هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

[الحمدان]

اندُبِ الطّفَّ وَسِبطَ المُصطَفَى
بِمرَاثٍ هِيَ أَسرَى مِن قفَا

لا تَرُم ضَوءَ هُدىً مِن بَعدِهِ
فَسِرَاجُ الهَديِ بالطّفِّ انطَفَى

أُم ّةَ الطّغيانِ مَا أَجرأَكُم
ما أقَلَّ البِرّ فِيكُم وَالوَفَا

لَو رَآهُ جدّهُ بَينَكُم
ظَامِئاً يُسقَى الحُسامَ المُرهَفَا

لانطَوَى فَوقَ يَدَيهِ أَلَماً
وَتَوَلّى قَائِلاً وَا أَسَفَا

شَاكِيا يَستَصرِخُ اللَّهَ وَقَد
قَالَ يَعني مُقلَتَيهِ انذَرِفا

أَتُرَى أَرضيتُمُ خالِقَكُم
يَومَ أَذرَفتُم دُمُوعَ المُصطَفَى

أَيُّ سِبطٍ لَو قُتِلتُم عِندَهُ
وُقُتِلتُم كُلُّكم مَا انتَصَفَا

جَدُّه لِلأَنبِيَاءِ خَاتِمٌ
وَأَبُوهُ خَاتِمٌ لِلخُلَفَا

لَيسَ يَحتَاجُ إِلَى تَسمِيَةٍ
إِن سَكتتا عَن حُسَينٍ عُرِفا

يَا بَنِي حَربٍ جَفَوتُم جَدّه
أَرَسُولُ اللَّهِ يُجزَى بِالجَفَا

يَا بَنِي حَربٍ وَلا عُذرَ لكُم
أَأُطِيلُ القَولَ فِيكُم أَم كَفَى


التجيبي

[الحمدان]

يا قَمَراً مَطلَعُهُ أَضلُعِي
لَهُ سَوَادُ القَلبِ فِيهَا غَسَق

وَرُبَّما استَوقَدَ نَارَ الهَوى
فَنَابَ فِيهَا لَونُهَا عَن شَفَق

مَلَكتَنِي فِي دَولَةٍ مِن صِباً
وَصِدتَنِي فِي شَرَكٍ مِن حَدَق

عِندِيَ مِن حُبِّكَ مَا لَو سَرَت
فِي البَحرِ مِنهُ شُعلَةٌ لاحتَرَق


التجيبي

[الحمدان]

وَرَاءَ ضُلُوعِ الغَيمِ قَلبُ مَشُوقِ
لِبَرقٍ بِذَاتِ الأَبرَقَين خَفُوقِ

بَدَا طَفَلاً يُزجِي السَّحَابَ وَإِنَّمَا
أَدَارَ عَلَى الآفَاقِ كَأسَ غَبُوقِ

فَيَا مَن رَآى لَونِي أَصيلاً وَعَبرَتِي
غَمَاماً وَقَلبِي وَهوَ خَفقُ بُرُوقِ

أَلا فَاعجَبُوا مِنِّي وَإِنِّيَ وَاحِدٌ
يُضَمِّنُنِي حبيب صِفَاتِ فَرِيقِ

وَمَن لِبُرَيقٍ يَشتَكِي مِنهُ أُفقُهُ
بِجُرح كَجُرحِ الحُبِّ غَير مُفِيقِ

قَعَدتُ لَهُ فِي فِتيَةٍ أدَبِيَّةٍ
يُقِيمُونَ لِلآدَابِ أَكرَمَ سُوقِ



التجيبي

[الحمدان]

قالوا وَقَد طالَ بي مَدى خطئِي
وَلَم أَزَل في تَجَرُّمي ساهِي

أَعدَدتَ شَيئاً تَرجو النَّجاةَ بِهِ
فَقُلتُ أَعدَدتُ رَحمَةَ اللَّهِ


التجيبي

[الحمدان]

صَرَمتُ مِن أُنسِيَ حَبلَ الأَمَلْ
فسَله ما أصابَهُ أو لا تَسَلْ

حالٌ مِن أُنسِي حَبل الأَمَل
سَرَى بها الركبُ وَطَارَ المَثَلْ

مَدَامِعٌ تَنحَلُّ أَسمَاطُهَا
وَلَوعَةٌ عُقدَتُهَا لا تُحَل

وَمُهجَةٌ مُستَطرَفٌ عَيشُهَا
يَا لَيتَ شِعرِي أَينَ مِنهَا الأجَل

يَا لَيتَ شِعرِي وَالمُنَى جَمَّةٌ
وَيُغبَطُ المَرءُ بِمَا لَم يَنَل

هَل يَرجِعُ الدَّهرُ كَعَهدِي بِهِ
وَقَلَّمَا تَستَعطِفُ الدَّهرَ هَل

جِيرَتنَا مَا لِي أَرى قُربَكُم
مَالَ بِهِ البَينُ فَهَلا اعتَدَل

لَو كَانَ لِي أمرِي وَمَن لِي بِهِ
لمتُّ مِن بَعدِكُمُ لا أَقَل

لَكِن يُقِرُّ العَينَ أَنَّ الجَوَى
قَد جَلَّ حَتَّى دَقَّ فِيهِ الأَجَل

وَالقَلبُ إِلا مِن وَجِيبٍ عَرى
وَالعَينُ إِلا مِن دُمُوعٍ طَلَل

وَلامَنِي قَومٌ فَرُدُّوا بِما
جَاءُوا وَمَلُّوا وَأَنا لا أَمَل

فَلَو رَأى ضَبَّةُ عِصيَانَهُم
لَم يَنسُبِ السَّيفَ لِسَبقِ العَذَل


التجيبي

[الحمدان]

مِن أَظهُرِ الكُتبِ أَقتَنيها
وَخَلِّ مَا تَحتَوي البُحورُ

بِتِلكَ تَزهو النُحورُ لَكِن
بِهذِهِ تَزدَهي الصُدورُ


التجيبي

[الحمدان]

هَبَّ النَّسيمُ وَماءُ النَهرِ يَطَّرِدُ
وَنارُ شَوقِي في الأَحشاءِ تَتَّقِدُ

فَصاغَ مِن مائِهِ دِرعاً مُفَضَّضَةً
وَزادَ قَلبِيَ وَقداً لِلَّذي يَجِدُ

وَإِنَّما شَبَّ أَحشَائِي لِحاجَتِهِ
إِذ لَيسَ دونَ لَهيبٍ يُصنَعُ الزَّرَدُ


التجيبي

[الحمدان]

وَلَم أَرَ فيما تَشتَهِي العَينُ مَنظَراً
كَتُفّاحَةٍ في بِركَةٍ بِقَرارِ

يَفيضُ عَلَيها ماؤُها فَكَأَنَّها
بَقِيَّةُ خَدٍّ في اِخضِرارِ عِذارِ


التجيبي

[الحمدان]

يا أَرضَ تُدمِير هَل حديثٌ
يخطر بي مِنك أَو يُلمُّ

كَم فِيكِ لي مِن خَليلِ صِدقٍ
الشَّهدُ إِلا لدَيهِ سُمُّ

وَمِن بُكورٍ وَمِن رَوَاحٍ
يخصُّ بالبشرِ أَو يَعُمُّ

لِلَّهِ فيمَن هُناكَ قَومٌ
هَمُّ تَنائيهمُ يهُمُّ

إن جَدَع الغَدرُ أنفَ عَهدٍ
فعهدُهُم شامخٌ أشمُّ

شاعَت بِهِم لَوعتي وحُبّي
والمِسكُ مِن طَبعِهِ يَنِمُّ


التجيبي

[الحمدان]

أَسَمِيَّ مَن سَنّ القِرَى رِفقاً بِمَن
يَفنَى عَلَيكَ صَبَابَةً وغَرَاما

أَنا ضَيفُ حُبِّكَ فَاصطَنِعني إِنَّه
ضَيفُ الهَوَى يَستَوجِبُ الإِكرَاما

لَمّا نَظَرتُ نُجومَ خيلانٍ بَدَت
فِي صَحنِ وَجنَتِكَ استفَدتُ سَقَاما

أَفنَيتَ جِسمَ الصَّبِّ شَوقاً مِثلَمَا
أَفنَى سَمِيُّكَ قَبلَكَ الأَصنَامَا

يَا زَهرَةً سَكَنَت فُؤَادِي غضّةً
أَنّى تَبَوّأتَ الجَحِيمَ كِمَاما

حَتّى كَأَنَّ الحُبَّ قالَ لأَضلُعِي
يَا نَارُ كُن بَرداً لَهُ وَسَلامَا


التجيبي

[الحمدان]

إِنّا إِلى اللَّهِ مِن أُناسٍ
قَد خَلَعوا لبسَةَ الوَقارِ

جاوَرتُهُم فَاِنخَفَضتُ هوناً
يا رَبِّ خَفِّض عَلى الجِوارِ


التجيبي

[الحمدان]

يَا مَصنعاً قَد تَرَدّى حُلّة الهَرَم
مَشهودُ حالِهِ عُنوَانٌ عَنِ القِدَمِ

كَم طَافَ حَولَكَ مِن حَافٍ وَمُنتَعِل
بَادوا وَأَنتَ حَبِيسُ الدَّهرِ لَم تَرمِ

وَكَم تَأَلَّفَ فِيكَ الرُّومُ وَاجتَمَعُوا
وَأَنتَ فِي أَنفِ ذَاكَ الجَمعِ كَالشّمَمِ

والدَّارُ دَارُهُمُ وَالأَمرُ أمرُهُمُ
وَصِيتُهُم فِي الوَرَى نَارٌ عَلَى عَلَمِ

حَتَّى انتَحَتهُم صُرُوفُ الدَّهرِ فَانقَرَضُوا
فَأَينَ رِمَّتُهُم فِي جُملَةِ الرّمَمِ

يَا مُشبِهَ القَوسِ إِلا أَنَّ أَسهُمَهُ
قَضَت عَلَى مَن تَبَنَّاهُ مِنَ الأُمَمِ

قَالُوا هُوَ المَلعَبُ البَادِي فَقُلتُ لَهُم
نَعَم وَلَكِن لِخَيلِ الرِّيحِ وَالدِّيَمِ

يَا هَيكَلاً أَخبَرَت عَنهُ مَنَاظِرُهُ
بِأنَّهُ نُقطَةٌ فِي أَبحُرِ الهِمَمِ

يَا لَيتَ شِعرِي عَن أَهلِيكَ كَيفَ غَدَت
أَشلاؤُهُم لِلرَّدَى لَحماً عَلَى وَضَمِ

فَحِينَ ذَكَّرتُهُ أَهلِيهِ طَارَحَنِي
عَنهُم وَحَاوَرَنِي نُطقاً بِغَيرِ فَمِ

وَقَالَ وَلَّوا وَخَلَّونِي وَرَاءَهُمُ
وَاستَودَعُونِي حُسنَ الرَّعيِ لِلذّمَمِ

فَجَيبُ سُورِيَ قَد مَزَّقتُهُ أَسَفاً
وَسِنُّ صَخرِيَ مَقرُوعٌ مِنَ النَّدَمِ

آلَيتُ أَسلُوهُم رَعياً لِعَهدِهِم
أَلَيسَ رَعيِي لِذَاكَ العَهدِ مِن كَرَمِ

فأودعَ السَّمعَ قُرطاً مِن حَدِيثِهِمُ
يَا مَن رَأى أَعجَماً يُنبِي عَنِ العَجَمِ


التجيبي

[الحمدان]

لِلَّهِ أَشقَرُ لَو تُجاريه الصَّبا
باعاً لَخَرت لِليَدَينِ وَلِلفَمِ

وكأَنّه وَعَلَيهِ عَبدٌ أَسودٌ
نارٌ تَأَجَّجُ في فُؤَادِ مُتَيَّمِ

أَو فَحمَةٌ سَوداءُ أُوقِدَ بَعضُها
فَنَظَرت مِنهَا أشقراً في أَدهَمِ

وَكَأَنَّما هُوَ يُجرَى بِهِ
بَرقٌ يَفِرُّ بِقِطعِ لَيلٍ مُظلِمِ


التجيبي

[الحمدان]

تَأَمَّل عَلَى مَجرى المِياهِ حُلَى الزَّهرِ
كَعَهدِكَ بِالخَضراءِ وَالأَنجُمِ الزُّهرِ

وَقَد ضَحِكَت لِلياسَمينِ مَباسِمٌ
سُروراً بِآدابِ الوَزيرِ أَبِي بَكرِ

وَأَصغَت مِنَ الآسِ النَضيرِ مَسامِعٌ
لِتَسمَعَ ما يَتلوهُ مِن سُوَرِ الشِّعرِ


التجيبي

[الحمدان]

وَنَهارِ أُنسٍ لَو سَأَلنا دَهرَنا
في أَن يَعودَ بِمِثلِهِ لَم يَقدِرِ

خَرَقَ الزَمانُ لَهُ بِهِ عَاداتِهِ
فَلَوِ اِقتَرَحنا النَجمَ لَم يَتَعَذَّرِ

في فِتيَةٍ عَلِمَت ذُكاءُ بِحُسنِهِم
فَتَلَفَّعَت مِن غَيمِها في مِئزَرِ

وَالسَرحَةُ الغَنّاءُ قَد قَبَضَت بِها
كَفُّ النَسيمِ عَلى لِواءٍ أَخضَرِ

وَكَأَنَّ شَكلَ الغَيمِ مُنخُلُ فِضَّةٍ
يُلقِي عَلى الآفاقِ رَطبَ الجَوهَرِ


التجيبي

[الحمدان]

أَحِبّتَنا نَزَحنَا عَن ذُراكُم
نزوحَ الكَأسِ عن كَفّ النّدِيمِ

وَوَدعتُم ببرّكُمُ وَلَكِن
وَدَاعَ البَدرِ لِلَيل البَهِيمِ

فَكَانَ مَحَل هَذَا البر مِنا
محل البرء في جسم السقيمِ


التجيبي

[الحمدان]

تَحِيَّةُ اللَّهِ وَطِيبُ السَّلام
عَلَى رَسُولِ اللَّهِ خَيرِ الأَنَام

عَلَى الَّذِي فَتَّحَ بَابَ الهُدَى
وَقَالَ لِلنَّاسِ ادخُلوا بِالسَّلام

بَدرِ الهُدى غَيمِ النَّدَى وَالسَدَى
وَمَا عَسَى أَن يَتَنَاهَى الكَلام

تَحِيَّةٌ تَهزَأُ أَنفَاسُهَا
بِالمِسكِ لا أَرضَى بِمِسكِ الخِتَام

تَخُصُّهُ مِنِّي وَلا تَنثَنِي
عَن أَهلِهِ الصِيدِ السَراةِ الكِرَام

وَقَدرُهُم أرفَعُ لَكِنَّنِي
لَم أُلفِ أَعلَى لَفظَةً مِن كِرَام


التجيبي

اللهم صل وسلم على نبينا محمد

[الحمدان]

أَحمَى الهَوى قَلبَهُ وَأَوقَد
فَهوَ عَلَى أَن يَموتَ أَوقَد

وَقالَ عَنهُ العَذولُ سالٍ
قَلَّدَهُ اللَّهُ ما تَقَلَّد

وَبِاللوى شَادِنٌ عَلَيهِ
جيدُ غَزالٍ وَوَجهُ فَرقَد

أَسكَرَهُ ريقُهُ بِخَمرٍ
حَتّى اِنتَشَى طَرفُهُ فَعَربَد

لا تَعجَبوا لانهِزامِ طَرفي
فَجَيشُ أَجفانِهِ مُؤَيَّد

أَنا لَهُ كَالَّذِي تَمَنَّى
عَبدٌ نَعَم عَبدُهُ وَأَزيَد

لَهُ عَلَيَّ اِمتِثَالُ أَمرٍ
وَلي عَلَيهِ الحَفاءُ وَالصَّد

إِن بَسمَلَت عَينُهُ لِقَتلي
صَلَّى فُؤادي عَلى مُحَمَّد


التجيبي

[الحمدان]

سَلِ البَانَ عَنهُم كَيفَ بَعدَهُم البَانُ
أَشَاقُوهُ إِذ سَارُوا وَرَاعُوهُ إِذ بَانُوا

أَلَم يَتَعَاطَ دُونَ بَانٍ قَضِيبُهُ
فَتِلكَ القُدُودُ الهِيفُ فِي العَينِ إِخَوَانُ

فَمَا بَالُهَا لَم تَدنُ شَوقاً إِلَيهِمُ
وَلَم تَنقَدِح فِيهَا مِنَ الوَجدِ نِيرَانُ


التجيبي

[الحمدان]

أَعِذَارَهُ رِفقاً عَلَيهِ فَقَد
صَدَرَ الصِّبا غَضبانَ عَنكَ أَسِف

كَيفَ اِنبَرَيتَ لِنُونِ وَجنَتِهِ
فَمَحَوتَها وَكَتَبتَ لامَ أَلِف

فَكَأَنَّها نَهيٌ لِعاشِقِهِ
لا تَلتَفِت بَدراً جَنى فَكُسِف


التجيبي

[الحمدان]

وَمُعَندَمِ الوَجَناتِ تَحسِبُ أَنَّهُ
صُبِغَت بُرودُ الوَردِ في وَجَناتِهِ

مَثُلَ الجَمالُ بِخَدِّهِ مُتَنَبِّئاً
فَشَهِدتُ أَنَّ الخالَ مِن آياتِهِ

نَظَرَت إِلَيهِ أُختُهُ شَمسُ الضُحى
وَأَياتُها في النُورِ دُونَ أياتِهِ

فَتَوَقَّدَت أَحشاؤُها مِن زَفرَةٍ
فَبَدا شُعاعُ النارِ في مِرآتِهِ


التجيبي

[الحمدان]

وَشادِنٍ ذِي غَنَجٍ دَلَّهُ
يَروقُنا طَوراً وَطَوراً يَرُوع

يَقذِفُ بِالنارَنجِ في بِركَةٍ
كَلاطِخٍ بِالدَمِ سُودَ الدُّروع

كَأَنَّها أَكبادُ عُشّاقِهِ
يَتبَعُها في لُجِّ بَحرِ الدُّموع


التجيبي

[الحمدان]

وَصاحِبٍ لِيَ لا كانَت طَبائِعُهُ
كَأَنَّها سُحُبٌ بِالسَرطِ مُنهَمِرَه

إِذا أَحَسَّ بِمَأكولٍ تُقَدِّمُهُ
يَكادُ يَسبِقُ فيهِ حَلقُهُ بَصَرَه

كَأَنَّ فاهُ عَصا مُوسَى إِذا اِنقَلَبَت
وَما تَقَدَّمَهُ إِفكٌ مِنَ السَحَرَه


التجيبي

[الحمدان]

كَأَنَّ بُكاها مِن سُرورٍ فَدَمعُها
يُثيرُ سُروراً في جَوانِحِ ذي خَبلِ

كَذاكَ السحابُ الغَزرُ تُرسِلُ دَمعَها
سَريعاً وَتَمشي في السماءِ عَلى مَهلِ

كَأَنَّ السَّحابَ الغُرَّ أَلقَت بِسِرِّها
إِلَيها فَلَم تكتُم وَضاقَت عَنِ الحَملِ


التجيبي

[الحمدان]

يَقولُ إِذا رَآني ما دَهاهُ
كَأَنَّ بِمُهجَتي أَحَداً سِواهُ

وَما أَدراهُ بِالشَّكوى وَلكِن
تَدَلُّلُهُ يُؤَيِّدُهُ صِباهُ

وَقالوا هَل جَنى شَيئاً عَلَيهِ
هِلالُ الأُفقِ يَمنَحُهُ قِلاهُ

جَفاهُ فَهوَ لا يَرنو إِلَيهِ
فَقُلتُ لَهُم لأَمر ما جَفاهُ

مَخافَةَ أَن يَقُولَ الصَّبُّ يَوماً
نَعَم وَيَرى الهِلالَ كَما أَراهُ


التجيبي

[الحمدان]

وَدِيارٍ تَشكو الزَّمانَ وَتُشكي
حَدَّثَتنا عَن عِزَّةِ ابنِ هَمُشكِ

وَأُناسٍ عَتَوا عَلى الدَّهرِ حَتّى
هَبَّ في جَمعِهِم بِعاصِفِ هُلكِ

طَالَما قَسَّموا لَدَيها رِقاباً
وَدِماءً عَلى خُضُوعٍ وَسَفكِ

تَرَكُوا في الثَّرى الثَّراءَ وَخَلّوا
مُلكَهُم نُهبَةً لأَعظَمِ مَلكِ

أَخَذوا حَظَّهُم مِنَ العِزِّ حَتّى
تَرَكُوهُ وَكُلُّ أَخذٍ لِتَركِ


التجيبي

[الحمدان]

ولي زفرةٌ لا يُوسِعُ القلبَ ردُّها
وكيف وتيّارُ الأسى يتدفَّعُ

أغرّكَ مني في الرّزايا تجلُّدي
ولم تدرِ ما يخفي الفؤادُ المُلوَّعُ

الجواهري

[الحمدان]

وحيدٌ من الخلان في كلّ بلدةٍ
وما عظمت في ما أريدُ المطالبُ

ولكنّ لي نفسًا عَنودًا عن الورىظ°
فتزورّ عنهم وحشةً وتُجانبُ

......

[الحمدان]

وكن في الطريق عفيف الخطى
شريف السماع كريم النظر

وكن رجلاً إن أتوا بعدهُ
يقولون مـرَّ وهذا الأثـر

......

[الحمدان]

وَيَلُفُّنِي وَجَعُ الحَنِينِ وَأدَّعِي
‏صَبْرًا، وَجَوْفِي بِالأَسَى يَتَقَطَّعُ

‏وَأَذُوبُ مِنْ شَوْقِي لَهُمْ لَكِنَّنِي
‏مِنْ فَرْطِ حُزْنِي أَعْيُنِي لَا تَدْمَعُ

......

[الحمدان]

يا كل أُمنيَةٍ بالواقع اصطدمَت
حاولتُ إنقاذنا لكنهُ القدرُ

اللهُ يبعثُ بعد الدمع ضحكتنا
ويفعلُ الله ما لا تفعل البشرُ

......

[الحمدان]

و الذاتُ تسأل مَن أنا
أنا مثلُها حَيْرى أحدقُ في الظلام

لا شيء يمنحني السلام
أبقى أسائلُ و الجواب

سيظل يحجُبُه سرابْ
و أظل أحسبُه دَنا

وصلتُ إليه ذابْ
و خَبا و غابْ

نازك الملائكة

[الحمدان]

هَوِّن عليك فما في اللَّوح قد كُتبَا
واللومُ يورثكَ الأحزانَ وَالتعب

فَاسعدْ بمَا في يَديكَ اليومَ مِن أمل
ولا تُفكِّر بمَاضيكَ الذِي ذهبَ

......

[الحمدان]

اقطعْ رجاءكَ من حِسٍّ لسُلطانِ
يا من تُنادي لفرعونٍ وهامانِ

واللّهِ قد كَثُرَت أعدادُنا عَبَثًا
فليسَ في الجمعِ هذا نِصفُ إنسانِ

كم طفلةٍ قد قَضَتْ جوعًا بخيمتِها
كانت تغنّي بلاد العُربِ أوطاني


عبدالله زمزم

[الحمدان]

رباهُ كم يسَّرت كل معسرٍ
‏ولممت شملي بعد طول شتات

‏ولكم سألتك والجبال من الأسى
فوقي فصارت مثل ذر فُتات

‏مانابني كربٌ يقضُّ مضاجعي
‏إلا ولـطـفُــك فـرَّج الـكـرُبـات


......

[الحمدان]

هلا علمت وهل عرفت بما جرى
إن مر طيفك فى خيالي او سرى

ألقى الحياة تفتحت ابوابها
والكون من عبق الزهور تعطرا

واليأس ولى من فؤادي يائسآ
والفرح عشش فى الحنايا وإنبرى

فتراك روحي فى غيابك حولها
وسواك عيني يا حبيبى لا ترى

ينساب حبك يا حبيب بداخلى
كدمي ويجري فى الوريد كما جرى

أنت الذى بالحب قد علمتني
إن الكرامة لا تباع وتشترى

أنت الذى هيجت كل جوارحي
وجعلت جوي بالسعادة معطرا

لولاك ما حضن الغرام قصائدي
كلا ولا ورد القصيدة ازهرا

لولاك ما علم الجميع بلهفتي
وترنمت بصبابتي كل الورى

عجل بوصلك يا جميل فإنني
أحيا الثواني فى غيابك اشهرا

......

[الحمدان]

دَعْني أسَافِرُ في عيونكَ لَحْظةً
عَيْنِي الَى عَينَيكَ كـَمْ تَشْتَاقُ

يَا مَنْ سَكبْتَ عَلى الفُؤادِ صَبَابةً
أَفْنَتَ فُؤادي وَ اكْتَـوَتْ أحْـــداقُ

يَا لَيتَ قَلْبي مَا هواكَ وَ لا هَوى
كـَمْ ذَلَّ نَبْضي خَـدّكَ البَــــــرَّاق

حَسْبي عَليكَ اللهُ كـمْ ألهَفْتَني
فَاقَتْ بِــــكَ الأنْفاسُ وَ العُشَّاقُ

......

[الحمدان]

إذَا امتَلأت كَفُ اللَّئيَمِ مِـنَ الغِنَى
تمَايلَ إعجَاباً وقَال أنا أنا

ولكن كَرِيمُ الأصلِ كَالغصن كُلَّمَـا
تحمل أثْمَاراً تواضع َوانْحَنىَ

......

[الحمدان]

إنَّ المرء إذا صان نفسه وعلمه عن المنازل التي لاتليق بهما أوجب على غيره تقديره ومعرفة حقّه
وما أحكم المتنبي إذ يقول :

ومن جهلت نفسه قدره
رأى غيره منه م لايرى

وفي هذا الشأن يقول أبو العتاهية :

أليس إذا هانت على المرء نفسه
ولم يرعها كانت على الناسِ أهون

[الحمدان]

إني وجدت وفي الأيام تجربةٌ
للصبـر عاقبـةً مـحمودة الأثر

وقلّ من جدّ في أمرٍ يحاوله
فاستصحب الصبر إلا فاز بالظفر

......

[الحمدان]

أحياناً يكون مبلغ الإشارة أبعد من مبلغ الصوت

وعين الفتى تبدي الذي في ضميرهِ
وتعرفُ بالنجوى الحديث المعمسا

ويقول آخر :
العين تبدي الذي في نفس صاحبها
مـن المحبـة أو بغــضٍ إذا كـانا

والعيـن تنطـق والأفـواه صامتة
حتى ترى من ضمير القلب تبيانا

[الحمدان]

‏ناموا فإنَّ الليلَ رغم سُكونِهِ
وَطَنُ الجراح ومَسكنُ الآلامِ

ناموا لعلَّ الصُّبحَ يَمحو ظُلمةَ
الأحزانِ أو نشفى مِن الأسقامِ

كم مِن حبيبٍ صار منزلهُ الثَّرى
نشتاقُهُ فنراهُ في الأحلامِ

لو لم نَنَمْ لَتمزَّقَت أرواحُنا
شوقًا إليه وحُرِّقَتْ بضرامِ

....

[الحمدان]

هَوِّن عَلَيكَ فَمَا فِي الدَّارِ أحبَابُ
لَا تَجرَحِ الكَفَّ يَكفِي جُرحَ مَن غَابُوا


يَا طَارِقَ البَابِ لَو تَدرِي بِقِصَّتِنَا
لَقُلتَ كَيفَ نَجَا مِن بَعدِنَا البَابُ

....

[الحمدان]

نستغفُر الله كم للهِ مِنْ مِنَحٍ
لُذْنَا بها بَعدَ أنْ لاَذَتْ بِنَا مِحَنُ

ونسألُ اللهَ في عُقبَى نُسَرُّ بها
فقد تساوى لديهِ السِّرُّ والعَلَنُ

....

[الحمدان]

أيا غزّة الروح لا تضعفي
ففيكِ الجراح وفينا الوجع

ومهما بَعُدتِ بقطع الوصال
وصالك بالله لن ينقطع

هالة أحمد

[الحمدان]

‏وَعَسَى الَّذِي سَمِعَ الدُّعَاءَ بِلُطْفِهِ
لِـنَـبِـيِّـهِ أَيـُّـوبَ وَهُـوَ مُنِـيـْبُ

أَنْ يَِكْـشِفَ الْبَلْوَى وَيَشْفِـي دَاءَنَا
فَـاللّهُ رَبُّ الْعَالَمِـيـْنَ طَبِيبُ

....

[الحمدان]

يَقُولونَ لي صَبرًا وَإِني لَصابر
عَلى نائِباتِ الدَهرِ وَهيَ فَواجِعُ

سَأَصبرُ حَتّى يَقضي اللَهُ ما قَضى
وَإِن أَنا لَم أَصبِر فَما أَنا صانِعُ

....

[الحمدان]

لا تَـأْتَـمِـنْ مَنْ عَــقَّ أُمًّـا أو أَبًـا
فاحذَرْ صَداقَتَهُ فَذَاكَ يَـخُــوْنُ

من خَانَ حَقَّ الوَالِدَينِ ولم يَصُنْ
حَقَّيْـهِمَـا أَلِصَحْبِهِ لن سَـيصُوْنُ

....

[الحمدان]

وقفتُ في سوقِ الكلامِ لأشتري
فرأيتُ آلافــاً من التُجَّارِ

فقصدتُ سوقاً للفِعالِ فلم أجد
إلا السكونَ وبِضعةَ الأخيـارِ

....

[الحمدان]

جاهـدْ هواك ولا تَكن عبدًا له
واصحبْ كِرامَ النَّاس هم أعوانُ

واهـجرْ أناسًا طلَّقُـوا أخلاقَـهُم
فَهُمُ و شــيطانُ الـهوى إخْوانُ

....

[الحمدان]

فقيراً جئتُ بابك يا إلهي
ولستُ إلى عبادك بالفقيرِ

غنياً عنهمُ بيقينِ قلبي
وأطمعُ منك في الفضلِ الكبيرِ

إلهي ما سألتُ سواك هديا
فحسبي الهديُ من ربٍ بصيرِ

إذا لم أستعن بك يا إلهي
فمن عونيِ سواك ومن مجيرِ

....

[الحمدان]

كتابَ اللهِ نهجرُهُ سِنينا
ونسألُ مابنا ولمَ ابتلينا

ولو دخلَ الأعادي جحرَ ضبٍّ
دخلنا خلفهم متسارعينا

فإن كانَ الولوجُ لبابِ علمٍ
أشحنا الوجهَ أغمضنا العيونا

سبقناهم بماضينا ولكن
تخلَّينا فصاروا السابقينا

علمنا الداءَ فلنطلب شفاءً
بعودتنا لربِّ العالمينا

....

[الحمدان]

وإذا الهُمُومُ على الفُؤادِ تَعَاظَمَتْ
والـدَّمْـعُ في الخـدَّيْنِ كالأُخْـدُودِ

وتَردَّدتْ أهـاتُ صَـدْرِكَ فاعْلَـمَنْ
أَنَّ الـدَّوا في مُصْـحَفٍ وسُجُـودِ

....

[الحمدان]

كُن بين أسراب الطمُوح مُحلقًا
وانسج لحُلمك دائمًا ثوب النقا

لا تبتئس إن سار سربُك تائهًا
سيـعُود يومًا بالحنين إلى اللقا

....

[الحمدان]

والرأسُ فوق الجسمِ أمرٌ ثابتٌ
لـكنْ وجودُ العقلِ فيه خلافُ

للبعض رأسُ الفيلِ لكنْ عقلُهُ
كالبغـلِ أكبـرُ همِّـهِ الأعـلافُ

ذائقة

[الحمدان]

وَ لِكُلِّ حُبٍّ في الحياةِ نهايةٌ ‏
وَ كأنَّه يومَ انتهىٰ لَم يَبتدي ‏

لَا يَرتوي بِالحُبِّ قَلبٌ لَم يَذُقْ ‏
مِن بَعدِ حُبِّ اللّٰهِ حُبَّ مُحَمَّدِ

....

[الحمدان]

أحسِنْ إلىٰ النَّاسِ تَستَعبِدْ قُلوبَهُمُ
فطالَما استبَعدَ الإنسانَ إحسانُ

وَ إنْ أساءَ مُسيءٌ فلْيَكنْ لكَ في
عُروضِ زَلَّتِهِ صَفْحٌ وَ غُفرَان.

البستي

[الحمدان]

كُلٌّ لَهُ حُلمٌ وَ حُلمي جَنَّةٌ
بِمُحَمَّدٍ فِيها يَكونُ لِقَاءُ

يَا رَبِّ صَلِّ عَلَيْهِ مَا لَثَمَ الثَّرَىٰ
غَيْثٌ وَ غَنَّت لِلنَّدَىٰ وَرقَاءُ

اللهم صل وسلم على نبينا محمد

[الحمدان]

خُذ مِنَ الدُّنيَا الذي دَرَّت بِهِ
وَ اسْلُ عَمَّا بَانَ مِنهَا وَانقَطَع

إِنَّمَا الدُّنيَا مَتَاعٌ زَائِلٌ
فَاقتَصِد فِيهِ وَ خُذ مِنهُ وَ دَع

وَارضَ لِلنَّاسِ بِمَا تَرضَىٰ بِهِ
وَاتبَعِ الحَقَّ فَنِعمَ المُتَّبَع


أبو العتاهية

[الحمدان]

كُلُّ امرِىءٍ وَاجدٌ مَا قَدَّمَت يَدُهُ
إذا استوى قائمًا مِن هُوَّةِ الأدَمِ

وَ الخَيْرُ وَ الشَّرُّ في الدُّنيا مكافأةٌ
وَ النَّفْسُ مَسؤولةٌ عن كلِّ مُجترَمِ

فَلَا يَنم ظَالِمٌ عَمَّا جَنَت يَدُهُ
على العبادِ فَعَينُ اللَّه لَم تَنَمِ


البارودي

[الحمدان]

‏قُل لِلظَّلَامِ إذا أتَاكَ بِوَحشة
‏قَد طَابَ فيكَ أيَا ظَلَامُ رُكُوعي

‏اللَّيْلُ يُوحشُ بِالسَّوَادِ وَ إنَّهُ
‏نُورٌ لِعَبْدٍ غَارِقٍ بِدموعِ

....

[الحمدان]

دَفَنَ الفرزدق ابنًا له فالتَفَتَ إلىٰ النَّاسِ
فقال:

وَ مَا نَحنُ إلَّا مِثلُهُم غَيرَ أنَّنَا
أقَمْنا قليلًا بَعدَهم وَ تَقَدَّمُوا

[الحمدان]

إنَّ الجِراحَ إذا خبَّأتَها شُفِيَت
فَاكتُم جِراحَك لَا تُخبِر بها أحَدَا

كم مِن كليمٍ شَكا للنَّاسِ لَوعَتَهُ
فزادَهُ الناسُ وَجْدًا فوقَ مَا وَجَدَا

لَا تُظهر الجُرحَ إلَّا في مُناجاةٍ
في جوفِ ليلٍ لربٍ واحدٍ صَمَدُ

فإنَّ رَبَّكَ إنْ نَاجيتهُ شُفيتْ
كُلُّ الجِرَاحِ وَ زالَ الغمُ وَ الكَمدُ

....

[الحمدان]

فَلا تَعْتَمِدْ إِلَّا عَلَىٰ اللَّهِ فِي الََّذِي
تَوَدُّ مِنَ الْحَاجَاتِ فَهْوَ رَحِيمُ

فَقَدْ تُورِقُ الأَشْجَارُ بَعْدَ ذُبُولِهَا
وَ يَخْضَرُّ سَاقُ النَّبْتِ وَ هْوَ هَشِيمُ

إِذَا مَا أَرَادَ اللَّهُ إِتْمَامَ حَاجَةٍ
أَتَتْكَ عَلَىٰ وَشْكٍ وَ أَنْتَ مُقِيمُ

البارودي

[الحمدان]

يَـاأيُّـهَـا الـزَّمَـنُ العجــول تَـمَـهَّـلـنْ
فَـلَـقَـدْ مَـرَرْتَ بِسُــرْعَــةٍ لَـمْ أَنْـتَـبِـهْ

كَيْفَ انْقَضَيْتَ وَكَيْفَ عُمْرِي قَد مَضَىٰ
هـل يَـا تُـرَانِـي ضَـائِـعٌ أَمْ مُـشْـتَـبِـهْ

هَـيَّـا أَجِـبْـنِـي يَــازَمَــانُ فَـإنَّـنِـي
قَـد صِـرتُ فِـيـكَ كَـتَــائِـهٍ في غُـربَـتِــه

يَـا حَـسْـرَتِي، لَـمْ يَـبْقَ مِنْ عُمرِي سِـوَى
لَـحَـظَـاتِ دَهْـرٍ مَـالَ نَـحْـوَ نِـهَــايَـتِـه

الشيخ نديم بركات

[الحمدان]

سلّمتُهُ الأمر لا يأسًا ولا جزعًا
ولا اضطرارًا كما قد كان من دأبي

سلّمتُهُ بيقينٍ أنّ خيرتهُ
خيرٌ لقلبي ممّا يشتهي قلبي

....

[الحمدان]

‏يُؤتِيكَ من لُطفِهِ ما لست تَعرِفُهُ
‏ لِيَمسَحَ الدَّمعَ من عينيك إن نَزَلَا

‏ اللهُ أكرَمُ من يُعطِي على قَدَرٍ
‏ إيَّاكَ يا صَاحِبي أن تَقتُل الأمَلَا

....

[الحمدان]

للهِ كَمْ نَطقتْ بالشّعرِ عَينَاها
مَاذا مِن الشِّعرِ يَبقىٰ لِي لألقَاهَا

جَنائنُ الوَردِ لا تَعلُو أنَاقتَها
أو سِحرَ بَسمتِها إذ تَعتلِي فَاها

الشّمسُ طلَّتُها والعِطرُ ذابَ بِها
والنّورُ وجنتُها والغَيمُ كفّاها

مِن كُلِّ حُسنٍ لَها مَعنى بهِ اكتَملتْ
وكلُّ حُسنٍ لهُ شيءٌ بِمعنَاها

تَحارُ فِيها.. بِما فِيها، ومَا مَلكتْ
فكلُّ شيءٍ بِها قد صَارَ أحلاهَا

أطلقْ عِنانَ الهَوىٰ يا قَلبُ مُتّقدًا
إنّي بكُلِّ هَوىٰ العُشاقِ أهواهَا

....

[الحمدان]

أقلِّبُ في يدِ اللاشيءَ نَردي
‏أنا كلُّ احتمالٍ ليسَ يُجدِي

‏لقد حدَّقتُ في المعنى طويلًا
‏ولامستُ الحقيقةَ دونَ قصدِ

‏وكنتُ على الأسى أنفقتُ روحي
‏فماذا بعدُ للأشياءِ عندي

....

[الحمدان]

‏وأبحث عني رويدًا رويدًا
‏ويغلق دوني سبيل التمني

‏ولا زلت جلڈا أخوض الحياة
‏وكم كان سهلا سبيل التجني

‏فأجرح يوما وأفرح يوما
‏وأكسر يوما ويوما أغني

‏وكانت أغاني لحنا خفيًا
‏رسائل حب إلي ومني

....

[الحمدان]

‏وسافرت بعدك في كل أرض
‏وكم كنت أشعر أني غريب

‏وجربت يا حب عمري كثيرا
‏وأسأل قلبي ولا يستجيب

‏فألقاك في كل حلم بعيد
‏وألقاك في كل طيف قريب

....

[الحمدان]

‏تأتينَ مثل المستحيل تفرّداً
‏تتواضعين لهن وأنتِ مُحالُ

‏ما كان إلا أن تكون أنوثتك
‏شمسٌ وكلّ الأخريات ظلالُ

....

[الحمدان]

يا مَن ببُعدِكَ قد سلبتَ مشاعري
‏وحنونُ طيفكَ لا يغيبُ ويرحلُ

‏فالعينُ حنّت أنْ تراكَ أمامَها
‏والدّمعُ من حرِّ الصبابةِ مسبلُ

‏والروحُ من بعدِ الفراقِ عليلةٌ
‏والقلبُ في جبرِ اللقاءِ مُؤمّل

‏طالَ الغيابُ وما لوصلِكَ حيلةٌ
‏فمتى بربّكَ بالسعادةِ تُقبلُ

....

[الحمدان]

‏هَبْ أنكَ الشَّمسُ في الأفلاكِ طالعةً
‏هل تسلمُ الشْمسُ من كَسفٍ وأكدارِ

والشَّمسُ في برجِهـا شمسُ ولو كَسَفت
‏فلا يَحُطُّ عُلاها كسفُ أنوارِ

....

[الحمدان]

رحلُوا وما أبقى الرَّحيلُ متاعا
تركُوا الحنينَ معَ الأنينِ مشاعا

يا ليتهم قبل الرَّحيلِ تريَّثوا
حتَّى نُعانِقَ أو نقولَ وداعا

....

[الحمدان]

‏تريدُ وكل ما تهوى
‏أتاك بعكس ما تطمع

‏كأن الكون مقتصر
‏على وجهاتكَ الأربع

‏تحاولُ دائما عبثًا
‏ولا تدري بما تصنع

‏على ما فاتَ لا تحزن
‏ولا تألم ولا تدمع

‏ألا يكفي بأنَّ الله
‏مَن يُعطي ومَن يمنع

....

[الحمدان]

‏عيناك أَبْرَأُ ما في الكَونِ مِن كَذِبٍ
‏تُبدِي السّلامَ وأَيمُ اللهِ مِن خَطَرِ

‏تَدَثَّرَت فِيهِما أَسرارُ عاصِفَةٍ
‏تَحنِي القُلُوبَ كفِعلِ الرِّيحِ بالشَّجَرِ

....

[الحمدان]

قاسٍ عليّ وما عهِدتُكَ قاسيًا
لمّا طَوَيتَ سِنينَ حُبِّكَ ناسيًا

وتركتَني وحدي أُكفكِفُ أدمُعي
و أرى الّذي أهْواهُ شخصًا ثانيًا

يا مَنْ بَنَيتَ الحُبَّ أَوَّلَ مَرَّةٍ
حَطَّمْتَ بالأفعالِ حُبّاً غاليًا

....

[الحمدان]

ومَليحَةٍ أخَذَتْ فُؤادي كلّه
وجَرَتْ بحكمِ غرامِها الأَقْدارُ

فتَّانة باللّحظ ساحرة به
ومن اللّواحظ فاتنٌ سحَّارُ

وَدَّعْتُها يوم الرَّحيل وفي الحشا
نارٌ وفي وَجَناتها أنوارُ

....

[الحمدان]

‏أينَ اللذانِ تعاهدا أن يَمضِيا
‏في دربِ حُبِّهما بغيرِ رُجوع

‏ كانا إذا افترقا لطَرفةِ خاطِرٍ
‏سفحا على الخدَّينِ بحرَ دُموعِ

‏ كيفَ استطعنا بعدَ كُلِّ الحُبِّ أنْ
‏ننأى بلا دمعٍ ولا توديع

‏كنَّا نموتُ إذا افترقنا ساعةً
‏واليومَ نُحصي الهجرَ بالأسبوعِ

....

[الحمدان]

وقد بُليتُ بقلبٍ لا يُطاوعني
إذا بذلتُ له نُصحًا أبى ونبا

يرى عذابَ الهوى عذبًا مذاقتُهُ
فهل سمعتم عذابًا قبلَهُ عَذُبا

....

[الحمدان]

أُحبُّك يا شبيه الشّمٔس حُباّ
‏تفرّد بالتّمام فلا تمامُ

‏فلو ألقيتُهُ ما بين ماء
‏ونار صار بينهُما التئامُ

....

[الحمدان]

وَما في الأَرضِ أَشقى مِن مُحِبٍّ
وَإِن وَجَدَ الهَوى حُلوَ المَذاقِ

تَراهُ باكِياً في كُلِّ وَقتٍ
مَخافَةَ فُرقَةٍ أَو لِاِشتِياقِ

فَيَبكي إِن نَأى شَوقاً إِلَيهِم
وَيَبكي إِن دَنَوا خَوفَ الفِراقِ

فَتَسخنُ عَينُهُ عِندَ التَنائي
وَتَسخنُ عَينُهُ عِندَ التَلاقي

نصيب بن رباح

[الحمدان]

‏عذراءُ عقلي يشتهيكِ كفكرةٍ
‏فيها من الإيمانِ كالإلحادِ

‏عذراءُ يا سرّي الخطير تعمّقي
‏في مقلتيّ وحاولي إيجادي

‏حسبي من التاريخ يوم لقائنا
‏لو لم يجئ بمواسمِ الأعيادِ

‏حسبي من الصحراءِ أنّكِ بنتُها
‏لتكونَ من بينِ الـبـلادِ بلادي


ابراهيم الصواني

[الحمدان]

إِذا كُنتُ لَستَ مَعي فَالذِكرُ مِنكَ مَعي
‏يَراكَ قَلبي وَإِن غُيِّبتَ عَن بَصَري

‏العَينُ تُبصِرُ مَن تَهوى وَتَفقِدُهُ
‏وَناظِرُ القَلبِ لا يَخلو مِنَ النَظَرِ

....

[الحمدان]

وَقد أَحبته العُلى وأحبّها
كَبثينة فيما مَضى وَجَميل

وَالدينُ لاذَ بظل سُلطانِ الوَرى
فَغَدا بِظلٍ مِن حِماه ظَليل

....

[الحمدان]

قد باركَ الكونُ أسبابَ الهوى
فدعا لقاءاتِ أشتاتَ المحبينا

ونحن في غمرةِ الأشواقِ تمنعنا
عواذلٌ ليس يُرضيها تدانينا

نبوحُ بالسرِ أحياناً فيفضحنا
ونكتمُ السرَّ أحياناً فيبكينا

هل من سبيلٍ إلى لُقيا تكونُ لنا
كل السعادةِ في أحلى أمانينا

يا خالقَ الحبِ في أعماقِ أنفسنا
يا ليتَ تُسعدُ ما أودعتهُ فينا

إنا جعلناهُ أخلاقاً تكرمنا
وما سلكنا بهِ درباً يجافينا

....

[الحمدان]

عَلِّل فؤّادًا عندَ وَقعِ الأَسَى
بعَلَّ مع سوفَ وحتَّى عَسَى

واصبِر لصَرفِ الدهرِ في حُكمهِ
إِن لانَ في احكامهِ او قسا

....

[الحمدان]

لا شَيءَ أكثر مِن عَينَيكِ يُغرِيني
مَهما رَأيتُ عُيوناً لَيسَ تَعنِيني

جَلّ الذِي فِيهِما قَد شاءَ مُعجِزةً
قَد أبدَعَ اللهُ فِي رَسمٍ وتَلوِينِ

عَيناكِ نَهرانِ مِن شَهدٍ بلا كَدَرٍ
لَو نَظرَةٌ مِنهُمَا بِالحُبِّ تَسقِينِي

أبحَرتُ نَحوَهمَا أَخشَى بِعُمقِهِمَا
ضَياعَ عَقلِي فَأهذي كالمَجَانينِ

....

[الحمدان]

أتيتُكَ و المُنى عندي
بقايا بين أحضاني

أُحبك واحةً هدَأَت
عليها كل أحزاني

أحبك نسمةً تروي
لصمت الناس ألحاني

أُحبك أنت يا أملًا
كضوء الصبح يلقاني

فلو خُيّرتُ في وطن
لقُلتُ هواكَ أوطاني

و لو أنساك يا عمري
حنايا القلب تنساني

أماتَ الحب عشاقًا
وحُبك أنت أحياني

إذا ما ضعتُ في دربي
ففي عينيكَ عنواني

....

[الحمدان]

‏وتشابَكَتْ عندَ اللقاءِ أصابِعي
لا الأرضُ تحمِلُني ولا النبض نبضي

لا شيءَ إلا الارتباكَ أُحِسُّهُ
وكأنني كلِّي أذوبُ بأجمعي

أسْلَمْتُ قلبي كُلَّهُ في لحظةٍ
ونسيتُ فيكَ تدلُّلِي وتَمَنُّعِي

مَرُّوا جَميعاً مثلَ طَيْفٍ عَابرٍ
وبَقيتَ وحدَكَ عَالِقاً فِي أضلُعِي‌

....

[الحمدان]

مَعِي ما غِبتِ صُبحاً أو عَشِيّا
كأنّكِ أنتِ لِي نَفَسٌ وقُوتُ

وشِبْتُ ولم أزَلْ أَحيَا صَبِيّا
ونَبضُ الحُبِّ ليس لهُ خُفُوتُ

هَواكَ وإن طَواهُ السِّرُّ طَيّا
يُخَبِّرُ عن تَمَكُّنِهُ السُّكُوتُ

سَيبقى فِي حَنايا القَلبِ حَيّا
أمُوتُ أنا وحُبُّكِ لا يَموتُ

فواز اللعبون

[الحمدان]

قليلٌ من يَدُومُ على الوِدادِ
فلا تخْذُلْ بقرْبٍ أو بُعادِ

إذا كان التَّغيُّرُ في الليالي
فكيفَ يدُومُ ودٌّ في فؤادِ

ومَن لكَ أنْ ترى قلباً تقيَّاً
ولمّا يَخلُ قلبٌ من سوادِ

فلا تَبذُل هَواكَ إلى خليلٍ
تظُنُّ به الوفاءَ ولا تعادِ

وكنْ متوسِّطاً في كلِّ حالٍ
لتَأمَن ما تخافُ من العِنادِ

البارودي

[الحمدان]

أستخبرُ البدرَ عنكم كلّما طَلَعَا
‏وأسألُ البرقَ عنكم كلّما لَمَعَا

‏أبيتُ والشوقُ يطويني وينشُرُني
‏براحتَيْهِ ولم أشْكُ له وَجَعَا

‏أحبابَ قلبي وإن طال المدى فَلَكَمْ
‏قد قطع الشوقُ قلبي بعدكم قِطَعَا

‏فلو مَنَنْتُم على طَرْفي برؤيتِكم
‏لَكان أحسَنَ شئٍ منكمُ وَقَعَا

لاتحسبوا أنني بالغير منشغلٌ
‏إن الفؤاد لحب الغير ما وسعا
‏
البحتري

[الحمدان]

أَيا جافِياً ماكُنتُ أَخشى جَفاءَهُ
وَإِن كَثُرَت عُذّالُهُ وَلَوائِمُه

كَذَلِكَ حَظّي مِن زَماني وَأَهلِهِ
يُصارِمُني الخِلُّ الَّذي لا أُصارِمُه

وَإِن كُنتُ مُشتاقاً إِلَيكَ فَإِنَّهُ
لَيَشتاقُ صَبٌّ إِلفَهُ وَهوَ ظالِمُه

أَوَدُّكَ وُدّاً لا الزَمانُ يُبيدُهُ
وَلا النَأيُ يُفنيهِ وَلا الهَجرُ ثالِمُه

ابن زيدون

[الحمدان]

ويقرأُ الناسُ أحرُفَنا فتعجبُهم
‏ويحسبونَ بأن الحُزنَ إبداعُ

‏سيشهدُ الحرفُ أن الحبرَ أدمُعنا
‏لو يعلمون وأن السطرَ أوجاعُ

‏البوحُ فيضٌ من الآلامِ لو حُبِست
‏ تهشّمت من أزيزِ الصدرِ أضلاعُ

حازم الجبرين

[الحمدان]

ربي روحي طليقة في مناجاتك
والجسم مصفود مكبول

بعد الفراق بين روحي وجسمي
يُحدِّث العدم المملوء مجهول

احمد المهدوي

[الحمدان]

شَمسُ النَهارِ بِحُسنِ وَجهِكَ تُقسِمُ
إِنَّ المَلاحَة مِن جَمالِكَ تُقسَمُ

جُمِعَت لِبَهجَتِكَ المَحاسِنُ كُلُّها
وَالحُسنُ في كُلِّ الأَنامِ مُقَسَّمُ

....

[الحمدان]

‏ربّاهُ إن الروح ترجو رحمةً
‏تـاه الطريقُ فيا إلهي دلّها

‏ضاقت بها الدنيا وبابُك مُشرعٌ
‏إن لم تكن أنت المغيثُ فمن لها

....

[الحمدان]

اذكرونا مثل ذكرانا لكم
ربّ ذكرى قربت من نزحا

واذكروا صبًّا إذا غنى بكم
شرب الدمع وعافَ القدحا

مبارك العقيلي

[الحمدان]

مما يستشهد به عند ذكر الأحبةِ الغائبين عن العين :
إذا غيّر النأي المحبينَ لم يكد
رسيسُ الهوى من حبّ مَية يبرح


وقول ابن زيدون :
ويا نسيمَ الصّبــا بلّغ تحيتنا
من لو على البعد حيَّا كان يُحيينا

[الحمدان]

مما يستشهد به عند ذكر الأحبةِ الغائبين عن العين :

إذا غيّر النأي المحبينَ لم يكد
رسيسُ الهوى من حبّ مَية يبرح


وقول ابن زيدون :
ويا نسيمَ الصّبــا بلّغ تحيتنا
من لو على البعد حيَّا كان يُحيينا

[الحمدان]

إلى كل محزونٍ ومكروب :

إذا اشتملت على اليأسِ القلوب
وضــاق بنابهِ الصدر الرحيب

وأوطنت الـمكـاره واطـمأنت
وأرست فى أماكانها الخطوب

ولم ترَ لانكشــافِ الضرِّ وجها
ولا أغــنى بــحـيلتهِ الأريـب

أتـاكَ عـــلى قنوطٍ منكَ غوث
يمــنُّ به اللطيف المستجيب

وكـلُّ الحــادثات وإن تناهت
فـقـرونٌ بهـا الفــرج القريب

[الحمدان]

العلمُ يُحيي قلوب الميّتين كما
تحيا البلاد إذا ما مسَّها المطر

والعلم يجلو العمى عن قلبِ صاحبه
كما يجلّي سواد الظلمة القمر

....

[الحمدان]

النَفسُ أَدنى عَدوٍّ أَنتَ حاذِرُهُ
وَالقَلبُ أَعظَمُ ما يُبلى بِهِ الرَجُلُ

وَالحُبُّ ما خَلَصَت مِنهِ لَذاذَتُهُ
لا ما تُكَدِّرُهُ الأَوجاعُ وَالعِلَلُ

الشريف الرضي

[الحمدان]

كُنّا نَغارُ عَلى العَواتِقِ أَن تَرى
بِالأَمسِ خارِجَةً عَنِ الأَوطانِ

فَخَرَجنَ حينَثَوى كُلَيبٌ حُسَّراً
مُستَيقِناتٍ بَعدَهُ بِهَوانِ

فَتَرى الكَواعِبَ كَالظِباءِ عَواطِلاً
إِذ حانَ مَصرَعُهُ مِنَ الأَكفانِ

يَخمِشنَ مِن أَدَمِ الوُجوهِ حَواسِراً
مِن بَعدِهِ وَيَعِدنَ بِالأَزمانِ

مُتَسَلِّباتٍ نُكدَهُنَّ وَقَد وَرى
أَجوافَهُنَّ بِحُرقَةٍ وَرَواني

وَيَقُلنَ مَن لِلمُستَضيقِ إِذا دَعا
أَم مَن لِخَضبِ عَوالي المُرّانِ


عدي بن ربيعة (الزير سالم)
في رثاء كليب

[الحمدان]

مِن حُبَّكُم فَاِعلَمي لِلحُبِّ مَنزِلَةً
نَهوى أَميرُكُمُ لَو كانَ يَهوانا

لا بارَكَ اللَهُ في الدُنيا إِذا اِنقَطَعَت
أَسبابُ دُنياكَ مِن أَسبابِ دُنيانا

جرير

[الحمدان]

تَغنَّيْ أَنتِ في ذِمَمي وَعَهدي
وَذِمَّةِ وَالدي أَلّا تُضاري

وَبَيتُكِ فاصلِحيهِ وَلا تَخافي
عَلى صُفرٍ مُزَغّبَةٍ صغارِ

فَإِنَّكِ كُلَّما غَنَّيتِ صَوتاً
ذَكَرتُ أَحِبَّتي وذَكَرتُ داري

فَإِمّا يَقتُلوك طَلَبت ثَأراً
لَهُ نَبَأٌ لِأَنَّك في جواري

....

[الحمدان]

أَراني وَقَومي فَرَّقَتنا مَذاهِبُ
وَإِن جَمَعَتنا في الأُصولِ المَناسِبُ

فَأَقصاهُمُ أَقصاهُمُ مِن مَساءَتي
وَأَقرَبُهُم مِمّا كَرِهتُ الأَقارِبُ

غَريبٌ وَأَهلي حَيثُ ماكانَ ناظِري
وَحيدٌ وَحَولي مِن رِجالي عَصائِبُ

نَسيبُكَ مَن ناسَبتَ بِالوُدِّ قَلبَهُ
وَجارُكَ مَن صافَيتَهُ لا المُصاقِبُ

وَأَعظَمُ أَعداءِ الرِجالِ ثِقاتُها
وَأَهوَنُ مَن عادَيتَهُ مَن تُحَارِبُ

وَشَرِّ عَدُوّيكَ الَّذي لاتُحارِبُ
وَخَيرُ خَليلَيكَ الَّذي لا تُناسِبُ

أبو فراس الحمداني

[الحمدان]

‏سُئل الإمـــام الشافعي رحمهُ الله :
‏كيف يكون سوء الظن بالله
‏قال الوسوسة و الخوف الدائم من وقوع مُصِيبَة وترقب زوال النعمة كلها من سوء الظن بالرحمن الرحيم


‏قُل للذي مَلأ التشاؤمُ قلبَهُ
‏ومضى يُضيِّقُ حولنا الآفاقا

‏سرُّ السعادةِ حسنُ ظنك بالذي
‏خلق الحياةَ وقسَّم الأرزاقا

[الحمدان]

وَإِنّا لَنُرمى كُلَّ يَومٍ بِعِبرَةٍ
نَراها فَما نَزدَادُ إِلّا تَمادِيا

نُسَرُّ بِدارٍ أَورَثَتنا تَضاغُنًا
عَلَيها وَدارٍ أَورَثَتنا تَعادِيا

إِذا المَرءُ لَم يَلبَس ثِيابًا مِنَ التُقى
تَقَلَّبَ عُريانًا وَإِن كانَ كاسِيا

ابو العتاهية

[الحمدان]

على قَدرِ إيماني بربِّي أُوَفَّقُ
وما كلُّ ما يرجو الفتى يَتَحَقَّقُ

رضيتُ بأمرِ اللهِ في المَنعِ والعَطا
فكلُّ الَّذي يَقضيهِ خيرٌ مُحَقَّقُ

....

[الحمدان]

أَلا يا طَبيبَ النَفسِ أَنتَ طَبيبُها
فَرِفقًا بِنَفسٍ قَد جَفاها حَبيبُها

دَعَتني دَواعي حُبِّ لَيلى وَدونَها
دَرى قُربَ جِسمي الخَوفُ مِنها قُلوبُها

قيس بن الملوح

[الحمدان]

‏قال قائل لأكثم بن صيفي حكيم العرب :

‏ما السؤدد؟
‏قال : اصطناع العشيرة واحتمال الجريرة

‏قال : فما الشرف؟
‏قال : كف الأذى وبذل الندى

‏قال : فما المجد؟
‏قال : حمل المغارم وبناء المكارم

‏قال : فما الكرم؟
‏قال : صدق الإخاء في الشدة والرخاء

‏قال: فما الغنى؟
‏قال : الرضا بما يكفي وقلة التمني

[الحمدان]

هل جازَ هجركَ لي بالله هل جازا
أم تحسب الهجر للأحباب إنجازا

سكنتَ قلبي وما استأذنتني أبداً
وقلتُ قلبي بأحلى ساكنٍ فازا

واليومَ تمضي بلا إذنٍ وتتركني
وما استطعتُ لغير الحزنِ إحرازا

شغافُ قلبك تنساني وأذكرها
كأنها العُرب إذ ينسون أهوازا

....

[الحمدان]

فِراقُكِ كانَ أَوَّلَ عَهدِ دَمعي
وَآخِرَ عَهدِ عَيني بِالرُقادِ

فَلَم أَرَ مِثلَ ما سالَت دُموعي
وَما راحَت بِهِ مِن سوءِ زادِ

أَبيتُ مُسَهَّداً قَلِقاً وِسادي
أُخَفِّفُ بالدُموعِ عَنِ الفُؤادِ

العباس بن الأحنف

[الحمدان]

أَنَا رَاضٍ بِنَهْجِي نَهْجَ شَيْخِي
صَــوَابٌ بِالْبَرَاهِيـــنِ الْجَلِيَّــةْ

وَإِنِّي لَــنْ أُخَالِـفَ يَـا رَفِيقِـي
فَـذًّا عَهْـدِي لَـهُ حَتَّـى الْمَنِيَّـةْ


الزعكري

[الحمدان]

مَاتَ الذَّي قَد كُنتُ أَرجُو حَيَاتَهُ
وَلَم يَبقَ إِلَّا مَن رَجوتُ لَهُ مَوتَا

فَحَسبُكَ داءً أَن تَحِنَّ لِمَيِّتٍ
وَتَصحَبَ حَيَّا قَد كَرِهتَ لَه صَوتَا

أبومالك العربي

[الحمدان]

ابدأ بنفسِكَ فانهها عن غيّها
فإذا انتهت عنه فأنتَ حكيمُ

فهناك تُعْذرُ إنْ وعظتَ ويُقْتدى
بالقول منك ويُقبلُ التَّعليمُ

....

[الحمدان]

لو كُنتَ حَقّاََ مِنَ الاعَماقِ تعشَقُني
أهديتني يا كَثيرِ القولِ جَوّالا

أو كَانَ حُبُّكَ حُبّاََ غيرَ مُختَلقٍ
حوّلتْ لي مِنَ حِسابِ البنكِ أمَوالا

....

[الحمدان]

إِني أُطيلُ حديثنا إذ يبتدِي
وأنا بطَبعي لا أطيلُ كلامِي

خيرُ الكلام أقلُّه في مذهبي
إلَّا حديثُك ملجئي وسَلامِي

....

[الحمدان]

لِكُلِّ اجتمَاعٍ مِن خَلِيلَينِ فرقَةٌ
وَكُلُّ الَّذي دُون الفِرَاق قلِيلُ

وإنَّ افتقادي فاطمًا بَعد أحمدٍ
دليلٌ على أن لا يَدوم خَليلُ

....

[الحمدان]

أشكو إلى الله ما لاقيت من حرقٍ
يوم الفراق وما حُمِّلتُ من ألمِ

لو لم يكن في جناني رسم صورتكم
وفي لساني ثناكم ذبت من ندمِ

بطرس كرامة

[الحمدان]

زعم الفرزدق أن سيقتل مربعًا
أبشِر بطولِ سلامةٍ يا مربعُ


زعم: تقال للتكذيب
زعم وقيل صيغ تمريض
وقيل زعم مطية الكذب

[الحمدان]

إن كنت يا قليل الحيا والدين
هامل كتاب الله دومك بـ حيره

وقد قال الطبيب ذاك في حين
أن ما بعمره شاف صاحب بصيره

يقول دكتور نفساني
زارني جميع انواع البشر
ألا أهل القرآن

[الحمدان]

البكى والبكاء والتباكي قيل أن :

- ما كان دمعا بلا صوت فهو : بكى
- ما كان دمعا مع صوت فهو : بكاء
- ما كان دمعا متكلفا فهو : تباكي

[الحمدان]

قالت حُبِستَ فَقُلتُ ليس بِضائِرٍ
حبسي وأيُّ مُهنّدٍ لا يُغمَدُ

أَوما رأيتِ الليثَ يألَفُ غيلهُ
كبرًا وأَوباشُ السِباعِ تَرَدَّدُ

والشَمسُ لولا أَنّها محجوبةٌ
عن ناظِرَيكِ لما أَضاءَ الفَرقَدُ

والبَدرُ يُدرِكُهُ السِرارُ فَتَنجَلي
أَيّامُهُ وكأنّهُ مُتجدِّدُ

علي بن الجهم

[الحمدان]

وضعي كل ما اخذت الراتب كما قيل :

وإنّي امرؤٌ لا تَستَقِرُّ دراهِمي
على الكَفِّ إلّا عابِِراتُ سَبِيلِ

ابن الرومي

[الحمدان]

أنا الفقير إلى رب البرِيَّاتِ
أنا المسيكين في مجموع حالاتي

أنا الظلوم لنفسي وهي ظالمتي
والخير إن جاءنا من عنده ياتي

لا أستطيع لنفسي جلب منفعة
ولا عن النفس في دفع المضراتِ

وليس لي دونه مولى يدبرني
ولا شفيع إذا حاطت خطيئاتي

إلا بإذنٍ من الرحمن خالقنا
رب السماء كما قد جا في الاياتِ

ولست أملك شيئًا دونه أبدا
ولا شريك أنا في بعض ذراتي

ولا ظهيرٌ له كي ما أعاونه
كما يكون لأرباب الولاياتِ

والفقر لي وصف ذاتٍ لازم أبدا
كما الغنى أبدًا وصفٌ له ذاتي

وهذه الحال حال الخلق أجمعهم
وكلهم عنده عبدٌ له آتِ

فمن بغى مطلبًا من دون خالقه
فهْو الجهول الظلوم المشرك العاتي

والحمد لله ملء الكون أجمعه
ما كان منه وما من بعده يآتي

ثم الصلاة على المختار من مُضَرٍ
خير البرية من ماضٍ ومن آتِ

ابن تيمية رحمه الله

[الحمدان]

هانَت عليك مدامعي فهجرتني
وكسرت قلبًا ما أحبَّ سواكا

وأنا الذي لولاك ما ذُقتُ الهوى
يومًا ولم أكُ عاشقًا لولاكا

....

[الحمدان]

جادَكَ الغيْثُ إذا الغيْثُ هَمى
يا زَمانَ الوصْلِ بالأندَلُسِ

لمْ يكُنْ وصْلُكَ إلاّ حُلُما
في الكَرَى أو خِلسَةَ المُخْتَلِسِ

إذْ يقودُ الدّهْرُ أشْتاتَ المُنَى
تنْقُلُ الخَطْوَ علَى ما يُرْسَمُ

....

[الحمدان]

أَبلَغ عَزِيزًا فِى ثَنايَا القَلبِ منزلَهُ
أَني وإِن كنتُ لا أَلقاهُ أَلقاهُ

وإِن طرَفِي مَوصُولٌ بِرؤيته
وأن تَبَاعد عَن سُكناي سُكناه

يَا لَيتهُ يَعلَمُ أَني لَستُ أَذكُرُه
فكَيف أَذكُرُه إذ لَستُ أَنساهُ

يَا مَن تَوَهمَ أَني لَستُ أَذكُرهُ
وَاللَّهُ يَعلَم أَني لَستُ أَنسَاهُ

إِن غَابَ عَني فَالرُوحُ مَسكَنهُ
مَن يَسكنُ الروحَ كيفَ القلبُ يَنساهُ


من روائع المتنبي

[الحمدان]

يَقُولُ النَّاسُ يَاعمَرِي
بِأَنكَ سَوفَ تَنسَانِي

وَتَنسَى أَننِي يَومًا
وَهبتُكَ نَبضٌ وَجدَانِي

وَتَعشَقُ مَوجَةً أُخرَى
وَتَهجُرُ دِفءَ شَطَآنِي

وَتَجلِس مِثلَمَا كُنا
لِتَسمَعَ بَعضَ أَلحَانِي

وَلَا تَعنِيكَ أَحزَانِي
وَيَسقطُ كَالمِنَى اسمِي

وَسَوف يُتوِه عُنوَانِي
تَرَى سَتَقُولُ يَا عُمرِي
بِأَنكَ كُنتَ تَهوَانِي

....

[الحمدان]

لاتمنعن يد المعروف عن أحد
‏مادمت مقتدرا فالسعد تارات

‏وأشكر فضائل صنع الله إذ جعلت
‏إليك لا لك عند الناس حاجات

‏قد مات قوم وما ماتت مكارمهم
‏وعاش قوم وهم في الناس أموات

‏الإمام الشافعي

[الحمدان]

وأتى ليسأل شيخهُ مُستفتياً
ماحكم من سرق الفؤاد وهاجرا

الشيخ أعياهُ السُؤال ولم يجب
ترك المنصةَ وأستدار وغادرا

قد احُرج الشيخ الوقور من الفتى
فعاد وأجاب عليه امراً اخرا

ماجئت تسأل يافتى الا الذي
كتم الهوا في قلبه فتشطرا

فاصبر لعل الله يُحدث أمرِه
وتكون عند الله شيخاً صابرا

....

[الحمدان]

وحيدٌ من الخلان في كلّ بلدةٍ
وما عظمت في ما أريدُ المطالبُ

ولكنّ لي نفسًا عَنودًا عن الورىٰ
فتزورّ عنهم وحشةً وتُجانبُ

....

[الحمدان]

يَا شَاغِلَ العَينينِ كيفَ سَلَبتَني
وَ وَقَعتُ في مَحظورِ مَا أتحَذَّرُ

يَا سَارِقَ الأنفاسِ كيفَ عَبثتَ بي
وَ أنا الكتومُ الحَاذِقُ المُتَحَذّرُ

هَذي العيونُ الهَاجراتُ تَهَجّدي
وَ خُفُوقيَ المَجنونُ كيفَ يُفَسَّرُ

جِدْ لي جَوَاباً للسؤالِ لكي تَرى
إنّي أحبَّكَ فوقَ مَا تَتَصوَّرُ

....

[الحمدان]

سيُنسيك الزمان هواهمُ
ويجفُّ من طول الفراق ودادُ

مرّ الزمانُ وبات قلبي كلما
ذُكروا يقول هل الزمان يُعادُ

مرّ الزمانُ وذكرياتي غضّة
والقلب في أشواقه وقّادُ

مرّ الزمانُ وما تغير عهدُنا
العمر ينقص والهوى يزدادُ

يعتادُ قلبي كل شيءٍ بعدهم
إلا على النسيان لا يعتادُ

....

[الحمدان]

سأقولُ للسِّرْبِ المغـادِرِ إنَّني
‏ما زلتُ رغمَ قَتَـامةِ الآفــاقِ

‏ما زلت أنبضُ لم يغادرْ أضلعي
‏دفءُ الحياة وما ذوَتْ أوراقي

‏ما زلت رغم العادياتِ مقاوماً
‏متجذراً في الصخر والأعمـاقِ

‏لا تكتبوا نبـأ الرحيلِ رويدكمْ
‏ما زال هَمْسٌ في الجوانِحِ باقي

....
‏
‏‌

[الحمدان]

أحبّك في القنوط وفي التمنّي
‏كأنّي منك صرت وأنت منّي

‏أحبّك فوق ما وسعت ضلوعي
‏وفوق مدى يدي وبلوغ ظنّي

....

[الحمدان]

يا قِصَّــةَ الليلِ الحزينِ تَرَفَّقي
مَهْلاً فَإنَّ الشَّوقَ قّدْ أضْناني

الشَّوقُ أرَّقَني وَ أتلفَ ناظِري
وَالهَجْرُ مَـزَّقَ خاطِرَ الوجدانِ

وَالصَّبْرُ غادرني وَ قَلَّتْ حيلتي
وَالبُعْدُ أَعْقَدَ مُهْجَتي وَ لسَاني

أفْنَيتُ في فَصْلِ الغيابِ حِكايتي
وَالنَّـايُ أبْكـى شَـدْوةَ الألحـانِ

ما أن رَحَلْتِي وَ السُّباتُ يَعُمُّني
وَالبَرْدُ يَسْري خِلسةً أحضاني

كمْ ذا صَبَرتُ على الغروبِ وَ بأسهِ
وَاسْتَوطَنَتْ في صَمْتها أشجاني

وَ اسْتَعْمَرَ الصمتُ المخيفُ أزِقَّتي
وَاللّيلُ ينـــأى وَحْشَةَ الفُقْدانِ

هـِلِّي عَلَــيَّ كمَا الهِلال بِعِيدهِ
قَدْ طالَ صَومي في نَوَى الحرمانِ

لا أبْتَغي إلَّا الوِصَالَ فَـقَرِّبي
ما عُدْتُ أقوى لوعةَ الهِجْرانِ

رَاهَنْتُ صَبْري وَ الغِيابُ أذلَّني
يا ليْتني لَمْ أبْتَـــدِ بِرِهــاني

....

[الحمدان]

شوقي إليك قريب لا ينائيني
والصبر عنك بعيد لا يدانيني

تركتني في شجوني للورى مثلاً
يميتني الوجد والأشواق تحييني

....

[الحمدان]

كَيفَ لا أهواكِ وَهواكِ فَريضَةٌ
وإذا كَرِهتُ كُرِهتُ من الرَّحمنِ

وَكَيفَ لا أشتاقُ وَشَوقي قَداسَةٌ
وَكَتمُ الشَّوقِ والحُبِّ رِجْسانِ

فَسَّرتُ آيةً رُغمَ أُنوفِ العِدا
ما فُسِّرَ مِثلُها في الميزانِ

آياتُ وصفِك وإنْ أجدتُ شرحَها
جَهِلتُ فيها شيئًا من البُرهانِ

يا نَقِيَّةَ الوَصفِ يا أُمًّا قبلَ خَلٍّ
أنتِ توراتِي وإنجيلِي وقرآنِي

قدِ اتَّخذتُ مِنكِ للحياةِ منهجًا
وقد صِرتِ لي رَوحًا وَرَيحانِ

وَنامَ قَلبي فَوقَ قَلبِك مُتْعَبًا
وَطالَ العِناقُ على عَزفِ ألحانِ

وَلِلهوى يا صَغيرَتي صِرنا معًا
وَلِلحُبِّ نَبقى يا مَحضَ إيماني

....

[الحمدان]

بريقُ حرفكَ لي وردٌ وبستانُ
وهمسُ شِعري إلى عينِيكَ وجدانُ

نعم أُحبك يانبضي ويا كَبِدي
يا نجمةً بسناها الكونُ يزدانُ

نعم أُحبكَ حباً باتَ يغمُرني
وهل لحبٍ سما في القلب كتمانُ

ياقِبلةَ الروحِ يا محرابَ أمنيتي
يا رحلةَ النورِ والأيامُ ريحانُ

تعالَزنسبحُ في بحرِ الغرام هُنا
فالشوق في كبِدي نورٌ ونيرانُ

تعالَ نصنعُ منْ أشواقِنا لغةً
حروفُها من ورودِ الحُب ألوانُ

لما عرفتُكَ فرَُ الناسُ أجمعهم
هذا لأنكَ فوقَ القلبِ سلطان‎ُ

....

[الحمدان]

هَلْ مِنْ طَبِيبٍ لِدَاءِ الْحُبِّ أَوْ رَاقِي
يَشْفِي عَلِيلًا أَخَا حُزْنٍ وَإِيرَاقِ

قَدْ كَانَ أَبْقَى الْهَوَى مِنْ مُهْجَتِي رَمَقًا
حَتَّى جَرَى الْبَيْنُ فَاسْتَوْلَى عَلَى الْبَاقِي

حُزْنٌ بَرَانِي وَأَشْوَاقٌ رَعَتْ كَبِدِي
يَا وَيْحَ نَفْسِيَ مِنْ حُزْنٍ وَأَشْوَاقِ

أُكَلِّفُ النَّفْسَ صَبْرًا وَهْيَ جَازِعَةٌ
وَالصَّبْرُ فِي الحُبِّ أَعْيَا كُلَّ مُشْتَاقِ

لا فِي سَرَنْدِيبَ لِي خِلٌّ أَلُوذُ بِهِ
وَلا أَنِيسَ سِوَى هَمِّي وَإِطْرَاقِي

أَبِيتُ أَرْعَى نُجُومَ اللَّيْلِ مُرْتَفِقًا
فِي قُنَّةٍ عَزَّ مَرْقَاهَا عَلَى الرَّاقِي

تَقَلَّدَتْ مِنْ جُمَانِ الشّهْبِ مِنْطَقَةً
مَعْقُودَةً بِوِشَاحٍ غَيْرِ مِقْلاقِ

كَأَنَّ نَجْمَ الثُّرَيَّا وَهْوَ مُضْطَرِبٌ
دُونَ الْهِلالِ سِرَاجٌ لاحَ فِي طَاقِ

البارودي

[الحمدان]

سافرتُ في كل القلوب فلم أجدْ
إلاك قلبا في ضلوعي أزهرا

فأنا الذي باع القلوبَ جميعَها
وأنا الذي لو شاء ما شاءَ اشترى

ولقد رأيتُ سِواك ِ كأسا فارغا
لمّا رأيتك في ضلوعي كوثرا

قد فرَّ صبحي في ليالي غربتي
لكنه من شمس حبك أسفرا

هذي القصائدُ بيننا من حولنا
ياخيرَ رَحْم بالقصيد تعطرا

لمّا توضأ مِنْ دمي أهلُ الهوى

وجدوك مِسْكا ً ذابَ فيه وعنبرا

....

[الحمدان]

صباح الوردِ يا وَردَاً تَهادَى
وَ بَثَّ النورَ في حُسْنٍ وَ أقْبَلْ

وَ فاحَ العِطرُ مِنْ خَدّيهِ يَشْذو
فَأسْقى الوردَ مِنْ خَمرٍ وَ أثْمَلْ

فَغَارتْ رِقَّةُ الأزهارِ حَيــرى
وَ ظَلّتْ عَنْ بَهاءِ الحُسْنِ تَسْألْ

وَ رَقَّ الزَهرُ وَ الأغصانُ خَجلى
فَغَنّى الصُــبحُ أشْعاراً وَ رَتَّـــلْ

صَباحُ الشوقِ يَا حُسْناً فَقَلبي
يُعاني الوَجْدَ مِنْ شوقٍ تَغَلْغَلْ

تَمَهّلْ أبتغي في بوحِ سِرّي
فداكَ الشعر يَا عُمري تَمَهَّلْ

....

[الحمدان]

وَماذَا بعدُ يا وَطني الجَريحُ
أنَزفُكَ يَنتَهي أم فيكَ روحُ

مُسَلسَلُ قَتلِكَ المشؤومُ أنّى
يغَادِرُ وَالمَقابِرُ تَستَـريحُ

أراكَ بذَنبِ يوسفهِم تَهيمَـاً
وَ طَـفُّـكَ سَرمَديٌ لا يَروحُ

فَقُل لي بعدَ موتِكَ ما سَيأتي
وَ أيُّ فَجيعةٍ أخرَى تَلــوحُ

ألا مِن نَاصرٍ نَكرتْ صَداهَا
سَماكَ وَشعبكْ مَا صِحتَ ريحُ

جَلالُكَ وَالجَمالُ تَخَطّـفـوهُ
تُراثُكَ وَالجَنائنُ وَالسفوحُ

....

[الحمدان]

سُبحَانَهُ الخَلّاقُ ذو المَلَكوتِ
إذ خَالَطَ النِسرينَ بالبَسكوتِ

وَ أمَازَ مِن بينِ النِساءِ صَبيّةً
إعجَازُها في شگلهَا المَنحوتِ

وَ أنا بِهذا الوَصفِ اوّلُ شَاعِرٍ
سَيُخاطِبُ الأعجَازَ في الّلاهوتِ

إذ ليسَ مِن أنثَى سِوَاهَا أجمَلَتْ
كُلّ الفتونِ بِمُنتَهى الجَبَروتِ

إذ لَيسَ مِن أخرَى سِوَاهَا إن غَفَتْ
يطغي على الشَفَتينِ لونُ التّوتِ

مِن أيِّ طينٍ يَا بَديعُ خَلَقتَها
وَ بأيِّ وَصفٍ صُغتَها وَ نُعوتِ

وَ بِأيِّ أنهَارِ الخُمورِ غَمَسْتَهَا
فَجَمَعتَ بينَ خَطيئةٍ وَ قُنوتِ

سُبْحَانكَ الّلهمَ كيفَ سَحَرتَهَا
فِي رَصعَتَينِ كَ حَبّتَي يَاقوتِ

وَ أخَذتَ مِن كُلِّ الجِنَانِ قُطَيعَةً
فَكَشَفتْ عن حُسنِ النِسَا المَكبوتِ

أنَا نَاسِكٌ لكنَّ سُؤلِي خَانَنِي
حَاشَاكَ يَا ذا المُلكِ وَ المَلَكوتِ

لكنّهَـــا أنثَـــى بِفَرطِ جَمَــالِهَا
خَرَجَتْ عَن المَألوفِ وَ المَثبوتِ

....

[الحمدان]

‏يا باحثًا عن سعد قلبك والهنا
‏آياتُ ربكِ قمّـةُ الأفـراحِ

‏هو راحـةٌ وحـلاوةٌ ونقـاوةٌ
وهو الشفـاءُ لعلةِ الأرواحِ

[الحمدان]

للقلبِ أمنيةٌ إذا أدركتُها
سكبَ الهناءُ إناهُ في وجداني

يا ربّ قُل للأمنياتِ تحقّقي
واروي فؤاد المتعبِ الظمآنِ

....

[الحمدان]

وهو الكريمُ إذا أراد سقايتي
‏جعل السَّماء وأرضه لي زمزمَا

‏أدعوه دعوة قانطٍ من غيرهِ
‏وسألته الماء المَعين على الظَّمَا

‏في خاطري ياربّ مسألةٌ إذا
‏تمَّمتها أو لا ستبقى الرَّاحمَا

....

[الحمدان]

لَنَا جُلَسَاءُ مَا نَمَلُّ حَدِيثَهُمْ
أَلِبَّاءُ مَأْمُونُونُ غَيْبًا وَمَشْهَدَا

يُفِيدُونَنَا مِنْ عِلْمِهِمْ عِلْمَ مَا مَضَى
وَعَقْلًا وَتَأْدِيبًا وَرَأْيًا مُسَدَّدَا

بِلَا فِتْنَةٍ تُخْشَى وَلَا سُوءِ عِشْرَةٍ
وَلَا يُتَّقَى مِنْهُمْ لِسَانًا وَلَا يَدَا

فَإِنْ قُلْتَ أَمْوَاتٌ فَلَا أَنْتَ كَاذِبٌ
وَإِنْ قُلْتَ أَحْيَاءٌ فَلَسْتَ مُفَنَّدَا

....

[الحمدان]

وكَمْ أهْوى الصَّباحَ إذا تَرامى
شُعاعُ الشّمسِ كَالتِّبْر الـمُسالِ

كَأنّ النُّورَ يُخبِــرُنا أن اغْدَوا
وسيحُوا في بَساتينِ الجَــمالِ

وحَيُّوا كُلَّ زاهِـــرةٍ أفاقَـــتْ
تُناغي الطّلّ مِن فَرطِ الدّلالِ

....

[الحمدان]

أُحِبُّ مَكَارِمَ الأَخْلَاقِ جُهْدِي
‏ وأَكْرَهُ أَنْ أَعِيبَ وأَنْ أُعَابَا

‏وَأَصْفَحُ عَنْ سِبَابِ النَّاسِ حِلْمًا
‏وَشَرُّ النَّاسِ مَنْ يَهْوَى السِّبَابَا

....

[الحمدان]

صوني جمالك بالحجاب الأجوَدِ
ونقابُ وجٍه يا فتـاتي فَـ ارتدِي

فَلتسـتحي إنَّ الحيـــاءَ أنــوثـةٌ
من دونـهِ لن تهتـدِي لن ترشدِي

قـد يصنـعُ الصُنّــاعُ ورداً زائفــاً
لكنّــهُ يـا وردتي صنـــعُ اليـــدِ

قـد فقــتِ شمسَ الكــونِ حسنـاً ظاهراً
ظلٌّ ونورٌ في مكانٍ واحدِ

....

[الحمدان]

مطرٌ يُثيرُ الشوقَ في أرواحِنا
‏ويُعِيدُ أفراحَ الطفولةِ فِينا

‏وكأن أَصداءَ الهُطولِ أناملٌ
‏بالبابِ تَطرُقُ لهفةً وحَنِينا

....

[الحمدان]

ويجرحُ قلبَ الحُرِّ خُذلانُ صاحبٍ
‏وقد ظنّ كلّ الظنِّ أن ليسَ يخذلُه

ما كُنتُ أحسَبهُم يَرجونَ لِي أَلمًا
لَكِن رَمَوني بِسَهمٍ هَدَّ أَركَاني

تالله ما أبكى الفؤاد رحيله
بل حُسن ظني أنه لا يفعلُ

‏فقلُوبهم بعدَ الوداد تغيّرَت
مَا كنتُ أحسبُ أنَّها تَتغيرُ

....

[الحمدان]

قاليحيى بن أكثم :
ذكرتلأحمد بن حنبل يومًا بعض
إخواننا وتغيرهم علينا
فأنشأ أبو عبد الله يقول :

وَلَيسَ خَليلي بِالمَلولِ وَلا الَّذي
إِذا غبتُ عَنهُ باعَني بِخَليلِ

وَلَكِن خَليلي مَن يَدومُ وِصالُهُ
وَيَحفَظُ سِرّي عِندَ كُلِّ دَخيلِ


الآداب الشرعية لابن مفلح (٢٣٨/٢)

[الحمدان]

قالوا في الوفاء:

أنا الوفيُّ الذي ما زال محتفظاً
بالذكريات التي كانت تُعَنِّيهِ

وفَيتُ حتى لحُزني يومَ صاحبَني
فلو تَرَحّلَ عني قمتُ أَبْكيهِ

....

[الحمدان]

إذا أصبحتَ مُنشرحًا هنيّا
وصوتُ الفألِ قد بلغ الثُّريَّا

فسبِّح فالِقَ الإصباحِ شُكرًا
بأن بعثَ الصّباحَ بنفسجيّا

....

[الحمدان]

و متيّمٌ بالعشق جاء يسألني
قلبي أم عيني التي تهواه

قريب البال و الرّوح هو مني
و لا شيئ يشغل خاطري إلاّه

نعم يا مُتلفي لا شيئ دونك
و النبض في عمق عينيك ألقاه

بالقرب دوما لا مسافة تبعدني
و العقل في حضرتك قد تاه


....

[الحمدان]

‌‎يا وَردةَ الأوركِيدِ زيدي أَناقَةً
لا يَصلُحُ الوَردُ الجَمِيلُ كَسِيرا

شِعري لكِ غَيثٌ وَيَتبَعُهُ النَّدىٰ
فَلتَنشُري للعَالَمِينَ عَبِيرا

....

[الحمدان]

يا ساعياََ للحبِ خذ بنصيحتي
فالشوقُ نارٌ والحنين لهيبُ

والشوقُ إن يشتدَ يهلكُ أهلهُ
فترى الرؤوس من الفراقِ تشيبُ

....

[الحمدان]

‏لا تُخفِ ما صنعت بكَ الأشواقُ
‏واشرَح هواكَ فكلُّنا عشّاقُ

‏قد كان يُخفى الحُبَّ لولا دمعُكَ
‏الجَاري ولولا قلبُكَ الخَفّاقُ

‏فعسى يُعينُكَ من شكَوتَ لهُ الهوى
‏في حَملهِ فالعاشقونَ رِفاقُ

‏لا تَجزَعَنَّ فلستَ أوّلَ مُغرَمٍ
‏فَتَكَت بِهِ الوَجنَاتُ وَالأحدَاقُ

....

[الحمدان]

‌‎سُبحان مَن لَمْلَمَ ضوءَ الليل ثُمَّ أسدَلَهْ
فصارَ حول وجهِها كغيمةٍ مُنهَمِلَهْ

ثُمَّ رمى في الشَّفتَينِ وردةً مشتعِلَهْ
أجَمرةٌ في الوجهِ هذا الثغرُ أم قُرُنفُلَهْ

يُحرِقني يُغرِقني أموتُ كي أُقبِّلَهْ
وكُلَّما أدنيتُهُ أَبْعَدَ عنِّي مَنْهَلَهْ

....

[الحمدان]

‏يا ليتهُ يبقى بقلبِ الحلمِ أزمنةً
يا ليت يجمعنا مكانًا لستُ أبرحهُ

يا ليتني لمّا أتى بالحلمِ واعيةً
يا ليتني لمّـا فتحتُ العين ألمحهُ

....

[الحمدان]

‏أنا ماطلبتكَ أن تعودَ لِصُحبتي
بعد القطيعةِ أو تَرِقَّ لحالي

فأنا بغيرك كاملٌ مُتكمل
وكذاك أنت على أتمّ كمالِ

لا أنت لي نقصٌ ولا أنا سالبٌ
منك الكمال، فعش عزيزًا غالي

هِي قصةٌ بدأت بُحبّ صادقٍ
وتنوعت يومًا بكل جمالي

أنا لن أجادلُك الوفاء فَما مضَى
قد يستحالُ رُجوعه بجدالِ

....

[الحمدان]

يا مَن أراقِبُهُ والوصلُ مُنقطعٌ
‏كيفَ السبيلُ إلى إعلانِ أشواقي

‏ألا تحِنُّ إلى بدرٍ يُصاحِبُنا
‏في ليلةٍ مُلِئتْ أقوالَ عُشاقِ

....

[الحمدان]

‏هذا غرامُك في عيونك قد بدا
‏قُل لي أُحبُّك لا تكُن مُترددا

‏قُلها لأعرف أنَّ حُبّك لم يكن
‏حُلمًا إِذا طلعَ الصباح تبدّدا

....

[الحمدان]

رأيتُ الهلالَ ووجهَ الحبيب
فكانا هلالَينِ عند النَّظر

فلم أدرِ من حيرتي فيهما
هلالَ الدجى مِن هلال البشر

ولولا التورُّدُ في الوجنتين
وما راعني من سواد الشَّعَر

لكُنتُ أظن الهلالَ الحبيبَ
وكنتُ أظن الحبيب القمر

....

[الحمدان]

‎مَا كُلُّ مَنْ طَلَب المَعالِي نَالَهَا
كَلَّا وَلَا كُلُّ الرِّجالِ رِجالُ

أَلْفٌ يَسُرُّكَ في مَقالٍ فارِغٍ
لا فِعْلَ فِيْهِ وَواحِدٌ فَعّالُ

....

[الحمدان]

فاتنةٌ يسطو الجمال سمارها
فِكري بقى والقلب يجري نحوها

ياقلبِ هل تعلم بأني حائراً
كم نقطةً سوداء يحوي عنقها

ياقلبِ هل تعلم بأنك سائراً
نحو التي تغفى العيون بصوتها

ياقلبِ هل تعلم بأني متعباً
منها التي تعلو القلوب عيونها

....

[الحمدان]

غِب ما تَشاء فَما عَليكَ عِتاب
وإرجَع فمَن حِق الحَبيبُ إياب

أنا لا أرُدُ بِبابَ قَلبي عابِرًا
أوَكيفَ لو وَقفوا بهِ الاحَبابُ

أن لَم تجِد فيّ الكون بابًا للهِوى
فَأنا وَقلبي كُلنا نهَواك

....

[الحمدان]

‌‎وأرَاكِ أحْسَنَ مَنْ أرَاهُ وإنْ بَدا
مِنكِ الصّدُودُ وبَانَ وَصْلُكِ أجمعُ

يَعتَادُني طَرَبي إلَيكِ فَيَغْتَلي
وَجْدي وَيَدعوني هَوَاكِ فأتْبَعُ

كَلِفٌ بحُبّكِ مُولَعٌ وَيَسُرُّني
أنّي امْرُؤٌ كَلِفٌ بحُبّكِ مُولَعُ

....

[الحمدان]

‌‎غازلتها فأدارت وجهها خجلاً
فبان غمازها في الخد وأعتدلا

ياوردة الخلد من أنهاره رُويت
ماء الجمال فطاب الحسن واشتملا

فقلت ما أسمك قالت نادني قمرًا
فقلت والله بل بدر قد إكتملا

تبسّمت فأضاءت من تبسّمها
روحي وماحولها والعالم إحتفلا

....

[الحمدان]

إذا ضاقتْ بِكَ الأبوابُ أرْضًا
‏فَبَابُ اللهِ دَومًا لا يَضيقُ

‏فَقُمْ للبابِ وابْتَهلِ اضطرارًا
‏بإخلاصٍ كَما يدعو الغَريقُ

‏وأبْشِرْ فسَوفَ تَنْهَمِرُ العطايا
‏فَمَنْ تدعوهُ مَنَّانٌ رَفِيقُ

....

[الحمدان]

أمَا اِنتَهَت مِن سِنِينٍ قِصَتي مَعَهُ
ألَم تَمُت كَخُيوطِ الشَمسِ ذِكرَاهُ

أمَا كَسرنَا كُؤوسَ الحُبِ مِن زَمَنٍ
فَكَيفَ نَبكي عَلى كَأسٍ كَسَرناهُ

....

[الحمدان]

يا ليتَ قلبي لم يُحبَّ ولم يَهِمْ
بل ليتني ما كانَ لي أحبابُ

إني رأيتُ أخا الغرامِ كأنما
صبتْ عليهِ وحدهُ الأوصابُ

لكنَّ عينَ المرءِ مفتاحُ الهوى
فإذا رنا فتحتْ لهُ الأبوابُ

وإذا أرادَ اللهُ أمراً بامرئٍ
سدتْ عليهِ طريقَهُ الأسبابُ

....

[الحمدان]

مقادير من جفنيك حولن حاليا
فذقت الهوى من بعد ما كنت خاليا

نفذن عليَّ اللبَّ بالسهم مرسلاً
وبالسحر مقضيّاً و بالسيف قاضيا

وألبسنني ثوب الضنى فلبسته
فأحبب به ثوباً و إن ضم باليا

وما الحب الا طاعة وتجاوز
وإن أكثروا أوصافه و المعانيا


أحمد شوقي

[الحمدان]

‏ماذا تَقولُ لِعَينٍ فيكَ مُغْرَمةٌ
مُذْ أبصَرَتكَ وَما رَفَّتْ مِنَ النَّظرِ

قدْ صارَ يَقبحُ فيهَا كلُّ ما نَظرَتْ
وَأنتَ في عُرفِها أبهَى مِنَ القَمَرِ

....

[الحمدان]

‏رأيتُ بحلميَ أنّا التقينا
مُصادفةً حُلوةً في الزّحامْ

حديثٌ قصيرٌ جرى بيننا
سؤالٌ عنِ الحالِ ثمّ سلامْ

وأمّا العيونُ فقالت كثيرًا
وأزْهرَ قلبي لوقعِ الكلامْ

فليت اللقاء يكونُ يقينًا
وليت الفراق حديثُ المنامْ

....

[الحمدان]

‏قوامك فتانٌ وطرفكِ أحور
ووجهك من ماء الملاحة يقْطرُ

تصورتُ في عيني أجلَّ تصور
فنصفك ياقوت وثلثك جوهرُ

وخمسك من مسكِ وسدسك عنبرُ
وأنتِ شبيه الدر بل أنتِ أزهرُ

....

[الحمدان]

رَجِعتُ إِلَيكِ اليَومَ مِن بَعدَ غُربَتي
وَفي النَفسِ آلامٌ تَفيضُ ثَوائِرُ

رَجِعتُ وَعَقلي تائِهُ الفِكرِ شارِدٌ
وَأُبتُ وَقَلبي واهِنُ الخَفقِ خائِرُ

....

[الحمدان]

‏فتفائلي يا حلوةً أحببتها
إن التفاؤلَ للجَمال رَفيـقُ

عيناكِ لم تخلقْ ليسكنها الأسى
أبداً وليسَ بها البكاء يليقُ

فتبسمي إن الحياة جميلةٌ
كالورد من شفتيك حين يفيقُ

....

[الحمدان]

وَلَيْسَ مِنْ سَبَبٍ لِلْحُبِّ أَعْرِفُهُ
وَلَيْسَ لِلْحُبِّ بَيْنَ اثْنَيِنِ تَفْسِيرُ

لَكِنّهُ النِّصْفُ نَحْوَ النِّصْفِ مُنْجَذِبٌ
تَسُوقُ هَذَا إِلَى هَذَا المَقَادِيرُ

....

[الحمدان]

‏حبيبي على الدنيا إذا غبتَ وحشة ٌ
فيا قمري قلْ لي متى أنتَ طالعُ

لقد فنيتْ روحي عليكَ صبابة
فَما أنتَ يا روحي العزيزَة َ صانِعُ

سُروريَ أنْ تَبقَى بخَيرٍ وَنِعْمَة
وإني من الدنيا بذلكَ قانعُ

فما الحبّ إنْ ضاعفتهُ لكَ باطل
ولا الدّمعُ إنْ أفنَيْتُهُ فيكَ ضائِعُ

....

[الحمدان]

يا مَن بِدُنياهُ اِشتَغَل
وَغَرَّهُ طولُ الأَمَل

المَوتُ يَأتي بَغتَةً
والقبرُ صُندوقُ العَمَل

اعلي بن أبي طالب

[الحمدان]

‏يا فرحةَ القلبِ الصغيرِ تبسّمي
واهدي إليّ الوحيَ والإلهاما

ماذا تُسمّينَ الذي في داخلي
سِحراً يُذيبُ الروحَ أم أوهاما

أنا مُذ عرفتُكِ والسرورُ يزورني
كالغيمِ ظلّلَ خاطري وأقاما

زيدي دلالكِ يا أميرةُ واغنجي
هذا فضاؤكِ فاملئيهِ غراما

....

[الحمدان]

‏مظلومةٌ أن يُقالَ البدرُ يُشبِهُها
والبدرُ يُكسَفُ أحيانًا ويَنمَحِقُ

كأنّها روضةٌ زهراءُ حالِيَةٌ
بنورِها ترتعي في حُسنِها الحَدَقُ

....

[الحمدان]

‏أحبكِ واحةٌ هدأتْ
عليها كلُّ أحزاني

أحبكِ نسمةٌ تروي
لصمتِ الناسِ ألحاني

أحبكِ نشوةٌ تسري
وتشعلُ نارَ بركاني

أحبكِ أنتِ يا أملاً
كضوءِ الصبحِ يلقاني

....

[الحمدان]

وَأراقبُ طَيفًا في الهَوَى لَيسَ بمُلكي
أيا قَمَر اللَّيلِ لِمَن أشكي

‏لَيسَ لَديّ مِن السَّماءِ إلا نَجمَة
‏تَكفِيني مِن الأجرامِ والفَلكي

....

[الحمدان]

‏خُلقتَ في الحُسنِ فرداً
فما لحُسنكَ ثانِ

كأنَّما أنتَ شيءٌ
حوَى جميعَ المعاني

....

[الحمدان]

ورحيلُكم يُبكي الفؤادَ وإنَّني
‏أُخفي الدموعَ ببسمةِ المتألِّمِ

‏لا تحسبوا أني سأنسى عهدَكم
‏أطيافُكم في الروحِ مثلُ الأنجمِ

....

[الحمدان]

‏وهَذَا اللّيلُ أوسَعَني حَنينًا
فَمَزّقَ ما تَبَقّى مِن ثَبَاتِي

تَلُوحُ الذّكرَياتُ بِكُلّ دَربٍ
لِأَهرُبَ مِن شَتَاتِي لِلشّتاتِ

ومَا بٍي غيرُ شوقٍ لا يُداوى
وبَعضُ الشّوقِ أَشبَهُ بِالمَمَاتِ

....

[الحمدان]

‏لو أنهم سمحوا بالعشقِ ماوصلوا
‏أو أنهم سمحوا بالوصلِ ما عشقوا

‏نطفوا كجسرٍ على شطّين ما اجتمعا
‏تبقى الضفافُ ويبقى بينها الغرقُ

....

[الحمدان]

‏وكيف أُسمّي الغيابَ فراغًا
‏وأنت غيابك في كل شي

‏تلألؤ وجهك في الأغنيات
‏وظلُّ يديك يشدُّ يدَيْ

‏لديك الحياة وكل الحياة
‏فقل لي بربك ماذا لدي

....

[الحمدان]

إن تك لبنى قد أتى دون قربها
‏حجابٌ منيعٌ ما إليه سبيل

‏فإن نسيمَ الجو يجمع بيننا
‏ونبصرُ قرن الشمس حين تزولُ

‏وتجمعنا الأرض القرار وفوقنا
‏سماء نرى فيها النجوم تجولُ

....

[الحمدان]

‏لكِ الغزلُ العفيفُ لكِ الصريحُ
‏لكِ الفخرُ المُوَشّى والمديحُ

‏لكِ الأشعارُ عصراً إثرَ عصرٍ
‏تلوذُ فما تُدنِسُها الشروحُ

‏فأنتِ نهايةُ المعنى غموضاً
‏وأولُ ما يـنـوء بهِ الـوضوحُ

....

[الحمدان]

‏جفاءُ البُعدِ قد بَانا
ولم أنساكَ أحيانا

فليسَ سواكَ يسكنني
بما يأتي وما كانَ

ملاكٌ في سِماكَ أرى
ولو حسِبوكَ إنسانا

فَمَن قال الجوى وهمٌ
كفى بالدّمع برهانا

صبرتُ كصبْرِ يَعقوبٍ
فأينَ قميصُكَ الآنا

....

[الحمدان]

عدوُّكَ من صديقك مستفادٌ
فلا تستكثرنَّ من الصِّحابَ

فإن الداءَ أكثرَ ما تراهُ
يحولُ من الطعام أو الشرابِ

إذا انقلبَ الصديقُ غدا عدواً
مُبيناً والأمورُ إلى انقلابِ

ولو كان الكثيرُ يَطيبُ كانتْ
مُصاحبةُ الكثير من الصوابِ

ولكن قلَّ ما استكثرتَ إلّا
سقطتَ على ذئابٍ في ثيابِ

فدعْ عنك الكثير فكم كثيرٍ
يُعافُ وكم قليلٍ مُستطابِ

....

[الحمدان]

مُرّي على وَجعي وَ صيري البَلسَمَا
فَمنونُ هَجرِكِ في الحشاشَةِ قَد نَمَا

مُرّي كمَا مَرَّ الكِرامُ وَ غادِري
فَقَليلُ وَصلِكِ مُبرِئٌ مَا اسْقَمَا

مُرّي فقد بهتَ الوجودُ بمقلَتي
عودي بَصيصًا للحياةِ وَ مُلهِمَا

....

[الحمدان]

للآنَ أجهلني وَ عُمري لَم يَزَلْ
مَا بينَ تَقويمِ الصِبَا مُتَلعثِمَا

أبتَاعُني مِن غُربتي وَ أبيعُني
لِمَهازِلِ الشيبِ الهَزيلِ مُحطّمَا

حَتّامَ يَتبعُني سَرابُ كُهولتي
حَتّامَ يجعلُني انتظارُكِ مُبهَمَا

شَبعتُ أحلامًا بِصبرِ شموعِنَا
وَ شَطَبتُ آلافَ القصائِدِ مُرغَمَا

وَ بقيتُ أقرأها رسَائـلَ حُبّنَا
وَ أشمُّ عطرَكِ في السطورِ مُتَيّمَا

يا أوّلَ الأحلامِ في دربِ الهَوى
داوي كسيرًا مُدنفًا مُتهشّمَا

عودي فَوَقْعُ الذكرياتِ أحالَني
عَصْفًا مِنَ اللاشيء خَارَ مُسَلِّمَا

....

[الحمدان]

دَاوِني قبلَ أن ترومَ اعتِزَالي
وَ اقتلِ الحبّ مثلَما تَبتَديهِ

مِثلَما جِئتَ صُدفَةً في طَريقي
كُن ظلوماً بِخافقٍ كُنتَ فيهِ

لا تَقلْ كُنتَ صادِقَاً في وِدَادي
لا يُجَافي المُحبّ مَن يَصطَفيهِ

نَزوَةً كنتُ وَ انتَهى عَهدُ قَلبي
بَعدَ ما خُنتَ من تُرَى قَد يَليهِ

مَاهِرَاً كُنتَ حينَ مَثّلتَ دَورَاً
وَ انتهى الدورُ كيفَما تَشتَهيهِ

بِعْتَ ذِكرايَ بَاخِسَاً فيكَ صَدقي
ها أنا اليوم نَادِماً أشتريهِ

عَقّني الصبرُ وَ اكتفى عَن جِرَاحي
وَ أتى الجمرُ بَلسَماً أكتويهِ

فَتَناسيتُ مَا مَضى كانَ صِدقَاً
آخرُ الطبِّ كيُّ ما أشْتَكيهِ

....

[الحمدان]

من اجمل ما قيل في الصبر
بدع الـمـتنبي حـيـث قال :

كـالخيلِ يـمنعُنا الشّمُوخُ شِكايةً
و تـئِنُ مـن خـلفِ الـضلوعِ جـروحُ

كــم دمـعةٍ لـم تـدرِ عـنها أعـينٌ
و نـزيـفها شـهـدتْ عـلـيهِ الـروحُ


ويـقول غـازي الـقصيبي قـريب
من هذا الــمــعــنـى:

تـبكي الـجيادُ إذا تـرجَّل فـارسٌ
ومن الصهيل تـوجّعٌ وَعَـذابُ

أرأيت دَمعَ الخيلِ كم من عبرةٍ
في الروحِ لم تعلم بها الأهدابُ

كم من مهيب يواري خلف هيبته
قلب تعيث به الاحزان مكسورا

[الحمدان]

أيّ وصفٍ تُرى يليقُ وَ شِعرٍ
أنتِ أنثى تَهابُهَا الأشعَــارُ

وَحدهَا رصعةُ الخدودِ تُساوي
مَا تَغَنّى مِنَ القَصيدِ نِزارُ

لوحةٌ أنتِ مِنْ مَعاجِزِ رَبّي
لِلنِسَا أنتِ بَدأةٌ وَ اختِصارُ

وَ أنا الشَاعِرُ الذي تاهُ مِنهُ
بينَ حَرفينِ عَقلُهُ وَالقَرارُ

....

[الحمدان]

دقـاتزقـلبي فـي هـواك مـواقد
وإلـيك مـا أخـفي وما أنا وأجد

لـهفي عليك يكاد يكسرزأضلعي
ولـديك شـوقي راكـع أو ساجد

صلني حبيبي إن عشقي صادق
بل الف عشق بي وقلبي واحد

....

[الحمدان]

حتى وإن بدت السماءُ بعيدةً
أن الذي فوقَ السماءِ قريبُ

فأرفع يديكَ إلئ الاله مناجياً
إن الجروحَ مع الدعاءِ تطيبُ

ما ضرنا بعد السماءِ وإن علت
ما دمت يا رب السمــاءِ قريبُ

....

[الحمدان]

و يـلفُّنِي وَجَـعُ الـحَنِينِ وَ أدَّعِي
صَـبرًا وَ جَـوفِي بِـالأَسَى يَتَقَطَّعُ

وَ أَذُوبُ مِــن شَـوقِي لَـهُم لَـكِنَّنِي
مِـن فَـرطِ حُـزنِي أَعـيُنِي لَا تَدمَعُ

يَـا لَـيتَ مَـن غَـابُوا سَـلَونَا بَعدَهُم
أو لَيتَ مَن نَبكِيه يَومًا يَرجِعُ

....

[الحمدان]

إِنّ الْقُلُوبَ وَإِنْ طَالَ الْبِعَادُ بِهَا
يَوْمًاً سَتُرْجِعُهَا الذِّكْرَى لِمَاضِيهَا

تَعُودُ فِي لَهْفَةٍ وَالشَّوْقُ يَغْمُرُهَا
وَلَوْعَةُ الْحُبّ تَسْرِي فِي مَآقِيهَا

رِفْقًاً بِهَا لَا تَلُومُوهَا عَلَى زَمَنٍ
مَضَى بِآلَامِهِ فَالّلَّوْمُ يُؤْذِيهَا

لَوْلَا الْوَفَاءُ وَحُسْنُ الظَّنّ مَا رَجَعَتْ
عَطْشَى تَحِنّ لِمَنْ يَحْنُو وَيَرْوِيهَا

مَاقِيمَةُ الْحُبّ إِلّا فِي مُسَامَحَةٍ
تَشْفِي الْقُلُوبَ وَتُحْيِي كُلّ مَافِيهَا

....

[الحمدان]

وَإِنِّــــي لَمُشْــتَاقٌ إِلَى أَرْضِ غَزَّةٍ
وَإِنْ خَــانَنِي بَعْــدَ التَّفرُّقِ كِتْمَانِي

سَـقَى اللّه أَرْضَاً لَوْ ظَفِرْتُ بِتُرْبَها
كَحَلْتُ بِهِ مِنْ شِدَّةِ الشَّوْقِ أَجْفَانِي

....

[الحمدان]

صنِ النفسَ العنودَ عنِ الرَدَاءَةْ
وَ عنْ قولِ الفَواحِشِ وَ البَذَاءَةْ

وَ حاذِرْ أن تَقودَكَ لَستَ تَدري
إلى طَبعِ التَذلّلِ وَ الدَنَاءَةْ

فَتُرْديكَ المَطَامِعُ في مُنَاهَا
وَ يَغدو شَأنُكَ السَامي هَبَاءَةْ

وَ صنْهَا عَن عيوبِ الناسِ كي لا
تَنَالكَ مِن إشَاعَتِهَا إسَاءَةْ

وَ غضَّ الطَرفَ لو شَاهَدتَ عَيباً
وَ كُنْ عَن كُلِّ منْقَصَةٍ عَبَاءَةْ

وَ عَوّدهَا القَنَاعةَ بِاكتِفَاءٍ
فَما جَادَ النَصيبُ هوَ الهَناءَةْ

....

[الحمدان]

أمَا خَطَرَتْ ببالِكِ ذكرياتي
ألَمْ يَهزَزكِ شوقٌ أو هُيامُ

أمَا قاسَيتِ ظُلمَ الليلِ قولي
أوَاعَجَبي لِجفنِكِ إذ يَنَامُ

ألَمْ تَعصِرْكِ لَحظاتُ اشتياقي
أمَا جَافاكِ يا وَجَعي المَنامُ

أمَا تَمْتَمتِ لو هَمسًا بِشِعري
وَ خَانَ الكبريَاءَ بكِ الكلامُ

أمَا فَكّرتِ أن تُبدي اتصَالًا
يُطَمئنُ وَحشَتي فيهِ السلامُ

أوَاعَجبي لقلبكِ كيفَ يَقسو
على قَلبي وَ قدْ طالَ الخصامُ

أقاسي الليلَ مِن فرطِ اشتياقي
تُقَلّبني الموَاجعُ وَ السقامُ

وَ بي وَجدٌ تَغلغَلَ في ضُلوعي
وَ خارتْ مِن صَبابَتِهِ العظامُ

وَ بي مِن حُزنِ مَا أشكو أنينٌ
تَناقَلَهُ العَواذِلُ وَ اللِئَامُ

تَعَالي وَ اصطَفيني مِن ضَياعي
وَ عودي كي يَعودَ لَنا الوِئامُ

وَعدتُكِ أن أغيبَ وَ خُنتُ وَعدي
فَشلتُ إزاءَ مَا فَعلَ الغَرَامُ

وَ حَقِّكِ مَا سَلوتُ وَ رقَّ جَفني
وَ ما تَابَ الفؤادُ المُسْتَهامُ

فَليتكِ تعلَمينَ بما أقاسي
كأنَّ اليومَ دونَ لِقاكِ عامُ

....

[الحمدان]

مُتخَاصِمَانِ حِسَابُها وَ حِسَابي
مُتَــردّدَانِ جـَوابُها وَ جَـوَابي

وَ سُؤالُنَــا مُتَعثّــرٌ بِعيونِنـَا
هيَ لَم تَبُحْ وَ أنا أخَبّئُ مَا بي

هيَ لا يَهمّ اذا ابتَعَدّتُ و لم أكنْ
مُتَواجِدًا أو كمْ يَطولُ غِيَابي

و أنَا أزورُ حِسَابَهَــا مُتَخفّيـًا
كي لا تُلاحِظَ عِندَهَا إعجَابي

هوَ كِبريَاءُ الشَوقِ عِندي أمْ تُرَى
دَلعٌ أصَابَ فُؤادَها المُتَصَابي

أشَتَاقُهَا وَ أصدّ قَلبيَ مَانِعَـًا
شَوقي فَيَرجعُ طَارِقاً أبوابي

هيَ لَمْ تُحَرِّكْ بِالمَشاعرِ سَاكِناً
وَ برودُهَا كالجَمرِ في أعصَابي

وَ أنا لَظــايَ تُذيبُني وَ تُعيدُني
جَمْرَاً يُقَلّبُ لَوعَتي وَ مصَابي

لا الشَوقُ يَهدَأُ لا الجُنونُ وَ لا الجَوَى
وَ أنا أمـوتُ بِلَهفَتـي وَ عَذَابــي

أوّاه كيفَ الشوقُ يَطرقُ بابَها
وَيلاه مِنهَا قد فَقَدتُ صَوَابــي

أنّـى سَتَقرأ مَا كتَبتُ لِيَنتَهـي
وَجعُ الجَفاءِ وَ لَوعَتي وَ عتَـابي

فَالهَجرُ في شَرعِ الغَرَامِ خَطِيئَةٌ
كالقَتـلِ لَو بِتَعــدّدِ الأسبـَـابِ

....

[الحمدان]

خبَّأتُ عمرِيَ فيكِ فاختبئي معي
واستفتحي ليلي ليبدأَ مطلَعِي

يا آخرَ النجماتِ والظُلُماتُ لـي
شُدِّي سماواتي إليكِ ورصِّعي

فَلَدَيَّ مِن معناكِ ألفُ قصيدةٍ
ثورِيَّةٍ تمحُو سنينَ تَوَجُّعِي

قولي مساءَ الخيرِ قولي مرحباً
كوني البسيطةَ كي يخيبَ توقُّعِي

فأنا بسيطُ الشأنِ أهونُ شمعَةٍ
ضحَّت بقامتِها ولم تستَشمِعِ

....

[الحمدان]

سافرتُ في كل القلوب فلم أجدْ
إلاك قلبا في ضلوعي أزهرا

فأنا الذي باع القلوبَ جميعَها
وأنا الذي لو شاء ماشاءَ اشترى

ولقد رأيتُ سِواك ِ كأسا فارغا
لمّا رأيتك في ضلوعي كوثرا

قد فرَّ صبحي في ليالي غربتي
لكنه من شمس حبك أسفرا

هذي القصائدُ بيننا من حولنا
ياخيرَ رَحْم بالقصيد تعطرا

لمّا توضأ مِنْ دمي أهلُ الهوى
وجدوك مِسْكا ً ذابَ فيه وعنبرا

....

....

[الحمدان]

قالتْ أُحِبُّكَ قُلتُ لا تَتَسرَّعِي
قَلْبي مَليءٌ بالمَواجِعِ فَارْجِعي

لَكِ في الحياةِ سعادة فاسْعي لها
وَعَن التَعلُّقِ في دُخانِيَ أَقْلِعي

....

[الحمدان]

تَجَافَتْ عَن عيونِ الصُبحِ شَمسي
وَ ضاعَ الحلمُ بينَ غَدي وَ أمسي

وَ بَاغَتني التَوَجّعُ في مَنَامي
وَ عَشْعَشَ في زَوايا الحلمِ يَأسي

فَصِرتُ بلا أنا وَ الذاتُ تَشكو
ضَياعَ الذاتِ مِن أملي وَ نَفسي

تُصبّرني دموعُ العينِ إذ مَــا
تُدَاهِمُ حَـرَّةُ الأشواقِ هَمسي

فَأكتبُ وَ الحنينُ يَفتُّ قَلبي
بِأشواقٍ تُذيبُ الشِعرَ خُرسِ

أنادِمهَا فَتخذلني وَ تَدري
سَتَشرَبها المَواجِعُ تِلكَ كأسي

فَأتركهَا وَ أرحلُ في همومي
وَ يَرحلُ في همومِ البُعدِ حِسّي

وَ حَتّى البوحُ غَادَرني وَ شِعري
وَ غَادَرَ هَاجِسَ الإلهام حَدْسي

فَتُؤنسني الشموعُ على خُطاهَا
وَ أمضي الليلَ في أرقٍ وَ بُؤسِ

إلى الّلاحيثِ سَارَ مَعي سَرَابي
وَ دَارتْ ساعةُ الأحلامِ عَكسي

....

[الحمدان]

هَبْ لي إذا جَافيتَ نِسيَانَا
أو عُدْ بقلبي حَيثمَا كَانَا

حَاشَاكَ مَا خُنتَ الهَوى أبَداً
بَل كانَ قلبي فيكَ مَن خَانَا

مَا صَانَ عَهدَاً فيكَ يَجمَعُني
لِيظلَّ في الآهاتِ نَدمَانَا

سَأصونُ عهْدَكَ تلكَ تَضحيتي
لَو بَاعَدَ النسيانُ لُقيَانَا

....

[الحمدان]

مُرّي على وَجعي وَ صيري البَلسَمَا
فَمنونُ هَجرِكِ في الحشاشَةِ قَد نَمَا

مُرّي كمَا مَرَّ الكِرامُ وَغادِري
فَقَليلُ وَصلِكِ مُبرِئٌ مَا اسْقَمَا

مُرّي فقد بهتَ الوجودُ بمقلَتي
عودي بَصيصًا للحياةِ وَمُلهِمَا

آه فكمْ نَهشَ الضياعُ مَلامِحي
الحيرى وَ عَكّرَ صفوَهنَّ وَ خَيّمَا

للآنَ أجهلني وَ عُمري لَم يَزَلْ
مَا بينَ تَقويمِ الصِبَا مُتَلعثِمَا

حَتّامَ يَتبعُني سَرابُ كُهولتي
حَتّامَ يجعلُني انتظارُكِ مُبهَمَا

حَتّامَ أنّى كيفَ أينَ إلى مَتى
أتَوَسّــــلُ المِرآةَ أن تَتَكلّمَا

شَبعتُ أحلامًا بِصبرِ شموعِنَا
وَ شَطَبتُ آلافَ القصائِدِ مُرغَمَا

وَ بقيتُ أقرأها رسَائـلَ حُبّنَا
وَ أشمُّ عطرَكِ في السطورِ مُتَيّمَا

يا أوّلَ الأحلامِ في دربِ الهَوى
داوي كسيرًا مُدنفًا مُتهشّمَا

عودي فَوَقْعُ الذكرياتِ أحالَني
عَصْفًا مِنَ اللاشيء خَارَ مُسَلِّمَا

....

[الحمدان]

يهونُ عليك بعد الهجرِ مَوتي
وقبلًا كُنتَّ تخشى من فراقي

بربك ما الذِي أنساك عَهدًا
قطعناهُ على أمل التلاقِي

إذا أغناك عن حُبِي حَبيبُ
فلا يُغنِي عِناقٌ عَن عِناقي

سَتشكُو أدمُعًا سَتفيضُ دهرًا
وَقلبًا إذ يئنُ مِن اشتياقِ

فَذُق بعض الذي ذاقتهُ رُوحِي
وَمُت ندمًا فعدل الله باقِ


....

[الحمدان]

كم حُجَّةٍ لكِ في البعاد صنعتُها
متعمِّداً كي أطمئنَّ وأسألا

وأعانقَ الحرفَ الذي إن زارني
طُلْتُ السحابَ وصارَ قلبي أجْمَلا

فاليوم حسبي من هواكِ رسالةٌ
إن تُرسليها قلتُ أفْدي المُرْسِلا

....

[الحمدان]

يهونُ عليك بعد الهجرِ مَوتي
وقبلًا كُنتَّ تخشى من فراقي

بربك ما الذِي أنساك عَهدًا
قطعناهُ على أمل التلاقِي

إذا أغناك عن حُبِي حَبيبُ
فلا يُغنِي عِناقٌ عَن عِناقي

سَتشكُو أدمُعًا سَتفيضُ دهرًا
وَقلبًا إذ يئنُ مِن اشتياقِ

فَذُق بعض الذي ذاقتهُ رُوحِي
وَمُت ندمًا فعدل الله باقِ

....

[الحمدان]

اخترتُ نفسي والنفوسُ عزيزةٌ
أنا لا أعيشُ العمرَ دون خيارِ

لك أن تغيب لن أموت بغربةٍ
فالأرض أرضي والمدارُ مداري

لك أن تجفّ لن أموت من الظما
انا من جرت فوق الثرى أنهاري

لك أن تهبّ لن أطيح فداخلي
جبلٌ وريحُ الحبِ محض غبارِ

....

[الحمدان]

‌‎أتُرَاكَ غرَك أنَّ قلبِي طيّبُ
وَبِأنني فِي الحُب لا أتعتّبُ

تنأى فَأدنو تستبدُ فأشتكِي
ما كان يخطُر لِي بِأنك تلعبُ

ذنبي عشقتُكَ صادقًا ما كان في
ظني وَحُسباني حبيبي يكذبُ

غِب كيفَّ شِئتَ فسوفَّ أبقى طيّبًا
وَالطّيبُ إبنُ الأصلِ لايتقلّبُ

....

[الحمدان]

أمضي حثيثاً الى ما كنتُ أخشاهُ
غصباً كأنّ هروبي منهُ أدناهُ

لن يجلب السعيُ شيئاً لا نصيب بهِ
أو يمنعُ الحرصُ ما قد قدر اللهُ

لا تألُف الروحُ إلا من يُلاطِفُها
ويهجر القلبُ من بالصدّ يلقاهُ

فلا وصال لمن بالوصل قد بخلوا
و من تناسى فإنّا قد نسيناهُ

....

[الحمدان]

وَما يُبْكِيكَ يَا قَلْبِي
أليْسَ الحُزْنُ قَدْ زَالا

سَتَلْقَى بَعْدَ مَنْ رَحَلُوا
مِنَ الأحْبَابِ أبْدَالا

وَأرْضُ الله واسعةً
فُكُنْ فِي الأرْضِ رَحّالا

وَلَا تأْسَفْ على زَمَنٍ
أرَاكَ الحُزْنَ أشْكَالا

....

[الحمدان]

فكرامتي محفوظةٌ ومشاعري
أولى لغيرك بعد ما أهملتَها

عُد للغيابِ فإنّ عيني لم تعُد
تلك التي تَبكيكَ حين تركتَها

فلكُلِّ قلبٍ في الحياة كرامةٌ
ولكلّ حبٍ لا يُراعى مُنتهى

ما عادت الذكرى تُكدّرُ خاطري
أكمِل غيابكَ فالحنينُ قد انتهى

....

[الحمدان]

لا أرتجي منكم ثناءً أو رضا
فالحقُ نبراسٌ يضيء مساري

في وحدتي أجد السلام موطناً
فأنا الذي أحيا بغير جوارِ

لي في الهدوء سكينةٌ وسعادةٌ
وعلى التأمل ترتقي أفكاري

....

[الحمدان]

‏بُحْ بالذي تشكو إليّ
وكُلّ ما قد أوجعَكْ

سأكون كفّك إن بكت
عينٌ تلقّت أدمُعَك

....

[الحمدان]

فؤادي بين أضلاعي غريب
يُنادي مَن يُحبُّ فلا يُجيبُ

أحاط به البلاء فكل يوم
تقارعه الصبابة والنحيب

لقد جَلبَ البَلاءَ عليّ قلبي
فقلبي مذ علمت له جلوب

فإنْ تَكنِ القُلوبُ مثالَ قلبي
فلا كانَتْ إذاً تِلكَ القُلوبُ

....

[الحمدان]

وأغِيبُ لكنِّيْ أَمُدُّ حِبَالِيْ
خَوفاً عَلَيكَ ورَغبةً لِوَصَالِي

نَحْنُ انتَهَينَا مُذْ وَضَعْنَا نُقْطَةً
بَعْضُ النُّقَاطِ تَكُونُ للإِكْمَالِ

زُرنِيْ إِذَا بَلَغَ اشْتِيَاقُكَ حَدَّهُ
أَوْ دَعْ خَيَالَكَ كَيْ يَزُورَ خَيَالِيْ

....

[الحمدان]

وَما الهُمومُ وَإِن حاذَرتَ ثابِتَةٌ
وَلا السُرورُ وَإِن أَمَّلتَ يَتَّصِلُ

فَما الأَسى لِهُمومٍ لابَقاءَ لَها
وَما السُرورُ بِنُعمى سَوفَ تَنتَقِلُ

لَكِنَّ في الناسِ مَغروراً بِنِعمَتِهِ
ما جائَهُ اليَأسُ حَتّى جائَهُ الأَجَلُ

....

[الحمدان]

تُبعثرُك الهمومُ بكلّ وادِ
وتُلهيك الحياةُ بلا حدودِ

ستعلم إن سجدتَ على انفرادِ
بأنّ الأُنسَ حقًا في السجودِ

....

[الحمدان]

من المروءة التغافل عن عثرات الناس
وإشعارهم أنك لاتعلم لأحد منهم عثرة


ابن القيم

وَلَكِنَّا نُعَاشِرُ مَنْ لَقِينَا
عَلَى حُكْمِ الْمُرُوءَةِ وَالتَغَابِي

[الحمدان]

‏سلِّمِ الأمرَ إلى ربِّ البشرْ
واترُكِ الهمَّ ودعْ عنك الفِكَرْ

لا تقلْ فيما جرى كيف جرى
كلُّ شيءٍ بقضاءٍ وقدرْ

....

[الحمدان]

وكم للهِ مِن نِعَمٍ علينا
وآلاءٍ وفضلٍ في الحياةِ

وفي الأخرى لنا جنّاتُ عَدنٍ
إذا كُنّا نُعَدُّ مِن التُّقاةِ

فلا تيأس إذا ضاقَت وأمِّل
بعفوٍ واستَقِم قبلَ المماتِ

فدُنيانا متاعٌ سوفَ يمضي
ويبقى ما نُقَدِّمُ في ثَباتِ

....

[الحمدان]

قريبٌ أنتَ يا ربِّي وإنِّي
لَيَحدونِي لِبابِكَ حُسنُ ظَنِّي

حَملتُ إليكَ بين يديَّ قلبي
وأعظمُ ما أريدُ رضاكَ عَنِّي

....

[الحمدان]

وَكانَ فُؤادي خالِياً قَبلَ حُبِّكُم
وَكانَ بِذِكرِ الخَلقِ يَلهو وَيَمزحُ

فَلَمّا دَعا داعي هَواكُم أَجابَهُ
فَلَستُ أَراهُ عَن وِصالِكَ يَبرَحُ

فَإِن شِئتَ واصِلهُ وَإِن شِئتَ بِالجَفا
فَلَستُ أَرى قَلبي لِغَيرِكَ يَصلُحُ

....

[الحمدان]

فهْوَ الرحيمُ بمن ناداه مُبتَهِلا
لم يَخلُقِ اللهُ عبدًا ثُمّ ينساهُ

وهْوَ العليمُ بقلبٍ مَسَّهُ وَجَلٌ
لا يُغفِل اللهُ مَن بالغيب ناداهُ

....

[الحمدان]

لِي غائِبٌ قَطَعَ الرَسائِلَ بَينَنا
وَأراحَ مِن وَجَعِ المَحبّةِ بالَهُ

حاوَلتُ أن أَنساهُ لكِنْ خانَنِي
صَبرِي وَجَرّعَنِي الهَوى أَهوالَهُ

إنْ كُنتُ مُنتَبِها ذَكرتُ زَمانَهُ
وَإذا غَفَت عَينِي لَمَحتُ خَيالَهُ

لَو أنّهُ يَدرِي بِبَعضِ مَواجِعِي
لَشَكا إِلَيَّ كَما شَكَوتُ أَنا لَهُ

وَلوِ اِعتَرَى إحساسُ قَلبِي قَلبَهُ
لَم يُبقِ حَرفاً فِي الهَوى ما قالَهُ

...

[الحمدان]

‏أحبيهم على مهلِ
وكوني حرّة العقلِ

وخوضي العمر خاليةً
وعيشي دهشة الطفلِ

ولا تبكي على أحدٍ
ولا تسعَيْ إلى الوصلِ

وإِن آذوكِ فابتسمي
وأخفي الدمع بالكُحلِ

وردي صاعهم صاعين
ردي الشيء بالمثلِ

وكوني السهم أن خذلوك
إذ يدمي بلا قتلِ

وكوني صلبة كالصخر
أو كالورد في الحقلِ

....

[الحمدان]

‌‎يا سيد الكلماتِ هَبْ لي فرصة
حتى يذاكر درسه العصفورُ

خذني بكل بساطتي وطفولتي
أنا لم أزل أحبو وأنت كبيرُ

من أين تأتي بالفصاحة كلها
وأنا يموت على فمي التعبيرُ

أنا في الهوى لا حول لي أو قوة
إن المحب بطبعه مكسورُ


....

[الحمدان]

أَحْسِن بِنا الظنَّ إنّا فيكَ نُحْسِنُهُ
إنَّ القُلوبَ بِحُسْنِ الظَّنِّ تَنْسَجِمُ

وَالْمَسْ لَنا العُذرَ فِي قَولٍ وَفِي عَمَلٍ
نَلْمَسْ لَكَ العُذْرَ إنْ زَلَّتْ بِكَ القَدَمُ

لا تَجعَل الشَّكَّ يَبني فيكَ مسْكَنَهُ
إنَّ الحياةَ بِسُوءِ الظَّنِّ تَنْهَدِمُ

....

[الحمدان]

‏أخافُ عليك من ألمٍ وحزنِ
فرِيحُ الهَمّ تكسِرُ كُلّ غُصْنِ

أعيذُك من دموع الحزنِ حُبًّا
لأِنّك قطعةٌ فيِ القلبِ منّي

....

[الحمدان]

إنَّ العِتابَ لِبَعْضِ الناسِ يُؤلِمُهُ
والبَعْضُ كَالجَدْرِ لا حِسٌّ ولا خَبَرُ

فأحفِظ عِتابَك عمّن لا شُعور لهُ
إنَّ الكِرام إذا ما عَاتبُوا صَبروا

....

[الحمدان]

قالوا سيُنسيكَ الزَّمان هواهمُ
ويجفُّ منِ طولِ الفراقِ ودادُ

مرَّ الزَّمانُ وبات قلبي كلَّما
ذُكِروا يقول هل الزَّمان يُعادُ

....

[الحمدان]

‏"لا شيءَ عندي قد يُقالُ لننتهي
لاشيء عندي أفتديه لأُرجِعك

لاشيء عندي كي أُدثر وحدتي
إلا زيارة من عرفت و موضِعك

خذني إليك و ان نويت فراقنا
خذني نديماً في الطريق أودعك

خذني ولو ذكرىً جوارك تصطلي
وإذا نويت فراقنا خذني معك

....

[الحمدان]

ما كُنتُ أَحسَبُ أَنَّ الوَصلَ مُمتَنِعٌ
وَأَنَّ وَعدَكَ بَرقٌ ما بِهِ مَطَرُ

خاطَرتُ فيكَ بِغالي النَفسِ أَبذُلُها
إِنَّ الخَطيرَ عَليهِ يَسهُلُ الخَطَرُ

لَمّا رَأَيتُ ظَلامَ الشَعرِ مِنكَ بَدا
خُضتُ الظَلامَ وَلَكِن غَرَّني القَمَرُ

....

[الحمدان]

يَهواكِ لا إِنَّ الغَرامَ أَطاعَهُ
عَفواً وَلا أَنَّ السُلُوَّ عَصاهُ

مُتَخَيِّرٌ أَلفاكِ خيرَةَ نَفسِهِ
مِمَّن نَآهُ الوُدُّ أَو أَدناهُ

قَد كانَ مُمتَنِعَ الدُموعِ فَلَم تَزَل
عَيناكِ حَتّى استَعبَرَت عَيناهُ

البحتري