تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به


الصفحات : 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 [49] 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155

الحمدان
08-06-2024, 05:01 PM
قَد كانَ قَبلَكَ ذادَةٌ وَمَقاوِلٌ
ذادوا وَما صَرَفَ الخُطوبَ ذِيادُ

أُمَراءُ حُكّامٌ كَأَيّامٍ أَتَت
شَفعاً بِها الجُمعاتُ وَالأَعيادُ

كَزِيادٍ الأُمَويِّ أَو كَزِيادٍ المَ
رِّيِّ إِذ وَلّى فَأَينَ زِيادُ

تُثنى الخَناصِرُ في الكِرامِ عَلَيهُمُ
وَتُمَدُّ نَحوَ سِناهُمُ الأَجيادُ

وَالمُطلَقاتُ مِنَ النُفوسِ كَأَنَّما
جُمِعَت لَها الأَغلالُ وَالأَقيادُ

وَحَبائِلُ الأَيّامِ لَيسَ بِمُفلِتٍ
صَقرٌ مَكائِدَها وَلا فِيّادُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:01 PM
أَنا صائِمٌ طولَ الحَياةِ وَإِنَّما
فِطري الحِمامُ وَيَومَ ذاكَ أُعَيِّدُ

لَونانِ مِن لَيلٍ وَصُبحٍ لَوَّنا
شَعري وَأَضعَفَني الزَمانُ الأَيِّدُ

وَالناسِ كَالأَشعارِ يَنطِقُ دَهرُهُم
بِهُم فَمُطلِقُ مَعشَرٍ وَمِقَيِّدُ

قالوا فُلانٌ جَيِّدٌ لِصَديقِهِ
لا يَكذِبوا مافي البَريَّةِ جَيِّدُ

فَأَميرُهُم نالَ الإِمارَةَ بِالخَنى
وَتَقيُّهُم بِصَلاتِهِ مُتَصَيِّدُ

كُن مَن تَشاءُ مُهَجَّناً أَو خالِصاً
وَإِذا رُزِقتَ غِناً فَأَنتَ السَيِّدُ

وَاِصمُت فَما كُثِرَ الكَلامُ مِن اِمرِئٍ
إِلّا وَظُنَّ بِأَنَّهُ مُتَزَيِّدُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:01 PM
لا كانَتِ الدُنيا فَلَيسَ يَسُرُّني
أَنّي خَليفَتُها وَلا مَحمودُها

وَجَهِلتُ أَمري غَيرَ أَنّي سالِكٌ
طُرقاً وَخَتها عادُها وَثَمودُها

زَعَموا بِأَنَّ الهَضبَ سَوفَ يُذيبُه
قَدَرٌ وَيَحدُثُ لِلبِحارِ جُمودُها

وَتَشاجَروا في قُبَّةِ الفَلَكِ الَّتي
مازالَ يَعظُمُ في النُفوسِ عَمودَها

فَيَقولُ ناسٌ سَوفَ يُدرِكُها الرَدى
وَيَمينُ قَومٌ لا يَجوزُ هُمودُها

أَتُدالُ يَوماً فِضَّةٌ مِن فِضَّةٍ
فَيَصيرُ مِثلَ سَبيكَةٍ جُلمودُها

إِن فَرَّقَت شُهُبَ الثَرَيّا نَكبَةٌ
فَلِجُذوَةِ المِرّيخِ حُقَّ خُمودُها

وَإِذا سُيوفِ الهِندِ أَدرَكَها البِلى
فَمِنَ العَجائِبِ أَن تَدومَ غُمودُها


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:02 PM
تَعالى اللَهُ ما تَلقى المَطايا
مِنَ الإِنسانِ وَالدُنيا تَصيدُ

إِذا سَلِمَت فَنَصٌّ في المَوامي
فَواصَدَ ما بِهِ فَنِيَ القَصيدُ

وَما يَنفَكُّ في السَنَواتِ مِنها
حَليبٌ أَو نَحيرٌ أَو فَصيدُ

أَتُجزى الخَيرَ صَيدٌ مِن رِكابٍ
كَما تُجزى مِنَ الأَملاكِ صيدُ

أَم الإِلغاءُ يَشمَلُها فَتُضحي
كَأَنَّ سَوامَها زَرعٌ حَصيدُ

وَكَيفَ وَرَبُّها في الحُكمِ عَدلٌ
وَدُنياها لِخالِقِها وَصيدُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:02 PM
إِذا بَلَغَ الوَليدُ لَدَيكَ عَشراً
فَلا يَدخُل عَلى الحُرَمِ الوَليدُ

فَإِن خالَفتَني وَأَضَعتَ نُصحي
فَأَنتَ وَإِن رُزِقتَ حِجاً بَليدُ

أَلا إِنَّ النِساءَ حِبالُ غَيٍّ
بِهِنَّ يُضَيَّعُ الشَرَفُ التَليدُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:02 PM
تَفَوَّهَ دَهرُكُم عَجَباً فَأُصغوا
إِلى ما ظَلَّ يُخبِرُ يا شُهودُ

إِذا اِفتَكَرَ الَّذينَ لَهُم عُقولٌ
رَأَوا نَبَأً يَحُقُّ لَهُ السُهودُ

غَدا أَهلُ الشَرائِعِ في اِختِلافٍ
تُقَضُّ بِهِ المَضاجِعُ وَالمُهودُ

فَقَد كَذَبَت عالى عيسى النَصارى
كَما كَذَبَت عَلى موسى اليَهودُ

وَلَم تَستَحدِثُ الأَيّامُ خُلُقاً
وَلا حالَت مِنَ الزَمَنِ العُهودُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:02 PM
إِن صَحَّ لي أَنَّني سَعيدُ
فَلَيتَني ضَمَّني صَعيدُ

صُمتُ حَياتي إِلى مَماتي
لَعَلَّ يَومَ الحِمامِ عيدُ

وَراعَني لِلحِسابِ ذَكَرٌ
وَغَرَّني أَنَّهُ بَعيدُ

وَعَن يَميني وَعَن شِمالي
يَصحَبُني حافِظٌ قَعيدُ

حَمامَةٌ في غُصونِ أَيكٍ
ناحَت فَأَنشَأتُ أَستَعيدُ

وَما فَقِهتُ المَرادَ مِنها
كُلُّ فَقيهٍ لَهُ مُعيدُ

إِذا رَجَونا قَضاءَ وَعدٍ
فَكَيفَ لا يُرهَبُ الوَعيدُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:03 PM
قَد وَعَظَتني بِكَ اللَيالي
بِغَيرِهِ يوعِظُ السَعيدُ

أُبدِئ قِلىً أَو أَعِد جَفاءً
فَرَبُّكَ المُبدِئُ المُعيدُ

أَنتَ أَميرٌ وَأَنتَ قاضٍ
وَشَأنُكَ الوَعدُ وَالوَعيدُ

كَاليَومُ بانَت فَضيلَتاهُ
بِأَنَّهُ جُمعَةٌ وَعيدُ

ثُمَّ اِنقَضى فَهُوَ غَيرُ آتٍ
مِن وَصفِهِ النازِحُ البَعيدُ

تُعاقِبُ الأَنعُمُ الرَزايا
وَيَخلُفُ الجابِهَ القَعيدُ

أَحسِن بِما القَيلُ فيهِ غادٍ
لَولَم يَكُن قَصرَهُ الصَعيدُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:03 PM
الناسُ لِلأَرضِ أَتباعٌ إِذا بَخِلَت
ضَنّوا وَإِن هِيَ جادَت مَرَّةً جادوا

تَماجَدَ القَومُ وَالأَلبابُ مُخبِرَةٌ
أَن لَيسَ في هَذِهِ الأَجيالِ أَمجادُ

وَالمُلكُ لِلَّهِ وَالدُنِّيا بِها غِيَرٌ
خَيرٌ وَشَرٌّ وَإِعدامٌ وَإِنجادُ

وَالناسُ شُتّى وَلَم يَجمَعُهُمُ غَرَضٌ
شَدٌّ وَحَلٌّ وَإِتِهامٌ وَإِنجادُ

يا لَيلُ ضِدّانِ قَومٌ في الدُجى سُهُرٌ
تَهَجَّدوكَ وَقَومٌ فيكَ هُجّادُ

أَنجُد أَخاكَ عَلى خَيرٍ يَهُمُّ بِهِ
فَالمُؤمِنونَ لَدى الخَيراتِ أَنجادُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:03 PM
المُلكُ لِلَّهِ لا نَنفَكُّ في تَعَبٍ
حَتّى تَزايَلَ أَرواحٌ وَأَجسادُ

وَلا يُرى حَيوانٌ لا يَكونُ لَهُ
فَوقَ البَسيطَةِ أَعداءٌ وَحُسّادُ

وَما أُؤَمِّلُ عِندَ الدَهرِ مَصلَحَةً
وَإِنَّما هُوَ إِتلافٌ وَإِفسادُ

وَلا أُسَرُّ إِذا ما أُسرَتي خَمَلوا
وَهَل أَمِنتُ عَليهُمُ إِن هُمُ سادوا

وَالناسُ مِثلَ ضِراءِ الصَيدِ إِن غَفِلَت
عَن شَأنِها فَلَها بِالطَبعِ إِيسادُ

إِذا الأَصاغِرُ لاقَتها أَكابِرُها
فَتِلكَ في الشَرِّ أَشبالٌ وَآسادُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:03 PM
إِلَهُنا اللَهُ مَلكٌ أَوَّلٌ أَحَدٌ
تُطيعُهُ مِن صُنوفِ الناسِ آحادُ

لَقَد عَرَضنا عَلى الأَبرارِ دينَكُمُ
فَكُلُّهُم عَن دَنايا فِعلِكُم حادوا

إِنَّ المَجوسَ لِأَزكى مِنكُمُ عَمَلاً
وَإِنَّما شَأنُكُم جَحدٌ وَإِلحادُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:04 PM
أَمّا الصَحابِ فَقَد مَرّوا وَما عادوا
وَبَينَنا بِلِقاءِ المَوتِ ميعادُ

سِرٌّ قَديمٌ وَأَمرٌ غَيرُ مُتَّضِحٍ
فَهَل عَلى كَشفِنا لِلحَقِّ إِسعادُ

سيرانِ ضِدّانِ مِن رَوحٍ وَمِن جَسَدٍ
هَذا هُبوطٌ وَهَذا فيهِ إِصعادُ

أَخذُ المَنايا سِوانا وَهِيَ تارِكَةٌ
قَبيلَنا عَظَّةٌ مِنها وَإِبعادُ

تَوَقَّعوا السَيلَ أَوفى عارِضٌ وَلَهُ
في العَينِ بَرقٌ وَفي الأَسماعِ إِرعادُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:04 PM
بَلَوتُ مِن هَذِهِ الدُنيا وَساكِنِها
عَجائِباً وَاِنتِهاءُ الثَوبِ تَقديدُ

رُدّي كَلامَكِ ما أَملَلتِ مُستَمِعاً
وَهَل يُمَلُّ مِنَ الأَنفاسِ تَرديدُ

هاجَت بُكايَ أَغانيُّ القِيانِ بِها
كَأَنَّها مِن ذَواتِ الثُكلِ تَعديدِ

وَالناسُ في الأَرضِ أَجناسٌ مُقَلَّدَةٌ
كَالهَديِّ قُلِّدَ لَم يَذعَرهُ تَهديدُ

قالوا فَلَمّا أَحالوا أَظهَروا لَدَداً
فَالقَولُ مَينٌ وَفي الأَصواتِ تَنديدُ

ضَلّوا عَنِ الرُشدِ مِنهُم جاحِدٌ جَحِدٌ
أَو مَن يَحُدُّ وَهَل لِلَّهِ تَحديدُ

لَفظٌ يُبَدَّدُ مِن شَرخٍ وَمُكتَهِلٍ
وَالمالُ يُجَمَعُ لَم يَدرُكُهُ تَبديدُ

رَمَوا فَأَشوَوا وَلَم يُثبِت قِياسُهُمُ
شَيئاً سِوى أَنَّ رَميَ المَوتِ تَسديدُ

ما سَيِّدٌ غَيرُ رِعديدٍ عَلِمتُ بِهِ
كَأَنَّما الحَتفُ إِن لاقاهُ رِعديدُ

وَالخَيرُ يَجلُبُ شَرّاً وَالذُبابُ دَعا
إِلى الجَنى إِنَّهُ في الطَعمِ قِنديدُ

وَخِلتُ أَنِيَ حَرفُ الوَقفِ سَكَّنَهُ
وَقتٌ وَأَدرَكَهُ في ذاكَ تَشديدُ

وَأَشرَفُ الناسِ في أَعلى مَراتِبِهِ
مِثلُ الصَديدِ وَلَكِن قيلَ صِنديدُ

ما كِبرُهُ وَثَقيلُ اللَحنِ يَمنَعُهُ
مِن سُرعَةِ الفَهمِ تَرسيلٌ وَتَمديدُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:04 PM
الصَبرُ يوجَدُ إِن باءَ لَهُ كُسِرَت
لَكِنَّهُ بِسُكونِ الباءِ مَفقودُ

وَيُحمَدُ الصابِرُ الموفي عَلى غَرَضٍ
لا عاجِزٌ بِعُرى التَقصيرِ مَعقودُ

وَقَد نَفَت عَنكَ إِغماضاً مُلاحِيَةٌ
في كَرَمِها وَكَأَنَّ النَجمَ عُنقودُ

وَالمَهرُ يَعطيهِ أُنثى غَيرَ مُنصِفَةٍ
سَيبٌ مِنَ اللَهِ وَالمَهرِيَّةُ القودُ

وَالنَقدُ يُهدى إِلى الدينارِ مَكرُمَةً
فَلَيتَهُ بَعدَ حُسنِ الضَربِ مَنقودُ

لا يَحمِلُ اللَيلُ هَمَّ الساهِرينَ بِهِ
وَلا يُجانِبُ حُزناً وَهُوَ مَرقودُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:05 PM
أودوا إِلى اللَهِ ما أودٌ وَمفخَرُها
شَيءٌ يُعَدُّ وَلا أودٌ وَلا أودُ

طوبى لِمَوؤودَةٍ في حالِ مَولِدِها
ظُلماً فَلَيتَ أَباها الفَظُّ مَوؤودُ

يا رَبُّ هَل أَنا بِالغَفَرانِ في ظَعَني
مُزَوَّدٌ إِنَّ قَلبي مِنكَ مُزؤودُ

وَالناسِ كَالأَيكِ مَخبوٌّ لِعاضِدِهِ
إِلى اليَبوسِ وَماضٍ وَهُوَ يَمؤودُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:05 PM
نَقضي الحَياةَ وَلَم يُفصَد لِشارِبِنا
دَنٌّ وَلا عَودُنا في الجَدبِ مَفصودُ

نُفارِقُ العَيشَ لَم نَظفَر بِمَعرِفَةٍ
أَيُّ المَعاني بِأَهلِ الأَرضِ مَقصودُ

لَم تُعطِنا العِلمَ أَخبارٌ يَجيءُ بِها
نَقلٌ وَلا كَوكَبٌ في الأَرضِ مَرصودُ

وَاِبيَضَّ ما اِخضَرَّ مِن نَبتِ الزَمانِ بِنا
وَكُلُّ زَرعٍ إِذا ما هاجَ مَحصودُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:05 PM
عِش ما بَدا لَكَ لا يَبقى عَلى زَمَنٍ
مُخَوَّداتٌ وَلا أُسدٌ وَلا خودُ

إِن كُنتَ جَلَداً فَأَجلادي إِلى نَفَدٍ
كَم صَخرَةٍ قَد تَشَظَّت وَهيَ صَيخودُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:06 PM
إِن جادَ بِالمالِ سَمَحٌ يَبتَغي شَرَفاً
آلَت مَعاشِرُ ما في كَفِّهِ جودُ

لَو ماجِدَ النَجمُ أَهلَ الأَرضِ عارَضَهُ
مِنهُم رِجالٌ فَقالوا أَنتَ مَمجودُ

فَالرَأيُ هِجرانُكَ الدُنِّيا وَساكِنَها
فَأَنتَ مِن جَودِ هَذي النَفسِ مَنجودُ

لا تُذهِبِ الوَجدَ في إيثارِ وَجدِهِمُ
فَإِنَّ ذَمَّكَ بَينَ الإِنسِ مَوجودُ

وَإِن تَهَجَّدتَ لَم تُعدَم ثَوابَ تُقاً
وَإِن هَجَدتَ فَإِنَّ اللَيلَ مَهجودُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:06 PM
فَهَل بِلادٌ يُعَرّي المَوتُ ساكِنَها
فَيُبتَغى في الثُرَيّا ذَلِكَ البَلَدُ

يَشقى الوَليدُ وَيَشقى والِداهُ بِهِ
وَفازَ مَن لَم يُوَلِّه عَقلَهُ وَلَدُ

أَِذا تَلَبَّسَ بِالشُجعانِ جَنبَهُمُ
وَبِالكِرامِ أَسَرُّ الضَنِّ أَو صَلَدوا

عَظمٌ وَنَحضٌ تَبَنّى مِنهُما طَلَلٌ
كَأَنَّها الأَرضُ مِنها السَهلُ وَالجَلَدُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:06 PM
وَما تَبَقّي سِهامَ المَرءِ كَثرَتُها
فَاِقضِ الحَياةَ وَأَنتَ الصارِمُ الفَردُ

وَالشَيبُ شابوا عَلى جَهلٍ وَمَنقِصَةٍ
وَالمُردُ في كُلِّ أَمرٍ باطِلٍ مَرَدوا

وَالعَيشُ كَالماءِ تَغشاهُ حَوائِمُنا
فَصادِرونَ وَقَومٌ إِثرَهُم وَرَدوا

وَمَدُّ وَقتِيَ مِثلُ القِصرِ غايَتُهُ
وَفي الهَلاكِ تَساوى الدُرُّ وَالبَرَدُ

يا رُبَّ أَفواهِ غيدٍ أُملِأَت شَنَباً
ثُمَّ اِستَحالَ فَفي أَوطانِهِ الدَرَدُ

يَغدوا عَلى دِرعِهِ الزَرّادُ يُحكِمُها
وَهَل يُنَجّيهِ مِمّا قُدِّرَالزَرَدُ

عَجِبتُ لِلمُدنِفِ المُشفي عَلى تَلَفٍ
وَمَن يُحَدِّثُ عَنهُ بِالرَدى خَلَدوا


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:06 PM
وَقَد أَمَرنا بِفِكرٍ في بَدائِعِهِ
وَإِن تَفَكَّرَ فيهِ مَعشَرٌ لَحَدوا

وَأَهلُ كُلِّ جِدالٍ يُمسِكونَ بِهِ
إِذا رَأوا نورَ حَقٍّ ظاهِرٍ جَحَدوا

حَوادِثُ الدَهرِ أَملاكٌ لَها قَنَصٌ
وَالإِنسُ وَحشٌ فَقَد أَزرى بِها الطَرَدُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:07 PM
أَمثالُنا كانَ جُملٌ قَبلَنا فَمَضوا
وَمِثلُ رُزءٍ وَجَدنا حِسَّهُ وَجَدوا

وَالمَجدُ لِلَّهِ لا خَلقٌ يُشارِكُهُ
وَآلُ حَوّاءَ ما طابوا وَلا مَجَدوا

أَمّا إِلى كُلِّ شَرٍّ عَنَّ فَاِنتَبَهوا
بَل لَم يَناموا وَلَكِن عَن تُقاً هَجَدوا

وَالناسُ يَطغَونَ في دُنياهُمُ أَشَراً
لَولا المَخافَةُ ما زَكّوا وَلا سَجِدوا

في كُلِّ أَمرِكَ تَقليدٌ رَضيتَ بِهِ
حَتّى مَقالُكَ رَبِّيَ واحِدٌ أَحَدُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:07 PM
فَوَيحَهُم بِئسَ ما رَبّوا وَما حَضَنوا
فَهيَ الخَديعَةُ وَالأَضغانُ وَالحَسَدُ

وَكُلُّنا في مَساعيهِ أَبو لَهبٍ
وَعِرسُهُم لَم يَقَع في جَيدِها مَسَدُ

وَما الدَنيُّ ذِراعُ الخَودِ نُمرُقُه
مِثلَ السَنيِّ ذِراعَ الجِسرِ يَتَّسِدُ

وَالجِسمُ لِلرَوحِ مِثلُ الرَبعِ تَسكُنُهُ
وَما تُقيمُ إِذا ما خُرِّبَ الجَسَدُ

وَهَكَذا كانَ أَهلُ الأَرضِ مُذ فُطِروا
فَلا يَظُنُّ جَهولٌ أَنَّهُم فَسَدوا

ما أَنتَ وَالرَوضَ تَلقى مِن غَمائِمِهِ
فيهِ المَفارِشُ لِلثاوَينَ وَالوَسَدُ

كَأَنَّما شُبَّ في أَقطارِهِ قُطُرٌ
بِالغَيثِ أَن بالَ فيهِ الثَورُ وَالأَسَدُ

أَهلُ البَسيطَةِ في هَمٍّ حَياتُهُمُ
وَلا يُفارِقُ أَهلَ النَجدَةِ النَجَدُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:07 PM
وَالحُكمُ جارٍ عَلى الأَكتادِ مُحتَمَلٌ
وَلا يُطيقُ ثَباتاً تَحتَهُ الكَتَدُ

كَم زالَ جيلٌ وَهَذي الأَرضُ باقِيَةٌ
ما هَمَّ بِالزيغِ مِن أَوتادِها وَتَدُ

أَقتادُ هَمّاً بِأَقتادٍ عَلى إِبلٍ
وَهَل يُبَلِّغُ ما أَمَّلتُهُ القَتَدُ

لَو يَفهَمُ الناسُ ما أَبنائُهُم جَلَبٌ
وَبيعَ بِالفَلسِ أَلفٌ مِنهُمُ كَسَدوا


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:07 PM
رَأَيتُ جَماعاتٍ مِنَ الناسِ أولِعَت
بِإِثباتِ أَشياءَ اِستَحالَ ثُبوتُها

فَقَد أَخبَرَت عَن غَيِّها سَنَواتُها
كَما أُخبِرَت آحادُها وَسُبوتُها

وَما هِيَ إِلّا النارُ توقَدُ مَرَّةً
فَتَذكو وَتاراتٍ يَحينُ خُبوتُها


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:07 PM
أَلَم تَرَ لِلدُنيا وَسوءِ صَنيعِها
وَلَيسَ سِوى وَجهِ المُهَيمِنِ ثابِتُ

تَخالَفَ بِرساها فَبِرسٌ بِهامَةٍ
أُقِرَّ وَبِرسٌ يُذهِبُ القُرَّ نابِتُ

مُصَلٍّ وَدَهرِيٌّ وَغاوٍ وَناسِكٌ
وَأَزهَرُ مَكبوتٌ وَأَسوَدُ كابِتُ

أَيَنَحَلُّ سَبتٌ يَعقِدُ الحَظَّ يَوُمهُ
فَيَنجَحَ ساعٍ أَم هُوَ الدَهرُ سابِتُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:08 PM
ثَلاثَةُ أَيّامٍ لِأَهلِ تَنافُرٍ
وَلَكِنَّ قَولَ المُسلِمينَ هُوَ الثَبتُ

يَرى الأَحَدَ النَصرِيُّ عيداً لِأَهلِهِ
وَجُمعَتُنا عيدٌ لَنا وَلَك السَبتُ

وَما الناسُ إِلّا خالِفٌ بَعدَ سالِفٍ
كَذَلِكَ نَبتُ الأَرضِ يَخلُفُهُ النَبتُ

إِذا اِفتَكَرَ الإِنسانُ في أَمرِ دينِهِ
بَدا نَبَأٌ يَثني الحِجى وَبِهِ كَبت

فَهَل خَبَرٌ عَن أَنفُسٍ بانَ وَفدُها
إِلى اللَهِ مَعمورٍ بِأَجسامِها الخَبتُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:08 PM
يَحِلُّ بِمَهرٍ رَحيقُ الرُضابِ
وَلَيسَ يَحِلُّ رَحيقُ العِنَب

يُعيدُ الفَتى كَالَّذي نابَهُ
جُنونٌ عَلى أَنَّهُ لَم يُنِب

وَما أَخَذَ العَقلَ مِن أَهلِهِ
وَإِن هُوَ غَرَّ اللَمى وَالشَنَب


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:09 PM
إِذا وَهَبَ اللَهُ لي نِعمَةً
أَفَدتُ المَساكينَ مِمّا وَهَب

جَعَلتُ لَهُم عُشرَ سَقيِ الغَمامِ
وَأَعطَيتُهُم رُبعَ عُشرِ الذَهَب

وَإِلّا فَلَيسَ عَلى قادِحٍ
إِذا ما كَبا الزَندُ دَفعُ اللَهَب

وَلَو أُرسِلَت في المَهَبِّ الجَنوب
لَما عَجَزَت عَن سُلوكِ المَهَبّ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:09 PM
مَن جالَسَ المُغتابَ فَهوَ مُغتاب
لَستُ عَلى كُلِّ جَنىً بِعَتّاب

وَلا مُجازٍ مُخطِياً إِذا تاب
وَكَيفَ لي بِوِردِ نُسكٍ مُؤتاب

أَقطَعُ مِنهُ حِندِساً وَأَجتاب
وَتَضمِرُ الأَقتابُ فَوقَ الأَقتاب

تُزعِجُني ذاتُ وَجيفٍ رَتّاب
تَخُطُّ في الأَرضِ سُطورَ الكُتّاب

إِنّي بِنَفسي في التُقى لَمُرتاب
وَلا أَشُكُّ في الحِمامِ المُنتاب


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:09 PM
ما أَجَلي في أَجَلى حاضِرٌ
مِن بَعدِ ما جَرَّبتُ أَهلَ الجَريب

كَأَنَّ حَوّاءَ الَّتي زَوجُها
آدَمُ لَم تَلقَح بِشَخصٍ أَريب

قَد كثُرَت في الأَرضِ جُهّالُنا
وَالعاقِلُ الحازِمُ فينا غَريب

وَإِن يَكُن في مَوتِنا راحَةٌ
فَالفَرَجُ الوارِدُ مِنّا قَريب

هَل مِن عَريبٍ أَو ذَوي جُرهُمٍ
أَو إِرَم أَو آلِ طَسمٍ عَريب


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:10 PM
عاقِبَةُ المَيِّتِ مَحمودَةٌ
إِذا كَفى اللَهُ أَليمَ العِقاب

لَيسَ عَذابُ اللَهِ مَن خانَهُ
كَالقَطعِ لِلأَيدي وَضَربِ الرِقاب

لَكِنَّهُ مُتَّصِلٌ فَاِحتَقِب
ما شِئتَ لا يوضَعُ كَوَضعِ الحِقاب

وَنارُهُ لا تُشبِهُ النارَ في
إِفنائِها ما أُطعِمَت مِن ثِقاب

كَم عَمَلٍ أَهمَلُهُ عامِلٌ
يَحفَظُهُ خالِقُنا بِاِرتِقاب

وَإِنَّما غودِرَ في مُدَّني
كَقابِ قَوسٍ مُدَّ أَو بَعضِ قاب

لَيتي هَباءٌ في قَناتَي لَأيً
أَو قَطرَةُ بَينَ جَناحَي عُقاب

أَو كُنتُ كُدرِيّاً أَخا قَفرَةٍ
مَشرَبُهُ مِن آجِناتِ الوِقاب

دُنياكَ وَرهاءُ لَها شارَةٌ
وَقُبحُها يُستَرُ تَحتَ النِقاب

يا ناقَةً في ضَرعِها قاتِلٌ
تُعِلُّهُ مُرتَضِعاتُ السِقاب

هَل وَأَلَت مُغفِرَةٌ بِالذُرى
أَو أُفعُوانٌ ساكِنٌ بِالشَقاب

آهٍ لِضَعفي كَيفَ بي هابِطاً
في الوادِ أَو مُرتَقِياً في العِقاب


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:10 PM
إِنّي وَنفَسي أَبَداً في جِذاب
أُكذُبُها وَهيَ تُحِبُّ الكِذاب

إِن أَدخُلِ النارَ فَلي خالِقٌ
يَحمِلُ عَنّي مُثقَلاتِ العَذاب

يَقدِرُ أَن يُسكِنَني رَوضَةً
فيها تَرامى بِالمِياهِ العِذاب

لا أُطعَمُ الغِسلينَ في قَعرِها
وَلا أُغادى بِالحَميمِ المُذاب


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:10 PM
قَد أَعزَبَ العالَمُ أَحلامَهُم
يا عازِبَ الحِلمِ عَنِ الناسِ ثُب

نيرانُ حِقدٍ بَينَ أَحشائِهِم
فَلَفظُهُم عَنها شَرارٌ وَثَب

تُنسيهُمُ العارِفَةَ الهيفُ كَالأَغ
صانِ وَالأَعجازُ مِثلُ الكُثُب


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:10 PM
كَأَنَّما الأَجسادُ إِن فارَقَت
أَرواحَها صَخرٌ ثَوى أَو خُشُب

وَما دَرى المَيتُ أَأَكفانُهُ
مُخلِقَةٌ في رَمسِهِ أَم قُشُب

شابَ عَلَينا أَمرَنا شائِبٌ
وَقَد وَدِدنا أَنَّهُ لَم يَشُب

طَوبى لِطَيرٍ تَلقُطُ الحَبَّةَ المُلقاةَ
أَو وَحشٍ تَقَفّى العُشُب

لا تَألَفُ الإِنسَ وَلا تَعرِفُ القَن
سَ وَلا تَسمو إِلَيها الأُشُب

فَلا تَشُبُّ الحَربَ وَقّادَةً
فَخامِدٌ في نَفسِهِ مَن يَشُبّ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:10 PM
لِلرِزقِ أَسبابٌ تَسَبَّب
وَالعَيشُ مَأمولٌ مَحَبَّب

وَصَبابَةُ الإِنسانِ بِالدُن
يا أَرَتكَ دَماً تَصَبَّب

شَرِبَ اِمرُؤٌ مِن قَهوَةٍ
شامِيَّةٍ حَتّى تَحَبَّب

وَأَخوهُ يَكرَهُ نُغبَةً
في الرَفدِ مِن ذَهَبٍ يُضَبَّب

وَالمَوتُ طِبٌّ لَيسَ يُب
رِئُهُ الحَكيمُ وَإِن تَطَبَّب

يا طِرفُ إِن بِتَّ الأَقَ
بَّ وَصَمَّ حافِرُكَ المُقَبَّب

وَجَبَبتَ في الجَري الخُيو
لَ وَكُنتَ مِن وَضحٍ مُجَبَّب

فَليُدرِكَنَّكَ مَرَّةً
ما أَدرَكَ الخَرِقُ المُرَبَّب

وَالصَمتُ يَلزَمُهُ الفَتى
مِن بَعدِ ما غَنّى وَشَبَّب


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:11 PM
يا أَيُّها المَغرورُ لَبَّ مِنَ الحِجى
وَإِذا دَعاكَ إِلى التُقى داعٍ فَلَب

إِنَّ الشُرورَ لَكَالسَحابَةِ أَثجَمَت
لاكِ السُرورُ كَأَنَّهُ بَرقٌ خَلَب

وَأَبُرُّ مِن شُربِ المَدامَةِ صُفِّنَت
في عَسجَدٍ شُربُ الرَثيئَةِ في العُلَب

جاءَتكَ مِثلَ دَمِ الغَزالِ بِكَأسِها
مَقتولَةً قَتَلَتكَ فالَهُ عَنِ السَلب

حَلَبِيَّةٌ في النِسبَتَينِ لِأَنَّها
حَلَبُ الكُرومِ وَأَنَّ مَوطِنَها حَلَب

وَالعَقلُ أَنفَسُ ما حُبيتَ وَإِن يُضَع
يَوماً يَضَع فَغوى الشَرابِ وَما حَلَب

وَالنَفسُ تَعلَمُ أَنَّها مَطلوبَةٌ
بِالحادِثاتِ فَما تُراعُ مِنَ الطَلَب

وَالدَهرُ أَرقَمُ بِالصَباحِ وَبِالدُجى
كَالصِلِّ يَفتُكُ بِاللَديغِ إِذا اِنقَلَب

وَأَرى المُلوكَ ذَوي المَراتِبِ غالَبوا
أَيّامَهُم فَاِنظُر بِعَيشِكَ مِن غَلَب

سِيّانَ عِندي مادِحٌ مُتَخَرِّصٌ
في قَولِهِ وَأَخو الهِجاءِ إِذا ثَلَب


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:11 PM
أَما وَالرِكابِ وَأَقتابِها
تَجوبُ الفَلاةَ بِمُجتابِها

تُنَصُّ بِكُلِّ فَتىً ناسِكٍ
صَحيحِ النُهى غَيرِ مُرتابِها

مَتى ذُكِرَت عِندَهُ مومِسٌ
فَلَيسَ حِذاراً بِمُغتابِها

وَأَجبالِ فِهرٍ وَأَحجارِها
وَكَعبَةِ كَعبٍ وَمُنتابِها

وَكُتبٍ يَبينُ اِتِّقاءُ المَليكِ
في دارِسيها وَكُتّابِها

لَقَد عُتِبَت هَذِهِ الحادِثاتُ
فَلَم تُرضِ خَلقاً بِإِعتابِها


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:11 PM
مَعاصٍ تَلوحُ فَأوصيكُمُ
بِهِجرانِها لا بِإِغبابِها

كَأَنَّ المُهَيمِنَ أَوصى النُفوسَ
بِعِشقِ الحَياةِ وَإِحبابِها

إِذا دَفَنَت في الثَرى هالِكاً
تَناسَت عُهوداً لِأَحبابِها

أَلَبَّت عَلى غَيرِ نَفعٍ لَها
وَذاكَ لِقِلَّةِ أَلبابِها

تَوَلّى الخَليلُ إِلى رَبِّهِ
وَخَلّى العَروضَ لِأَربابِها

فَلَيسَ بِذاكِرِ أَوتادِها
وَلا مُرتَجٍ فَضلَ أَسبابِها


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:11 PM
إِذا اِبنا أَبٍ واحِدٍ أُلفِيا
جَواداً وَعَيراً فَلا تَعجَبِ

فَإِنَّ الطَويلَ نَجيبَ القَريضِ
أَخوهُ المَديدُ وَلَم يَنجُبِ

وَيَشجُبُ كُلُّ اِمرِئٍ في الزَمانِ
مِن آلِ عَدنانَ أَو يَشجُبِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:12 PM
البابِلِيَّةُ بابُ كُلِّ بَلِيَّةٍ
فَتَوَقَّيَنَّ هُجومَ ذاكَ البابِ

جَرَّت مُلاحاةَ الصَديقِ وَهَجرَهُ
وَأَذى النَديمِ وَفُرقَةَ الأَحبابِ

أُمُّ الحَبابِ وَإِن أُميتَ لَهيبُها
بِمَزاجِها وافَت كَأُمِّ حُبابِ

هَتَكَت حِجابَ المُحَصَناتِ وَجَشَّمَت
مُهَنَ العَبيدِ تَهَضُّمُ الأَربابِ

وَتُوَهِّمُ الشَيبَ المَدالِفَ أَنَّهُم
لَبِسوا عَلى كِبَرٍ بُرودَ شَبابِ

وَإِذا تَأَمَّلتَ الحَوادِثَ أُلفِيَت
صُهُبُ الدَنانِ أَعادِيَ الأَلبابِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:12 PM
خَبِرَ الحَياةَ شُرورَها وَسُرورَها
مَن عاشَ عِدَّةَ أَوَّلِ المُتَقارِبِ

وافى بِذَلِكَ أَربَعينَ فَما لَهُ
عُذرٌ إِذا أَمسى قَليلَ تَجارُبِ

يا ضارِبَ العَودِ البَطيءِ وَظَهرُهُ
لا وِزرَ يَحمِلُهُ كَوِزرِ الضارِبِ

أُرفُق بِهِ فَشَهِدتُ أَنَّكَ ظالِمٌ
في ظالِمينَ أَباعِدٍ وَأَقارِبِ

قُل لِلمُدامَةِ وَهيَ ضِدٌّ لِلنُهى
تَنضو لَها أَبَداً سُيوفَ مُحارِبِ

لَو كانَ لَم يَحظُركِ غَيرَ أَذيَّةٍ
شَيءٌ لَبِتِّ مُباحَةً لِلشارِبِ

لَكِن حَماكِ العَقلُ وَهوَ مُؤَمَّرٌ
فَاِنأَي وَراءَكِ في التُرابِ التارِبِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:12 PM
أَهلاً بِغائِلَةِ الرَدى وَإِيابِها
كَيما تُسَتِّرُني بِفَضلِ ثِيابِها

دُنياكَ دارٌ إِن يَكُن شُهّادُها
عُقَلاءَ لا يَبكوا عَلى غُيّابِها

قَد أَظهَرَت نُوَباً تَزيدُ عَلى الحَصى
عَدَداً وَكَم في ضَبنِها وَعِيابِها

تَفريهِمُ بِسُيوفِها وَتَكُبُّهُم
بِرِماحِها وَتَنالُهُم بِصُيابِها

ما الظافِرونَ بِعِزِّها وَيَسارِها
إِلّا قَريبو الحالِ مِن خُيّابِها

أَنيابُ جامِعَةِ السِمامِ فَمُ الَّتي
أَطغَت فَخِلتُ الراحَ في أَنيابِها

إِنَّ المَنِيَّةَ لَم تَهَب مُتَهَيَّباً
فَالعَجزُ وَالتَفريطُ في هُيّابِها

وَمِنَ العَجائِبِ أَنَّ كُلّاً راغِبٌ
في أُمِّ دَفرٍ وَهوَ مِن عُيّابِها

فَاِتفُل عَنِ التُربِ الفَصاحَةَ إِنَّها
تَقضي لِناعيها عَلى زُريابِها


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:12 PM
لا تَلبَسِ الدُنيا فَإِنَّ لِباسَها
سَقَمٌ وَعَرِّ الجِسمَ مِن أَثوابِها

أَنا خائِفٌ مِن شَرِّها مُتَوَقِّعٌ
إِكآبَها لا الشُربَ مِن أَكوابِها

فَلتَفعَلِ النَفسُ الجَميلَ لِأَنَّهُ
خَيرٌ وَأَحسَنُ لا لِأَجلِ ثَوابِها

في بَيتِهِ الحَكَمُ الَّذي هُوَ صادِقٌ
فَأتوا بُيوتَ القَومِ مِن أَبوابِها

وَتَخالُفُ الرُؤَساءِ يَشهَدُ مُقسِماً
إِنَّ المَعاشِرَ ما اِهتَدَت لِصَوابِها

وَإِذا لُصوصُ الأَرضِ أَعيَت والِياً
أَلقى السُؤالَ بِها عَلى تُوّابِها

جيبَت فَلاةٌ لِلغِنى فَأَصابَهُ
نَفَرٌ وَصينَ الغَيبُ عَن جَوّابِها

آوى بِها اللَهُ الأَنامَ فَما أَوى
لِمُحالِفي دَدِها وَلا أَوّابِها


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:13 PM
لا رَيبَ أَنَّ اللَهَ حَقٌّ فَلتَعُد
بِاللَومِ أَنفُسُكُم عَلى مُرتابِها

وَغَدَت عُقولُكُمُ تُعاتِبُ أَنفُساً
لَيسَت تَريعُ لِنُصحِها وَعِتابَها

هَلّا تَتوبُ مِنَ الذُنوبِ خَواطِئٌ
قَبلَ اِعتِراضِ المَوتِ دونَ مَتابِها

بَنَتِ النَصارى لِلمَسيحِ كَنائِساً
كانَت تَعيبُ الفِعلَ مِن مُنتابِها

وَمَتى ذَكَرتُ مُحَمَّداً وَكِتابَهُ
جاءَت يَهودُ بِجَحدِها وَكِتابِها

أَفَمِلَّةُ الإِسلامِ يُنكِرُ مُنكِرٌ
وَقَضاءُ رَبِّكَ صاغَها وَأَتى بِها

أَينَ الهُدى فَنَرومَهُ بِمَشَقَّةٍ
في البيدِ ساطِيَةٍ عَلى مُجتابِها

وَالعَيسُ أَقتابٌ لَها مَستورَةٌ
شَكَتِ الَّذينَ سَرَوا عَلى أَقتابِها


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:13 PM
إِدأَب لِرَبِّكَ لا يَلومُكَ عاقِلٌ
في سَجنِ هَذي النَفسِ أَو إِدآبِها

سَنَؤوبُ في عُقبى الحَياةِ مَساكِناً
لا عِلمَ لي بِالأَمرِ بَعدَ مَآبِها

لا تَأمَنَنَّ مِنَ الدُهورِ تَغَيُّراً
حَتّى تَكونُ ظِبائُها كَذِئابِها

وَيَصيرُ في شَيبانَ مَجنى غَرسِها
وَيَعودُ مَسقِطُ ثَلجِها في آبِها

أَبقَت أَحاديثَ الرِجالِ وَأَهلَكَت
سَلَفي عُتَيبَتَهَا وَآلَ ذُؤابِها


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:13 PM
قَد قيلَ إِنَّ الروحَ تَأسَفُ بَعدَما
تَنأى عَنِ الجَسَدِ الَّذي غَنِيَت بِهِ

إِن كانَ يَصحَبُها الحِجى فَلَعَلَّها
تَدري وَتَأبَهُ لِلزَمانِ وَعَتبِهِ

أَو لا فَكَم هَذَيانِ قَومٍ غابِرٍ
في الكُتبِ ضاعَ مِدادُهُ في كَتبِه


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:13 PM
كَم أُمَّةٍ لَعِبَت بِها جُهّالُها
فَتَنَطَّسَت مِن قَبلُ في تَعذيبِها

الخَوفُ يُلجِئُها إِلى تَصديقِها
وَالعَقلُ وَيحمِلُها عَلى تَكذيبِها

وَجِبِلَّةُ الناسِ الفَسادُ فَظَلَّ مَن
يَسمو بِحِكمَتِهِ إِلى تَهذيبِها

يا ثُلَّةً في غَفلَةٍ وَأُوَيسُها
الالقَرَنِيُّ مِثلُ أُوَيسِها أَي ذيبِها

سُبحانَ مُجَمِّدِ راكِدٍ وَمُقِرِّهِ
وَمُميرِ لَجَّةِ زاخِرٍ وَمُذيبُها


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:14 PM
مَن يَخضُبُ الشَعَراتِ يُحسَبُ ظالِماً
وَيُعَدُّ أَخرَقَ كَالظَليمِ الخاضِبِ

وَالشَيبُ في لَونِ الحُسامِ فَلا تَدَع
جَسَدَ النَجيعِ عَلى الحُسامِ القاضِبِ

عُمري غَديرٌ كُلُّ أَنفاسي بِهِ
جُرَعٌ تُغادِرُهُ كَأَمسِ الناضِبِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:14 PM
بَني الآدابِ غَرَّتكُم قَديماً
زَخارِفُ مِثلُ زَمزَمَةِ الذُبابِ

وَما شُقَراؤُكُم إِلّا ذِئابٌ
تَلَصَّصُ في المَدائِحِ وَالسِبابِ

أَضَرُّ لِمَن تَوَدُّ مِنَ الأَعادي
وَأَسرَقُ لِلمَقالِ مِنَ الزَبابِ

أُقارِضُكُم ثَناءً غَيرَ حَقٍّ
كَأَنّا مِنهُ في مَجرى سِبابِ

أَأُذهِبُ فيكُمُ أَيّامَ شَيبي
كَما أَذهَبتُ أَيّامَ الشَبابِ

مَعاذَ اللَهِ قَد وَدَّعتُ جَهلي
فَحَسبي مِن تَميمٍ وَالرَبابِ

أَحاديثَ الضَبابِ وَآلِ كَعبٍ
نَبَذتُ سَوالِكاً دَرَجَ الضَبابِ

وَما سُمُّ الحُبابِ لَدَيَّ إِلّا
كَنَظمٍ قيلَ في آلِ الحَبابِ

لِيَعدُ مَعَ الضَبابِ سَليلُ حُجرٍ
وَسائِرَ قَولِهِ في اِبنِ الضَبابِ

فَما أُمُّ الحُوَيرِثِ في كَلامي
بِعارِضَةٍ وَلا أُمُّ الرَبابِ

وَإِنَّ مُقاتِلَ الفُرسانِ عِندي
مَصارِعُ تِلكُمُ الغُنمِ الرُبابِ

وَأَلقَيتُ الفَصاحَةَ عَن لِساني
مُسَلَّمَةً إِلى العُربِ اللُبابِ

شُغولٌ يَنقَضَينَ بِغَيرِ حَمدٍ
وَلا يَرجِعنَ إِلّا بِالتَبابِ

ذَروني يَفقِدِ الهَذَيانَ لَفظي
وَأُغلِقُ لِلحِمامِ عَلَيَّ بابي


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:14 PM
يَهابُ الناسُ إيجافَ المَنايا
وَهَل حادَ القَضاءُ عَنِ الهَيوبِ

إِذا كَشَّفتَ أَجناسَ البَرايا
وجَدتَ العالَمينَ ذَوي عُيوبِ

ذُيولُهُم كَثيراتُ المَخازي
لِما فَقَدوهُ مِن نُصحِ الجُيوبِ

تُحَدِّثُكَ الظُنونُ بِما تُلاقي
كَأَنَّ الظَنَّ عَلّامُ الغُيوبِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:14 PM
قَبيحٌ أَن يُحَسَّ نَحيبُ باكٍ
إِذا حانَ الرَدىفَقَضَيتُ نَحبي

وَلَم أَرِدِ المَنِيَّةَ بِاِختِياري
وَلَكِن أَوشَكَ الفَتَيانَ سَحبي

وَلَو خُيِّرتُ لَم أَترُك مَحَلّي
فَأَسكُنَ في مَضيقٍ بَعدَ رَحبِ

وَجَدتُ المَوتَ يَنتَظِمُ البَرايا
بِشَجبٍ مِنهُ في أَعقابِ شَجبِ

فَأُوصيكُم بِدُنيانا هَواناً
فَإِنّي تابِعٌ آثارَ صَحبي


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:15 PM
دُنياكَ تُكنى بِأُمِّ دَفرٍ
لَم يَكنِها الناسُ أُمَّ طيبِ

فَأذَن إِلى هاتِفٍ مُجيدٍ
قامَ عَلى غُصنِهِ الرَطيبِ

يَكونُ عِندَ اللَبيبِ مِنّا
أَبلَغَ مِن واعِظٍ خَطيبِ

يَحلِفُ ما جادَت اللَيالي
إِلّا بِسُمٍّ لَنا قَطيبِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:15 PM
إِذا قَضى اللَهُ أَمراً جاءَ مُبتَدِراً
وَكُلُّ ما أَنتَ لاقيهِ بِتَسبيبِ

ظَلَّت مُلاحِيَةً في الشَيءِ تَفعَلُهُ
جَهلاً مُلاحِيَةٌ مِن بَعدِ غِربيبِ

لَو لَم يُصيبوا مُداماً مِن غِراسِهِمُ
لَجازَ أَن يُمطِروها في الشَآبيبِ

وَلاِمتَرَتها وَخَيلُ القَومِ جائِلَةٌ
أَيدي الفَوارِسِ مِن صُمِّ الأَنابيبِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:15 PM
لا يَحسَبُ الجودَ مِن رَبِّ النَخيلِ جَداً
حَتّى تَجودَ عَلى السودِ الغَرابيبِ

ما أَغدَرَ الإِنسُ كَم خَشفٍ تَرَبَّبَهُم
فَغادَروهُ أَكيلاً بَعدَ تَربيبِ

هَذي الحَياةُ أَجاءَتنا بِمَعرِفَةٍ
إِلى الطَعامِ وَسَترٍ بِالجَلابيبِ

لَو لَم تُحِسَّ لَكانَ الجِسمُ مُطَّرِحاً
لَذعَ الهَواجِرِ أَو وَقعَ الشَآبيبِ

فَاِهجُر صَديقَكَ إِن خِفتَ الفَسادَ بِهِ
إِنَّ الهِجاءَ لَمَبدوءٌ بِتَشبيبِ

وَالكَفُّ تُقطَعُ إِن خيفَ الهَلاكُ بِها
عَلى الذِراعِ بِتَقديرٍ وَتَسبيبِ

طُرقُ النُفوسِ إِلى الأُخرى مُضَلَّلَةٌ
وَالرُعبُ فيهِنَّ مِن أَجلِ الأَعابيبِ

تَرجو اِنفِساحاً وَكَم لِلماءِ مِن جِهَةٍ
إِذا تَخَلَّصَ مِن ضيقِ الأَنابيبِ

أَما رَأَيتَ صُروفَ الدَهرِ غادِيَةً
عَلى القُلوبِ بِتَبغيضٍ وَتَحبيبِ

وَكُلُّ حَيٍّ إِذا كانَت لَهُ أُذُنٌ
لَم تُخلِهِ مِن وِشاياتٍ وَتَخبيبِ

عَجِبتُ لِلرومِ لَم يَهدِ الزَمانُ لَها
حَتفاً هَداهُ إِلى سابورَ أَو بيبِ

إِن تَجعَلِ اللَجَّةَ الخَضراءَ واقِيَةٌ
فَالمُلكُ يُحفَظُ بِالخُضرِ اليَعابيبِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:15 PM
الحَمدُ لِلَّهِ ما في الأَرضِ وادِعَةٌ
كُلُّ البَرِيَّةِ في هَمٍّ وَتَعذيبِ

جاءَ النَبِيُّ بِحَقٍّ كَي يُهَذِّبَكُم
فَهَل أَحَسَّ لَكُم طَبعٌ بِتَهذيبِ

عَودٌ يُصَدِّقُ أَو غِرٌّ يُكَذِّبُ أَو
مُرَدَّدٌ بَينَ تَصديقٍ وَتَكذيبِ

وَلَو عَلِمتُم بِداءِ الذِئبِ مِن سَغَبٍ
إِذاً لَسامَحتُمُ بِالشَاةِ لِلذيبِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:16 PM
تَجاوَزَت عَنِيَّ الأَقدارُ ذاهِبَةً
فَقَد تَأَبَّدتُ حَتّى مَلَّني الأَبَدُ

وَلَيسَ هُدبا جُفوني ريشَتَي سُبَدٍ
إِذا تَمَطَّرَ تَحتَ العارِضِ السَبَد

نَشكو إِلى اللَهِ أَنّا سَيِّئو شِيَمٍ
نَحنُ العَبيدُ وَفي آنافِنا عَبَدُ

وَالمَرءُ ظالِمُ نَفسٍ تَجتَني مَقِرّاً
يَظُنُّهُ الشَهدَ وَالظُلمانُ تَهتَبِدُ

وَما تَزالُ جُسومٌ في مَحابِسِها
حَتّى يُفَرَّجَ عَن أَكبادِها الكَبَدُ

شَرِبتُ قَهوَةَ هَمٍّ كَأسُها خَلَدي
وَفي المَفارِقِ مِمّا اِطَّلَعَت زَبَدُ

فَاِجعَل سَوامَكَ نُهبى ما بَكَت إِبلٌ
مَثوى لَبيدٍ وَلا أَوبارُها اللُبُدُ

وَالمُلكُ يَفنى وَلا يَبقى لِمالِكِهِ
أَودى اِبنُ عادٍ وَأَودى نَسرُهُ لُبَدُ

صَيِّر عَتادَكَ تَقوى اللَهِ تَذخَرُها
فَما يُنَجّيكَ مِنهُ السابِحُ العَتَدُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:16 PM
لَولا التَنافُسُ في الدُنيا لَما وُضِعَت
كُتبُ القَناطِرِ لا المُغني وَلا العُمَدُ

قَد بالَغوا في كَلامٍ بانَ زُخرُفُهُ
يوهي العُيونَ وَلَم تَثبُت لَهُ عَمَدُ

وَما يَزالونَ في شامٍ وَفي يَمنٍ
يَستَنبِطونَ قِياساً ما لَهُ أَمَدُ

فَذَرهُمُ وَدَناياهُمُ فَقَد شَغَلوا
بِها وَيَكفيكَ مِنها القادِرُ الصَمَدُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:16 PM
عاشوا كَما عاشَ آباءٌ لَهُم سَلَفوا
وَأَورَثوا الدِينَ تَقليداً كَما وَجَدوا

فَما يُراعونَ ما قالوا وَما سَمِعوا
وَلا يُبالونَ مِن غِيٍّ لِمَن سَجَدوا

وَالعُدمُ أَروَحُ مِمّا فيهِ عالَمُهُم
وَهُوَ التَكَلُّفُ إِن هَبّوا وَإِن هَجَدوا

لَم يَحمِ فارِسُ حَيٍّ مِن رَداً فَرَسٌ
وَلا أَجَدَّت فَأَجَدَّت عِرمِسٌ أَجُدُ

وَالحَظُّ يَسري فَيُغشى مَعشَراً حُسِبوا
مِنَ اللِئامِ وَتُقضى دونَهُ المُجُدُ

وَما تَوَقّى سُيوفَ الهِندِ بيضُ طُلىً
بِأَن تُناطَ إِلى أَعناقِها النُجُدُ

قَد يَدأَبُ الرَجُلُ المَنجودُ مُجتَهِداً
في رِزقِ آخَرَ لَم يُلمِم بِهِ النَجَدُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:16 PM
الروحُ تَنأى فَلا يُدرى بِمَوضِعِها
وَفي التُرابِ لَعَمري يُرفَتُ الجَسَدُ

وَقَد عَلِمنا بِأَنّا في عَواقِبِنا
إِلى الزَوالِ فَفيمَ الضَغنُ وَالحَسَدُ

وَالجيدُ يَنعَمُ أَو يُشقى وَيَدرُكُهُ
ريبُ المَنونِ فَلا عِقدٌ وَلا مَسَدُ

يُصادِفُ الظَبِيُ وَاِبنُ الظَبيِ قاضِيَةً
مِن حَتفِهِ وَكَذاكَ الشِبلُ وَالأَسَدُ

وَنَحنُ في عالَمٍ صيغَت أَوائِلُهُ
عَلى الفَسادِ فَغَيٌّ قَولُنا فَسَدوا

تَنَفَّقوا بِالخَنى وَالجَهلِ إِذ نَفَقوا
عِندَ السِفاهِ وَهُم عِندَ الحِجى كُسُدُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:16 PM
ما وُفِّقوا حَسِبوني مِن خِيارِهُمُ
فَخَلِّهِم لا يُرَجّى مِنهُمُ الرَشَدُ

أَمّا إِذا ما دَعا الداعي لِمَكرُمَةٍ
فَهُم قَليلٌ وَلَكِن في الأَذى حُشُدُ

كَم يَنشُدونَ صَفاءً مِن دِيانَتِهِم
وَلَيسَ يوجَدُ حَتّى المَوتِ ما نَشَدوا


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:17 PM
أَبيدَةُ قالَت لِلوُعولِ مُسِرَّةً
تَبِدنَ بِحُكمِ اللَهِ ثُمَّ أَبيدُ

وَلا أَدَّعي لِلفَرقَدَينِ بِعِزَّةٍ
وَلا آلِ نَعشٍ ما اِدَّعاهُ لَبيدُ

وَكَم ظالِمٍ يَتَلَذُّ شَهداً كَأَنَّهُ
ظَليمٌ قَراهُ بِالفَلاةِ هَبيدُ

وَكَدُرَيَّةٍ أَودَت وَغودِرَ مُدهُنٌ
وَبَيدانَةٍ مِنها المَراتِعَ بيدُ

فَإِنَّ عَبيداً وَاِبنَ هِندٍ وَتُبَّعاً
وَأُسرَةَ كِسرى لِلمَليكِ عَبيدُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:17 PM
إِلى اللَهِ أَشكو مُهجَةً لا تُطيعُني
وَعالَم سوءٍ لَيسَ فيهِ رَشيدُ

حِجىً مِثلُ مَهجورِ المَنازِلِ داثِرٌ
وَجَهلٌ كَمَسكونِ الدِيارِ مَشيدُ

لَقَد ضَلَّ حِلمُ الناسِ مُذ عَهدِ آدَمَ
فَهَل هُوَ مِن ذاكَ الضَلالِ نَشيدُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:17 PM
يَوَدُّ الفَتى أَنَّ الحَياةَ بَسيطَةٌ
وَأَنَّ شَقاءَ العَيشَ لَيسَ يَبيدُ

كَذاكَ نَعامُ القَفرِ يَخشى مِنَ الرَدى
وَقوتاهُ مَروٌ بِالفَلا وَهَبيدُ

وَقَد يَخطِئُ الرَأيَ اِمرُؤٌِ وَهُوَ حازِمٌ
كَما اِختَلَّ في وَزنِ القَريضِ عَبيدُ

مَضى الواقِفُ الكِنديُّ وَالسَقطُ غابِرٌ
وَصاحَت دِيارُ الحَيِّ أَينَ لَبيدُ

تَوَلّى اِبنُ حُجرٍ لا يَعودُ لِشَأنِهِ
وَطالَت لَيالٍ وَالمَعالِمُ بيدُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:17 PM
أُوَدِّعُ يَومي عالَماً إِنَّ مِثلَهُ
إِذا مَرَّ عَن مِثلي فَلَيسَ يَعودُ

وَما غَفَلاتُ العَيشِ إِلّا مَناحِسٌ
وَإِن ظَنَّ قَومٌ أَنَّهُنَّ سُعودُ

كَأَنّي عَلى العودِ الرَكوبِ مُهَجِّراً
إِذا نَصَّ حِرباءُ الظَهيرَةِ عودُ

سَرى المَوتُ في الظَلماءِ وَالقَومُ في الكَرى
وَقامَ عَلى ساقٍ وَنَحنُ قُعودُ

وَتِلكَ لَعَمرُ اللَهِ أَصعَبُ خُطَّةٍ
كَأَنَّ حُدوري في التُرابِ صُعودُ

وَإِنَّ حَياتي لِلمَنايا سَحابَةٌ
وَإِنَّ كَلامي لِلحِمامِ رَعودُ

يُنَجِّزُ هَذا الدَهرُ ما كانَ مَوعِداً
وَتَمطُلُ مِنهُ بِالرَجاءِ وُعودُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:18 PM
أَلا إِنَّما الدُنيا نُحوسٌ لِأَهلِها
فَما في زَمانٍ أَنتَ فيهِ سُعودُ

يُوَصّي الفَتى عِندَ الحِمامِ كَأَنَّهُ
يَمُرُّ فَيَقضي حاجَةً وَيَعودُ

وَما يَئِسَت مِن رَجعَةٍ نَفسُ ظاعِنٍ
مَضَت وَلَها عِندَ القَضاءِ وُعودُ

تَسيرُ بِنا الأَيّامُ وَهِيَ حَثيثَةٌ
وَنَحنُ قِيامٌ فَوقَها وَقُعودُ

فَما خَشِيَت في السَيرِ زَلَّةَ عاثِرٍ
وَلَكِن تَساوى مَهبِطٌ وَصُعودُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:18 PM
لَعَمري لَقَد أَدلَجتُ وَالرَكبُ خائِفٌ
وَأَحيَيتُ لَيلي وَالنُجومُ شُهودُ

وَجُبتُ سَرابِيّاً كَأَنَّ إِكامَهُ
جِوارٍ وَلَكِن ما لَهُنَّ نُهودُ

تَمَجَّسَ حِرباءُ الهَجيرِ وَحَولَهُ
رَواهِبُ خَيطٍ وَالنَعامُ يَهودُ

وَقَد طالَ عَهدي بِالشَبابِ وَغَيَّرَتُ
عُهودَ الصِبا لِلحادِثاتِ عُهودُ

وَزَهَّدَني في هَضبَةِ المَجدِ خَبرَتي
بِأَنَّ قَراراتِ الرِجالِ وُهودُ

كَأَنَّ كُهولَ القَومِ أَطفالُ أَشهُرٍ
تَناغَت وَأَكوارَ القِلاصِ مُهودُ

إِذا حُدِّثوا لَم يَفهَموا وَإِذا دُعوا
أَجابوا وَفيهُمُ رَقدَةٌ وَسُهودُ

لَهُم مَنصِبُ الإِنسِ المُبينِ وَإِنَّما
على العيسِ مِنهُم بِالنُعاسِ فُهودُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:18 PM
عَرَفتُ سَجايا الدَهرِ أَمّا شُرورُهُ
فَنَقدٌ وَأَمّا خَيرُهُ فَوُعودُ

إِذا كانَتِ الدُنيا كَذاكَ فَخَلِّها
وَلَو أَنَّ كُلُّ الطالِعاتِ سُعودُ

رَقَدنا وَلَم نَملِكَ رُقاداً عَنِ الأَذى
وَقامَت بِما خِفنا وَنَحنُ قُعودُ

فَلا يَرهَبَنَّ المَوتَ مِن ظِلِّ راكِباً
فَإِنَّ اِنحِداراً في التُرابِ صُعودُ

وَكَم أَنذَرَتنا بِالسُيولِ صَواعِقٌ
وَكَم خَبَّرَتنا بِالغَمامِ رُعودُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:19 PM
أَلا إِنَّ أَخلاقَ الفَتى كَزَمانِهِ
فَمِنهُنَّ بيضٌ في العُيونِ وَسودُ

وَتَأكُلُنا أَيّامُنا فَكَأَنَّما
تَمُرُّ بِنا الساعاتُ وَهيَ أُسودُ

وَقَد يَخمُلُ الإِنسانُ في عُنفُوانِهِ
وَينَبَهُ مِن بَعدِ النُهى فَيَسودُ

فَلا تَحسُدَن يَوماً عَلى فَضلِ نِعمَةٍ
فَحَسبُكَ عاراً أَن يُقالَ حَسودُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:19 PM
كَأَنَّكَ عَن كَيدِ الحَوادِثِ راقِدُ
وَما أَمِنَتهُ في السَماءِ الفَراقِدُ

سَيَجري عَلى نيرانِ فارِسَ طارِقٌ
فَتَخمُدُ وَالمِرّيخُ في العَينِ راقِدُ

وَما اِبتَسَمَت أَيّامُهُ النُكدُ عَن رِضاً
وَلَكِن تَحاشى وَالصُدورُ حَواقِدُ

أَأُنفِقُ مِن نَفسي عَلى اللَهِ زائِفاً
لِأَلحَقَ بِالأَبرارِ وَاللَهُ ناقِدُ

وَشَخصي وَرَوحي مِثلُ طِفلٍ وَأُمَّهُ
لِتِلكَ بِهَذا مِن يَدِ الرَبِّ عاقِدُ

يَموتانِ مِثلَ الناظِرَينِ تَوارُداً
فَلا هُوَ مَفقودٌ وَلا هِيَ فاقِدُ

وَلَو قَبِلَت أَمرَ المَليكِ جُنوبُنا
لَما قَبِلَتها في الظَلامِ المَراقِدِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:19 PM
لَعَلَّ نُجومَ اللَيلِ تُعمِلُ فِكرَها
لِتَعلَمَ سِرّاً فَالعُيونُ سَواهِدُ

خَرَجتُ إِلى ذي الدارِ كُرهاً وَرِحلَتي
إِلى غَيرِها بِالرَغمِ وَاللَهُ شاهِدُ

فَهَل أَنا فيما بَينَ ذَينَكَ مُجبَرٌ
عَلى عَمَلٍ أَو مُستَطيعٌ فَجاهِدُ

عَدَمتُكِ يا دُنِّيا فَأَهلُكِ أَجمَعوا
عَلى الجَهلِ طاغٍ مُسلِمٌ وَمُعاهِدُ

فَمُفتَضِحٌ يُبدي ضَمائِرَ صَدرِهِ
وَمُخفٍ ضَميرَ النَفسِ فَهُوَ مُجاهِدُ

أَخو شَيبَةٍ طِفلُ المَرادِ وَهِمَّةٌ
لَها هِمَّةٌ في العَيشِ عَذراءُ ناهِ

فَوا عَجَباً نَقفو أَحاديثَ كاذِبٍ
وَنَترُكُ مِن جَهلٍ بِنا ما نُشاهِدُ

لَقَد ضَلَّ هَذا الخَلقُ ما كانَ فيهُمُ
وَلا كائِنٌ حَتّى القِيامَةِ زاهِدُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:19 PM
رَمَيتَ ظِباءَ القَفرِ كَيما تَصيدَها
وَمَن صادَ عَفوَ اللَهِ أَرمى وَأَصيَدُ

أَجَدَّكَ هَل أُنسيتَ صَحبَكَ في السُرى
وَكُلُّهُمُ مِن نَعسَةِ الفَجرِ أَغيَدُ

كُهولٌ عَتَوا في سِنِّهِم وَكَأَنَّهُم
غُصونٌ عَلى مَيسِ الرَكائِبِ مُيَّدُ

إِذا الصُبحُ أَعطى العَينَ عُنقودَ كَرمَةٍ
مُلاحيَّةٍ ما أَمَّلَت أَخذَهُ اليَدُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:20 PM
يَكونُ أَخو الدُنيا ذَليلاً مُوَطَّأً
وَإِن قيلَ في الدَهرِ الأَميرُ المُؤَيَّدُ

وَلا بُدَّ مِن خَطبٍ يُصيبُ فُؤادَهُ
بِسَهمٍ فَيُضحي الصائِدَ المُتَصَيِّدُ

بَقيتُ وَإِن كانَ البَقاءُ مُحَبَّباً
إِلا أَن وَدَدتُ العَيشَ لا يَتَزَيَّدُ

وَسِرتُ وَقَيدي بِالحَوادِثِ مُحكَمٌ
كَما سارَ بَيتُ الشِعرِ وَهُوَ مُقَيَّدِ

وَما العُمرُ إِلّا كَالبِناءِ فَإِن يَزِد
عَلى حَدِّهِ فَهُوَ الرَفيعُ المُشَيَّدُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:20 PM
أَلَم تَرَ أَنَّ الخَيرَ يَكسِبُهُ الحِجى
طَريفاً وَأَنَّ الشَرَّ في الطَبعِ مُتلَدُ

لَقَد رابَني مَغدى الفَقيرِ بِجَهلِهِ
عَلى العَيرِ ضَرباً ساءَ ما يَتَقَلَّدُ

يُحَمِّلُهُ ما لا يَطيقُ فَإِن وَنى
أَحالَ عَلى ذي فَترَةٍ يَتَجَلَّدُ

يَظَلُّ كَزانٍ مُفتَرٍ غَيرِ مُحَصَّنٍ
يُقامُ عَلَيهِ الحَدُّ شَفَعاً فَيُجلَدُ

تَظاهَرُ أَبلادُ الرَزايا بِظَهرِهِ
وَكَشحَيهِ فَاِعذِر عاجِزاً يَتَبَلَّدُ

لَنا خالِقٌ لا يَمتَري العَقلُ أَنَّهُ
قَديمٌ فَما هَذا الحَديثُ المُوَلَّدُ

وَإِن كانَ زَندُ البِرِّ لَم يورِ طائِلاً
فَتِلكَ زِنادُ الغَيِّ أَكبى وَأَصلَدُ

وَما سَرَّني أَنّي أَصَبتُ مَعاشِراً
بِظُلمٍ وَأَنّي في النَعيمِ مُخَلَّدِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:20 PM
أَحسِن بِهَذا الشَرعِ مِن مِلَّةٍ
يَثبُتُ لا يُنسَخُ فيما نُسِخ

جاءَت أَعاجيبُ فَوَيحٌ لَنا
كَأَنَّنا في عالَمٍ قَد مُسِخ

وَالجُسمُ كَالثَوبِ عَلى رَوحِهِ
يُنزِعُ أَن يُخلِقَ أَو يَتَّسِخ

وَالنَجلُ إِن بَرّاً وَإِن فاجِراً
كَالغُصنِ مِن أَصلِ أَبيهِ فُسِخ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:20 PM
إِذا عَقَدَت عَقداً لَياليكَ هَذِهِ
فَإِنَّ لَها مِن حُكمِ خالِقِها فَسَخا

لَعَمري لَقَد طالَت عَلى المَدلِجُ السُرى
وَلَيسَ يَرى في حَندَسٍ لَهَباً يُسخى

وَجَدنا اِتِّباعَ الشَرعِ حَزماً لِذَي النُهى
وَمَن جَرَّبَ الأَيّامَ لَم يَنكُر النَسخا

فَما بالُ هَذا العَصرِ ما فيهِ آيَةٌ
مِنَ المَسخِ إِن كانَت يَهودُ رَأَت مَسخ
ا
وَقالَ بِأَحكامِ التَناسُخِ مَعشَرٌ
غَلوا فَأَجازوا الفَسخَ في ذاكَ وَالرَسخا

وَمَن يَعفُ عَن ذَنبٍ وَيَسخُ بِنائِلٍ
فَخالِقُنا أَعفى وَراحَتُهُ أَسخى


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:20 PM
أَعوذُ بِاللَهِ مِن أُلي سَفَةٍ
أَن يَعرِفوا عِلَّةَ الضَلالِ تُزَح

يُسقَونَ راحاً لَهُم مُعَتَّقَةً
لَو أَنَّها مِن قَليبِهِم لَنَزَح

بَينَهُمُ كَالغِمامِ شادِيَةٌ
تومِضُ في مَلبَسٍ كَقَوسِ قُزَح

يَجِدُّ في وَصلِها مُلاعِبُها
وَهِيَ لِجُلّاسِها تَقولُ مُزَحُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:21 PM
أَهاتِفَةَ الأَيكِ خَلّي الأَنامَ
وَلا تَثلِبيهِ وَلا تَمدَحي

وَإِن كُنتِ شادِيَةً فَاِصمُتي
وَإِن كُنتِ باكِيَةٍ فَاِصدَحي

كَدَحنا لِفانِيَةٍ حُلوَةٍ
فَكَيفَ نَلومُكَ إِن تَكدَحي

وَإِن حَمَلَت راحَتي راحَها
بِأَقداحِها لَم تَفُز أَقدُحي

وَما يُضحِكُ السِنَّ في دَهرِها
كَأَنَّ المَصائِبَ لَم تَفدَحِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:21 PM
كَفَتكَ حَوادِثُ الأَيّامِ قَتلاً
فَلا تَعرِض لِسَيفٍ أَو لِرُمحِ

تَراضى أَهلُ دَهرِكَ بِالمَخازي
فَكَيفَ تُعيبُ رامِقَةً بِلَمحِ

وَأَصحابُ الشَريفِ وَلا تَساوٍ
كَأَصحابِ اِبنِ زَرعَةَ وَاِبنِ سَمحِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:21 PM
مَن عاشَرَ الناسَ لَم يُعدَم نِفاقَهُمُ
فَما يَفوهونَ مِن حَقٍّ بِتَصريحِ

فَاِعجَب لِتَحريقِ أَهلِ الهِندِ مَيتَهُمُ
وَذاكَ أَروَحُ مِن طولِ التَباريحِ

إِن حَرَّقوهُ فَما يَخشَونَ مِن ضَبُعٍ
تَسري إِليهِ وَلا خَفيٍّ وَتَطريحِ

وَالنارُ أَطيَبُ مِن كافورِ مَيِّتِنا
غِبّاً وَأَذهَبُ لِلنَكراءِ وَالريحِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:21 PM
غَدَوتَ مَريضَ العَقلِ وَالدينِ فَاِلقَني
لِتَسمَعَ أَنباءَ الأُمورِ الصَحائِحِ

فَلا تَأكُلَن ما أَخرَجَ الماءُ ظالِماً
وَلا تَبغِ قوتاً مِن غَريضِ الذَبائِحِ

وَأَبيَضَ أُمّاتٍ أَرادَت صَريحَهُ
لِأَطفالِها دونَ الغَواني الصَرائِحِ

وَلا تَفجَعَنَّ الطَيرَ وَهيَ غَوافِلٌ
بِما وَضَعَت فَالظُلمُ شَرُّ القَبائِحِ

وَدَع ضَربَ النَحلِ الَّذي بَكَرَت لَهُ
كَواسِبَ مِن أَزهارِ نَبتٍ فَوائِحِ

فَما أَحرَزَتهُ كَي يَكونَ لِغَيرِها
وَلا جَمَعَتهُ لِلنَدى وَالمَنائِحِ

مَسَحتُ يَدَي مِن كُلِّ هَذا فَلَيتَني
أَبَهتُ لِشَأني قَبلَ شَيبِ المَسائِحِ

بَني زَمني هَل تَعلَمونَ سَرائِراً
عَلِمتُ وَلَكِنّي بِها غَيرُ بائِحِ

سَرَيتُم عَلى غَيٍّ فَهَلّا اِهتَدَيتُمُ
بِما خَيَّرتُكُم صافِياتُ القَرائِحِ

وَصاحَ بِكُم داعِيَ الضَلالِ فَما لَكُم
أَجَبتُم عَلى ما خَيَّلَت كُلَّ صائِحِ

مَتّى ماكَشَفتُم عَن حَقائِقِ دينِكُم
تَكَشَّفتُم عَن مُخزَياتِ الفَضائِحِ

فَإِن تَرشُدوا لا تَخضِبوا السَيفَ مِن دَمٍ
وَلا تُلزِموا الأَميالَ سَبرَ الجَرائِحِ

وَيُعجِبُني دَأبُ الَّذينَ تَرَهَّبوا
سِوى أَكلِهِم كَدَّ النُفوسِ الشَحائِحِ

وَأَطيَبُ مِنهُم مَطعَماً في حَياتِهِ
سُعاةُ حَلالٍ بَينَ غَادٍ وَرائِحِ

فَما حَبَسَ النَفسَ المَسيحُ تَعَبُّداً
وَلَكِن مَشى في الأَرضِ مِشيَةَ سائِحِ

يُغَيِّبُني في التُربِ مَن هُوَ كارِهٌ
إِذا لَم يُغَيِّبني كَريهُ الرَوائِحِ

وَمَن يَتَوَقّى أَن يُجاوِرَ أَعظُماً
كَأَعظُمِ تِلكَ الهالِكاتِ الطَرائِحِ

وَمِن شَرِّ أَخلاقِ الأَنيسِ وَفِعلِهِم
خُوارُ النَواعي وَاِلتِدامُ النَوائِحِ

وَأَصفَحُ عَن ذَنبِ الصَديقِ وَغَيرِهِ
لِسُكنايَ بَيتَ الحَقِّ بَينَ الصَفائِح

وَأَزهَدُ في مَدحِ الفَتى عِندَ صِدقِهِ
فَكَيفَ قُبولي كاذِباتِ المَدائِحِ

وَما زالَت النَفسُ اللَجوجُ مَطِيَّةً
إِلى أَن غَدَت إِحدى الرَذايا الطَلائِحِ

وَما يَنفَعُ الإِنسانَ أَنَّ غَمائِماً
تَسُحُّ عَلَيهِ تَحتَ إِحدى الضَرائِحِ

وَلَو كانَ في قُربٍ مِنَ الماءِ رَغبَةٌ
لَنافَسَ ناسٌ في قُبورِ البَطائِحِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:22 PM
دَعَوا وَما فيهِم زاكٍ وَلا أَحَدٌ
يَخشى الإِلَهَ فَكانوا أَكلُباً نُبُحا

وَهَل أُجِلُّ قَتيلٍ مِن رِجالِهِمُ
إِذا تُؤُمِّلَ إِلّا ماعِزٌ ذُبِحا

خَيرٌ مِنَ الظالِمِ الجَبّارِ شيمَتُهُ
ظُلمٌ وَحَيفٌ ظَليمٌ يَرتَعي الذُبَحا

وَلَيسَ عِندَهُمُ دينٌ وَلا نُسُكٌ
فَلا تَغِرَّكَ أَيدٍ تَحمِلُ السُبَحا

وَكَم شُيوخٍ غَدَوا بيضاً مُفارِقُهُم
يُسَبِّحونَ وَباتوا في الخَنا سُبُحا

لَو تَعقِلُ الأَرضُ وَدَّت أَنَّها صَفِرَت
مِنهُم فَلَم يَرَ فيها ناظِرٌ شَبَحا

ما ثَعلَبٌ وَاِبنُ يحيى مُبتَغايَ بِهِ
وَإِن تَفاصَحَ إِلّا ثَعلَبٌ ضَبَحا

أَرى اِبنَ آدَمَ قَضّى عَيشَةً عَجَباً
إِن لَم يَرُح خاسِراً مِنها فَما رَبِحا

فَإِن قَدَرتَ فَلا تَفعَل سِوى حَسَنٍ
بينَ الأَنامِ وَجانِب كُلَّ ما قُبِحا

فَحيرَةُ المُلكِ خِلتُ المُنذِرينِ بِها
لَم يُغبِقا الراحَ في عِزٍّ وَلا صُبِحا


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:22 PM
المَرءُ حَتّى يُغَيَّبَ الشَبَحُ
مُغتَبِقٌ هَمَّهُ وَمُصطَبِحُ

وَالخَلقُ حيتانُ لُجَّةٍ لَعِبَت
وَفي بِحارٍ مِنَ الأَذى سَبَحوا

لا تَحفِلنَ هَجوَهُم وَُمَدحَهُمُ
فَإِنَّما القَومُ أَكلُبٌ نُبُحُ

وَلا تَهِب أُسدَهُم إِذ زَأَروا
وَقُل تَداعَت ثَعالِبٌ ضُبُحُ

وَهُم مِنَ المَوتِ أَهلُ مَنزِلَةٍ
إِن لَم يُراعوا بِطارِقٍ صُبِحوا

لَم يَفطُنوا لِلجَميلِ بَل جُبِلوا
عَلى قَبيحٍ فَما لَهُم قُبِحوا

فَمَن لِتَجرِ الوِدادِ إِنَّهُمُ
لا خَسِروا عِندَهُم وَلا رَبِحوا

أَقَلُّ مِنهُم شَرّاً وَمُرزِيَةً
ما رَكِبوا لِلسُّرى وَما ذَبَحوا

فَلَيتَهُم كَالبَهائِمِ اِعتَرَفوا
لُجماً إِذا بانَ زَيغَهُم كُبِحوا


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:22 PM
أَستَقبِحُ الظاهِرَ مِن صاحِبي
وَما يُواري صَدرُهُ أَقبَحُ

سُبِبتَ بِالكَلبِ فَأَنكَرتَهُ
وَالكَلبُ خَيرٌ مِنكَ إِذ يَنبَحُ

صَلّى الفَتى الجُمعَةَ ثُمَّ اِنثَنى
لِذِراعٍ في مِسحِهِ يَذبَحُ

يُعطى بِهِ التاجِرُ أَرباحَهُ
وَتاجِرُ الخُسرانِ لا يَربَحُ

فَلَيتَني عِشتُ بِداوِيَّةٍ
حَرباؤُها في عودِهِ يَشبَحُ

يَصدى بِها الرَكبُ وَأَعلامُها
كَأَنَّها في آلِها تَسبَحُ

أَو بِتُّ في صَهوَةَ مُستَوطِناً
أُمسي مَعَ الأَغفارِ أَو أُصبَحُ

وَالنَفسُ كَالجامِحِ فَلِيَثنِها
لُبٌّ أَوابي لُجمِهِ تُكبَحُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:22 PM
إِقنَع بِما رَضِيَ التَقِيُّ لِنَفسِهِ
وَأَباحَهُ في الحَياةِ مُبيحُ

مِرآةُ عَقلِكَ إِن رَأَيتَ بِها سِوى
ما في حِجاكَ أَرَتهُ وَهوَ قَبيحُ

أَسنى فِعالِكَ ما أَرَدتَ بِفِعلِهِ
رَشداً وَخيرُ كَلامِكَ التَسبيحُ

إِنَّ الحَوادِثَ ما تَزالُ لَها مُداً
حَمَلُ النُجومَ بِبَعضِهِنَّ ذَبيحُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:23 PM
نطيحُ وَلا نُطيقُ دِفاعَ أَمرٍ
فَكَيفَ يَروعُنا الغادي النَطيحُ

وَلَم يَكُ أَهلُ خَيبَرَ أَهلَ خُبرٍ
بِما لاقى السَلالِمُ وَالوَطيحُ

وَجَدتُ الغَيبَ تَجهَلُهُ البَرايا
فَما شِقٌ هُديتَ وَما سَطيحُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:23 PM
تَجَمَّعَ أَهلُهُ زُمَراً إِلَيهِ
وَصاحَت عِرسهُ أَودى فَصاحوا

تُخاطِبُنا بِأَفواهِ المَنايا
مِنَ الأَيّامِ أَلسِنَةٌ فِصاحُ

نَصَحتُكُم أَهينوا أُمَّ دَفرٍ
فَما يَبقى لَكُم مِنها نِصاحُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:23 PM
مُشرِعَ الرُمحِ في تَثبيتِ مَملَكَةٍ
خَيرٌ مِنَ المارِنِ الخَطِيِّ مِسباحُ

يَزيدُ لَيلُكَ إِظلاماً إِلى ظُلَمٍ
فَما لَهُ آخِرَ الأَيّامِ إِصباحُ

لا يَعتِمُ الجَنحُ في مَثوى أَخي نُسُكٍ
وَكُلَّما قالَ شَيئاً فَهُوَ مِصباحُ

أَموالُنا في تُقانا لا رُؤوسَ لَها
فَكَيفَ تُؤمَلُ عِندَ اللَهِ أَرباحُ

وَنَحنُ في البَحرِ ما نَجَّت سَفائِنُهُ
وَكَم تُقَطِّعَ دونَ العِبَر سُبّاحُ

وَسَوفَ نُنسى فَنُمسي عِندَ عارِفِنا
وَما لَنا في أَقاصي الوَهمِ أَشباحُ

تَغَيَّرَ الدَهرُ حَتّى لَو شَحا أَسَدٌ
لَقيلَ كَشَّ خِلالَ القَومِ رُبّاحُ

لَيثُ النِزالِ وَلَكِن في مَنازِلِهِ
كَلبٌ عَلى فَضَلاتِ الزادِ نَبّاحُ

تَجَرَّعَ المَوتَ نَحّارٌ لِأَينَقِهِ
إِذا شَتا وَلِفارِ المِسكِ ذَبّاحُ

يَجودُ بِالتِبرِ إِن أَصحابُهُ بَخِلوا
وَيكتُمُ السِرَّ إِن خُزّانُهُ باحوا


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:23 PM
يا أَيُّها الناسُ جازَ المَدحُ قَدرَكُمُ
وَقَصَّرَت عَن مَدى مَولاكُمُ المِدَحُ

إِذا اِستَعانوا بِأَقداحٍ لَها قِيَمٌ
عَلى المُدامَةِ فَالإِثمُ الَّذي قَدَحوا

وَعِندَهُم مُسمِعاتٌ يَأذَنونَ لَها
ما لِلمَسامِعِ عَمّا قُلنَ مُنتَدَحُ

قالوا غَدَونَ مُصيباتِ الغِناءِ لَنا
وَتِلكَ عِندي مُصيباتٌ لَهُم فُدُحُ

عَنِ الطَواويسِ ما يَلبَسنَ مُستَرَقٌ
وَهُنَّ بَعدُ قَماريُّ الضُحى الصُدُحُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:23 PM
أَعاذِلَتي إِنَّ الحِسانَ قِباحُ
فَهَل لِظَلامِ العالَمينَ صَباحُ

يُسَمّي اِبنَهُ كِسرى فَقيرٌ مُمارِسٌ
شَقاءً وَأَسماءُ البَنينَ تُباحُ

وَرَبَّ مُسَمّى عَنبَراً وَهُوَ مُوهِتٌ
وَلَيثاً وَفيهِ أَن يَهيجَ نُباحُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:24 PM
لَقَد بَرَحَت طَيرٌ وَلَستُ بِعائِفٍ
وَإِن هاجَ لي بَعضَ الغَرامِ بُروحُها

أَرى هَذَياناً طالَ مِن كُلِّ أُمَّةٍ
يُضَمَّنُهُ إيجازُها وَشُروحُها

وَأَوصالَ جِسمٍ لِلتُرابِ مَآلُها
وَلَم يَدرِ دارٍ أَينَ تَذهَبُ رَوحُها

وَلا بُدَّ يَوماً مِن غَدوٍّ مُبَغَّضٍ
سَنَغدوهُ أَو مِن رَوحَةٍ سَنَروحُها

وَلَو رَضيتُ دونَ النُفوسِ بِغَيرِها
لَحُطَّت بِعَفوٍ لا قِصاصَ جُروحُها


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:24 PM
لَقَد سَنَحَت لي فِكرَةٌ بارِحِيَّةٌ
وَما زادَني إِلّا اِعتِباراً سُنوحُها

بِرَبَّةِ طَوقٍ ما أَقَلَّ جَناحُها
جَناحاً وَفي خُضرِ الغُصونِ جُنوحُها

وَهاجَ حُمَيّاها أَصيلٌ مُذَكِّرٌ
تُغَنّيهِ شَجواً أَو غَداةٌ تَنوحُها

وَتِلكَ لَعَمري شيمَةٌ أَوَّليَّةٌ
تَوارَثَها شيثُ الحَمامِ وَنوحُها


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:24 PM
أَصاحِ هِيَ الدُنيا تُشابِهُ ميتَةً
وَنَحنُ حَوالَيها الكِلابُ النَوابِحُ

فَمَن ظَلَّ مِنها آكِلاً فَهوَ خاسِرٌ
وَمَن عادَ عَنها ساغِباً فَهوَ رابِحُ

فَمَن لَم تَبَيَّتهُ الخُطوبُ فَإِنَّهُ
سَيَصبَحُهُ مِن حادِثِ الدَهرِ صابِحُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:24 PM
يقولُ لَكَ إِنعَم مُصبِحاً مُتَوَدِّدٌ
إِلَيكَ وَخَيرٌ مِنهُ أَغَلبُ أَصبَحُ

رَجَوتَ بِقُربٍ مِن خَليلِكَ مَرحَباً
وَبُعدُكَ مِنهُ في الحَقائِقِ أَربَحُ

إِذا أَنتَ لَم تَهرُب مِنَ الإِنسِ فَاِعتَرِف
بِطُلسٍ تَعاوى أَو ثَعالِبَ تَضبَح

وَمارِس بِحُسنِ الصَبرِ بِلِواكَ إِن هُمُ
أَتوا بِقَبيحٍ فَالَّذي جِئتَ أَقبَحُ

تَروحُ إِلى فِعلِ السَفيهِ وَتَغتَدي
وَتُمسي عَلى غَيرِ الجَميلِ وَتُصبِحُ

كَأَنَّ خُطوبَ الدَهرِ بَحرٌ فَمَن يَمُت
بِفَرطِ صَداهُ فَهُوَ في اللُجِّ يَسبَحُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:25 PM
إِذا ما مَضى نَفَسٌ فَإِحسَبنَهُ
كَالخَيطِ مِن ثَوبِ عُمرٍ نَهَج

وَإِن هاجَكَ الدَهرُ فَاِصبِر لَهُ
وَعِش ذا وَقارٍ كَأَن لَم تُهَج

فَكَم جَمرَةٍ خَمَدَت فَاِنقَضَت
وَكانَ لَها مُنذُ حينٍ وَهَج

فَيا قائِدَ الجَيشِ خَفِّض عَلَيكَ
في غَيرِ حَظِّكَ يَعلو الرَهَج

زَمانٌ حَباكَ قَليلَ العَطاءِ
ما زالَ يُكثِرُ أَخذَ المُهَج

فَلا تودِ أَنفُسَنا حَسبُنا
قَضاءٌ لَهُ بِأَذانا لَهَج

أَعِن باكِياً لَجَّ في حِزنِهِ
وَسَل ضاحِكَ القَومِ مِمَّ اِبتَهَج

وَعالَمُنا المُنتَهي كَالصَبيِّ
قيلَ لَهُ في اِبتِداءٍ تَهَجّ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:25 PM
إِذا أَثنى عَليَّ المَرءُ يَوماً
بِخَيرٍ لَيسَ فِيَّ فَذاكَ هاجِ

وَحَقِيَّ إِن أَساءَ بِما إِفتَراهُ
فَلُؤمٌ مِن غَريزَتِيَ اِبتِهاجي


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:25 PM
وَصَفتُكَ فَإِبتَهَجتَ وَقُلتَ خَيراً
لِتُجزِيَني فَأَدرَكَني اِبتِهاجي

إِذا كانَ التَقارُضُ مِن مُحالٍ
فَأَحسَنُ مِن تَمادُحِنا التَهاجي


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:25 PM
حالِيَ حالُ اليائِسِ الراجي
وَإِنَّما أَرجِعُ أَدراجي

إِذا رَأَيتُ الخَيرَ في رَقدَتي
عَدَدتُها لَيلَةَ مِعراجي

إِن قُمتُ مِن وبرَةِ هَذا الثَرى
أُهدى إِلى خَضراءَ مِئراجِ

فَالحَمدُ لِلَّهِ عَلى نِعمَةٍ
تُعقِبُ مِن ضَنكٍ وَإِحراجِ

لَو أَنَّني البِرجيسُ أَو جارُهُ
نَزَلتُ مِن أَرفَعَ أَبراجِ

ما أُمُّ سِرياحٍ إِذا ما غَدَت
مُوَرِّثَتي أَدمُعَ دَرّاجِ

يَنسى الفَتى الحَربِيُّ في قَبرِهِ
أَيّامَ إِلجامٍ وَإِسراجِ

وَخَوضَهُ في نَفَيانِ الوَغى
عَلى طُموحِ الطَرفِ هَرّاجِ

وَخَضبَهُ الأَبيَضَ مُستَأنِساً
بِأَسوَدٍ لِلهَولِ فَرّاجِ

يَفُضُّ ما أَذهَبَ مِن قَونَسٍ
بِزِئبَقٍ يَمتَدُّ رَجراجِ

أَشَلَّ أَو أَعرَجَ دَهرٌ عَدا
فَوارِساً عَن شَكِّ أَعراجِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:26 PM
أَطَعتُ في الأَيّامِ سَدّاجي
وَسارَتِ الدُنيا بِأَحداجي

آلَيتُ ما أَدري وَلا عالَمي
مِن كَوكَبي في الحِندِسِ الداجي

لا بَسَطَ الخالِقُ في مُدَّتي
حَتّى يَرى الناظِرُ هَدّاجي

قَد ذُبِحَ الذارِعُ في ساحَةٍ
فَيا لَهُ مِن دَمِ أَوداجِ

يَسلُكُ مَحمودٌ وَأَمثالُهُ
طَريقَ خاقانَ وَكُنداجِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:26 PM
إِن هاجَكِ البارِقُ فَإِهتاجي
لا يُمنَعُ الرِزقُ بِإِرتاجِ

أُصبِحُ في لَحدي عَلى وَحدَتي
لَستُ إِلى الدُنيا بِمُحتاجِ

ما أُسدُ خَفّانَ بِمَتروكَةٍ
فيها وَلا غِزلانُ فِرتاجِ

كَشفِيَ رَأسي وَاِفتِقاري بِها
خَيرٌ مِنَ التَمليكِ وَالتاجِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:26 PM
أَتُعوِجُ أَمَ لَيسَ المَشوقُ بِعائِجِ
هاجَت وَساوِسُهُ لِبَرقٍ هائِجِ

سُبحانَ مَن بَرَأَ النُجومَ كَأَنَّها
دُرٌّ طَفا مِن فَوقِ بَحرٍ مائِجِ

لَو شاءَ رَبُّكَ صَيَّرَ الشَرطَينِ مِن
هَذي الكَواكِبِ عِندَ أَدنى ثائِجِ

وَالتاجُ تَقوى اللَهِ لا ما رَصَّعوا
لِيَكونَ زيناً لِلأَميرِ التائِجِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:26 PM
عَن لا عِجٍ باتوا بِرَملَةِ عالِجِ
في رَبوَتَي عَودٍ كَظَهرِ الفالِجِ

في مُقفِرٍ تَنآهُ سَلمى مَدلَجٍ
مِن بَعدِ طَيَّتِهِ وَسَلما دالِجِ

مِثلَ الأَساوِرِ وَالدَمالِجِ في الطَوى
أَنِسوا ذَواتِ أَساوِرٍ وَدَمالِجِ

وَالأَرضُ قَد لَفَظَت حُشاشَةَ نورِها
فَدَجا الظَلامُ سِوى الوَميضِ الخالِجِ

فَزَعوا إِلى ذِكرِ المَليكِ وَحَسبُهُم
أُنساً بِذَلِكَ في الضَميرِ الوالِجِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:27 PM
وَصَلَ الهَجيرَ إِلى الهَجيرِ لَعَلَّهُ
في الخُلدِ يَظفَرُ بِالهَواءِ السَجسَجِ

سَلَبتُهُ بُردَ الوَردِ راحَةُ ميتَةٍ
غَصَبتَهُ حينَ كَسَتهُ بُردَ بَنفسَجِ

غَشّاهُ مُصفَرُّ الأَنامِلِ خافِياً
فَكَأَنَّهُ لِبَنانِهِ لَم يَنسُجِ

وَلّى وَخَلَّفَ عِرسَهُ وَبَناتِهِ
يَجنينَ أَطيَبَ مَطعَمٍ مِن عَوسَجِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:27 PM
أَنا لِصَرورَةِ في الحَياةِ مُقارِنٌ
ما زُلتُ أَسبَحُ في البِحارِ المُوَّجِ

وَصَرورَةٌ في شيمَتَينِ لِأَنَّني
مُذ كُنتُ لَم أَحجُج وَلَم أَتَزَوَّجِ

مِن مَذهَبي أَن لا أَشُدَّ بِفِضَّةٍ
قَدَحي وَلا أُصغي لِشَربِ مُعَوَّجِ

لَكِن أُقضي مُدَّتي بِتَقَنُّعٍ
يَغني وَأَفرَحُ بِاليَسيرِ الأَروَجِ

هَذا وَلَستُ أَوَدُّ أَنّي قائِمٌ
بِالمَلِكِ في ثَوبَي أَغَرَّ مُتَوَّجِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:27 PM
وَجَدتُ الناسَ في هَرجٍ وَمرجِ
غُواةٌ بَينَ مُعتَزِلٍ وَمُرجي

فَشَأنُ مُلوكِهِم وَنَزفٌ وَنَزفٌ
وَأَصحابُ الأُمورِ جُباةُ خَرجِ

وَهُمُّ زَعيمِهِم إِنهابُ مالٍ
حَرامِ النَهبِ أَو إِجلالُ فَرجِ

وَإِنَّ شَرّارَةً وَقَعَت بِوادٍ
لِتُحرِقَ وَحدَها سَمُراً بِشَرجِ

رُكوبُ النَعشِ أَسرَعُ لِاِبنِ دَهرٍ
يُريدُ الخَيرَ مِن قَتَبٍ وَسَرجِ

غَدا العُصفورُ لِلبازي أَميراً
وَأَصبَحَ ثَعلَباً ضِرغامُ تَرَجِ

أَفي الدُنِّيا لَحاها اللَهُ حَقٌّ
فَيُطلَبَ في حِنداسِها بِسُرجِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:27 PM
أَلا إِنَّ الظِباءَ لَفي غُرورٍ
تُرَجّي الخُلدَ بَعدَ لُيوثِ تَرجِ

وَأَشرَفُ مَن تَرى في الأَرضِ قَدراً
يَعيشُ الدَهرَ عَبدَ فَمٍ وَفَرجِ

وَحُبُّ الأَنفُسِ الدُنِّيا غُرورٌ
أَقامَ الناسَ في هَرجٍ وَمَرجِ

وَإِنَّ العِزَّ في رُمحٍ وَتُرسٍ
لِأَظهَرُ مِنهُ في قَلَمٍ وَدَرجِ

وَما أَختارُ أَنّي المَلكُ يُجبى
إِلَيَّ المالُ مِن مَكسٍ وَخَرجِ

فَدَع إِلفَيكَ مِن عَرَبٍ وَعُجمٍ
إِلى حِلفَيكَ مِن قَتَبٍ وَسَرجِ

سِراجُكَ في الدُجُنَّةِ عَينُ ضارٍ
وَإِلّا فَالكَواكِبُ خَيرُ سُرجِ

مَتّى كَشَّفتَ أَخلاقَ البَرايا
تَجِد ما شِئتَ مِن ظُلمٍ وَحِرجِ

ضَغائِنُ لَمّ تَزَل مِن قِبَلِ نوحٍ
عَلى ما هانَ مِن فِزرٍ وَعَرجِ

فَجَّرَت قَتلَ هابِلٍ أَخوهُ
وَأَلقَت بَينَ مُعتَزَلٍ وَمُرجي

وَخانَت وِدَّ لُقمانٍ لُقَيماً
لَيالِيَ حَرَّفَت سَمُراً بِشَرجِ

فَدارِ مَعيشَةً وَاِحمَل أَذاةً
لِمَن صاحَبتَ مِن حَوصٍ وَبُرجِ

فَإِنَّ الأُسدَ تَتبَعُها ذِئابٌ
وَغِربانٌ فَمِن عُوَرٍ وَعُرَجِ

مَسيرُكَ في البِلادِ أَقَلُّ رُزءاً
مَعَ الفِئَتَينِ مِن قُمَرٍ وَخُرجِ

وَكَم خَدَعَت هِزَبراً كانَ جَبراً
مِنَ الأَملاكِ ذاتُ حُلىً وَدَرجِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:27 PM
كَأَنَّني راكِبُ اللُجَّ الَّذي عَصَفَت
رِياحُهُ فَهوَ في هَولٍ وَتَمويجِ

وَفي طِباعِكَ زَيغٌ وَالهِلالُ عَلى
سُمُوِّهِ حِلفُ تَقويسٍ وَتَعويجِ

فَزِن مِنَ الوَزنِ لَفظاً حينَ تُرسِلُه
وَزِن مِنَ الزَينِ إِعطاءً بِتَرويجِ

وَاِنظُر إِلى نَفسِكَ اللَومى بِمَنظَرِها
وَلَو غَدَوتَ أَخا مُلكٍ وَتَتويجِ

وَاِطلُب لِبِنتِكَ زَوجاً كَي يُراعيها
وَخَوِّفِ اِبنَكَ مِن نَسلٍ وَتَزويجِ

ما اليَسرُ كَالعُدمِ في الأَحكامِ بَل شَحَطَت
حالُ المَياسيرِ عَن حالِ المَحاوِجِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:28 PM
ما عاقِدُ الحَبلِ يَبغي بِالضُحى عَضَداً
إِلّا كَصاحِبِ مُلكٍ عاقِدِ التاجِ

وَما رَأَينا صُروفَ الدَهرِ تارِكَةً
لَيثاً بِتَرجٍ وَلا ظَبياً بِفِرتاجِ

ما أَعدَلَ المَوتَ مِن آتٍ وَأَستَرَهُ
فَهَيِّجني فَإِني لَستُ مُهتاجِ

العَيشُ أَفقَرَ مِنّا كُلَّ ذاتِ غِناً
وَالمَوتُ أَغنى بِحَقٍّ كُلَّ مُحتاجِ

إِذا حَياةٌ عَلينالِلأَذى فَتَحَت
باباً مِنَ الشَرِّ لاقاهُ بِإِرتاجِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:28 PM
قَد أَسرَجوا بِكُمَيتٍ أَطلَقَت لُجُماً
وَلَم يَهِمّوا بِإِلجامٍ وَإِسراجِ

يَستَصبِحونَ وَعَينُ الديكِ نائِمَةٌ
بِقَهوَةٍ مِثلِ عَينِ الديكِ مِئراجِ

دَبَّت دَبيبَ نِمالٍ في أَنامِلِهِم
بِسائِرٍ في رُؤوسِ القَومِ دَرّاجِ

تُفَرِّجُ الهَمَّ عَنهُمُ بَل تُزيدُهُمُ
نَكداً هَواجِسُ ما هَمَّت بِإِفراجِ

لَم يَعلَموا أَنَّ أَقداراً سَتُنزِلُهُم
بِالعُنفِ مِن فَوقِ أَفدانٍ وَأَبراجِ

وَما أَرى دَرَجاتِ الفَضلِ مُغنِيَةً
عَنِ الفَتى عادَ مَحثوثاً لِإِدراجِ

أَمّا الحَياةُ فَلا أَرجو نَوافِلَها
لَكِنَّني لِإِلهي خائِفٌ راجي

رَبِّ السِماكِ وَرَبِّ الشَمسِ طالِعَةً
وَكُلِّ أَزهَرَ في الظَلماءِ خَرّاجِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:28 PM
خُذوا في سَبيلِ العَقلِ تُهدَوا بِهَديِهِ
وَلا يَرجونَ غَيرَ المُهَيمِنِ راجِ

وَلا تُطفِئوا نورَ المَليكِ فَإِنَّهُ
مُمَتِّعُ كُلٍّ مِن حِجىً بِسِراجِ

أَرى الناسَ في مَجهولَةٍ كَبَراءُ
هُمُ حَيٍّ يَلعَبونَ خُراجِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:28 PM
سَرَت بِقَوامٍ يَسرِقُ اللُبَّ ناعِمٍ
إِلى مُدلَجٍ تَلقى البُرى أُختُ مُدلَجِ

وَقَد حارَ هادي الرَكبِ وَاللَيلُ ضارِبٌ
بِأَوراقِهِ وَالصُبحُ لَم يَتَبَلَّجِ

تَكابَدُ خَضراءَ الحَنادِسِ جَونَةً
ذَخيرَتُها مِن بَدرِها نِصفُ دُملُجِ

إِلى أَن بَدا فَجرٌ يُكَشِّفُ نَهجَهُ
لَنا بِلِسانٍ مُفَصِّحٍ غَيرَ لَجلَجِ

وَإِن خَلَجَت عَينٌ لِبَينٍ فَحَسبُها
مِنَ البينِ يَومٌ مِن رَداً مُتَخَلَّجِ

كَفى حَزناً أَنَّ الفَتى بَعدَ سَومِهِ
تَقولُ لَهُ الأَيّامُ في جَدَثٍ لِج

وَكَم وَطِأَت أَقدامُنا في تُرابِها
جَبينَ أَخي كِبرٍ وَهامَةَ أَبلَجِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:29 PM
لَعَمرُكَ ما أَنجاكَ طِرفُكَ في الوَغى
مِنَ المَوتِ لَكِنَّ القَضاءَ الَّذي يُنَجّي

فَلا تَكُ زيراً لِلنِساءِ وَإِن تَمِل
لَهُنَّ فَلا تَأذَن لِزيرٍ وَلا صَنجِ

وَلا تَدنُ لِلصَهباءِ بِنتاً لِأَبيَضٍ
وَلا تَقرَبِ الحَمراءَ مِن وَلَدِ الزَن


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:29 PM
لا تُرِعِ الطائِرَ يَغذو بَجَّه
يَلتَقِطُ الحَبَّ لِكَي يَمُجُّه

إِنَّ الأَنامَ واقِعٌ في لُجَّه
وَظُلمَةٍ مِن أَمرِهِ مُلتَجُّه

دَعِ الفُروعَ وَخُذِ المَحَجَّه
لا تَأمَنَنَّ ذا عاهَةٍ مُضِجَّه

إِنَّ عَصاكَ وَهِيَ المُعوَجَّه
تُحدِثُ في رَأسِ أَخيكَ الشَجَّه


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:29 PM
الوَقتُ يُعجِلُ أَن تَكونَ مُحَلِّلاً
عُقَدَ الحَياةِ بِأَن تَحُلَّ الزيجا

فَالدَهرُ لا يَسخو بِأَريٍ لِلفَتى
حَتّى يَكونَ بِما أَمَرَّ مَزيجا

هَزَجَت نَوادِبُ لِلعُقولِ فَخَيَّبَت
أُنثى تَرومُ لِطِفلِها تَهزيجا


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:29 PM
تَسريحُ كَفِيَّ بُرغوثاً ظَفِرتُ بِهِ
أَبُرُّ مِن دِرهَمٍ تُعطيهِ مُحتاجا

لا فَرقَ بَينَ الأَسَكَّ الجَونِ أُطلِقُهُ
وَجَونِ كِندَةَ أَمسى يَعقُدُ التاجا

كِلاهُما يَتَوَقى وَالحَياةُ لَهُ
حَبيبَةٌ وَيَرومُ العَيشَ مُهتاجا


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:30 PM
أَغنى الأَنامِ تَقِيٌّ في ذُرى جَبَلٍ
يَرضى القَليلَ وَيَأبى الوَشيَ وَالتاجا

وَأَفقَرُ الناسِ في دُنياهُمُ مَلِكٌ
يُضحي إِلى اللَجَبِ الجَرّارِ مُحتاجا

وَقَد عَلِمتُ المَنايا غَيرَ تارِكَةٍ
لَيثاً بِخِفّانِ أَو ظبيّاً بِفِرتاجا


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:30 PM
يا سَعدُ إِنَّ أَبا سَعدٍ لَحادِثُهُ
أَمسى الحِمامُ يُسَمّى عِندَهُ فَرَجا

وَالروحُ شَيءٌ لَطيفٌ لَيسَ يُدرِكُهُ
عَقلٌ وَيَسكُنُ مِن جِسمِ الفَتى حَرَجا

سُبحانَ رَبِّكَ هَل يَبقى الرَشادُ لَهُ
وَهَل يُحِسُّ بِما يَلقى إِذا خَرَجا

وَذاكَ نورٌ لِأَجسادٍ يُحَسِّنُها
كَما تَبَيَّنتَ تَحتَ اللَيلَةِ السُرُجا

قالَت مَعاشِرُ يَبقى عِندَ جُثَّتِهِ
وَقالَ ناسٌ إِذ لاقى الرَدى عَرَجا

وَلَيسَ في الإِنسِ مِن نَفسٍ إِذا قُبِضَت
سافَ الَّذينَ لَدَيها طِيَبَها الأَرِجا

وَأَسعَدُ الناسِ بِالدُنيا أَخو زُهدٍ
نافى بَنيها وَنادوا إِذ مَضى دَرَجا


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:30 PM
تَيَمَّمَ فَجّاً واحِداً كُلُّ راكِبِ
وَلا بُدَّ أَنّي سالِكٌ ذَلِكَ الفَجّا

وَسَيّانِ أُمٌ بَرَّةٌ وَحَمامَةٌ
غَذَت وَلَداً في مَهدِهِ وَغَذَت بَجّا

فَلا تَبكُرَن يَوماً بِكَفِّكَ مُديَةٌ
لِتُهلِكَ فَرخاً في مَواطِنِهِ دَجّا

تَلَفَّتَ في دُنياهُ سابِحُ غَمرَةٍ
إِلى السَيفِ لَهَفاً بَعدَ ما وَسِطَ اللُجا

وَرَجّى أُموراً لَم تَكُن بِقَريبَةٍ
إِلَيهِ فَخَطَّتهُ الحَوادِثُ ما رَجّى

يُرَجّي مَعاشاً مَن لَهُ بِدَوامِهِ
وَهَل يَترُكُ الدَهرُ الفَقيرَ وَما رَجّى

فَلا تَبتَئِس لِلرِزّقِ إِن بَضَّ فاتِراً
وَلا تَغتَبِط إِن جاشَ رِزقُكَ أَو ثَجّا

أَعُوّامَ بَحرٍ إِن أُصِبتُم فَهَيِّنٌ
وَإِن تَخلَصوا فَاللَهُ رَبُّكُمُ نَجّى

ضَلِلتُم فَهَل مِن كَوكَبٍ يُهتَدى بِهِ
فَقَد طالَ ما جَنَّ الظَلامُ وَما دَجّى

فَلا تَأمَنوا المَرءَ التَقِيَّ عَلى الَّتي
تَسوءُ وَإِن زارَ المَساجِدَ أَو حَجّا

وَلا تَقبَلوا مِن كاذِبٍ مُتَسَوِّقٍ
تَحَيَّلَ في نَصرِ المَذاهِبِ وَاِحتَجّا

فَذَلِكَ غاوي الصَدرِ قَلبي كَقَلبُهُ
مَتّى مَلَأَ التَذكيرُ مِسمَعَهُ مَجّا

وَإِنَّ لِأَجسامِ الأَنامِ غَرائِزاً
إِذا حَرَّكَت لِلشَرِّ طالِبَهُ لَجّا

فَلا آسَ لِلدُنِّيا إِذا هِيَ زايَلَت
فَما كُنتُ فيها لا سِناناً وَلا زُجّا

وَلَقَد خُلِقَت عَوجاءَ مِثلَ هِلالِها
يَكونُ وَإِيّاها القِيامَةَ مُعَوِّجا

سِواءٌ عَلى النَفسِ الخَبيثِ ضَميرُها
أَمَكَّةَ زارَت لِلمَناسِكِ أَو وَجّا

فَبِالطائِفِ الراحُ الكُمَيتُ سَلافَةً
إِذا ما تَمَشَّت في حَشا وادِعٍ أَجّا

فَكَم مِن قَتيلٍ غادَرَت وَمُكَلَّمٍ
عَلى أَلَمٍ غِبَّ القَتيلِ الَّذي شُجّا

مُشَعشَعَةٌ لَو خالَطَت وَهُوَ عاقِلٌ
ثَبيراً تَداعى بِالجَهالَةِ وَاِرتَجّا

رَأَيتُ الفَتى كَالعَودِ يَرتِعُ مَرَّةً
وَإِن مَسَّت الأَعباؤ كاهِلَهُ ضَجّا


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:30 PM
لا تَفخَرَنَّ مَعاشِرٌ بِقَديمِها
فَليَنسِبَنَّ كُلابُها وَنُباجُها

وَالخَيلُ إِن مَزَعَت بِفُرسانِ الوَغى
فَلتَرجِعَنَّ إِلى الثَرى أَثباجُها

وَإِذا البُجادُ أَتى الفَتاةَ بِدِفئِها
وَخِبائِها فَكَأَنَّهُ ديباجُها

كَم نالَ أَطيَبَ مَطعَمٍ هِلباجَةٌ
أَشِرٌ وَأَعوَزَ حُرَّةً هِلباجُها


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:31 PM
لَقَد دَجّى الزَمانُ فَلا تَدَجّوا
وَلَجَّ فَلَم يَدَع خَصماً يَلَجُّ

أَراني قَد نَصَحتُ فَما لِنُصحي
إِذا ما غارَ في أُذُنٍ يُمَجُّ

عَجِبنا لِلرَكائِبِ مُبرَياتٍ
يَسيلُ بِهِنَّ بَعدَ الفَجِّ فَجُّ

تُنِصُّ إِلى تِهامَةَ مُبتَغاها
صَلاحَ وَلَيسَ في النِياتِ وَجُّهِيَ

الدُنِّيا عَلى ما نَحنُ فيهِ
مَعاشٌ يُمتَرى وَدَمٌ يُثَجُّ

لَيالِيَ ما بِمَكَّةَ مِن مَقامٍ
وَلا بَيتٌ بِأَبطَحِها يَحِجُّ

وَما فَتِئَت وُلاةُ الأَمرِ فيها
على الصَفراءِ تُصرِفُ أَو تَشِجُّ

وَقَد كُذِبَ الصَحيحُ بِلا اِرتِيابٍ
فَهَل صَدَقَ الأَصَمُّ أَو الأَشَجُّ

مَضى أَهلُ الرَجاءِ عَلى سَبيلٍ
كَأَنَّهُمُ العَظائِمُ لَم يُرَجّوا

فَما لِلرُمحِ قَرَّبَهُ رِجالٌ
يُنَصَّلُ لِلمَنيَّةِ أَو يُزَجُّ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:31 PM
أَعوذُ بِاللَهِ مِن وَرهاءَ قائِلَةٍ
لِزَوجِ إِنّي إِلى الحَمّامِ أَحتاجُ

وَهَمُّها في أُمورٍ لَو يُتابِعُها
كِسرى عَلَيها لِشينَ المُلكُ وَالتاجُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:31 PM
إِقنَع بِأَيسَرِ شَيءٍ فَالزَمانُ لَهُ
مَحيلَةٌ لا تُقَضّى عِندَها الحِوَجُ

وَما يَكُفُّ أَذاةً عَنكَ حِلفُ ضَنىً
وَقَد يَشُجُّكَ عودٌ مَسَّهُ عَوَجُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:31 PM
بِعالِجٍ باتَ هَمُّ النَفسِ يَعتَلِجُ
فهَل أَسيتَ لِعَينٍ حينَ تَختَلِجُ

إِن بَشَّرَتَ بِدُموعٍ فَهيَ صادِقَةٌ
أَو خَبَّرَت بِسُرورٍ قُلتَ لا يَلِجُ

أَدلِج إِلى رَحمَةِ اللَهِ الَّتي بُذِلَت
فَما يَسُرُّكَ إِلّا في التُقى دَلِجُ

قَد عِيلَ صَبرُكَ وَالظَلماءُ داجِيَةٌ
فَاِصبِر قَليلاً لَعَلَّ الصُبحَ يَنبَلِجُ

لا يَعرِفُ الدَهرَ إِلّا مَعشَرٌ غَلَبوا
فَما اِستَكانوا وَلَم يُزهَوا وَقَد فُلِجوا

غُيوثُ مَحلٍ وَمِن أَدراعِهِم غُدُرٌ
بِحارُ جودٍ وَفي أَغمارِهِم خُلِجُ

الأَلمَعِيونَ إِن ظَنّوا وَإِن حَدَسوا
ظَنينَهُم بِيَقينٍ واضِحٍ ثَلَجوا


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:32 PM
رَوِّح ذَبيحَكَ لا تُعجِلهُ ميتَتَهُ
فَتَأخُذَ النَحضَ مِنهُ وَهوَ يَختَلِجُ

هَذا قَبيحٌ وَعِلمِيَ غَيرُ مُتَّسِقٍ
بِما يَكونُ وَلَكِن في الثَرى أَلِجُ

وَالناسُ مِن أَجلِ هَذا الأَمرِ في ظُلمٍ
وَما أُؤَمِّلُ أَنَّ الفجرَ يَنبَلِجُ

مَضى أُناسٌ وَأَصبَحنا عَلى ثِقَةٍ
أَنّا سَنَتبَعُ فَالأَشجانُ تَعتَلِجُ

إِن أَدلَجوا وَتَخَلَّفنا وَراءَهُمُ
شَيئاً يَسيراً فَإِنّا سَوفَ نَدَّلِجُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:32 PM
إِذا دَرَجَت في العالَمينَ قَبيلَةٌ
فَخَيرٌ لَها مِن أَن تَئِثَّ خُروجُها

فَما أَمِنَت نِسوانُ قَوم أَعِزَّةٍ
عَلى عِزِّها أَن تُستَباحَ فُروجُها

وَما تَمنَعُ الخَودَ الحَصانَ حُصونُها
وَلَو أَنَّ أَبراجَ السَماءِ بُروجُها

فَما عَرَّجَت في شَأوِها أُمُّ جُندَبٍ
وَلا عَقَلَتها شَاؤُها وَعُروجُها

تُذالُ كَراسِيَّ المُلوكِ وَطالَما
غَدَت وَهِيَ تُحمى بِالعَوالي مُروجُها

عَلى الإِبلِ حَتّى ماتُقِلُّ رِجالَها
وَبِالخَيلِ حَتّى أَثقَلَتها سُروجُها

وَما عَلِمَت رَوحٌ بِجِسمي دُخولَها
إِلَيهِ فَهَل يُخفى عَلَيهِ خُروجُها


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:32 PM
جَماجِمُ أَمثالُ الكُراتِ هَفَت بِها
سُيوفٌ ثَناها الضَربُ وَهيَ صَوالِجُ

وَقَد يُغلِقُ الإِنسانُ مِن دونِ شَخصِهِ
وِلاجاً وَهَمُّ القَلبِ في النَفسِ والِجُ

لَعَمري لَقَد حَلَّت وُكوراً حَمائِمٌ
لَيالِيَ ضاقَت عَن ظِباءٍ تَوالِجُ

أُؤَمِّلُ عَفوَ اللَهِ وَالصَدرُ جائِشٌ
إِذا خَلَجَتني لِلمَنونِ الخَوالِجُ

هُناكَ تَوَدُّ النَفسُ أَنَّ ذُنوبَها
قَليلٌ وَأَنَّ القِدحَ بِالخَيرِ فالِجُ

وَيُنسي أَخا الأَشواقِ رَملَةَ عالِجٍ
وَيَبرينَ مِن هَولِ الرَدى ما يُعالِجُ

سَيَأكُلُ هَذا التُربُ أَعضاءَ بادِنٍ
وَتورَثُ أَحجالٌ لَها وَدَمالِجُ

وَيُصمي الفَتى سَهمٌ مِنَ الدَهرِ صائِبٌ
وَإِن صُرِفَت عَنهُ السِهامُ الزَوالِجُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:32 PM
لَقَد جاءَنا هَذا الشِتاءُ وَتَحتَهُ
فَقيرٌ مُعَرّى أَو أَميرٌ مُدَوَّجُ

وَقَد يُرزَقُ المَجدودُ أَقواتَ أُمَّةٍ
وَيُحرَمُ قوتاً واحِدٌ وَهوَ أَحوَجُ

وَلَو كانَت الدُنِّيا عَروساً وَجَدتُها
بِما قَتَلَت أَزواجَها لا تُزَوَّجُ

فَعُج يَدَكَ اليُمنى لِتَشرَبَ طاهِراً
فَقَد عِيَفَ لِلشُربِ الإِناءُ المُعَوَّجُ

عَلى سَفَرٍ هَذا الأَنامُ فَخَلِّنا
لِأَبعَدِ بَينَ واقِعٍ نَتَحَوَّجُ

وَلا تَعجَبَن مَن سالَمَ إِنَّ سالِماً
أَخو غَمرَةٍ في زاخِرٍ يَتَمَوَّجُ

وَهَل هُوَ إِلّا رائِدٌ لِعَشيرَةٍ
يُلاحِظُ بَرقاً في الدُجى يَتَبَوَّجُ

وَلَولا دِفاعُ اللَهِ لاقى مِنَ الأَذى
كَما كانَ لاقى خامِدٌ وَمُتَوَجُّ

إِذا وُقِيَ الإِنسانُ لَم يَخشَ حادِثاً
وَإِن قيلَ هَجّامٌ عَلى الحَربِ أَهوَجُ

وَإِن بَلَغَ المِقدارُ لَم يَنجُ سابِحٌ
وَلَو أَنَّهُ في كُبَةِ الخَيلِ أَعوَجُ

فَلا تَشهِرنَ سَيفاً لِتَطلُبَ دَولَةً
فَأَفضَلُ ما نِلتَ اليَسيرُ المُرَوَّجُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:32 PM
رَأَيتُ سَحاباً خِلتُهُ مُتَدَفِّقاً
فَأَنجَمَ لَم يُمطِر وَإِن حَسُنَ الخَرجُ

وَكَم فاتَكَ الشَيءُ الَّذي كُنتَ راجِياً
وَجاءَكَ بِالمِقدارِ ما لَم تَكُن تَرجو


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:33 PM
حُظوظٌ فَرَبعٌ يُحَظّى الغَمامَ
وَربَعٌ يُجادُ وَرَبعٌ يُدَث

وَكَم حَدَثٍ مِن صُروفِ الزَمانِ
يُكَرِّهُهُ شَيخُنا وَالحَدَث

مَراسُ الأَذى وَلِباسُ الضَنى
وَسُقيُ الحِمامِ وَسُكنى الجَدَث


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:33 PM
أَيا أَرضُ فَوقَكِ أَهلُ الذُنوبِ
فَهَل بِكِ مِن ذاكَ هَمٌّ وَبث

وَقَد زَعَموا النارَ مَبعوثَةً
تُهَذِّبُ مِمَّن عَلَيكِ الخَبَث

وَسِيّانِ ماضٍ قَصيرُ المَدى
وَآخَرُ باقٍ طَويلُ اللَبَث

وَخَلقُكِ مِن رَبِّنا حِكمَةٌ
لَقَد جُلَّ عَن لَعِبٍ أَو عَبَث

وَهَل يَحفِلُ الجِسمُ في رَمسِهِ
إِذا جاءَهُ حافِرٌ فَاِنتَبَث


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:33 PM
أَكَرِهتَ أَن يُدعى وَليدُكَ حارِثاً
يا حارِثَ اِبنَ الحارِثِ اِبنِ الحارِثِ

تِلكَ الصِفاتُ لِكُلِّ مَن وَطِئَ الحَصى
ما بَينَ مَوروثٍ وَآخَرَ وارِثِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:33 PM
لا خَيرَ في الدُنيا وَإِن أَلهى الفَتى
فيها مَثانٍ أُيَّدَت بِمَثالِثِ

شَرُّ الحَياةِ بَسيطَةٌ مَذمومَةٌ
عَمَدَت لَها بِالسوءِ كَفُّ الغالِثِ

وَسَلامَةٌ كَسَلامَةِ الجُزءِ الَّذي
بِالضَربِ لُزَّ مِنَ الطَويلِ الثالِثِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:34 PM
تَقُلُّ جُسومَنا أَقدامُ سَفرٍ
مَشَت في لَيلِ داجِيَةٍ بَواعِثِ

وَظاهِرُ أَمرِنا عَيشٌ وَمَوتٌ
وَيَدأَبُ ناسِكٌ لِرَجاءِ بَعثِ

فَما رِجلٌ مُخَلَّدَةٌ بِحِجلٍ
وَلا أُذُنٌ مُنَعَّمَةٌ بِرَعثِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:34 PM
إِذا مُتُّ لَم أَحفِل بِما اللَهُ صانِعٌ
إِلى الأَرضِ مِن جَدبٍ وَسَقيِ غُيوثِ

وَما تَشعُرُ الغَبراءُ ماذا تُجِنُّهُ
أَأَعظُمُ ضَأنٍ أَم عِظامُ لُيوثِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:34 PM
لا يَرهَبُ المَوتَ مَن كانَ اِمرِأً فَطِناً
فَإِنَّ في العَيشِ أَرزاءً وَأَحداثا

وَلَيسَ يَأمَنُ قَومٌ شَرَّ دَهرِهِم
حَتّى يُحِلّوا بِبَطنِ الأَرضِ أَجداثا


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:34 PM
مِن أَعجَبِ الأَشياءِ في دَهرِنا
وَاللَهُ لا ناسٍ وَلا والِثُ

إِثنانِ باتا في فِراشٍ مَعاً
فَأَصبَحا بَينَهُما ثالِثُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:34 PM
مِن أَحسَنِ الدَهرِ وَقتاً ساعَةٌ سَلِمَت
مِنَ الشُرورِ وَفيها صاحِبٌ حَدَثُ

أُعجَب بِدَهرِكَ أولاهُ وَآخِرِهِ
إِنَّ الزَمانَ قَديمٌ سِنُّهُ حَدَثُ

أَودى رَداهُ بِأَجيالٍ فَكَم حُفِرَت
أَجداثُ قَومٍ وَلَم يُحفَر لَهُ جَدَثُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:35 PM
أَيا جَسَدي لا تَجزَعَنَّ مِنَ البِلى
إِذا صِرتَ في الغَبراءِ تُحثى وَتُنبِثُ

وَإِن كانَ هَذا الجِسمُ قَبلَ اِفتِراقِهِ
خَبيثاً فَإِنَّ الفِعلَ شَرٌّ وَأَحبَثُ

مَناكِبَ ساعاتي رُكِبَت فَأَبتَغي
لَباثاً وَسَيرُ الدَهرِ لا يَتَلَبَّثُ

نَهارٌ وَلَيلٌ عوقِبا أَنا فيهُما
كَأَنّي بِخَيطَي باطِلٍ أَتَشَبَّثُ

أَظُنُّ زَماني كَونَهُ وَفَسادَهُ
وَليداً بِتُربِ الأَرضِ يَلهو وَيَعبَثُ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:35 PM
ثِيابِيَ أَكفاني وَرَمسِيَ مَنزِلي
وَعَيشي حِمامي وَالمَنِيَّةُ لِيَ بَعثُ

تَحَلَّي بِأَسنى الحَلي وَإِحتَلِبي الغِنى
فَأَفضَلُ مِن أَمثالِكِ النَفرُ الشُعثُ

يَسيرونَ بِالأَقدامِ في سُبُلِ الهُدى
إِلى اللَهِ حَزنٌ ما تَوَطَّأنَ أَو وَعثُ

وَما في يَدٍ قُلُبٌ وَلا أَسؤُقٍ بُراً
وَلا مَفرَقٍ تاجٌ وَلا أُذُنٍ رَعَث


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:35 PM
عَذيرِيَ مِن صورَةٍ قَد عَثَت
وَمِن كَفِّ دافِنِها إِذ حَثَت

وَنَفسٍ تَمَنَّت لَذيذَ الطَعامِ
فَلَمّا أَصابَت مَناها غَثَت

وَجاثَت لَدى حاكِمٍ خَصمَها
وَمِن غَيرِ حَقٍّ لَعَمري جَثَت

فَلا تَرثِيَنَّ لَها إِنَّها
لِجِسمِكَ في ضَعفِهِ ما رَثَت


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:35 PM
نُفوسٌ تُشابِهُ أَصحابَها
عَتَوا في زَمانِهِمُ إِذ عَتَت

وَما يَرتَضي اللُبُّ عِندَ البَيانِ
لا ما أَتوهُ وَلا ما أَتَت


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:36 PM
مِن صِفَةِ الدُنيا الَّتي أَجمَعَ الناسُ
عَلَيها أَنَّها ما صَفَت

كَم عَفَّةٍ ما عَفَّ عَنها الرَدى
وَكَم دِيارٍ لِأُناسٍ عَفَت

إِلتَفَّت الآمالُ مِنّا بِها
وَقَد مَضى آمَلُها ما اِلتَفَت

يا شَفَّةً هَمَّت بِرَشفٍ لَها
فَاِنتَزَعَت أَكؤُسَها ما شَفَت

خَفَّت لَها نَفسُ الفَتى جاهِداً
وَبَينَما يَدأَبُ فيها خَفَت

لَو أَنَّها تَسكُنُ في مِثلِها
لَكُلِّفَت فَوقَ الَّذي كَلَّفَت

وَالأَرضُ غَذَّتنا بِأَلطافِها
ثُمَّ تَغَذَّتنا فَهَل أَنصَفَت

تَأكُلُ مِن دُبٍّ عَلى ظَهرَها
وَهِيَ عَلى رُغبَتِها ما اكتَفَت

أَتَنتَفي مِنّا لِآثامِنا
وَخِلتُها لَو نَطَقَت لَاِنتَفَت


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:36 PM
إِنَّما نَحنُ في ضَلالٍ وَتَعليلٍ
فَإِن كُنتَ ذا يَقينٍ فَهاتِه

وَلحُبِّ الصَحيحِ آثَرَتِ الرومُ
اِنتِسابَ الفَتى إِلى أُمَّهاتِه

جَهِلوا مِن أَبوهُ إِلّا ظُنوناً
وَطَلا الوَحشِ لاحِقٌ بِمَهاتِه

قَد يَجوزُ الحَبُّ الشَحيحُ جَبا الماءِ
وَلا يَستَحِقُّ نَضحَ لَهاتِه

وَكَثيرٌ لَهُ إِذا قيسَتِ الأَشياءُ
عَظمٌ يَرميهِ بَعضُ طُهاتِه

رُئِسَ الناسُ بِالدَهاءِ فَما يَن
فَكُّ جيلٌ يَنقادُ طَوعَ دُهاتِه


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:36 PM
كُفّي شُموسَكِ فَالسِرارُ أَمانةٌ
حُمِّلتِها وَمَتى ثَمِلتِ رَمَيتَها

ما أُمٌّ لَيلاكِ العَتيقَةُ بَرَّةٌ
كَنَّيتِها لِلقَومِ أَو سَمَّيتِها

وَهِيَ القَتيلَةُ لَم تُؤذَّ بِقَتلِها
أَصَمتَكِ مِن عُرُضٍ وَما أَصمَيتِها

وَعَلى كِرامِ الشَربِ نَمَّت بِالَّذي
يَخفونَهُ وَإِلى الكُروُمِ نَميتِها

وَكَأَنَّما هِيَ مِن ذُكاءٍ نَطفَةٌ
صَفَّقتِها وَبِلُؤلوءٍ أَطمَيتِها

وَشَجَّجتِها حَمراءَ غَيرَ مُبَيَّنَةٍ
وَضحاً يُرى في ناصِعٍ أَدمَيتِها

ومُدامَةٌ في راحَتَيكِ بِذلَتِها
كَمُدامَةٍ في عارِضَيكِ حَميتِها

فَتَكَت بِشارِبِها السُلافَةُ عَنوَةً
حَتّى ثَنَت حَيَّ النُفوسِ كَمَيتِها

حَمَلَت كُمَيتاً تَحتَ أَدهَمَ لَم يَزَل
في الأَشهَبَينِ مُقَصِراً بِكُمَيتِها


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:37 PM
رُوَيدَكِ يا سَحابَةُ لا تَجودي
عَلى السَبخاتِ مِن جَهلٍ هَمَيتِ

طَلَبتِ دِيانَةً بَينَ البَرايا
لَقَد أَشوَت سِهامُكَ إِذ رَمَيتِ

تَزَيّوا بِالتَصَوّفِ عَن خِداعٍ
فَهَل زُرتِ الرِجالَ أَو اِعتَمَيتِ

وَقاموا في تَواجُدِهِم فَداروا
كَأَنَّهُمُ ثِمالٌ مِن كُمَيتِ

وَما رَقَصوا حِذاراً مِن إِلهٍ
وَلا يَبغونَ إِلّا ما حَمَيتِ

وَجَدتُ الناسَ مَيتاً مِثلَ حَيٍّ
بِحُسنِ الذِكرِ أَو حَيّاً كَمَيتِ


أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:37 PM
تَرَنَّم في نَهارِكَ مُستَعيناً
بِذِكرِ اللَهِ في المُتَرَنِّماتِ

عَنَيتُ بِها القَوارِحَ وَهيَ غُرٌّ
وَلَسنَ بِخَيلِكَ المُتَقَدِّماتِ

يَبِتنَ بِكُلِّ مُظلِمَةٍ وَفَجٍّ
عَلى حَوضِ الرَدى مُتَجَهِّماتِ

إِذا السُبُحُ الجِيادُ أَرَحنَ وَقتاً
حَمَلنَكَ مُسرَجاتٍ مُلجَماتِ

وَهَينَم وَالظَلامُ عَلَيكَ داجٍ
لَدى وُرقٍ سُمِعنَ مُهَينَماتِ

وَلا تُرجِع بِإيماءِ سَلاماً
عَلى بيضٍ أَشَرنَ مُسَلِّماتِ

أُلاتُ الظَلمِ جِئنَ بِشَرِّ ظُلمٍ
وَقَد واجَهنَنا مُتَظَلِّماتِ

فَوارِسُ فِتنَةٍ أَعلامُ غَيٍّ
لَقينَكَ بِالأَساوِرِ مُعلِماتِ

وِسامٌ ما اِقتَنَعنَ بِحُسنِ أَصلٍ
فَجِئنَكَ بِالخِضابِ مُوَسَّماتِ

رَأَينَ الوَردَ في الوَجناتِ حَيماً
فَغادَينَ البَنانَ مُعَنِّماتِ

وَشَنَّفنَ المَسامِعَ قائِلاتٍ
وَكَلَّمنَ القُلوبَ مُكَلِّماتِ

أَزَمنَ لِجَهلِهِنَّ حَصىً بِدُرٍّ
غَرائِبُ لَم يَكُنَّ مُثَلَّماتِ

أَجازَينَ التُرابَ عَنِ البَرايا
بِأَكلِ شُخوصِها المُتَجَسِّماتِ

نُقِعنَ بِماءِ زَمزَمَ لا نَصارى
وَلا مُجُساً يَظَلنَ مُزَمزَماتِ

وَقَد يُصبِحنَ عَن بِرٍّ وَنُسكٍ
بِأَطيَبِ عَنبَرٍ مُتَنَسِّماتِ

كَأَنَّ خَواتِمَ الأَفواهِ فُضَّت
عَنِ الصُهبِ العِذابِ مُخَتَّماتِ

كُؤوسٌ مِن أَجَلِّ الراحِ قَدراً
وَلَكِن ما يَزَلنَ مُفَدَّماتِ

يَكادُ الشُربُ لا يَبليهِ عَصرٌ
إِذا باشَرنَهُ مُتَلَثِّماتِ

ثَنَتهُنَّ الجَماجِمُ عَن مُرادٍ
بِشيبٍ فَاِنثَنَينَ مُجَمجِماتِ

خُمورُ الريقِ لَسنَ بِكُلِّ حالٍ
عَلى طُلّابَهُنَّ مُحَرَّماتِ

وَلَكِنَّ الأَوانِسَ باعِثاتٌ
رِكابُكَ في مَهالِكَ مُقتِماتِ

صَحِبنَكَ فَاِستَفَدتَ بِهُنَّ وَلَداً
أَصابَكَ مِن أَذاتِكَ بِالسِماتِ

وَمَن رُزِقَ البَنينِ فَغَيرُ ناءٍ
بِذَلِكَ عَن نَوائِبَ مُسقِماتِ

فَمِن ثُكلٍ يَهابُ وَمِن عُقوقٍ
وَأَرزاءٍ يَجِئنَ مُصَمِّماتِ

وَإِن نُعطَ الإِناثَ فَأَيُّ بُؤسٍ
تَبَيَّنَ في وجوهِ مُقَسَّماتِ

يُرِدنَ بُعولَةً وَيُرِدنَ حَلياً
وَيَلقَينَ الخُطوبَ مُلَوَّماتِ

وَلَسنَ بِدافِعاتٍ يَومَ حَربٍ
وَلا في غارَةٍ مُتَغَشِّماتِ

وَدَفنٌ وَالحَوادِثُ فاجِعاتٌ
لِإِحداهُنَّ إِحدى المَكرُماتِ

وَقَد يَفقِدنَ أَزواجاً كِراماً
فَيا لِلنِسوَةِ المُتَأَيِّماتِ

يَلِدنَ أَعادِياً وَيَكُنَّ عاراً
إِذا أَمسَينَ في المُتَهَضَّماتِ

يَرُعنَكَ إِن خَدَمَن بِغَيرِ فَنٍّ
إِذا رُحنَ العَشيَّ مُخَدَّماتِ

وَأَمّا الخَمرُ فَهِيَ تُزيلُ عَقلاً
فَتَحتَ بِهِ مَغالِقَ مُبهَماتِ

وَلَو ناجَتكَ أَقداحُ النَدامى
عَدَت عَن حَملِها مُتَنَدِّماتِ

تَذيعُ السِرَّ مِن حُرٍّ وَعَبدٍ
وَتُعرَبُ عَن كَنائِزَ مُعجَماتِ

وَيَنفُضُ إِلفُها الراحاتِ حَتّى
تَعودَ مِنَ النَفائِسِ مُعدَماتِ

وَزَيَّنَت القَبيحَ فَباشَرَتهُ
نُفوسٌ كُنَّ عَنهُ مُخَزَّماتِ

وَيَشرَبُها فَيَقلِسُها غَويٌّ
لَقَد شامَ الخَفِيَّ مِنَ الشِماتِ

وَيَرفَعُ شَربُها لَغطاً بِجَهلٍ
كَأَسرابٍ وَرَدنَ مُسَدَّماتِ

لَعَلَّ الرُبدَ عُجنَ لَها بِرَبعٍ
فَإِضنَ مِنَ السِفاهِ مُصَلَّماتِ

أَو الغِربانَ مِلنَ لَها بِبَيضٍ
نَواصِعَ فَاِنثَنَينَ مُحَمَّماتِ

فَإِن هَلَكَت خُروسُكِ أُمَّ لَيلى
فَما أَنا مِن صِحابِكِ وَاللُمّاتِ

فَعَنكِ تَعودُ أَبنِيَةُ المَعالي
وَأَطلالُ النُهى مُتَهَدِّماتِ

وَقَد يُضحي صُحاتُكِ أَهلَ سَجنٍ
وَتَلقَينَ الكُؤوسَ مُحَطَّماتِ

وَلا تُخبِر شُؤونَكَ وَاِجعَلَنها
سَرائِرَ في الضَميرِ مُكَتَّماتِ

فَإِنَّ السِرَّ في الخَلِدَينِ مَيِتٌ
أَخو لَحدَينِ بَينَ مُقَسَّماتِ

وَما الجاراتُ إِلّا جارِياتٌ
بِعَيبِكَ إِن وجِدنَ مُهَيَّماتِ

فَلا تَسأَل أَهِندٌ أَم لَميسٌ
ثَوَت في النِسوَةِ المُتَخَيِّماتِ

وَلا تَرمُق بِعَينِكَ رائِحاتٍ
إِلى حَمّامِهِنَّ مُكَمَّماتِ

فَكَم حَلَّت عُقودُ النَظمِ وَهناً
عُقوداً لِلرَشادِ مُنَظَّماتِ

وَكَم جَنَت المَعاصِمُ مِن مَعاصٍ
تَعودُ بِها المَعاضِدُ مُعصِماتِ

وَمَن عاشَرتَ مِن إِنسٍ فَحاذِر
غَوائِلَ مُرَّدٍ مُتَهَكِّماتِ

مَتّى يَطمَعنَ فيكَ يُرَينَ تيهاً
لِأَطيَبَ مَطعَمٍ مُتَأَجِّماتِ

وَيَرفَعنَ المَقالَ عَلَيكَ جَهلاً
وَيَنفِدنَ الذَخائِرَ مُغرِماتِ

تَوَهَّمنَ الظُنونَ فَكُنَّ ناراً
لِما أُشعِرنَهُ مُتَوَهِّماتِ

إِذا زُيَّنَّ في أَيّامِ حَفلٍ
بَدَت خَيلُ المَريدِ مُسَوَّماتِ

فَغِر زُهرَ الحِجالِ وَلا تُغِرها
فَتَسمَح بِالدُموعِ مُسَجَّماتِ

وَلَيسَ عُكوفُهُنَّ عَلى المُصَلّى
أَماناً مِن غِوارٍ مُجرَماتِ

وَلا تَحمَد حِسانَكَ إِن تَوافَت
بِأَيدٍ لِلسُطورِ مُقَوِّماتِ

فَحَملُ مَغازِلِ النِسوانِ أَولى
بِهُنَّ مِنَ اليَراعِ مُقَلَّماتِ

سِهامٌ إِن عَرِفنَ كِتابَ لِسنٍ
رَجَعنَ بِما يَسوءُ مُسَمَّماتِ

وَيَترُكنَ الرَشيدَ بِغَيرِ لُبٍّ
أَتَينَ لِهَديَه مُتَعَلِّماتِ

وَإِن جِئنَ المُنَجَّمَ سائِلاتٍ
فَلَسنَ عَنِ الضَلالِ بِمُنجَماتِ

لِيَأخِذنَ التَلاوَةَ عَن عَجوزٍ
مِنَ اللائي فَغَرنَ مُهَتَّماتِ

يُسَبِّحنَ المَليكَ بِكُلِّ جُنحٍ
وَيَركَعنَ الضُحى مُتَأَثِّمَتِ

فَما عَيبٌ عَلى الفَتَياتِ لَحنٌ
إِذا قُلنَ المَرادَ مُتَرجِماتِ

وَلا يُدنَينَ مِن رَجُلٍ ضَريرٍ
يُلَقِّنُهُنَّ آياً مُحكَماتِ

سِوى مَن كانَ مُرتَعِشاً يَداهُ
وَلِمَّتهُ مِنَ المُتَثَغِّماتِ

وَإِن طاوَعنَ أَمرَكَ فَإِنَّهُ غِيداً
يُزِرنَ عَرائِساً مُتَيِمِّماتِ

أَخَذنَ كَريشِ طاوُوسٍ لِباساً
وَمِسكاً بِالضُحى مُتَلَغِّماتِ

وَأَبعِدهُنَّ مِن رَبّاتِ مَكرٍ
سَواحِرَ يَغتَدينَ مُعَزِّماتِ

يَقُلنَ نُهَيَّجُ الغُيّابَ حَتّى
يَجيؤوا بِالرُكابِ مُزَمَّماتِ

وَنَعطِف هاجِرَ الخِلّانِ كَيما
يَزولُ عَنِ السَجايا المُسئِماتِ

زَعَمنَ بِأَنَّ في مَغنى فَقيرٍ
عَلَينا بِالجَوالِبِ مُوَذَّماتِ

زَعَمنَ بِأَنَّ في مَغنى فَقيرٍ
كُنوزاً لِلمُلوكِ مُصَتَّماتِ

فَلا يَدخُلنَ دارَكَ بِاِختِيارٍ
فَقَدَ أَلفَيتُهُنَّ مُذَمَّماتِ

وَإِن خالَسنَ غِرَّتَكَ اِرتِقاباً
فَحَقٌّ أَن يَرُحنَ مُشَتَّماتِ

وَساوِ لَدَيكَ أَترابَ النَصارى
وَعيناً مِن يَهودَ وَمُسلِماتِ

وَمَن جاوَرتَ مِن حُنُفٍ وَسِربٍ
صَوابيءَ فَليَبِنَّ مُكَرَّماتِ

فَإِنَّ الناسَ كُلَّهُم سَواءٌ
وَإِن ذَكَت الحُروبُ مُضَرَّماتِ

وَلا يَتَأَهَّلَن شَيخٌ مُقِلٌّ
بِمُعصُرَةٍ مِنَ المُتَنَعِّماتِ

فَإِنَّ الفَقرَ عَيبٌ إِن أُضيفَت
إِلَيهِ السَنَّ جاءَ بِمُعَظَّماتِ

وَلَكِن عِرسُ ذَلِكَ بِنتُ دَهرٍ
تَجَنَّبَت الوُجوهَ مُحَمَّماتِ

مِنَ اللائي إِذا لَم يُجدِ عامٌ
تَفَوَّقنَ الحَوادِثَ مُعدِماتِ

مِنَ الشُمطِ اِعتَزَلنَ بِكُلِّ عودٍ
وَأَفنَينَ السِنينَ مُجَرَّماتِ

وَيَغتَفِرُ الغِنى وَخَطّاً بِرَأسٍ
إِذا كانَت قِواكَ مُسَلَّماتِ

وَواحِدَةٌ كَفَتكَ فَلا تُجاوِز
إِلى أُخرى تَجيءُ بِمُؤلِماتِ

وَإِن أَرغَمتَ صاحِبَةً بِضَرٍّ
فَأَجدِر أَن تَروعَ بِمُعرِماتِ

زُجاجٌ إِن رَفِقتَ بِهِ وَإِلّا
رَأَيتَ ضُروبَه مُتَقَصِّماتِ

وَصِن في الشَرخِ نَفسَكَ عَن غَوانٍ
يَزُرنَ مَعَ الكَواكِبِ مُعتِماتِ

فَقَد يَسري الغَوِيُّ إِلى مَخازٍ
بِجِنحٍ في سَحائِبَ مُنجَماتِ

وَما حَفِظَ الخَريدَةَ مِثلُ بَعلٍ
تَكونُ بِهِ مِن المُتَحَرِماتِ

يَحوطُ ذِمارَها مِن كُلِّ خَطبٍ
وَيَمنَعُها مَصاعِبَ مُقرَماتِ

إِذا الغارانِ غِرتَهُما بِحِلٍّ
فَدينُكَ بِالتَوَرُّعِ وَالصُماتِ

فَهاذا قَولُ مُختَبِرٍ شَفيقٍ
وَنُصحٌ لِلحَياةِ وَلِلَمَماتِ

طَبائِعُ أَربَعٌ جُشَّمنَ أَمراً
فَإِضنَ لِحَملِهِ مُتَجَشِّماتِ

وَأَرواحٌ سَوالِكُ في جُسومٍ
يُهَنَّ بِأَن يُرَينَ مُجَسَّماتِ



أبو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:38 PM
خُذي رَأييِ وَحَسبُكِ ذاكَ مِنّي
عَلى ما فِيَّ مِن عِوَجٍ وَأَمتِ

وَماذا يَبتَغي الجُلَساءُ عِندي
أَرادوا مَنطِقي وَأَرَدتُ صَمتي

وَيوجَدُ بَينَنا أَمَدٌ قَصِيٌّ
فَأَمّوا سَمتَهُم وَأَمَمتُ سَمتي

فَإِنَّ القَرَّ يَدفَعُ لابِسيهِ
إِلى يَومٍ مِنَ الأَيّامِ حَمتِ

أَرى الأَشياءَ تَجمَعُها أُصولٌ
وَكَم في الدَهرِ مِن ثُكلٍ وَشَمتِ

هُوَ الحَيوانُ مِن إِنسٍ وَوَحشٍ
وَهُنَّ الخَيلُ مِن دُهمٍ وَكُمتِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:38 PM
دُنياكَ مَوموقَةٌ
أَكثَرُ مِن أُختِها

لَم تُبقِ مِن جَزلِها
شَيئاً وَلا شَختِها

أَتى عَلى ذَرِّها الآ
تي عَلى بُختِها

فَاِنظُر إِلى صُنعِها
وَاِنظُر إِلى بُختِها


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:38 PM
الكَونُ في جُملَةِ العَوافي
لا الكَونُ في جُملَةِ العُفاةِ

لينُ الثَرى لِلجُسومِ خَيرٌ
مِن صُحبَةِ العالَمِ الجُفاةِ

قَد خَفَتِ القَومُ فَاِستَراحوا
آهِ مِنَ الصَمتِ وَالخُفاتِ

لَم يَبقَ لِلظاعِنينَ عَينٌ
تَبكي عَلى الأَعظُمِ الرُفاتِ

أَرى اِنكِفاتي إِلى المَنايا
أَغنى عَنِ الأُسرَةِ الكُفاةِ

أُثبِتُ لي خالِقاً حَكيماً
وَلَستُ مِن مَعشَرٍ نُفاةِ

خَبَطتُ في حِندِسٍ مُقيمٍ
وَأَعجَزَت عِلَّتي شُفاتي

فَمِن تُرابٍ إِلى تُرابٍ
وَمِن سُفاةٍ إِلى سُفاةِ

نَعوذُ بِاللَهِ مِن غَوانٍ
يَكِنُّ بِاللُبِّ مُعصَفاتِ

وَمِن صِفاتِ النِساءِ قِدماً
أَن لَسنَ في الوُدِّ مُنصِفاتِ

وَما يَبينُ الوَفاءُ إِلّا
في زَمَنِ الفَقدِ وَالوَفاةِ

كَم وَدَّعَ الناسُ مِن خَليلٍ
سارَ فَما هَمَّ بِاِلتِفاتِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:39 PM
مَرَّ الزَمانُ فَأَضحى في الثَرى جَسَدٌ
فَهَل تَمَلّى رِجالٌ بِالمُلاواتِ

وَالروحُ أَرضِيَّةٌ في رَأيِ طائِفَةٍ
وَعِندَ قَومٍ تَرقّى في السَماواتِ

تَمضي عَلى هَيئَةِ الشَخصِ الَّذي سَكَنَت
فيهِ إِلى دارُ نُعمى أَو شَقاواتِ

وَكَونُها في طَريحِ الجِسمِ أَحوَجَها
إِلى مَلابِسَ عَنَّتها وَأَقواتِ

وَقُدرَةُ اللَهِ حَقٌّ لَيسَ يُعجِزُها
حَشرٌ لِخَلقٍ وَلا بَعثٌ لِأَمواتِ

فَاِعجَب لِعُلوِيَّةِ الأَجرامِ صامِتَةً
فيما يُقالُ ومِنها ذاتُ أَصواتِ

وَلا تُطيعَنَّ قَوماً ما دِيانَتَهُم
إِلّا اِحتِيالٌ عَلى أَخذِ الإِتاواتِ

وَإِنَّما حَمَّلَ التَوراةَ قارِئَها
كَسبُ الفَوائِدِ لا حُبُّ التِلاواتِ

إِنَّ الشَرائِعَ أَلقَت بَينَنا إَِحناً
وَأَودَعَتنا أَفانينَ العَداواتِ

وَهَل أُبيحَت نِساءُ القَومِ عَن عُرُضٍ
لِلعُربِ إِلّا بِأَحكامِ النُبُوّاتِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:39 PM
راعَتكَ دُنياكَ مِن ريعَ الفُؤادُ وَما
راعَتكَ في العَيشِ مِن حُسنِ المُراعاةِ

كَأَنَّما اليَومُ عَبدٌ طالِبٌ أَمَةً
مِن لَيلَةٍ قَد أَجَدّا في المُساعاةِ

وَأُمُّكَ السوءُ لَم تَحفَظكَ في سَبَبٍ
لا بَل أَضاعَتكَ أَصنافَ الإِضاعاتِ

تَبني المَنازِلَ أَعمارٌ مُهَدَّمَةٌ
مِنَ الزَمانِ بِأَنفاسٍ وَساعاتِ

إِن شِئتَ إِبليسَ أَن تَلقاهُ مُنصَلِتاً
بِالسَيفِ يَضرِبُ فَاِعمِد لِلجَماعاتِ

تَجِدهُمُ في أَقاويلٍ مُخالِفَةٍ
وَجهَ الصَوابِ وَأَسرارٍ مُذاعاتِ

يُباكِرونَ بِأَلبابٍ وَإِن خَلُصَت
مَعصِيَّةٍ وَبِأَهواءٍ مُطاعاتِ

قالوا وَقُلنا دَعاوٍ ما تُفيدُ لَنا
إِلّا الأَذى وَاِختِصاماً في المُداعاةِ

تَكَسَّبَ الناسُ بِالأَجسامِ فَاِمتَهَنوا
أَرواحَهُم بِالرَزايا في الصِناعاتِ

وَحاوَلوا الرِزقَ بِالأَفواهِ فَاِجتَهَدوا
في جَذبِ نَفعٍ بِنَظمٍ أَو سِجاعاتِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:39 PM
إِدفِن أَخا المُلكِ دَفنَ المَرءِ مُفتَقِراً
ما كانَ يَملُكُ مِن بَيتٍ وَلا بيتِ

إِنَّ التَوابيتَ أَجداثٌ مُكَرَّرَةٌ
فَجَنِّبِ القَومَ سَجناً في التَوابيتِ

وَاِردُد إِلى الأُمِّ شَبحاً طالَ مَعهَدُها
بِضَمِّهِ وَهِيَ لا تُرجى لِتَربيتِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:39 PM
الحَمدُ لِلَّهِ قَد أَصبَحتُ في دَعَةٍ
أَرضى القَليلَ وَلا أَهتَمُّ بِالقوتِ

وَشاهِدٌ خالِقي أَنَّ الصَلاةَ لَهُ
أَجَلُّ عِندِيَ مِن دُرّي وَياقوتي

وَلا أُعاشِرُ أَهلَ العَصرِ إِنَّهُمُ
إِن عوشِروا بَينَ مَحبوبٍ وَمَمقوتِ

يَسيرُ بي وَبِغَيري الوَقتُ مُبتَدِراً
إِلى مَحَلٍّ مِنَ الآجالِ مَوقوتِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:40 PM
خَلَصتُ مِن سَبَراتٍ في السَباريتِ
وَرُبَّ يَومٍ كَريتٍ دونَ تَكريتِ

كَم بِالسَماوَةِ مِن صِلٍّ وَمِن أَسَدٍ
كِلاهُما خُصَّ في شِدقٍ بِتَهريبِ

ما زُرتُ دارَكَ حَتّى شَفَّني تَعَبي
وَخارَت العيسُ في آثارِ خِرّيتِ

وَالخَيرُ في الأَرضِ كَالأَترَجِّ مَنبِتُهُ
وَأُلزَمَ الشَرُّ تَدخيناً بِكِبريتِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:40 PM
اِنفُض ثِيابَكَ مِن وُدّي وَمَعرِفَتي
فَإِنَّ شَخصي هَباءٌ في الضُحى هابي

وَقَد نَبَذتُ عَلى جَمرٍ خَبا يَبَساً
فَإِن يَكُن فيهِ سِقطٌ يَذكُ إِلهابي

وَقَد نَصَحتُكَ فَاِحذَر أَن تَرى أُذُناً
تَرمي إِلى السَهبِ إِكثاري وَإِسهابي


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:40 PM
إِستَنبَطَ العُربُ لَفظاً وَاِنبَرى نَبَطٌ
يُخاطِبونَكَ مِن أَفواهِ أَعرابِ

كَلَّمتُ بِاللَحنِ أَهلَ اللَحنِ أَنفُسَهُم
لِأَنَّ عَيبِيَ عِندَ القَومِ إِعرابي

دُنيايَ لا كُنتِ مِن أُمٍّ مُخادِعَةٍ
كَم ميسَمٍ لَكَ في وَجهي وَأَقرابي

أُشرِبتُ حُبَّكِ لا يَنفيهِ عَن جَسَدي
سِوى ثَرىً لِدِماءِ الإِنسِ شَرّابِ

عِندَ الفَراقِدِ أَسراري مُخَبَّأَةٌ
إِذ لَستَُ أَرضى لِآرابي بِآرابي

تَرائِبي وَهيَ مَغنى السِرِّ ما عَلِمَت
بِهِ لَدَيَّ فَهَل نالَتهُ أَترابي

ضَرَبتَني بِحُسامٍ أَو بِقاطِعَةٍ
مِن مَنطِقٍ وَعَنِ الجُرحَينِ إِضرابي

ما شَدَّ رَبُّكَ أَزراً بي فَيَنقُصني
مِن رُتبَةٍ لِيَ مَن بِالقَولِ أَزرابي

أَضَعتُ ما كُنتُ أَفنَيتُ الزَمانِ بِهِ
بَل جَرَّ ما كانَ أَعدائي وَحُرّابي

كَقينَةِ الكَأسِ إِذ باتَت مُطَرِّبَةً
بَينَ الشُروبِ وَلَيسَت ذاتَ إِطرابِ

وَالشَرُّ جُمٌّ وَمَن تَسلَم لَهُ إِبِلٌ
مِن غارَةِ الجَيشِ يَترُكها لِخُرّابِ

أَسرى بِيَ الأَمَلُ اللاهي بِصاحِبِهِ
حَتّى رَكِبتُ سَرايا بَينَ أَسرابِ

هَرَبتُ مِن بَينِ إِخواني لِتَحسِبَني
في مَعشَرٍ مِن لِباسِ الذامِ هُرّابِ

كَأَنَّني كُلَّ حَولٍ مُحدِثٌ حَدَثاً
يَرى بِهِ مَن تَوَلّى المِصرَ إِغرابي

السَيفُ وَالرُمحُ قَد أَودى زَمانُهُما
فَهَل لِكَفِّكَ في عودٍ وَمِضرابِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:40 PM
لِلشامِتينَ رَزايا في شِماتِهِمُ
فَكُن مُصاباً وَلا تُحسَب مِنَ الشُمُتِ

يَبدو سُرورُ أُناسٍ أَظهَروا حَزَناً
وَإِن تَسَتَّرَ خَلفَ الأَلسُنِ الصُمُتِ

أَميرُ قَومٍ أَصابَتهُ مَنِيَّتُهُ
فَضَلَّ مَن قالَ إِنَّ المَرءَ لَم يَمُتِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:41 PM
أَلا تَتَّفقونَ اللَهَ رَهطَ مُسَلِّمٍ
فَقَد جُرتُمُ في طاعَةِ الشَهَواتِ

وَلا تَتبَعوا الشَيطانَ في خُطُواتِهِ
فَكَم فيكُمُ مِن تابِعِ الخُطُواتِ

عَمَدتُم لِرَأيِ المَثنَوِيَّةِ بَعدَما
جَرَت لَذَّةُ التَوحيدِ في اللَهَواتِ

وَمِن دونِ ما أَبدَيتُمُ خُضِبَ القَنا
وَمارَ نَجيعُ الخَيلِ في الهَبَواتِ

فَما اِستَحسَنَت هَذي البَهائِمُ فِعلَكُم
مِنَ الغَيِّ في الأُمّاتِ وَالحَمَواتِ

وَأَيسَرُ ما حَلَلتُمُ نَحرَ دارِعٍ
يَعُمُّكُمُ بِالسُكرِ وَالنَشَواتِ

جَعَلتُم عَلِيّاً جُنَّةً وَهوَ لَم يَزَل
يُعاقِبُ مِن خَمرٍ عَلى حُسُواتِ

سَأَلنا مَجوساً عَن حَقيقَةِ دينِها
فَقالَت نَعَم لا نَنكِحُ الأَخَواتِ

وَذَلِكَ في أَصلِ التَمَجُّسِ جائِزٌ
وَلَكِن عَدَدناهُ مِنَ الهَفَواتِ

وَنَأبى فَظيعاتِ الأُمورِ وَنَبتَغي
سُجوداً لِنورِ الشَمسِ في الغَدَواتِ

وَأَعذَرُ مِن نُسوانِكُم في اِحتِمالِها
فُضوحَ الرَزايا آتُنُ الفَلَواتِ

فَلا تَجعَلوا فيها الغَوِيَّ مُسَلَّطاً
كَما سُلِّطَ البازي عَلى القَطَواتِ

تَهاوَنتُمُ بِالذِكرِ لَمّا أَتاكُمُ
وَلَم تَحفِلوا بِالصَومِ وَالصَلَواتِ

رَجَوتُم إِماماً في القِرانِ مُضَلَّلاً
فَلَمّا مَضى قُلتُم إِلى سَنَواتِ

كَذاكَ بَنو حَوّاءَ بَرٌّ وَفاجِرٌ
وَلا بُدَّ لِلأَيّامِ مِن هَنَواتِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:41 PM
الحَظُّ لي وَلِأَهلِ الأَرضِ كُلِّهِمُ
أَلّا يَرانِيَ أُخرى الدَهرِ أَصحابي

وَشِقوَةٌ غَشِيَت وَجهي بِنَضرَتِهِ
أَبَرُّ بي مِن نَعيمٍ جَرَّ إِشحابي

حابي كَثيرٌ وَما نَبلي بِصائِبَةٍ
وَكَيفَ لي في مَراميهِنَّ باِلحابي

قَد كُنتُ صَعباً وَلَكِن أَرهَفَت غِيَرٌ
حَتّى تَبَيَّنَ كُلُّ الناسِ أَصحابي

فَاِحذَر مِنَ الإِنسِ أَدناهُم وَأَبعَدَهُم
وَإِن لَقوكَ بِتَبجيلٍ وَتَرحابِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:41 PM
إِذا لَم يَكُن خَلفي كَبيرٌ يُضيعُهُ
حِمامي وَلا طِفلٌ فَفيمَ حَياتي

وَما العَيشُ إِلّا عِلَّةٌ بُرؤُها الرَدى
فَخَلّي سَبيلي أَنصَرِف لِطِياتي


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:41 PM
يَأتي الرَدى وَيُواري إِثلَبٌ جَسَداً
فَاِفعَل جَميلاً وَجانِب كُلَّ ثَلّابِ

وَالناسُ كَالخَيلِ ما هُجنٌ بِمُعطِيَةٍ
في مَريِها كَعَطايا آلِ حَلّابِ

فَاِسمَع كَلامي وَحاوِل أَن تَعيشَ بِهِ
فَسَوفَ أَعُوِزُ بَعدَ اليَومِ طُلّابي

اِستَغفِرِ اللَهَ وَاترُك ماحَكى لَهُمُ
أَبو الهُذَيلِ وَما قالَ اِبنُ كَلّابِ

فَالدينُ قَد خَسَّ حَتّى صارَ أَشرَفُهُ
بازاً لِبازَينِ أَو كَلباً لِكَلّابِ

وَالظُلمُ عِندي قَبيحٌ لا أُجَوِّزُهُ
وَلَو أُطِعتُ لَما فاؤُوا بِأَجلابِ

إِنَّ السَوادَ لَجِنسٌ خَيرُهُ زَمِرٌ
فَقِس بَني آدَمٍ مِنهُ عَلى اللابِ

لا تُنبِتُ الحَرَّةُ المَرعى وَلَو سُقِيَت
بِعارِضٍ لِمِياهِ البَحرِ حَلّابِ

لا يَكتَسونَ قَميصاً في دِيارِهِمُ
كَالأَرضِ لَم تُكسَ مِن نَبتٍ بِأَسلابِ

دَهري قَتادٌ وَحالي ضالَةٌ ضَؤُلَت
عَمّا أُريدُ وَلَوني لَونُ لِبلابِ

وَإِن وَصَلتُ فَشُكري شُكرُ بَروَقَةٍ
تَرضى بِبَرقٍ مِنَ الأَمطارِ خَلّابِ

فَدارِ خَصمَكَ إِن حَقٌّ أَنارَ لَهُ
وَلا تُنازِع بِتَمويهٍ وَإِجلابِ

وَحُبُّ دُنياكَ طَبعٌ في المُقيمِ بِها
فَقَد مُنيتُ بِقِرنٍ مِنهُ غَلّابِ

لَمّا رَأَيتُ سَجايا العَصرِ تُرخِصُني
رَدَدتُ قَدري إِلى صَبري فَإِغلابي


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:42 PM
إِذا رَأَيتُم كَريماً عِندَ غَيرِكُمُ
فَأَكرِموهُ عَلى يُسرٍ وَإِنضابِ

فَالسَيفُ تَعرِفُ ذاتُ الخِدرِ مَوضِعَهُ
مِن قَومِها وَهيَ لَم تَضرِب بِقِرضابِ

وَالشَرُّ يَنشُرُ بَعدَ الخَيرِ مَيِّتَهُ
كَما أَصابَ عُمَيراً ما جَنى ضابي


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:42 PM
هِيَ الراحُ تُلقي الرُمحَ مِن راحَةِ الفَتى
وَتُبدِلُ مِنهُ كَفَّهُ عودَ ناكِتِ

وَقَد وَثَبَت في بَزلِها وَثبَ حَيَّةٍ
وَما قُتِلَت إِلّا بِأَسوَدَ ساكِتِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:42 PM
قَديماً كَرِهتُ المَوتَ وَاللَهُ شاهِدٌ
وَقَد عِشتُ حَتّى أَسمَحَت لي قَرونَتي

وَأَحسَبُهُ لَو جاءَني لَأَبَيتُهُ
وَمِن عِندِ رَبّي نُصرَتي وَمَعونَتي

إِذا أَنا واراني التُرابُ فَخَلِّني
وَما أَنا فيهِ قَد كُفيتُ مَؤونَتي


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:43 PM
الدَهرُ يَنسَخُ أولاهُ أَواخِرُهُ
فَلا يُطيلَن بِهَذا اللَومِ إِنصابي

داءُ الحَياةِ قَديمٌ لا دَواءَ لَهُ
لَم يَخلُ بُقراطُ مِن سُقمٍ وَأَوصابِ

تِلكَ اليَهودُ فَهَل مِن هائِدٍ لَهُمُ
وَالصائِبونَ وَكُلٌّ جاهِلٌ صابي

وَالإِنسُ ما بَينَ إِكثارٍ إِلى عَدَمِ
كَالوَحشِ ما بَينَ إِمحالٍ وَإِخصابِ

لَم يُثبِتوا بِقِياسٍ أَصلَ دينِهِمُ
فَيَحكُموا بَينَ رُفاضٍ وَنُصّابُ

ما الرُكنُ في قَولِ ناسٍ لَستُ أَذكُرُهُم
إِلّا بَقِيَةُ أَوثانٍ وَأَنصابِ

لا أَستَقيلُ زَمانِيَ عَثرَةً أَبَداً
ماشاءَ فَلَيَأتِ إِنَّ الشَهدَ كَالصابِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:43 PM
نَوائِبُ إِن جَلَّت تَجَلَّت سَريعَةً
وَإِمّا تَوالَت في الزَمانِ تَوَلَّتِ

وَدُنياكَ إِن قَلَّت أَقَلَّت وَإِن قَلَت
فَمِن قَلَتٍ في الدينِ نَجَّت وَعَلَّتِ

غَلَت وَأَغالَت ثُمَّ غالَت وَأَوحَشَت
وَحَشَّت وَحاشَت وَاِستَمالَت وَمَلَّتِ

وَصَلَّت بِنيرانٍ وَصَلَّت سُيوفُها
وَسَلَّت حُساماً مِن أَذاةٍ وَسَلَّت

أَزالَت وَزَلَّت بِالفَتى عَن مَقامِهِ
وَحَلَّت فَلَمّا أُحكِمَ العَقدُ حَلَّت


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:43 PM
لَقَد تَرَفَّعَ فَوقَ المُشتَري زُحَلٌ
فَأَصبَحَ الشَرُّ فينا ظاهِرَ الغَلَبِ

وَإِنَّ كَيوانَ وَالمِرّيخَ ما بَقِيا
لا يُخلِيانِكَ مِن فَجَعٍ وَمِن سَلَبِ

وَكَم طَلَبتَ أُموراً لَستَ مُدرِكَها
تَبارَكَ اللَهَ مَن أَغراكَ بِالطَلَبِ

أَما رَأَيتَ رِجالاً بَعدَ شُربِهِمُ
في النَضرِ يَرضونَ أَن أَن يُسقَوا مِنَ العُلَبِ

وَما أَمِنتُ زَماني في تَصَرُّفِهِ
أَن يَنقُلَ المُلكَ مِن مِصرٍ إِلى حَلَبِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:44 PM
لَقَد رَجَّتِ اللَهَ النُفوسُ لِكَشفِهِ
أُموراً فَأَعطى أَنفُساً ما تَرَجَّتِ

فَإِن تُنجِكَ الخَيلُ المُعَدَّةُ لِلوَغى
فَعَن قَدَرٍ يَأتي مِنَ اللَهِ نَجَّتِ

وَشَتّانَ قَتلي في التُرابِ شِجاجُها
وَمَقتولَةٌ بَينَ المَجالِسِ شُجَّتِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:44 PM
إِذا سَكَتَ الإِنسانُ قَلَّت خُصومُهُ
وَإِن أَضجَعَتهُ الحادِثاتُ لِجَنبِهِ

حَسا طامِرٌ في صَمتِهِ مِن دَمِ الفَتى
فَصَغَّرَ ذاكَ الصَمتُ مُعظَمَ ذَنبِهِ

وَلَم يَكُ في حالِ البَعوضِ إِذا شَدا
لَهُ نَغَمٌ عالٍ وَأَنتَ أَذٍ بِهِ

وَإِن سَلَّ سَيفاً مِن كَلامٍ مُسَفَّهٌ
عَلَيكَ فَقابِلهُ بِصَبرِكَ تُنبِهِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:44 PM
عَذيري مِنَ الدُنيا عَرَتني بِظُلمِها
فَتَمنَحَني قُوَّتي لِتَأخُذَ قُوَّتي

وَجَدتُ بِها ديني دَنِيّاً فَضَرَّني
وَأَضلَلتُ مِنها في مُروتٍ مُرُوَّتي

أَخوتُ كَما خاتَت عُقابٌ لَو اِنَّني
قَدَرتُ عَلى أَمرٍ فَعُدِّ أُخُوَّتي

وَأَصبَحتُ في تيهِ الحَياةِ مُنادِياً
بِأَرفَعَ صَوتي أَينَ أَطلُبُ صُوَّتي

وَما زالَ حُوتي راصِدي وَهوَ آخِذي
فَما لِمَتابي لَيسَ يَغسِلُ حُوَّتي

رَآنِيَ رَبُّ الناسِ فيها مُتابِعاً
هَوايَ فَوَيحي يَومَ أَسكُنُ هُوَّتي

وَما بَرِحَت لي أَلوَّةٌ حَرَجِيَّةٌ
تُصَيِّرُ مِن رَطبِ العِضاهِ أَلُوَّتي

أَبوَتُكَ يا إِثمي وَمَن لي بِأَنَّني
أَتَيتُكَ فَاِشكُر لا شَكَرتَ أُبُوَّتي


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:45 PM
وَجَدتُكَ أَعطَيتَ الشَجاعَةَ حَقَّها
غَداةَ لَقيتَ المَوتَ غَيرَ هَيوبِ

إِذا قُرِنَ الظَنُّ المُصيبُ مِنَ الفَتى
بِتَجرِبَةٍ جاءا بِعِلمِ غُيوبِ

وَإِنَّكَ إِن أَهدَيتَ لي عَيبَ واحِدٍ
جَديرٌ إِلى غَيري بِنَقلِ عُيوبي

وَإِنَّ جُيوبَ السَردِ مِن سُبُلِ الرَدى
إِذا لَم يَكُن مِن تَحتُ نُصحِ جُيوبِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:45 PM
يَمُرُّ بِكَ الزَمَنُ الدَغفَلِيُّ
وَكَم فيهِ مِن رَجُلٍ أَسنَتا

فَلا تَسأَلِ المَرءَ عَن سِنِّهِ
وَلا مالِهِ وَاِخشَ أَن تُعنَتا

وَلا تَبغِيَن لَمحَةً في الحَياةِ
إِلى جارَتَيكَ إِذا كَنَّتا

فَلَولا مَخافَةُ جَنِّ الشَبابِ
وَسوءِ الغَريزَةِ ما جُنَّتا

وَحَسبُكَ مِن مُخزَياتِ الفِعالِ
ما شَكَتا مِنكَ أَو ظَنَّتا

طَرِبتُ لِقُمرِيَّتَي مَربَعٍ
عَلى غُصُنَي ضالَةٍ غَنَّتا

بَدَت لَهُما زَهَراتُ الرَبيعِ
فَأَحسَنَتا القَولَ وَاِفتَنَّتا

وَتَعذِرُ نَفسَكَ عِندَ الحَنينِ
وَتَعذُلُ نَفسَكَ أَن حَنَّتا


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:45 PM
مَتى عَدَّدَ الأَقوامُ لُبّاً وَفِطنَةً
فَلا تَسأَليني عَنهُما وَسَليبي

أَرى عالَماً يَرجونَ عَفوَ مَليكِهِم
بِتَقبيلِ رُكنٍ وَاِتِّخاذِ صَليبِ

فَغُفرانَكَ اللَهُمَّ هَل أَنا طارِحٌ
بِمَكَّةَ في وَفدٍ ثِيابَ سَليبي

وَهَل أَرِدُ الغُدرانَ بَينَ صَحابَةٍ
يَمانينَ لَم يَبغوا اِحتِفارَ قَليبِ

أُفارِقُهُم ما العِرضُ مِنِّيَ عِندَهُم
ثَليباً وَلا عِرضٌ لَهُم بِثَليبِ

وَلَستُ بِلاحٍ مَن أَراحَِ سَوامَهُ
إِذا لَم يَجِئني مَوهِناً بِحَليبِ

وَهانَ عَلى سَمَعي إِذا القَبرُ ضَمَّني
هَريرُ ضِباعٍ حَولَهُ وَكَليبِ

عَبيدُكَ جَمٌّ رَبَّنا وَلَكَ الغِنى
وَلَم تَكُ مَعروفاً بِرِقِّ جَليبِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:46 PM
أَصُمتَ الشُهورَ فَهَلّا صَمَتَّ
وَلا صَومَ حَتّى تُطيلَ الصُموتا

يُلاقي الفَتى عَيشَهُ بِالضَلالِ
وَيَبقى عَلَيهِ إِلى أَن يَموتا


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:46 PM
تَناهَبَتِ العَيشَ النُفوسُ بِغِرَّةٍ
فَإِن كُنتَ تَسطيعُ النَهابَ فَناهِبِ

بَقائِيَ في الدُنيا عَلَيَّ رَزِيَّةٌ
وَهَل أَنا إِلّا غابِرٌ مِثلُ ذاهِبِ

إِذا خَلِقَ الإِنسانُ ظَلَّ حِمامُهُ
وَإِن نالَ يُسراً مَن أَجَلَّ المَواهِبِ

تَقادَمَ عُمرُ الدَهرِ حَتّى كَأَنَّما
نُجومُ اللَيالي شَيبُ هَذي الغَياهِبِ

يُهَوِّدُ باغي الحاجِ وَاللَيلُ مُسلِمٌ
عَلى كُفرِهِ وَالأَرضُ في زِيِّ راهِبِ

تَأَلُّفُ غَيِّ الناسِ شَرقاً وَمَغرِباً
تَكامَلَ فيهِم بِاِختِلافِ المَذاهِبِ

وَإِنَّ قُطوفَ الساعِ فيما عَلِمتُهُ
أَحَثُّ مُروراً مِن وَساعِ السَلاهِبِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:46 PM
أَيُّ صَفاةٍ لا يُرى دَهرَها
يُجيدُ في مُدَّتِهِ نَحتَها

كانوا زَماناً فَوقَ غَبرائِهِم
ثُمَّ اِستَحالوا فَغَدَوا تَحتَها

أَودَعَهُم رَبُّهُم سِرَّها
مِن بَعدِ ما أَطعَمَهُم سُحَتها


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:47 PM
لا أَخطُبُ الدُنيا إِلى مالِكِ الدُن
يا وَلَكِن خُطبَتي أُختَها

النَفسُ فيها وَهيَ مَحسودَةٌ
ذاتُ شَقاءٍ عَدِمَت بَختَها

وَهيَ تُقَفِّي بِالرَدى دَرَّها
كَما تَقَفَّت بِالرَدى بُختَها

ما أُمُّ دَفرٍ أُمُّ طيبٍ وَلَو
أَنَّكَ بِالعَنبَرِ ضَمَّختَها


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:47 PM
هجاء

تَوَخَّ بِهَجرٍ أُمَّ لَيلى فَإِنَّها
عَجوزٌ أَضَلَّت حَيَّ طَسمٍ وَمارِبِ

دَبيبُ نِمالٍ عَن عُقارٍ تَخالُها
بِجِسمِكَ شَرٌّ مِن دَبيبِ العَقارِبِ

وَلَو أَنَّها كَالماءِ طِلقٌ لَأَوجَبَت
قِلاها أَصيلاتُ النُهى وَالتَجارِبِ

تُحَيّي وُجوهَ الشَربِ فِعلَ مُسالِمٍ
يُضاحِكُهُ وَالكَيدُ كَيدُ مُحارِبِ

إِذا قُتِلَت خافَ الرَشادُ جِنايَةً
فَكانَ مِنَ الفِتيانِ أَوَّلَ هارِبِ

عَدُوَّةُ لُبٍّ سَلَّتِ السَيفَ وَاِعتَلَت
بِهِ القَومَ إِلّا أَنَّها لَم تُضارِبِ

وَما شامَتِ الهِندِيَّ في الكَفِّ عَنوَةً
وَلَكِن ثَنَتهُ في أَنامِلَ ضارِبِ

فَلَو كانَ سَرحُ العَقلِ أَذوادَ عامِرٍ
رَمَت كُلَّ ذَودٍ مِن سَفاهٍ بِخارِبِ

فَما أَبعَدَت إِلّا أَجَلَّ مُقارِنٍ
وَلا بَلَّغَت إِلّا خَسيسَ المَآرِبِ

تُعَرّي الفَتى مِن ثَوبِهِ وَهوَ غافِلٌ
وَتوقِعُ حَربَ الدَهرِ بَينَ الأَقارِبِ

تَأَلّى الحِجى وَاِستَشهَدَ السِكرَ أَنَّها
ذَميمَةُ غِبٍّ لا تَحِلُّ لِشارِبِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:47 PM
يا صاحِ إِن حاوَرتَ آخَرَ مُشفِقٌ
يَبغي رَشادَكَ جاهِداً أَن تَسكُتا

كَم بَكَّتَ المَوتُ الحَريصَ عَلى الَّذي
يَأتي فَسَحَّت مُقلَتاهُ وَبَكَّتا

قَد زَكَّتِ القَدَمانِ في غَيرِ الهُدى
وَيَداهُ عَمّا حازَهُ ما زَكَّتا

وَالنَفسُ شَكَّت في يَقينِ الأَمرِ وَال
كَفّانِ أَن رَمتا قَنيصاً شَكَّتا

ما اِنفَكَّتا وَلَدَيهِما سَبَبُ المُنى
تَتَمَسَّكانِ بِهِ إِلا أَن فُكَّتا

لَم تَشفِ ذَنبي المَكَّتانِ وَإِنَّ لي
شَفَتَينِ أَخلافَ المَعيشَةِ مَكَّتا


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:48 PM
إِذا عِبتَ عِندي غَيرِيَ اليَومَ ظالِماً
فَأَنتَ بِظُلمٍ عِندَ غَيرِيَ عائِبي

عَرَفتُكَ فَاِعلَم إِن ذَمَمتَ خَلائِقي
وَرابَكَ بَعضي أَنَّ كُلَّكَ رائِبي

فَأَينَ الَّذي في التُربِ يُدفَنُ شَخصُهُ
وَأَسرارُهُ مَدفونَةٌ في التَرائِبِ

يَظُنُّ نَبيهٌ غائِباً مِثلَ شاهِدٍ
وَخامِلُ قَومٍ شاهِداً مِثلَ غائِبِ

وَقَد يورَثُ المالَ البَعيدَ مُضَلَّلٌ
مِنَ الناسِ يَأبى وَضعَهُ في القَرائِبِ

وَإِنَّ بَني حَوّاءَ زورٌ عَنِ الهُدى
وَلَو ضُرِبوا بِالسَيفِ ضَربَ الغَرائِبِ

وَمِن حُبِّ دُنياهُم رَمَوا في وَغاهُمُ
بَغيضَ المَنايا بِالنُفوسِ الحَبائِبِ

وَكَم غَوَّروا في مَورِدٍ وَتَظَمُّؤٍ
عُيونَ رَكيٍّ أَو عُيونَ رَكائِبِ

وَأَسرَوا عَلى الخَيلِ العِتاقِ وَأَصمَتوا
نَواطِقَها إِلّا تَحَمحُمَ هائِبِ

وَشُدَّ لِسانُ الطِرفِ خَوفَ صَهيلِهِ
فَقَد أَلجَموا أَفواهَها بِالسَبائِبِ

وَغَرَّهُمُ صُبحُ الوُجوهِ وَفَوقَهُ
جَوامِدُ لَيلٍ سُمِّيَت بِالذَوائِبِ

غَرائِزُ في شيبٍ وَمُردٍ بِمَشرِقٍ
وَغَربٍ جَرَت مَجرى الصَبا وَالجَنائِبِ

أَرادَت لَها خُضرُ المَضارِبِ وَالظُبى
جَلاءً فَلَم تَبَيَّضَّ سودُ الضَرائِبِ

يَقولُ الفَتى أُخلِصتُ غَيّاً وَلَم أَرُح
وَشائِبُ فَودَي بِالتَوَرُّعِ شائِبي


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:48 PM
عيدانُ قَيناتِنا مِن تَحتِ أَرجُلِها
وَعودُ قينَتِكُم في حُجرِها باتا

وَما حَكَينَ النَصارى في لِباسِهِمُ
وَلا بَغَينَ كَأَهلِ السَبتِ إِسباتا

لَكِنَّهُنَّ حَنيفاتٌ بِمَزعَمِنا
ذَكَّرنَنا اللَهَ تَمجيداً وَإِخباتا

يُثبِتنَ رَبّاً قَديراً لا كِفاءَ لَهُ
وَما عَمَدنَ لِغَيرِ اللَهِ إِثباتا


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:48 PM
أَجَلُّ هِباتِ الدَهرِ تَركُ المَواهِبِ
يَمُدُّ لِما أَعطاكَ راحَةَ ناهِبِ

وَأَفضَلُ مِن عَيشِ الغِنى عَيشُ فاقَةٍ
وَمِن زِيِّ مَلكٍ رائِقٍ زِيُّ راهِبِ

وَما خِلتُهُ إِلّا سَيُبعَثُ حادِثاً
يُحِلُّ الثُرَيّا عَن جَبينِ الغَياهِبِ

جَلا فَرقَدَيهِ قَبلَ نوحٍ وَآدَمٍ
إِلى اليَومِ لَمّا يُدعِيا في القَراهِبِ

وَلي مَذهَبٌ في هَجرِيَ الإِنسِ نافِعٌ
إِذا القَومُ خاضوا في اِختِيارِ المَذاهِبِ

أَرانا عَلى الساعاتِ فُرسانَ غارَةٍ
وَهُنَّ بِنا يَجرينَ جَريَ السَلاهِبِ

وَمِمّا يَزيدُ العَيشَ إِخلاقَ مَلبَسٍ
تَأَسُّفُ نَفسٍ لَم تُطِق رَدَّ ذاهِبِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:48 PM
يَقولونَ صِنعٌ مِن كَواكِبَ سَبعَةٍ
وَما هُوَ إِلّا مِن زَعيمِ الكَواكِبِ

إِذا رَفَعَت تِلكَ المَواكِبُ قَسطَلاً
فَرافِعُهُ لِلعَينِ مُجري الكَواكِبِ

أَتَرجِعُ نَفسُ المَيتِ بَعدَ رَحيلِهِ
فَيَجزِيَ قَوماً بِالدُموعِ السَواكِبِ

تُبَدِّلَ أَعناقَ الرِجالِ وَأَيدِياً
تَناقُلُهُ مِن عَسجَديّ المَراكِبِ

أَحَبُّ إِلَيهِ كَونُهُ مُتَواطِأً
بِأَقدامِهِم لا الحَملُ فَوقَ المَناكِبِ

هُوَ المَوتُ مُثرٍ عِندَهُ مِثلُ مُقتِرٍ
وَقاصِدُ نَهجٍ مِثلُ آخَرَ ناكِبِ

وَدِرعُ الفَتى في حُكمِهِ دِرعُ غادَةٍ
وَأَبياتُ كِسرى مِن بُيوتِ العَناكِبِ

فَرُجِّلَ في غَبراءَ وَالخَطبُ فارِسٌ
وَما زالَ في الأَهلينِ أَشرَفَ راكِبِ

وَما النَعشُ إِلّا كَالسَفينَةِ رامِياً
بِغَرقاهُ في مَوجِ الرَدى المُتَراكِبِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:49 PM
إِن شِئتَ تُرزَقَ الدُنيا وَنِعمَتَها
فَخَلِّ دُنياكَ تَظفَر بِالَّذي شيتا

أَنشَأتَ تَطلُبُ مِنها غَيرَ مُسعِفَةٍ
وَما لَها أَيُّها الإِنسانُ أُنشيتا

فَاِخشَ المَليكَ وَلا توجَد عَلى رَهَبٍ
إِن أَنتَ بِالجِنِّ في الظَلماءِ خُشيّتا

فَإِنَّما تِلكَ أَخبارٌ مُلَفَّقَةٌ
لِخُدعَةِ الغافِلِ الحَشويِّ حوشيتا


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:49 PM
لَو اِتَّبَعوني وَيحَهُم لَهَدَيتُهُم
إِلى الحَقِّ أَو نَهجٍ لِذاكَ مُقارِبِ

فَقَد عِشتُ حَتّى مَلَّني وَمَلَلتُهُ
زَماني وَناجَتني عُيونُ التَجارُبِ

إِذا حانَ وَقتي فَالمُثَقَّفُ طاعِني
بِغَيرِ مُعينٍ وَالمُهَنَّدُ ضارِبي

وَإِنّا مِنَ الغَبراءِ فَوقَ مَطِيَّةٍ
مُذَلَّلَةٍ ما أَمكَنَت يَدَ خارِبِ

فَمَن لي بِأَرضٍ رَحبَةٍ لا يَحِلُّها
سِوايَ تُضاهِيَ دارَةَ المُتَقارِبِ

فَما لِلفَتى إِلّا اِنفِرادٌ وَوَحدَةٌ
إِذا هُوَ لَم يُرزَق بُلوغَ المَآرِبِ

فَحارِب وَسالِم إِن أَرَدتَ فَإِنَّما
أَخو السِلمِ في الأَيّامِ مِثلُ مُحارِبِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:49 PM
أَكرِم ضَعيفَكَ وَالآفاقُ مُجدِبَةٌ
وَلا تُهِنهُ وَلَو أَعطَيتَهُ القوتا

وَجانِبِ الناسَ تَأمَن سوءَ فِعلِهِمُ
وَأَن تَكونَ لَدى الجُلّاسِ مَمقوتا

لا بُدَّ مِن أَن يَذِمّوا كُلَّ مَن صَحَبوا
وَلَو أَراهُم حَصى المِعزاءِ ياقوتا

وَقَضِّ وَقتَكَ بِالتَقوى تَجَوَّزُهُ
حَتّى تُصادِفَ يَوماً فيهِ مَوقوتا


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:49 PM
نَهانِيَ عَقلي عَن أُمورٍ كَثيرَةٍ
وَطَبعي إِلَيها بِالغَريزَةِ جاذِبي

وَمِمّا أَدامَ الرُزءَ تَكذيبُ صادِقٍ
عَلى خُبرَةٍ مِنّا وَتَصديقُ كاذِبِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:50 PM
يُؤَمِّلُ كُلٌّ أَن يَعيشَ وَإِنَّما
تُمارِسُ أَهوالَ الزَمانِ إِذا عِشتا

إِذا اِفتَرَقَت أَجزاءُ جِسمي لَم أُبَل
حُلولَ الرَزايا في مَصيفٍ وَلا مَشتى

فَرِش مُعدِماً إِن كانَ يُمكِنُ رَيشُهُ
وَلا تَفخَرَن بَينَ الأَنامِ بِما رِشتا

وَإِن فِضتَ لِلأَقوامِ بِالمالِ وَالغِنى
فَيا بَحرُ أَيقِن بِالنُضوبِ وَإِن جِشتا


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:50 PM
عَصا في يَدِ الأَعمى يَرومُ بِها الهُدى
أَبَرُّ مِن كُلِّ خِدنٍ وَصاحِبِ

فَأَوسِع بَني حَوّاءَ هَجراً فَإِنَّهُم
يَسيرونَ في نَهجٍ مِنَ الغَدرِ لاحِبِ

وَإِن غَيَّرَ الإِثمُ الوُجوهَ فَما تَرى
لَدى الحَشرِ إِلّا كُلَّ أَسوَدَ شاحِبِ

إِذا ما أَشارَ العَقلُ بِالرُشدِ جَرَّهُم
إِلى الغَيِّ طَبعٌ أَخذُهُ ساحِبِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:50 PM
أَتَرغَبُ في الصيتِ بَينَ الأَنامِ
وَكَم خَمَلَ النابِهُ الصَيِّتُ

وَحَسبُ الفَتى أَنَّهُ مائِتٌ
وَهَل يَعرِفُ الشَرَفَ المَيِّتُ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:50 PM
لَكَ المُلكُ إِن تُنعِم فَذاكَ تَفَضُّلٌ
عَلَيَّ وَإِن عاقَبتَني فَبِواجِبِ

يَقومُ الفَتى مِن قَبرِهِ إِن دَعَوتَهُ
وَما جَرَّ مَخطوطٌ لَهُ في الرَواجِبِ

عَصا النَسكِ أَحمى ثَمَّ مِن رَمحِ عامِرٍ
وَأَشرَفَ عِندَ الفَجرِ مِن قَوسِ حاجِبِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:50 PM
عَلَيكُم بِإِحسانِكُم إِنَّكُم
مَتى تَكتِبوا غَيرَكُم تُكبَتوا

يُرَبّي المَعاشِرُ أَبناءَهُم
وَيَشقى الأَنامُ بِما رَبَّتوا

وَما الناسُ إِلّا نَباتُ الزَما
نِ فَليَحصِدِ القَومُ ما نَبَّتوا

فَيا لِلنَصارى إِذا أَمسَكوا
وَيا لِليَهودِ إِذا أَسبَتوا

وَقَد سُئِلوا عَن عِباداتِهِم فَما
أَيَّدوها وَلا ثَبَّتوا

وَمِن خَيرِ مافَعَلَ الفاعِلونَ
أَنَّهُمُ بِتُقىً أَخبَتوا


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:51 PM
أَرى اللُبَّ مِرآةَ اللَبيبِ وَمَن يَكُن
مَرائِيَّهُ الإِخوانُ يَصدُق وَيَكذِبِ

أَأَخشى عَذابَ اللَهِ وَاللَهُ عادِلٌ
وَقَد عِشتُ عَيشَ المُستَضامِ المُعَذَّبِ

نَعَم إِنَّها الأَرزاقُ وَالمَرءُ جاهِلٌ
يُهَذِّبُ مِن دُنياهُ ما لَم يُهَذَّبِ

فَإِنَّ حِبالَ الشَمسِ لَسنَ ثَوابِتاً
لِشَدِّ رِحالٍ أَو قَوابِضَ جُذَّبِ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:51 PM
وارَحمَتا لِلأَنامِ كُلِّهِمُ
فَإِنَّهُم مِن هَوى الحَياةِ أُتوا

أُفٍّ لَهُم ما أَقَلَّ فِطنَتَهُم
لَذّوا أَكيلاً وَإِنَّما سُئِتوا

غَنّوا مِن الجَهلِ في مَحافِلِهِم
وَلَو دَرَوا ما تَحَمَّلوا نَأَتوا


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:51 PM
بَني آدَمٍ بِئسَ المَعاشِرُ أَنتُمُ
وَما فيكُمُ وافٍ لِمُقتٍ وَلا حُبِّ

وَجَدتُكُمُ لا تَقرَبونَ إِلى العُلا
كَما أَنَّكُمُ لا تَبعُدونَ عَنِ السَبِّ

وَلم تَكفِكُم أَكبادُ شاءٍ وَجامِلٍ
وَوَحشٍ إِلى أَن رُمتُمُ كَبِدَ الضَبِّ

فَإِن كانَ ما بَينَ البَهائِمِ قاضِياً
فَهَذا قَضاءٌ جاءَ مِن قِبَلِ الرَبِّ

رَكِبتُمُ سَفينَ البَحرِ مِن فِرطِ رَغبَةٍ
فَما لِلمَطايا وَالمُطَهَّمَةِ القُبِّ

وَكُلُّكُمُ يُبدي لِدُنياهُ نَغصَةً
عَلى أَنَّهُ يُخفي بِها كَمَدَ الصَبِّ

إِذا جَولِسَ الأَقوامُ بِالحَقِّ أَصبَحوا
عُداةً فَكُلُّ الأَصفِياءِ عَلى خِبِّ

نُشاهِدُ بيضاً مِن رِجالٍ كَأَنَّهُم
غَرابيبُ طَيرٍ ساقِطاتٍ عَلى حَبِّ

إِذا طَلَبوا فَاِقنَع لِتَظفَرَ بِالغِنى
وَإِن نَطَقوا فَاِصمُت لِتَرجِعَ بِاللُبِّ

وَإِن لَم تُطِق هِجرانَ رَهطِكَ دائِماً
فَمِن أَدَبِ النَفسِ الزِيارَةُ عَن غِبِّ

وَيَدعوا الطَبيبَ المَرءُ وافاهُ حَينُهُ
رُوَيدَكَ إِنَّ الأَمرَ جُلَّ عَنِ الطِبِّ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:51 PM
بِنتُ عَنِ الدُنيا وَلا بِنتَ لي
فيها وَلا عِرسٌ وَلا أُختُ

وَقَد تَحَمَّلتُ مِنَ الوِزرِ ما
تَعجِزُ أَن تَحمِلَهُ البُختُ

إِن مَدَحوني ساءَني مَدحُهُم
وَخِلتُ أَني في الثَرى سُختُ

جِسمِيَ أَنجاسٌ فَما سَرَّني
أَنّي بِمِسكِ القَولِ ضُمِّختُ

مِن وَسَخٍ صاغَ الفَتى رَبُّهُ
فَلا يَقولَنَّ تَوَسَّختُ

وَالبَختُ في الأولى أَنالَ العُلى
وَلَيسَ في آخِرَةٍ بَختُ

كَذاكَ قالوا وَأَحاديثُهُم
يَبينُ فيها الجَزلُ وَالشَختُ

لَو جاءَ مِن أَهلِ البِلى مُخبِرٌ
سَأَلتُ عَن قَومٍ وَأَرَّختُ

هَل فازَ بِالجَنَّةِ عُمّالُها
وَهَل ثَوى في النارِ نوبَختُ

وَالظُلمُ أَن تَلزَمَ ما قَد جَنى
عَلَيكَ بَهرامُ وَبَيدَختُ

وَبَعضُ ذا العالَمِ مِن بَعضِهِ
لَولا إِياةٌ لَم يَكُن فَختُ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:52 PM
يُؤَدِّبُكَ الدَهرُ بِالحادِثاتِ
إِذا كانَ شَيخاكَ ما أَدَّبا

بَدَت فِتَنٌ سودِ الغَمامِ
أَلقَت عَلى العالَمِ الهَيدَبا

وَمِن دونِها اِختَلَفَت غالِبٌ
وَأَبعَدَ عُثمانُها جُندُبا

فَلا تُضحِكَنَّ اِبنَةُ السَنبَسيُّ
فَأَوجَبُ مِن ذاكَ أَن تَندُبا

إِذا عامِرٌ تَبِعَت صالِحاً
وَزَجَّت بَنو قُرَّةَ الحُردَبا

وَأَردَفَ حَسّانُ في مائِحٍ
مَتى هَبَطوا مُخصِباً أَجدَبا

وَإِن فَرَعوا جَبَلاً شامِخاً
فَلَيسَ يُعَنَّفُ أَن يَحدَبا

رَأَيتُ نَظيرَ الدَبى كَثرَةً
قَتيرُهُم كَعُيونِ الدَبى


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:52 PM
أَمّا المَكانُ فَثابِتٌ لا يَنطَوي
لَكِن زَمانُكَ ذاهِبٌ لا يَثبُتُ

قالَ الغَوِيُّ لَقَد كَبَتُّ مُعانِدي
خَسِرَت يَداهُ بِأَيِّ أَمرٍ يَكبِتُ

وَالمَرءُ مِثلُ النارِ شَبَّت وَاِنتَهَت
فَخَبَت وَأَفلَحَ في الحَياةِ المُخبِتُ

وَحَوادِثُ الأَيّامِ مِثلُ نَباتِها
تُرعى وَيَأمُرُها المَليكُ فَتَنبُتُ

وَإِذا الفَتى كانَ التُرابُ مَآلَهُ
فَعَلامَ تَسهَرُ أُمُّهُ وَتُرَبِّتُ

إِن كانَت الأَحبارُ تُعَظِّمُ سَبتَها
فَأَخو البَصيرَةِ كُلَّ يَومٍ مُسبِتُ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:52 PM
أَيا طِفلَ الشَفيقَةِ إِنَّ رَبّي
عَلى ما شاءَ مِن أَمرٍ مُقيتُ

تَكَلَّمُ بَعدَ مَوتِكَ بِاِعتِبارٍ
وَقَد أَودى بِكَ النَبأُ المَقيتُ

تَقولُ حَلَلتُ عاجِلَتي بِكُرهي
فَعِشتُ وَكَم لُدِدتُ وَكَم سُقيتُ

رَقيتُ الحَولَ شَهراً بَعدَ شَهرٍ
فَلَيتَني في الأَهِلَّةِ ما رُقيتُ

فَلَمّا صيحَ بي وَدَنا فِطامي
تَيَمَّمَني الحِمامُ فَما وُقيتُ

تَرَكتُ الدارَ خالِيَةً لِغَيري
وَلَو طالَ المَقامُ بِها شَقيتُ

نَقَيتُ فَما دَنِستُ وَلَو تَمادَت
حَياةٌ بي دَنِستُ فَما نَقيتُ

وَما يُدريكِ باكِيَتي عَساني
لِسُكنى الفَوزِ في الأُخرى اِنتُقيتُ

رَقَتني الراقِياتُ وَحُمَّ يَومي
فَغادَرَني كَأَنّي ما رُقيتُ

هَبيني عِشتُ عُمرَ النَسرِ فيها
وَكانَ المَوتُ آخِرَ ما لَقَيتُ

فَقيراً فَاِستُضِمتُ بِلا اِتِّقاءٍ
لِرَبّي أَو أَميراً فَاِتُّقيتُ

وَمِن صُنعِ المَليكِ إِلَيَّ أَنّي
تَعَجَّلتُ الرَحيلَ فَما بَقَيتُ

لَوَ اِنّي هَضبُ شابَةَ لَاِرتُقيتُ
وَماءٌ في القَرارَةِ لَاِستُقيتُ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:53 PM
كَريمٌ أَنابَ وَما أُنِّبا
وَأَنساهُ طولُ المَدى زَينَبا

لِإِحدى الأَرانِبِ في قَومِها
وَإِن صُبِّحَت بَعدَنا أَرنَبا

لَها والِدٌ بَيتُهُ شامِخٌ
مَعَ النَسرِ أَو مِثلَهُ طُنُبا

عَهِدتُكَ لا تَتَوَقّى الهَجيرَ
وَلا تَرهَبُ الأَشيَبَ الأَشنَبا

وَلَكِن لَقَيتَ صُروفَ الزَمانِ
وَباشَرَتها مِقنَباً مِقنَبا

إِذا المَرءُ مَرَّت لَهُ أَربَعونَ
فَلَيسَ يُعَنَّفُ إِن حُنِّبا

وَإِن يَفرِ خَطباً فَأَهلٌ لَهُ
وَإِلّا فَكَم مِن حُسامٍ نَبا

وَلا عَقلَ لِلدَهرِ فيما أَرى
فَكَيفَ يُعاتَبُ إِن أَذنَبا

فَهَلّا تَراحُ لِأَهلِ الجَنابِ
إِذا الرَكبُ أَفراسَهُ جَنَّبا

وَكُنتَ إِلى وَصلِهِم مائِلاً
تُعاصي العَذولَ وَإِن أَطنَبا


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:53 PM
عَلى الكِذبِ اِتَّفَقنا فَاِختَلَفنا
وَمِن أَسنى خَلائِقِكَ الصُموتُ

وَقَد كَذَبَ الَّذي سَمّى وَليداً
يَعيشُ وَبَرَّ مَن سَمّى يَموتُ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:53 PM
سَحائِبُ مُبرِقاتٌ مُرعِداتُ
لِمُهجَةِ كُلِّ حَيٍّ موعِداتُ

وَكَيفَ يُقامُ في أَمرٍ مُهِمٍّ
لِيُفعَلَ وَالمَقادِرُ مُقعِداتُ

وَأََنفُسُ هَذِهِ الأَجسامِ طَيرٌ
بُزاةُ حِمامِها مُتَصَيِّداتُ

فَما لَكَ وَالهُنودَ مُنَعَّماتٍ
كَأَنَّ قُدودَهُنَّ مُهَنَّداتُ

يُفَنِّدنَ الحَليمَ بِغَيرِ لُبٍّ
وَهُنَّ وَإِن غَلَبنَ مُفَنَّداتُ

يُخَلِّدنَ الإِماءَ نُضارَ صَوغٍ
فَهَل تِلكَ الشُخوصُ مُخَلَّداتُ

تَقَلَّدتِ المَآثِمَ بِاِختِيارٍ
أَوانِسُ بِالفَريدِ مُقَلَّداتُ

إِذا عوتِبنَ في جَنَفٍ وَظُلمٍ
أَبَت إِلّا السُكوتَ مُبَلِّداتُ

يُغادِرنَ الجَليدَ قَرينَ ضَعفٍ
صَوابِرُ لِلنَوى مُتَجَلِّداتُ

لَقَد عابَت أَحاديثَ البَرايا
شُكولٌ في الزَمانِ مُوَلَّداتُ

أَتَعبَدُ مِن إِثامٍ تَتَّقيهِ
ظَوالِمُ بِالأَذى مُتَعَبِّداتُ

تُريقُ بِذاكَ في قَتلٍ دِماءً
رُؤوسٌ في الحَجيجِ مُلَبَّداتُ

تَعالى اللَهُ لَم تَصفُ السَجايا
فَأَفعالُ المَعاشِرِ مُؤيَداتُ

إِذا ما قيلَ حَقٌّ في أُناسٍ
فَأَوجُهُهُم لَهُ مُتَرَبِّداتُ

مَخازيهِم أَوابِدُ في اللَيالي
فَلا تَهِجِ الأَسى مُتَأَبِّداتُ

وَأَطهَرُ مِن ضَوارِبَ في نَعيمٍ
نَعامٌ بِالفَلا مُتَهَبِّداتُ

تُقَيِّدُ لَفظَها عَن كُلِّ بِرٍّ
مَواشٍ بِالحُليِّ مُقَيَّداتُ

عَجِلنَ إِلى مَساءَةِ مُستَجيرٍ
لَواهٍ في الخُطى مُتَأَيِّداتُ

وَتَنقُصُ خَيرَها أَشَراً وَفَتكاً
صَواحِبُ مَنطِقٍ مُتَزَيِّداتُ

وَلَسنَ الهادِئاتِ وَلا النَصارى
وَلَكِن في المَقالِ مُهَوِّداتُ

مَضَت لِعَوائِدِ الكَذِبِ المُوَرّى
سَوادِكُ بِالخِنى مُتَعَوِّداتُ

تُؤَوِّدُ مِنكَ عَقلاً في سُكونٍ
غُصونُ خَواطِرٍ مُتَأَوِّداتُ

فَلا يَجلِس عَلى الصُّعَداتِ لاهٍ
فَأَنفاسُ الفَتى مُتَصَعِّداتُ

تَمُرُّ بِهِ حَوالِكُ فَوقَ بيضٍ
وَخُضرٍ في العَقيقِ مُسَبَّداتُ

وَمَن تُخلِقهُ أَيّامٌ طِوالٌ
فَإِنَّ شُجونَهُ مُتَجَدِّداتُ

وَتَسنَحُ بِالضُحى ظَبِياتُ مَردٍ
بِكُلِّ عَظيمَةٍ مُتَمَرِّداتُ

وَقَد أُغمِدنَ في أُزُرٍ وَلَكِن
سُيوفُ لِحاظِهِنَّ مُجَرَّداتُ

وَوَرَّدتِ اللِباسَ بِلَونِ صِبغٍ
خُدودٌ بِالشَبابِ مُوَرَّداتُ

وَمَن فَقَد الشَبيبَةَ فَالغَواني
لَهُ عِندَ الوُرودِ مُصَرِّداتُ

هَواجِرُ في التَيَقُظِ أَو عَواصٍ
وَفي طَيفِ الكَرى مُتَعَهِّداتُ

إِذا سَهَّدنَهُ بِطَويلِ هَجرٍ
فَما أَجفانُهُنَّ مُسَهَّداتُ

خَواطِئُ غَيرُ أَسهُمِها خَواطٍ
لِكُلِّ كَبيرَةٍ مُتَعَمِّداتُ

تَخالَفَتِ الغَرائِزُ وَالمَعاني
فَكَيفَ تَوافَقُ المُتَجَسِّداتُ

فَما بَينَ المَقابِرِ نادِباتٌ
وَما بَينَ الشُروبِ مُغَرِّداتُ

قَدَحنَ زِنادَ شَوقٍ مِن زُنودٍ
بِنارِ حُلِيِّها مُتَوَقِّداتُ

وَلَم تُنصِف بَياضَ الشَيبِ أَيدٍ
لِوافِدِ شَيبِهِنَّ مُسَوِّداتُ

تَأَخُّرُ أَبيَضِ الفَودَينِ ظُلمٌ
إِذا شَمِطَ القَرائِنُ وَاللِداتُ

تَحَيَّرَتِ العُقولُ وَما أَساءَت
دَوائِبُ في التُقى مُتَهَجِّداتُ

وَفي مُهَجِ الأَنيسِ مُثَلِّثاتٌ
عَلى عِلّاتِها وَمُوَحِداتُ

فَما عُذري وَعِندَ اللَهِ عِلمي
إِذا كَذَبَت قَوائِلُ مُسنِداتُ

فَهَل عَلِمَت بِغَيبٍ مِن أُمورٍ
نُجومٌ لِلمَغيبِ مُعَرِّداتُ

وَلَيسَت بِالقَدائِمِ في ضَميري
لَعَمرُكَ بَل حَوادِثُ مُوجَداتُ

فَلَو أَمَرَ الَّذي خَلَقَ البَّرايا
تَهاوَت لِلدُجى مُتَسَرِّداتُ

وَأَمسى اللَيثُ مِنها لَيثَ غابٍ
يُجاذِبُ فَرسَهُ المُتَوَحِّداتُ

وَآضَ الفَرغُ لِلساقينَ فَرغاً
تُحاوِلُ ماءَهُ المُتَوَرِّداتُ

وَهَبَّ يَرومُ سُنبُلَةَ السَواري
خَبيرٌ وَالزَرائِعُ مُحصِداتُ

وَنالَ فَريرَها بِمَداهُ فارٍ
ذُنوبُ ضُيوفِهِ مُتَغَمَّداتُ

كَأَنَّ نَعامَها وَاللَهُ قاضٍ
نَعائِمُ بِالفَلاةِ مُطَرَّداتُ

وَقَد زَعَموا بِأَنَّ لَها عُقولاً
وَأَقضِيَةُ المَليكِ مُؤَكَّداتُ

وَأَنَّ لِبَعضِها لَفظاً وَفيها
حَواسِدُ مِثلَنا وَمُحَسَّداتُ

أَتَحمِلُني إِلى الغُفرانِ عيسٌ
عَلى نَصِّ الوَجيفِ مُؤَجَّداتُ

وَلا تَخشى الخُطوبَ مُسَبِّحاتٌ
بِعِزَّةِ رَبِّهِنَّ مُمَجِّداتُ

أَرى حُسنَ الشَمائِلِ مِنكَ حَثَّت
عَلَيهِ الأَيمَنُ المُتَوَسِّداتُ

فَإِنَّ الطَبعَ يَطمَحُ بِالمَعالي
وَإِنَّ كِلابَ شَرِّكَ موَسداتُ


ابو العلاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:54 PM
أَرى الأَشياءَ لَيسَ لَها ثَباتُ
وَما أَجسادُنا إِلّا نَباتُ

بِإِذنِ اللَهِ تَفتَرِقُ البَرايا
لِطيَّتِها وَتَجتَمِعُ الثُباتُ

أَجَلَّت سَبتَها أَشياعُ موسى
أَسَبتُ القَطعِ ذاكَ أَم السُباتُ

سَأَلتُ عَنِ البَواكِرِ أَينَ أَضحَت
وَعَن أَهلِ التَرَوُّحِ أَينَ باتوا

وَهَل أَرواحُ هَذا الخَلقِ إِلّا
عَوارِيُّ المَقادِرِ لا الهِباتُ

تَبَغَّضُ ساعُنا أَبَداً إِلَينا
وَهُنَّ إِلى النُفوسِ مُحَبَّباتُ

جِيادٌ ما يَزالُ لَها خَبيبٌ
قَوارِبُ بِالأَنيسِ مُقَرِّباتُ

وَمَن يُحمى وَنُسوَةُ آلِ كِسرى
وُقوفٌ بِالعَراءِ مُسَلَّباتُ

وَما يَدري الفَتى وَالظَنُّ جَهلٌ
وَأَقضِيَةُ المَليكِ مُغَيَّباتُ

لَعَلَّ بَناتِ نَعشٍ وَالثُرَيّا
وَشَرقَةَ لِلرَدى مُتَأَهِّباتُ


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:54 PM
لا خَيرَ في المالِ أُعطاهُ وَأَجمَعُهُ
إِذا عَريتُ فَمِمّا حُزتُ عُرّيتُ

وَما اِنتِفاعي إِذا أَصبَحتُ ذا فِرَةٍ
وَإِنَّما أَنا رِسلُ الضَرعِ صُرّيتُ

وَصاغَني اللَهُ مِن ماءٍ وَها أَنا ذا
كَالماءِ أَجري بِقَدرٍ كَيفَ جُرّيتُ

بُريتُ لِلأَمرِ لَم أَعرِف حَقائِقَهُ
فَلَيتَني مِن حِسابِ اللَهِ بُرّيتُ

أَرى خَيالَ إِزارٍ حَمَّهُ قَدَرٌ
ظَهَرتُ مِنهُ قَليلاً ثُمَّ وُرّيتُ

ما لي رَضيتُ بِما أَنكَرتُهُ زَمَناً
وَخِلتُني بِصُروفِ الدَهرِ ضُرّيتُ

فَهَل دَرى اللَيثُ إِذا ضَمَّ الرَجاجَ لَهُ
فَمٌ وَقُدِّرَ لِلشَدقَينِ تَهريتُ

كَأَنَّنا في قِفارٍ ضَلَّ سالِكُها
نَهجَ الطَريقِ وَما في القَومِ خَرّيتُ

لَو يَنطُقُ اللَيلُ نادى كَم فَرى ظُلَمي
فَجرٌ وَأُدلِجتُ في حاجٍ وَأُسريتُ

وَأَعملَتني رِجالٌ في مَآرِبِها
كَأَنَّني جَملٌ لِلإِنسِ أُبريتُ

لا يَصبِرونَ فَقيرٌ تَحتَ فاقَتِه
إِنَّ السَباريتَ جابَتها السَباريتُ

ناسٌ إِذا نَسَكوا عُدّوا مَلائِكَةً
وَإِن طَغَوا فَهُمُ جِنٌّ عَفاريتُ

لا تَطرِيَنّي فَلي نَفسٌ مُجَرَّبَةٌ
تُسِرُّ وَجداً إِذا بِالمَينِ أُطريتُ

وَإِن مُدِحتُ بِخَيرٍ لَيسَ مِن شِيَمي
حَسِبتُني بِقَبيحِ الذَمِّ فُرّيتُ


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:55 PM
إِنّا حَسَبنا حِساباً لَم يَصِحَّ لَنا
قَد بانَ في كُلِّهِ التَفريطُ وَالغَلَتُ

وَكَثرَةُ المالِ شُغلٌ زادَ في نَصَبٍ
وَقِلَّةٌ مِنهُ مَعدولٌ بِها الفَلتُ

هَذي الحِبالَةُ قَد ضَمَّت جَماعَتَنا
فَهَل يَنوصُ فَتىً مِنّا فَيَنفَلِتُ

أَصبَحَت كَالقَوسِ حَنَّتها أَساوِرُها
وَكُنتَ كَالسَهمِ أَو كَالسَيفِ يَنصَلِتُ


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:55 PM
كَأَنَّ قُلوبَ القَومِ مِنّا جَنادِلٌ
فَلَيسَ لَها عِندَ الأُمورِ حَصاةُ

إِذا ما اِدَّعوا لِلَّهِ خَوفاً وَطاعَةً
فَلا رَيبَ أَنَّ المُدَّعينَ عُصاةُ

وَأَوصاهُمُ أَهلُ الأَمانَةِ وَالتُقى
فَما حُفِظَت بَعدَ المَغيبِ وَصاةُ


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:56 PM
مَسيحِيَّةٌ مِن قَبلِها موسَوِيَّةٌ
حَكَت لَكَ أَخباراً بَعيداً ثُبوتُها

وَفارِسُ قَد شَبَّت لَها النارَ وَاِدَّعَت
لِنيرانِها أَن لا يَجوزُ خُبوتُها

فَما هَذِهِ الأَيّامُ إِلّا نَظائِرٌ
تَساوَت بِها آحادُها وَسُبوتُها


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:56 PM
لا تُطيعي هَواكِ أَيَّتُها النَفسُ
فَنُعمى المَليكِ فينا رَبيبَه

وَاِبنُ جَحشٍ لَمّا تَنَصَّرَ لَم تَر
كُن إِلى ما يَقولُ أُمُّ حَبيبَه

وَبِلالٌ يَحكي اِبنَ تَمرَةَ في الخِفَّةِ
أَوفى مِن عَنتَرَ اِبنِ زَبيبَه

لا أُغادي مَفارِقي بِصَبيبٍ
وَأُخَلّي وَالقَفرَ آلَ صَبيبَه

إِنَّ خَيراً مِن اِختِراشِ ضِبابِ الأَر
ضِ لِلناشِئِ اِتِّخاذُ ضَبيبَه

كَيفَ أَضحَت شَبيبَةُ القَلبِ حَمراءَ
وَزالَت مِنَ السَوادِ الشَبيبَه

فَاِلزَمي النُسكَ إِن عَلِقتِ وَفِرّي
مِن ذَوي الجَهلِ كَي تُعَدِّيَ لَبيبَه


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:56 PM
قَد صَحِبنا الزَمانَ بِالرَغمِ مِنّا
وَهوَ يُردي كَما عَلِمتَ الصَحابا

وَحَلَلنا المَضيقَ ثُمَّ أَتَينا الرَحبَ
لَو دامَ تَركُنا وَالرِحابا

وَالجُسومُ التُرابُ تَحيا بِسُقيا
فَلِهَذا قُلنا سُقيتِ السَحابا

قَد رَضَينا الشُحوبَ لَو كانَ صَرفُ الدَه
رِ يَرضى لِلأَوجُهِ الإِشحابا

وَضَحِكنا وَلَيسَ ما يوجِبُ الضَح
كَ لَدَينا بَل ما يَهيجُ اِنتِحابا

كَم أَميرٍ أُميرَ في عاصِفاتٍ
بَعدَما حابَ في الحَياةِ وَحابى


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:56 PM
أَتَصِحُّ تَوبَةُ مُدرِكٍ مِن كَونِهِ
أَو أَسوَدٍ مِن لَونِهِ فَيَتوبا

كُتِبَ الشَقاءُ عَلى الفَتى في عَيشِهِ
وَليَبلُغَنَّ قَضاءَهُ المَكتوبا

وَإِذا عَتَبتَ المَرءَ لَيسَ بِمُعتَبٍ
أُلفيتَ فيما جِئتَهُ مَعتوبا

يَبغي المَعاشِرُ في الزَمانِ وَصَرفِهِ
رُتَباً كَأَنَّ لَهُم عَليهِ رُتوبا


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:57 PM
لَو أَنَّني سَمَّيتُ طَيفَكَ صادِقاً
لَدَعَوتُهُ غَضبانَ أَو عَتّابا

قالَ الخَيالُ كَذَبتَ لَستُ بِطارِقٍ
لَيلاً وَلَم أَكُ زائِراً مُنتابا

فَأَجَبتُهُ كَم مِن كِتابٍ زائِرٍ
فَاِهتاجَ يَحلِفُ ما بَعَثتُ كِتابا

لا تُثبِتُ الأَقلامُ زَلَّةَ راقِدٍ
إِن كُنتَ بِتَّ بِحُلمِهِ مُرتابا

لَم يَعفُ رَبُّكَ عَن مُصِرٍّ مارِدٍ
لَكِن تَجاوَزَ عَن مُسيءٍ تابا


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:57 PM
لا تَكذِبَنَّ فَإِن فَعَلتَ فَلا تَقُل
كَذِباً عَلى رَبِّ السَماءِ تَكَسُّبا

فَاللَهُ فَردٌ قادِرٌ مِن قَبلِ أَن
تُدعى لِآدَمَ صورَةٌ أَو تُحسَبا

وَإِذا اِنتَسَبتَ فَقُلتَ إِنّي واحِدٌ
مِن خَلقِهِ فَكَفى بِذاكَ تَنَسُّبا

أَشباحُ إِنسٍ يَخضِبونَ صَوارِماً
تَحتَ العَجاجِ وَيَركُضونَ الشُسبا

وَيُمارِسونَ مِنَ الظَلامِ غَياهِباً
وَيُواصِلونَ فَيَقطَعونَ السَبسَبا

وَمُرادُهُم عَذبٌ خَسيسٌ قَدرُهُ
شَرِبوا لَهُ مَقراً لِكَيما يَلسِبا

وَلَقَد عَلِمتُ فَما التَمَضُّرُ نافِعي
أَنّي سَأَتبَعُ نَيسَباً لِاِبنَي سَبا

سَبَأَ المُدامَةَ فَاِستَدامَ مَسَرَّةً
فيما يُظَنُّ وَلَم يَرِع لمّا سَبى

روحٌ إِذا رَحَلَت عَنِ الجِسمِ الَّذي
سَكَنَت بِهِ فَمَآلُهُ أَن يَرسُبا


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:57 PM
إِذا كانَت لَكَ اِمرَأَةٌ عَجوزٌ
فَلا تَأخُذ بِها أَبَداً كَعابا

فَإِن كانَت أَقَلَّ بَهاءَ وَجهٍ
فَأَجدَرُ أَن تَكونَ أَقَلَّ عابا

وَحُسنُ الشَمسِ في الأَيّامِ باقٍ
وَإِن مَجَّت مِن الكِبَر اللُعابا


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:57 PM
إِن كُنتَ يَعسوبَ أَقوامٍ فَخَف قَدَراً
ما زالَ كَالطِفلِ يَصطادُ اليَعاسيبا

وَإِن تَكُن بِمِنا سيبٍ لِمَهلَكَةٍ
فَكَم طَوى الدَهرُ أَقيالاً مَناسيبا


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:57 PM
يا راعِيَ المُصرِ ما سَوَّمتَ في دَعَةٍ
وَعِرسُكَ الشاةُ فَاِحذَر جارَكَ الذيبا

تَرومُ تَهذيبَ هَذا الخَلقُ مِن دَنَسٍ
وَاللَهُ ما شاءَ لِلأَقوامِ تَهذيبا

وَما رَوِيتَ بِعَذبٍ حَلَّ في قُلُبٍ
حَتّى تَكَلَّفتَ إِعناتاً وَتَعذيبا

فَاِعرِف لِصادِقِكَ الأَنباءَ مَوضِعَهُ
واجِزِ الكَذوبَ عَلى ما قالَ تَكذيبا


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:58 PM
لَم يَقدُرِ اللَهُ تَهذيباً لِعالَمِنا
فَلا تَرومَنَّ لِلأَقوامِ تَهذيبا

وَلا تُصَدِّقُ بِما البُرهانُ يُبطِلُهُ
فَتَستَفيدُ مِنَ التَصديقِ تَكذيبا

إِن عَذَّبَ اللَهُ قَوماً بِاِجتِرامِهِمُ
فَما يُريدُ لِأَهلِ العَدلِ تَعذيبا

يَغدو عَلى خِلِّهِ الإِنسانُ يَظلِمُهُ
كَالذيبِ يَأكُلُ عِندَ الغِرَّةِ الذيبا


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:58 PM
إِن كُنتَ صاحبَ إِخوانٍ وَمائِدَةٍ
فَاِحبُ الطُفَيلِيَّ تَأهيلاً وَتَرحيبا

لا تَلقَيَنهُ بِتَعبيسٍ لِتوحِشُهُ
فَالزادُ يَفنى وَلا يُبقي الأَصاحيبا

يَقفو اللَئيمُ كَريمَ القَومِ مُكتَسِباً
إِنَّ السَراحينَ يَتبَعنَ السَراحيبا


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:58 PM
سُرحوبُ عَمَّن سَرى لِلَّهِ مُبتَعَثاً
وَجَناءَ في الكورِ أَو في السَرحِ سُرحوبا

في لاحِبٍ لا يَعودُ السالِكونَ بِهِ
مِثلَ اِبنِ الأَبرَصِ لَمّا عادَ مَلحوبا

أَمّا الأَنامُ فَقَد صاحَبتُهُم زَمَناً
فَما رَضيتُ مِنَ الخِلّانِ مَصحوبا

لا تَغشَهُم كَوُلوجِ الهَمِّ يَطرُقُهُم
بِالكُرهِ بَل مِثلَ وَسقِ الخَيرِ مَصحوبا


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:59 PM
لَو كُنتَ يَعقوبَ طَيرٍ كُنتَ أَرشَدَ في
مَسعاكَ مِن أُمَمٍ تُنمى لِيَعقوبا

ضَلّوا بِعِجلٍ مَصوغٍ مِن شُنوفِهِمُ
فَاِستَنكَروا مِسمَعاً لِلشَنفِ مَثقوبا

وَلَن يَقومَ مَسيحٌ يُجمَعونَ لَهُ
وَخِلتَ واعِدَهُم مِنَ الخُلفِ عُرقوبا

وَإِنَّ دُنياكَ هَذي مِثلُ قائِبَةٍ
وَسَوفَ يَقطَعُ مِنها رَبُّها القوبا

يُغنيكَ مَنسوجُ بارِيٍّ تُصانُ بِهِ
عَن بُسطِ مُحكَمَةٍ مِن نَسجِ قُرقوبا

فَاِحذَر لُصوصَ الأَماني فَهِيَ سارِقَةٌ
رَدَّت عَنِ الَّدينِ قَلبَ المَرءِ مَنقوبا


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:59 PM
لَو كُنتَ رائِدَ قَومٍ ظاعِنينَ إِلى
دُنياكَ هَذي لَما أَلفَيتَ كَذّابا

لَقُلتَ تِلكَ بِلادٌ نَبتُها سَقَمٌ
وَماؤُها العَذبُ سُمٌّ لِلفَتى ذابا

هِيَ العَذابُ فَجُدّوا في تَرَحُّلِكُم
إِلى سِواها وَخَلّوا الدارَ إِعذابا

وَما تَهَذَّبَ يَومٌ مِن مَكارِهِها
أَو بَعضُ يَومٍ فَحُثّوا السَيرَ إِهذابا

خَبَّرتُكُم بِيَقينٍ غَيرِ مُؤتَشَبٍ
وَلمَ أَكُن في حِبالِ المينِ جَذّابا


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:59 PM
مِن قِلَّةِ اللُبِّ عِندَ النُصحِ أَن تَأبى
وَأَن تَرومَ مِنَ الأَيّامِ إِعتابا

خَلِّ الزَمانَ وَأَهليهِ لِشَأنِهِمُ
وَعِش بِدَهرِكَ وَالأَقوامِ مُرتابا

سارَ الشَبابُ فَلَم نَعرِف لَهُ خَبَراً
وَلا رَأَينا خَيالاً مِنهُ مُنتابا

وَحُقٌّ لِلعَيسِ لَو نالَت بِنا بَلَداً
فيهِ الصِبا كَونُ عودِ الهِندِ أَقتابا

أَلقى الكَبيرُ قَميصَ الشَرخِ رَهنَ بِلىً
ثُمَّ اِستَجَدَّ قَميصَ الشَيبِ مُجتابا

مازالَ يَمطُلُ دُنياهُ بِتَوبَتِهِ
حَتّى أَتَتهُ مَناياها وَما تابا

خَطُّ اِستِواءٍ بَدا عَن نُقطَةٍ عَجَبٍ
أَفنَت خُطوطاً وَأَقلاماً وَكُتّابا


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 05:59 PM
قَد يَسَّروا لِدَفينٍ حانَ مَصرَعُهُ
بَيتاً مِنَ الخُشبِ لَم يُرفَع وَلا رَحُبا

يا هَؤُلاءِ اِترُكوهُ وَالثَرى فَلَهُ
أُنسٌ بِهِ وَهوَ أَولى صاحِبٍ صُحِبا

وَإِنَّما الجِسمُ تُربٌ خَيرُ حالَتِهِ
سُقيا الغَمائِمِ فَاِستَسقوا لَهُ السُحُبا

صارَ البَهيجُ مِنَ الأَقوامِ خَطَّ سَفا
وَقَد يُراعُ إِذا ما وَجهُهُ شَحُبا

سِيّانِ مَن لَم يَضِق ذَرعاً بُعَيدَ رَدىً
وَذارِعٌ في مَغاني فِتيَةٍ سُحُبا

فَاِفرِق مِنَ الضَحِكِ وَاِحذَر أَن تُحالِفهُ
أَما تَرى الغَيمَ لَمّا اِستُضحِكَ اِنتُحِبا


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:00 PM
الأَمرُ أَيسَرُ مِمّا أَنتَ مُضمِرُهُ
فَاِطرَح أَذاكَ وَيَسِّر كُلَّ ما صَعُبا

وَلا يَسُرُّكَ إِن بُلِّغتَهُ أَمَلٌ
وَلا يَهُمُّكَ غِربيبٌ إِذا نَعبا

إِن جَدَّ عالَمُكَ الأَرضِيُّ في نَبَإٍ
يَغشاهُمُ فَتَصَوَّر جِدَّهُم لَعِبا

ما الرَأيُ عِندَكَ في مَلكٍ تَدينُ لَهُ
مِصرٌ أَيَختارُ دونَ الراحَةِ التَعَبا

لَن تَستَقيمَ أُمورُ الناسِ في عُصُرٍ
وَلا اِستَقامَت فَذا أَمناً وَذا رَعِبا

وَلا يَقومُ عَلى حَقٍّ بَنو زَمَنٍ
مِن عَهدِ آدَمَ كانوا في الهَوى شُعَبا


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:00 PM
لَو كُنتُمُ أَهلَ صَفوٍ قالَ ناسِبُكُم
صَفوِيَّةٌ فَأَتى بِاللَفظِ ما قُلِبا

جُندٌ لِإِبليسَ في بَدليسَ آوِنَةً
وَتارَةً يَحلِبونَ العَيشَ في حَلَبا

طَلَبتُمُ الزادَ في الآفاقِ مِن طَمَعٍ
وَاللَهُ يُوجَدُ حَقاً أَينَما طُلِبا

وَلَستُ أَعني بِهَذا غَيرَ فاجِرِكُم
إِنَّ التَقِيَّ إِذا زاحَمتَهُ غَلَبا

كَالشَمسِ لَم يَدنُ مِن أَضوائِها دَنَسٌ
وَالبَدرُ قَد جَلَّ عَن ذَمٍّ وَإِن ثُلِبا

وَما أَرى كُلَّ قَومٍ ضَلَّ رُشدُهُمُ
إِلّا نَظيرَ النَصارى أَعظَموا الصُلُبا

يا آلَ إِسرالَ هَل يُرجى مَسيحُكُمُ
هَيهاتَ قَد مَيَّزَ الأَشياءَ مَن خُلِبا

قُلنا أَتانا وَلَم يُصلَب وَقَولُكُمُ
ما جاءَ بَعدُ وَقالَت أُمَّةٌ صُلِبا

جَلَبتُمُ باطِلَ التَوراةِ عَن شَحَطٍ
وَرُبَّ شَرٍّ بَعيدٍ لِلفَتى جُلَبا

كَم يُقتَلُ الناسُ ما هَمُّ الَّذي عَمَدَت
يَداهُ لِلقَتلِ إِلّا أَخذُهُ السَلَبا

بِالخُلفِ قامَ عَمودُ الدينِ طائِفَةٌ
تَبني الصُروحَ وَأُخرى تَحفُرُ القُلُبا


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:00 PM
لا تَفرَحَنَّ بِفَألٍ إِن سَمِعتَ بِهِ
وَلا تَطَيَّر إِذا ما ناعِبٌ نَعَبا

فَالخَطبُ أَفظَعُ مِن سَرّاءَ تَأمُلُها
وَالأَمرُ أَيسَرُ مِن أَن تُضمِرَ الرُعُبا

إِذا تَفَكَّرتَ فِكراً لا يُمازِجُهُ
فَسادُ عَقلٍ صَحيحٍ هانَ ما صَعُبا

فَاللُبُّ إِن صَحَّ أَعطى النَفسَ فَترَتَها
حَتّى تَموتَ وَسَمّى جِدَّها لَعِبا

وَما الغَواني الغَوادي في مَلاعِبِها
إِلّا خَيالاتُ وَقتٍ أَشبَهَت لُعَبا

زِيادَةُ الجِسمِ عَنَّت جِسمَ حامِلِهِ
إِلى التُرابِ وَزادَت حافِراً تَعَبا


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:00 PM
إِن يَصحَبِ الروحَ عَقلي بَعدَ مَظعَنِها
لِلمَوتِ عَنِّيَ فَأَجدِر أَن تَرى عَجَبا

وَإِن مَضَت في الهَواءِ الرَحبِ هالِكَةً
هَلاكَ جِسمِيَ في تُربي فَواشجَبا

الدَينُ إِنصافُكَ الأَقوامَ كُلَّهُمُ
وَأَيُّ دينٍ لِأَبي الحَقِّ إِن وَجَبا

وَالمَرءُ يُعيَيهِ قَودُ النَفسِ مُصبِحَةً
لِلخَيرِ وَهوَ يَقودُ العَسكَرَ اللَجِبا

وَصَومُهُ الشَهرَ ما لَم يَجنِ مَعصِيَةً
يُغنيهِ عَن صَومِهِ شَعبانَ أَو رَجَبا

وَما اِتَّبَعتُ نَجيباً في شَمائِلِهِ
وَفي الحِمامِ تَبِعتُ السادَةَ النُجُبا

وَاِحذَر دُعاءَ ظَليمٍ في نَعامَتِهِ
فَرُبَّ دَعوَةِ داعٍ تَخرُقُ الحُجُبا


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:00 PM
اللَهُ لا رَيبَ فيهِ وَهوَ مُحتَجِبٌ
بادٍ وَكُلٌّ إِلى طَبعٍ لَهُ جَذَبا

أَهلُ الحَياةِ كَإِخوانِ المَماتِ فَأَه
وِن بِالكُماةِ أَطالوا السُمرَ وَالعَذَبا

لايَعلَمُ الشَريُ ما أَلقى مَرارَتَهُ
إِلَيهِ وَالأَريُ لَم يَشعُر وَقَد عَذُبا

سَأَلتُموني فَأَعيَتني إِجابَتُكُم
مَن اِدَّعى أَنَّهُ دارٍ فَقَد كَذِبا


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:01 PM
إِذا ما عَراكُم حادِثٌ فَتَحَدَّثوا
فَإِنَّ حَديثَ القَومِ يُنسي المَصائِبا

وَحيدوا عَنِ الأَشياءِ خيفَةَ غَيِّها
فَلَم تُجعَلِ اللَذاتُ إِلّا نَصائِبا

وَما زالَتِ الأَيّامُ وَهيَ غَوافِلٌ
تُسَدِّدُ سَهماً لِلمَنِيَّةِ صائِبا


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:01 PM
لَعَمرُكَ ما غادَرتُ مَطلِعَ هَضبَةٍ
مِنَ الفِكرِ إِلّا وَاِرتَقَيتُ هِضابَها

أَقَلُّ الَّذي تَجني الغَواني تَبرُّجٌ
يُري العَينَ مِنها حَليهَا وَخِضابَها

فَإِن أَنتَ عاشَرتَ الكَعابَ فَصادِها
وَحاوِل رِضاها وَاِحذَرَ نَّغَضابَها

فَكَم بَكَرَت تَسقي الأَمَرَّ حَليلَها
مِنَ الغارِ إِذ تَسقي الخَليلَ رُضابَها

وَإِنَّ حِبالَ العَيشِ ما عَلِقَت بِها
يَدُ الحَيِّ إِلّا وَهيَ تَخشى اِنقِضابَها


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:01 PM
إِذا شِئتَ أَن يَرضى سَجاياكَ رَبُّها
فَلا تُمسِ مِن فِعلِ المَقاديرِ مُغضَبا

فَإِنَّ قُرونَ الخَيلِ أَولَتكَ ناطِحاً
وَإِنَّ الحُسامَ العَضبَ لَقّاكَ أَعضَبا

خَضَبتَ بَياضاً بِالصَبيبِ صَبابَةً
بَيضاءَ عَدَّتكَ البَنانَ المُخَضَّبا

وَما كانَ حَبلُ العَيشِ إِلّا مُعَلَّقاً
بِعُروَةِ أَيّامِ الصِبا فَتَقَضَّبا


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:01 PM
إِذا كُفَّ صِلٌّ أُفعُوانٌ فَما لَهُ
سِوى بَيتِهِ يَقتاتُ ما عَمَرَ التُربا

وَلَو ذَهَبَت عَينا هِزَبرٍ مُساوِرٍ
لَما راعَ ضَأناً في المَراتِعِ أَو سِربا

أَو اِلتُمِعَت أَنوارُ عَمرٍ وَعامِرٍ
لَما حَمَلا رُمحاً وَلا شَهِدا حَربا

يَقولونَ هَلّا تَشهَدُ الجُمَعَ الَّتي
رَجونا بِها عَفواً مِنَ اللَهِ أَو قُربا

وهَل لِيَ خَيرٌ في الحُضورِ وَإِنَّما
أُزاحِمُ مِن أَخيارِهِم إِبلاً جُربا

لَعَمري لَقَد شاهَدتُ عُجماً كَثيرَةً
وَعُرباً فَلا عُجُماً حَمَدتُ وَلا عُربا

وَلِلمَوتِ كَأسٌ تَكرَهُ النَفسُ شُربَها
وَلابُدَّ يَوماً أَن نَكونَ لَها شَربا

مِنَ السَعدِ في دُنياكَ أَن يَهلَكَ الفَتى
بِهَيجاءَ يَغشى أَهلُها الطَعنَ وَالضَربا

فَإِنَّ قَبيحاً بِالمُسَوَّدِ ضِجعَةٌ
عَلى فَرشِهِ يَشكو إِلى النَفَرِ الكَربا

وَلي شَرقٌ بِالحَتفِ ما هُوَ مُغرَبٌ
أَيَمَّمتُ شَرقاً في المَسالِكِ أَم غربا

تَقَنَّصَ في الإيوانِ أَملاكَ فارِسٍ
وَكَم جازَ بَحراً دونَ قَيصَرَ أَو دَربا


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:02 PM
رَأَيتُ قَضاءَ اللَهِ أَوجَبَ خَلقَهُ
وَعادَ عَلَيهِم في تَصَرُّفِهِ سَلبا

وَقَد غَلَبَ الأَحياءَ في كُلِّ وُجهَةٍ
هَواهُم وَإِن كانوا غَطارِفَةً غُلبا

كِلابٌ تَغاوَت أَو تَعاوَت لِجيفَةٍ
وَأَحسَبُني أَصبَحتُ أَلأَمَها كَلبا

أَبَينا سِوى غِشِّ الصُدورِ وَإِنَّما
يَنالُ ثَوابَ اللَهِ أَسلَمُنا قَلبا

وَأَيَّ بَني الأَيّامِ يَحمَدُ قائِلٌ
وَمَن جَرَّبَ الأَقوامَ أَوسَعَهُم ثَلبا


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:02 PM
أَطَلَّ صَليبُ الدَلوِ بَينَ نُجومِهِ
يَكُفُّ رِجالاً عَن عِبادَتِها الصُلبا

فَرَبُّكُمُ اللَهُ الَّذي خَلَقَ السُهى
وَأَبدى الثُرَيّا وَالسِماكَينِ وَالقَلبا

وَأَنحَلَ بَدرَ التَمِّ بَعدَ كَمالِهِ
كَأَنَّ بِهِ الظَلماءَ قاصِمَةٌ قُلبا

وَأَدنى رِشاءً لِلعِراقي وَلمَ يَكُن
شَريعاً إِذا نَصَّ البَيانُ وَلا خِلبا

وَصَوَّرَ لَيثَ الشُهبِ في مُستَقَرِّهِ
وَلَو شاءَ أَمسى فَوقَ غَبرائِهِ كَلبا

وَأَلقى عَلى الأَرضِ الفَراقِدَ فَاِرتَعَت
مَعَ الفَرقَدِ الوَحشيِّ تَرتَقِبُ الأَلبا

وَأَهبَطَ مِنها الثَورَ يَكرُبُ جاهِداً
فَتَعلَق ظَلفَيهِ الشَوابِكُ وَالهُلبا

وَأَضحَت نَعامُ الجَوِّ بَعدَ سُموِّها
سُدىً في نَعامِ الدَوِّ لا تَأمَنَ الغُلبا

وَأَنزَلَ حوتاً في السَماءِ فَضَمَّهُ
إِلى النونِ في خَضراءَ فَاِعتَرَفَ السُلبا

وَأَسكَنَ في سُكٍّ مِنَ التُربِ ضَيِّقٍ
نُجومَ دُجىً في شَبوَةٍ أَبَت الثَلبا


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:02 PM
إِصفَح وَجاهِر بِالمُرادِ الفَتى
وَلا يَقولوا هُوَ مُغتابُ

إِن رابَنا الدَهرُ بِأَفعالِهِ
فَكُلُّنا بِالدَهرِ مُرتابُ

فَاِعفُ وَلا تَعتَب عَليهِ فَكَم
أَودى بِهِ عَوفٌ وَعَتّابُ

لَو ضُرِبَ الغاوُونَ بِالسَيفِ لا
بِالسَوطِ حَدَّ الخَمرِ ما تابوا

تِلكَ مَن اِجتابَت لَهُ صورَةٌ
فَهوَ لِسُخطِ اللَهِ مُجتابُ

نِمنا عَلى الشَيبِ فَهَل زارَنا
طَيفٌ لِأَصلِ الشَرخِ مُنتابُ

هَيهاتَ لا تَحمِلُهُ نَحوَنا
سُروجُ أَفراسٍ وَأَقتابُ


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:02 PM
يَحسُنُ مَرأى لِبَني آدَمٍ
وَكُلُّهُم في الذَوقِ لا يَعذُبُ

ما فيهُمُ بَرٌّ وَلا ناسِكٌ
إِلّا إِلى نَفعٍ لَهُ يَجذِبُ

أَفضَلُ مِن أَفضَلِهِم صَخَرَةٌ
لا تَظلِمُ الناسَ وَلا تَكذِبُ


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:03 PM
إِن عَذُبَ المَينُ بِأَفواهِكُم
فَإِنَّ صِدقي بِفَمي أَعذَبُ

طَلَبتُ لِلعالَمِ تَهذيبَهُم
وَالناسُ ما صُفّوا وَلا هُذِّبوا

سَأَلتُ مَن خالَفَ عَن دينِهِ
فَأَعوَزَ المُخبِرُ لا يَكذِبُ

وَأَكثَروا الدَعوى بِلا حُجَّةٍ
كُلٌّ إِلى حَيِّزِهِ يَجذبُ


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:03 PM
سَمّى اِبنَهُ أَسَداً وَلَيسَ بِآمِنٍ
ذيباً عَلَيهِ إِذا أَطَلَّ الذيبُ

وَاللَهُ حَقٌّ وَاِبنُ آدَمَ جاهِلٌ
مِن شَأنِهِ التَفريطُ وَالتَكذيبُ

وَاللُبُّ حاوَلَ أَن يُهَذِّبَ أَهلَهُ
فَإِذا البَرِيَّةُ ما لَها تَهذيبُ

مَن رامَ إِنقاءَ الغُرابِ لِكَي يَرى
وَضَحَ الجَناحِ أَصابَهُ تَعذيبُ

وَالدَهرُ يَقدُمُ وَالمَليكُ مُخالِفٌ
دُوَلاً فَمِنها مُجمِدٌ وَمُذيبُ


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:03 PM
عَلِمَ الإِمامُ وَلا أَقولُ بِظَنِّهِ
إِنَّ الدُعاةَ بِسَعيِها تَتَكَسَّبُ

هَذا الهَواءُ يَلوحُ فيهِ لِناظِرٍ
صُوَرٌ وَلَكِن عَن قَريبٍ تَرسُبُ

وَالناسُ جِنسٌ ما تَمَيَّزَ واحِدٌ
كُلُّ الجُسومِ إِلى التُرابِ تَنَسَّبُ

وَالأَريُ باطِنَهُ مَتى ماذُقتَهُ
شَريٌ فَماذا لا أَبا لَكَ تَلسَبُ

وَسَيُقفَرُ المَصرُ الحَريجُ بِأَهلِهِ
وَيَغُصُّ بِالإِنسِ الفَضاءُ السَبسَبُ


ابو علاء المعري
أصيب بالجدري صغيراً
فعمى في السنة الرابعة
من عمره

الحمدان
08-06-2024, 06:04 PM
لَذّاتُنا إِبلُ الزَمانِ يَنالُها
مِنّا أَخو الفَتكِ الَّذي هُوَ خارِبُ

وَأَرى عَناءً قيدَ يَغشى المَرءَ مِن
بِنتِ العَناقيدِ الَّذي هُوَ شارِبُ

وَلِسَيِّدِ الأَقوامِ عِندَ حِجابِهِ
طَبعٌ يُقاتِلُهُ الحِجى وَيُحارِبُ

وَالشَرُّ في الجَدِّ القَديمِ غَريزَةٌ
في كُلِّ نَفسٍ مِنهُ عِرقٌ ضاربُ


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:04 PM
عُيوبي إِن سَأَلتَ بِها كَثيرٌ
وَأَيُّ الناسِ لَيسَ لَهُ عُيوبُ

وَلِلإِنسانِ ظاهِرُ ما يَراهُ
وَلَيسَ عَلَيهِ ما تُخفي الغُيوبُ

يَجُرّونَ الذُيولَ عَلى المَخازي
وَقَد مُلِئَت مِنَ الغِشِّ الجُيوبُ

وَكَيفَ يَصولُ في الأَيّامِ لَيثٌ
إِذا وَهَتِ المَخالِبُ وَالنُيوبُ


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:04 PM
رَغِبنا في الحَياةِ لِفِرطِ جَهلٍ
وَفَقدُ حَياتِنا حَظٌّ رَغيبُ

شَكا خُزَرٌ حَوادِثَها وَلَيثٌ
فَما رُحِمَ الزَئيرُ وَلا الضَغيبُ

شَهِدتُ فَلَم أُشاهِد غَيرَ نُكرٍ
وَغَيَّبَني المُنى فَمَتى أَغِبُ


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:04 PM
تَنادَوا ظَاعِنينَ غَداةَ قالوا
أَصابَ الأَرضَ مِن مَطَرٍ مُصيبُ

لَعَلَّ شَوائِماً رَمَقَت وَميضاً
تَبيدُ وَما لَها فيهِ نَصيبُ

وَقَد تَنجو النُفوسُ بِأَرضِ جَدبٍ
وَيُهلِكُ أَهلَهُ المَغنى الخَصيبُ


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:05 PM
لِسانُكَ عَقرَبٌ فَإِذا أَصابَت
سِواكَ فَأَنتَ أَوَّلُ مَن تُصيبُ

أَثِمتَ بِما جَنَتهُ فَمَن شَكاها
وَفى لَكَ مِن شَكِيَّتِهِ نَصيبُ

أَتى الرَجُلَينِ عَنها الشَرُّ مَثنى
كلا يَومَيكُما شَئِزٌ عَصيبُ


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:05 PM
إِذا هَبَّت جَنوبٌ أَو شَمالٌ
فَأَنتَ لِكُلِّ مُقتادٍ جَنيبُ

رُوَيدَكَ إِن ثَلاثونَ اِستَقَلَّت
وَلَم يُنِبِ الفَتى فَمَتى يُنيبُ


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:05 PM
تُريبُ وَسَوفَ يَفتَرِقُ التَريبُ
حَوانا وَالثَرى نَسَبٌ قَريبُ

جَرى بِفِراقِ جيرَتِنا غُرابٌ
فُعالٌ مِن مَقالَتِهِم غَريبُ

غَدا يَتَوَكَّفُ الأَخبارَ غِرٌّ
وَصاحَ بِبَنِهِم داعٍ أَريبُ

طِعانٌ كُلَّ حينٍ أَو ضِرابٌ
يَموتُ بِها طَعينٌ أَو ضَريبُ

وَأَرضٌ لا تَحُسُّ بِمَن عَلَيها
وَلا يَبقى بِها مِنهُم عَريبُ

وَأَشباحٌ يُخالِطُهُنَّ غَدرٌ
فَما يَرعى الأَكيلُ وَلا الشَريبُ

إِذا كانَ الثَراءُ إِلى زَوالٍ
فَكُلُّ مُمَوِّلٍ مِنّا حَريبُ


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:05 PM
أَلا عَدّي بُكاءً أَو نَحيباً
فَمِن سَفَهٍ بُكاؤُكِ وَالنَحيبُ

مَحَلُّ الجِسمِ في الغَبراءِ ضَنكٌ
وَلَكِن عَفوُ خالِقِنا رَحيبُ

وَسِيّانِ اِبنُ آدَمَ حينَ يُدعى
بِهِ لِلغُسلِ وَالهِدمُ السَحيبُ


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:05 PM
دَنا رَجُلٌ إِلى عِرسٍ لِأَمرٍ
وَذاكَ لِثالِثٍ خُلِقَ اِكتِسابُ

فَما زالَت تُعاني الثُقلَ حَتّى
أَتاها الوَضعُ وَاِتَّصَلَ الحِسابُ

نُرَدُّ إِلى الأُصولِ وَكُلُّ حَيٍّ
لَهُ في الأَربَعِ القُدُمِ اِنتِسابُ


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:06 PM
تُرابُ جُسومِنا وَهيَ التُرابُ
إِذا وَلّى عَنِ الآلِ اِغتِرابُ

تُراعُ إِذا تُحَسُّ إِلى ثَراها
إِياباً وَهوَ مَنصِبُها القُرابُ

وَذاكَ أَقَلُّ لِلأَدواءِ فيها
وَإِن صَحَّت كَما صَحَّ الغُرابُ

هُمومٌ بِالهَواءِ مُعَلَّقاتٌ
إِلى التَشريفِ أَنفُسُها طِرابُ

فَأَرماحٌ يُحَطِّمُها طِعانٌ
وَأَسيافٌ يُفَلِّلُها ضِرابُ

تَنافَسُ في الحُطام وَحَسبُ شاكٍ
طَوىً قوتٌ وَحِلفُ صدىً شَرابُ

وَأَفسَدَ جَوهَرَ الأَحسابِ أَشبٌ
كَما فَسَدَت مِنَ الخَيلِ العِرابُ

وَأَملاكٌ تُجَرَّأُ في غِناها
وَإِن وَرَدَ العُفاةُ فَهُم سَرابُ

وَقَد يُفري أسُوَدَ الغيلِ حِرصٌ
فَتَحويها الحَظائِرُ وَالزِرابُد

مَتى لَم يَضطَرِب مِن عَلوَ جَدٌّ
فَلَيسَ بِنافِعٍ مِنكَ اِضطِرابُ

كَأَنَّ السَيفَ لَم يَعطَل زَماناً
إِذا حَلِيَ الحَمائِلُ وَالقِرابُ

تَأَلَّفُ أَربَعٌ فينا فَتُذكى
بِها مِنّا ضَغائِنُ وَاِحتِرابُ

وَلَو سَكَنَت جِبالَ الأَرضِ روحٌ
لَما خَلَدَت نَضادِ وَلا أَرابُ


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:06 PM
أَقَرّوا بِالإِلَهِ وَأَثبَتوهُ
وَقالوا لا نَبِيَّ وَلا كِتابُ

وَوَطءُ بَناتِنا حِلٌّ مُباحٌ
رُوَيدَكُمُ فَقَد بَطَلَ العِتابُ

تَمادَوا في العِتابِ وَلَم يَتوبوا
وَلَو سَمِعوا صَليلَ السَيفِ تابو


ابو علاء المعري

الحمدان
08-06-2024, 06:06 PM
نُفوسٌ لِلقِيامَةِ تَشرَئِبُ
وَغَيٌّ في البَطالَةِ مُتلَئِبُّ

تَأَبّى أَن تَجيءَ الخَيرَ يَوماً
وَأَنتَ لِيَومِ غُفرانٍ تَئِبُّ

فَلا يَغرُركَ بِشرٌ مِن صَديقٍ
فَإِنَّ ضَميرَهُ إِحَنٌ وَخَبُّ

وَإِنَّ الناسَ طِفلٌ أَو كَبيرٌ
يَشيبُ عَلى الغَوايَةِ أَو يَشِبُّ

تُحِبُّ حَياتَكَ الدُنيا سَفاهاً
وَما جادَت عَلَيكَ بِما تُحِبُّ

وَإِنَّك مُنذُ كَونِ النَفسِ عَنساً
لَتوضِعُ في الضَلالَةِ أَو تُخِبُّ

وَإِن طالَ الرُقادُ مِنَ البَرايا
فَإِنَّ الراقِدينَ لَهُم مَهَبُّ

غَرامُكَ بِالفَتاةِ خَنىً وَغَمٌّ
وَلَيسَ يَسَرُّ مَن يَشتاقُ غِبُّ

لَو أَنَّ سَوادَ كَيوانٍ خِضابٌ
بِكَفِّكَ وَالسُهى في الأُذنِ حَبُّ

لَما نَجّاكَ مِن غَيرِ اللَيالي
سَناءٌ فارِعٌ وَغِنىً مُرِبُّ

وَما يَحميكَ عِزٌّ إِن تَسَبّى
وَلَو أَنَّ الظَلامَ عَلَيكَ سِبُّ

أَرى جِنحَ الدُجى أَوفى جَناحاً
وَماتَ غُرابُهُ الجَونُ المُرِبُّ

فَما لِلنَسرِ لَيسَ يَطيرُ فيهِ
وَعَقرَبُهُ المُضِبَّةُ لا تَدُبُّ

أَيَجلو الشَمسَ لِلرائي نَهارٌ
فَقَد شَرَقَت وَمَشرِقُها مُضِبُّ

وَلَم يَدفَع رَدى سُقراطَ لَفظٌ
وَلا بِقراطُ حامى عَنهُ طِبُّ

إِذا آسَيتَني بِشَفاً صَريعاً
فَدَعني كُلُّ ذي أَمَلٍ يَتِبُّ

وَلا تَذبُب هُناكَ الطَيرَ عَنّي
ولا تَبلُل يَداكَ فَماً يَذِبُّ


ابو علاء المعري