندكم حجرٌ محرمةٌ
إذا سُئِلتَ فلم تَعْرِفْ سِوَى نَعَمِ
يا منجزَ الوعْد يا محي الصخاء وَيا
سِرَاجَ مِلّتنا يا سَيِّد الأُمَمِ
يا نجلَ سلطانِ سيفٍ نجلِ مالكِه
بلعربِ الفضلِ وافِى العَهْدِ والذِّمَمِ
عَطفاً لمن جاءَ يَرْجُو منك مغفرةً
لكلِّ ما اجترحتْ يمناهُ في النِدَمِ
لا خابَ راجيكَ في عفو ومنفرةٍ
كمن يرجِّيكَ في جودٍ وفي كَرَمِ
إنِّي علقتُ بحبلٍ لا انفصامَ لهُ
مِنْ حُبِّكم وَودادِ غير مُنْصَرِمِ
فاخلدْ سليماً خلوداً لا نفادَ لهُ
وانْعَم وجدْ وابتهجْ واحلمْ بنا ودُم
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:12 PM
لقدْ قالَ طرفى للفؤادِ شغلتني
فقالَ لهُ بلْ أنت باللحظِ شاغِلى
نظرتَ فأوريتَ الغرامَ بمهجتي
ولولاكَ لم أصبو لنلْكَ المنازلِ
فقال له أنتَ المحرِّكُ للهوَى
فأرسلتني أَرْنُو إلى كلِّ طائلِ
لأنكَ سلطانُ الجوارح كلِّها
مِن الجسم فاحفظْ سيدي كلَّ عامِلِ
فقالَ لهُ لو لم تكنْ أنتَ نَاظرٌ
لما صرتُ مهموماً حليفَ المشاغلِ
لأنك والآذانُ للقلبِ رائدٌ
بنَثْتُم لنا الأخبارَ عَنْ كلِّ نازلِ
فقالت له الآذانُ بلْ أنتَ مرسلٌ
ولولاكَ ما نُصِغي إلى قولِ قائلِ
فقال لهم قلبي إذا كنت مالكاً
مقيماً ولم أبرحْ بتلكَ المعاقِل
فمِنْ أينَ لِي أن أعلمَ الخبرَ الذِي
يخبرنا عن أمر زيد وَوَائلِ
ولا أعلمُ الأخبارَ إلا بخبرِكُم
ولولاكُمُ لم يأتني فِعْلُ فاعلِ
فقال لهم أتعبتموني فكلُّكُم
سواءٌ تعاوَنْتُم على كلِّ باطِلِ
فلولاكُمُ لم أمسِ في الفُرشِ ثاوياً
طريحَ جوىً بين الحِمى والخمائِل
ألاَ ما تقوا اللهَ المؤلِّفَ بيننَا
ولا تتركوني ثايواً في المجاهِلِ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:12 PM
نَهِيمُ بهم وجداً ونحنُ بقربهمْ
فكيف بنا يوماً إذا مَا تَرَحَّلُوا
فلا نافِعي يوماً سلوَّا ولا أَسىً
ولا شَايِعي يوماً بُكا وتَوَلْوُلُ
نَهارِي إذا أصبحتُ بكرٌ وحيرةٌ
وليلىِ إذا أُمسِى جوىً وتململُ
نَصِيبي من الأحبابِ صَدٌّ وفرقةٌ
وَمِن أهل دهرِى شامتونَ وعُذَّلُ
تلألأُ إشراقاً ونوراً كأنها
شموسٌ تجلَّتْ بالضياء المكمَّلِ
هنيئاً إمامَ المسلمين بها وبا
لإقامةِ فيها والأعادِي بمَعْزِلِ
وبهنا بها قومٌ يُراعونَ ودّكُمْ
من الخلق طُرّاً من صغير وأكْهُلِ
فطُوبى لكم يا آلَ يعربَ إنكُمْ
نشأتُم بجدٍّ في الممالكِ مُقبِلِ
ولا زِلْتُمُ في نعمةٍ وكَرَامةٍ
مِنَ الدَّهر في أَعْلَى مَحلّْ مجللِ
وعِشْ يا فَتى سلطان سيف بن مالكٍ
سلالةِ زهرانَ المليكِ المجلَّل
يمُلْكٍ أثيلٍ في نعيمٍ مخلَّدٍ
وعيشٍ رغيدٍ بالتهاني مُجْملِ
وفي عامِ ألفٍ معْ ثمان تمامُها
كذَا مائةٌ في عدِّ كلِّ مُؤَمِّلِ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:13 PM
أنتِ يا مُقلتي أسقمْتِ حالِي
بطموحٍ إلى ذوات الحِجَالِ
ناعماتٍ منَعَّماتٍ حسانٍ
وُضَّحِ اللونِ رُجَّح الأكفالِ
وإلى كلِّ ذاتِ حسنٍ بهيجٍ
رائقٍ فائقٍ غريبِ المِثالِ
وإلى كل مشمِخرٍّ رفيعٍ
مِنْ بناء مُشَيّدٍ مُتعالِي
وإلى بهجةِ البساتينِ مَنْ نَخْ
لٍ وأشجارها وبَرْدِ الظلالِ
قالت العينُ ليسَ ذلك مِنِّي
إنما القلبُ جَدّ في إرْسالِي
قلتُ يا قلبُ أنتَ سلطتَ عيني
تَرْتِعي في رياضِ ذاتِ الحِجَالِ
قالَ قلْبي الآذانُ قد أعلمْتنِي
بسماعٍ منها إلى إيصالِ
قلتُ للأذْن كيف تستمعينَ الجر
سَ من صورةٍ بسوقٍ خِدَالِ
ثم يهدينهَ إلى القلبِ حتى
صارَ في غصةٍ وفي أَشْغَالِ
قالت القلبُ مالكُ كلِّ عضوٍ
فهو سلطانُنا بغير جِدَالِ
فإذا ما أرادَ تدبيرَ أمرٍ
كلُّ عضوٍ يطيعُه في الفِعَالِ
فالتفتْنَا للقلبِ حيناً وقلنا
أنتَ أنتَ المدارُ في كلِّ حالِ
قال إني سُتِرْتُ عن كلِّ شىءٍ
لَستُ أدْرِي فِعلا من الأفْعَالِ
قطُّ ألا تسمعُ أذنٌ وعينٌ
يخبرانِي عَنْ نسوةٍ ورجالِ
كلُّ عضوٍ يأتي إلىَّ بأمرٍ
فتحيرتُ في عظيمِ اشْتغالِ
وقعَ اللومُ والتنازعُ مِنْه
ذا وهذا واشتدَّ أَمْرُ الجِدالِ
قيلَ لا بدَّ قطُّ مِن حاكمٍ يحْكم
بين الخصوم بالأفوالِ
قيل فالجسمُ حاكمٌ وهْو عدلٌ
فهو العدلُ صادقاً في المَقَالِ
قالَ جسْمي إنْ كانَ يقبلُ قَولِي
قُلْتُ بالحقِّ بينكُم لاَ أُبالِي
قالَ كلٌّ منكم تعاونتم طُرَّا
علَى كلِّ باطلٍ وضَلالٍ
فغدوتُ السقيم من زينكم طولَ
زماني مُغَللا في خَبَالِ
فاتقوا الله يا أحبَّايَ أنتُمْ
إن صلحْتُم يوماً فيصلحُ حالِي
فاستقيمُوا في دهْركُم لا تميلوا
إنْ عَدَلْتم فإنني في اعتدالِ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:13 PM
كتب الحسنُ في محياكَ سطراً
وهو نونٌ تبْرِى وعينٌ وَميمُ
حاجبُ مقلة فمٌ لؤلؤى
نشْرُه المسكُ درُّه منظومُ
قُطرتْ قطرتانِ من قلم الحس
ن بخديك وهو سرٌ عظيمُ
قل نعم في لقائِنا لا تقل لي لا
إنَّ لا بعدها لَخُلقٌ ذَمِيمُ
عنون الكون فيه صورة قوسٍ
مَنْ مِنَ العَالَمَينَ مِنهُ سَليمُ
قوسُه حاجباه والأنفُ تشا
بتُه تحتهن جَفنٌ سقيمُ
عجباً منه وهو ناءٍ بعيدُ
حاضرٌ وهو في الفؤادِ مُقيمُ
رحمَ اللهُ مَن سخَا بجوابٍ
وعليه السلامُ والتسليمُ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:13 PM
ترفعْ عن الفعلِ الذي يضعُ الفتى
تعشْ سالماً من كل ذامِ مذمِّمِ
إذا كنتَ من قومٍ كرامٍ أعزةٍ
فكنْ مثلهم في كلِّ فِعْلٍ مكرمِ
أأحمد إنّي ناصحٌ لكَ مُشْفِقٌ
ألا فاستمعْ قولَ الشفيقِ المُعَلّمِ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:13 PM
عسى اللهُ بعدَ البين يجمعُ بيننا
وترجعُ أيامٌ بذاك كرامُ
وأيامُ دهرٍ كان للشملِ جامعاً
ليقضي لنا بعد الفراقِ ذِمامُ
وعلَّ الليالي المقبلاتِ تردُّ مَا
مضَى من ليالٍ حَدُّهن كَهَامُ
كذَا عادةُ الدنيا اجتماعٌ وفرقةٌ
وحُزْنٌ ونقصٌ تارةً وتمامُ
وقالوا بأسبابِ العزاء تمسّكوا
فكيفً وأسبابُ العزاءِ زمامُ
فنضحَى بلا صبرٍ جميلٍ كآبةً
عليك ونمسى والدموعُ سِجَامُ
وما ذَا على من لا يرى والداً بأن
يظل كئيباً أو عليهِ ملامُ
وماذا علينَا إن قتلنا نفوسنَا
إذا عزَّ من نهوى وعزَّ مَرَامُ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:14 PM
إذا بَلغَ الفتى سبعينَ عاماً
فما تَسْبِيهِ زينبٌ أو ثُمَامَهْ
ألا فاخلعْ ثيابَ اللهو والبسْ
ثيابَ الخوفِ من يوم القيامهْ
أتيتُك غ تبلغني مُرادِي
فما زالتْ نجومُك في استقامَهْ
وتفتى في أمورٍ معضلاتٍ
ولا تعروهُ في الشُّورَى سَآمَهْ
حكيمُ الرأيِ ليسَ له نظيرٌ
ولا أحدٌ ينازعُه مُدامَهْ
وصالُ نزاهةٍ وتقى وبرٍّ
وصدقٌ ليس تَعْقُبُه نَدَامَهْ
نفى آرائهِ كأبي سعيد
وفي أنْسَابِه كأبي دُلاَمَهْ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:14 PM
دَمْعي جرى يومَ بان الحيُّ من إضمِ
يا سيدي قل لهم إني أخو حَزَنِ
يا حرقتي تعبتُ بحسْرتها
سرىً بدا لا أرى لي لذة الوسَنِ
بعد السُّرى قد قرعت السنَّ من ندمِ
من منجدى إن سرَّ الوجد في علنِ
وامحنتى إذْ رنت ليلى بنظرتها
قلبي عَدا لم أزل يا صاح في مِحَنِ
داء سرَى فعضضتُ الكفَّ من ندمِ
مَنْ مرشدى ضَلَّ عقلي في ذرى الدِّمَنِ
وَاحسرتي حرمتْني طيبَ زورتها
طولَ المدى ما مُقامي بعدُ في وَطَنِ
عزّ الكرى حبلُ وجدى غيرُ منصرمِ
من مسعدى غاضَ صبري وانزوى غُصنِي
ما سلوتي كبدى ذابت بهجرتها
زادَ الصدى كفّ عنى اللوم في زمنِي
دونَ الورى أبداً أمسى أخَا ألمٍ
يا مُهتدي إننّي في الضعفِ والوهن
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:14 PM
ثلاثٌ إذا ما المرءُ في الدهر حازها
يعشْ في ذرَى العلياء والعّز والأمنِ
عفافٌ وتقوى اللهِ في كلِّ حالةٍ
وبذلُ جزيل لا يكدَّر بالمنِّ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:14 PM
لا تبخَلن وأعطِ كلاَّ حقَّه
وتواضعنَّ وجالِسِ المُسْكِينَا
إياكَ والسرَّ الذي أوزعتَه
لوْ ناقشوك بدونه مَدْفُونَا
فإذا أردتَ دوامَ شىء هكذا
وإذا أردتم ضدّه فاعصُونَا
لا يستوى حلٌّ وعقدٌ بينكم
هذا يحلُّ وذاك يعقدُ حينَا
إن الخلاف مشتتٌ ومفرقٌ
ما بين آباء لهم وبنينَا
طوبى لهم خلصوا وداداً بينهم
وجلبنَ رحمةَ ربهم يَرْجُونَا
وأولئك القومُ الذينَ جزاؤهم
جناتُ عدن خالدين يقينَا
إنا لنرجو فَوْزَنا بدعائهم
فالله يرحُمنا بِهم ويقينَا
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:15 PM
مَرّت كخوطِ الخيزرانةِ غادةٌ
تَسْبى العقولَ وتخطف الأذْهانَا
لو تطلبُ المالَ النفيس تواصلاً
مِنْ عند كلِّ العالمين لهَانَا
شمسيةَ قمريةٌ رشئيّةٌ
تذكارُها عن ديننَا أَلهَانَا
لما رأتني واقفا بطريقها
فتنفرتْ بل أنكرتْ ما كانَا
يا هذه ما أطيبَ الدنيا لو أنّ
هراكَ في كلِّ الأمور هوانَا
أوليتَ أفئدة الرجالِ بُعَيْدَ ما
فارقْتِ جيرتهم هَوّى وهَوانَا
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:15 PM
وردَ الكتابَ وسرني إتيانُه
فشفيت لما لاحَ لي عُنوانُه
أيقنتُ أنّك ساعدِي ومساعدي
يا ابنَ الذي قد عمَّنى إحسانُه
أعني به الوالِي الممجد أحمدَ
العاتي علَى من ديُنه عصيانُه
نفسى الفداء لمن نأَى عنّي ومن
بعد البُعَاد يسرني لنيانُه
ومن ارتضاهُ إمامُنا بولايةٍ
أبداً فلا يشقى به إخوانُه
لا جارُهُ يُلْقَى المهانةَ دهرَه
أَكْرم بمن في عزّةٍ جيرانُه
لا عيبَ فيه تُلْفِى إلا أنّه
مثلُ السحائبِ في السخاء بَنَانُه
خُلُقٌ له كالشهد بلْ أحلى من
الماءِ النميرِ وسرُّه إعلانُه
فحصورُه كمنيبه لأولى التقَى
وفؤادُه يُنْبيك عنه لسانُه
عدلٌ أبيٌّ لا يميلُ إلى الرِّشَا
أبصرْ بمن أفعالُه عنوانُه
يا من له ذكرٌ جميلٌ في الورى
شرقاً وعُظِّمَ في الخلائق شأنُه
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:15 PM
يقولونَ لي ما بالُ لونِك شاحباً
فقلتُ لهم إن الحبيبَ سَلاني
تسليتُ عن حيٍّ بدا لي بعادهم
وفارقتُهم بالكُره مُنذ زَمانِ
ولكنّه لما أتاني كتابُهم
وجدّد لي تذكارَهم فَشَجَاني
وذكّرني عهداً مضَى بوصالهم
فصيرَ قلبي دائم الخَفَقَانِ
عليك سلامى ما همَي واكفُ الحيا
وما دارتِ الأفلاك بالمَلَوَانِ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:15 PM
قد جاء ذلك في القرآن معناهُ
هذا فخذ ما بدا في القول فحواهُ
وهكذا قد أنى معنى كذلك في
الآيات فافهمه حقا لاح مرآه
وهؤلاء غدا معنى أولئك في
القرآن قد عُدَّ معناه وفحواه
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:16 PM
هو الحقُّ ما قالَ الحكيمُ فإنها
لغدَّارة مكّارةٌ ببَنِيهَا
فكمْ غادرتْ بالرَّمْسِ قوماً بغدرها
وكمْ ضَرَّسَت منها نواجذَ فيهَا
وما أرتَضِيها مدةَ العمرِ خلّةً
ولا أصطفيها لو أخلَّد فيهَا
فلا تغتررْ يوماً بإبْرَاق عُودِها
وكُنْ في فعالِ الصالحاتِ نَبِيهَا
فأينَ الملوك الأوِّلونَ مضوا وَما
قضوا وطراً منها وأين بَنِيهَا
لقد غُيِّبُوا واللهِ في حُفَرِ البِلَى
فلم يدْرِ مَثْوى شيخِها وَصَبِيهَا
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:16 PM
ألاَ إنما دنياكمُ مثلُ حيّة
ألا فاحذرْ أن تضرَّس فيها
وكنْ عالماً فيها ولا تكُ جاهلاً
بأحوالها من أن تمرَّسَ فيها
فما يستوى مِثْلانِ مَنْ هُوَ جاهلٌ
بأحوالها أو مَن تَفرَّسَ فيها
وما أهلُها إلا كمِثْلِ مُسافر
إلى داره الأخرى وعَرَّسَ فيها
أما أسوةٌ فيما مضى لك فاعتبره
ولاتمشِ في أرض البسيطةِ تيهَا
إذا ما أطعتَ اللهَ سرّاً وجهرةً
ولم تمصِه فاجررْ ذُيُولك فيها
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:16 PM
ما حذرنّ الدنيَا كما تحذر الحيَّة
فالسم ناقعٌ وَسْطَ فيها
فاجتنبْها واخلعْ عِذَارَك مِنها
فهي غَدَّارةٌ لِمنْ يَصْطَفِيهَا
لا تفترْ على عِيالِك إن كنت
غنيّاً واجمل والبَسْطَ فيهَا
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:16 PM
عجلةُ الإنسان لومٌ
عند أصحابَ المزيَّهْ
ذمَّها كلُّ البرايا
في دواوين القَضيّهْ
عجلةُ الإنسان خيرٌ
من توانِ في العطيَّه
وكذا الإمْهَالُ شينٌ
عند أصحابِ السَّجيَّه
ليسَ في العجلةِ خيرٌ
يرتجى عند البريَّه
إنما الحاذقُ لا يعجلُ
في أمر الرَّعيِّهْ
إنما الإمْهال زينٌ
في العقولِ الألْمَعِيَّهْ
وكذا العجلةُ عيبٌ
في سَجيَّات البريَّهْ
إنما الإفراطُ في العجلة
إلاّ في العطيَّه
والونَى خيرٌ لأصحابِ
القضايَا في القضيه
ليس في الإمهالِ خيرٌ
في سجياتِ البريَّه
إنما الخير تراهُ
عند تعجيلِ القضيَّه
ليس في العجلةِ خيرٌ
لأولى النفسِ الأبيَّه
إنما الإفراطُ فيهَا
وهي أسبابُ المَنِيَّه
إنما العجلةُ في بعضِ
الفضيّاتِ رَضِيَّه
وأرَى الإمْهَالَ فيها
من رَدَاءَاتِ السَّجيَّه
إنما خيرُ السجيّه
عجلةٌ عند العَطيَّه
كلُّ مَنْ يبغى سِواهَا
ناقصٌ عند البريَّهْ
يمدحُ العجلةَ يا ذَا
وهي أسبابُ المَنيِّه
فامدحْ الإمهالَ مدحاً
فهو من خيرِ السجيَّهْ
لا تعبْ تعجيلَ قومٍ
عند أصحابِ المزيَّه
لاَ ولاَ الإمهال لومٌ
في سجيّاتِ البَريَّه
فضعِ العجلةَ في مَوْ
ضِعها في الجليَّه
وضعِ الإمهالَ في مَو
ضِعه يا ذَا المزيَّه
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:17 PM
إن كنتَ قد عدتَ إلى العافيهْ
فإننا في عيشةٍ راضِيَهْ
إنْ بتَّ في صحةٍ ناعمَا
فإننا في لذةٍ صافِيَه
اللهُ يكفيكَ الأذَى والقذَى
وتصبحنْ في فرحةٍ كافِيَه
أجارَك الرحمنُ مِن كان ما
تخافُه من علّةٍ خافِيَهْ
أعيذُك مِن شرّ البلايَا ومِن
شر الوَسَاوِسِ بالكافِيَهْ
وابقَ بقاءَ الدهرِ في بلدةِ
المعمورِ ما عمرتَ في عافِيَهْ
يا ابنَ سنانِ أنتَ في راحةٍ
تَتْرَى وفي عيشةٍ صَافِيَهْ
ما دُمتَ حيَّا نحن في سلوةٍ
قلوبُنا من أجلِكم سَالِيَهْ
سَقْياً لدهرِ قد خَلا مدةً
خلاَ وأيام به خالِيَهْ
إذْ نحن في عنفوانِ الصِّبي
وهِمَّتُنَا في العُلا عَالِيَهْ
ونَجْمنا يَسْطَعُ بين السُّعودِ
وحضْرتُنَا في الورَى عَالِيَهْ
والحمدُ لله الذي خَصَّنَا
بالعزِّ والنعمَى وبالعافِيَهْ
المعولي العماني
الحمدان
07-30-2024, 06:17 PM
أَرى البانَ أَبدى الميسَ تيهاً قَوامُهُ
وَقامَ لَنا بِالميس تيهاً ينبِّهُ
يَقولُ اِستحقّ التيهَ قَدّي بِمَيسِهِ
لِأَنَّ بِهِ قَدَّ المليحِ يشبَّهُ
المعولي العماني
عمان
الحمدان
07-30-2024, 07:22 PM
حالَ بَينَ الجَفنِ وَالوَسَنِ
حائِلٌ لَو شِئتَ لَم يَكُنِ
أَنا وَالأَيّامُ تَقذِفُ بي
بَينَ مُشتاقٍ وَمُفتَتِنِ
لي فُؤادٌ فيكَ تُنكِرُهُ
أَضلُعي مِن شِدَّةِ الوَهَنِ
وَزَفيرٌ لَو عَلِمتَ بِهِ
خِلتَ نارَ الفُرسِ في بَدَني
يا لَقَومي إِنَّني رَجُلٌ
حِرتُ في أَمري وَفي زَمَني
أَجَفاءً أَشتَكي وَشَقاً
إِنَّ هَذا مُنتَهى المِحَنِ
يا هُماماً في الزَمانِ لَهُ
هِمَّةٌ دَقَّت عَنِ الفِطَنِ
وَفَتىً لَو حَلَّ خاطِرُهُ
في لَيالي الدَهرِ لَم تَخُنِ
يا أَميرَ الحَجِّ أَنتَ لَهُ
خَيرُ واقٍ خَيرُ مُؤتَمَنِ
هَزَّكَ البَيتُ الحَرامُ لَهُ
هِزَّةَ المُشتاقِ لِلوَطَنِ
فَرِحَت أَرضُ الحِجازِ بِكُم
فَرحَها بِالهاطِلِ الهَتِنِ
وَسَرَت بُشرى القُدومِ لَهُم
بِكَ مِن مِصرٍ إِلى عَدَنِ
حافظ إبراهيم
الحمدان
07-30-2024, 07:22 PM
قلتُ للبحر إذ وقفت مساءَ
كم أطلت الوقوف والإصغاءَ
وجعلت النسيم زاداً لروحي
وشربت الظلالَ والأضواءَ
لكأنَّ الأضواء مختلفات
جَعَلَت منكَ رَوضَةً غنّاءَ
مَرَّ بي عطرها فأسكَرَ نفسي
وَسرَى في جوانحي كيف شاءَ
نشوة لم تطل صحا القلب منها
مثلَ ما كان أو أشدّ عناءَ
إنما يفهم الشبيه شبيهاً
أيها البحر نحن لسنا سواءَ
أنت باقٍ ونحن حرب الليالي
مَزَّقتنا وصيرتنَا هباءَ
أنت عاتٍ ونحن كالزبد الذا
هبِ يعلو حيناً ويمضي جفاءَ
وعجيبٌ إليك يممتُ وَجهي
إذ مللتُ الحياةَ والأحياءَ
أبتغي عندك التأسّي وما تَم
لِك رَدَّاً ولا تجيب نداءَ
كل يومٍ تساؤلٌ ليت شعري
من ينبّي فيحسن الإِنباءَ
ما تقول الأمواج ما آلَم الشم
سَ فولّت حزينة صفراءَ
تركتنا وخلفت ليلَ شكٍّ
أبديٍّ والظلمةَ الخرساءَ
وكأنَّ القضاء يسخر مني
حين أبكى وما عرفتُ البكاءَ
ويح دَمعي وويح ذلة نفسي
لَم تدع لي أحداثه كبرياءَ
ابراهيم ناجي
الحمدان
07-30-2024, 09:14 PM
حديث الدهر أصدقه الفناء
وأكذب ما ينمقه البقاء
نؤمل في الزمان صفاء عيش
وما في هؤه الدنيا صفاء
ولكنا رأيناها بعين
عليها من مساويها غطاء
هي الداء العضال وليس يرجى
بغير الاعتبار له شفاء
وما أيامها إلا ركاب
ونحن الركب والموت الحداء
ولو كان الخلود بها نعيماً
لفازت بالخلود الانبياء
وما يسترجع الباكي فقيدا
وان ادمى محاجره البكاء
الم تر كيف قوضت المنايا
بناء العلم فانتقض البناء
فقيد قد فقدنا الصبر عنه
فذل الدمع إذ عز العزاء
نسر بما سيلقي من نعيم
ولكنا لضيعتنا نساء
ولو سيم الفدا رخصت وهانت
نفوس كان يغليها الفداء
كأن مدامع الباكين مدت
بنائله فعم بها الرواء
فيا من قد رأى قمرا منيرا
يمد سنا الشموس له ضياء
غياث الملتجي في الخطب يلقي
لديه الأمن ان عظم البلاء
وغوث المرتجى يلقى لديه
وشيك النجح ان خاب الرجاء
منار هدى أضاء وكل سار
له في ضوء طلعته اهتداء
ودارت حوله العلماء شعثا
كما دارت على الورود الظماء
وشرع محمد يبكي حسيناً
بعين كان منه لها ضياء
ولا عجب وقد وسع البرايا
نداه ان يضيق بها الفضاء
وكانت تستعير ذكاء منه
سناً فاليوم كاسفة ذكاء
أبو المحاسن الكربلائي
الحمدان
07-30-2024, 09:14 PM
عليك بحسن الصبر فالصبر منحة
من الله ان الله جم مواهبه
فأيسر ما في الصبر تنفيس كربة
وتفريج غم تعتريك غواربه
وليس بمغن عنك بث وعبرة
وشكوى زمان لا ترد نوائبه
واعظم رزء فقد اصطباره
وان كثرت ارزاؤه ومصائبه
ومن جد في أمر يعز طلابه
ينل بجميل الصبر ما هو طالبه
أبو المحاسن الكربلائي
الحمدان
07-30-2024, 09:15 PM
لمن الركب على واد قبا
تتهادى العيس فيهم طربا
مشرقات في الدياجي لهم
أوجه غرّ تباهي الشهبا
تحمل الريح إذا مرت بهم
ارج الند وانفاس الكبا
يستدلون إذا خاضوا الدجى
قمرا يجلو سناه الغيهبا
ادلجوا يزجون في اظعانهم
رشأ أحوى يعاطي ربربا
شرعوا سمر القنا واعتقلوا
بالضبا يحمون ارام الظبا
ووراء الركب مطويّ على
لوعة تصلي حشاه لهبا
يتبع الاطعان طرفاً دامعاً
وفؤاداً شفه برح الصبا
قد تحروا منبت العشب وقد
عاد مغناهم بدمعي معشبا
نزلوا السفح فيا عين اسفحي
في نوى الاحباب دمعاً صيبا
غربت شمس التلاقي منهم
فاسهري الليل وراعي الشهبا
أبو المحاسن الكربلائي
العراق
الحمدان
07-30-2024, 09:15 PM
لك الخير فامدد كف جودك بالبذل
واكفف بكف البذل عنى يد المطل
واجزل لمثلى فى مهم يهمه
عطاك فلا عذر لمثلك عن مثلى
وإياك أن تضطرنى فى لبانة
فلست أرى للفضل غيرك من أهلى
فقد كورت شمس المكارم وانمحت
معالم أرباب الفضائل والفضل
وودع من قد يدعى الفضل فضله
وشد نطاق الدهر بالبخل والجهل
فكن لى معينا بالذى أنت أهله
من الفضل واستصحاب قولك بالفعل
فكن لى معينا الفكر فى كل لفظة
تريك بمرآة الذكا صورة العقل
نظام أتى كالدر من خالص القول
وكالصبح ضاهى فى المقالة والفعل
بدا من لبيب لوذعى مهذب
وفرع زكا أنعم به طاب من نجل
سمىُّ الخليل العابد الورع الذى
تميز بالتقوى وناهيك بالعقل
وضحت لنا من غامض الحال ما خفى
وأبديت عنوانا يدل على الفضل
وبالعقل يسمو من سما لا بصورة
وبالعفة البيضاء يزكو على المثل
وعقدك للآمال فينا محقق
بحسن اختيار صح عندى بلا نقل
فقر بنا عينا سنوليك بالرضى
لما رمته نوعا من البر والوصل
بحال وفيما بعد لست بغافل
وحسبك انجاح الامور على مهل
إبراهيم بن محمد الخليفة
الحمدان
07-30-2024, 09:16 PM
صواب لقلبى فى أساك يصاب
ونفسى لها أن لم تصاب عذاب
وعينى لها ان لم تفض أدمعا على
مصابك يا ابن الاكرمين ذهاب
أيا ماجد قد جد بى الوجد حسرة
ووجدى لوجد قد عراك صواب
فلو أن وجد المرء يرجع فائتا
لجاءك مما قد أساء جواب
فكن يا ابن ودى عن أسائك معرضا
وقل للاسى غيرى عليك يعاب
فانك أدنى الناس للحزم نسبة
وذو الحزم داعى الحزن منه يهاب
ومثلك لا يحتاج لى في وصية
ولكن قلبى في أساك مصاب
إبراهيم بن محمد الخليفة
الحمدان
07-30-2024, 09:16 PM
أعاذك الله يا ذا المجد والأدب
من وصل كل خليل صد عن كثب
ولا منحت صفاء الود غير فتى
يفديك مثلى بروح منه بعد أب
ولا بليت بداء فى الزمان به
يشقى الاديب يسمى حرفة الادب
ولا برحت عذورا للصديق اذا
رماه صرف زمان السوء بالنوب
يا من به أتوخى كل مكرمة
ومن به به نلت ما ادركت من أرب
أنت الحبيب وأنى للمحب على
قرب الحبيب عزاء غيربالنصب
أان قضى دهرنا ظلما بوصلكمو
لغيرنا وتوالى فيكم وصبى
يكون حظى ملاما منكمو وكذا
قد قيل كل محب كان في تعب
قل ما تشاء وكن عبدالعزيز كما
تشاء أنت صديق الروح في الحقب
وأنت معدن أفراحى ومركز ما
به ارتياح فؤادى لا ابنة العنب
وجد على بعذر منك ينعشنى
مما جناه زمانى يا فتى العرب
فقد شربت بكاس من عتابكمو
حلو المذاق ولكن هاج لى كربى
الله أكبر وهو المستعان على
مصاب مثلى ببعد منك مقترب
كيف العزاء لمثلى بعد بعدكم
وأنتم لفؤادى منتهى الارب
هيهات ليس سوى الاحزان تسعدنى
بعد الفراق ونار الشوق توقد بى
وهاك قول فتى ألقيت مهجته
بذكرك البين فى وادمن اللهب
ودمت فى فلك العلياء شمس هدى
لكل من نال محض المجد عن كثب
وخصك الله منى بالسلام ومن
لديك وهو جمال السادة النجب
إبراهيم بن محمد الخليفة
الحمدان
07-30-2024, 09:17 PM
هكذا المجد طارف وتليد
محتد طاهر وفرع مجيد
هكذا المجد فليكن في المعالى
يبتنى النجل ما بنته الجدود
آل عبد اللطيف سدتم ومن
كان أبو عبد اللطيف يسود
قد نماه مبارك ذو المعالي
حبذا والد وجد مجيد
أنتم نور مقلة الدهر لا بل
أنتم الدهر كله والوجود
أنتم مركز المعارف لا بل
أنتم للكمال أصل أكيد
لست أسطيع وصف فضلكم
ال جم وعقلي كما ترون بليد
يا أخلاي راشدا ذا المعالي
وابن ودي عبد العزيز الودود
وحبيبي عبد اللطيف الذي نو
ر فؤادي بوده لي شهيد
ليت شعري وقد تغنيت جهلا
بمقامي والجهل داء شديد
هل لعذري لديكم من قبول
يا أخلاي والخليل يجود
كيف جاريتكم وان جواد
الفكر مني عن القريض شرود
أنتم من علمتم وعلمنا
دينه ودكم وأنتم شهود
يا لها خجلة على لما قد
جاءكم عاطلا وفيه صدود
بيد أنى بذلت جهد مقل
وجهيد المقل عذر وجود
فخذوها عقيلة من فؤاد
دينه ودكم وأنتم شهود
مهرها منكم قبول وحسبي
وسلمتم قبولكم فهو عيد
إبراهيم بن محمد الخليفة
الحمدان
07-30-2024, 09:17 PM
إذا لم يكن صدر المجالس سيدا
حكيما تصدره الخصال النفائس
فكل امرئ أمسى شريفا بغيره
فلا خير فيمن صدرته المجالس
وكم قائل ما لي رأيتك راجلا
كأنك من تلك المكارم بائس
وقال أجبني عن سؤالي بحكمة
فقلت له من أجل أنك فارس
إبراهيم بن محمد الخليفة
الحمدان
07-30-2024, 09:18 PM
إذا لم يكن عقل الفتى عاقلا له
على معقل التقوى فلا حبذا عقل
نهاك الذى ينهاك عن كل هفوة
وحجرك ما يحجرك ان وثب الجهل
وهل يتصف بالعقل الا مهذب
أخو ثقة ينهى الى قوله الفصل
تقى له فى كل علم بصيرة
لها من لطيفات الحقائق ما يحلو
إبراهيم بن محمد الخليفة
البحرين
الحمدان
07-30-2024, 09:19 PM
هلمّ إلى ذوق طعم الأدب
هلمّ إلى نيل أقصى الأرب
هلمّ إلى ذا الغناء الذي
منيرة منه أتت بالعجب
أليست منيرة في عصرنا
مليكة فنّ غناء العرب
ولا غرو أن ملّكت ي الغناء
وأن أحرزت فيه أعلى الرتب
فقد أدركته على رسلها
ونالت أقاصيه من كثب
وأيّدها اللّه من صوتها
بأكبر عون وأقوى سبب
أرى فمها صيغ من حكمةٍ
وأبخسه أن أقل من ذهب
تلوح فتبتزّ بدر الدجى
وتشدو فيعتزّ فنّ الأدب
بلحن إذا امتدّ هزّ القلوب
وخدّر أبداننا والعصب
ترفوف أرواحنا تحته
كما رفرف الطير لما انقلب
وتخفق أحشاؤنا دونه
كما خفقت في الرياح العذب
نكاد إذا هي غنّت نطير
إليها بأجنحة من طرب
وإن هي قامت لانشادنا
جثونا لها وثنَينا الركب
فلو سمع القوم ألحانها
لشقّوا عمائمهم والجبب
أرى الهم يتعب قلب الفتى
وعنه الأغاني تزيل التعب
فبادر إليها ولا تكترِث
لما جاء من ذمّها في الكتب
معروف الرصافي
الحمدان
07-30-2024, 09:21 PM
لا تبك أربعهم ولا الأطلالا
واربأ بحبّك أن يكون خبالا
واترك سؤالك للرسوم فإنها
مما يزيدك بالسؤال ضلالا
وانظر إلى حسن الطبيعة أنه
حسنٌ يفيدك في الحياة كمالا
حسنٌ يقيّد من رآه بحّبه
ويفكّ من أفكاره الأغلالا
ويطير في جوّ السرور مرفوفاً
بالمشتكين كآبةً ومسلالا
أو ما ترى البدر المنير إذا بدا
يكسو الدجى من نوره سربالا
ولقد وقفت بجسر مود عشيّةً
والبدر في افق العلا يتلالا
والليل يلبس من سناه مطارفاً
منها يجرّ بدجلة أذيالا
أما النسيم فقد جرى متعطّراً
وحكى بطيب هبوبه الآمالا
وجبين دجلة قد صفا متألّقاً
فحكى السماء محاسناً وجمالا
فحسبت نفسي في السماء مشاهداً
تحتي بدجلة للسماء مثالا
ورأيت من فوقي السماء حقيقة
ورأيت من تحتي السماء خيالا
فكأنما الجسر الذي أنا فوقه
قد مدّ في حوّ السماء مشالا
وكأنما أنا في السماء محلّقٌ
طروراً أسفّ وتارة أتعالى
للّه ما شاهدته من منظر
يدع الكئيب كشاربٍ جريالا
حفّت جوانبه بكلّ بديعةٍ
فزها جمالاً واستقلّ جلالا
حتى نخيل الجانَببين جمعها
قامت له بحفارة اجلالا
قلتُ للبحر إذ وقفت مساءَ
كم أطلت الوقوف والإصغاءَ
وجعلت النسيم زاداً لروحي
وشربت الظلالَ والأضواءَ
لكأنَّ الأضواء مختلفات
جَعَلَت منكَ رَوضَةً غنّاءَ
مَرَّ بي عطرها فأسكَرَ نفسي
وَسرَى في جوانحي كيف شاءَ
نشوة لم تطل صحا القلب منها
مثلَ ما كان أو أشدّ عناءَ
إنما يفهم الشبيه شبيهاً
أيها البحر نحن لسنا سواءَ
أنت باقٍ ونحن حرب الليالي
مَزَّقتنا وصيرتنَا هباءَ
أنت عاتٍ ونحن كالزبد الذا
هبِ يعلو حيناً ويمضي جفاءَ
وعجيبٌ إليك يممتُ وَجهي
إذ مللتُ الحياةَ والأحياءَ
أبتغي عندك التأسّي وما تَم
لِك رَدَّاً ولا تجيب نداءَ
كل يومٍ تساؤلٌ ليت شعري
من ينبّي فيحسن الإِنباءَ
ما تقول الأمواج ما آلَم الشم
سَ فولّت حزينة صفراءَ
تركتنا وخلفت ليلَ شكٍّ
أبديٍّ والظلمةَ الخرساءَ
وكأنَّ القضاء يسخر مني
حين أبكى وما عرفتُ البكاءَ
ويح دَمعي وويح ذلة نفسي
لَم تدع لي أحداثه كبرياءَ
معروف الرصافي
الحمدان
07-30-2024, 09:22 PM
أيوسف ما إن أنت من فحل هجمةٍ
ولكن من الشَول الطوالب للفحل
لئن كنت تنمى للعطاء فإنه
عطاء الذي تزكو الورى فيه بالبخل
وإن كنت قد كفّرتني بجهالة
فبالبهت كم كفرت من مسلم قلبي
وإنك في تكفيرك الناس كافر
تهاون بالله الذي جلّ مثل
رويدك قد كفرت يا وغد مؤمناً
وكذبت فيما تدعي سيّد الرسل
وأنت امرؤٌ لم تجهل العلم وحده
بل الجهل أيضاً بل وجهلك بالجهل
وأنت من الإسلام في كل حالة
بمنزلة الظلم الصريح من العدل
نطقت ببطل القول تهذي ممخرقّاً
ومثلك من يهذي وينطق بالبطل
ألست الذي أعطى اللئام كرامةً
وكشّر فيه الأصل عن أربع عصل
وكم قرطست فيك الرماة ووترّت
عليك القسيّ الملس يا جعبة النبل
فيا علج أقصر عن نهيقك أنه
أضلّ كاضلال الخوار من العجل
أنزّه عنك السيف في قتلك الذي
تحتّم لكن يا مخنّث بالنعل
معروف الرصافي
العراق
الحمدان
07-30-2024, 10:40 PM
سقى الله من غرناطة متبوأ
الألى لهم حق علي كريم
ضمنت لها حفظ العهود وإنما
ضمنت لها أن لا أزال أهيم
ربوع أحبائي ومنشأ صبوتي
ومعهد أنسي إن ذا العظيم
أحب الحمى من أجل من سكن الحمى
حديث حديث في الهوى وقديم
لسان الدين بن الخطيب
الحمدان
07-30-2024, 10:41 PM
يرى جسدي فيكم غرام ولوعةٌ
إذا سكن الليل البهيم تثور
فلولا أنيني ما اهتدى نحو مضجعي
خيالكم بالليل حين يزور
ولو شئت في طي الكتاب لزرتكم
ولم تدر عني أحرف وسطور
لسان الدين بن الخطيب
الحمدان
07-30-2024, 10:41 PM
الشيب نبه ذا النهى فتنبها
ونهى الجهول فما أفاق ولا انتهى
فإلى متى ألهو وأفرح بالمنى
والشيخ أقبح ما يكون إذا له
السان الدين بن الخطيب
الحمدان
07-30-2024, 10:42 PM
لا خَلَتْ مِنْ سَناكُمُ الأَحْياءُ
فَبِكَمْ تَنْجَلي بِها الظَّلْماءُ
كانَ دَمْعُ الحَيا عَلَيْهِنَّ سَقْياً
فَهوَ مُذْ غِبْتُم بِهنَّ بُكاءُ
مَنْ تَلتْ مِنْكُمْ عَليْهِ مَعانٍ
كَيْفَ تَحْوي قِيادَهُ أَسْماءُ
ما مُرادي بِالرَّبْعِ أَسْماءُ أَنْ تَسْ
خو بِوَصْلٍ أو أَنْ يَدُومَ لِقاءُ
بَيْنَما نَحْنُ بِالدّيارِ وَقَدْ طالَ
وُقوفٌ مِنّا وَطالَ رَجاءُ
إذ سَرتْ مِنْ دِيارِهِمْ نَسماتٌ
بَسماتٌ في إثْرها إرْضاءُ
مَرْحباً مَرْحباً عليها سُتُورٌ
مِنْ وِدادٍ أَذْيالهُنَّ الوَفَاءُ
الشاب الظريف
العصر المملوكي
الحمدان
07-30-2024, 10:42 PM
سَقِياً لِيَومٍ قَد أَنَختُ بِسَرحَةٍ
رَيّا تُلاعِبُها الشَمالُ فَتَلعَبُ
سَكرى يُغَنّيها الحَمامُ فَتَنثَني
طَرَباً وَيَسقيها الغَمامُ فَتَشرَبُ
يَلهو فَتُرفَعُ لِلشَبيبَةِ رايَةٌ
فيهِ وَيَطلُعُ لِلبَهارَةِ كَوكَبُ
وَالرَوضُ وَجهٌ أَزهَرٌ وَالظُلُّ فَرعٌ
أَسوَدٌ وَالماءُ ثَغرٌ أَشنَبُ
في حَيثُ أَطرَبَنا الحَمامُ عَشِيَّةً
فَشَدا يُغَنّينا الحَمامُ المُطرِبُ
وَاِهتَزَّ عِطفُ الغُصنِ مِن طَرَبٍ بِنا
وَاِفتَرَّ عَن ثَغرِ الهِلالِ المَغرِبُ
فَكَأَنَّهُ وَالحُسنُ مُقتَرِنٌ بِهِ
طَوقٌ عَلى بُردِ الغَمامَةِ مُذهَبُ
في فِتيَةٍ تَسري فَيَنصَدِعُ الدُجى
عَنها وَتَنزِلُ بِالجَديبِ فَيَخصِبُ
كَرُموا فَلا غَيثُ السَماحَةِ مُخلِفٌ
يَوماً وَلا بَرقُ اللَطافَةِ خُلَّبُ
مِن كُلِّ أَزهَرَ لِلنَعيمِ بِوَجهِهِ
ماءٌ يُرَقرِقُهُ الشَبابُ فَيَسكُبُ
ابن خفاجه
الحمدان
07-30-2024, 10:42 PM
أَلا فَضَلَت ذَيلَها لَيلَةٌ
تَجُرُّ الرَبابُ بِها هَيدَبا
وَقَد بَرقَعَ الثَلجُ وَجهَ الثَرى
وَأَلحَفَ غُصنَ النَقا فَاِحتَبى
فَشابَت وَراءَ قِناعِ الظَلامِ
نُواصي الغُصونِ وَهامُ الرُبى
فَمَهما تَيَمَّمتُ خَمّارَةً
رَكِبتُ إِلى أَشقَرٍ أَشهَبا
وَحَيَّيتُ جانِبَها طارِقاً
فَقالَت تُجيبُ أَلا مَرحَبا
وَقامَت بِأَجيَدَ مِن كَأسِها
لِأَوقَصَ مِن دَنِّها أَحدَبا
فَجاءَت بِحَمراءَ وَقّادَةٍ
تَلَهَّبُ في كاسِها كَوكَبا
عَثَرتُ بِذَيلِ الدُجى دونَها
فَأَضحَكتُ ثَغراً لَها أَشنَبا
وَقَد مَسَحَ الصُبحُ كُحلَ الظَلامِ
وَأَطلَعَ فَودُ الدُجى أَشيَبا
ابن خفاجه
الحمدان
07-30-2024, 10:43 PM
أَيُّ زَمانٍ جادَ إِلّا نَهَب
أَم أَيُّ خَطبٍ جارَ إِلّا ذَهَب
كُلّاً طَوى الدَهرُ فَلا ما وَهى
بِجانِبٍ دامَ وَلا ما وَهَب
فَما لِعَقلٍ وافِرٍ وَالمُنى
وَما لِنَفسٍ حُرَّةٍ وَالذَهَب
فَصِل إِذا قارَعتَ قِرناً وَصِل
خِدناً وَلا تُقلِع إِذا السَيفُ هَب
وَاِبتَع بِكيسٍ كاسَ مَشمولَةٍ
وَاِسحَب ذُيولَ اللَهوِ وَاِخلَع وَهَب
وَاِستَضحِكِ المَجلِسَ عَن قَهوَةٍ
قَد نَبَّهَت لِلصُبحِ هُدأً فَهَب
نارِيَّةِ اللَذعَةِ نورِيَّةٍ
في صُفرَةٍ فاقِعَةٍ أَو صَهَب
وَهُزَّ مِن عِطفَيكَ عَن نَشوَةٍ
غُصناً إِذا مانَفَّسَ الصُبحُ هَب
بِأَبيَضٍ كَالماءِ مُستَودَعٍ
ماشِئتَهُ مِن أَحمَرٍ كَاللَهَب
لَو ذابَ هَذا لَجَرى فِضَّةً
أَو جَمَدَت تِلكَ لَكانَت ذَهَب
ابن خفاجه
الحمدان
07-30-2024, 10:43 PM
وَمُطَهَّمٍ شَرِقِ الأَديمِ كَأَنَّما
أَلِفَت مَعاطِفُهُ النَجيعَ خِضابا
طَرِبٌ إِذا غَنّى الحُسامُ مُمَزِّقٌ
ثَوبَ العَجاجَةِ جيئَةً وَذَهابا
قَدَحَت يَدُ الهَيجاءِ مِنهُ بارِقاً
مُتَلَهِّباً يُزجي القَتامَ سَحابا
وَرَمى الحِفاظُ بِهِ شَياطينَ العِدى
فَاِنقَضَّ في لَيلِ الغُبارِ شِهابا
بَسّامُ ثَغرِ الحَلي تَحسِبُ أَنَّهُ
كاسٌ أَثارَ بِها المِزاجُ حَبابا
ابن خفاجه
الحمدان
07-30-2024, 10:43 PM
تَخَيَّرتُهُ مِن رَهطِ أَعوَجَ سابِحاً
أَغَرَّ كَريمَ الوالِدَينِ نَجيبا
خَفيفاً وَلَم يَحلُم بِسَوطٍ كَأَنَّما
يَفوتُ عَدُوّاً أَو يَؤُمُّ حَبيبا
سَرى وَاِنتَمى بَرقٌ بِذي الأَثلِ لَيلَةً
فَباتَ بِها هَذا لِذاكَ نَسيبا
وَحَنَّ إِلى سَفَرٍ فَطارَ إِلى السُرى
يَخوضُ خَليجاً أَو يَجوبُ كَثيبا
يَؤُمُّ بِها أَرضاً عَلَيَّ كَريمَةً
وَمُرتَبَعاً فيها إِلَيَّ حَبيبا
وَنَهراً كَما اِبيَضَّ المُقَبِّلُ سَلسَلاً
وَجِزعاً كَما اِخضَرَّ العِذارُ خَصيبا
وَرُبَّ نَسيمٍ مَرَّ بي وَهوَ عاطِرٌ
رَقيقُ الحَواشي لايُحَسُّ دَبيبا
وَجَدتُ بِهِ مِن ذَلِكَ الماءِ بَلَّةً
وَمِن نورِ هاتيكَ الأَباطِحِ طيبا
فَصافَحتُ رَيعانَ النَسيمِ تَشَوُّقاً
إِلَيها وَلازَمتُ القَضيبَ رَطيبا
وَقَد قَلَّدَ النُوّارُ جيداً لِرَبوَةٍ
هُناكَ وَنحراً لِلفَضاءِ رَحيبا
وَأَفصَحَتِ الوَرقاءُ في كُلِّ تَلعَةٍ
نَشيداً وَقَد رَقَّ النَسيمُ نَسيبا
وَكانَ عَلى عَهدِ الشَبابِ تَغَنِّياً
يَشوقُ أَخا وَجدٍ فَعادَ نَحيبا
دَعا لِغُروبِ الدَمعِ وَالدارُ غُربَةٌ
فَلَم أَرَ إِلّا داعِياً وَمُجيبا
ابن خفاجه
الحمدان
07-30-2024, 10:44 PM
وَخَيرِيَّةٍ بَينَ النَسيمِ وَبَينَها
حَديثٌ إِذا جَنَّ الظَلامُ يَطيبُ
لَها نَفَسٌ يَسري مَعَ اللَيلِ عاطِرٌ
كَأَنَّ لَهُ سِرّاً هُناكَ يَريبُ
يَدِبُّ مَعَ الإِمساءِ حَتّى كَأَنَّما
لَهُ خَلفَ أَستارِ الظَلامِ حَبيبُ
وَيَخفى مَعَ الإِصباحِ حَتّى كَأَنَّما
يَظَلُّ عَلَيهِ لِلصَباحِ رَقيبُ
ابن خفاجه
الحمدان
07-30-2024, 10:44 PM
يا رُبَّ قَطرٍ جامِدٍ حَلّى بِهِ
نَحرَ الثَرى بَرَدٌ تَحَدَّر صائِبُ
حَصَبَ الأَباطِحَ مِنهُ ماءٌ جامِدٌ
غَشّى البِلادَ بِهِ عَذابٌ ذائِبُ
فَالأَرضُ تَضحَكُ عَن قَلائِدِ أَنجُمٍ
نُثِرَت بِها وَالجَوُّ جَهمٌ قاطِبُ
فَكَأَنَّما زَنَتِ البَسيطَةُ تَحتَهُ
فَأَكَبَّ يَرجُمُها الغَمامُ الحاصِبُ
ابن خفاجه
الحمدان
07-30-2024, 10:44 PM
أَلا أَفصَحَ الطَيرُ حَتّى خَطَب
وَخَفَّ لَهُ الغُصنُ حَتّى اِضطَرَب
فَمِل طَرَباً بَينَ ظِلٍّ هَفا
رَطيبٍ وَماءٍ هُناكَ اِنثَعَب
وَجُل في الحَديقَةِ أُختِ المُنى
وَدِن بِالمُدامَةِ أُمِّ الطَرَب
وَحامِلَةٍ مِن بَناتِ القَنا
أَماليدَ تَحمِلُ خُضرَ العَذَب
تَنوبُ مورِقَةً عَن عِذارٍ
وَتَضحَكُ زاهِرَةً عَن شَنَب
وَتَندى بِها في مَهَبِّ الصَبا
زَبَرجَدَةٌ أَثمَرَت بِالذَهَب
تَفاوَحُ أَنفاسُها تارَةً
وَطَوراً تُغازِلُها مِن كَثَب
فَتَبسِمُ في حالَةٍ عَن رِضاً
وَتَنظُرُ آوِنَةً عَن غَضَب
ابن خفاجه
الحمدان
07-30-2024, 10:45 PM
نَبِّه وَليدَكَ مِن صِباهُ بِزَجرَةٍ
فَلَرُبَّما أَغفى هُناكَ ذَكاؤُهُ
وَاِنهَرهُ حَتّى تَستَهِلَّ دُموعُهُ
في وَجنَتَيهِ وَتَلتَظي أَحشاؤُهُ
فَالسَيفِ لا تَذكو بِكَفِّكَ نارُهُ
حَتّى يَسيلَ بِصَفحَتَيهِ ماؤُهُ
ابن خفاجه
الحمدان
07-30-2024, 10:45 PM
وَمَجَرِّ ذَيلِ غَمامَةٍ قَد نَمَّقَت
وَشِيَ الرَبيعِ بِهِ يَدُ الأَنواءِ
أَلقَيتُ أَرحَلُنا هُناكَ بِقُبَّةٍ
مَضروبَةٍ مِن سَرحَةٍ غَنّاءِ
وَقَسَمتُ طَرفَ العَينِ بَينَ رَباوَةٍ
مُخضَرَّةٍ وَقَرارَةٍ زَرقاءِ
وَشَريتُها عَذراءَ تَحسِبُ أَنَّها
مَعصورَةٌ مِن وَجنَتَي عَذراءِ
حَمراءُ صافِيَةٌ تَطيبُ بِنَفسِها
وَغِنائِها وَخَلائِقِ النُدَماءِ
خُذها كَما طَلَعَت عَلَيكَ عَرارَةٌ
مُفتَرَّةٌ عَن لُؤلُؤِ الأَنداءِ
ابن خفاجه
الحمدان
07-30-2024, 10:45 PM
خُذها إِلَيكَ وَإِنَّها لَنَضيرَةٌ
طَرَأَت عَلَيكَ قَليلَةَ النُظَراءِ
حَمَلَت وَحَسبُكَ بَهجَةٌ مِن نَفحَةٍ
عَبَقَ العَروسِ وَخَجلَةَ العَذراءِ
مِن كُلِّ وارِسَةِ القَميصِ كَأَنَّما
نَشَأَت تُعَلُّ بِريقَةِ الصَفراءِ
نَجَمَت تَروقُ بِها نُجومٌ حَسبُها
بِالأَيكَةِ الخَضراءِ مِن خَضراءِ
وَأَتَتكَ تُسفِرُ عَن وُجوهٍ طَلقَةٍ
وَتَنوبُ مِن لُطفٍ عَن السُفَراءِ
يَندى بِها وَجهُ النَدِيِّ وَرُبَّما
بَسَطَت هُناكَ أَسِرَّةَ السَرّاءِ
فَاِستَضحَكَت وَجهَ الدُجى مَقطوعَةٌ
جَمُلَت جَمالَ الغُرَّةِ الغَرّاءِ
ابن خفاجه
العصريه الاندلسي
الحمدان
07-30-2024, 11:50 PM
إن كنت أسرفت فيما قُلته سَفهاً
ولم تَقم لي إذا نوقشت أعذار
أرجو الكريم لما أسرفت مغفرة
إن الكريم لما يرجوه غفّار
ابن سودون
الحمدان
07-30-2024, 11:50 PM
يا مُسبل الستر على مَن عصى
بحلمه مع علمه ما خفا
أرخص لنا الأسعار والطُف بنا
واستر بماء النيل برّ الوفا
ابن سودون
الحمدان
07-30-2024, 11:51 PM
هل من سبيلٍ إلى رِيقِ المُريقِ دَمي
فما يُزيل سِوى ذاك اللَّمى ألَمي
يَشْفِي به من يُهينُ الدُّرَّ مَنْطِقُها
نَظْمَاً ونثراً بدُرِّ الثَّغر والكِلَمِ
رَوْدٌ تَرودُ حِمى قَلْبِي وتشربُ من
دَمْعِي وتسكن من صدري إلى حَرم
نادتْ محاسِنها العُشّاقَ مُعلِنةً
أنّ المَنى والمُنى في مُقْلتي وفمي
فما احْتكمْتُ وعيْنَيْها إلى فَمِها
إلاّ شُغِلتُ عن الخَصْمين بالحَكَمِ
غَرّاءُ كالدُّرَّة البيضاء تَحْجُبُها
أستارُ بحرٍ بماء الموتِ مُلتَظِم
تُهْوى فَتَهْوي المُنى دون اللَّحاقِ بها
أَفْدِيك مِن أَمَمٍ أَعْيَا على الأُممِ
زارَتْ فَأَيْقَظتُ صَوْنِي في زيارتها
ليَقْظتي وَنَدَبتْ الحلْمَ للحُلُمِ
آليتُ أسألُ إلْمامَ الخيالِ ولي
عَينٌ وقد ظَعَنَ الأحباب لم تَنَمِ
كأنَّني بهمُ أَقْسَمتُ لا طَمِعت
طيبَ الكَرى فأبَرَّتْ مُقلَتي قَسَمي
وكيف لي يَوْمَ ساروا لو صَحِبْتُهمُ
مِن المطايا ورأسي مَوْضِعَ القَدِم
بانوا فَرَبْعُ اصطباري مُنذ بَيْنِهمُ
بالٍ كَرَبْعِهمُ البالي بذي سَلَم
وا وَحْشَتي إذ أُنادي في مَعالِمِهمْ
صُمّاً تُجيبُ بما يَشفي من الصَّممِ
يَشْكُو صَداها إلى عَيْنِي فَتَمْنَحُها
دَمْعَاً إذا فاض أَغْنَاها عن الدِّيَمِ
وكلّما قال صحبي طالَ مَوْقِفُنا
فارْحلْ بنا قالت الآثارُ بل أَقِم
مَنازِلٌ كلّما طال البِعاد عَفَتْ
كأنما تَسْتَمِدُّ السُّقْمَ من سَقَمي
قِفوا فَأَقْوى غَرامي ما يُجَدِّدُهُ
برَسْمِه طَلَلٌ أقوى على القِدَم
قُل للأُلى غَرَّهمْ حِلْمي ونَقَّصَهمْ
إيّاكمُ وطريقَ الضَّيْغَمِ اللَّحِم
فالحِلْمُ جَفْنٌ وإنْ سُلَّتَّ حَفيظتُه
فربّما كَشَفَتْ عن صارِمٍ خَذِمِ
الخطيب الحصكفي
العصر المملوكي
الحمدان
07-30-2024, 11:51 PM
أَعلى السَّماحة جريُ كُلِّ يماني
مجرى أَبي حسن على الإحسانِ
أَلِكُلِّ ازديّ كذهل عادة
في البرّ جارية بكل مكانِ
أمّا أبو حسَن فقَد عُلْمِت لهُ
مننُ الأَيادي من يد ولسانِ
وله إذا افتخر الملوك ارومة
في الأَزد نامية إلى قحطانِ
وله إذا ما المُزْنُ أمْسكَ قطرَة
كفّان جوداً بالحَيا يَكِفانِ
ورث العتيكُ الأَزدَ ثم انتهى
شرفُ العتيك إلى بَني نبهانِ
واختَصّ دهل فيهمُ ببسالةٍ
وسماحة وفصاحة وبَيانِ
لك يا أبا الحسن المكارم كلّها
ليس الكمال سواك في إنسانِ
ولأنتَ أولى بالثناء لقولنا
يا أولاً في الفضل مالك ثاني
وبقيتَ يا ابن أبي المعمّر عامراً
بنيانَ مجدك خير ما بنيانِ
الستالي
الحمدان
07-30-2024, 11:52 PM
قَصَرْن الْخُطا وهززنَ الغُصُونا
ورقرقن تحت النّقاب العُيُونَا
وفلَّجن كالأُقحوانِ الثَّنايَا
وكحَّلن بالسِّحر منها الجُفونا
ووشَّين بالتّبر بيضَ التَّراقي
وغشَّين سود الفروع المُتونا
وضمَّن أردانهنّ الدّماليج
حَلياً واذيالهنَّ البُرينا
واقبلن يخطرن مشي الهوينا
ويبدين من كل حسنٍ فنونا
فلمَّا عرضن لنا سافراتٍ
اعدنَ الهَوى وبَعَثْنَ الشجونا
وذكَّرننا عهدنا بالمغاني
اذ الحيّ للرّبع كانوا قَطينَا
ومرعى الصّبا ومحلَّ الغواني
وكنَّا بهن زمانا غّنينا
وطوع الهَوى وانباع الملاهِي
وما كان ذلك إلاَّ جنونا
نعمنا بتلك الملاهي زماناً
وعشنا بتلك البطالات حينا
فلمَّا تغشَّى البياضُ الرؤوس
جَفَوْنا الصّبا وقطعنا القرينا
رأينا وقاراً من الشيب القَى
على حركات الشباب السُّكونا
على أَنَّني عند ذكرى حبيب
وعرفانِ داري أطيل الحنينا
نزوعاً إلى أهل تلك المغاني
وشوقاً إلى الجيرة الظاعنينا
وما أنسَ لا انسَ يومَ التنائي
وقد ازمَع الحيُّ بَيناً مُبينا
غداة رأينا الركائب زُمَّت
ظَننَّا الأسى وأسأنا الظنونا
بعينكَ في الآل تلك المطايَا
كموج الفُرات يُقِلّ السَّفينا
اقمت بجسم يذوب ويضنى
وودعت في الظعن قلبي رهينا
متى يتلاقى فريقاً ودادٍ
فيقضي الغريمُ الغريمَ الدُّيونا
بَرغمي بَعُدتُ عن الأصفياءِ
وقد كنت بالأصفياء الضنينا
واصبحتُ امَّا لزمتُ انفراداً
وإلا صحبتُ الحسُود الخَؤونا
عدمنا الأمانات والنُّصح فينا
وابغي لنفسي نَصوحاً أمينا
ألا ربّ مَبدٍ اليك ابتساماً
ويُضمر في القلب داءً دفينا
اذا نحن من حادثاتٍ الليَّالي
وَجدنا أذّى وشكونا السّنِينا
رحلنا الركائب من ذات جوسٍ
تجوبُ الفلاةَ وتَطوي الحزُونا
إلى سيِّد من ملوك العتيك
يفيد الألوف ويعطي المئينَا
أرحنا مَطيّاً وزُرنا عَليّاً
أبا القاسم المكرمَ الزائرينا
أبا القاسِم المالِ سراً وجهراً
غدوّاً عشيّاً على المعتفينا
كريم السَّجايا جزيلَ العطايا
يرى الجُود والحلم والعزم دينا
بفعل الجميل وبذل الأيادي
أتته المعالي بكوراً وعونا
اسرَّ لكسب المعالي حَمداً
فصار لكل جميل ضمينا
لمحمّد بن أبي المعمّر شيمة
مطبوعةٌ من جوهر الإِحسان
انظر إليه ترى السَّماحة والنُّهى
والحلم والإقدام في انسان
شهدت خلائِق في الأجلّ محمَّدٍ
أنَّ العلى ارث لكل يماني
وحَوى أبو عبد الإله فضيلتيْ
احسان مختبرٍ وحسنِ عيانِ
الوارث الشَّرف القديم سَما به
مجدُ العتيك إلى ذرى قحطانِ
فإذا تعذّر مطلب حاولته
من ربعه بندى اغرّ هجانِ
فشفى صَدى أملي وأنجح مطلبي
منه باندى راحة وبَنانِ
جمع الإلهُ له الأمانيَّ التي
يحظَى بها في عزَّة وأمانِ
الستالي
الحمدان
07-30-2024, 11:52 PM
حُلِيّ الملوك وتيجانُها
وبيتُ المعالي وايوانُها
وبأس الكُماة وإقدامها
وحُلم الكفاة وإحسانها
توارثنها الأزدُ حتى انتهت
إلى أن حوى الإِرثَ نَبهانُها
أمير العتيك تسامى به
كهُول العَتيك وشبَّانها
أنبهان إِنك من عصبةٍ
نماها إلى المجد قحطانُها
همُ العين في يعرب كلّها
وأنت من العَين إنسانها
إذا طلبت مكرمات العُلى
بدا في جبينك عُنوانها
وأنت إذا صَعبت حاجةٌ
أتى من بيمينك إمكانُها
فعشت وبُلّغتَ من سيّدٍ
مناكَ وسرَّكَ لُقيانها
ولا زال يغدوك في نعمةٍ
شباب الحيَاة ورَيعانُها
الستالي
الحمدان
07-30-2024, 11:52 PM
أكلُّ مهذّبٍ طلِق اليدين
كأنّ لنا عليه قضاءَ دينِ
فصبراً لاعتيادي ما وَصلتم
ببذل العُرف بينَكم وبيني
أقام لكم وداداً حشوَ قلبي
نَوالكم الذي هوَ مِلْ عيني
وأبلجَ من بني عمرٍ جوادٍ
صَفت أخلاقه صفوَ اللُّجين
وهشَّ وبشَّ كالسَّيف المحلَّى
بَدا واهتزَّ كالرُّمح الرُّديني
لقد حسنت مساعدةُ الأماني
بإحسان الأجلّ أبي الحُسينِ
الستالي
الحمدان
07-30-2024, 11:53 PM
أُعيّر نفسي حرصها واجتهادها
واعذرها حباً إذا الفقر آدها
وما ندعّي من عزّة بعد ما رأى
لأيدي الأماني ذلهّا وانقيادها
يلى ربما لاقت نزاهة مطلبٍ
إذا وجدت عند الملوك مرادَها
اُتيح لها آل نبهان مذهبٌ
كفاها لغير الصّالحين اعتمادَها
إذا الشيعة الأزدية أختَرت قَصدها
فيّمم بني نبهان تلحق جَوادَها
وسيدها الباني لها الشرف الذي
كساها سَرابيل الفخار وسدَها
لعمري كم عدَّت له من صنيعةٍ
نُجّلى كفاها أو بنعمى أَفادها
تملّك من قلب المعاني وعَينَها
سويداءَه في يَعرب وسوادَها
ترى في يديه عارض الجود كلّما
أشارت إليه كفّ ظمآن جادَها
فحّياه باريه وأحياه مدَّةً
إلى الأمد الأقصى يُطيل امندادَها
الستالي
الحمدان
07-30-2024, 11:53 PM
أمُدَّ خَرَ المعروف أعزِزْ به ذُخراً
لمن ودّ أنْ يعتاضَ من ماله الشُكرا
كما أَنت بالمعروفِ يا ذهل باسطٌ
لُهاكَ التي بالحمد انطقت الشعرا
متى يتَّم العارفون بابك صادفوا
لديك الفناءَ الّهل والنائل الغَمرا
ولما رأيت المال يُسدْي بذكره
أبا حسنٍ أَحسنت عن مالكَ الذكرا
ولم تَلقَ دون المال ستراً يصونه
فصار إذا بالبذل عن عرضك الستَّرا
تقَيّلتَ آثار الأوائل ذاهباً
إلى الرّتبة العلياء بالهمة الكبرى
إليك مواريثُ اليمانية انتهتْ
من المجد مقدوراً علوتَ به قدراً
فاصت مُحتلاً من الشّرف الذُرى
ومنتدياً من مجلس السّادة الصّدرا
لكَ اللهُ من دُنياكَ يا ذُهل عامراً
ربوعَ غِنَّ فيها تطيلُ لك العُمرا
وبلّغتَ في أولادك السؤُّل والمنى
فقرّ بهم عينين واشْداد بهم أزْرا
الستالي
الحمدان
07-30-2024, 11:54 PM
منك النّوالُ ومني الشكر والطّمعُ
وحيث كان مَصابُ الغيثُ منتجعُ
عوّدتني العادةَ الحسنى أبا حسن ٍ
فلم يكن عنك لي صبرٌ ومقتنعُ
ما شامَ منكَ رجائي ضوءَ بارقةً
إلاّ وصادف غيثاً صَُْبُه دُفَعُ
يُهنيكَ غيثُ أيادٍ أنتِ واضعها
عندي وهنَّ لعمري خير ما تضعُ
فإنَّ مثلك من أسدى الصنيعة لي
عفواً ومثلي بالبّر يُصطنعُ
لم تُولني منناً إلاّ وقابلها
رَطبٌ بحسن ثناءٍ ليس ينقطع
ولي لسانٌ فصيحٌ في بني عُمرٍ
بالشكر مني معنىً فيك مُختْرعُ
المحسنينَ بلا مطَلٍ إذا وَعدوا
والمنعمين بلا منٍّ إذا نفعوا
وأنتَ يا ذُهل فيهم سيد علمٌ
ماضي العزيمة لا وانٍ ولا ضرَعُ
وطال عمركَ وازْددت انبساط يدٍ
تعلو على الترتبة العُليا وترتفعُ
سامٍ توقّلتَ من فرع العُلى شرفاً
كما توقّل رأسَ الشاهق الصَّدَعُ
الستالي
العصر المملوكي
الحمدان
07-30-2024, 11:54 PM
ماءُ الغَمَامةِ والُمدَامةِ والقَدَح
وابنُ الحَمامَةِ في الأَراكَةِ قَد صَدح
والرَّوضُ نَدِّيُّ النَّدى ما لاعَبت
أَنَوارَهُ رِيحُ الصَّبَا إِلاَّ نَفَح
والوَردُ في خَديَّهِ من شَمسِ الضُحَى
خَجِلٌ وثَغرُ الأُقحُوانِ قَدِ انفَتَح
والغَيمُ يَنظِمُ من جَواهرِ طَلِّهِ
لعواتقِ الزَّهرِ القلائدَ والسُّبَح
والأَرضُ قَد ضَمنَ السَّحَابُ لِتُريِها
ريَّاً منَ الَماءِ القَراحِ قَدِ اقَتَرح
والجَوُّ فُضيُّ الرِّدَاءِ رُقُومُهُ
بِسَناهُ يُذهِبُها الوَميضُ إِذا لَمَح
والغُدرُ قَد لَبست مُضَاعَف سَردِها
لَمَّا رَمَى عن قَوسِهِ نبلاً قُزَح
فَاخلع عِذَارَك في التَّصابي والهَوَى
فَصِيانةُ الفَطنِ اللَّبيبِ إذا افتُضح
وانهَض إِلى الرَّاحِ التي لَم تَدعُهَا
إِلاَّ أَجَابَت بالَمسَرَّةِ والفَرَح
صَفراءُ حَاطَ الكَاسُ مِنها قانياً
لُطفاً وَراضَ الماءُ مِنها ما جَمَح
شَرُفَت فَأَيُّ يدٍ لها ما سُوِّرَت
نُعمَى تَعُمُّ وأَي قَلبٍ ما انشَرحَ
بَيني وَبَين عَواذلي في شُربِها
ما بَين فَضِّ الخَتم مِنها منها والتَّرَح
يَسعَى بِها خَضرُ الَمرَاشِفِ خَصرُهُ
بِسَقَامهِ قَبلَ الوِشَاحِ قَد اتَّشح
قَمَرٌ تَحَاربَ فيهِ جَفنيَ والكَرىَ
لَكِنَّ جِسمي والسَّقامَ قَد اصطًلح
أَو ذاتُ دَلِّ كالغَزالةِ إِن بَدَت
وجهاً وَجِيداً كالغَزَالِ إِذا سَنَح
الطَّلعُ فِيها نضيرٌ نَورُهُ
من أَينَ يا هذا أَنامِلُها البَلَح
والجُلَّنَارُ بِخَدَّهَا يا صَدرَهَا
من أينَ ذا الرُّمَّانُ أَمرُهما اتَّضَح
فَاستَحلِها وأَطع سُروُرَكَ عَاصِياً
مَن لَجَّ في تَعنِيفهِ ولَحَا وَلَح
في رَوَضةٍ تَتجاوَبُ الأَطيارُ في
بَاناتِهَا وَالماءُ فيها قَد سَرَح
شهاب الدين التلعفري
الحمدان
07-30-2024, 11:55 PM
لَحَى اللهُ مِصرَ وَسُكَّانَها
فَأَفعالُها للرِّيا والحَسَد
وكيفَ يَرومُ الغِنَى مُفلِسٌ
بِها وعلى كُلِّ فِلسٍ أَسَد
شهاب الدين التلعفري
الحمدان
07-30-2024, 11:56 PM
سَمِعتُ لابنِ بُنيمانٍ وَبَغلتِهِ
عَجيبةً خِلتُها إِحدى قَصائَدهِ
قالوا رَمَتهُ وداسَت بالنِّعالِ عَلى
قَفاهُ قُلتُ لَهُم ذا من عَوائِدهِ
لأَنِّهَا فَعَلت في حَقِّ والدِها
ما كانَ يَفعَلُهُ في حَقِّ والدِهِ
شهاب الدين التلعفري
الحمدان
07-30-2024, 11:56 PM
سَقَى خِلاطَ مُلِثُّ الوَدقِ مِن دارِ
فَإِنَّ فيها لُباناتي وَأَوطاري
ماجَت خُراسانُ وارتَجَّت قَواعدُها
كأَنَّها الدَوحُ لاقى صَوبَ إِعصارِ
وأَضحَتِ الكُرجُ في تَفليسَ خائفةً
إِذ جاورت مِنكَ جاراً أَيَّما جارِ
غَيثاً من الرُّعبِ مَلاناً وَليثَ شَرىً
يَظلُّ ما بَينَ فَيَّاضٍ وَزَوَّارِ
عَليَكَ تَقرا مُلوكُ الأرضِ قاطِبةٌ
صَحائفَ الَمجدِ في نَجدٍ وَأَغوارِ
والنَّاسُ والطَّيرُ أَضيافٌ وعائِلَةٌ
للهِ دَرُّكَ من مُقرٍ وَمِن قاري
بسَطتَ لي يَوَم حَمَّامٍ الرُّها أَمَلاً
وَأَنتَحُرٌّ كريمٌ نَجلُ أَحرارِ
كَوَعدِ عَمِّكَ إِذ وافاهُ عَرقَلَهٌ
يَستنِجزُ الوَعدَ في نَظمٍ وأَشعارِ
فقالَ بيتاً سَرى كالشَّمسِ في مَثَلٍ
مُوَلَّدٍ من لُبابِ الشِّعرِ سَيّارِ
قُل لِلصَّلاحِ مُعني عِندَ إِعساري
يا أَلفَ مَولاي أَينَ الأَلفُ دينارِ
وأَنتَ لا شَكَّ من ذاكَ النِّجارِ ولي
وَعدٌ عَليكَ وهذا وَقت تَذكاري
ما أَنتَ دونَ صلاحِ الدِّينِ في كَرَمٍ
وَلا أَنا دونَ حَسَّانِ بنِ عَمَّارِ
شهاب الدين التلعفري
الحمدان
07-30-2024, 11:57 PM
ما في وقوفِكَ في الجرعاءِ من عارِ
إن لم تكن من سَقامِي والضنَّى عاري
هذي ملاعبُ ذاكَ الرِّيمِ فارمِ بِها
معي لحاظَكَ دون الرَّكبِ يا حارِ
قِف لي فلي في وقوفي بالحمى أَرَبٌ
واكتُم لَقيتَ سروراً ثمَّ أَسراري
وانظر مغازلَتي ذاكَ الغزالَ إذا
رنا وماسَ بعسَّال وبتَّارِ
رمي فؤادي وما عندي لهُ تِرَةٌ
بأسهمٍ فُوِّقت من غيرِ أوتارِ
فحيَّرَ الفَرقَ ما بينَ الدُّجى وضُحىً
وحيَّر الخدَّ بينَ الماءِ والنارِ
من ضلَّ في شَعرهِ يُهدَي بمبسمهِ
وثغرهِ البارقِ الشاري بهِ شاري
رفعتُ قصَّةَ دمعِ العينِ لي وَقِعٌ
لا ينقطع رسمُ هذا المدمعِ الجاري
ويحَ المعرَّجِ بالأطلالِ يندبُها
ماذا يفيدُ سؤالُ الرَّسمِ والدارِ
شهاب الدين التلعفري
الحمدان
07-31-2024, 12:19 AM
حتّامَ تُبذَلُ في هواكَ الأنفُسُ
وتُصانُ عنها بالجمالِ وتُحرَسُ
وإِلامَ يُوحِشُكَ الغِنَى عن مُغرمٍ
أبداً بوحشةِ فقرهِ يستأنسُ
كُلِّي لأعينهِ ثُغورٌ لُعَّسٌ
ومعاطفٌ غيدٌ ودُعجٌ نُعَّسُ
حيثُ اتَّجهتُ رأَيتُ مُغرىً بي لهُ
دمعٌ يرضُّ بجانسي يتجَنَّسُ
وإذا رجَعتَ إِلى الصَّحيحِ فكلُّها
أغصانُ دوحٍ قد حواها مغرِسُ
معنىً بهِ لطُفَ الكَثيفُ فأصبحت
صُمُّ الجبالِ هيَ الغصونُ الميَّسُ
وخفيفةٌ طوتِ البعيدَ فرامَةُ
نجدٌ وليثُ الغابِ ظبيٌ أَلعسُ
ووراءَ ذاك ولا أُشيرُ لأنَّهُ
سِرٌّ لسانُ النُّطقِ عنهُ أخرسُ
أمرٌ لهُ وبه ومنهُ تعيّنت
أَعيانُنا ووجودُنا الُمتلَبِّسُ
شهاب الدين التلعفري
الحمدان
07-31-2024, 12:19 AM
أحماةُ إِنَّ عُهودَ أهلِكِ أُحكمِت
أسبابُها عندي فليَست تُنقَضُ
لَكنَّما أَزِفَ الرَّحيلُ وها أَنا
والعِيسُ تَخدِي مُنشِدٌ وتُعرِّضُ
أرضٌ أروحُ بغيرِها مُتعوِّضاً
أَتُرى تَرى عيني بمَن تتعوَّضُ
شهاب الدين التلعفري
الحمدان
07-31-2024, 12:19 AM
يُذكِّرني برقُ الحِمى المتألَّقُ
زماناً تولَّى بالحمَى وهوَ مُونِقُ
ويرتاحُ قلبي للنَّسيم إِذا سَرىَ
ويُطرِبُني ذاك الحمَامُ المطوَّقُ
سقَى بانةَ الجرعاءِ إن أَخَلفَ الحَيا
وضَنَّ حَياً من عَبرتي يتدفَّقُ
ولا حادَ عن تلكَ المعاهِدِ صيِّبٌ
من الُمزنِ أو من مُقلةِ الصَّبِّ مُغدِقُ
منازلُ تُصبيني إِليها نُسَيمةٌ
لَها أرَجٌ أَرجاؤُهَا منهُ تعبَقُ
عَدمتُ عّذولي كم يعنِّفُ في الهَوى
حليفَ غرامٍ نالَ منهُ التَّشوقُ
إِذا لامني أنشدتُهُ متمثِّلاً
بودِّيَ لو يهَوى العَذول ويعشقُ
كلفتُ بِأحوى من بني التُّركِ أحورِ
لهُ غُصنُ قَدٍّ بالذَّوائبِ مُورقُ
رشيقِ التَّثنِّي والَمعاطفِ ألعَسِ ال
مراشفِ يُصمي طرفُه حينَ يرمُقُ
حمَى بحسُامِ اللَّحظِ خداً مورداً
غدت عنهُ أكمامُ الشَّقيقِ تَشَقَّقُ
له ناظرٌ في ضِمنهِ وهوَ أسودٌ
عدوٌّ لأربابِ الصَّبابةَ أزرقُ
شهاب الدين التلعفري
الحمدان
07-31-2024, 12:20 AM
رضيتُ بما قَسَمَ اللهُ لي
وفوَّضتُ أمري إلى خالِقي
لقد أحسنَ اللهُ فيما مضَى
كذلِكَ يُحسِنُ فيما بَقي
شهاب الدين التلعفري
الحمدان
07-31-2024, 12:20 AM
لَيسَ العَجوزُ لقادر بالمُمهِلِ
كَلاَّ ولا لِندائِهِ بالُمهمِلِ
سِيما إِذا نادَى صَديقاً مُشفِقاً
لِحُلولِ حادِثةٍ وَخَطبٍ مُعضِلِ
كالماجِدِ الَمولى سراجِ الدِّينِ والدُّ
نيا الأَجلِّ الُمنعِمِ الُمتَفِّلِ
جَمِّ الحِجى ما طَوقُ فِكرَتِهِ بمَش
كوكٍ إِذا ما رامَ حَلَّ الُمشكِلِ
أَربى وإِن كانَ الأَخيرَ زَمَانُهُ
فضلاً على أَهلِ الزَّمانِ الأَوَّلِ
قَلبِ الجَحافِلِ عَينِ أَعيانِ فقل
ت بعدَهم حِيلَي وعزّ تحيُّلي
فاليومَ لو فوَّقتَ لي سهماً إلى
صدري لكانَ نصيبُ سَهمي مقتلي
أنا في مُحاربتي تصاريفَ القَضا
وعنادِها فرخٌ لِمخَلبِ أجدلِ
أخشى ولا أَرجو ومن أرجو تُرَى
ليتَ الحِمامَ دنا إليّ وحُمّ لي
سمعاً سراجَ الدّين دمتَ منَعَّماً
بسعادةٍ وعلوِّ مجدٍ مُقبلِ
أرسلتُها متطَلِّباً درّاعةً
وبها عليَ أظنُّ أن لم تبخَلِ
شهاب الدين التلعفري
الحمدان
07-31-2024, 12:21 AM
إِذا ما باتَ من تُربٍ فرِاشي
وبِتُّ مُجاوِرَ الرَّبِّ الرَّحيمِ
فَهنُّوني أُصيَحابي وقُولوا
لكَ البُشرى قَدِمتَ على كريمِ
شهاب الدين التلعفري
الحمدان
07-31-2024, 12:21 AM
يا خالق الدُّنيا وباسِطَ رِزقِها
وجميعَ ما فيها منَ الحَيوانِ
يا حيُّ يا قيُّومُ يا سبُّوحُ يا
قُدُّوسُ يَا من ما لَهُ من ثاني
اِرحَم ضَعِيفاً قَد أَتاكَ وَمَالهُ
شيءٌ منَ الحَسناتِ في المِيزانِ
غيرَ الشهادةِ عنكَ أَنَّكَ واحدٌ
ومحمَّدٌ عبدٌ لدينِكَ باني
أَرسلتَهُ فأَقامَ إِذ أَيَّدتَهُ
باللُّطفِ مِنكَ شَرائعَ الإِيمانِ
إِن كانَ لا يرجوكَ إِلاَّ مُحسنٌ
فَبمَن يَلوذُ وَيستجيرُ الجَاني
شهاب الدين التلعفري
الحمدان
07-31-2024, 12:21 AM
حلفتُ بربِّ مكّةَ والمصلَّى
يميناً أنَّهم قد أَوحشوني
فديتُهمُ بروحي مِن أُناسٍ
حفِظتهُمُ ولكن ضيَّعوني
شهاب الدين التلعفري
العصر المملوكي
الحمدان
07-31-2024, 12:22 AM
سقى الله من غرناطة متبوأ
الألى لهم حق علي كريم
ضمنت لها حفظ العهود وإنما
ضمنت لها أن لا أزال أهيم
ربوع أحبائي ومنشأ صبوتي
ومعهد أنسي إن ذا العظيم
أحب الحمى من أجل من سكن الحمى
حديث حديث في الهوى وقديم
لسان الدين بن الخطيب
الحمدان
07-31-2024, 12:22 AM
يرى جسدي فيكم غرام ولوعةٌ
إذا سكن الليل البهيم تثور
فلولا أنيني ما اهتدى نحو مضجعي
خيالكم بالليل حين يزور
ولو شئت في طي الكتاب لزرتكم
ولم تدر عني أحرف وسطور
لسان الدين بن الخطيب
الحمدان
07-31-2024, 12:22 AM
الشيب نبه ذا النهى فتنبها
ونهى الجهول فما أفاق ولا انتهى
فإلى متى ألهو وأفرح بالمنى
والشيخ أقبح ما يكون إذا له
السان الدين بن الخطيب
الحمدان
07-31-2024, 12:23 AM
يا سيد السادات جئتك قاصداً
أرجو رضاك وأحتمي بحماكا
أنا طامع بالجود منك ولم يكن
لابن الخطيب من الأنام سواكا
لسان الدين بن الخطيب
العصر المملوكي
الحمدان
07-31-2024, 12:25 AM
وتأنَسُ النّفسُ في نفْسٍ تُوافِقُها
بالفكرِ والطّبعِ والغاياتِ .. والقيمِ
والرُّوحُ لِلرُّوحِ تَدري مَن يُناغمُهَا
كَالطَّيرِ للطير … فِي الإنشَادِ مَيَّالُ
لا تَألفُ الرُّوحُ إلَّا مَن يُلَاطِفُهَا
ويَهْجُرُ القَلبُ مَنْ يَقسُو وَيجْفَاهُ
عاشِر من الناسِ من تهوى طبيعتَهُ
وما عليكَ ملامٌ ... حين تندفع
الحر* للحرِ ميالٌ برغبتِهِ
والنذل بالنذلِ ... مفتونٌ و مقتنع
والناسُ للناسِ والآفاقُ شاسعةٌ
والطير قالوا على أشكالِها ... تقع
صرح العلاقاتِ يُبنىظ° في ضمائِرِنا
على أساسٍ به الأخلاقُ ... تنطبِـع
وزينةُ المرء بين الناسِ منطِقهُ
نِصفُ الجمالُ بلين القولِ ... معقودُ
كل الذين لهم في القلب منزلةٌ ...
تُبنى منازلهم من جنس ... ما صنعوا
أُعاتبُ من أهوى على قدرِ ودِّهِ
ولا ودَّ عندِي للذي... لا أعاتِبهُ !
تجري الرياحُ بما شاء الله لها
لله نحن وموجُ البحرِ والسفنُ
......
الحمدان
07-31-2024, 12:28 AM
أتحزَنُ والسعادةُ عند ربي
ستَهطِلُ بعدَ أحزانٍ ثقيلة
أتجزَعُ والبشائِرُ قادِماتٌ
لِيُشفى الجرحُ والروحُ العليلة
غداً يأتي الصباحُ بكُل شوقٍ
ودِفءٍ خلفَ نَسمَتهِ العليلة
وروحكَ سوفَ تحتضِنُ الأماني
وقد كانت تراها مُستحيلة
فقُل لفؤادكَ الموجوعِ صبراً
فخلفَ الصبرِ أيامٌ جميلة
.....
الحمدان
07-31-2024, 12:33 AM
ماذا اقترفت فاستحق جفاك
وانا الذي اسعى لنيل رضاكا
وبأي حق تستبيح مشاعري
وهي التي ما استشعرت إلاكا
لي في الحنين الف الف حكاية
عنوانها شوقي الى عيناكا
شهدت علي جواري وجوانحي
ان الذي بين الضلوع هواكا
انا من انا لولا التقينا ولتقى
قلبي بقلبك والعيون تراكا
انا مبهم انا تائه انا حائر
حتى التقينا والتمست سناكا
انا مانسيت ولست انسى ودكم
ياويل روحي ان نسيت عطاكا
بقلبي
الحمدان
07-31-2024, 03:53 PM
أبلغ سُمية أني لست ناسيَها
عمري ولا قاضياً من حبها حاجي
خود كأن بها وهناً إذا نهضت
تمشي رويداً كمشي الظالع الواجي
الغطمش الضبي
الحمدان
07-31-2024, 03:53 PM
ألا رب مَن يغتابني ودَّ أنني
أبوه الذي يُدعى إليه ويُنسب
على رِشدةٍ من أمه أو لِغيَّة
فيغلبها فحل على النسل مُنجب
فبالخير لا بالشر فارجُ مودتي
وأي امرئ يُقتال منه التَّرهب
أقول وقد فاضت لعيني عَبرة
أرى الأرض تبقى والأخلاّء تذهب
أخلاءِ لو غير الحِمام أصابكم
عتبت ولكن ما على الدهر مَعتب
وكيف أرجِّي أن أَعيش وقد ثوى
عَبيد وجَوّاب وقيس وجرعب
الغطمش الضبي
الحمدان
07-31-2024, 03:54 PM
ومن تك كفُّه للمال سجنا
فكفي للدراهم كالسبيل
يمر الدرهم الصيَّاح فيها
جواداً ما يُعرِّج للمقيل
الغطمش الضبي
الحمدان
07-31-2024, 03:54 PM
لعمري لجو من جِواء سُويقةٍ
أسافِلُهُ ميثٌ وأعلاه أجرع
به العفر والظلمان والعين ترتعي
وأمُّ رئال والظَّليمُ الهجنع
وأسفح ذو رُمحين يضحي كأنه
إذا ما علا نَشْزاً حصان مُبرقع
أحب إلينا أن نجاور أهلنا
ويصبح منا وهو مرأىً ومسمع
من الجوسق الملعون بالري كلما
رأيت به داعي المنية يلمع
يقولون صبراً واحتسب قلت طالما
صبرت ولكن لا أرى الصبر ينفع
فليت عطائي كان قُسِّم بينهم
وظلت بي الوجناء بالدوِّ تضبع
كأنَّ يديها حين جدّ نجاؤها
يدا سابحٍ في غمرة يتبوَّع
أأجعل نفسي وزن عِلج كأنما
يموت به كلبٌ إذا مات أجمع
الغطمش الضبي
الحمدان
07-31-2024, 03:54 PM
سقى الله قبراً كنتِ روضة عيشه
وجنته كيف استبد بكِ الدهر
لقد كنتِ عن لحظ العيون رقيقة
يؤثر فيك اللحظ والنظر الشزر
جميل وحق الله في مثلك البكا
وأجمل لي منه التجلّد والصبر
فإن صبرت نفسي فذلك شيمتي
وإن جزعت يوماً فأنت لها عُذر
الغطمش الضبي
الحمدان
07-31-2024, 03:55 PM
لعن الإله الناسَ إلا مسلماً
والدهر بعد عبيدة بن الأعور
بعد امرئٍ والله لم يك عاجزاً
عند الحروب ولا ضعيف المكسر
إما جنيتُ عليه حرباً حاطني
ولجأت تحت لبان ليثٍ مُخدر
فمضى وغادرني أعالج بعده
حربَ النَّوائب في زمانٍ مُدبر
الغطمش الضبي
العصر الجاهلي
الحمدان
07-31-2024, 03:55 PM
جَزَى اللَّهُ عَنَّا جَعْفَرًا حِينَ أَزْلَفَتْ
بِنَا نَعْلُنَا فِي الْوَاطِئِينَ فَزَلَّتِ
همُ خلطونا بالنفوس وألجأوا
إلى حجرات أدفأت وأظلت
أَبَوْا أَنْ يَمَلُّونَا وَلَوْ أَنَّ أَمَّنَا
تُلاقِي الَّذِي يَلْقَوْنَ مِنَّا لَمَلَّتِ
وقالوا هلمَّ الدارَ حتى تبينوا
وتنجَلي الغَمَاءُ عمَّا تجلَّتِ
ومن بعدما كنا لسلمى وأهلها
قطيناً وملتنا البلادُ وملتِ
سنجزي بإحسانِ الأيادي التي مضت
لها عِندنا كبَّرَت وأهَلّتِ
الطفيل الغنوي
الحمدان
07-31-2024, 03:55 PM
لِحافي لِحافُ الضَيفِ وَالبَيتُ بَيتُهُ
وَلَم يُلهِني عَنهُ غَزالٌ مُقَنَّعُ
أُحَدِّثُهُ إِنَّ الحَديثَ مِن القِرى
وَتَكلَأُ عَيني عَينَهُ حينَ يَهجَعُ
الطفيل الغنوي
الحمدان
07-31-2024, 03:55 PM
إِذا تَخازَرتُ وَما بي مِن خَزَر
ثُمَّ كَسَرتُ العَينَ مِن غَيرِ عَوَر
أَلفَيتَني أَلوى بَعيدَ المُستَتَر
أَحمِلُ ما حُمِّلتُ مِن خَيرٍ وَشَر
كَالحَيَّةِ الصَمّاءِ في أَصلِ الحَجَر
ذا صَولَةٍ في المُصمَئِلّاتِ الكِبَر
أَنزى إِذا نوديتُ مِن كَلبٍ ذَكر
أَكدرَ شَغّارٍ تَعدّى في السَحَر
الطفيل الغنوي
الحمدان
07-31-2024, 03:56 PM
أَفي اللَهِ أَن نُدعى إِذا ما فَزِعتُم
وَنُقصَى إِذا ما تَأمَنونَ وَنُحجَبُ
وَيُجعلَ دوني مَن يَوَدُّ لَوَ اَنَّكُم
ضِرامٌ بِكَّفي قابِسٌ يَتَلَهَّبُ
وَأَصبَحَ لا يَدري أَيَقعُدُ فيكُمُ
عَلى حَسَكِ الشَحناءِ أَم أَينَ يَذهَبُ
الطفيل الغنوي
الحمدان
07-31-2024, 03:56 PM
وَقَد حَلَّ بِالجَفرَينِ جَفرِ تَبالَةٍ
فَتَرجٍ فَنَهيٍ فَالشُروجِ القَوابِلِ
هُنالِكَ يَرويها ضَعيفي وَلَم أُقِم
عَلى الظَلَفاتِ مُقفَعِلَّ الأَنامِلِ
الطفيل الغنوي
الحمدان
07-31-2024, 03:56 PM
أَظُعنٌ بِصَحراءِ الغَبيطَينِ أَم نَخلُ
بَدَت لَكَ أَم دَومٌ بِأَكمامِها حَملُ
فَإِلّا أَمُت أَجعَل لِنَفرٍ قِلادَةً
يُتِمُّ بِها نَفرٌ قَلائِدَهُ قَبلُ
وَلَو كُنتَ سَيفاً كانَ أَثرُكَ جُعرَةً
وَكُنتَ دَداناً لا يُغيِّرُكَ الصَقلُ
وَلَو كُنتَ سهماً كُنتَ أَفوَقَ ناصِل
لَهُ قُذَذٌ لُغبٌ وَلَيسَ لَهُ نَصلُ
الطفيل الغنوي
الحمدان
07-31-2024, 03:56 PM
لَعَمري لَقَد زارَ العُبَيدِيُّ رَهطَهُ
بِخَيرٍ عَلى بُعدٍ زِيارَةَ أَشأَما
فَأَظعَنتَ مَن يَرجو الكَرامَةَ مِنهُمُ
وَخَيَّبتَ مَن يُعطي العَطاءَ المُكَرَّما
وَأَلفَيتَنا بِالجَفرِ يَومَ أَتَيتَن
أَخاً وَاِبنَ عَمٍّ يَومَ ذَلِكَ وَاِبنَما
وَأَلفَيتَنا رُمحاً عَلى الناسِ واحِد
فَنَظلِمُ أَو نَأبى عَلى مَن تَظَلَّما
وَأَصبَحتَ قَد فَرَّقتَ بَينَ مَحَلِّن
إِذا ما اِلتَقى الجَمعانِ لَن نَتَكَلَّما
فَلَيتَكَ حالَ البَحرُ دونَكَ كُلُّهُ
وَمَن بِالمَرادي مِن فَصيحٍ وَأَعجَمِ
الطفيل الغنوي
الحمدان
07-31-2024, 03:57 PM
صَحا قَلبُهُ وَأَقصَرَ اليَومَ باطِلُهُ
وَأَنكَرَهُ مِمّا اِستَفَادَ حَلائِلُه
يُرَبنَ وَيَعرِفنَ القَوامَ وَشيمَتي
وَأَنكَرنَ زَيغَ الرَأسِ وَالشَيبُ شامِلُه
وَكُنتُ كَما يَعلَمنَ وَالدَهرُ صَالِحٌ
كَصَدرِ اليَماني أَخلَصَتهُ صَياقِلُه
وَأَصبَحتُ قَد عَنَّفتُ بِالجَهلِ أَهلَهُ
وَعُرِّيَ أَفراسُ الصِبا وَرَواحِلُه
قَليلٌ عِناني مَن أَتى مُتَعَمِّداً
سَواءً بِنا أَو خالَفَتني شَمائِلُه
خَلا أَنَّني قَد لا أَقولُ لِمُدبِرٍ
إِذا اِختارَ صَرمَ الحَبلِ هَل أَنتَ واصِلُه
تَبَصَّر خَليلي هَل تَرى مِن ظَعائِنٍ
تَحَمَّلنَ أَمثالَ النِعاجِ عَقائِلُه
ظَعائِنُ أَبرَقنَ الخَريفَ وَشِمنَهُ
وَخِفنَ الهُمامَ أَن تُقادَ قَنابِلُه
عَلى إِثرِ حَيٍّ لا يَرى النَجمَ طالِعاً
مِنَ اللَيلِ إِلّا وَهوَ بادٍ مَنازِلُه
شَرِبنَ بِعُكّاشِ الهَبابيدِ شَربَةً
وَكانَ لَها الأَحفى خَليطاً تُزايِلُه
فَلَمّا بَدَا دَمخٌ وَأَعرَضَ دونَهُ
عَوازِبُ مِن رَملٍ تَلوحُ شَواكِلُه
وَقُلنَ أَلا البَردِيُّ أَوَّلُ مَشرَبٍ
نَعَم جَيرِ إِن كانَت رِواءً أَسافِلُه
تَحاثَثنَ وَاِستَعجَلنَ كُلَّ مُواشِكٍ
بِلُؤمَتِهِ لَم يَعدُ أَن شَقَّ بازِلُه
فَباكَرنَ جَوناً لِلعَلاجيمِ فَوقَهُ
مَجالِسُ غَرقَى لا يُحَلَّأُ ناهِلُه
إِذا ما أَتَتهُ الريحُ مِن شَطرِ جانِبٍ
إِلى جانِبٍ حازَ التُرابَ مَجاوِلُه
قَذَفنَ بِفي مَن ساءَهُنَ بِصَخرَةٍ
وَذُمَّ نَجيلُ الرُمَّتَينِ وَناصِلُه
الطفيل الغنوي
الحمدان
07-31-2024, 03:57 PM
غَشيتُ بِقُرّا فَرطَ حَولٍ مُكَمَّلِ
مَغانِيَ دارٍ مِن سُعادَ وَمَنزِلِ
تَرى جُلَّ ما أَبقى السَواري كَأَنَّهُ
بُعَيدَ السَوافي أَثرُ سَيفٍ مُفَلَّلِ
دِيارٌ لِسُعدى إِذ سُعادُ جَدايَةٌ
مِنَ الأُدمِ خُمصانُ الحَشا غَيرُ خَثيَلِ
هِجانُ البَياضِ أُشرِبَت لَونَ صُفرَةٍ
عَقيلَةُ جَوٍّ عازِبٍ لَم يُحلَّلِ
تَضِلُّ المَداري في ضَفائِرِها العُلى
إِذا أُرسِلَت أَو هَكَذا غَيرَ مُرسَلِ
كَأَنَّ الرِعاثَ وَالسُلوسَ تَصَلصَلَت
عَلى خُشَشاوَي جَأبَةِ القَرنِ مُغزِلِ
أَمَلَّت شُهورَ الصَيفِ بَينَ إِقامَةٍ
ذَلولاً لَها الوادي وَرَملٍ مُسَهَّلِ
بِأَبطَحَ تُلفيها فُوَيقَ فِراشِها
ثَقالُ الضُحى لَم تَنتَطِق عَن تَفَضُّلِ
يُغَنّي الحَمامُ فَوقَها كُلَّ شارِقٍ
غِناءَ السُكارى في عَريشٍ مُظَلَّلِ
إِذا وَرَدَت تَسقي بِحِسيٍ رِعاؤها
قَصيرِ الرِشاءِ قَعرُهُ غَيرُ مُحبِلِ
يَزينُ مَرادَ العَينِ مِن بَينِ جَيبِها
وَلَبّاتِها أَجوازُ جَزعٍ مُفَصَّلِ
كَجَمرِ غَضاً هَبَّت لَهُ وَهوَ ثاقِبٌ
بِمَروَحَةٍ لَم تَستَتِر رِيحُ شَمأَلِ
وَوَحفٌ يُغادى بِالدِهانِ كَأَنَّهُ
مَديدٌ غَداهُ السَيلُ مِن نَبتِ عُنصُلِ
تَظَلُّ مَداريها عَوازِبَ وَسطَهُ
إِذا أَرسَلَتهُ أَو كَذَا غَيرَ مُرسَلِ
إِذا هِيَ لَم تَستَك بِعودِ أَراكَةٍ
تُنُخِّلَ فَاِستاكَت بِهِ عودُ إِسحَلِ
إِذا سَئِمَت مِن لَوحَةِ الشَمسِ كَنَّها
كِناسٌ كَظِلِّ الهَودَجِ المُتَحَجِّلِ
بَني جَعفَرٍ لا تَكفُروا حُسنَ سَعيِنا
وَأَثنوا بِحُسنِ القَولِ في كُلِّ مَحفَلِ
وَلا تَكفُروا في النائِباتِ بَلاءَنا
إِذا مَسَّكُم مِنها العَدوُّ بِكَلكَلِ
فَنَحنُ مَنَعنا يَومَ حِرسٍ نِساءَكُم
غَداةَ دَعانا عامِرٌ غَيرَ مُؤتَلي
دَعا دَعوةً يالَ الجُلَيحَاءِ بَعدَما
رَأى عُرضَ دَهمٍ صَرَّعَ السِربَ مُثعَلِ
فَقالَ اِركَبوا أَنتُم حُمَاةٌ لِمِثلِها
فَطِرنا إِلَى مَقصورَةٍ لَم تُعَبَّلِ
طِوالُ الذُنابى أُتِرفَت وَهيَ جَونَةٌ
بِلَبسَةِ تَسبيغٍ وَثَوبٍ مُوَصَّلِ
فَجاءَت بِفُرسانِ الصَباحِ عَوابِساً
سِراعاً إِلى الهَيجا مَعاً غَيرَ عُزَّلِ
فَأَحمَشَ أولاهُم وَأَلحَقَ سِربَهُم
فَوارِسُ مِنّا بِالقَنا المُتَنَخَّلِ
فَحامى مُحامينا وَطَرَّفَ عَنهُمُ
عَصائِبُ مِنّا في الوَغى لَم تُهَلَّلِ
رَدَدنا السَبايا مِن نُفَيلٍ وَجَعفَرٍ
وَهُنَّ حَبالى مِن مُخِفٍّ وَمُثقِلِ
وَراكِضَةٍ ما تَستَجِنُّ بِجُنَّةٍ
بَعيرَ حِلالٍ راجَعَتهُ مُجَعفَلِ
فَقُلتُ لَها لَمّا رَأَيتُ الَّذي بِها
مِنَ الشَرِّ لا تَستَوهِلي وَتَأَمَّلي
فَإِن كانَ قَومي لَيسَ عِندَكِ خَيرُهُم
فَإِنَّ سُؤالَ الناسِ شَافيكِ فَاِسأَلي
وَمُستَلحِمٍ تَحتَ العَوالي حَمَيتُهُ
مُعَمِّمِ دَعوى مُستَغيثٍ مُجَلِّلِ
فَفَرَّجتُ عَنهُ الكَربَ حَتّى كَأَنَّما
تَأَوّى مِنَ الهَيجا إِلى حَوزِ مَعقِلِ
مُشيفٍ عَلى إِحدى اِثنَتَينِ بِنفَسِهِ
فُوَيتَ المَعالي بَينَ أَسرٍ وَمَقتَلِ
بِرَمّاحَةٍ تَنفي التُرابَ كَأَنَّها
هَراقَةُ عَقٍّ مِن شَعيبى مُعَجَّلِ
إِذا نَظَرَت فيهِ الحَفِيَّةُ وَلوَلَت
خَنوفاً بِكَفَّيها بُعَيدَ التَوَلُّلِ
وَكائِن كَرَرنا مِن جَوادٍ وَراءَكُم
وَكائِن خَضَبنا مِن سِنانٍ ومُنصَلِ
وَكائِن كَرَرنا مِن سَوامٍ عَلَيكُمُ
وَمِن كاعِبٍ وَمِن أَسيرٍ مُكَبَّلِ
وَأَشعَثَ يَزهاهُ النُبوحُ مُدَفَّعٍ
عَنِ الزادِ مِمَّن خَلَّفَ الدَهرُ مُحثَلِ
أَتانا فَلَم نَدفَعهُ إذَ جاءَ طارِقاً
وَقُلنا لَهُ قَد طالَ طولُكَ فَاِنزِلِ
هَنَأنا فَلَم نَمنُن عَلَيهِ طَعامَنا
فَراحَ يُباري كُلَّ رَأسٍ مُرَجَّلِ
فَأَبَّلَ وَاِستَرخَى بِهِ الشَأنُ بَعدَما
أَسافَ وَلَولا سَعيُنا لَم يُؤَبِّلِ
فَذاكَ وَلَم نَحرَم طُفَيلَ بنَ مالِكٍ
وَكُنّا مَتى ما نُسأَلِ الخَيرَ نَفعَلِ
لَنا مَعقِلٌ بَذَّ المَعاقِلَ كُلَّها
يُرى خامِلاً مِن دونِهِ كُلُّ مَعقِلِ
الطفيل الغنوي
الحمدان
07-31-2024, 03:57 PM
أَمِن رُسومٍ بِأَعَلى الجِزعِ مِن شَرِبِ
فاضَت دُموعُكَ فَوقَ الخَدِّ كَالشَرَبِ
لا يَظعَنونَ عَلى عَمياءَ إِن ظَعَنوا
وَلا يُطيلونَ إِخماداً عَنِ السُرَبِ
وَيلُ اُمِّ حَيٍّ دَفَعتُم في نُحورِهِمُ
بَني كِلابٍ غَداةَ الرُعبِ وَالرَهَبِ
الطفيل الغنوي
الحمدان
07-31-2024, 03:57 PM
لِمَن طَللٌ بِذي خِيَمٍ قَديمُ
يَلوحُ كَأَنَّ باقِيَهُ وُشومُ
كَأَغلَبَ مِن أُسودِ كَراءَ وَردٍ
يَشُدُّ خِشاشَهُ الرَجُلُ الظَلومُ
الطفيل الغنوي
الحمدان
07-31-2024, 03:58 PM
تَأَوَّبَني هَمٌّ مَعَ اللَيلِ مُنصِبُ
وَجاءَ مِنَ الأَخبارِ ما لا أُكَذِّبُ
تَظاهَرنَ حَتّى لَم تَكُن لِيَ ريبَةٌ
وَلَم يَكُ عَمّا أَخبَروا مُتَعَقِّبُ
وَكانَ هُرَيمٌ مِن سِنانٍ خَليفَةً
وَحِصنٍ وَمِن أَسماءَ لَمّا تَغَيَّبوا
وَمِن قَيسٍ الثاوي بِرَمّانَ بَيتُهُ
وَيَومَ حَقيلٍ فادَ آخَرُ مُعجِبُ
أَشَمُّ طَويلُ الساعِدَينِ كَأَنَّهُ
فَنيقُ هِجانٍ في يَدَيهِ مُرَكَّبُ
وَبِالسَهبِ مَيمونُ الخَليقَةِ قَولُهُ
لِمُلتَمِسِ المَعروفِ أَهلٌ وَمَرحَبُ
كَواكِبُ دَجنٍ كُلَّما غابَ كَوكَبٌ
بَدا وَاِنجَلَت عَنهُ الدُجُنَّةُ كَوكَبُ
لَعَمري لَقَد خَلّى اِبنُ خَيدَعَ ثَلمَةً
فَمِن أَينَ إِن لَم يَرأَبِ اللَهُ تُرأَبُ
وَبِالخَيرِ إِن كانَ اِبنُ خَيدَعَ قَد ثَوى
يُبَنّى عَلَيهِ بَيتُهُ وَيُحَجَّبُ
نَدامايَ أَضحَوا قَد تَخَلَّيتُ مِنهُمُ
فَكَيفَ أَلَذُّ الخَمرَ أَم كَيفَ أَشرَبُ
وَنِعمَ النَدامى هُم غَداةَ لَقيتُهُم
عَلى الدامِ تُجرى خَيلُهُم وَتُؤَدَّبُ
مَضَوا سَلَفاً قَصدَ السَبيلِ عَلَيهِمُ
وَصَرفُ المَنايا بِالرِجالِ تَقَلَّبُ
أَلا هَل أَتى أَهلَ الحِجازِ مُغارُنا
وَمِن دونِهِم أَهلُ الجِنابِ فَأَيهَبُ
شَآمِيَّةٌ إِنَّ الشَآمِيَّ دارُهُ
تَشُقُّ عَلى دارِ اليَماني وَتَشغَبُ
فَتَأتيهِمُ الأَنباءُ عَنّا وَحَملُها
خَفيفٌ مَعَ الرَكبِ المُخِفّينَ يَلحَبُ
وَفَرنا لِأَقوامٍ بَنيهِم وَمالَهُم
وَلَولا القِيادُ المُستَتِبُّ لَأَعزَبوا
بِحَيٍّ إِذا قيلَ اِركَبُوا لَم يَقُل لَهُم
عَواويرُ يَخشَونَ الرَدىَ أَينَ يُركَبُ
وَلَكِن يُجابُ المُستَغيثُ وَخَيلُهُم
عَلَيها حُماةٌ بِالمَنِيَّةِ تَضرِبُ
فَباتوا يَسُنّونَ الزِجاجَ كَأَنَّهُم
إِذا ما تَنادَوا خَشرَمٌ مُتَحَدِّبُ
وَخَيلٍ كَأَمثالِ السِراحِ مَصونَةٍ
ذَخائِرَ ما أَبقى الغُرابُ وَمُذهَبُ
طِوالُ الهَوادي وَالمُتونُ صَليبَةٌ
مَغاويرُ فيها لِلأَريبِ مُعَقَّبُ
تَأَوَّبنَ قَصراً مِن أَريكٍ وَوائِلٍ
وَماوانَ مِن كُلٍّ تَثوبُ وتَحلُبُ
وَمِن بَطنِ ذي عاجٍ رِعالٌ كَأَنَّها
جَرادٌ تُباري وِجهَةَ الريحِ مُطنِبُ
أَبُوهُنَّ مَكتومٌ وَأَعوَجُ تُفتَلى
وِراداً وَحُوّاً لَيسَ فيهِنَّ مُغرَبُ
إِذا خَرَجَت يَوماً أُعيدَت كَأَنَّها
عَواكِفُ طَيرٍ في السَماءِ تَقَلَّبُ
وَأَلقَت مِنَ الإِفزاعِ كُلَّ رِحالَةٍ
وَكُلَّ حِزامِ فَضلُهُ يَتَذَبذَبُ
إِذا اِستُعجِلَت بِالرَكضِ سَدَّ فُروجَها
غُبارٌ تَهاداهُ السَنابِكُ أَصهَبُ
فَرُحنا بِأَسراهُم مَعَ النَهبِ بَعدَما
صَبَحناهُمُ مَلمومَةً لا تُكَذِّبُ
أَبَنَّت فَما تَنفَكُّ حَولَ مُتالِعٍ
لَها مِثلُ آثارِ المُبَقِّرِ مَلعَبُ
وَراحِلَةٍ وَصَّيتُ عُضروطَ رَبِّها
بِها وَالَّذي تَحتي لِيَدفَعَ أَنكَبُ
لَهُ طَرَبٌ في إِثرِهِنَّ وَرَبُّهُ
إِلى ما يَرى مِن غارَةِ الخَيلِ أَطرَبُ
كَأَنَّ عَلى أَعرافِهِ وَلِجامِهِ
سَنا ضَرَمٍ مِن عَرفَجٍ يَتَلَهَّبُ
كَسيدِ الغَضا الغادي أَضَلَّ جِراءَهُ
عَلا شَرَفاً مُستَقبِلَ الريحِ يَلحَبُ
لَهُنَّ بِشُبّاكِ الحَديدِ تَقاذُفٌ
هُوِيَّ رَواحٍ بِالدُجُنَّةِ يُعجِبُ
فَلَم يَبقَ إِلّا كُلُّ جَرداءَ صِلدَمٍ
إِذا اِستُعجِلَت بَعدَ الكَلالِ تُقَرِّبُ
قَتَلنا بِقَتلانا مِنَ القَومِ مِثلَهُم
وَبِالموثَقِ المَكلوبِ مِنّا مُكَلَّبُ
وَبِالنَعَمِ المأَخوذِ مِثلُ زُهائِهِ
وَبِالسَبيِ سَبيٌ وَالمُحارِبِ مِحرَبُ
وَبِالمُردَفاتِ بَعدَ أَنعَمِ عيشَةٍ
عَلى عُدَواءَ وَالعُيونُ تَصَبَّبُ
عَذارِيَ يَسحَبنَ الذُيولَ كَأَنَّها
مَعَ القَومِ يَنصُفنَ العَضاريطَ رَبرَبُ
إِلى كُلِّ فَرعٍ مِن ذُؤابَةِ طَيّءٍ
إِذا نُسِبَت أَو قيلَ مَن يَتَنَسَّبُ
وَبِالبيَضَةِ المَوقوعِ وَسطَ عُقارِنا
نَهابٌ تَداعى وَسطَهُ الخَيلُ مُنهَبُ
وَحَيَّ أَبي بَكرٍ تَدارَكنَ بَعدَما
أَذاعَت بِسِربِ الحَيِّ عَنقاءُ مُغرِبُ
رَدَدنَ حُصَيناً مِن عَدِيٍّ وَرَهطِهِ
وَتَيمٍ تُلَبّي بِالعُروجِ وَتُحِلبُ
وَحَيّاً مِنَ الأَعيارِ لَو فَرَّطَتهُمُ
أَشَتّوا فَلَم يَجمَعهُمُ الدَهرَ مَشعَبُ
وَهُنَّ الأُلى أَدرَكنَ تَبلَ مُحَجَّرٍ
وَقَد جَعَلَت تِلكَ التَنابيلُ تَنسُبُ
وَقالَ أُناسٌ يَسمَعونَ كَلامَهُم
هُمُ الضامِنونَ ما تَخافونَ فَاِذهَبوا
فَما بَرِحوا حَتّى رَأَوها تَكُبُّهُم
تُصَعِّدُ فيهِم تارَةً وَتُصَوِّبُ
يَقولونَ لَمّا جَمَّعوا الغَدوَ شَملَهُم
لَكَ الأُمُّ مِنّا في المَواطِنِ وَالأَبُ
وَقَد مَنَّتِ الخَذواءُ مَنّاً عَلَيهِمُ
وَشَيطَانُ إِذ يَدعوهُمُ وَيُثَوِّبُ
جَعَلتَهُم كَنزَاً بِبَطنِ تَبالَةٍ
وَخَيَّبتَ مِن أَسراهُمُ مَن تُخَيِّبُ
فَمَن يَكُ يَشكو مِنهُمُ سوءَ طُعمَةٍ
فَإِنَّهُمُ أَكلٌ لِقَومِكَ مُخصِبُ
وَكُنّا إِذا ما اِغتَفَّتِ الخَيلُ غُفَّةً
تَجَرَّدَ طَلاّبُ التِراتِ مُطَلِّبُ
مِنَ القَومِ لَم تُقلِع بَراكاءُ نَجدَةٍ
مِنَ الناسِ إِلّا رُمحُهُ يَتَصَبَّبُ
وَأَصفَرَ مَشهومِ الفُؤادِ كَأَنَّهُ
غَداةَ النَدى بِالزَعفَرانِ مُطَيَّبُ
تَفَلتُ عَلَيهِ تَفلَةً وَمَسَحتُهُ
بِثَوبِيَ حَتّى جِلدُهُ مُتَقَوِّبُ
يُراقِبُ إيحاءَ الرَقيبِ كَأَنَّهُ
لِما وَتَروني آخِرَ اليَومِ مُغضَبُ
فَفازَ بِنَهبٍ فيهِ مِنهُم عَقيلَةٌ
لَها بَشَرٌ صَافٍ وَرَخصٌ مُخَضَّبُ
فَلا تَذهَبُ الأَحسابُ مِن عُقرِ دارِنا
وَلَكِنَّ أَشباحاً مِنَ المالِ تَذهَبُ
الطفيل الغنوي
الحمدان
07-31-2024, 03:59 PM
بِالعُفرِ دارٌ مِن جَميلَةَ هَيَّجَت
سَوالِفَ حُبٍّ في فُؤادِكَ مُنصِبِ
وَكُنتَ إِذا بانَت بِها غِربَةُ النَوى
شَديدَ القُوى لَم تَدرِ ما قَولُ مُشغِبِ
كَريمَةُ حُرِّ الوَجهِ لَم تَدعُ هالِكاً
مِنَ القَومِ هُلكاً في غَدٍ غَيرَ مُعقِبِ
أَسيلَةُ مَجرَى الدَمعِ خُمصانَةُ الحَشا
بَرودُ الثَنايا ذَاتُ خَلقٍ مُشَرعَبِ
تَرى العَينُ ما تَهوى وَفيها زِيادَةٌ
مِنَ اليُمنِ إِذ تَبدو وَمَلهَىً لِملعَبِ
وَبَيتٍ تَهُبُّ الريحُ في حَجَراتِهِ
بِأَرضِ فَضاءٍ بابُهُ لَم يُحَجَّبِ
سَماوَتُهُ أَسمالُ بُردٍ مُحَبَّرٍ
وَصَهوَتُهُ مِن أَتحَمِيٍّ مُعَصَّبِ
وَأَطنابُهُ أَرسانُ جُردٍ كأَنَّها
صُدورُ القَنا مِن بادِئٍ وَمُعَقِّبِ
نَصَبتُ عَلى قَومٍ تُدِرُّ رِماحُهُم
عُروقَ الأَعادي مِن غَريرٍ وَأَشيَبِ
وَفينا تَرى الطولى وَكُلَّ سَمَيدَعٍ
مُدَرَّبِ حَربٍ وَاِبنِ كُلِّ مُدَرَّبِ
طَويلِ نِجادِ السَيفِ لَم يَرضَ خُطَّةً
مِنَ الخَسفِ وَرّادٍ إِلى المَوتِ صَقعَبِ
تَبيتُ كَعِقبانِ الشُرَيفِ رِجالُهُ
إِذا ما نَوَوا إِحدَاثَ أَمرٍ مُعَطِّبِ
وَفينا رِباطُ الخَيلِ كُلَّ مُطَهَّمٍ
رَجيلٍ كَسِرحانِ الغَضا المُتَأَوِّبِ
يُذيقُ الَّذي يَعلو عَلى ظَهرِ مَتنِهِ
ظِلالَ خَذاريفٍ مِنَ الشَدِّ مُلهِبِ
وَجَرداءَ مِمراحٍ نَبيلٍ حِزامُها
طَروحٍ كَعودِ النَبعَةِ المُتَنَخَّبِ
تُنيفُ إِذا اِقوَرَّت مِنَ القَودِ وَاِنطَوَت
بِهادٍ رَفيعٍ يَقهَرُ الخَيلَ صَلهَبِ
وَعوجٍ كَأَحناءِ السَراءِ مَطَت بِها
مَطارِدُ تَهديها أَسِنَّةُ قَعضَبِ
إِذا قيلَ نَهنِهها وَقَد جَدَّ جِدُّها
تَرامَت كَخُذروفِ الوَليدِ المُثَقَّبِ
قَبائِلُ مِن فَرعَي غَنِيٍّ تَواهَقَت
بِها الخَيلُ لا عُزلٍ وَلا مُتَأَشَّبِ
أَلا هَل أَتى أَهلَ الحِجازِ مُغارُنا
عَلى حَيِّ وَردٍ وَاِبنِ رَيّا المُضَرَّبِ
جَلَبنا مِنَ الأَعرافِ أَعرافِ غَمرَةٍ
وَأَعرافِ لُبنى الخَيلَ يا بُعدَ مَجلَبِ
بناتِ الغُرابِ وَالوَجيهِ وَلاحِقٍ
وَأَعوَجَ تَنمي نِسبَةَ المُتَنَسِّبِ
وِراداً وَحُوّاً مُشرِفاً حَجَباتُها
بَناتِ حِصانٍ قَد تُعولِمَ مُنجِبِ
وَكُمتاً مُدَمّاةً كَأَنَّ مُتونَها
جَرى فَوقَها وَاِستَشعَرَت لَونَ مُذهَبِ
نَزائِعَ مَقذوفاً عَلى سَرَواتِها
بِما لَم تُخالِسها الغُزاةُ وَتُسهَبِ
تُباري مَراخيها الزِجاجَ كَأَنَّها
ضِراءٌ أَحَسَّت نَبأَةً مِن مُكَلِّبِ
كَأَنَّ يَبيسَ الماءِ فَوقَ مُتونِها
أَشاريرُ مَلحٍ في مَباءَةِ مُجرِبِ
مِنَ الغَزوِ وَاِقوَرَّت كَأَنَّ مُتونَها
زَحاليفُ وِلدانٍ عَفَتَ بَعدَ مَلعَبِ
وَأَذنابُها وُحفٌ كَأَنَّ ذُيولَها
مَجَرُّ أَشاءٍمِن سُمَيحَةَ مُرطِبِ
وَتَمَّت إِلى أَجوازِها وَتَقَلقَلَت
قَلائِدُ في أَعناقِها لَم تُقَضَّبِ
كَأَنَّ سَدى قُطنِ النَوادِفِ خَلفَها
إِذا اِستَودَعَتهُ كُلَّ قَاعٍ وَمِذنَبِ
إِذا هَبَطَت سَهلاً كَأَنَّ غُبارَهُ
بِجانِبِهِ الأَقصَى دَواخِنُ تَنضُبِ
كَأَنَّ رِعالَ الخَيلِ لمّا تَبَدَّدَت
بَوادي جَرادِ الهَبوَةِ المُتَصَوِّبِ
وَهَصنَ الحَصى حَتّى كَأَنَّ رُضاضَهُ
ذُرى بَرَدٍ مِن وابِلٍ مُتَحَلَّبِ
يُبادِرنَ بِالفُرسانِ كُلَّ ثَنِيَّةٍ
جُنوحاً كَفُرّاطِ القَطا المُتَسَرِّبِ
وَعارَضتُها رَهواً عَلى مُتَتابِعٍ
شَديدِ القُصَيرى خارِجِيٍّ مُحَنَّبِ
كَأَنَّ عَلى أَعرافِهِ وَلِجامِهِ
سَنا ضَرَمٍ مِن عَرفَجٍ مُتَلَهِّبِ
كَأَنَّ عَلى أَعطافِهِ ثَوبَ مائِحٍ
وَإِن يُلقَ كَلبٌ بَينَ لِحيَيهِ يَذهَبِ
إِذا اِنصَرَفَت مِن عَنَّةٍ بَعدَ عَنَّةٍ
وَجَرسٍ عَلى آثارِها كَالمُؤَلَّبِ
تُصانِعُ أَيديها السَريحَ كَأَنَّها
كِلابُ جَميعٍ غُرَّةَ الصَيفِ مُهرَبِ
إِذا اِنقَلَبَت أَدَّت وُجوهاً كَريمَةً
مُحَبَّبَةً أَدَّينَ كُلَّ مُحَبَّبِ
خَدَت حَولَ أَطنابِ البُيوتِ وَسَوَّفَت
مَراداً وَإِن تُقرَع عَصا الحَربِ تُركَبِ
فَلَمّا بَدا حَزمُ القَنانِ وَصارَةٌ
وَوازَنَّ مِن شَرقِيِّ سَلمى بِمَنكِبِ
أَنَخنا فَسُمناها النِطافَ فَشارِبٌ
قَليلاً وَآبٍ صَدَّ عَن كُلِّ مَشرَبِ
يُرادي عَلى فَأسِ اللِجَامِ كَأَنَّما
يُرادي بِهِ مِرقاةُ جِذعٍ مُشَذَّبِ
وَشَدَّ العَضاريطُ الرِحالَ وَأُسلِمَت
إِلى كُلِّ مِغوارِ الضُحَى مُتَلَبِّبِ
فَلَم يَرَها الراؤونَ إِلاّ فُجاءَةً
بِوادٍ تُناصيهِ العِضاةَ مُصَوَّبِ
ضَوابِعُ تَنوي بَيضَةَ الحَيِّ بَعدَما
أَذاعَت بِرَيعانِ السَوامِ المُعَزَّبِ
رَأى مُجتَنو الكُرّاثِ مِن رَملِ عالِجٍ
رِعالاً مَطَت مِن أَهلِ سَرحٍ وَتَنضُبِ
فَأَلوَت بَغاياهُم بِنا وَتَباشَرَت
إِلى عُرضِ جَيشٍ غَيرَ أَن لَم يُكَتَّبِ
فَقالوا أَلا ما هَؤُلاءِ وَقَد بَدَت
سَوابِقُها في ساطِعٍ مُتَنَصِّبِ
فَقال بَصيرٌ يَستَبينُ رِعالَها
هُمُ وَالإِلَهِ مَن تَخافينَ فَاِذهَبي
عَلى كُلِّ مُنشَقٍّ نَساها طِمِرَّةٍ
وَمُنجَرِدٍ كَأَنَّهُ تَيسُ حُلَّبِ
يَذُدنَ ذِيادَ الخامِساتِ وَقَد بَدا
ثَرى الماءِ مِن أَعطافِها المُتَحَلِّبِ
وَقيلَ اِقدُمي وَاِقدُم وَأَخٍّ وَأَخِّري
وَهَل وَهَلا وَاِضرَح وَقادِعُها هَبِ
فَما بَرِحوا حَتّى رَأَوا في دِيارِهِم
لِواءً كَظِلِّ الطائِرِ المُتَقَلِّبِ
رَمَت عَن قِسيِّ الماسِخِيِّ رِجالُنا
بِأَجوَدَ ما يُبتاعُ مِن نَبلِ يَثرِبِ
كَأَنَّ عَراقيبَ القَطا أُطُرٌ لَها
حَديثُ نَواحيها بِوَقعٍ وَصُلَّبِ
كُسينَ ظُهارَ الريشِ مِن كُلِّ ناهِضٍ
إِلى وَكرِهِ وَكُلِّ جَونٍ مُقَشَّبِ
فَلَمّا فَنا ما في الكَنائِنِ ضارَبوا
عَلى القُرعِ مِن جِلدِ الهِجانِ المُجَوَّبِ
فَذوقوا كَما ذُقنا غَداةَ مُحَجَّرٍ
مِنَ الغَيظِ في أَجوافِنا وَالتَحَوُّبِ
أَبَأنا بِقَتلانا مِنَ القَومِ مِثلَهُم
وَما لا يُعَدُّ مِن أَسيرٍ مُكَلَّبِ
نُخَوّي صُدورَالمَشرَفِيَّةِ مِنهُمُ
وَكُلَّ شُراعِيٍّ مِنَ الهِندِ شَرعَبِ
بِضَربٍ يُزيلُ الهامَ عَن سَكَناتِهِ
وَيَنقَعُ مِن هامِ الرِجالِ بِمَشرَبِ
فَبِالقَتلِ قَتلٌ وَالسَوامِ بِمِثلِهِ
وَبِالشَلِّ شَلُّ الغائِطِ المُتَصَوِّبِ
وَجَمَّعنَ خَيطاً مِن رِعاءٍ أَفَأنَهُم
وَأَسقَطنَ مِن أَقفائِهِم كُلَّ مِحلَبِ
فَرُحنَ يُبارينَ النِهابَ عَشِيَّةً
مُقَلَّدَةً أَرسانَها غَيرَ خُيَّبِ
مُعَرَّقَةَ الأَلحي تَلوحُ مُتونُها
تُثيرُ القَطا في مَنقَلٍ بَعدَ مَقرَبِ
لِأَيّامِها قيدَت وَأَيّامِها جَرَت
لِغُنمٍ وَلَم تُؤخَذ بِأَرضٍ وَتُغصَبِ
كَأَنَّ خَيالَ السَخلِ في كُلِّ مَنزِلٍ
يَضَعنَ بِهِ الأَسلاءَ أَطلاءُ طُحلُبِ
طَوامِحُ بِالطَرفِ الظِرابِ إِذا بَدَت
مُحَجَّلَةَ الأَيدي دَماً بِالمُخَضَّبِ
وَلِلخَيلِ أَيّامٌ فَمَن يَصطَبِر لَها
وَيعرِف لَها أَيّامَها الخَيرَ تُعقِبِ
وَقَد كانَ حَيّانا عَدُوَّينِ في الَّذي
خَلا فَعَلى ما كانَ في الدَهرِ فَاِرتُبِ
إِلى اليَومِ لَم نُحدِث إِليكُم وَسيلَةً
وَلَم تَجِدوها عِندَنا في التَنَسُّبِ
جَزَيناهُمُ أَمسِ الفَطيمَةِ إِنَّنا
مَتى ما تَكُن مِنّا الوَسيقَةُ نَطلُبِ
فَأَقلَعَتِ الأَيّامُ عَنّا ذُؤابَةً
بِمَوقِعِنا في مَحرَبٍ بَعدَ مَحرَبِ
وَلَم يَجِدِ الأَقوامُ فينا مَسَبَّةً
إِذا اِستُدبِرَت أَيّامُنا بِالتَعَقُّبِ
الطفيل الغنوي
الحمدان
07-31-2024, 03:59 PM
وَأَنتَ اِبنُ أُختِ الصِدقِ يَومَ بُيوتُنا
بِكُتلَةَ إِذ سارَت إِلَينا القَبائِلُ
بِحَيٍّ إِذا قيلَ اِظعَنوا قَد أُتيتُمُ
أَقاموا فَلَم تُردَد عَلَيهِم حَمائِلُ
الطفيل الغنوي
الحمدان
07-31-2024, 04:00 PM
هَل حَبلُ شَمّاءَ قَبلَ البَينِ مَوصولُ
أَم لَيسَ لِلصُرمِ عَن شَمّاءَ مَعدولُ
أَم ما تُسائِلُ عَن شَمّاءَ ما فَعَلَت
وَما تُحاذِرُ مِن شَمّاءَ مَفعولُ
إِذ هِيَ أَحوى مِنَ الرِبعِيِّ حاجِبُهُ
وَالعَينُ بِالإِثمِدِ الحارِيِّ مَكحولُ
تَرعى مَنابِتَ وَسمِيٍّ أَطاعَ لَهُ
بِالجِزعِ حَيثُ عَصى أَصحابَهُ الفيلُ
بانَت وَكانَت إِذا بانَت يَكونُ لَها
رَهنٌ بِما أَحكَمَت شَمّاءَ مَبتولُ
إِن تُمسِ قَد سَمِعَت قيلَ الوُشاةِ بِنا
وَكُلُّ ما نَطَقَ الواشونَ تَضليلُ
فَما تَجودُ بمَوعودٍ فَتُنجِزَهُ
أَم لا فَيَأسٌ وَإِعراضٌ وَتَجميلُ
فَإِنَّ قَصرَكِ قَومي إِن سَألتِهِمُ
وَالمَرءُ مُستَنبَأٌ عَنهُ وَمَسؤولُ
إِنّي وَإِن قَلَّ مالي لا يُفارِقُني
مِثلُ النَعامَةِ في أَوصالِها طولُ
تَقريبُها المَرَطى وَالجَوزُ مُعتَدِلٌ
كَأَنَّها سُبَدٌ بِالماءِ مَغسولُ
الطفيل الغنوي
الحمدان
07-31-2024, 04:00 PM
سَمَونا بِالجِيادِ إِلى أَعادٍ
مُغاوِرَةً بِجِدٍّ وَاِعتِصابِ
نَؤُمُّهُمُ عَلى رُعبٍ وَشَحطٍ
بِقَودٍ يَطَّلِعنَ مِن النِقابِ
طِوالُ الساعِدَينِ يَهُزُّ لَدناً
يَلوحُ سِنانُهُ مِثلَ الشِهابِ
وَلَو خِفناكَ ما كُنّا بِضُعفٍ
بِذي خُشُبٍ نُعَرِّبُ وَالكُلابِ
وَقَتَّلنا سَراتَهُمُ جِهاراً
وَجِئنا بِالسَبايا وَالنِهابِ
سَبايا طَيِّءٍ أَبرَزنَ قَسراً
وَأَبدَلنَ القُصورَ مِنَ الشِعابِ
فَسُمناهُم فَمُصطَبَحٌ قَليلاً
وَآخَرَ كارِهٌ لِلمآبي
سَبايا طَيِّءٍ مِن كُلِّ حَيٍّ
بِمَن في الفَرعِ مِنها وَالنِصابِ
وَما كانَت بَناتُهُمُ سَبِيّاً
وَلا رُغباً يُعَدُّ مِنَ الرِغابِ
وَلا كانَت دِماؤُهُمُ وَفاءً
لَنا فيما يُعَدُّ مِنَ العِقابِ
وَمَشعَلَةٍ تَخالُ الشَمسَ فيها
بُعَيدَ طُلوعِها تَحتَ الحِجابِ
وَكادَت تُستَطارُ فَأَرهَبوها
بِأَرحَبِ وَاِقدُمي وَهَلا وَهابي
الطفيل الغنوي
الحمدان
07-31-2024, 04:00 PM
أَو قارِحٌ في الغُرابِيّاتِ ذُو نَسَبٍ
وَفي الجِراءِ مِسَحُّ الشَدِّ إِجفيلُ
وَلا أَقولُ لِجارِ البَيتِ يَتبَعُني
نَفِّس مَحَلَّكَ إِنَّ الجَوَّ مَحلولُ
وَلا أُخالِفُ جاري في حَليلَتِهِ
وَلا اِبنُ عَمِّيَ غالَتني إِذاً غولُ
وَلا أَقولُ وَجَمُّ الماءِ ذو نَفَسٍ
مِنَ الحَرارَةِ إِنَّ الماءَ مَشغولُ
وَلا أُحَدِّدُ أَظفاري أُقاتِلُهُ
إِنَّ اللِطامَ وَقَولَ السَوءِ مَحمولُ
وَلا أَكونُ وِكاءَ الزادِ أَحبِسُهُ
إِنّي لأَعلَمُ أنَّ الزادَ مَأكولُ
حَتّى يُقالَ وَقَد عوليتُ في حَرَجٍ
أَينَ اِبنُ عَوفٍ أَبو قُرّانَ مَجعولُ
إِنّي أُعِدُّ لِأَقوامٍ أُفاخِرُهُم
إِذا تُنوزِعَ عِندَ المَشهَدِ القيلُ
وَلا أُجَلِّلُ قَومي خِزيَةً أَبَداً
فيها القُرودُ رُدافاً وَالتَنابيلُ
وَغارَةٍ كَجَرادِ الريحِ زَعزَعَها
مِخراقُ حَربٍ كَنَصلِ السَيفِ بُهلولُ
يَعلو بِها البيدَ مَيمونٌ نَقيبَتُهُ
أَروَعَ قَد قَلَصَت عَنهُ السَرابيلُ
شَهِدتُ ثُمَّتَ لَم أَحوِ الرِكابَ إِذا
سوقِطنَ ذو قَتَبٍ مِنها وَمَرحولُ
بِساهِمِ الوَجهِ لَم تُقطَع أَباجِلُهُ
يُصانُ وَهوَ لِيَومِ الرَوعِ مَبذولُ
كَأَنَّهُ بَعدَما صَدَّرنَ مِن عَرَقٍ
سيدٌ تَمطَّرَ جُنحَ اللَيلِ مَبلولُ
إِنَّ النِساءَ كَأَشجارٍ نَبَتنَ مَعاً
مِنها المِرارُ وَبَعضُ المُرِّ مَأكولُد
إِنَّ النِساءَ مَتى يَنهَينَ عَن خُلُقٍ
فَإِنَّهُ واجِبٌ لا بُدَّ مَفعولُ
لا يَنثَنينَ لِرُشدٍ إِن مُنينَ لَهُ
وَهُنَّ بَعدُ مَلوماتٌ مَخاذيلُ
الطفيل الغنوي
vBulletin® v3.8.7, Copyright ©2000-2025, vBulletin Solutions, Inc Trans by mbcbaba
diamond